مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٨ أبريل ٢٠١٨
"صمت الفصائل وتخاذل المجتمع الدولي" يفتك بالسوريين أكثر من أي سلاح

لم يكن السلاح الكيماوي والأسلحة المتعددة المستخدمة في قتل الشعب السوري وحدها من يفتك بأجساد أبنائه صغاراً وكباراً، بل إن الصمت المطبق واللامبالات التي تتعامل بها فصائل الثورة في الشمال والجنوب وخذلان المجتمع الدولي له وقع أكبر وأكثر في قلوب السوريين المعذبين في الداخل والخارج أكثر من الكيماوي وكل الأسلحة الفتاكة.

كل الدماء التي أريقت في حلب وداريا والوعر وحمص والغوطة أخرها دوما، وكل مشاهد الموت البطئ خنقاً في خان شيخون ودوما لم تحرك الدماء لدى قادة الفصائل المتصارعين على السيطرة والنفوذ وتقاسم المعابر والموارد في المناطق المحررة، والشعب يكابد ويعاني ويترقب لحظة إعلان النفير للثأر والرد لدمائه.

مئات المناشدات أطلقت والوعود والبيانات من قبل فصائل الجنوب السوري الأقرب إلى الغوطة الشرقية لإطلاق معركة حقيقية تساند المحاصرين، إلا أنها لم تكن إلا نداءات عابرة تكرر ماحصل في الحملة التي واجهتها مدينة داريا وحيدة، أما فصائل الشمال فتتناحر وتتصارع على بقعة ارض تضيق بالمهجرين إليها من كل حدب وصوب، باتوا يحتاجون لهدن واتفاقيات لوقف قتل بعضهم البعض.

وعن العالم المتخاذل والذي يكتفي بالتنديد والوعيد للتدخل ووقف المذبحة اليومية بحق الشعب السوري، فلم تستطع قرارات مجلس الأمن ولا اتفاقيات حقوق الإنسان منع الموت اليومي على المدنيين، كذلك لم تنفع كل التهديدات في كبح جماح الإجرام لدى الأسد وروسيا لاستخدام الأسلحة الفتاكة في قتل كل حياة.

نقف اليوم أمام مشاهد الموت بألوانه وأشكاله، تقتلنا مناظر الدماء والأشلاء ألف مرة في الثانية، وتلك الصور لأطفال ونساء نيام دون صحوة بعد أن ضاقت أنفاسهم وحرموا حتى من الهواء بعد حرمانهم من الغذاء والدواء لسنوات عدة في الحصار، نقف عاجزين عن تقديم أي شيئ، لن نناشد العالم لنجدتها فهو من يتأمر علينا ويعطي الضوء الأخضر لقتلنا، ولن نطلب من الفصائل التحرك فهي كجسم غلبه الوهن رهنت نفسها وقرارها وغفلت عن مهمتها الأساسية في حماية الشعب الثائر وباتت أداة بيد الغرب والشرق لقتل بعضها البعض وتضعف ثورتنها كل يوم بصراعاتها وخلافاتها وشقاقها.

فسطاط المسلمين اليوم تستباح، نساء وأطفال سجيت أجسادهم فوق بعضها البعض، خنقت بغاز السارين الذي استخدمه الأسد ولا ناصر ولامعين لهم إلا الله، فكم وكم تغنوا بنصرة الفسطاط، ولكن لن ينفع الندم ولن ينفع الشتم واللطم فالفاجعة كبيرة والتخاذل يقتلنا أكثر من أي سلاح.

اقرأ المزيد
٧ أبريل ٢٠١٨
هل سينفذ ترمب قراره وتنكفئ أميركا إلى بلادها البعيدة؟!

إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب جاداً فعلاً في إخراج القوات الأميركية من سوريا في فترة قريبة جداً، وأغلب الظن أنه غير جاد وأنَّ ما قاله هو مجرد رسالة داخلية موجهة إلى الأميركيين، فإنَّ هذا يعني أنه ترك للروس الانفراد بالشرق الأوسط لا بل إنه يعني أن الولايات المتحدة عادت أو أنها ستعود إلى سياسة الانكفاء على الذات التي كانت تتبعها قبل حرب قناة السويس (العدوان الثلاثي الفرنسي - البريطاني - الإسرائيلي على مصر) في عام 1956. وهذا في حقيقة الأمر مستبعد جداً في ظل الظروف الحالية حيث الروس والإيرانيون يتطلعون إلى أبعد كثيراً من مجالهم الحيوي الاحتلالي الحالي.

إن المعروف أن ترمب خاض معركته الانتخابية على أساس أن الأولوية هي للداخل الأميركي، وحقيقة أن غالبية الأميركيين يرون أنه لا ضرورة لكل هذا الانتشار الخارجي المُكلف جداً وأن المفترض أن تعود القوات الأميركية إلى بلادها أو إلى مناطق متاخمة لبلادها ما دام أنه تم القضاء على «داعش» وعلى الإرهاب، وبالطبع فإن غالبية الأساسيين في الإدارة الأميركية يعرفون أن هذا الكلام غير صحيح وإلاّ لما أبقت أميركا على قواتها في أفغانستان وفي العراق وأيضاً في سوريا حتى الآن، وذلك بالإضافة إلى أنه غير ممكن الرحيل عن هذه المنطقة، التي غدت أكثر أهمية من الناحية «الاستراتيجية» بعدما ثبت أنها «المستودع» العالمي الأهم لمصادر الطاقة، وتركها للروس يسرحون فيها ويمرحون ويصبح البحر الأبيض المتوسط بحيرة روسية.

ربما أنَّ البعض، حتى من بين رموز هذه الإدارة الأميركية، من يرى أن رحيل الأميركيين وانحسارهم عن الشرق الأوسط سيفتح أبواب الصراع والتنافس بين الروس والإيرانيين وأن الضغط الروسي على إيران سيؤدي إلى انكفائها وعودتها إلى داخل حدود بلادها وإلى ما كانت عليه الأمور قبل عام 2003 وهذا في الواقع هو نظرة قاصرة، إذْ إنَّ روسيا التي غدت تهيمن على سوريا هيمنة كاملة ليست بحاجة إلى مثل هذا السيناريو الخيالي وبخاصة أن العامل الإسرائيلي عامل رئيسي في هذه المعادلة الخيالية والافتراضية!!

ولعل ما لا يأخذه أصحاب هذا التصور «الكسيح» بعين الاعتبار هو أن إيران تعمل في هذه المنطقة بنفسٍ طويلٍ وأن الهدف الأول لها، الذي بعد تحقيقه ستتبعه أهداف كثيرة، هو تحقيق ما تعتبره هلالاً شيعياً، والواضح أن الروس غير مهتمين بهذه المسألة ما دامت السيطرة في الشرق الأوسط ستكون مضمونة لهم في حال انسحاب الأميركيين منها وانكفائهم نحو بلدهم إلى ما وراء بحور الظلمات.

لقد حققت إيران منذ عام 2003 وحتى الآن وجوداً طائفياً فعلياً وحقيقياً في هذه المنطقة، فالآن في سوريا هناك خريطة مذهبية جديدة وهذا هو ما عناه بشار الأسد عندما قال في تصريح شهير «إنه مهما كانت خسائرنا كبيرة في هذا الصراع إلا أننا نعتبر أننا الرابحون في النهاية إذا حققنا الانسجام المجتمعي في المناطق السورية الأساسية وإذا حققنا سوريا المفيدة»، والواضح أن ما جرى وما يجري في الغوطة الشرقية لا يمكن إلا أن يعتبر تفريغاً طائفياً ويبقى أن تكون الخطوة المقبلة هي المزيد من استيراد الشيعة الإيرانيين والأفغان وغيرهم وتركيزهم في دمشق وحولها مع امتداد تم إنجاز الجزء الأكبر منه، في اتجاه الحدود اللبنانية.

وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار ودائماً وأبداً أن الدوافع المذهبية لسيطرة إيران على ما سمته «الهلال الشيعي» هي مجرد غطاء لتسديد الفرس لحسابات قومية قديمة، فهم حتى الآن يعتبرون أن عدوهم الحقيقي في الشرق الأوسط كله هو العرب وأن التمدد الصفوي في العراق لم يكن تمدداً شيعياً وإنما تمدد قومي فارسي، وأن الثأر الذي لم ينم في صدور هؤلاء على مدى كل هذه الحقب الطويلة هو ثأر «ذي قار» أولاً وثأر «القادسية» و«نهاوند» وما بعدهما وعلى مدى سنوات طويلة.

لقد قال الرئيس ترمب في مفاجأته هذه، التي تشبه إلقاء صخرة كبيرة في بركة راكدة: «نحن نهزم تنظيم داعش... سنخرج من سوريا قريباً جداً... قريباً جداً... سنخرج من هناك قريباً جداً... سنعود إلى بلادنا حيث ننتمي وحيث نريد أن نكون»، لكن رد الخارجية الأميركية جاء مخالفاً لهذه التصريحات بأن «واشنطن لا تفكر في سحب قواتها من سوريا حالياً». والواضح أن ما قاله الرئيس الأميركي سيبقى للاستهلاك الداخلي فقط وأن القول هو ما قالته الخارجية وما يريده صقور هذه الإدارة الذين لا يمكن أن يفكروا حتى كمجرد تفكير في الرحيل عن الشرق الأوسط وتركه لروسيا الاتحادية ومعها إيران... إن هذا غير متوقع وغير ممكن على الإطلاق.

لكن ومع أنه من المستبعد أن يكون هناك أي صدام جدي بين الروس والإيرانيين في المدى المنظور، إلا أن المعروف أن العلاقات بين الدول هي علاقات مصالح، وهذا يعني أن كل هذا الانسجام المصلحي بين موسكو وطهران سينقلب حتماً إلى ضده إذا تضاربت مصالحهما، وهي بالتأكيد ستتضارب لأن للرئيس فلاديمير بوتين تطلعات مستقبلية إنْ في سوريا وإنْ في الشرق الأوسط تتعارض مع تطلعات إيران، فهو وكما واضح بل وقد أصبح مؤكداً أنه يريد استعادة النفوذ السابق للاتحاد السوفياتي في هذه المنطقة وأيضاً في أوروبا الشرقية، الأمر الذي سيعزز ليس احتمالات الخلاف وفقط وإنما الصدام بين هذين الحليفين اللذين جمعتهما مصالحهما المشتركة وستفرقهما وبلا أدنى شك هذه المصالح.

وهنا فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار في هذا المجال أنَّ الروس قد خاضوا معركة غوطة دمشق الشرقية وحدهم إنْ عسكرياً وإنْ سياسياً وأنه لم يُسمحْ للإيرانيين بالمشاركة في هذه المعركة وإنْ في المجالات الإعلامية فقط وهذا ينطبق أيضاً على نظام بشار الأسد الذي كانت مشاركته مجرد حركات وتحركات استعراضية «بهلوانية» فقط، حيث كانت الأمور والقرارات كلها في «حميميم» وفي أيدي كبار ضباط القوات الروسية.

وهكذا، وهذا مجرد افتراض فقط، فإذا كان دونالد ترمب جاداً فيما قاله وأن الولايات المتحدة ستنسحب «قريباً جداً» من سوريا فإنه سيعطي للروس انتصاراً سهلاً في هذه المواجهة «المصيرية»، وأنه سيعطي المبرر لتركيا وأيضاً لإسرائيل لنقل البندقية من كتف إلى الكتف الآخر... فالدول تحكم علاقاتها المصالح وقد تؤثر هذه المصالح المستجدة أيضاً على بعض الدول العربية وهذا سيجعل هذه المنطقة مجالاً حيوياً لروسيا الاتحادية وسيجعل البحر المتوسط وبكل مصادر الطاقة فيه بحيرة روسية.

ويبقى أنه لا بد من الإشارة إلى أنه لا يمكن أن يكتفي الأوروبيون ومعهم الصين، هذا العملاق الاقتصادي الناهض، بمتابعة هذا «السيناريو» الافتراضي حيث إن انكفاء الأميركيين نحو بلادهم البعيدة غير وارد، وحيث إن الأوروبيين والصينيين أيضاً لا يمكن أن يتركوا هذه المنطقة «الاستراتيجية» الحساسة للروس الذين أنعش تدخلهم في سوريا تطلعاتهم السابقة إنْ في عهد روسيا القيصرية وإن في عهد الاتحاد السوفياتي الذي امتد نفوذه من كوريا الشمالية في أقصى منطقة في الشرق إلى كوبا في أقصى منطقة في الغرب.

إن الخطأ الفادح الذي ارتكبه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما هو أنه اعتبر أن منطقة الشرق الأوسط لم تعد منطقة مصالح حيوية بالنسبة للولايات المتحدة وأنه نقل رهانه الاستراتيجي إلى آسيا المفيدة أي إلى الصين وأيضاً إلى إيران وهذا قصر نظر قاتل بالنسبة لدولة تعتبر أن العالم كله عالمها وأنّ المفترض أن تكون موجودة في كل مكان من الكرة الأرضية وهنا فإن ارتكاب دونالد ترمب للخطأ نفسه الذي ارتكبه أوباما سيكون مكلفاً جداً، فالشرق الأوسط كان ولا يزال وسيبقى واحدة من أهم مناطق العالم وبخاصة بالنسبة لدولة عظمى كأميركا... والمعروف أن سوريا تقع في قلب هذه المنطقة الشرق أوسطية.

اقرأ المزيد
٦ أبريل ٢٠١٨
إيران على أبواب انتفاضة شعبية جديدة!

يمكن اعتبار العقوبات الجديدة ضد إيران بمثابة دعوة إلى طهران لوقف نشاط قاسم سليماني قائد «فيلق القدس». فالتوقيت الذي حدده الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتعديل الاتفاق النووي ينتهي في أوائل شهر مايو (أيار) المقبل، والساحة السياسية مضطربة: بدأت فرنسا وبريطانيا وألمانيا تتراجع إلى الوراء في الأسابيع القليلة الماضية لإرضاء الرئيس ترمب، في محاولة لإقناعه بعدم الانسحاب من الاتفاق. وفي المقابل، أعلنت هذه الدول عن خطط لفرض عقوبات جديدة تهدف إلى تقييد النشاط الإيراني في مجال الصواريخ الباليستية كما إلى نشاطها الإقليمي في سوريا واليمن والعراق. بالنسبة إلى إيران يبدو الأمر «العمل كالمعتاد»؛ إذ تحت مظلة الحوثيين في اليمن يتم إطلاق صواريخ إيرانية باستمرار تستهدف العاصمة السعودية الرياض بأمر من قاسم سليماني. ومع ذلك، لا يمكن أن يستمر نهج «العمل كالمعتاد» بالنسبة إلى إيران لفترة أطول؛ لأن الحملة السياسية التي تقوم بها الدول الأوروبية هي بمثابة دعوة تنبيه إلى طهران لتقليص النشاط العسكري لسليماني الذي قد يعيد إيران إلى المشاكل التي كانت تعاني منها قبل الاتفاق النووي، أو ربما إلى أسوأ.

بغض النظر عما ستقرر واشنطن القيام به، فإن إيران مضطرة إلى إظهار ضبط النفس النسبي والتصرف بمسؤولية على الأقل ظاهرياً، لكن في الداخل من المرجح صعوبة الحفاظ على جبهة موحدة، وستعود الحجج القديمة من جديد. وحتى لو تراجعت موجة الاحتجاجات الأخيرة ظاهرياً، فإن هناك احتجاجاً عاماً منخفض المستوى في إيران. وعلى الرغم من اعتبار النظام احتواء موجة الاحتجاجات الأخيرة نجاحاً، فإنها مسألة وقت فقط، قبل أن تطل الاحتجاجات برأسها مرة أخرى وبقوة. إن انسحاب أميركا من الاتفاق، أو بدلاً من ذلك، فرض عقوبات إضافية يمكن أن يكون حافزاً لانتفاضة شعبية جديدة.

منذ التوصل إلى الاتفاق النووي، نجحت إيران في جذب أكثر من 15 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية، لكن هذا لا يكفي لشعب متعطش إلى الإغاثة الاقتصادية، لا سيما عندما لا يزال يتعين تفعيل جزء كبير من هذه الاستثمارات. وفي الوقت الذي يدرك فيه الرئيس حسن روحاني الحاجة إلى ترجمة النمو الاقتصادي إلى تحسن كبير في نوعية معيشة حياة المواطنين الإيرانيين، فإن سليماني لديه خطط مختلفة بالكامل: هو لا ينوي السماح لمواطني إيران بالاستمتاع بثمار الاتفاق النووي، بل على العكس فإنه يستثمر الأموال الطائلة التي دخلت بعد الاتفاق إلى إيران في مغامراته في الدول الأخرى، مما ينتج عنه انتقادات داخلية وخارجية.

ووفقاً للتقارير الإيرانية، أنفقت إيران ما يقرب من 20 مليار دولار على القتال في سوريا منذ عام 2011، مما أدى إلى إرسال أعداد كبيرة من قوات «الحرس الثوري» إلى هناك، وتمويل الميليشيات الشيعية من أفغانستان وباكستان، وتوريد كميات كبيرة من الصواريخ الباليستية والمعدات العسكرية والأسلحة إلى الجيش السوري وإلى «حزب الله»، إضافة إلى مواصلة الاستثمار في البنى التحتية المدنية في سوريا، وفي المساعدات المالية لنظام بشار الأسد.

لقد أقدم سليماني على كل هذا من أجل إنقاذ النظام السوري دون أن تحصل إيران على أي شيء في المقابل؛ لذلك تعتزم إيران الحصول على عائد من استثماراتها وتتابع سلسلة الاتفاقيات المدنية مع الحكومة السورية. لكن، وبما أن النظام في سوريا قد استقر نسبياً، فهو فضل إعادة تأهيل نفسه دون الاعتماد على إيران متجهاً أكثر نحو أوروبا. علاوة على ذلك، وفي التنافس بين روسيا وإيران على الموارد المدنية والاقتصادية هناك، ترى سوريا نفسها أكثر التزاماً تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحيث أصبح الوجود الإيراني فيها عبئاً أكثر منه مكسباً. ولوحظ أخيراً أن الحكومة السورية تضع عقبات وتعيق التعاون المالي مع إيران بهدف منع إيران من الحصول على مكاسب مالية، لكن هذا لم يمنع سليماني من توسيع استثمارات إيران في سوريا والتي من المتوقع أن تستمر في النمو عندما ينتهي القتال، إضافة إلى ملايين أخرى تعطى لسوريا على حساب إعادة تأهيل الاقتصاد الإيراني.

وقصة إيران مع اليمن لن تكون مأساوية إن لم تكن النهاية معروفة سلفاً على غرار سوريا. ترسخت إيران في المستنقع اليمني لسنوات عديدة، وكان تقرير للأمم المتحدة عام 2015 حدد أن إيران كانت تنقل شحنات الأسلحة إلى الحوثيين منذ عام 2009. ومنذ عام 2011 صار هناك تصعيد في مساعدات إيران للحوثيين، بما في ذلك نقل الملايين من الدولارات. المأساة هي أنه بعد كل هذه السنوات من القتال في اليمن، لم يتم التوصل إلى حل لتبرير استثمارات إيران الكبيرة هناك.

إضافة إلى التكلفة المالية، صارت إيران تتكبد أيضاً خسائر فادحة في الدم. فحتى الآن ضحى سليماني بشكل رئيسي بـ«جنوده بالوكالة»، مع آلاف القتلى بين الحوثيين في اليمن، وبين مقاتلي «حزب الله» والميليشيات الشيعية في سوريا. لكن العام الماضي ازداد عدد مقاتلي «فيلق القدس» الذين قُتلوا. وتعبر بعض القيادات السياسية الإيرانية عن قلقها من أنه في ضوء تزايد الاضطرابات في العديد من المجالات الموازية، فإن الخسائر في الأرواح الإيرانية ستزداد، ويمكن بالتالي لإيران أن تجد نفسها في مواجهة تصعيد مباشر على أراضيها.

وبالعودة إلى الوضع في طهران، فإن الاحتجاجات المستمرة منذ عدة أشهر لم تنجح في تغيير مفهوم القيادة الأمنية الذي لم يستوعب بعد الثمن الباهظ الذي تدفعه إيران للتحصينات الإقليمية، وفي كل هذا الوقت يتم تحويل مئات الملايين من الدولارات من الخزينة الوطنية لبناء القوات العسكرية، وتغطية أنشطة «فيلق القدس» وتطوير برنامج صواريخ أرض - أرض الذي من المتوقع أن يكون السبب لفرض المزيد من العقوبات على إيران.

هذه المبالغ أصبحت مؤذية في المناخ السياسي الحالي في إيران، حيث يُنظر إلى مثل هذا النشاط من قبل إيران على أنه تصادمي. وهذه الملايين ستحول مهندس السياسة الخارجية الإيرانية ومنفذها قاسم سليماني إلى الشخص الذي تؤدي تصرفاته إلى توقيع إطار اتفاق جديد يفرض عقوبات إضافية على طهران. من السهل الآن أن نرى أن زخم الاستثمارات الدولية التي بدأت العام الماضي قد تم تقليصه بالفعل، ومن المتوقع أن يتم تقويضه بسبب القلق داخل النظام المالي العالمي وبين الشركات الدولية فيما يتعلق بتداعيات العقوبات الإضافية.
سوف تستمر إيران في المعاناة من المشاكل المصرفية التي سوف تزيد من العزلة الدولية التي عانت منها في الماضي.

على أي حال، فإن إيران ستحتاج إلى أوروبا من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات سواء بالنسبة إلى الاتفاق النووي أو بالنسبة إلى اتفاق ذات إطار مختلف. بعد عدة أشهر من الخلافات بين «الصقرين» فرنسا وبريطانيا من جهة والدول الأوروبية الأكثر اعتدالاً مثل ألمانيا، ظهرت الآن جبهة أوروبية موحدة فيما يتعلق بالسياسة تجاه إيران ومطالبها. أوروبا توافق على الحفاظ على الاتفاق النووي على الرغم من الضغوط الأميركية، لكنها صارت تدرك تماماً أن النشاط العسكري الإيراني الذي يتزعمه قاسم سليماني لا يمكن تجاهله، وهذا يتماشى مع الأجواء السائدة في واشنطن التي تطالب بفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب صواريخها الباليستية وأنشطتها التخريبية الإقليمية.

ويقول لي سياسي أميركي مشارك في كل هذه الاتصالات، إن الاتفاق الشامل بين كل الأطراف، غير المعتاد في نطاقه، هو نداء استيقاظ مهم، وفرصة للجماهير الإيرانية، كي تخرج إلى الشارع، وللقوى الإصلاحية، ولروحاني، في ظل تزايد الدعوات الدولية لوقف سليماني وإنقاذ إيران من التراجع إلى العزلة الكاملة مع ما سيجره عليها هذا الأمر من تداعيات.

اقرأ المزيد
٦ أبريل ٢٠١٨
قمة ثلاثية لسوريا… بل خماسية

لم تنعقد قمة أنقرة من أجل المحافظة على وحدة سوريا. انعقدت من أجل تنظيم عملية تفكيك سوريا والبحث في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي في حال حصوله.

عقدت ثلاثة أطراف من أصل الخمسة التي تحتل الأراضي السورية قمّة في أنقرة. تلك الأطراف هي روسيا وإيران وتركيا. الملفت أن ليس بينها أيّ طرف عربي. الطرفان الآخران المرشحان أصلا للانضمام إلى مثل هذه القمة، لو لم يفضلا اللعب بطريقة مختلفة، في الخفاء أحيانا وفي العلن أحيانا أخرى، هما الولايات المتحدة وإسرائيل. لا حاجة للإشارة إلى أنّ هذين الطرفين ليسا غير عربيين أيضا. كانا الحاضرين الغائبين عن قمّة أنقرة.

هناك اعتبارات، أقله من النوع الشكلي، تمنع أي لقاء إيراني – إسرائيلي، أو أميركي – إيراني، في حين أن هناك هدفا نهائيا يجمع بين الأطراف الخمسة حتّى في غياب المحتلين الآخرين عن قمّة أنقرة. يتمثل هذا الهدف في تفكيك سوريا التي عرفناها والتي تبيّن أنها لم تعد قادرة على الانبعاث من جديد.

في كل الأحوال انعقدت القمّة الخماسية من دون أن تنعقد، لا لشيء سوى لأن الهدف الخماسي واحد. يبقى أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هو كيف ستجد إيران مكانا لوجودها الدائم في سوريا. هل تكفي حملات التشييع وتغيير طبيعة دمشق وتركيبتها مع المنطقة المحيطة بها لتكون لديها مستعمرة في الداخل السوري… أم أن ذلك يحتاج إلى تفاهم مع إسرائيل يمكن أن تؤمّنه روسيا حيث لم يخف فلاديمير بوتين أنه على تواصل دائم معها. ما الشروط التي ستفرضها إسرائيل على إيران كي تقبل بها في سوريا في ظلّ تفهّم أميركي لذلك؟

ليس سرّا أن بوتين لا يمتلك أي عقدة تجاه إسرائيل. على العكس من ذلك، لديه إصرار على إقامة أفضل العلاقات معها. على سبيل المثال وليس الحصر، لم يجد في حديث تلفزيوني طويل على قناة “فرانس 3”، بثّ قبل أيّام، سوى الراحل أرييل شارون يستشهد به.

سئل الرئيس الروسي عن رأيه في الشرق الأوسط. كان جوابه التذكير بكلام لشارون جاء فيه: “أنا لا أثق بأيّ شخص في المنطقة، في ما يتعلّق بأيّ موضوع كان”. هذه خلاصة تجربة بوتين المستمدّة من تجربة شارون. يفترض في شخص مثل بشّار الأسد، لا يصلح سوى للعب دور الأداة في عملية تدمير سوريا، أخذ العبرة من هذا الكلام الصادر عن الرئيس الروسي.

من سيتفوّق في الدهاء والباطنية على الآخر في نهاية الأمر. هل يستطيع بشّار استخدام بوتين للبقاء في السلطة، أم لدى الرئيس الروسي حسابات من نوع آخر. تقضي هذه الحسابات باستخدام رئيس النظام السوري في لعبة تحسين شروط الكرملين في تعاطيه مع إدارة ترامب.

كلّ ما صدر عن قمة أنقرة لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة. اتفقت الدول الثلاث على المحافظة على وحدة الأراضي السورية. كيف يمكن لوحدة سوريا أن تجمع بين التركي والروسي والإيراني في حين ليست هناك أي دولة من الدول الثلاث مهتمة ببقاء سوريا موحّدة.

لدى تركيا همّها الكردي. وهذا يعني أنّها تعدّ نفسها للبقاء طويلا في الشمال السوري وحول حلب وحتّى في حلب نفسها.

أمّا روسيا، فلديها همّان. الأول الساحل السوري الذي تريد البقاء فيه إلى الأبد، والثاني الورقة التي اسمها رأس النظام. هل ستجد من يشتري هذه الورقة في أي وقت من الأوقات، خصوصا في واشنطن. تأخرت روسيا في استخدام هذه الورقة.

الطفل يعرف أن النظام السوري انتهى وشبع موتا، حتّى لو دعي إلى لقاء عربي هنا أو هناك، وأنّ سوريا دمّرت مدنا وريفا. كل ما يستطيع النظام عمله هو أن يكون ناطورا على الخراب ورمزا للبؤس والظلام اللذين يهيمنان على كل منطقة من المناطق السورية وشاهدا عليهما.

أمّا إيران، فأقل ما يمكن قوله أن لا وجود لكلمة تصدر عن أيّ مسؤول فيها ذات علاقة بالواقع والحقيقة. على سبيل المثال، قال الرئيس حسن روحاني على هامش قمّة أنقرة “بعض البلدان، وبينها أميركا، تساعد جماعات إرهابية مثل الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا التي تخدم مصالح هذه الدول. تعتقد إيران أنّ لا وجود لحل عسكري للأزمة السورية. الحفاظ على استقلال سوريا أولوية بالنسبة إلى إيران”.

لا حاجة إلى تفنيد كلّ عبارة، بما في ذلك الكلام عن مساندة أميركا لجماعات إرهابية. فإذا كانت أميركا تساند “داعش” ماذا عن “الدواعش” التي تدعمها إيران، بل التي صنعتها إيران، وهي ميليشيات مذهبية منتشرة في كلّ المنطقة تشكل الوجه الآخر لـ“داعش” السنّية.

لعلّ الجانب الأهم في كلام روحاني هو ذلك المتعلّق بـ“الحفاظ على استقلال سوريا”. أي سوريا يريد الرئيس الإيراني المحافظة على استقلالها… هذا إذا بقي شيء من سوريا، غير أنّها تابع لطهران أحيانا ولموسكو في أحيان أخرى.

بعض الاحترام لعقول الناس يبدو ضروريا بين وقت وآخر. ليس هناك من يريد المحافظة على وحدة سوريا التي انتقلت من أزمة إلى أخرى منذ اليوم الذي استقلّت فيه. في سوريا، كان أول انقلاب عسكري في العالم العربي في آذار – مارس 1949. وفي سوريا كان هروب للوحدة مع مصر في 1958 من دون أن يكون هناك أساس منطقي لمثل هذه الوحدة التي جلبت الخراب إلى البلد وأسست للنظام الأمني فيه، وهو النظام الذي كرّسه حزب البعث ثمّ الضباط العلويون الذين مهدوا لوصول حافظ الأسد إلى السلطة والاستفراد بها عن طريق اللعب من تحت الطاولة مع إسرائيل، ومن فوق الطاولة مع إيران.

ليس الوضع السوري الحالي سوى نتيجة طبيعية لممارسات نظام لعب طوال نصف قرن على التناقضات في المنطقة. شمل ذلك تفجير لبنان من الداخل والرهان على اللا حرب واللا سلام مع إسرائيل بغية الوصول إلى وضع أصبح فيه ضمّ هضبة الجولان المحتلة منذ العام 1967 أمرا واقعا.

لم تنعقد قمّة أنقرة من أجل المحافظة على وحدة سوريا. انعقدت من أجل تنظيم عملية تفكيك سوريا والبحث في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي في حال حصوله.

لم يعد مصير سوريا لغزا، خصوصا أنّه سيُفرض عليها في مرحلة معيّنة دستور جديد يجعل منها دولة فيدرالية، أي دولة تتقاسم فيها النفوذ قوى خارجية. اللغز الحقيقي ما الذي تريده إدارة ترامب؟ وهل هي مختلفة، في ما يخص سوريا، عن إدارة باراك أوباما؟

اللغز الحقيقي الآخر كيف ستجد إيران وسيلة لضمان بقائها في منطقة سورية معيّنة تعتبرها حيوية للربط بينها وبين “حزب الله” في لبنان؟ يظل للحزب أهمية كبيرة بالنسبة إلى النظام الإيراني إذ يعتبره من أكبر الإنجازات التي حققها في الخارج منذ قيام “الجمهورية الإسلامية” في العام 1979.

تدخل الحرب السورية هذه الأيام مرحلة جديدة. إنها حرب إعادة تنظيم للاحتلالات والوصايات لا أكثر ولا أقل. ستسقط ضحايا كثيرة أخرى، تماما كما حصل في الغوطة الشرقية. ستكون هناك مفاجآت. يمكن أن ينزل عدد اللاعبين الخارجيين من خمسة إلى أربعة إذا انسحبت أميركا من شرق الفرات. الثابت الوحيد أن المرحلة الجديدة لن تكون أقلّ صعوبة وتعقيدا من المراحل التي مرّ بها البلد منذ اندلاع الثورة الشعبية في مثل هذه الأيام قبل سبع سنوات.

اقرأ المزيد
٦ أبريل ٢٠١٨
أربع فرضيات تهاوت مع "غصن الزيتون" في عفرين

خابت توقعات المحللين والمختصين بالشؤون التركية سواء أولئك القادمين من الأوساط الاستخباراتية أو من يكتبون ويحللون في وسائل الإعلام. يمكننا القول إن السبب الأهم في ذلك هو الأحكام المسبقة علاوة على بعض "الأساطير" التي تقبلها البعض على أنها ثوابت لا جدال فيها.

الفرضية الأولى التي توافق عليها المحللون هي أن كادر القوات المسلحة ومعنوياته وقدراته التقنية كانت في الحضيض. وهناك سلسلة من التطورات التي دعمت هذه الفكرة في الآونة الأخيرة.

فالجيش فقد ذخيرته البشرية بداية مع قضية أرغنيكون، وبلغ النزيف ذروته في المحاولة الانقلابية صيف 2016. خرج أو سُرّح الآلاف من الضباط وضباط الصف من الخدمة، وتعرض نظام الجيش إلى هزة عنيفة.

كانت فكرة أن معنويات وحماسة الجيش مفقودة وأنه من الصعب عليه مجابهة مشكلة متعددة الأوجه كعفرين، شائعة في التحليلات المبنية على المعطيات المذكورة أعلاه. وكان من المعتقد أن الجيش التركي سيتخبط في عفرين وسيفقد السيطرة على الوضع.

الفرضية الثانية تضمنتها تحليلات تتحدث عن معاناة الجيش التركي من نقص الذخيرة. وبحسب الفرضية فإن القوات المسلحة التركية تواجه مشكلة خطيرة على صعيد الإمداد اللوجستي، ولهذا لن تتمكن من القيام بعملية طويلة الأمد، وستستسلم بسرعة.

بيد أن تركيا حلت بسرعة المشكلة اللوجستية لعملية بحجم وطبيعة "غصن الزيتون". نجحت في تصنيع السلاح المحلي القادر على تغيير شروط اللعبة.

وتمكنت من ادخال الطائرات المسيرة المسلحة والتقنية بسرعة فكان لها تأثير قاتل على تنظيم مثل "بي كي كي" يزعم أنه بارع في القتال بأسلوب "حرب العصابات".

الفرضية الثالثة التي خاب فيها المحللون هي "الأساطير" الرائجة عن المهارات والقدرات القتالية لتنظيم "بي واي دي/ بي كي كي".

يمتلك تنظيم "بي كي كي" خبرة أربعين عامًا، وفوق ذلك فإن الولايات المتحدة تمده بالسلاح والعتاد. حارب داعش بشكل جيد وحاز على "تقدير" الغرب. وبالنظر إلى الناحية الإعلامية كانت معنويات التنظيم مرتفعة جدًّا.

كما أن القوات الخاصة الأمريكية دربته، وذكرت مصادر عسكرية أن ثلاثة آلاف عنصر من عناصره توجهوا إلى عفرين للقتال.

كانت التوقعات تشير إلى أن التنظيم سيحقق مفاجآت في عفرين، ومن خلال ذلك تُظهر القوات الخاصة الأمريكية كيف دعمت ودربت وكيلها ليحقق نجاحًا فشلت هي بتحيقه في أفغانستان.

فرضية أخرى تهاوت في عفرين، وهي أن عملية غصن الزيتون ستدفع المتعاطفن مع التنظيم في تركيا للنزول إلى الشارع والإخلال بالنظام العام. وستقع الدولة في مأزق حرج جراء اضطرارها لتفريق هؤلاء بالقوة. لكن شيئًا من هذا لم يحدث، ومرت العملية بهدوء، فلم يتأثر الاقتصاد بكلفة العملية ولم تقع احتجاجات.

من الواضح أن لعملية "غصن الزيتون" تداعيات عسكرية وسياسية ودبلوماسية. أظهرت العملية في الوقت ذاته الأحكام المسبقة الإيديولوجية والشخصية لدى المحللين الذين يكتبون عن الشؤون التركية.

اقرأ المزيد
٦ أبريل ٢٠١٨
تهجير السوريين فسلب أملاكهم والقادم شعب سوري جديد

تساءل ملايين المهجّرين واللاجئين السوريين عن مصير ممتلكاتهم عقب إصدار "بشار الأسد"، قانون "10"، الثلاثاء الماضي، والذي يقضي في مادته الثانية بتقديم أصحاب الأملاك أو وكلاءهم لتقديم الوثائق والمستندات المؤيدة لحقوقهم خلال ثلاثين يوماً فقط، للدوائر المسؤولة لإثبات ملكيتهم.

وفي الواقع من المستحيل أن يتمكن أكثر من 10 مليون سوري مهجر ولاجئ مطلوبين للنظام السوري، ناهيك عن مئات آلاف المعتقلين في سجونه، ومئات آلاف الذين قتلوا تحت قصفه، من أن يثبتوا ملكيتهم لأي عقار أو أرض في سوريا.

وماذا عن الوكلاء؟ فالنظام السوري يدرك تماماً أنه لن يتمكن أحد موجود في قائمة المطلوبين، ان يوكل محامي، فأي محامي سيرضى أن يتوكل ولو أخذ نصف الأملاك لشخص مطلوب بتهمة "الثورة"، وأي ابن سيرضى أن يقدم أباه أو أخاه أوراق ثبوتية لممتلكاته، فالنتيجة معروفة، الوكيل (الأب أو الأخ) في السجن بتهمة التواصل مع شخص إرهابي والممتلكات أولا وأخيراً ستعود إلى جيب النظام.

استغلال النظام السوري للحرب لا يحتاج لتمعن، وأسهل طريق لديه في هذه الأوضاع هو  فرض قانون الطوارئ، الذي يشرعن له سن قوانين جديدة باسم حفظ لأمن وإعادة التنظيم في البلاد، سن قانون "10" الجديد ليس بالمفاجأة، فقد سبقه عمليات تهجير ممنهجة في الكثير من المحافظات السورية تمهيداً للتغير الديمغرافي في سوريا، والتي كان آخرها تهجير أهالي الغوطة الشرقية، وما النتيجة إلا بدء مرحلة سن التشريعات والمراسيم، واللعبة اليوم واضحة وهي نقل ملكية الأراضي والعقارات بعد التهجير بذريعة القانون.

وظيفة أعضاء مجلس الشعب التابع للنظام السوري، ديناميكياً هو التصفيق والتمجيد، ومن الطبيعي أن يقوم بإقرار قانون " 10" المتعلق بالتنظيم العمراني، والذي يقضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، وذلك بناءً على اقتراح وزير الإدارة المحلية والبيئة.

ووسط تكهنات حول مصير أملاك المهجرين، فإن السيناريو الأكثر طرحاً سيكون بنزع ملكيات الأراضي والعقارات من السوريين الذين عارضوا نظام الأسد، ومنحها للفئة العلوية التي تعود أصول معظمهم للمنطقة الساحلية، بعد توزيع الحصة الأكبر للوافدين الجدد من إيرانيين وحزب الله وشيعة العراق، ، وغداً سنسمع عن مرسوم جديد يقضي بتجنيس أصحاب الأملاك التي ستؤول اليهم تلك العقارات والأراضي، والنتيجة شعب سوري جديد من طائفة "شيعية".

اقرأ المزيد
٦ أبريل ٢٠١٨
تصريحات "بن سلمان" خيانة لشهداء الثورة السورية وانحراف في المسار السعودي

تتغير المواقف السعودية الرسمية حيال قضايا الشرق الأوسط عامة والقضية السورية بشكل خاص سريعاً خلال الفترة الأخيرة بعد تولي "محمد بن سلمان" ولياً للعهد، شكل ذلك معطفاً تاريخياً في المواقف السعودية المناصرة لقضية الشعب السوري التي طالما نادت وصرحت بها.

ولعل التصريحات السعودية على لسان "الجبير" كانت الأكثر انتشاراً وصدى في الأوساط السياسية في الأعوام الأولى للثورة، كما أن دخول المملكة السعودية على خط دعم الحراك الشعبي وتأييد تطلعات الشعب السوري في الحرية كان بارزاً وواضحاً ولطالما قادت السعودية حركاً سياسياً كبيراً لاجل ذلك.

كما ساهمت المملكة بشكل كبير في الأعوام ماقبل الأخيرة من عمر الثورة السورية في تقديم الدعم العسكري والإنساني الكبير للفصائل والشعب السوري على حد سواء، حتى أن العديد من الفصائل والمكونات باتت تتلقى تعليماتها وأوامرها منها بشكل مباشر.

كما كان لمؤتمرات الرياض والحراك السياسي السعودي دور كبير في توحيد جهود المعارضة وتنظيمها وتوجيهها في المفاوضات سواء كانت هيئة المفاوضات العليا أو هيئة التفاوض الأخيرة، والتي رعتها المملكة وساهمت بدور سياسي فاعل في الأوساط السياسية العربية والعالمية دعماً للقضية السورية بحسب تصريحاتها العلنية آنذاك.

جاءت تصريحات ولي العهد السعودي بن سلمان الأخيرة بمثابة اسفين دق في نعش الثورة السورية، حيث لاقت تصريحاته سواء كان بشأن القضية السورية وتمجيده ببقاء الأسد مخالفاً كل التصريحات السعودية عن أن الأسد راحل، لاقت صدى كبير محلياً ودولياً، واعتبرت بمثابة خيانة علنية لدماء الشهداء في الحراك الثوري السوري وفي تطلعات الشعوب العربية للحرية والخلاص من الاستبداد.

مراقبون ومحللون وسياسيون ونشطاء من الحراك الثوري السوري وجدوا في تصريحات بن سلمان انقلاب على المطالب الشعبية الحقة في الحرية، وغدر بدماء الشعب السوري، وقبول بالمجرم على رأس السلطة، وضياع لكل ماقدمته المملكة من دعم للشعب السوري، وتشتيت لقوة الفصائل العسكرية وتمكين لقوة النظام وحلفائه سواء كانت روسيا أو إيران.

تناقض التصريحات بين الماضي والحاضر يرسم توجه جديد في غير الخط الأول للسياسية السعودية تجاه القضايا العربية عامة والسورية خاصة، من خلال التطبيع مع الغرب وخذلان قضايا الشعوب المسلمة والعربية خاصة.

كما أثارت تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حول أحقيّة "إسرائيل" بدولة قومية لها في فلسطين عاصفة انتقادات واسعة على المستويين الرسمي والشعبي، واعتبرها برلمانيون عرب استكمالاً للمبادرة التي أطلقها ملك السعودية الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، ووصفوها بالخطيرة، وطالبوا بالتصدّي لها.

اقرأ المزيد
٥ أبريل ٢٠١٨
تركيا وتصريحات واشنطن وباريس بخصوص سوريا

بعد أسابيع معدودة من إعلان وزير الخارجية الأمريكي المُقال ريكس تيلرسون عن إستراتيجية بلاده للبقاء طويلاً في سوريا، خرج الرئيس الأمريكي قبل أيام بتصريح خارج ذلك السياق معلناً عن سحب قوات بلاده من سوريا "قريباً جداً".

تزامنت تصريحات ترامب مع استقبال الرئيس الفرنسي وفداً من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في قصر الإليزيه، وهو اللقاء الذي صرحت بعض القيادات الكردية بعده بأن فرنسا تنوي إرسال قوات إلى منبج، وهو ما يُفهم منه دعم "قسد" في مواجهة تركيا. فكيف تلقت الأخيرة كلا التصريحَيْن؟ وقبل ذلك، إلى أي مدى يبدو التصريحان جادَّيْن وممكنَيْن؟

قد يتبادر للذهن أن الحديث عن بقاء القوات الأمريكية على المدى البعيد في سوريا جزء من "تركة" تيلرسون التي يسعى ترامب لتغييرها مع بومبيو، لكن ذلك لا يبدو تقييماً سليماً. لا يملك الوجود العسكري الأمريكي في سوريا مقومات الاستقرار على المدى البعيد، بسبب عدم ترحيب النظام بذلك، والوجود الروسي العسكري، ومواقف الفواعل والقوى الأخرى، ولأن سوريا تقليدياً خارج الحسابات الأمريكية ومحسوبة دائماً على روسيا، وهي الاختلافات الرئيسة مع الحال في العراق مثلاً.

لكن كل ذلك لا يعني أن واشنطن في طور سحب قواتها من سوريا "قريباً" كما قال ترامب، ليس قبل انتهاء عملية التفاوض مع الروس وانتقال القضية السورية إلى مرحلة جديدة على الأقل، من باب عدم تفويت الفرص وترك "الكعكة" السورية تماماً للكرملين. ولذا، ستكون رؤية البنتاغون مؤثرة ومحددة في هذا الإطار، ولعله ليس من الصعوبة بمكان توقع تقييمه للأمر، ومن دلالات ذلك إرسال تعزيزات أمريكية إلى منبج (وليس العكس) ونفي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية علمه بأي توجه باتجاه سحب القوات.

ما هو سبب تصريح ترامب إذن؟ قد يكون الأمر "ارتجالاً" عودنا عليه الرجل في البيت الأبيض وترداداً لوعوده الانتخابية النابعة من رؤيته لمختلف القضايا والأزمات من نظارة رجل الأعمال وليس السياسي، وقد يكون الأمر رسالة لبعض الأطراف بتحمل العبء المادي للقوات الأمريكية في سوريا، وهو ما أرجّحه إذ صدرت بعض الإشارات على تلقف تلك الرسالة والتفاعل معها.

وأما فكرة حلول قوات فرنسية بدل الأمريكية في منبج "لحماية" الفصائل الكردية مقابل تركيا فلا تبدو منطقية، إذ تركيا اليوم في أقوى حالاتها في سوريا والفصائل الكردية في أضعف حالاتها ومنبج "ساقطة" بالمعنى العسكري في حال قررت تركيا دخولها، فضلاً عن رغبة أي من الطرفين -تركيا وفرنسا- العضوين في الناتو في أي مواجهة عسكرية مباشرة بينهما ولو كانت محدودة. ولعله من المهم هنا الإشارة إلى أن بيان الإليزيه تحدث عن دعم فرنسا لـ"قسد" من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة الأمنية في "شمال شرق سوريا"، وهي المنطقة التي لا تشمل منبج.

يمكن فهم الأمر في سياق بحث ماكرون عن دور ما في سوريا ومحاولة لإثبات فرنسا نفسها في بعض ملفات المنطقة، كما حصل في أزمة احتجاز رئيس الوزراء اللبناني مؤخراً، كما أنها ترى لنفسها دوراً خاصاً أو نوعاً من الوصاية على سوريا تأتي من سنوات الانتداب.

رفضت أنقرة فكرة "توسط" باريس بينها وبين "الإرهابيين" وأعلنت عن ذلك بلهجة حادة تجاه فرنسا ورئيسها، ولا يبدو أنها تأخذ أنباء إرسال قوات فرنسية إلى منبج على محمل الجد، كما لا يبدو أنها قد غيرت شيئاً من رؤيتها وخطتها بشأن منبج.

ما تنتظره تركيا هو تقلد بومبيو منصب وزير الخارجية رسمياً بعد إقرار الكونغرس لذلك، لبحث مصير منبج والملف السوري عموماً بشكل مباشر معه، وتفعيل آلية الحوار المشترك التي أقرها تيلرسون مع تشاووش أوغلو وبدأت اجتماعاتها في واشنطن، والاطمئنان على التزام بومبيو بتفاهمات سلفه.

أرسلت أنقرة مستشار وزارة خارجيتها إلى واشنطن قبل أيام وسمع كلاماً طيباً حول استمرار التفاهمات التركية - الأمريكية وفق المصادر التركية، بانتظار أي تأكيد أمريكي لهذا المعنى. لكن في نهاية المطاف تؤكد تركيا أنها تحكم على الأفعال لا الأقوال، لا سيما وأن الولايات المتحدة سبق ونكثت عدة عهود قطعتها لها. فقوات سوريا الديمقراطية ما زالت في منبج، وتسلمت أسلحة ثقيلة ونوعية لم تسحب منها، وتعاون واشنطن معها انتقل من التكتيكي المؤقت إلى الاستراتيجي.

وعليه، تنتظر تركيا بفارغ الصبر انتهاء الفترة الانتقالية في وزارة الخارجية الأمريكية التي أتت في وقت حساس بالنسبة لها، وتريد أن تسمع من بومبيو كلاماً واضحاً بخصوص منبج أولاً والتعاون مع الفصائل الكردية المسلحة ثانياً وملفات أخرى خلافية ثالثاً.

لكن الانتظار التركي يبدو مترقباً ومتأهباً، ويؤكد الساسة الأتراك وفي مقدمتهم الرئيس أردوغان أن بلادهم مصممة على إخراج "قسد" من منبج والاستمرار في مواجهة مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، ما يضع الكرة في ملعب واشنطن، التي باتت تدرك أكثر من أي وقت مضى جدية تركيا في هذا الملف وخطورة خسارتها وإلقائها في الحضن الروسي.

اقرأ المزيد
٥ أبريل ٢٠١٨
ترامب وإيران.. هل ثمّة مواجهة؟

في ضوء التناقض المقيم في سلوكه وتصريحاته، لا يفتأ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يجعل مهمتنا في فهم السياسة الأميركية، وتوقع اتجاهاتها، في عهده مسألة عسيرة. وسواء عبر هذا الأمر عن درجة التيه التي يعانيها الرئيس في التعامل مع قضايا معقدة، أو كان هذا سلوكا واعيا ومقصودا، كما يحلو لترامب أن يروج، باعتبار أن قدرته على إرباك الآخرين، وجعل سلوكه غير قابل للتنبؤ، يمثلان نقطة قوته الأساسية في السياسة الخارجية، فقد بات لزامًا علينا أن نكون أكثر حذرا عندما نحاول قراءة سياساته، على الرغم من إغراء الانجراف وراء توقعات كبرى بشأنها.

لنقف مثلا على مجريات الأسبوع الماضي، حيث تسببت تصريحات ترامب، وسياساته المتناقضة، فيما خص العلاقة مع روسيا وإيران، بإرباك كبير. ففي موضوع روسيا، تجاوز ترامب اعتراضات مستشاريه، وقام بتهنئة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على إعادة انتخابه، على الرغم من أزمة محاولة اغتيال العميل الروسي في بريطانيا، سيرجي سكريبال، لكنه لم يلبث أن طرد 60 دبلوماسيا روسيا، ردا على محاولة الاغتيال بعد ذلك بيومين، في أكبر عملية طرد لدبلوماسيين في تاريخ العلاقة بين البلدين. وفي موضوع إيران، دفعت التعيينات الجديدة في إدارة ترامب كثيرين إلى توقع اندلاع مواجهة مع طهران، فجون بولتون الذي يعد من صقور المحافظين الجدد، ودعا مرارا إلى قصف إيران، غدا مستشارا لشؤون الأمن القومي، بدل الجنرال مكماستر، كما حل مايكل بومبيو، وهو متشدد آخر، مكان ريكس تيلرسون في وزارة الخارجية، ليكتمل نظريا "مثلث الموت" بالنسبة إلى إيران، باعتبار أن وزير الدفاع جيم ماتيس يعد أيضًا صُقوريًا بشأن إيران، وهو كان خرج من إدارة أوباما عام 2015 لأنه عارض الاتفاق النووي.

الخطوة المتوقعة التالية، منطقيًا، أن ينسحب ترامب، بمجرد انقضاء مهلة ال 120 يومًا التي أعطاها لحلفائه لتقديم عرض جديد للحد من برامج إيران الصاروخية، وجعل التزامها بالاتفاق النووي لا نهائي، من الاتفاق، في حال لم يحصل على ما يريد، ثم ماذا؟ تذهب أغلب التوقعات باتجاه تصعيد كبير، وحتى مواجهة عسكرية مع إيران، باعتبار أن إدارة ترامب غدت فعليا إدارة حرب، كما أن حلفاء واشنطن في المنطقة يدفعون بهذا الاتجاه.

مع ترامب، كل شيء ممكن. لكن إذا نظرنا إلى المؤشرات بعيدًا عن ضجيج التصريحات، تبدو احتمالات المواجهة العسكرية المباشرة بين واشنطن وطهران ضعيفة، لا بل ازدادت ضعفًا في الآونة الأخيرة. وإذا كان ترامب جادّا بشأن نيته سحب القوات الأميركية من مناطق شمال سورية وشرقها، باعتبار أن "المهمة تمت" بالقضاء على "دولة" تنظيم الدولة الإسلامية، فهذا يعني أن البيت الأبيض غير معني لا بمواجهة إيران ولا حتى باحتوائها، وهذا يعني أيضاً أن "استراتيجية تيلرسون السورية" سقطت بسقوطه، وكانت تهدف إلى الاحتفاظ بوجود عسكري أميركي في مناطق شرق الفرات، حتى لا يتكرّر خطأ العراق، على ما قال تيلرسون، عندما قامت واشنطن بتحطيم عدو لإيران، ثم انسحبت تاركةً البلد لها.

من جهة أخرى، نعرف أن للحرب استعداداتها ومؤشراتها، من حشد وتعبئة وطلب ميزانيات إضافية... إلخ، وهذا كله غير قائم، حتى الآن على الأقل. إذ لم نلحظ تغييراً في مستوى الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، ولا زيادة في عدد القطع البحرية الأميركية، لا في الخليج ولا شرق المتوسط، حتى الزيادة التي طلبها ترامب في الموازنة العسكرية 2018-2019 جاءت تحت عنوان مواجهة التحدي الاستراتيجي، المتمثل بالصين وروسيا، كما بدا لافتا قوله عندما أبدى رغبته الانسحاب من سورية، إن الولايات المتحدة، أنفقت سبعة تريليونات دولار على حروبها في الشرق الأوسط، وكان الأجدر إنفاقها على البنية التحتية في أميركا. وعلى الرغم من مبالغته في الأرقام، على عادته، إلا أن ترامب بدا فاقد الشهية لدخول حرب جديدة تكلفه، باعتباره تاجرا، تريليونات أخرى من دون مردود مادي واضح. هذا يعني أن ترامب إنما يبيع حلفاءه الخليجيين الوهم، ويمارس معهم خداعا استراتيجيا عندما يجعلهم يبنون حساباتهم على فكرة أن واشنطن ستقاتل لهم إيران، في حين أنها تخطط للعكس تمامًا، أي ضرب الجميع بالجميع والخروج بمكتسبات من جرّاء ذلك، كما فعل بأزمة الخليج.

اقرأ المزيد
٥ أبريل ٢٠١٨
سورية على طريق الجلجلة

ما من شك في أن المعارضة السورية المسلحة، أو ما تبقى منها، قد تعرّضت لضربةٍ قوية في غوطة دمشق الشرقية، وأن الروس، ومن ورائهم الإيرانيون، ونكتة دولة الأسد، قد حققوا سبقا مهما في الصراع على تقرير مصير النظام السياسي القادم، وربما مصير سورية ذاتها إذا صحّ ما أعلن عنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من نيته الانسحاب بأسرع ما يمكن من المواجهة الميدانية. ومع ذلك، لا أعتقد أنها تغير كثيرا في معادلة القوة التي رست عليها الأوضاع، منذ تدخل روسيا بسلاحها الجوي ومرتزقتها مباشرة في الحرب، فقد ظهر واضحا منذ ذلك الوقت أن استراتيجية الدفاع الثابت عن المناطق التي كانت في حالة حصار منذ سنتين أو أكثر لم تعد تستطيع أن تقدم مكاسب حقيقية للمعارضة، إن لم تتحول إلى عبء عليها، بسبب ما تكبّده للمدنيين من مشاق ومصائب، وما تعرّضهم له من عذابات. فهي لن تستطيع أن تغير من مجرى الأحداث، وتعيد قلب اتجاه الحرب الذي اتخذ منذ عام 2013 منحى مناقضا لما كانت تأمله المعارضة، في وقتٍ لم تقم فيه هذه المعارضة نفسها بأي جهدٍ لإخراج نفسها من الحصار، ولم تنجح في إحداث أي خرق مهم، يسمح لها بالأمل في الخروج من حالة الحصار، ولا أي تغيير في استراتيجياتها وأساليب عملها وتنظيمها.

كان الأمل الوحيد أن يساعد الصمود في الغوطة، كما الحال في غيرها من المواقع، وما يعنيه من تضحياتٍ بالنسبة للمقاتلين والمدنيين معا، هو أن تدفع نحو مخرجٍ من الحرب عن طريق التسوية السياسية التي تحفظ حياة المقاتلين، وتضمن مستقبل الأهالي المدنيين، لا عن طريق الحسم العسكري. بيد أن تحقيق هذا الهدف المتواضع نفسه كان منوطا باستعادة فصائل المعارضة خطاب الثورة ومشروعها الوطني، أو على الأقل النجاح في تشكيل مجلس قيادة موحدٍّ للقوى المقاتلة، ينسق خططها ويوحد أهدافها. للأسف، ما حصل كان عكس ذلك، فقد تشبثت الفصائل، إلا ما ندر، بتوجهاتها الأيديولوجية التي أفقدتها آخر ورقة سياسية يمكن أن تحث المجتمع الدولي على السعي إلى الحفاظ عليه، واستخدامها ورقةً للضغط من أجل تسوية سياسية.

لا يمكن أن نتذرع هنا بتخاذل المجتمع الدولي، ليس لأن هذا التخاذل لم يحصل، وإنما لأنه كان واضحا كالشمس، منذ قطعت الدول مساعداتها عن معظم الفصائل، حتى من قبل أن يحصل التدخل الروسي المباشر نفسه. كان العمل على تحييد الفصائل الإسلامية، وحرمانها من أي أمل في التقدم، بكل أطيافها، هدفا دوليا مشتركا، أوكلت إلى موسكو مهمة إنجازه بكل الطرق والوسائل، بالتعاون مع المليشيات الممولة من طهران. وعندما أعلنت "داعش" عن قيام دولتها المسخ في مدينة الرّقة، صارت الحرب على الإرهاب محور تحالف دولي شامل، شاركت فيه عشرات الدول، وشكلت في إطاره قوى جديدة بدعم أميركي مباشر، كقوات سورية الديمقراطية، ظهر في البداية على أنه ضد التنظيمات الإرهابية حصرا، "داعش" وجبهة النصرة، وتبين في ما بعد أنه يهدف إلى قطع الطريق على أي احتمال، مهما كان ضئيلا، لتحقيق قوى إسلامية مكاسب جديدة في الصراع.

لكن بعكس المظاهر السطحية، لن يغير انسحاب الفصائل الإسلامية من الغوطة الشرقية في المعادلة السياسية للصراع. وبدل أن يقضي على القضية السورية، أو يهيل التراب عليها، ربما ساعد على تحريرها من الأنقاض التي تراكمت عليها بسبب المواجهة المسلحة واستمرار الحرب. وفي المقابل، أعتقد أن موسكو أضاعت فرصة ثمينة لتحويل الحل في الغوطة الشرقية إلى مدخل أو خطوة أولى على طريق الحل السياسي الشامل، عندما اختارت لمعالجتها الاستمرار في منطق الحسم العسكري، بدل أن تستغلها مقدمة ونموذجا مصغرا لتسويةٍ تعيد شيئا من الثقة للسوريين، وتمهد الجو لإطلاق جولةٍ جديةٍ من مفاوضات التسوية الشاملة. ومؤكدٌ أن تثبيت نظام الأسد الذي جعل منه الروس هدفهم في العلاقة مع المعارضة بكل أطيافها، في الغوطة وغيرها، وهو باختصار نظام الإقصاء الشامل واحتكار السلطة وتحويل الدولة إلى جهاز قمع للمجتمع، ومزرعة خاصة بأصحاب القرار، لا يمكن أن يشكل حافزا للتهدئة، ولا أن يساعد في نزع فتيل النزاع. إنه يعمل بالعكس على تأجيج مشاعر القهر وتعميق الشرخ السياسي والعقائدي، ومشاعر الظلم والمهانة والتهميش التي كانت وراء اندلاع الانتفاضة الشعبية، والتي دفعت قطاعات واسعة من الجمهور السوري أيضا إلى الاستسلام لأوهام الأيدولوجيات الجهادية على مختلف تنويعاتها.

يمكن لطغمة الحكم الضيقة التي فقدت صوابها مرتين، مرة في تحديها إرادة شعبها وتصميمها على إبادة من لا يقبل بها بكل أشكال العنف والدمار، ومرة لاعتقادها اليوم بالنصر، وأن العنف وحده من يحسم الصراع لصالحها، أن تفكّر بتقليد المشروع الإسرائيلي، تجاه سكان البلاد الأصليين، والرهان على نتائج التهجير القسري الواسع النطاق، وتغيير الوقائع الديمغرافية هنا وهناك، مع الاحتفاظ بسياسة القبضة الحديدية التي تبيد أي شكلٍ من الاحتجاج والاعتراض، نظريا كان أو عمليا. لكن ليس من مصلحة موسكو أن تأخذ لحسابها هذه السياسات التي تهدّدها بأن تعيد في سورية التجربة المرّة التي عاشتها في أفغانستان. وفي المقابل، ليس مؤكدا أن تتمكّن موسكو من التفاهم في هذا الموضوع مع طهران، وتصل معها إلى تسويةٍ تسمح بإعادة بناء النظام على أسس أخرى، غير قهر الأغلبية واحتكار السلطة وحكم القوة وغياب القانون، والذي لا يعني التشبث ببشار الأسد رئيسا مجدّدا للبلاد، بعد سبع سنواتٍ من الحرب الدامية، سوى البرهان القاطع تبني هذه الأسس وتعزيزها.

ما من شك في أن المعارضة السورية في شكلها الراهن وتشظيها الفكري والسياسي والعسكري قد انتهت، ولم تعد قادرة على خدمة الثورة وأهدافها، ولن تستطيع استقطاب دعم كثير من الجمهور والبقاء. لكن نهايتها، بالطريقة التي حصلت بها، لا تعني نهاية الثورة أو التمرّد أو الاحتجاج، ولن تقضي على شرعية المطالب والتطلعات والحوافز التي دفعت إلى إطلاقها. بالعكس، ستدفع مذلة الخسارة وسياسات الاستئصال والقهر المضاعفة التي ستعبقها على يد طغمة "حاكمة" انتقامية وحاقدة أثبتت، كما لم يحصل لأي شعب، استعدادها للتضحية بشعبها وبلدها وتسليمه لقوى الاحتلال الأجنبي، حتى تحتفظ بكامل احتكارها السلطة وموارد البلاد، ملكا خاصا بها، إلى تفاقم مشاعر الظلم والقهر والاحتقار وتفجير إرادة مقاومة مستمرة، لن تهدأ قبل إسقاط النظام الذي أصبح ملتقى اضطهادين، داخلي وخارجي، اجتماعي ووطني، وغنغرينا في جسم الدولة والمجتمع والبلاد.

ومهما كان الشكل الذي سوف تتخذه المقاومة لنظام الاضطهاد والقهر المزدوج هذا، لا بد أن تستفيد من تجربة السنوات السبع القاسية، ولن تسمح لنفسها بارتكاب أخطائها. باختصار، القضاء على المعارضة لا يعني نهاية الثورة أو الاحتجاج ورفض نظام لم يفقد شرعيته فحسب، ولكنه كشف عن هويته بوصفه نظام احتلال، لا يهمه مصير شعبه، ولا مستقبل مواطنيه، ولا تعنيه في شيء مصالحهم وأمنهم وحياتهم. وما لم يتحقق الانتقال إلى نظامٍ يمثل الناس، ويستوعب الجميع، من دون تمييز، لن يقوم للدولة والسياسة قائمة ولا قوام، سواء بقي الروس وحلفاؤهم أم رحلوا، وسواء بقيت سورية مقسمةً كما هي عليه اليوم إلى مناطق نفوذ دولية، أو توحدت تحت سلطة جائرة جديدة. وسوف تتحول الحرب الطويلة الدامية إلى جولةٍ من حرب طويلة مقبلة.

لن يستفيد من إنكار حقيقة الثورة وشرعية مطالبها أحد. ولن يربح أحد إذا خسر الشعب السوري، ولن يستطيع أحد أن يحكم سورية، أكان طغمة محلية أو وصاية أجنبية، ما لم يعترف بحقوق شعبها ويضع حدا للمظالم التي طاولته خلال العقود الماضية، وبعد سنوات الحرب العدوانية الطويلة والدامية. من دون ذلك، لن تكون سورية وطنا بأي حال، وإنما ساحة مواجهة شاملة ودائمة.

ولن تهزم الثورة بالقضاء على المعارضة، ولا على قواها المسلحة، مع العلم أن الوضع بعيد جدا عن أن يكون كذلك. لكن المهم أن لا نيأس، ولا ننهزم من الداخل، ولا نعتقد أن النظام وحلفاءه قد ربحوا أي حرب. إنهم يغرقون، وسوف يغرقون أكثر في الوحل الذي صنعوه بدماء السوريين. ينبغي أن يكون لدينا إيمان لا يتزعزع بأن ما قمنا به كان حقا، وأن التضحيات الغزيرة التي قدمناها كانت دفاعا عن حق، وأن الغايات التي ثرنا من أجلها كانت الأشرف والأنبل، وأن غايات خصومنا وأساليبهم كانت مثالا للخسّة والدناءة والشر. فالقتل بالجملة وتدمير البلاد للاحتفاظ بالسلطة الشخصية لا يمكن أن يمثلا هدفا مقبولا، كما لا يمكن للاحتلال الروسي والإيراني، والتغيير السكاني، أن يتحول إلى غاية أو قضية مشروعة بأي صورة كانت.

ينبغي أن ندرك أن الثورة غير الانتفاضة وغير الحرب. إنها مطالب إنسانية وأخلاقية جوهرية، أي قضية، والقضية غير التعبيرات المادية المختلفة عنها. وهي مستمرة بصرف النظر عن أشكالها ما بقيت غاياتها وحوافزها محرّكة للنفوس والعقول، وستبقى راهنةً، طالما لم تتحقق التطلعات الإنسانية وراءها. ومثال فلسطين لا يزال قائما أمامنا، بعد أن تحولت إلى قضيةٍ لا تموت، ولا تنسى بل تصبح هي ذاتها مؤسسا لسياسة وهوية. وحتى الفشل لا يضعف الإيمان بها، لكنه يشكل دافعا للمراجعة وإعادة الكرة في انتفاضات متعاقبة، وأشكال مقاومة متجدّدة. ما يعني أن الصراع لم ينته، وسوف يستمر، لا لأننا نرفض التسليم بحقوقنا، وفي مقدمها حق كل فرد في الكرامة باعتباره إنسانا ومواطنا حرّا فحسب، ولكن، أكثر من ذلك، لأن النظام الذي دخل في نفق مظلم وأدخل البلاد والمجتمع معه فيه لن يستطيع أن يخرج منه، عن طريق الإصرار على الإنكار ورفض الاعتراف بالآخر، أو بالإفراط في العنف واستخدام مزيد منه.

لا يُخرج المجتمعات من الحرب العلنية والكامنة سوى التفاهم بين أبنائها. ولا طريق للوصول إلى التفاهم غير الإقرار بمصالحهم المشروعة، والقبول بالحوار طريقا للوصول إلى توافق سياسي. من دون ذلك، لن يحظى أي سوري بحق المواطنة، ولا بأي وحياة آمنة وسلام حقيقي، لا في سورية الكاملة، ولا في أجزائها المفيدة والزائدة. وفي موضوع هذا التفاهم والحوار والتوافق، لا نزال، بعد الفشل المزدوج للنظام والمعارضة، في بداية الطريق، إن لم نكن على طريق الجلجلة.

اقرأ المزيد
٥ أبريل ٢٠١٨
أيهما أولى ... فتح المعارك أم فتح المعابر ..!؟

يبدو أن الفصائل في الشمال السوري قد أمنت على نفسها من العدول الأساسي ممثلاً بالنظام وحلفائه إلى مرحلة معينة لاسيما بعد تسليم شرقي سكة الحديد وترسيم حدود المنطقة، لتنقل جل قوتها العسكرية وعتادها وتبدأ بمرحلة الصراع على تقاسم النفوذ ومن يقصي من ومن يفرض نفسها مهيمناً عسكرياً ومدنياً واقتصادياً.

لعل هذا التنبؤ او التوقع بات ملاحظاً بشكل كبير بعد الصراع الأخير بين هيئة تحرير الشام التي انسحبت من مناطق وأراضي تقدر بربع مناطق إدلب ممثلة بمناطق شرقي سكة الحديد وبدأت تعزز قواتها على الحدود وضمن المناطق الاستراتيجية مع مناطق النظام، فاصطدمت بجبهة تحرير سوريا في مسألة فتح معبر في الراشدين، و هاهي هي اليوم تصطدم مع أهالي منطقة العيس جنوب حلب لذات الأمر، في وقت سلمت الجبهات لفيلق الشام وبدأت تتصارع للهيمنة داخلياً وكأنها أمنت هدوء جبهات النظام وضمنت عدم التقدم.

المتابع للتطورات الميدانية على المستوى العسكري في الشمال واستمرار الهيئة في قتالها جبهة تحرير سوريا، يؤكد التسريبات التي نفت كل ادعاءات الهيئة عن سبب هجومها على الزنكي فيما يتعلق بجيش الثوار ومقتل المصري واعتقال المهاجرات، وأكدت بالدليل القاطع أن القضية أبعد من ذلك تهدف للسيطرة على منطقة الراشدين وإبعاد الزنكي عن معبر الغزاوية المحاذي لمناطق عفرين، وبذلك تضمن لنفسها الهيمنة على جميع المعابر داخلياً وخارجياً.

وما يؤكد المعطيات أكثر بعد خسارة تحرير الشام معبر مورك الذي لم يكن ضمن حساباتها هو السعي الحثيث لافتتاح معبر بديل مع مناطق سيطرة النظام، فكانت البداية في منطقة تل الطوكان، ثم تغيرت لجنوب حلب وباتت تحضر المنطقة لافتتاح معبر بين العيس والحاضر، ورغم اعتراض أهالي المنطقة إلا أن الهيئة تصر على افتتاح المعبر.

السعي الحثيث لهيئة تحرير الشام للهيمنة على جميع المعابر في الشمال السوري ليس بجديد بل يعود لأكثر من أربع أعوام مع كثرة التجييش ضد كتائب شهداء سوريا التي كانت تسيطر على مدينة حارم والذي كان طريقاً لتهريب المازوت لتركيا، ومارافقتها من اتهامات وتخوين وحملات انتهت بإنهاء قوة جبهة ثوار سوريا والهيئة على هذه المعابر التي كانت حراماً على غيرهم حلالاً لهم.

تلا ذلك تقويض قوة أحرار الشام والسيطرة على معابر أبو دالي وخربة الجوز وسلقين وعدة نقاط فاصلة بين الحدود السورية والتركية والتي تنشط فيها عمليات التهريب وتقاضي الأتاوات على المغامرين لدخول الأراضي التركية بالتنسيق مع المهربين، ولعل اللقمة الأكبر كانت في معبر باب الهوى الذي بات في قبضة هيئة تحرير الشام بواجهة مدنية، تعود جميع عائدات المعبر لها.

وكان الأولى بحسب ماتحدث أحد وجهاء منطقة الحاضر جنوب حلب بهيئة تحرير الشام أن تفتح معارك ضد النظام وتحرر لهم بلداتهم ومناطقهم بدلاً من فتح معابر للهيمنة وفرض الأتاوات والكسب على حساب تهجيرهم ومعاناتهم، فهل يعتبرون ....!؟

اقرأ المزيد
٤ أبريل ٢٠١٨
هل تنسحب الولايات المتحدة حقًّا من سوريا؟

جميعنا نذكر تصريحًا أدلى به ديفيد بترايوس المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قبل أسابيع حول حرب أمريكية تركية محتملة.

بترايوس أكد أن على أمريكا أن تفكر مرتين بهذا الخصوص، وقال: "لأن الأتراك لا يفكرون بشيء آخر إذا تعلق الأمر بوطنهم ودينهم. نتحدث هنا عن أمة مقاتلة بأسرها".

لنفكر قليلًا بتصريح الرئيس الأمريكي بخصوص انسحاب بلاده من سوريا، مع التطرق إلى تعليقات بعض المسؤولين الأمريكيين الرفيعين.

لماذا شعر ترامب بالحاجة للإدلاء بمثل هذا التصريح؟ ولماذا دخل ماكرون على الخط بهذا الاستعجال؟ هل هناك خطة مشتركة بينهما؟

نعلم ونرى أن فرنسا تسعى منذ زمن طويل من أجل سرقة دور تركيا، وندرك أنها ترغب في الجلوس إلى الطاولة في العالم الإسلامي، لهذا يمكن أن نرى تحمسها الشديد.

لا ترغب الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع تركيا، لأسباب متعددة. موقف تركيا ونجاح جيشها في العمليات بسوريا سبب هام، لكن هناك أمر آخر.

تركيا على الطريق لتصبح لاعبًا رئيسيًّا. ليس في منطقتها فحسب بل على الصعيد العالمي. لنعد الآن إلى تصريح المدير السابق للاستخبارات الأمريكية، "الأتراك أمة مقاتلة بأسرها. إذا تعلق الأمر بوطنهم ودينهم لا يفكرون بشيء آخر"، هذا هو بيت القصيد!

وبما أن الولايات المتحدة تدرك هذا الأمر، فهي تحتاج إلى طاقم جديد يقوم بالمهمات. أي إلى حملة تكتيكية. بعد كل هذه المطالبات بعقوبات صد روسيا وإيران كيف يمكنها الجلوس إلى طاولة المفاوضات في سوريا معهما؟

ولنقل إنها جلست، ألن تستخدم موسكو وطهران حاجة واشنطن هذه كورقة للمساومة؟ تمتلك فرنسا مغامرة تاريخية وسياسية مع روسيا وإيران.المدرسة الفرنسية ما تزال قائمة حتى الآن في إيران.

وفي هذا الحال ستعمل واشنطن على إثارة العداوة بين فرنسا وتركيا، على مبدأ الشرطي الطيب والشرطي السيئ! وبالمناسبة، إذا حدثت مواجهة بين تركيا وفرنسا فلن يكون بمقدور الأخيرة مجابهة جيش نظامي.

لكن الولايات المتحدة تدرك أن دفع تركيا إلى حرب مفتوحة سيجعل أنقرة تتحالف مع أعداء واشنطن كروسيا وغيرها، وسيكون لذلك ثمن باهظ بالنسبة للولايات المتحدة.

ولهذا ستدفع فرنسا إلى التعامل مع روسيا وإيران بلهجة معتدلة، وتستخدم هي لهجة شديدة مع البلدين المذكورين، في حين ستفضل التعامل بلهجة معتدلة مع تركيا.

لأن الهدف هو محور روسيا تركيا إيران، وهنا يبدو تدخل ماكرون وكأنه تمهيد لهذه الخطوة.

تمتلك تركيا القدرة على تسطير تاريخها وتحديد مصيرها. هذا هو الواقع، حتى وإن أصر البعض على إنكاره.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان
● مقالات رأي
٣٠ يوليو ٢٠٢٤
التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري 
المحامي عبد الناصر حوشان
● مقالات رأي
١٩ يونيو ٢٠٢٤
دور تمكين المرأة في مواجهة العنف الجنسي في مناطق النزاع: تحديات وحلول
أ. عبد الله العلو 
● مقالات رأي
١٩ يونيو ٢٠٢٤
صمود المرأة ودورها القيادي في مواجهة التحديات
فرح الابراهيم
● مقالات رأي
١٩ يونيو ٢٠٢٤
العنف الجنسي في حالات النزاع: تحديات وآثار وحلول ودور المرأة في هذه الظروف
أحمد غزال