أطفال سوريا في مهب الحاجة: في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال
أطفال سوريا في مهب الحاجة: في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال
● أخبار سورية ١٢ يونيو ٢٠٢٥

أطفال سوريا في مهب الحاجة: في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال

يصادف اليوم، الثاني عشر من حزيران، اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، وهي مناسبة تسلط الضوء على واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الطفولة حول العالم، وتحديداً في الدول التي تعاني من النزاعات الطويلة والأزمات الاقتصادية مثل سوريا. هذه الظاهرة لم تعد خافية، حيث أضحت مشاهدة الأطفال في الشوارع والأسواق، وهم يبيعون الحلوى أو المحارم أو الأدوات المنزلية، مشهداً اعتيادياً يعكس عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

أسباب الظاهرة
أربعة عشر عاماً من الحرب في سوريا كانت كفيلة بتمزيق البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع السوري. النزوح، القصف، فقدان المعيل، وغياب الحد الأدنى من الأمان والخدمات الأساسية، كلها عوامل ساهمت في تفشي ظاهرة عمالة الأطفال. كثير من الأسر لم تجد بديلاً سوى دفع أطفالها إلى سوق العمل، رغبة في تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية. 

وفقاً لتقرير نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في 25 آذار/مارس 2025، فإن أكثر من 75% من أطفال سوريا، البالغ عددهم 10.5 مليون، وُلدوا خلال سنوات الحرب، ما يعني أن معظمهم لم يعرف سوى حياة النزوح والخوف والحرمان.

الآثار النفسية والصحية والتعليمية
العمل المبكر لا يسلب الطفل حقه في التعليم فحسب، بل يؤثر على نموه النفسي والجسدي. التعب البادي على وجوه الأطفال في الشوارع ليس إلا انعكاساً لثقل المسؤولية التي يتحملونها وهم في عمر اللعب والتعلم. يتعرض هؤلاء الأطفال لمخاطر متعددة، من العمل في بيئات غير آمنة، إلى الاستغلال الجسدي واللفظي، ناهيك عن الانفصال العاطفي عن أقرانهم وفقدان الإحساس بالانتماء لمرحلتهم العمرية.

كما أن التعليم غالباً ما يكون أولى ضحايا هذا النمط من الحياة. فبحسب تقرير فريق "منسقو استجابة سوريا" الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، فإن عدد الأطفال المتسربين من المدارس في عموم سوريا يُقدّر بنحو 2.3 مليون طفل، بينهم أكثر من 386 ألف طفل في شمال غرب البلاد وحدها. وهذا الرقم يعكس حجم الخطر المستقبلي الذي يتهدد المجتمع، فجيل بأكمله ينشأ خارج أسوار التعليم، ما يعني مستقبلاً هشاً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

حلول مقترحة
لمواجهة ظاهرة عمالة الأطفال في سوريا، لا بد من اعتماد حلول عملية وشاملة تعالج جذور المشكلة وتحد من آثارها. أولاً، من الضروري توسيع برامج الدعم المادي للأسر الفقيرة، بحيث لا تضطر إلى الاعتماد على دخل أطفالها لتأمين احتياجاتها اليومية. يشمل ذلك تقديم مساعدات مالية منتظمة، أو توفير سلال غذائية وخدمات أساسية تضمن الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي للعائلة.

ثانياً، يجب تعزيز فرص التعليم من خلال إنشاء مدارس مرنة تستوعب الأطفال المنقطعين، وتقديم برامج تعليمية بديلة أو مسائية تتيح لهم العودة إلى الدراسة دون أن يتعارض ذلك مع واقعهم المعيشي. كما ينبغي توفير دعم نفسي واجتماعي للأطفال المتسربين لمساعدتهم على الاندماج مجدداً في العملية التعليمية.

إلى جانب ذلك، من المهم إطلاق حملات توعية مجتمعية توضّح مخاطر عمل الأطفال على صحتهم ونموهم ومستقبلهم، وتحث الأهالي على حماية أبنائهم من الاستغلال. ويجب أن تترافق هذه الحملات مع رقابة فعلية على أماكن العمل، لمنع تشغيل الأطفال في المهن الخطرة أو في ظروف لا تتناسب مع أعمارهم.

وأخيراً، يمكن أن تسهم المشاريع التنموية الصغيرة في التخفيف من عمالة الأطفال، من خلال تدريب أحد أفراد الأسرة على حِرف أو مهارات إنتاجية تدرّ دخلاً بديلاً، مما يسمح للأطفال بالعودة إلى حياتهم الطبيعية بعيداً عن سوق العمل.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ