صورة شبكة شام
صورة شبكة شام
● أخبار سورية ٧ أبريل ٢٠٢٤

محاكيةً أساليب النظام .. "الإنقاذ" تُصدر (شهادات وفاة) لمعتقلين قضوا في "مسالخ الجـ ـولاني البشرية"

علمت شبكة "شام" الإخبارية، عبر مصادر خاصة، أن حكومة الإنقاذ (الذراع المدنية لهيئة تحرير الشام)، بدأت مؤخراً بإصدار شهادات وفاة لمعتقلين قضوا في سجون "جهاز الأمن العام" التابع للهيئة، في محاكاة لسياسات نظام الأسد، في إخفاء مصير المعتقلين، والاكتفاء بتسجيل وفاتهم في دوائر السجل المدني دون تسليم جثثهم أو كشف تفاصيل وفاتهم.


ووفق مصادر "شام" فإن عدد من عائلات المعتقلين في سجون الهيئة، تسلمت مؤخراً شهادات وفاة صادرة عن "المديرية العامة للأحوال المدنية" التابعة لوزارة الداخلية في حكومة "الإنقاذ"، علماً أن هؤلاء المعتقلين كانوا محتجزين في سجون تتبع لـ "جهاز الأمن العام" والتي لاترتبط بالسجون المدنية التي تشرف عليها الحكومة أساساً.


وكشفت المصادر (التي تتحفظ شام على ذكر هويتها)، عن أن شهادات الوفاة، تتضمن معلومات المعتقل الشخصية، وتاريخ الوفاة، دون أي تفاصيل إضافية، في وقت لم توضح مصير جثة المعتقلين  ومكان دفنها، بينهم معتقلون تم تصفيتهم مؤخراً ضمن أحكام "قصاص" صادرة بحقهم من قبل "جهاز الأمن العام".

واللافت في تلك الشهادات - وفق مصادر شام - أنها سُجلت بتواريخ وفاة تعود لعدة أشهر سابقة، في حين لفتت المصادر إلى أن بعض هؤلاء تم تنفيذ أحكام قتل "قصاص" بحقهم خلال الأسابيع الماضية، وأن تاريخ الوفيات المحدد ضمن "شهادة الوفاة" غير دقيق، وهدفه إخفاء تفاصيل الجريمة، وعدم إعطاء مجال لذويهم للمطالبة بجثثهم.


ولعل إصدار "شهادات الوفاة" عن حكومة "الإنقاذ" يعد تطوراً جديداً، رغم أن تلك الحكومة لاتشرف وغير معنية بالمعتقلين في سجون "جهاز الأمن العام"، أو حتى بإصدار الأحكام بحقهم أو تنفيذ تلك الأحكام التي تصدر عادة عن جهاز قضائي يُشرف عليه شرعيون من الهيئة ذاتها.


ويأتي هذا التطور، بعد أيام من إعلان رئاسة مجلس الوزراء في "حكومة الإنقاذ"، إحداث إدارة باسم (إدارة الأمن العام) تتبع لـ "وزارة الداخلية" وتعمل تحت إشرافها، في خطوة لإنهاء ملف "جهاز الأمن العام" التابع لـ "هيئة تحرير الشام" ضمن عملية التفاف على مطالب التظاهرات الاحتجاجية ضد الهيئة بعد تصاعد النقمة ضد الجهاز الذي يتمتع بسطوة كبيرة أمنياً، ويتحمل جرائم كبيرة بحق آلاف المعتقلين في سجونه.

واعتبرت "الإنقاذ" في بيانها، أن هذا القرار جاء بناء على مخرجات جلسة "قيادة المحرر مع النخب الثورية الفاعلة وفعاليات المجتمع المدني بتاريخ: ٢٠٢٤/٣/١٢م)، في حين اعتبره نشطاء ومحللون أنه محاولة من قيادة الهيئة للهروب للأمام وإنهاء النقمة على "جهاز الأمن العام" الذي يُشرف على السجون والاعتقال وجرائم التعذيب والقتل، من خلال اتباعه للحكومة.


وسبق أن طرح نشطاء حقوقيون عدة تساؤلات حول قرار الإنقاذ، بإلحاق "جهاز الأمن العام" بوزارة الداخلية، وعن الآلية التي سيتم فيها التعامل مع مئات الجرائم من أحداث القتل والتعذيب خارج نطاق القانون وبدون محاكمات، وعن مصير المغيبين في السجون منذ سنوات، لاسيما أن قسم كبير منهم تم تصفيتهم ودفنهم في مقابر مجهولة، وكيف ستتحمل "الإنقاذ" مسؤولية هذه الجرائم.

وكان شكك متابعون بحقيقة وفعالية قرار حل "جهاز الأمن العام" بشكل جدي، ورجحت بقاء المتنفذين والأمنيين ممن يشكلون العماد الرئيسي له، وأما عن قرار التبعية للحكومة فإنّ "الجولاني" يستفيد مستقبلا من هذه الخطوة بتحميل "الإنقاذ" الذراع المدني التابع له بحال اكتشاف أي حالة تعذيب أو انتهاكات جديدة مسؤولية ذلك.

ويعتبر "جهاز الأمن العام" المُشكل عام 2020، القبضة الأمنية الحديدية التي يضرب بها "الجولاني" معارضيه، ويتمتع بسلطة كبيرة ضمن الهيئة، وارتباطه مباشرة مع قيادتها العليا، يشرف الجهاز على سجون أمنية سرية في إدلب، ويعتقل فيها الشخصيات المعارضة للهيئة من فعاليات ونشطاء وكوادر ثورية، إضافة لشخصيات أجنبية من جنسيات غير سورية، وقادة داعش، بينما تشرف حكومة الإنقاذ على السجون المدنية.


وتورط الجهاز الأمني خلال أربع سنوات من تأسيسه، بمئات الانتهاكات والجرائم بحق آلاف المعتقلين الذين دخلوا سجونه السرية، وكشف من كتب لهم النجاة عن انتهاكات جمة تعرض لها المعتقلون من عمليات تعذيب وقتل وإعدام، جميعها نفذت في سجون سرية، ودون محاكم قضائية، أو تدخل أي جهة أخرى فيها، بعلم وإشراف قيادة الهيئة ممثلة بـ "الجولاني".

وتغص سجون "الأمن العام" بآلاف المعتقلين، منهم مضى على اعتقاله سنوات عديدة، ولايزال مصيره مجهول لعائلته، فيما يتم الكشف بين الحين والآخر عن تنفيذ أحكام إعدام ميدانية بحق عدد من المعتقلين بتهم الاحتطاب والعمالة، دون أن تسلم جثث أولئك لذويهم، في جرائم متتالية، تحاول قيادة الهيئة اليوم إنهائها من خلال تغير شكلي في الجهاز الأمني وإلحاقه بحكومة الإنقاذ المدنية.

وكثيرة هي الشهادات التي تؤكد وجود التعذيب وانتهاكات مرعبة وفظيعة في سجون الهيئة، وطالما تقابل الهيئة كل هذه الاتهامات والشهادات وحتى التوثيق الحقوقي بالإنكار، حتى وقت قريب خرج الجولاني واعترف بوجود التعذيب ضد قادة لديه على خلفية "الخلية الجاسوسية"، فكيف بحال المعتقلين والموقوفين بتهم باطلة وغالبيتهم من أبناء الثورة السورية.

ولاتزال تحتجز "هيئة تحرير الشام" الآلاف من أبناء الحراك الثوري السوري، في عشرات السجون الأمنية المنتشرة في مناطق ريف إدلب، في غالبيتها سجون تتمتع بالسرية، ويشرف عليها الذراع الأمني المقرب من قيادة الهيئة، ترفض الهيئة كل الدعوات لتبييض السجون من المعتقلين على خلفية الحراك الثوري وآرائهم ومواقفهم لاسيما المعارضين لتوجهات وسياسات الهيئة، علاوة عن احتجاز المئات من المهاجرين بينهم نساء وأطفال، دون أن يكون لهؤلاء الحق في الخضوع لقضاء مستقل أو حتى معرفة مصيرهم.


وكانت حصلت شبكة "شام" الإخبارية، على عشرات الصور، تظهر العشرات من القبور بأسماء "مجهول الهوية" وأرقام غير معروف تسلسلها في العديد من المقابر بريف إدلب، تشير بعض المعلومات إلى أن بعض تلك القبور تعود لمعتقلين تم قتلهم وتصفيتهم ومن ثم دفنهم في تلك المقابر بأرقام وأسماء مجهولة.

وقبل أسابيع، نشرت شبكة "شام" الإخبارية تقريراً بعنوان (روايات صادمة عن التعذيب في سجون "هيـ ـئة تحـ ـرير الشـ ـام" وهذه أبرز أشكالها)، تطرقت فيها عما كشفته الأحداث الأخيرة المتعلقة باعتقال المئات من كوادر "هيئة تحرير الشام"، بتهم العمالة بينهم قادة بارزون، ومن ثم الإفراج عنهم، لتكشف عن استمرار النهج لدى الذراع الأمني في الهيئة، في تطبيق شتى أنواع الممارسات في تعذيب المعتقلين، حتى عناصر الهيئة أنفسهم لم يسلموا منها.

وتحدث التقرير عن روايات متعددة وصلت لشبكة "شام" عبر عدد من المفرج عنهم من كوادر "هيئة تحرير الشام" في قضية العملاء، أكدوا تعرضهم للتعذيب والإهانة بأصناف شتى، من قبل أمنيين في غالبيتهم مجهولي الهوية، خلال فترة اعتقالهم، كما كشفت المقاطع التي روجت لاستقبال المفرج عنهم من قيادات عدة، عن تعرضهم للضرب والتعذيب، وهذا ما أقره أيضاً "أبو محمد الجولاني" وقال إن هناك أخطاء حصلت في التحقيقات.


وفي تقرير حقوقي سابق، قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إن "هيئة تحرير الشام" تستخدم  أساليب تعذيب متعددة ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، مؤكدة أنها تشابهت إلى حدٍّ ما مع أساليب التعذيب التي يمارسها النظام في مراكز احتجازه، وأن هناك تشابهاً حتى ضمن استراتيجية التعذيب التي تهدف إلى إجبار المحتجز على الاعتراف، وتتم محاكمته بالتالي بناءً على اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب.

ولفت تقرير الشبكة إلى أن الهيئة تمكنت من ابتكار أساليب تعذيب مميزة، وسجلت 22 أسلوب تعذيب، وقد يتعرض المحتجز غالباً لأزيد من أسلوب تعذيب واحد، وزعتها الشبكة إلى ثلاثة أصناف رئيسة وهي( 13 من أساليب التعذيب الجسدي - 8 أساليب تعذيب نفسي - أعمال السخرة).

وكان خلص تقرير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى أن "هيئة تحرير الشام" ارتكبت انتهاكات واسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان بحق الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرتها عبر عمليات الخطف والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، وعبر الأحكام الجائرة الصادرة عن محاكم لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى القواعد الأساسية للمحاكمات العادلة، وقد أظهر التقرير هيمنتها المطلقة على الشرطة والقضاء.


وفي تقرير آخر، قالت الشبكة، إن النظام السوري بدأ مطلع عام 2018 بتسجيل العديد من المختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة له، في دوائر السجل المدني، على أنهم متوفون، ولم يُذكَر سبب الوفاة، ولم يسلم النظام الجثث للأهالي، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها.

وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أن النظام السوري ارتكب في هذه الحوادث دون أدنى شك عدداً كبيراً من الانتهاكات، على رأسها إخفاء متعمد لقرابة 71% من المعتقلين لديه، وتعذيبهم بأبشع الأساليب السادية والقسوة وتركهم يتألمون حتى الموت، وإذلال وإرهاب المجتمع وأهالي المعتقلين عبر حرمانهم من أبسط معايير الحقوق والكرامة الإنسانية عن طريق عدم إبلاغهم بوفاة ابنهم، أو الامتناع عن إعطائهم جثته وأخيراً القيام بتسجيله متوفى دون علمهم.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ