النظام يُماطل للاتفاق على مكان انعقاد اجتماعات "الدستورية" والمعارضة تسعى للتوجه لمجلس الأمن
كشفت مصادر في هيئة التفاوض السورية، عن مساع لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة القضية السورية "في حال فشل بيدرسن في إقناع النظام بالموافقة على المشاركة في الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي حددها في 22 إبريل المقبل".
وبحسب المصادر التي صرحت لموقع "العربي الجديد"، لا تتوقع المعارضة حدوث أي اختراق لجهة عقد جولة تاسعة مجدية من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية. كما تتوقع المصادر نفسها أن "يستمر النظام في المماطلة".
من جهتها، كشفت ديما موسى، وهي عضو الهيئة المصغرة للجنة الدستورية عن المعارضة، أن النظام رفض العديد من المقترحات، منها الرياض ونيروبي والقاهرة، موضحة أن "المعارضة هي التي أصرّت على عقد اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، بعد أن رفض النظام كل المقترحات السابقة التي تم تقديمها سواء رسمياً أم غير رسمي، ومنها القاهرة والرياض ونيروبي".
وأضافت موسى لـ"العربي الجديد": "وعندما أرسل المبعوث الأممي دعوة إلى عقد اللجنة الدستورية في جنيف في نهاية شهر إبريل القادم وافقنا عليها رسمياً". ولفتت إلى أنه سبق تلك الدعوة مقترح رسمي قدمه المبعوث الأممي لعقد اجتماع اللجنة الدستورية السورية في نيروبي.
ولفتت إلى أن المعارضة وافقت على المقترح، على أساس عدد من المعايير، وعلى رأسها أنه يوجد مقرّ رسمي للأمم المتحدة في نيروبي، وكينيا ليست منخرطة في الملف السوري ما يجعلها (حيادية)، على أن يتم اعتبار عقد اجتماع اللجنة الدستورية هناك مؤقتاً وعودتها إلى جنيف في الجولات اللاحقة".
وتابعت: "كما كنّا منفتحين لمقترحات كالقاهرة لوجود مقرّ الجامعة العربية هناك، ولكن هذه المقترحات لم يتم طرحها رسمياً، وعلى الرغم من ذلك، رفضها النظام، كما رفض نيروبي، وكما يستمر في رفض جنيف".
وكشفت عضو اللجنة الدستورية السورية عن أنه "في المقابل، قام النظام باقتراح بغداد للمبعوث الأممي، الأمر الذي لا يمكن فهمه إلا محاولة إضافية للتهرب من الاستحقاق وطريقة إضافية لتعطيل العملية السياسية، والانخراط الجدي فيها للوصول إلى حل يخرج سورية والشعب السوري من الأزمة التي يعيشها اليوم".
وأضافت : "نحن ومن منطلق المسؤولية اتجاه الشعب السوري ومعاناته المتفاقمة، نسعى جدّيّاً لتحقيق الانتقال السياسي على أساس التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 2254، سبيلاً وحيداً للوصول إلى حل سياسي شامل.
ونوّهت إلى حرص المعارضة على التقدّم في العملية السياسية، مشيرة إلى أن المعارضة "سارعت سابقاً إلى تقديم مقترحات مختلفة للمبعوث الأممي لتحريك الملف، وبالتأكيد ضمن هذه المقترحات هي الاستمرار بالإصرار على استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، إضافة إلى فتح السلال الأخرى وعلى رأسها سلة الحكم الانتقالي، ما يعني الذهاب إلى مفاوضات حول الانتقال السياسي".
وأوضحت أن "المبعوث الأممي في نهاية المطاف، مكلّف من الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتنفيذ القرار 2254، لذلك في حال استمرار النظام السوري في التهرب من اللجنة الدستورية، نرى أن من المهم أن يكون هناك جهود أكبر من مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في اتخاذ خطوات عملية ووضع خطة قابلة للتطبيق تصب في تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 والذي صدر بالإجماع من هذا المجلس".
وختمت بالقول: "وبالتأكيد يمكن العمل مع دول أساسية أخرى في المنطقة يمكن أن يكون لها دور إيجابي في تحريك الملف، بالتوازي نستمر في العمل مع شرائح مختلفة من الشعب السوري، الجهة الأولى المعنية بالحل السياسي".
وكان أبدى المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسن، إصراراً على مواصلة عقد اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في مدينة جنيف السويسرية، خلال لقائه وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد يوم أمس الأحد في دمشق.
وهذا الإصرار، سبق زيارة بيدرسن إلى دمشق، حين حدد نهاية فبراير/ شباط الماضي موعداً لعقد الجولة التاسعة من أعمال اللجنة في العاصمة جنيف نهاية نيسان/ إبريل المقبل، داعياً كلّاً من المعارضة والنظام إلى الحضور، لكن دمشق مع حليفتها موسكو جددتا رفضهما الحضور إلى جنيف، في المقابل وافقت المعارضة من دون تردد.
ورغم معرفة بيدرسن بموقف دمشق، إلا أنه خلال لقائه المقداد في دمشق، دعا وفد النظام إلى المشاركة في اجتماع اللجنة الدستورية السورية في الجولة المقبلة، قائلاً في مؤتمر صحافي أعقب الاجتماع، إنه أبلغ المقداد بأنه "ما دام أنه لا يوجد اتفاق بين المعارضة والحكومة، يجب أن نستمر في الاجتماع في جنيف، وتطوير اللجنة الدستورية وعمل اللجنة بطريقة يمكن أن تمنح الأمل للشعب السوري".
وأضاف: "من أجل احتواء التحديات نحتاج إلى إحراز تقدّم على الجبهة السياسية. أخشى أنه ليس لدي أي شيء جديد لأخبركم به في هذا الشأن"، مشدداً على أن "الوضع في سورية صعب للغاية، والمؤشرات كلها تشير إلى الاتجاه الخاطئ، سواء تعليق الأمر بالأمن أو بالاقتصاد أو بالمسار السياسي".
وتعتبر دمشق دعوة بيدرسن إلى عقد جولة جديدة في جنيف بمثابة "إحراج" لروسيا الرافضة لعقد اجتماعات اللجنة، التي من المفترض أن تكون سورية – سورية في جنيف، معللة ذلك بعدم قدرة دبلوماسييها الوصول إلى هناك وأن سويسرا تتخذ موقفاً معادياً من موسكو.
وطوال نحو أربعة أعوام من عمر اللجنة، وثماني جولات من اجتماعاتها، لم تفلح أطرافها الثلاثة، (المعارضة، النظام، المجتمع المدني) في كتابة مادة واحدة من الدستور الجديد للبلاد.
وحول موضوع البحث عن مكان بديل في اجتماع المقداد وبيدرسن، سربت صحيفة الوطن الموالية للنظام، أن بيدرسن كان قد اقترح نيروبي عاصمة كينيا، لعقد الجولة التاسعة للجنة الدستورية، إلا أنه اصطدم بمعارضة موسكو، التي كانت اقترحت بالتوافق مع عدد من العواصم العربية بغداد لعقد هذه الاجتماعات، الأمر الذي رفضته واشنطن.
وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصدر دبلوماسي من دمشق، أن بيدرسن قدم خلال اجتماعاته بدمشق مقترحاً بأن تكون العاصمة السعودية الرياض مقراً لانعقاد هذه الاجتماعات، وقد يتم ذلك في حال حصل على موافقة جميع الأطراف.
وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أن دعوة بيدرسن إلى عقد الجولة في جنيف في الـ 22 من نيسان/ إبريل المقبل، لا يمكن قبولها وسبق أن رفضها الرئيس المشترك للجنة الدستورية (عن وفد النظام) أحمد كزبري الذي راسل بيدرسن بعد تلقيه الدعوة للحضور إلى جنيف الأسبوع الماضي، وأكد له أنه لا يمكن إرسال دعوات قبل أن يكون هناك توافق كامل على المكان.