مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٥ أغسطس ٢٠١٨
الأنبوب... حصة إيران في سورية

 المستشرق الروسي أوليغ غوشين قال لصحيفة «سفوبودنايا بريسا» الروسية (27 تموز- يوليو، الماضي) :» ربما تعرض روسيا على إيران أنبوباً عبر العراق وسورية إلى البحر الأبيض المتوسط. لا يهم ما إذا كان أنبوب غاز أم نفط ، كلاهما مغر جداً لطهران». غوشين كان يجيب عن سؤال حول ثمن إخراج إيران من سورية بمقتضى التفاهمات الروسية الإسرائيلية والموقف الأميركي الضاغط من أجل «تعديل السلوك الإيراني» وفق آخر الاجتهادات الصادرة عن إدارة ترامب.

حتى الآن الاستجابة الإيرانية للطلب الروسي الإسرائيلي تحققت ابتعاداً لمسافة 85 كيلومتراً عن حدود الجولان. كان الحديث يدور على مئة كيلومتر، إلا أن المبعوث الروسي لافرينتيف تحدث عن مسافة 85 كلم، ولم يفصح عن تفاصيل أخرى تتضمنها التفاهمات التي بدأت في هلسنكي ونشطت بين موسكو وتل أبيب، وإن كان بعضها خرج إلى العلن عبر تصريحات وتحليلات روسية وإسرائيلية، وفيها أن القوات الإيرانية أُبعدت عن المطارات ومقرات القيادة التابعة للجيش السوري، وأن إسرائيل متمسكة بـ «حقها» بقصف المواقع الإيرانية الخاصة بالصواريخ، تصنيعاً وتحريكاً، في الوقت الذي ترتئيه.

في المقابل تبدو الدولة الصهيونية، التي سيتم القضاء عليها قريباً بمقتضى الخطاب الإيراني، شديدة الارتياح لما تم إنجازه. فوزير دفاعها أفيغدور ليبرمان يتوقع أن تصبح حدود الجولان أهدأ مع عودة «الحكم المركزي للرئيس بشار الأسد»، ويشرح: «من منظورنا فإن الوضع يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب الأهلية، مما يعني أن هناك جهة يمكن مخاطبتها وشخصاً مسؤولاً وحكماً مركزياً».

ينكأ كلام ليبرمان جراحاً لبنانية خصوصاً، وعربية عموماً، عندما يعيد التذكير بحفظ نظام الأسد الأب والابن لأمن إسرائيل منذ 1974، فيما كان يشرّع أرض لبنان أمام الفوضى والعدوان الإسرائيلي ويجلب إليها شتى أنواع الميليشيات من الحرس الإيراني إلى الجيش الأحمر الياباني مروراً ببادر ماينهوف وعبدالله أوجلان... ويبتزّ العرب من المحيط إلى الخليج بذريعة أنهم لا يساهمون في المعركة القومية ضد العدو الغاصب.

عادت الأمور إلى طبيعتها في الجولان، النظام الذي جاءت إيران لحمايته يتعهد الحفاظ على أمن إسرائيل مقابل استمراره بشخص الأسد «المسؤول الذي يمكن مخاطبته»، بعدها يمكن إيران أن تعلن انتصارها في حماية رمز المقاومة وسينضم إليها الأتباع في موجات تحليلية متتالية: كان الهدف إسقاط محور الممانعة فمنعناهم ... في تكرار للمعزوفة «الوطنية» التي سادت بعد هزيمة حرب 1967، التي بررت الفجيعة بالقول إن الهدف كان إسقاط» الأنظمة التقدمية» في سورية ومصر وتم منع ذلك.

قد لا تكون حاجة بعد الآن لضرب إيران في سورية، فهي منتصرة ببقاء الأسد، وإسرائيل كذلك. وإذا عدّلت سلوكها، كما يقول الأميركيون، وهي تعدّله في واقع الأمر، فلا حاجة لخروجها من هذا البلد. عندها يفترض أن يبحث قادة طهران الجدوى ... بين البقاء أو استبداله بالأنبوب الروسي.

اقرأ المزيد
٥ أغسطس ٢٠١٨
إذلال؟

لا يغيّر قادة إيران من أسلوبهم أبداً. يتماهون بشيءٍ من خطابٍ بعثيّ قاعدته صورتان: قمْع داخلي على كل المستويات وإن تَفاوتتْ أقنعة التجميل والتبرير، واستدرارُ شرعيةٍ خارجيةٍ لهذا القمع عبر تَوَسُّل علاقاتٍ تطيل العُمر.

كل شيءٍ يتمحور حول تركيبِ مشروعٍ في المبدأ والمسار والمصير، وحول اعتمادِ السياسات المؤهّلة لهذا المشروع "اسفنجةَ امتصاص". إذا تَعَرْقل فبالتمنّي وانتظار تطوراتٍ ونتائج، ثم باللسان للحشد وتوجيه رسائل، ثم باليد إذا ما عاد للرسائل حيلة. وإذا انفرجتْ، تعود اليدُ الغليظة إلى الداخل واللسان الظريف إلى الخارج ... المهمّ بقاء النظام أولاً ولو اقتضى الأمرُ إبادةَ "العملاء" والانحناء في الوقت نفسه للمستعمرين والمستكبرين.

قال ترامب إنه مستعدّ للقاء القادة الإيرانيين. يعرفون أنه يريد نتائج شبيهة بنتائج لقائه الرئيس الكوري الشمالي. يدركون تماماً أن جميع الوسطاء وَضَعوهم أمام خلاصتيْن: إجراءاتٌ عملية للتخلي التام عن إنتاج السلاح النووي، وتَعَهُّدٌ "عملي" بوقف التدخل في شؤون الدول الأخرى. هنا النتائج تلغي المشروع في المبدأ والمسار والمصير، ولا تنفع السياساتُ السابقة للالتفاف عليها. ومع ذلك سارَعَ الرئيس روحاني ووزير الخارجية ظريف إلى فتْح كوةٍ في الجدار الإعلامي عبر نصْف ترحيبٍ ونصْف ملاقاةٍ ونصْف تَعَهُّدٍ بعدم التعرّض للمعابر المائية الدولية، وسارَعَ الحرسُ الثوري، في إطار تَبادُل الأدوار، إلى القول بلسان الجعفري إن أمنيات ترامب باللقاء سيأخذها معه إلى قبره. أما نائب رئيس البرلمان علي مطهري فاعتبر التفاوضَ مع الأميركيين الآن... إذلالا.

إذلالٌ؟ غريبة. أين الكرامة في إيقاف المواطن الإيراني ساعات أمام محطات الوقود لملء خزان سيارته بينما "جمهوريته الإسلامية" دولة نفطية؟
أين الكرامة في قمْع متظاهرين بأقدامٍ تخْبط هدّارة على الأجساد ورصاصٍ حيٍّ خارقٍ، حارقٍ للحاضر والمستقبل؟

أين الكرامة في حرمان الإيراني من ثروات بلاده وتوزيعها على ثلاث ميليشيات في أفغانستان وبعض المجاميع القبلية في باكستان و10 ميليشيات في العراق، ومثلها في سورية، و"حزب الله" والدكاكين التابعة له في لبنان، وحماس والجهاد والحوثيين؟

وأين الكرامة في رهْن كل إمكانات الدولة لخدمة النظام فقط وأهدافه وتَمَدُّده وتصديره لتجربته؟ الإيراني يريد قبل المفاعل النووي استقرارَ عملته والحفاظ على قوّتها الشرائية ونموّ اقتصاده وتنمية المدن والأرياف. الإيراني لن يأكل خبزاً من شتيمة "الاستكبار" ولن يشرب ماء نظيفاً من مهادَنته. الإيراني يتطلّع إلى حقه في المشاركة بانتخاباتٍ لا يحدّد خبراء ولا مجالس ولا هيئات مواصفاتِ مَن يشترك فيها ... والإيراني يريد استعادة بعضاً من إنسانيته التي خَطَفَتْها سياسات الحروب الإقليمية وعمليات الإرهاب الخارجية وتَورّط فيها نظامُه في بلاد ما بين القطبين طولاً وخطوط العرض من أستراليا إلى البرازيل.

ومِن داخِل إلى خارِج، أين الكرامة في مساعدة نظام بشار الأسد في قتْل مليون سوري وجرْح وتهجير الملايين؟ في تمزيق العراق وافتتاح ميليشيا في كل شارع؟ في ضرْب الوحدة الفلسطينية ومنْع التلاقي بين السلطة وجماعات إيران في الأرض المحتلة؟ في تعطيل بلدٍ اسمه لبنان ورهْن قراره ومصيره وعلاقاته لسلاح حزب الله؟ في الجُرح اليمني المفتوح ضرباً لاستقرار الخليج؟ في محاولاتِ تخريب البحرين؟ في مَخازن السلاح التي تُكْتَشَف في هذا البلد أو ذاك؟ بل وأين الكرامة في استغلال التطرف وإنتاج التطرف ... فقط لابتزاز العالم واستدراج التعاون بشروط النظام.

التفاوض مع الولايات المتحدة "إذلالٌ"، وضرْب إسرائيل اليومي للقوات الإيرانية في مختلف مناطق سورية عزةٌ. الكلامُ مع الأميركي إهانة، لكن توسيط الروسي مع إسرائيل وتوظيفه مهنْدس مساحةٍ يقيس بالكيلومترات حدودَ بقاءِ القوات الإيرانية بعيدة عن الجولان إِبَاءٌ. الكلامُ مع الأميركي إساءةٌ، وهتافات أهل الجنوب العراقي لخروج إيران من بلادهم إجلالٌ. الكلامُ مع الأميركي تحقيرٌ، لكن التهجير الديموغرافي المُمَنْهَج في سورية والإبادة المعلنة تَعْظيمٌ. الكلامُ مع الأميركي شتيمةٌ، لكن انهزام مشروع التمدُّد في الخليج ميليشياوياً وصاروخياً إكبار.

والأهمّ من ذلك كلّه، إذا تطورتْ الاحتجاجاتُ ضد الانهيار الاقتصادي والفساد والسرقات واحتكار السلطة والثروة، فسيَعتبر النظام الإيراني "إذلالَ" شعبِه ... كرامة.

اقرأ المزيد
٥ أغسطس ٢٠١٨
روسيا أمام أكاذيبها

يبدو أن روسيا عاقدة العزم على الانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلام في سورية، فبأي فهمٍ قد تنجز ذلك؟ هل ستنجزه بسياسة "عفو يصدره بشار عن الشعب يعيده إلى ما كان فيه من سعادة قبل ثورته "الإرهابية"؟ أم ستذكّرهم بما يمكن أن يحل بهم من بلايا في حال رفضوا يد الصفح الأسدية الممدوة لهم؟ أم ستنجزه باعتبارها قوةً تمسك بمفاتيح الواقع السوري، أنقذت الأسد بذريعة صعوبة إيجاد بديل له بسبب الحرب، وبما أنها ستنتهي قريبا، فإنه سيكون لدى موسكو ما يكفي من وقتٍ للبحث عن بديلٍ للأسد، وربما لنظامه الذي أتعب الاتحاد السوفييتي، بهزائمه المتتالية الباهظة الكلفة، وبسياساته العربية التي لعبت دورا خطيرا في إسقاط مصر الناصرية، وتخريب العالم العربي، وأخيرا بمواقفه الدولية التي تأرجحت بانتهازيةٍ بين الدولتين العظميين، وتحدثت لغةً معاديةً لأميركا وإسرائيل، من دون أن تتوقف يوما عن تقديم الخدمات لهما، وستتعب روسيا أيضا، ليس فقط بتأرجحه بينها وبين بديلها الإيراني، وإنما أيضا لأنه سيكون على موسكو أن تختار بينه وبين الشعب السوري الذي خسرته، وحان الوقت لاستعادة شيء من ثقته بها، فإن راهنت على ردّ بشار الجميل لها، تكون دولةً مارقة، يؤكد رهانها عليه أنها لا تعرف من الذي أنقذته، ونسيت سيرة أبيه في الغدر برفاقه وبالسوريين شعبا، والبطش بهم، وبالفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين، وتكون كمن يجعل من نفسه دريئةً تتلقى ضرباتٍ لن تنتهي بنهاية الفصائل الملغومة، وستستمر بآلاف الصيغ، بعد أن يتكشف حجم الجرائم التي ارتكبتها الأسدية ضد العزل والآمنين من أبناء سورية إناثا وذكورا، ممن تعرّضوا للتصفية بعشرات الآلاف في سجونها ومعتقلاتها، وبدأت ترسل سجلات وقوائم بأسمائهم إلى دوائر الأحوال المدنية، لتضاف مأساتهم، وهم سوريون عزّل يحميهم القانون ويبت القضاء في أمرهم، إلى مأساة ملايين السوريين في كل مكان من قراهم ومدنهم، وكانت الصواريخ والقنابل تنهال عليهم من طائراتٍ روسية تقتلهم بصورة جماعية، وهم نيام في أحيان كثيرة، أو تحت رحمة من لا رحمة لديهم من طيّاري جيش الأسدية الذي ليس جيشا، وليس عربيا، وليس سوريا.

ماذا ستختار روسيا عندما سيأتي السلام الموعود، بعد أن اختارت في الماضي الأسدية، شخوصا ونظاما، لرفضها التغيير بواسطة الثورات، وقبوله كإصلاح تقوم به الحكومات بالطرق القانونية والشرعية؟ هل ستتذكّر موسكو أن الحرب انتهت، وحان زمن التغيير بالقانون، وهل ستعمل للخروج من واقع سجنت نفسها فيه، قاتلت خلاله شعبا ليس معاديا لها، وقتلت وجرحت مئات الآلاف منه، دفاعا عن نظام تعلم أن مطالبة شعبه بالحرية كانت محقة، وأن جيشها أسهم في إخماد أنفاسه بقوة السلاح، لإرغامه على الرضوخ لظلم أشد من الظلم الذي كان فيه قبل ثورته.

إذا كانت روسيا صادقةً في ما تدّعيه حول شن الحرب على سورية، لأنها ترفض التغيير بالثورات وتربطه بالحكومات، ألا يجب عليها طرد الأسد من السلطة، لأنه فقد شرعيته، ولن يكون شرعيا لأنه غمس يديه حتى الإبط بدماء شعبه، ولأن احترام الشرعية يُلزمها بإخراجه من سورية، لتسترد حياتها مسارها الطبيعي، وشرعية حكامها هويتها الأصلية التي لا تعني شيئا غير قبول الشعب الطوعي بحكامه؟!

تقف روسيا أمام اختبار سوري لن تستطيع اجتيازه، إن هي تماهت مع النظام الأسدي، لأنها ستكون عندئذ من جنسه: دولة قتلة قوّضوا حرية شعب سورية بالقوة الغاشمة، بعد أن قوّضوا باستبدادهم ومروقهم القدر القليل من الحرية، الذي ناله شعب روسيا بثورته التي أجهضوها.

اقرأ المزيد
٥ أغسطس ٢٠١٨
المباركة الاسرائيلية للتوغل الروسي في سوريا

تتالت خلال السنوات الاخيرة تصريحات اسرائيلية تحيل بشكل موجه الى ان تل أبيب لا ترى مشكلا في توغل الوجود الروسي في سوريا بل تعتبره امرا محمودا.

هذا يعني بطبيعة الحال مباركة اسرائيلية لاستمرار نظام بشار الاسد تحت مظلة روسية. ويعني ايضا ان الاسرائيلي لا يرى تعارضا بين المصلحة الاسرائيلية وتزايد النفوذ الروسي، ومن ثمة لا يربط المصلحة الاسرائيلية حصرا بنفوذ واشنطن. لكن تغير الولاءات الاسرائيلية للطرف الاقوى ليس قصة جديدة.

اذ نقلت وكالة رويترز الخميس 2 أوت توقع وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أن تصبح حدود هضبة الجولان أهدأ مع عودة الحكم المركزي للرئيس السوري بشار الأسد.

ووصف وزير الجيش الإسرائيلي عودة سوريا إلى وضع ما قبل الحرب بأنها أمر في حكم المؤكد.

وقال ليبرمان للصحفيين "من منظورنا فإن الوضع يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب الأهلية، مما يعني أن هناك جهة يمكن مخاطبتها وشخصا مسؤولا وحكما مركزيا".

وعندما سئل إن كان قلق الإسرائيليين سيخف بشأن احتمال تصاعد الوضع في الجولان أجاب "أعتقد ذلك".

ليس هذا الموقف جديدا الحقيقة. فعندما تزايد الدعم الروسي مع استعادة نظام بشار على مساحات جديدة من الاراضي السورية في اكتوبر 2015 وايضا مناورات جوية بين الطرفين ليست بعيدة عن الحدود الروسية فإن الطرف الاسرائيلي لم يكن بالضرورة مستاء انذاك.

فقد قال وزير الجيش الاسرائيلي حينها موشيه يعالون في مقابلة إذاعية: "نحن لا نتدخل فيهم وهم لا يتدخلون فينا."

وقد نقل تقرير لرويترز انذاك ان المحور الواقعي بين موسكو وأعداء إسرائيل الإقليميين الأقوياء يبدو سيناريو مقلقًا لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولكن قد يُنظر إليه أيضًا على أنه يمثل تأثيرًا معتدلًا.

وقال أحد المقربين من نتنياهو لرويترز مشترطا عدم الكشف عن هويته "النظام الجديد في الشرق الاوسط هو ائتلافات فضفاضة لاغراض محددة لذلك فان الشراكة الروسية مع ايران وحزب الله لانقاذ الاسد ليست بالضرورة سيئة لنا."

وواصل قائلا إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لا يتطلع إلى الفوضى مع إسرائيل، ومن غير المرجح أن ينظر بعين الرضا إلى إيران أو حزب الله الذي حاول العبث بامن إسرائيل الآن".

ونقل نفس التقرير انذاك عن وقال السندر شين السفير الروسي في اسرائيل انذاك إن روسيا على دراية بالمنطق وراء الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا، بما في ذلك ضد عمليات نقل الأسلحة المزعومة من قبل إيران أو جيش الأسد إلى حزب الله ، و "تدرك بشكل كامل أهمية إسرائيل الإستراتيجية في الشرق الأوسط".

لكنه قال إن جيران سوريا والاستقرار الإقليمي العام مهددون من جراء الصراع ، مشيرين إلى أن الأمن الإسرائيلي يمكن أن يخدمه على أفضل وجه انتصار الأسد.

للتذكير فقد دعت إسرائيل إلى الإطاحة بالأسد بعد اندلاع الحرب الأهلية ، لكن حكومة نتنياهو قد فضلت حديثًا الكلام المحايد على الرغم من أن القوى الغربية تواصل المطالبة بتغيير القيادة في سوريا في نهاية المطاف.

هذه العلاقة الاستراتيجية بين تل ابيب وموسكو تم اختبارها في محطات حساسة. وحينها اختارت تل ابيب روسيا على حساب حلفائها الغربيين التقليديين.

من ذلك مثلا ازمة مارس الماضي بين لندن وروسيا طرد 23 دولة غربية أكثر من 120 دبلوماسيًا روسيًا يشتبه في أنهم جواسيس، رداً على ضلوع موسكو المزعوم في هجوم بغاز الأعصاب في ساليسبري، بإنجلترا. لم تطرد اسرائيل حينها اي ديبلوماسي روسي.

وعلق محللون اسرائيليون حينها بأن رغبة اسرائيل في البقاء في علاقة جيدة مع موسكو "أمر مفهوم". اذ يمتلك العديد من المواطنين الإسرائيليين جذوراً عميقة في روسيا.

والأهم من ذلك أن حكومة فلاديمير بوتين أصبحت لاعباً رئيسياً في الشؤون الإقليمية ، ولديها أحذية على الأرض - وطائرات في الهواء - على بعد أميال قليلة من حدود إسرائيل في سوريا.

وقالت الحكومة البريطانية عبر وزير خارجيتها حينها إنها تتوقع أن تتخذ تل ابيب موقفاً واضحاً، ولكن بقاء اسرائيل صامتة حينها كان يعول على الارجح على صمت امريكي تجاهها، نوع من الاستثناء او الضوء الاخضر ان تتصرف تل ابيب بشكل مختلف.

وقد علقت الجيروزاليم بوست في صيف 2017 ان المسالة السورية لا تمنع من تواصل دفء العلاقات بين نتنياهو وبوتين.


ففي 7 جوان 2017 استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مسرح بولشوي الشهير في موسكو.

وقال بوتين في كلمة أمام الباليه "يمكن لروسيا وإسرائيل أن تفخران بمستوى عال من الشراكة والتعاون المثمر والاتصالات التجارية بعيدة المدى."

حسبما قال أليكسي دروبينين، نائب رئيس البعثة في السفارة الروسية في تل أبيب، كما نقلت عنه البوست فقد شهدت سنة 2016 الحوار السياسي الأكثر كثافة في التاريخ بين تل ابيب وموسكو سافرت الوفود رفيعة المستوى ذهابًا وإيابًا في عام 2016 بما في ذلك زيارتان لنتنياهو وزيارة إلى إسرائيل من قبل رئيس مجلس الاتحاد فالنتينا ماتفيينكو.

وقد صرح السفير الروسي للصحيفة الاسرائيلية حينها: "بالنسبة لنا ، إسرائيل شريك مهم في الشرق الأوسط. لماذا؟ لأننا نعتقد أن إسرائيل اقتصاد نابض بالحياة، دولة قوية، خاصة إذا قارناه ببعض الدول الأخرى في هذه المنطقة التي ضعفت خلال السنوات الماضية.

نعتقد أن لدينا الكثير من الإمكانيات للاستفادة منها في السنوات القادمة مع إسرائيل في المجالات السياسية والتقنية والاقتصادية، والحركة في كلا الاتجاهين. روسيا لديها الكثير من الأشياء لتقدمها، وإسرائيل لديها الكثير لتقدمه".

ليس ذلك مجرد مجاملة ديبلوماسية. يجب ان لا ننسى البتة ان اول دولة اعترفت باسرائيل سنة 1947 لم تكن الولايات المتحدة بل الاتحاد السوفياتي.

اقرأ المزيد
٤ أغسطس ٢٠١٨
عودة الأسد وكلمة السر الإسرائيلية

رحب وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أمس الخميس بسيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد على الحدود مع الدولة العبرية، قائلاً بصريح العبارة إن «الوضع سيعود إلى ما كان عليه قبل الحرب الأهلية، وإن من مصلحة الأسد، ومن مصلحتنا، أن يكون الوضع مثل سابق عهده»، وربّما كان قتل القوات الإسرائيلية من سمتهم بـ«مسلحين»، في اليوم نفسه، هو نوع من التوقيع الدمويّ على عودة سياسة تبادل المصالح بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والنظام السوري.

والحقيقة أن هذا التصريح ليس إلا واحداً من العلامات الكثيرة على الصفقة التي قام على إنجازها الإسرائيليون بالشراكة مع الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في اجتماع القمة الأخيرة بينهما في فنلندا.

في تحليل لمجلة «سبيكتاتور» البريطانية لهذه الصفقة، تحت عنوان «إعادة تأهيل الأسد»، قالت إن قمة هلسنكي وافقت على الحاجة إلى وقف إطلاق نار دائم بين إسرائيل وسوريا يضمنه النظام السوري. قالت المجلة إن الصفقة أنجزت بدعم المملكة العربية السعودية والإمارات للموقف الإسرائيلي، وبالتالي فإن بقاء الأسد صار أمرا مفروغا منه، وأن على الغرب أن يبدأ تقبل هذه الأوضاع الجديدة.

تفسّر هذه الصفقة طبعا وقف الولايات المتحدة الأمريكية الدعم عن قوات المعارضة السورية في الجنوب وهو ما أدى إلى تدهورها العسكري السريع، كما تفسّر التصريحات التي أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن لا مشكلة لديه في بقاء الأسد، كما تفسّر التصريحات الروسية المتكررة عن ابتعاد (أو إبعاد) القوات الإيرانية عن الحدود السورية مع إسرائيل. باختصار، فكل الأطراف التي لديها تداخلات في سوريا تبدو موافقة، بما في ذلك إيران نفسها التي تبدو ملتزمة بالقيود الجديدة التي وضعت لها(؟).

ولكن ماذا عن موقف ترامب الذي وصف الأسد، في نيسان الماضي، بـ«الوحش»، وكيف يفسّر تغيّر موقف إدارته التي كانت على وشك شن هجوم على النظام السوري إلى البدء بترتيبات إعادة تأهيله؟ وكيف يتسق هذا مع سياق ست سنوات كانت فيها أغلب بلدان العالم، والدول الغربية خصوصا، تتداول قضية إسقاطه عسكريا؟ وكيف سيلتف العالم، والأمم المتحدة، على سياق كامل من القرارات والوقائع التي اعتبرت جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وعلى استخدام الأسد الأسلحة الكيميائية، وتدمير مستقبل البلاد وبناها التحتية وتهجير قرابة نصف عدد سكانها؟

الأسئلة الإنسانية تخفي وراءها أسئلة سياسية أيضا، فالأسد بدأ مواجهته لشعبه قبل سنوات مستعينا بالتدخّل الخارجي الإيراني ثم الروسي، وهو الآن يختتم هذه المواجهة بموافقة الأمريكيين والإسرائيليين، وهذه الحكاية «المستحيلة» لاتفاق الأطراف المتنازعة كلّها على إعادة «ترئيس» الأسد وحذف الشعب السوري بأكمله تلخّص، عمليّا، المآل الكارثي الذي يتجه إليه العالم.

وراء بقاء الأسد في السلطة رغم تجاوز الجرائم التي ارتكبها (وسوف يرتكبها) نظامه حدود العقل، وصولاً إلى هذا الاتفاق ترامب ـ بوتين، والدعم الذي يلقاه من دول عربية نافذة، هو كلمة سرّ واضحة: إسرائيل.

اقرأ المزيد
٤ أغسطس ٢٠١٨
سورية.. المشانق تتلو المحارق

امتلأت وسائل التواصل على مدار أسبوع بمئات الصور لسوريين من مختلف الأعمار، ماتوا تحت التعذيب في سجون النظام. الغالبية العظمى، من سبعة آلاف شخص ضمّتهم القوائم التي جرى تسليمها إلى سجلات النفوس، هم ممن تمّ اعتقالهم في الأعوام الثلاثة الأولى للثورة، وبقي مصيرهم مجهولا، على الرغم من تسرب أنباء عن تصفياتٍ كبيرة، أهمها التي ضمها ملف قيصر الذي سرّب 55 ألف صورة لضحايا التعذيب.

القاسم المشترك بين الذين تم الكشف عنهم أنهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين عشرين وثلاثين سنة، وهم من بين شباب التنسيقيات الذين نزلوا إلى الشوارع في بداية الثورة، وهم يهتفون للسلمية، ورفضوا الدخول في مواجهاتٍ مع الأمن والجيش، وشاعت عنهم صور توزيع الماء والورد على الجيش.

لم يعترف النظام بأنه صفّى كل هذا العدد جسديا، وورد في البيانات الرسمية وفيات طبيعية بالسكتة القلبية، لكن إبقاء أمر الوفاة سرّيا عدة سنوات، وعدم وجود جثامين لهذا العدد الكبير يكذّب رواية النظام، فلو كانت الوفاة طبيعية لما انتظر النظام عدة سنوات لكي يبلغ أهالي المعتقلين، وكان في صالحه أن يكشف عن ذلك، ويخلي مسؤوليته، لكنه أبقى الغموض ورقة مساومة، وكان يتحيّن الفرصة المناسبة، وقد جاءت الآن في وقتٍ يبدو أنه سوف يفلت من العقاب.

يؤكد عدم وجود جثامين أو قبور لكل هذا العدد وجود محرقة للجثث، أقامها النظام في سجن صيدنايا. وفي مايو/ أيار من العام الماضي، كشف مساعد وزير الخارجية الأميركي، ستيوارت جونز، أن لدى الولايات المتحدة أدلة على أن نظام بشار الأسد أقام محرقة للجثث قرب سجن صيدنايا. وعرض على الصحافيين صورا التقطت عبر الأقمار الصناعية، تظهر ما بدا وكأنه ثلوج تذوب على سطح المنشأة، وهو ما قد يشير إلى الحرارة المنبعثة من داخلها. وأضاف أنه "منذ عام 2013، عدّل النظام السوري أحد أبنية مجمع صيدنايا، ليصبح قادرا على احتواء ما نعتقد أنها محرقة". وأوضح أنه "على الرغم من أن أعمال النظام الوحشية الكثيرة موثقة بشكل جيد، نعتقد أن بناء محرقة هو محاولة للتغطية على حجم عمليات القتل الجماعي التي تجري في صيدنايا".

وقال جونز إن واشنطن حصلت على معلوماتها من وكالاتٍ إنسانية ذات مصداقية، ومن "المجتمع الاستخباراتي" في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه يعتقد أنه تم إعدام حوالي 50 شخصا كل يوم في صيدنايا.

وفي فبراير/ شباط الماضي، قدمت منظمة العفو الدولية تقريراً عن عمليات إعدام ممنهج في سجن صيدنايا، جاء فيه أن النظام السوري قتل بين خمسة آلاف وثلاثة عشر ألف معتقل بين عامي 2011 و2015 في السجن المذكور. وأضاف التقرير أن هذه الجرائم "ترقى إلى مصاف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بتفويض من الحكومة السورية على أعلى المستويات"، مطالبة بفتح أبواب السجون أمام المراقبين الدوليين.

وليس هؤلاء كل المعتقلين، بل هناك عشرات الآلاف مجهولو المصير. ومن هنا دعا محامون سوريون أخيرا إلى التحرّك الفوري، من أجل حملة دولية للضغط على النظام للإفراج عن المعتقلين.

وليس توقيت إعلان لوائح المتوفين تحت التعذيب من فراغ، وله صلة، أولا، بحالة الاطمئنان التي يعيشها النظام بأنه بات خارج المساءلة، بفضل التغطية الروسية والصمت الغربي. والأمر الثاني هو بمثابة رسالة من النظام إلى السوريين بأنه عائد بقوة، وسيحاسب كل من وقف في طريقه، ومن لم يمت بالمحارق سيرفعه النظام على المشانق، عملا بنصيحة رفعت الأسد لبيار الجميل، حسب رواية السياسي اللبناني جوزيف أبي خليل "لا نهاية لأي حرب أهلية بلا تعليق مشانق"، وهكذا تتحقق فلسفة بشار الأسد في التجانس.

اقرأ المزيد
٤ أغسطس ٢٠١٨
ما خرج السوريون للحرية ليحصدوا العبودية

ما خرج السوريون من أجل حريتهم، ليعودوا إلى العبودية ثانية. تحار بعض الألباب في إطلاق تسميةٍ على ما حدث ويحدث في سورية، وقد يكون من غير المجدي إعمال معايير وقياسات فلسفية وفكرية مشبعة بالدقة العلمية على ما حدث ويحدث؛ فالواقع أقوى وأعمق بكثير من كل فلسفة وعلم قياس أو معايير.

كان الهاجس الأساس لسلطة سورية، ومن يدعمها، نزع صفة "الثورة" عن ذلك. وهي تاريخياً أغرقت السوري ظاهرياً بالقضايا الكبيرة، وحظرت محاكمته المنطقية لهذه القضايا عبر اغتيال الحياة السياسية  في سورية، ليتحول السوري، إثر ذلك، إلى حالة انفصام تهتم، كما يريد النظام، بتحرير فلسطين وتقلق على مياه النيل والتضامن العربي، وتخرس تجاه سرقة نفط البلد وهيمنة حيتان العائلة على الاقتصاد، وتنسى الحرية الشخصية والرقابة والمحاسبة. لقد جعل النظام الإنسان السوري يركض والرغيف يركض، من ناحية معدته؛ وفلسطين تركض وهو يركض وراءها من جهة دماغه.

لقد طوّعته سلطة الاحتلال المحلي، وحولته إلى مخلوق يزهق ماء وجهه يومياً، للحصول على حقه الطبيعي، ويعتبر خمسة دولارات زيادةً على مرتبه مكرمة من "القيادة الحكيمة" التي "يفديها بدمه وروحه"، وإلى كائنٍ يكاد يستخدم "وساطة" كي يحصل على حقه، أو حتى لكي ينام في فراشه.

أقنعته قيادته الحكيمة بأن هناك أولويات في "سياسة الدولة"، ففلسطين هي القضية المركزية، وها هو يكتشف حديثاً أن من يحتل فلسطين هو الأكثر حرصاً على بقاء جلاّده؛ ها هو يكتشف أن تلك المليارات التي أنفقتها قيادته الحكيمة في "شراء سلاح يدافع عن شرف الأمة"، وهو، في الوقت نفسه، يعجز عن شراء اللوازم المدرسة لأطفاله. أما الأسلحة فقد تم تبديدها على قتل هذا المواطن السوري، ومن ثم تنازل "قيادته الحكيمة" عن ذلك الاستراتيجي منها، لصالح محتل الأرض. يكتشف هذا السوري الذي وعى وعاش على كره أميركا أن من برمجه على ذلك يقيم علاقة حميمة معها، وأن المساهمة الأميركية في استمرار منظومة الاستبداد أكبر مما تصوّر. يكتشف هذا الذي فتح قلبه، قبل بيته، "لسيد المقاومة" أن استمرار عذابه وقتله ليس إلا على يد ضيوفه. ها هو السوري يكتشف فجأة أنه طائفي وإرهابي وخائن وقاعدي وهابي، لمجرّد أنه طلب قليلاً من الحرية والكرامة.

من هذه الخلفية التاريخية ومجرياتها، وإذا ما انتقلنا إلى اللحظة، التسمية الوحيدة لما حدث ويحدث في سورية، على الرغم من كل التشويهات والتشوّهات لا يمكن أن يكون إلا ثورة.. فريدة من نوعها، فعلى الرغم من التناقض الصارخ الحاصل بين طيف واسع غير منسجم من قوى الثورة، مدنية كانت أم عسكرية، إلا أن حالة الضياع والإحباط والإرباك والتناقض بين هذه القوى ليس إلا أمراً عابراً، وربما طبيعياً، لأن لا عهد لتلك القوى بالفعل الثوري الحقيقي المبرمج والممنهج؛ وهي ثورةٌ بلا فلسفة، وكل من اشترك فيها كان مكتوماً على نفسه من السلطة، ومن قوى قرّرت أن تستثمر بدهاء وتتاجر بفجور بالدم السوري.

مجموع تلك القوى الثائرة وما تحمله من أمراض لا حصر لها حالة زائدة؛ فجهد من انبرى بنيّة طيبةٍ وصدق فعلٍ كي يأخذ بيدها غير متكافئ مع دهاء النظام وقوته المتراكمة عقودا من حنكة سياسية مجرّبة، وأسلحة فتاكة، رُصدت للحظات كهذه. تدخلات قاتلة من الحريصين على بقاء النظام خلخلت الموازين، وسحبت القوى الثورية المقاومة في أحايين كثيرة إلى ساحة النظام والانجرار وراء خطابه، والتماثل مع تصرفاته. مرة أخرى، ذلك "الاستنقاع" في حالة الثورة ليس إلا مسألة عابرة، لا تشبه الثورة، وما هي من خواصها، ولا بد أنها حالة طارئة تزول بزوال المخطط المرسوم لسحبها إلى هذه الحالات الإحباطية المظلمة. ولا يغرنّ النظام سيطرته على الجغرافيا بفعل الاحتلالات؛ فالقضية السورية ما كانت أصلاً عسكرية؛ وما اختار بعض السوريين حمل السلاح إلا مرغمين أو واهمين. والنظام لا يسيطر على منطقةٍ إلا بعد أن يحولها له الروس إلى ركام، بفعل إنزال ما يساوي حجم مبانيها من الصواريخ والقذائف؛ وفي الوقت نفسه، يعيش فقط سريرياً بفعل عصابات قتلةٍ استجلبها من أصقاع الأرض.

شكل آخر لتجلي تصوير الثورة كتفصيل في الخارطة العالمية متضاربة الأنواء، أو زائدة دودية ملتهبة في الصراع الدولي، البارد حيناً والساخن أحياناً (قمة هلسنكي)، ليس إلا اعتداء على جوهر ثورة أهل سورية وروحها؛ فما هي عراكٌ عبثي بين مكونات الفسيفساء السوري، ولا هي حارة تتقاتل مع حارة أخرى، ولا مجموعة إثنية مع مجموعة آخرى، ولا معتقد ديني أو سياسي مع معتقد آخر. والأهم من ذلك، ليست ثورة سورية ثورة جياع؛ فالسوريون أحرار بجيناتهم؛ "وتجوع الحرة، ولا تأكل بثدييها". مئات بل آلاف السنين مرّت، وما شهد السوريون أو غيرهم ما يحدث في سورية. هناك بشرٌ بمشاعر وأحاسيس ورؤى وطموح وغضب وكرامة وقهر ودوافع وإحباطات وطغيان وإذلال وفساد وابتزاز وتهميش وضياع وانسداد أفق، فمن حالة السكون والهدوء والاستكانة، وجد أهل سورية أنفسهم منتقلين إلى حالة تاريخية ثائرة فاعلة وفعالة، تنظر بمصيرها ومستقبلها وتحرّرها... لا من أجل كمشة طحين، بل من أجل كمشة كرامة. سورية حُوِّلت، وعن عمد، إلى جسد منهك، سعى الجميع، وفي مقدمتهم، النظام، إلى سحق مناعته، وتحويله إلى ساحة صراعاتٍ، أبطالها دمى، شكلها ديني وسياسي، ثورة أهل سورية براء منه.

ومن هنا أقتبس أقوالاً لناشط ثوري سوري يطلقها بشكل سليقي ودون فلسفة موجِهاً كلامه لهؤلاء الذين يقولون إن الثورة قد سقطت: "الثورة السورية لم تسقط. وها هي تنطلق من جديد؛ فسقوط الأقنعة والفصائل والمكاتب الأمنية والامتيازات والرواتب لآلاف الأسماء الوهمية ليس سقوطاً للثورة. توقفُ الاقتتال بين بعض الفصائل المرتبط باختلاف الداعم ليس سقوطاً للثورة؛ وتوقف الاغتيالات ضد شرفاء الثورة وقادتها الحقيقيين ليس سقوطاً للثورة؛ وسقوط المتورّطين بالخطف والفدية، وتوقف نشاطاتهم ليس سقوطاً للثورة؛ وسقوط تجار الدين وشعاراتهم وإماراتهم ليس سقوطاً للثورة؛ وسقوط أبو قتادة وأبو القعقاع وأبو تالا ولالا؛ واكتشاف جحافل من الضفادع والمخبرين علانيةً ليس سقوطاً للثورة. كل ذلك كان مكابح وألغاماً زرعتها وولّدتها ظروف مريضة، ونظام متمرس بسحق كل من يقف في وجهه بطرقٍ لا يعرفها العالم. سقط الساقط فقط، سقط مَن لم يؤمن بثورة أهل سورية، ومَن لم يكن من أهلها يوماً؛ سقط، وبقيت الثورة بعناوينها النقية الصافية وبمداد وتضحيات مليون شهيد ومليوني معاق وجريح وآلاف المعتقلين.. سقط كل ذل، لكن ثورة الشهداء والمستضعفين هي فكرة وحق؛ والحق لا يسقط، والفكرة قيمة، والقيمة باقية لأنها حقيقة. من قال سقطت الثورة فهو من بين الساقطين مع من سبق لأنه لم يدرك معناها يوماً..".

من هنا أيضاَ، ما نشهد من محاولاتٍ لإعادة تأهيل نظامٍ لم يشهد التاريخ له مثيلا؛ ومن هنا كل تلك التصريحات الإسرائيلية والأميركية والروسية التيئيسية لأهل ثورة سورية بأن النظام هو الخيار الوحيد للإبقاء على سورية. أهل سورية مقتنعون أن من لم يكن مؤتمناً على حياتهم لن يكون مؤتمناً على سورية؛ إنه حريصٌ على مسألة واحدة، وهي بقاؤه حتى لو استلزم ذلك حرق سورية بأهلها؛ وهذا تثبته الممارسات التي يشهدها العالم، ويدعم تلك الممارسات لغاياته المريضة. من هنا، ما خرج أهل سورية من أجل حريتهم وكرامتهم، وضحّوا كل تلك التضحيات؛ ليعودوا إلى نير العبودية.

اقرأ المزيد
٤ أغسطس ٢٠١٨
سوريا.. الامتحان الصعب

قبل شهور قلت على قناة تلفزيونية، إنني أدعو الله أن تعود سوريا كما كانت دولة واحدة غير ممزقة، وليكن النظام الخصم وحده نقاومه بالسياسة والسلم، دون احتلال روسي أو إيراني، وأن تخرج من سوريا الميليشيات التي تدفقت كطوفان ملأ ساحات سوريا بدماء شعبها وأغرق الجميع، يومها اعترض عليّ كثير ممن كانوا يأملون نصراً شاملاً، لم أكن أراه ممكناً، بعد أن تمزقت المعارضة عسكرياً وسياسياً، وقد خسرت دعمها الدولي.

ولا أحد ينكر أن الصراع مع النظام كان مجرد مطالبة بالحرية وبالكرامة، وكانت الاستجابة سهلة ويسيرة على الطريقة المغربية لو أن النظام اعترف بحق الشعب، لكنه استبد، وحول الصراع السلمي إلى مسلح، ولولا أن «حزب الله» دخل المعركة بشعارات طائفية، لبقيت شعارات الثورة لا تتجاوز حد الكرامة والحرية، ولولا أن النظام أطلق سراح المتشددين من سجونه، وهو يعلم أنهم سيسارعون إلى شعارات دينية، لما ظهرت «النصرة» وأمثالها ممن حاربوا شعار الثورة ورفعوا راياتهم السوداء، ولولا أن خطة جهنمية صنعت «داعش» وشغلت العالم بهذا التنظيم الفاجر لما ظهر تحالف دولي هدفه مكافحة «داعش»، حتى باتت قضية مكافحة الإرهاب هي الشغل الشاغل، بينما ملايين السوريين يقتلون ويشردون ويموتون تحت التعذيب، وقد باتت قضيتهم هامشية، وتحت راية مكافحة الإرهاب دمرت مدن وقرى واستبيحت حرمات، وانتصر الحسم العسكري الذي أعلنه النظام من البداية ونفذته روسيا بكل الوسائل، من الطائرات التي لم تتوقف عن القصف إلى ما سمي بخفض التصعيد الذي انتهى إلى مصالحات وإذعان.

أما وقد عاد النظام إلى جل المناطق التي كانت خارجة عليه، فإن ما تبقى على المجتمع الدولي الذي ادعى لسنوات دعمه لمطالب الشعب بالحرية والكرامة والديموقراطية، هو أمران أمام فداحة التراجيديا الدموية التي عاشتها سورية عبر ثماني سنوات، أولهما قانوني، وثانيهما أخلاقي.
فأما الأمر القانوني، فهو التزام مجلس الأمن والأمم المتحدة بتنفيذ القرار الدولي 2254 وما سبقه من قرارات ذات صلة، فما يجري حالياً هو تجاهل مطلق لهذه القرارات، وأخطرها تجاوز إقامة هيئة حكم انتقالي غير طائفي، فالقفز الحاصل نحو وضع الدستور قبل إنشاء الهيئة مخالفة معلنة للقرار 2254.

كانت روسيا التي أصرت على تنفيذ رؤية النظام بتنفيذ الحل العسكري وإهمال الحل السياسي، قد حظيت بتفويض دولي سراً وعلانية، والواضح أن العالم الذي صمت عامين على قيام «داعش» وميلشيات طائفية أخرى بإنهاء قوة «الجيش الحر»، لم يعد يجد أمامه معارضة مقنعة بأن تكون بديلاً عن النظام، فقد فرغت الساحة أو كادت ضمن خطة محكمة فلم يبق غير التنظيمات التي سمت نفسها بأسماء دينية، وأهمها «النصرة»، مع شتات من الفصائل التي بقيت من «الجيش الحر»، وقد توقف عنها الدعم، فصارت ضعيفة إلا من إيمانها بحقها في الدفاع عن الشعب ومطالبه، لكنها شغلت بمواجهة الإرهاب الذي استهدفها منذ البداية. وقد جاءت اتفاقية ترامب وبوتين (الموقعة في فيتنام) بعيداً عن قرارات مجلس الأمن، لتختصر القضية السورية في دستور وانتخابات، وعبرت الولايات المتحدة عن تخليها الكامل في رسالة وزعتها على الفصائل المعارضة في حوران، فكان السقوط المدوي، واليوم تتوجه الأنظار إلى إدلب أمام سلسلة من الاحتمالات، فالنظام يريد متابعة الحسم العسكري، وروسيا تعد بألا تتسع الحرب في إدلب، وتركيا تبحث عن مخرج سياسي عبر التمسك بخفض التصعيد، ولم يكن في لقاء آستانة الأخير، ما يطمئن ثلاثة ملايين مواطن في إدلب يترقبون الخطر القادم.

والوقائع تشير إلى أن النظام قد يسترد كل المناطق بفضل روسيا وإيران، ولئن كان في هذا الاسترداد حفاظ على وحدة سوريا وصد لأية خطة للتقسيم، إلا أنه يبدو مخيفاً من خطر الانتقام الذي يتوعد النظام به معارضيه، وقد جمعهم في إدلب وهو بالتأكيد لن يقول لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء).

اقرأ المزيد
٣ أغسطس ٢٠١٨
خيارات الأسد صعبة وبقاؤه يعني أفغانستان ثانية!

لا أسوأ ولا أخطر من أنْ يعتبر البعض أمانيهم وتطلعاتهم حقائق، فالقول «إن الحرب في سوريا قد وضعت أوزارها، وأن الأمور قد عادت إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، وأنَّ هذا النظام قد انتصر، وأن شعار (الأسد إلى الأبد) قد تحقق» هو مجرد أمانيّ كاذبة بعيدة عن الواقع القائم بُعد السماء عن الأرض، وهو أيضاً بالإمكان وصفه بأنه مجرد نظرات حولاء لا ترى الأشياء، كما هي، وحيث إن واقع هذا البلد قد أصبح بعد نحو 8 سنوات أسوأ كثيراً مما كان عليه قبلها عندما انطلقت شرارة هذه الثورة، التي من المبكر جداً وصفها بأنها غدت «مغدورة»، وفقاً لتلك البداية المعروفة.

كيف من الممكن تصديق أن نظام بشار الأسد قد انتصر، وأن الحرب قد وضعت أوزارها، وأن الأمور في سوريا قد عادت إلى ما كانت عليه، بينما لا يزال حتى تنظيم «داعش» يفعل كل هذا الذي يفعله وله قواعد على بعد مرمى حجر، كما يقال، من العاصمة دمشق، والأهم بينما لا يزال هذا البلد ممزقاً، وحيث إن هناك مناطق رئيسية تسيطر عليها القوات الأميركية ومناطق تديرها تنظيمات ما يسمى «سوريا الديمقراطية» ومناطق رئيسية في ريف حماة وفي إدلب يسيطر عليها «الجيش الحر» والعديد من فصائل المعارضة المعتدلة منها والمتطرفة؟!

إن سوريا المقطعة أوصالها تخضع الآن لانتداب روسي تحكمه «معاهدة» لا تنتهي قبل نهاية هذا القرن، القرن الحادي والعشرين، وهذا أكده الروس، وعلى ألسنة عدد من كبار مسؤوليهم، من بينهم الرئيس فلاديمير بوتين نفسه، كما أكده بشار الأسد الذي من قبيل طرد الكثير من المخاوف المستبدة به قد قال ليس على استحياء وإنما بتفاخر أهوج أن القوات الروسية باقية في «بلده»!! وأن وجودها سيستمر طويلاً... أي حتى نهايات هذا القرن... القرن الحادي والعشرين.

ثم والمعروف أيضاً أن الوجود الاحتلالي الإيراني لـ«القطر العربي السوري» لا يزال، ورغم كل ما يقال، في ذروته، وأن هناك بالإضافة إلى هذا كله «مستوطنات» إيرانية وأفغانية طائفية ومذهبية على غرار المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين (الضفة الغربية) وفي الجولان، بل حتى في دمشق، العاصمة الأموية نفسها، وحتى في المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية التي هي جزء رئيسي وأساسي ممّا قال عنه بشار الأسد إنه «سوريا المفيدة» التي جرى تفريغها من سكانها وأهلها الأساسيين، أي من المسلمين «السنة» الذي يشكلون في المناطق السورية كلها نسبة نحو 70 في المائة من السكان.

وأيضاً كيف يمكن القول إن «الحرب قد وضعت أوزارها»، بينما لا يزال هذا البلد بمعظم مدنه وقراه مهدماً على عروشه، وبينما إعادة بنائه تحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات التي لم يتوفر منها حتى الآن ولو دولار واحد، وبينما لا يزال أكثر من سبعة ملايين، كلهم من الطائفة السنية، لاجئين في العديد من الدول البعيدة والقريبة؛ معظمهم، إنْ ليس كلهم، لا يطمئنون لنوايا هذا النظام المستبد والطائفي، الذي كان ارتكب مجازر مرعبة بحق أبناء الشعب السوري خلال سنوات حكمه الطويلة... ومدينة حماة تشهد على هذا.

تجدر الإشارة هنا إلى أن صحيفة «سفابودينا براسا» الإلكترونية الروسية كانت قد نشرت تقريراً مثيراً قبل أيام قليلة، أعادت نشره صحيفة «الشرق الأوسط» جريدة العرب الدولية، جاء فيه «إن سوريا تتخبط في وضع لم تعهده من قبل، وإنها قد تحولت إلى ثلاثة أجزاء تقع تحت سيطرة جهات مختلفة، ما يعني أنها ذاهبة إلى التقسيم، وإن إصرار الرئيس بشار الأسد على الاستمرار بالتمسك بموقعه (قد)!! يؤدي إلى تحويل هذا البلد إلى أفغانستان جديدة».

وقالت هذه الصحيفة «رغم أن العادة قد جرت ألا تتناول الصحف الروسية الملفات المتباينة مع الخط السياسي الذي يعلنه الكرملين، فإن الأسد أصبح يسيطر على الجزء الأكبر من الأراضي السورية، بينما تسيطر (وحدات حماية الشعب) الكردية على الجزء الثاني، أما الجزء الثالث (إدلب) وبعض مناطق حلب وحماة فيقع تحت قبضة تركيا بمساعدة حلفائها داخل سوريا... بما في ذلك (الجيش السوري الحر)»، وهنا، وهذا ليس من كلام هذه الصحيفة المشار إليها آنفاً، فإن عدد هذا الجيش الذي جرى توحيده مؤخراً تحت اسم «جيش الفتح» يقدر بأكثر من سبعين ألفاً، وأنه مزود أيضاً بالأسلحة الثقيلة وبالصواريخ. ويقال إن بعض فصائله تمتلك بعض الدبابات والدروع والآليات الثقيلة.

وأضافت أن الأسد وجد نفسه أمام خيار في غاية الصعوبة يتمثل في ضرورة طرد الأطراف الأجنبية، التي أقحمت نفسها في الشؤون السورية، وحيث يعتبر التخلي من قبله عن المعركة بمثابة الاعتراف بعدم جدارته وفشله في انتشال سوريا من أزمتها وتحقيق الاستقرار. لكنها، أي هذه الصحيفة، أشارت إلى أن عدم إقرار الرئيس السوري واعترافه بصعوبة فرص استمراره بالحكم وبرئاسة هذا البلد من المرجح أن يهدد الوحدة الإقليمية، ويؤدي لظهور دولة ضعيفة وفقيرة، خصوصاً في ظل سيطرة الكرد على أكبر موارد النفط السورية.

وقالت هذه الصحيفة الروسية أيضاً إن استمرار الأسد في خوض هذه الحرب، وعدم تخليه عن السلطة، سيؤدي إلى تحويل سوريا إلى أفغانستان ثانية... إن استمرار هذه الحرب وتواصلها في ظل الظروف الراهنة من ضمن الأمور التي تهدده، أي تهدد الرئيس السوري، والتي تنذر بهزيمته... علماً بأن قوته الرئيسية متأتية من مساعدة روسيا له، هذا بالإضافة إلى مساهمة المستشارين الروس المختصين في تقديم التوجيهات العسكرية والدبلوماسية.

وانتهت هذه الصحيفة، التي يقال إنها مقربة من دوائر صنع القرار في موسكو، إلى القول إن «روسيا قد تنسحب من هذه الحرب التي لا نهاية لها، بينما ولأسباب أمنية فإن تركيا ستضطر للبقاء، نظراً لأن سوريا بلد مجاور، ستؤثر أحداثه بشكل كبير عليها، مما قد يستوجب البقاء في هذا البلد لسنوات طويلة».

وعليه فإنه معروف أن الأسد عندما انطلقت من درعا شرارة هذه الثورة، التي لا تزال متواصلة، في مارس (آذار) عام 2011، كان يعتبر أنه في كامل لياقته العسكرية والأمنية، وأنه تمكن من استعادة نفوذه في لبنان المجاور الذي كان قد خسره بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في عام 2005، وإنهاء وجوده العسكري هناك خلال أيام قليلة، تحت وطأة ضغط دولي، في مقدمته ضغط الولايات المتحدة. والمعروف أن روسيا في تلك المرحلة كانت في أسوأ أوضاعها العسكرية والاقتصادية، وإلى حدِّ أنها لم تستطع تقديم أي عون له، ولو في الحدود الدنيا من النصائح السياسية.

لكن وبعد نحو ثمانية أعوام من انطلاق هذه الثورة، التي تآمرت عليها أطراف كثيرة، وخذلها بعض الذين كانوا يُعتبرون من مؤازريها، وأن انتصارها في مصلحتهم، فإن الأمور قد تغيرت كثيراً، وبشار الأسد لم يعد يملك القوة الذاتية التي كان يملكها قبل نحو ثمانية أعوام، وحلفاءه الروس والإيرانيين قد أصبحوا في غاية الإنهاك، والإيرانيين تحديداً يتعرضون لضغط إسرائيلي بمساندة أميركية وموافقة روسية على الانسحاب من هذا البلد الذي أصبح ساحة تقاطع رماح كثيرة.

وهكذا وخلافاً للذين يغلبون رغباتهم على واقع الأمور، ويدّعون أن هذه الحرب قد وضعت أوزارها، وأن كل شيء قد انتهى، و«أن الأسد إلى الأبد»، فإنَّ ما يجب أن يأخذه هؤلاء وغيرهم بعين الاعتبار هو أنه لا يزال هناك جمر متقد ومتوهج تحت رماد هذه الأزمة، وأن المتدخلين من الخارج كثر، وإنه لا هدوء ولا استقرار في هذا البلد الذي غدا ممزقاً ومدمراً ومحتلاً إلا بتطبيق حل «جنيف1» والقرار 2254، وبالمرحلة الانتقالية التي تمهد لانتخابات نزيهة بإشراف دولي تؤدي إلى نظام ديمقراطي ودولة غير هذه الدولة القمعية «الإسبارطية»!!

إن الروس، ورغم أنهم أصبحوا منتدبين على هذا البلد حتى نهايات القرن الحالي، يعرفون أن عودة أوضاع ما قبل مارس عام 2011 غير ممكنة، على الإطلاق، وأنه لا بد من التغيير على أساس ما تم الاتفاق عليه دولياًّ، وبالتالي فإنه يمكن الإبقاء على بشار الأسد حتى نهاية ولايته الحالية، لكنه من غير الممكن إدارة الظهر لكل هذه المستجدات ولكل هذه الحقائق التي تجسدت على الأرض، وأن سوريا الموحدة لا يمكن الحفاظ عليها إلاّ برحيل هذا النظام واستبداله بالانتخابات الديمقراطية بنظام عصري يكون لمكونات الشعب السورية كله بكل فئاته وأعراقه ومذاهبه وطوائفه.

اقرأ المزيد
٣ أغسطس ٢٠١٨
"ي ب ك" يلعب لعبة خطيرة في إدلب

خلال المفاوضات التي يجريها وفد من تنظيم "ي ب ك" برئاسة إلهام أحمد، مع نظام الأسد، عرض الوفد مقترحًا قد يتمخض عن نتائج شديدة الخطورة بخصوص إدلب، بحسب ما ذكرته لي مصادر في الأجهزة المكلفة بمتابعة المنطقة باستمرار، في واشنطن.

المصادر قالت إن الهدف الأساسي لوفد "ي ب ك" من المفاوضات مع الأسد هو تأسيس كيان يتمتع بحكم ذاتي في شرق الفرات، موضحة أن الوفد أعرب عن استعداده، في حال موافقة الأسد، للتحرك مع الجيش السوري في عملية محتملة للنظام ضد إدلب، في إطار التعاون المزمع إقامته بين الطرفين.

وأضافت المصادر أن الوفد ذهب أبعد من ذلك في مقترحاته، وعرض على النظام أن يشارك مسلحوه في العملية وهم يرتدون زي الجيش السوري إذا تطلب الأمر.

ولفتت إلى أن هذه التطورات ستزعج إلى أبعد حد أنقرة التي تملك 12 نقطة مراقبة في إدلب، وقد تؤدي إلى رد تركي عليها.

وبحسب ما ورد من معلومات إلى المصادر المذكورة، فإن أردوغان يبحث هذه التطورات مع بوتين، بل إنه من المعتقد أن الزعيمين ناقشا هذه المسألة خلال لقائهما في جوهانسبورغ.

تولي واشنطن أهمية كبيرة للقمة التركية الروسية الإيرانية المزمع عقدها في إيران أواخر أغسطس أو مطلع سبتمبر، في إطار مسار أستانة. ومع أن البيت الأبيض لا يرسل مراقبين إلى هذه القمم، إلا أن الإدارة طلبت من أجهزتها متابعة القمة عن كثب وإعداد تحليلات عنها.


مفاوضات الإدارة الذاتية
أقامت إلهام أحمد، عندما كانت ممثلة "ي ب ك"، علاقات قوية مع البيت الأبيض، وكانت تظهر فيه باستمرار. والوفد الذي ترأسه يجري مفاوضات مع نظام الأسد في دمشق بشأن مستقبل الكيان المزمع تأسيسه في شرق الفرات.

تقول المصادر إن تنظيم "ي ب ك" شكل مجالس في المناطق التي يسيطر عليها تحت اسم الإدارة الذاتية الديمقراطية، وأن هذه المجالس تدرس إمكانيات التعاون مع نظام الأسد.

وتشير المصادر إلى أن هذه المجالس مهدت الطريق أمام إجراء عمليات ترميم لبعض البنى التحتية والسدود بالتعاون ما بين الأكراد ونظام الأسد، وتتوقع أن يكون لهذه المجالس دور فعال في حال تشكيل كيان بحكم ذاتي في المنطقة مستقبلًا.

كانت روسيا أول من طرح فكرة تشكيل كيان بحكم ذاتي شرقي الفرات في إطار الدولة المركزية بسوريا. وتقول المصادر إن ترامب الذي يجري استعدادت للانسحاب من المنطقة، بدأ يتحمس لتطبيق هذا النموذج الذي شبهه الروس بإقليم شمال العراق.

اقرأ المزيد
٣ أغسطس ٢٠١٨
معنى المفاوضات بين مجلس سوريا الديمقراطية والنظام

لم يتسرب شيء عن فحوى المباحثات التي جرت في دمشق، بين وفد يمثل «مجلس سوريا الديمقراطية» ووفد استخباري لنظام الأسد، بقيادة علي مملوك، ومن المرجح ألا يتسرب في وقت قريب. «اتفق الجانبان على تشكيل لجان تخصصية للتباحث حول مختلف الجوانب» هذا كل ما لدينا إلى الآن.

بعيداً عما قد يكون دار في ذلك الاجتماع، يمكن الحديث عن معناه أو معانيه، في سياق سيالة الأحداث السورية بأبعادها المحلية والإقليمية والدولية، كما عن مفاعيله في الرأي العام المحلي بانقساماته وانحيازاته.

يمكن القول، قبل كل شيء، إن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يشكل لب مجلس سوريا الديمقراطية، هو بصدد إعادة تموضع استراتيجية، على ضوء الانسحاب الأمريكي المحتمل من سوريا الذي يضغط الرئيس ترامب على وزارة الدفاع بشأن تنفيذه. واضح أن الأمر أصبح مسألة وقت ربما يقاس بالأشهر لا بالسنوات. ويقال إن تفاهمات قمة هلسنكي بين ترامب وبوتين بشأن سوريا، هي التي سرعت من وتيرة إعادة التموضع المذكورة، فكان اجتماع دمشق تتويجاً لسلسلة اجتماعات سرية سبقته. يقال أيضاً إن الأمريكيين دفعوا باتجاه هذا التقارب من خلال مصارحة حليفهم الكردي بأن «المهمة انتهت» بالنسبة لواشنطن بالقضاء على دولة داعش، ولا مفر من عودة الحزب الكردي إلى علاقته السابقة مع النظام، ربما مع مظلة حماية روسية.

قد تعني إعادة التموضع، بهذا المعنى، تحالفاً روسياً ـ كردياً، لمرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي، لا بد أن ينطوي على أكثر من مجرد إعادة مناطق سيطرة «قسد» إلى سيطرة النظام، أو التوافق مع النظام على شكل من أشكال الإدارة الذاتية لحزب الاتحاد الديمقراطي مع شركائه في مجلس سوريا الديمقراطية أو بدونهم. ذلك أن الروس سبق وعبروا، في مناسبات عدة، عن رؤية لمستقبل سوريا تلاحظ وضعاً خاصاً للمناطق الكردية، يتراوح بين الإدارة الذاتية والكيان الفيدرالي المرتبط بالمركز على مثال ما هو قائم في شمال العراق.

من المحتمل أن روسيا التي حصلت على موافقة ترامب على استفرادها برسم مصير سوريا، قد تعمل على ملء الفراغ الذي يمكن أن يتركه انسحاب ـ جزئي على الأرجح ـ للميليشيات الموالية لإيران، تنفيذاً للرغبة الأمريكية، بقوات «قسد» وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب (الكردية). فتكسب روسيا، بهذا الاستبدال، مرتين: تتخلص، من جهة أولى، من عبء الحليف الإيراني ومنَّته كحليف ميداني للطيران الحربي الروسي، وتكسب، من جهة ثانية، حليفاً ميدانياً مجرباً وأكثر طواعية، لا يتبع إيران ولا النظام الكيماوي، وإن كان لا يصطدم مع الأخير. وهذا ما من شأنه أن يمنح السياسة الروسية في سوريا هامش حركة واستقلالية أكبر عن كل من إيران والنظام الذي لا يبدي الخضوع الكامل في جميع الأمور، ولا تملك موسكو أدوات ضغط كافية لإخضاعه، وخاصةً فيما يتعلق بمسائل «الحل السياسي» الذي تريد موسكو فرضه على الأطراف.

هناك تكهنات، نابعة من الهواجس التركية الكلاسيكية، بشأن اتفاق مفترض بين النظام الكيماوي و«الوحدات» لاستخدام قوات الأخيرة في معركة السيطرة على إدلب. مع استبعادي لسيناريو من هذا النوع، بالنظر إلى ما سيخلفه تعاون من هذا القبيل من آثار مدمرة على العلاقات العربية ـ الكردية، تتجاوز كل ما سبق من أحداث مماثلة في الرقة وريفها وريفي الحسكة وحلب، لكن مجرد الابتزاز بهذا الاحتمال من شأنه دفع تركيا إلى ارتكاب حماقات قد تكلفها طرداً روسياً لقواتها من الأراضي التي تسيطر عليها في منطقتي «درع الفرات» وعفرين، إضافة إلى نقاط المراقبة التركية في محافظة إدلب، أي عملياً إخراجها من الصراع السوري والتسوية السورية.

إن «تفعيل» هذا الابتزاز روسياً، يتوقف على مدى استمرار توافق «ثلاثي آستانة»، روسيا وتركيا وإيران، أو تفجره المحتمل من الداخل، بالارتباط مع قدرة روسيا على التخفف من عبء هذين الشريكين بموازاة التفاهم مع واشنطن. ولكن من وجهة نظر حزب الاتحاد الديمقراطي، يستبعد أن يوافق على المشاركة في القتال في معركة إدلب، المؤجلة حالياً حتى إشعار آخر، كما فهمنا من المخرجات المعلنة لاجتماع «آستانة 10» الذي انعقد مؤخراً في سوتشي. فلا بد أن الحزب المذكور قد اتعظ من تجربة تحالفه مع الأمريكيين في الحرب على داعش، وتخلي الأمريكيين عنهم في معركة عفرين، فلا يكرر الخطأ نفسه مرة ثانية مع روسيا والنظام الكيماوي.

لعل أكبر المتوجسين من مباحثات دمشق بين النظام ووفد «مجلس سوريا الديمقراطية» هو تركيا التي بذلت الكثير من الجهود الدبلوماسية لإقناع واشنطن بفك تحالفها مع القوات الكردية، وكانت الثمرة الهزيلة لتلك الجهود، بعد سنوات، هي الدوريات التركية ـ الأمريكية المشتركة حول منبج (العربية!). وها هو كابوس جديد يقض مضجع أنقرة مفاده أن مظلة الحماية التي تتمتع بها القوات الكردية ستنتقل من الأمريكي المنسحب إلى الروسي الباقي الذي يريد، فوق ذلك، إشراك حزب الاتحاد الديموقراطي في مباحثات التسوية السياسية في سوريا.

أما كارهو «الاتحاد الديمقراطي» من البيئة العربية المعارضة في سوريا، ومع وجود أسباب وجيهة كثيرة لتلك الكراهية، فهم ينتقلون بطريقة عجيبة من اتهام الحزب الكردي (وأحياناً الكرد بعامة) بالنزعة الانفصالية، إلى اتهامه بالعمالة للنظام، ولا يرون التناقض بين الاتهامين.

اقرأ المزيد
٢ أغسطس ٢٠١٨
سوريا... «سفر برلك» جديد؟

يُتقن وليد جنبلاط فن التعامل مع الرسائل السياسية، خصوصاً تلك التي تصله عبر بريد النظام السوري المتعدد الأشكال والأوجه، والتي يستخدمها كعادته في تحذير خصومه مباشرة، أو تهديدهم عبر وكلائه، والمعروف أن دمشق تحترف استخدام القسوة في رسائلها الدموية من المجازر إلى الاغتيالات، ولأن الأخيرة غير متاحة حتى الآن في لبنان، تلجأ إلى الاغتيالات الجماعية - الإبادة - إما مباشرة، كما تتصرف مع الشعب السوري منذ استيلاء «البعث» على الحكم لترهيبه، وإما بأساليب غير مباشرة عبر أدواتها، كما حدث مع دروز جبل العرب، ومحاولات ترغيبهم وتطويعهم. ولكن منذ ظهور «داعش» وأخواتها، توفرت للنظام أدوات ممتازة لضرب الثورة وإدانة رموزها وتشويه شعاراتها، كما استخدمت هذه الجماعات المتطرفة في الضغط على دول الجوار، خصوصاً لبنان، الذي يتأثر مباشرة في لعبة الترهيب التي تطال من وقف وما زال إلى جانب الشعب السوري، والترغيب الذي تستخدمه في تطويع الجماعات الإثنية والدينية وجرّها إلى معسكر الأسد الذي يرفع شعار حِلف الأقليات وحمايتها.

في مجزرة السويداء، التقط الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الإشارة كعادته وأحسَّ بخطورتها، ومدى انعكاساتها السلبية على دروز سوريا ولبنان وعلاقتهم مع الجماعات الوطنية الأخرى، خصوصاً الأغلبية، وقلقه المبكر من خطورة استدراج الدروز إلى شبكات صيد النظام من أجل الإيقاع بهم، ومن ثم استخدامهم في مواجهة شركائهم في الوطن، فعمل جنبلاط على تعطيل مشروع النظام منذ انطلاق الثورة السورية، وتفكيك شباكه بهدف تحييد دروز جبل العرب قدر المستطاع عن أتون الحرب السورية، رغم العقبات الكبيرة التي وضعها النظام عبر مُوالين له داخل البيئة الدرزية التي حاولت مصادرة قرار الدروز السياسي والعسكري، وجزّهم في معركة النظام ضد الشعب السوري.

في مدينة عبيّة في جبل لبنان، جدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمام حشد كبير من أبناء طائفته وشيوخها، أثناء قيامهم بأداء صلاة الغائب على أرواح ضحايا السويداء، تمسكه بموقفه من النظام السوري ورئيسه، ومرر رسالة واضحة لأصدقائه الروس بأن سوريا ليست الشيشان، ولعل جنبلاط يريد تذكير سيد الكرملين بأن تطبيق تجربة الحرب الشيشانية في سوريا مستحيلة، وبأن القوة الغاشمة تستطيع أن تحقق انتصاراً مؤقتاً، وبأن عوامل الجغرافيا والدمغرافيا تختلف كلياً مع سوريا، فالشعب السوري ليس معزولاً، كما الشعب الشيشاني، أو محاصراً إثنياً ودينياً كما تحاصر روسيا شعوب شمال القوقاز، فروسيا التي تتدخل في سوريا، وتفرض عليها نظاماً أقلَّوياً غير قابل للاستمرار، حيث حجم الجريمة التي ارتكبها بحق شعبه تقضي على كل مشاريع إعادة تعويمه، فالقابع في قصر المهاجرين بات بقاؤه مرهوناً بوجود الطائرات الروسية تحلق فوق قصره، واستمرار المرتزقة الإيرانية في الوقوف على بابه لحمايته.

ليس سهلاً إقناع الدروز بالخدمة في جيش النظام، فالذاكرة الجماعية للمواطنين في بلاد الشام لم تزل تعاني من الويلات التي تسبب بها نظام التجنيد الإجباري الذي طبقه الأتراك على سكان بلاد الشام عشية الحرب العالمية الأولى، والمعروف بـ«سفر برلك»، إضافة إلى رفضهم الكامل لتجربة «سفر برلك الشيعي» الذي طبقه الجنرال قاسم سليماني عبر الميليشيات الشيعية التي جلبها إلى سوريا للدفاع عن النظام، وفي موازاة ذلك لن يكون صعباً على الدروز هذه المرة رفض «سفر برلك» جديد بنسخته الروسية، حيث تحاول موسكو فرض التجنيد الإجباري على أبناء جبل العرب لتغطية حاجة جيش النظام الملحة للعديد، فالدروز الذين نجحوا نسبياً في حماية مناطقهم، والتمتع بشبه إدارة ذاتية، رفضوا الخدمة العسكرية مع النظام، ودفع الشيخ وحيد البلعوس حياته ثمن دفاعه عن هذا القرار فتم اغتياله 2015. واللافت أن عملية «داعش» في السويداء تزامنت مع فشل جنرالات روس وممثلين عن النظام في إقناع عشرات آلاف الشباب الدروز بالالتحاق بجيش النظام، وهو في إطار استعداده لمعركة إدلب، فلجأ النظام كعادته إلى الترهيب بعد فشل الترغيب، فظهر «داعش» في اللحظة التي تحتاجها مصالحه ومصالح حُماته، وهذا ما دفع جنبلاط إلى الإشارة مباشرة إلى الروس في خطابه حيث قال: «لقد بقيت هناك شعرة معاوية بيننا وبين الروس، ولكن نريد من هذه العلاقة أن تكون ضماناً لأهل الجبل، وأن يبقوا في الجبل، وألا يستخدمهم الأسد وقوداً من أجل مآربه».
جنبلاط المؤمن بالحتمية التاريخية وحق الشعوب، يواجه خصومه هذه المرة صعوبة في انتزاع اعتراف بانتصارهم المؤقت.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٤ مايو ٢٠٢٥
لاعزاء لأيتام الأسد ... العقوبات تسقط عقب سقوط "الأسد" وسوريا أمام حقبة تاريخية جديدة
أحمد نور (الرسلان)
● مقالات رأي
١٣ مايو ٢٠٢٥
"الترقيع السياسي": من خياطة الثياب إلى تطريز المواقف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب