مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٠ فبراير ٢٠١٥
لماذا فشلت خطة «ديمستورا»؟

لم يكن مطروحاً أمام المعارضة السورية سوى مبادرة المبعوث الدولي ديمستورا التي قدمت رؤية لتجميد القتال في شطر من حلب، ولكي تعطي هذه الرؤية المحدودة بعداً شمولياً قالت «إنها خطوة أولى يمكن أن تعمم على باقي المناطق المشتعلة»، وعلى رغم أن غالبية أصحاب الرأي في المعارضة السياسية لم يتفاءلوا بمبادرة المبعوث الدولي الجديد إلا أنهم لم يرفضوها عامة. بعضهم تمسك بها كما يتمسك الغريق بقشة، وبعضهم رأى ألا تبدو المعارضة سلبية في تلقي المبادرات الأممية، ورأى آخرون أن تمسّك المباردة برؤية جنيف -وهي الورقة الرسمية الوحيدة- يمكن أن يعطي دفعة أمل نحو إنجاز حل سياسي، بينما حذر آخرون من أن تكون المبادرة بديلاً عملياً عن رؤية جنيف المجمدة قبلها. وفي حين ارتارب بعض المعارضين في هدف المبادرة لكون حكومة النظام وافقت عليها نظرياً فقد رأى بعضهم أن موافقة النظام قد تفتح بوابة حوار، فالمهم عند غالبية المعارضة أن يتوقف القتال، وأن تتجنب سوريا مزيداً من الدمار، وأن يحقن بعض الدم السوري. وأعلن آخرون تخوفهم من أن تكون المبادرة مهلة للنظام كي يستكمل تطويقه لحلب بينما يفقد المعارضون العسكريون تماسكهم ويفقدون ما يلقون من إمداد، ويتفرغ النظام لاستعادة بقية المناطق التي لن تشملها خطة التجميد بسهولة.

وتساءل محاورو «ديمستورا» من سيحمي الاتفاقية المقترحة؟ وهل ستكون هناك قوات حماية دولية؟ وانتقد المحاورون اسم «التجميد» في وقت تحتاج فيه المبادرات إلى «تحريك» ينهي القضية بدل أن يجمدها! وجاءت تصريحات المبعوث الدولي الأخيرة التي قال فيها إن الأسد جزء من الحل لتثير انتقادات واسعة في بيانات المعارضة التي رأت المبعوث الدولي متحيزاً، وطالبت بحل سياسي يتناسب مع مكانة مبعوث يمثل الأمم المتحدة.

ويبدو أن المبادرة انتهت تماماً بعد الهجوم الأخير على قرى «ريتان» و«الملاح» و«باشكوي» في ريف حلب -وما يزال القتال مستمراً- وقد بدأته قوات النظام بمشاركة «حزب الله» ومقاتلين إيرانيين ومرتزقة أفغان، وقد قاموا بعمليات ذبح بالسكاكين راح ضحيتها أكثر من عشرين شخصاً من المدنيين بينهم أطفال من أسرة واحدة. وقد قام مقاتلون من المعارضة بصد هذا الهجوم فقتلوا وأسروا عدداً كبيراً ونشروا الكثير من مقاطع الفيديو للجثث المنتشرة. كما قتل عدد كبير من مقاتلي المعارضة المسلحة. ولم يعد ممكناً الاطمئنان إلى قدرة مبادرات جزئية مضطربة على تحقيق حل سياسي، رغم أن جميع تشكيلات المعارضة وفيها ممثلون عن المقاتلين قد أعلنوا قبولهم بالحل السياسي وسعيهم له، ولكن لا توجد إلى الآن أية بوادر توحي بالأمل.

وقد كان فشل مؤتمر موسكو في تحقيق اختراق باتجاه الحل السياسي قد جعل المحبطين يتمسكون بالحل العسكري وقد ازدادوا يقيناً بأن النظام يريد استسلاماً وليس سلاماً. وقد تابعت ما يكتب الشباب السوريون في مواقع التواصل الاجتماعي فوجدت تعريضاً كبيراً واتهامات بالتخاذل لكل من شاركوا في مؤتمرات القاهرة وموسكو، والسبب أن النظام قام بتصعيد عملياته القتالية بعد هذين المؤتمرين بدل أن يلتقط اللحظة المناسبة. وأعتقد أن مؤتمر القاهرة كان فرصة كبيرة للبدء في خطوات عملية نحو الحل، لأن أكثر شرائح المعارضة وقعت على بيانه واتفقت على نقاطه العشر، التي رسمت خريطة طريق واضحة ولم ترفع سقف المطالب على أمل أن تحظى بنجاح وبقيت تدور في أفق بيان جنيف الذي أهمله صانعوه.

ولقد تخيلت لو أن النظام أعلن قبوله بهذه النقاط العشر التي حددها بيان القاهرة لتجاوز مبادرة «ديمستورا» وسواه، وتم إيقاف القتال والبدء الفوري بإطلاق سراح المعتقلين كبادرة إيجابية توحي برغبة جادة من قبل النظام في إيجاد حل ينتظره ملايين السوريين الذين لم يعودوا يطيقون تحمل المزيد من المآسي والفواجع، ولتم التوجه إلى المؤتمر العام الذي دعا إليه مؤتمر القاهرة في أبريل القادم بدوافع الثقة والأمل بدل حالة اليأس والإحباط التي جعلت الباحثين عن حلول سياسية في موقف ضعيف، بينما تعزز رأي من يعتقدون مجبرين أن الحل العسكري بات هو الحل الوحيد لأن النظام هو الذي اختاره من البداية، والمفجع أن ثمن ذلك سيكون مزيداً من الضحايا ومن طوفان الدم السوري.

اقرأ المزيد
٢٠ فبراير ٢٠١٥
"الشامي": الأب و الابن

تلقيت مؤخرًا عددا هائلا من الرسائل التي تلفت انتباهي لظهور نغمة جديدة بخصوص سوريا. وتدور النغمة الجديدة التي تشدو بها جوقة من مختلف الأطياف - صحافيين بريطانيين وأميركيين، ومفكرين إسرائيليين، ومسؤولين سابقين، ومتحدثين رسميين روسا وإيرانيين، ومبعوثين تابعين للأمم المتحدة، وخبراء «تلفزيونيين» من الشرق والغرب، حول سوريا وتحمل شعار «الأسد جزء من الحل»!
وتدور الفكرة برمتها ببساطة حول أن الاختيار المتبقي في سوريا ينحصر بين السيئ (يمثله الأسد) والأسوأ (ويمثله أبو بكر البغدادي).
من جهته، تساءل أحد المعلقين الموالين لإسرائيل: لماذا علينا التخلي عن عائلة الأسد التي ضمنت أمن حدود إسرائيل على مدار أربعة عقود والمخاطرة بالسماح باحتشاد قوات تنظيم «داعش» قرب الجولان؟
كما يجري تصوير الأسد باعتباره أهون الشرين فيما يتعلق بمستقبل العراق. وكما نعلم، فإن «داعش» يسعى رسميًا لتقطيع أوصال العراق على الأقل، لكن هذا لا يعني أنه من الحكمة الإبقاء على الأسد الذي لا يمانع في البقاء في الحكم ولو تطلب الأمر ذبح شعبه. وحتى إذا خلف الأسد في الحكم «الإخوان المسلمون»، وليس «داعش»، ألا ينبغي أن نشعر بالقلق حيال التهديد الذي قد يمثله وجود مثل هذا النظام في دمشق على دول أخرى، خاصة الأردن ومصر؟
بالنسبة لبشار الأسد، الذي أعيد انتخابه رئيسًا لسوريا مؤخرًا بنسبة 99.9 في المائة، فإنه لا يهدر وقتًا في تطبيق سياسة والده القديمة القائمة على العمل كرهن أمام قوى عظمى متورطة في لعبة شطرنج قاتلة تدور حول الشرق الأوسط اليوم.
وكان هذا هو الدور الذي اضطلع به حافظ الأسد عندما التقيته للمرة الأولى عام 1973.
في ذلك الوقت، اعتبرته طهران عدوًا استراتيجيًا. ومع ذلك، استغل المقابلة التي أجريتها معه لإبداء استعداده لتبديل ولائه والعمل كثقل موازن في مواجهة العراق في ظل قيادة صدام حسين الذي كان حينها عدوًا لإيران. وبمجرد أن بدأت قنوات دبلوماسية في العمل بأقصى سرعة، نجح الأسد في الترويج لسياسته الجديدة داخل صفوف حكومة الشاه.
وبعد عام من لقائنا، التقيته مجددًا خلال مؤتمر القمة الإسلامية في لاهور بباكستان. وأبدى وزير الخارجية الإيراني، عباس علي خلعتبري، الذي ترأس الوفد الإيراني خلال المؤتمر، تردده حيال مقابلة الأسد، لأسباب منها أنه لم تكن لديه تعليمات واضحة بخصوص الأمر من الشاه. ومع ذلك، أبدى المضيفون الباكستانيون حرصهم على تنظيم لقاء بين خلعتبري والأسد. في ذلك الوقت، كانت باكستان حليفة لإيران وعضوا بحلف بغداد، وكان رئيس وزرائها ذو الفقار علي بوتو، الذي عرفته منذ عام 1971، على قناعة بأن الأسد «يمكن أن يصبح أكثر نفعًا داخل الخيمة عنه خارجها».
في النهاية، أعتقد أن الباكستانيين حاولوا ترتيب لقاء «عفوي». وجاء ذلك بالفعل مساء أحد الأيام عندما كان خلعتبري يتناول الطعام مع أربعة أو خمسة من مساعديه عندما أخطره الباكستانيون فجأة أن حافظ الأسد غادر الفيلا التي يقيم بها وفي طريقه للفيلا المخصصة للوفد الإيراني. وسرعان ما جرى إخلاء المائدة من الأطباق وإرجاء الحلوى ووصل الأسد بعد الإخطار بنحو 20 دقيقة. وخلال الاجتماع الذي دام لأكثر من ساعتين، تحدث الطاغية السوري مرارًا، وبدا واضحًا أنه يرغب في التأكيد أمام الإيرانيين على نقطتين:
أولا: أن كل حديثه عن الاشتراكية والقومية العربية ليس سوى خطاب آيديولوجي، وأنه في واقع الأمر ليس مؤيدًا للقومية العربية ولا يساريًا، وإنما «أسدي» ببساطة.
ثانيًا: أنه على استعداد لصالح أي جهة تدفع له أموالا. في البداية، طلب الأسد حزمة مساعدات بقيمة تتجاوز 150 مليون دولار، منها تخفيضات في أسعار النفط ومبالغ نقدية. ونظرًا لعدم توافر تعليمات واضحة لديه، فإن كل ما تمكن وزير الخارجية الإيراني من قوله بأنه سينقل طلبه للشاه. لاحقًا، وافق الشاه على طلب الأسد وانتقل النظام البعثي في سوريا من قائمة «الأعداء» لقائمة «الأصدقاء».
بعد يومين، سألني بوتو خلال جلسة خاصة عن رأيي في جهوده «لضم الأسد للجماعة»، ما يعني إبعاده عن السوفيات. وكان الأسد وقتها بطبيعة الحال يمارس هوايته المفضلة في السباحة مع التيار. وفي ذلك الوقت، عاين تحول موقف أنور السادات في مصر، بينما كان صدام حسين مشاركًا بقوة في مفاوضات مع إيران. كما أن الصينيين كانوا يتحركون باتجاه مزيد من الاقتراب من «العالم الحر» بقيادة الولايات المتحدة، مما عزز عزلة الاتحاد السوفياتي.
وعندما سألت بوتو عن رأيه في الأسد، قال: إن الرئيس السوري «ابن الشام». ولعلمه أنني من عاشقي قراءة المغامرات مثله، كان رئيس الوزراء الباكستاني واثقا من أنني سأفهم الرسالة التي ينطوي عليها هذا الاسم. إلا أنني لم أتفهم تمامًا معنى الصورة التي يحملها الاسم بالنسبة لحافظ الأسد إلا بعد مرور شهرين عندما قرأت رواية «الشامي» لإريك أمبلر.
تدور الرواية حول بطل يحمل هوية مشوشة، فهو يحمل بداخله القليل من هذا والقليل من ذاك والقليل من كل شيء داخل منطقة تضم مجموعة متنوعة من الأقليات. ولا يؤمن هذا البطل بأي شيء ولا يبدي ولاءً لأحد، فهو قد يهرب أسلحة لحساب جماعة متمردة في الصباح، ويخونهم بالليل بإبلاغ الشرطة عنهم. وفي حياته، وضع نصب عينيه هدفين فقط؛ البقاء وتحقيق الثراء بأقصى درجة ممكنة.
من جهته، وصف بيل كلينتون حافظ الأسد بأنه «رجل يمكننا العمل معه». منذ أيام قلائل، عندما كانت العلاقات ودية بعض الشيء بين كلينتون وحاشية الأسد، أعرب السيناتور حينها جون كيري عن اعتقاده بأن بشار الأسد يمكن أن يكون «مفيدًا مثل والده». وأعرب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق إيثمار رابينوفيتش، عن رأي مشابه.
اليوم، يضطلع بشار بدور نجل «الشامي»، حيث يعرض خدماته على أي مشترٍ من خلال عقد لقاءات مع أي شخص يمر عبر دمشق بمكان اختبائه.
للوهلة الأولى، قد يبدو «الشامي»، أو ابن الشام، جذابًا لهواة المشاركة في الألعاب القذرة، بيد أنه في نهاية الأمر سيخون «الشامي» حتمًا سيده ليخدم آخر جديدا. منذ أربع سنوات، تحول بشار إلى محور طهران - موسكو، ويحاول الآن العودة لمحوره الأصلي القائم على تل أبيب - واشنطن.
وتحمل هذه القصة برمتها درسًا واحدًا يعلمنا أن «الشامي» يمثل دومًا مصدرا للمشكلات، وليس للحل. لقد ظهر «داعش» هناك نتيجة لنصف قرن تقريبًا من القمع مارسه آل الأسد، وأفرز ظروفًا ساعدت على ظهور هذا التنظيم.
وما نحتاجه الآن سياسة تقوم على حقيقة الموقف الذي يعد في إطاره بشار و«داعش» جزءا من المشكلة ذاته

اقرأ المزيد
٢٠ فبراير ٢٠١٥
التخبط في الوحل السوري

يكاد المرء لا يصدق ما الذي يجري حوله في سوريا، ها هي طائرات النظام تقصف دوما، حتى تكاد تبيدها، ثم تنطلق قوات مشتركة من الافغان والإيرانيين واللبنانيين والسوريين بقيادة الحرس الثوري نحو جنوب سوريا، بعد استعدادات طالت لشهر، فتتقدم ثلاث قرى عدا ونقدا في ريف القنيطرة، وتتوقف بسبب حجم الخسائر ورداءة الطقس، وبعدها بايام تتقدم قوات مشتركة من النظام ومن ضباط إيرانيين ومن مقاتلين لبنانيين وسوريين من ميليشات محلية باتجاه قرى نبل والزهراء، وتستمر في التقدم لساعات، قبل ان تعود وتمنى باصابات بالغة، وتضطر إلى ترك مواقعها عشوائيا.
في الجنوب بالغ إعلام النظام ومؤيدوه وحزب الله في تضخيم هدف المعركة، اسرائيل مباشرة، وعملاء لحد الذين يعيقون تدفق قوات تحرير فلسطين، هددوا الاردن، ومن خلفه دول الخليج، ثم انطلقوا في حملة لم تستمر اكثر من بضعة ايام، تركوا خلالها قادة الهجوم الإيرانيين جثثا بين ايدي تشكيلات الجيش الحر في الجبهة الجنوبية، وعادوا إلى الحديث الإعلامي من دون كثير فعل، بقيت الجبهة الجنوبية خاضعة من وقتها وحتى اليوم لعوامل الطقس البارد ولمزاجية الثلوج البيضاء.
هذه المعركة سبق ان تم حشد القوات لها، والآليات، واتى جنرالات إيرانيون لقيادتها، يحكى ان الجنرال قاسم سليماني هو من قادها، ويحكى ايضا ان مصطفى بدر الدين، الذي حل محل المعاون الجهادي السابق لحزب الله عماد مغنية هو الآخر قاد هذه الحملة على الجنوب، ولكن الاكيد ان التشكيلات الميدانية كانت تتقدم بقيادة جنرالات إيرانيين، وانها حين تعرضت لنيران كثيفة تركت خلفها جثث قياداتها، وان قتلى من حزب الله لا يزالون في ارض المعركة تحت الثلوج.
في الشمال كانت مشابهة ايضا، وان كانت المعلومات الاولية حول هجوم يوم 17 شباط / فبراير لا تزال غير مكتملة، الا ان المتوفر منها كان عن حشودات مشتركة بدأ الاعداد لها منذ اسابيع، وتخطيط من قبل القيادة الإيرانية الجديدة في سوريا، وان القيادة الميدانية كانت لقادة في الحرس الثوري، وان الامكانيات الموضوعة في تصرف القوات المشاركة كبيرة، وانتهى الكلام عن عدم كفاءة الجندي السوري، اذ حل مكانه الجندي الافغاني والإيراني واللبناني المدرب جيدا وصاحب العقيدة القتالية العالية، والمدفوع بايمان ما ورائي.
الامين العام لحزب الله حسن نصرالله قدم خطابه يوم السادس عشر من شباط / فبراير لمناسبة «القادة الشهداء» ومنهم ابن عماد مغنية جهاد، الذي قتل في القنيطرة خلال عمل استطلاعي.
الأمين العام لم يتحدث الا لماما عن تدفق قواته إلى سوريا، وعن معركة «ضرب جيش لحد» في القنيطرة، او افشال «الحزام الامني الاسرائيلي الجديد» في جنوب سوريا، بل اكتفى بالتلويح بالتهديد المبطن لدول الخليج بان الإرهاب قد وصل اليهم في السعودية، وان حجم الحزب قد اصبح يوازي دولا عظمى من حيث التأثير، وانه يشارك في صناعة مصير العالم، الا ان مصير مقاتليه في معركة مثلث ريف دمشق ـ القنيطرة ـ درعا لم يكن حاضرا في خطاب القادة الشهداء.
في وكالات الانباء الإيرانية لا شيء عن مشاركة الحرس الثوري في سوريا، بل مجموعة من النصائح الاخلاقية والتخوف من تنظيم الدولة الإسلامية وانتشار الإرهاب وبعض عمليات التشييع لضباط إيرانيين ترد بين الحين والآخر، ولكن لا معارك يخوضها الحرس الثوري في سوريا، ولا آلاف المجندين من الافغان اللاجئين في إيران منذ عقود، ولا تعبئة لمقاتلين من دول اخرى وتدريب وتسليح، ربما ترد تحايا من لبنان لدور إيران في صمود سوريا.
الا ان الارض تظهر غير كل هذا الكلام، لقد بدأ التخبط الإيراني في الوحل السوري في موسم الشتاء هذا، لم تعد الامور مجرد نزهة، لقد تجاوزت طموحات إيران كما يبدو قدراتها وقدرات حلفائها، الحرب المتسرعة التي تشن الآن لاستغلال عدد من العوامل قد لا تجد انتصاراتها الباهرة كما يحصل في اليمن.
العامل الاول المغري على الحرب العاجلة في سوريا كان انخفاض اسعار النفط عالميا وتضرر إيران من ذلك، ومحاولتها تغيير المعادلة قبل ان تصل الاضرار المالية إلى الجانب العسكري التابع للحرس الثوري، مع ما يعانيه الحرس الثوري من انتقادات داخلية، وعلى رغم من وضع يده على جزء من نفط العراق.
العامل الثاني المغري كان انتقال السلطة في المملكة العربية السعودية ودخول القيادة السعودية في عملية التسلم والتسليم المليئة بالحذر وبالريبة في القصور والمقرات الملكية، والتي عادة ما تجري ببطء شديد.
العامل الثالث هو بداية حل الخلافات القطرية السعودية، والتركية الامريكية، ومحاولة ترميم صف مجموعة قوى لا تتفق مصالحها على الكثير في الاراضي السورية، ولطالما كانت عامل تشتيت للقوى الثائرة في الداخل السوري وبين صفوف المعارضة الخارجية.
العامل الرابع هو حالة الضعف التي تنتاب الفصائل المقاتلة في سوريا، وتمدد القوى الإسلامية الجهادية على حساب القوى الثائرة والمنتفضة، ومحاولة الجبهة الجنوبية في الجيش الحر توحيد قواها، وهي مبادرة بحال نجاحها ستشكل نموذجا تحتذيه باقي المناطق مما سيرفع من قدرة المجموعات على القتال في مناطق لا تزال تعتبرها إيران حاجة لاستراتيجيتها كالجنوب السوري، ويعتبرها النظام ضرورة لاستمراره كمدينة حلب والحدود مع تركيا.
النتيجة كانت ما شاهدناه من انتشار لجثث القتلى الإيرانيين واللبنانيين والافغان والسوريين على ثلوج القنيطرة، وفي اوحال حلب، والنتيجة هي حالة من التخبط الحقيقي التي تعيشها إيران وحزب الله والنظام السوري.
الا ان الحرب لم تنته بعد، وخلال جلسة مع احد القياديين في الجبهة الجنوبية قال الضابط الشاب «لا اعتقد ان الطقس وحده ما اوقف الهجوم علينا، انهم يعيدون حساباتهم، وسيعاودون الهجوم مرة اخرى» وهو ما يرجح ان يحصل، ولكن في لعبة الدم والموت قد لا يخرج المقاومون السابقون منتصرين، حتى لو أذاع إعلامهم بيانات الانتصار والتهاني بالقضاء على الإرهاب والتكفير.

اقرأ المزيد
٢٠ فبراير ٢٠١٥
إنها معركة الحسم

تدور، منذ نيف وعشرة أيام، معركة هي الأكبر جنوب سورية: في المنطقة التي تصل ريف الجولان بدرعا وجنوبي دمشق، ويشارك فيها على الجانب الأسدي قرابة ثلاثين ألف جندي، معظمهم من الحرس الثوري الإيراني ومرتزقة حزب الله والعراق وبلدان عربية شمال إفريقيا، فضلاً عن كوريين وأفغان وجنسيات متعددة أخرى، وحشد هو الأكثر كثافة بالأسلحة البرية والجوية، والذخائر الحديثة والمحرمة دولياً.
قبل العملية، أعلنت دمشق عن لقاء ضم بشار الأسد والجنرال قاسم سليماني، المشرف العسكري الإيراني على العراق وسورية ولبنان، والذي تولى قيادة العمليات الحربية، بعد أن أشرف طوال أشهر على إعداد كل ما يلزم لتنفيذها، وأرسل جنرالاته ومساعديه لاستطلاع مسرح العمليات ورسم الخطط الميدانية على أرض الواقع، حيث قتل الإسرائيليون واحداً منهم كان برفقة جهاد مغنية الذي كان الإسرائيليون قد قتلوا والده في دمشق.
... وقيل، قبل بدء العمليات، إن هدفها ربط الجولان وجنوب سورية بجنوب لبنان وشرقه، لبناء مسرح صراع واسع يتحدى قدرات الجيش الحر، المتفوق نسبياً في الجنوب السوري على جيش الأسد، ومن المحتم أن يعجز عن التحكم بميدان القتال الجديد، وعن إحراز انتصار فيه يقلب موازين المعركة لصالح الثورة ويسقط النظام، حتى إن هزم جيش الأسد الذي يجب أن تضع المعركة الجديدة حداً لخساراته المتكررة، التي طاولت معظم وحداته الكبيرة جنوب سورية، مع ما ترتب على ذلك من تراجع في خط الجبهة نحو دمشق التي صارت في قبضة تهديد حقيقي، يؤذن بانهيار الأسد ونظامه، إن بقيت الأمور على مسارها الراهن. هذا الهدف، المسكوت عنه، لا بد أن يضاف إلى هدف استراتيجي الأهمية والأبعاد، هو تحديد مناطق الوصل والفصل المستقبلية بين إيران وإسرائيل في المنطقة بين لبنان وسورية وفلسطين
"مثلما يعني انتصار المرتزقة في جنوب سورية بداية نهاية الثورة، تعني هزيمتهم هناك بداية هزيمة إيران في وطن العرب"
المحتلة، ورسم مواقع نفوذ كل منهما، عندما سيقوم تقاسم وظيفي بينهما، غرضه السيطرة على المنطقة العربية، تحت إشراف أميركا، مع ما يمليه ذلك من تعاون وتنسيق يبدأ بإطفاء الثورة السورية، وفرض تغيير جذري في علاقات بلدان الجوار الداعمة لها، كالأردن ودول الخليج.
صدّ الجيش الحر، واحتوى معظم هجمات جيش المرتزقة الدولي الذي تكبد خسائر فادحة جداً في العتاد والأفراد، وفقد القسم الأكبر من الأراضي التي احتلها، عند بداية هجومه الواسع على جبهةٍ، عرضها ثلاثون كيلومتراً بدعم كثيفٍ جداً من الدبابات والمدافع الثقيلة والغارات الجوية المتلاحقة. ومع أن سليماني يحاول تشتيت قوة الجيش الحر بواسطة اختراقات تتم في أماكن عديدة خلال وقت واحد، فإنه لم يحرز، إلى اليوم، أي تقدم ميداني مهم، على الرغم من أكاذيب حزب الله، الحريص على ما نشره من أوهام حوله، طرفاً لا يخسر ولا يقهر.
يريد الإيرانيون حسم معركة الجنوب بأي ثمن، وإلا فالتموضع في مناطق تصل سورية بإسرائيل، وعزل وسط حوران وشرقها عن دمشق، ليظلا جيباً بلا قيمة، أو خطورة عسكرية وسياسية، في حال بقي في يد الجيش الحر، لما للوضع المنشود من أهمية، لحسم مجمل الصراع السوري، خصوصاً أنه أعقب هجوم الجنوب هجوم لاحق في الشمال، يخرج تركيا من الشأن السوري، ويطوق حلب أو يسقطها، فتتكامل، عندئذٍ، أوضاع الميدان مع حسابات الاستراتيجية العليا التي تحرص أميركا على بلورتها بالتعاون مع إيران، الدولة التي بذلت، في ثلث قرن مضى، أكبر الجهود لاختراق العالم العربي وتفتيته، وتعلن، اليوم، أنها بلغت هدفها في السيطرة على المشرق العربي، وأن انتصار الحوثي في اليمن هو بداية هجومها الواسع في شبه الجزيرة العربية الذي يستهدف، بصورة خاصة، المملكة العربية السعودية.
مثلما يعني انتصار المرتزقة في جنوب سورية بداية نهاية الثورة، تعني هزيمتهم هناك بداية هزيمة إيران في وطن العرب. ولئن كان ما يدور، اليوم، في حوران يؤكد نشوب معركة حسم الصراع لصالح الأسد، وإنجاز مستلزمات استراتيجية، ستقرر مصير العرب نصف قرن مقبل، على أقل تقدير، فإن على قادة العالم العربي عامة، والخليج خاصة، فهم ما يجري باعتباره معركة تقرير مصير بلدانهم أيضاً، وإدراك الحقيقة، وهي أن هزيمة الجيش الحر والثورة ستؤدي إلى تقويض دولهم، وأن موقفهم السلبي من الجيش الحر والثورة يهددهم أكثر من الانخراط في المعركة، كما أن تحصين الأردن بكل ما يلزمه من قدرات يعد تدبيراً دفاعياً عن بلدانهم ضد غزاة قادمين إليهم، لا مهرب من الرد عليهم بجميع ما في حوزتهم من وسائل قتالية ومالية وسياسية، ضمن منطقة العمليات السورية نفسها، وفي واليمن، قبل أن يطبق طرفا الكماشة الإيرانية عليهم في زمنٍ يتوهمون أنه بعيد، وأنهم في مأمن من مفاجآته، على الرغم من أن أخطاره المرعبة تقرع أبوابهم بعنفٍ يتزايد يومياً، يصم ضجيجه الآذان!

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٥
لكيْلا تَضيعَ الانتصارات

تعبنا، ونِعْمَ التعب. أتعبَنا مجاهدو حوران وحلب ونحن نتابع أخبارَ انتصاراتهم الكبيرة في الأيام الأخيرة، تعبنا في إحصاء أسرى وقتلى الأعداء الذين يسقط المزيد منهم مع كل يوم جديد .

تتدفق أخبار الفتوحات والانتصارات من الشمال والجنوب فتُطمْئن قلوباً ظَمأى لأخبار الفتوح والانتصارات وترفع معنويات أهبطَها طولُ الأمد، ولكنها لا تُلهينا عن شكر الله الذي لا يكون فتحٌ إلا بأمره ولا نصرَ إلا من عنده، ولا تُنسينا أن نستديم هذه الانتصارات بما أُمرْنا به من الطاعات، وأن نَجْتنب الهزائم والانكسارات باجتناب المعاصي والمخالفات.

يا أيها المجاهدون الأبطال: تذكروا أن الفرق بين انتصار بدر العظيم وهزيمة أُحُد القاسية لم يكن "سلاحاً نوعياً" امتلكه مشركو قريش ولا كان نقصاً في الرجال أو السلاح في جيش المسلمين. لم يكن أيَّ سبب مادي أرضي بشري، إنما كان مخالفةً صغيرةً وقع فيها بعضُ المجاهدين، هي في أي يوم من الأيام هِنَةٌ هَيّنة لا يمكن أن تترتب عليها مثلُ تلك النتائج العصيبة، ولكنها جريمة كبرى عندما تُرتكَب في زمن بناء الأمة وفي أثناء الصراع المصيري مع معسكر الباطل.

إن العقوبة الإلهية الصارمة التي فُرضت على خير القرون وأفضل الأجيال، صحابة رسول الله الكرام، هذه العقوبة تقول للمسلمين في كل قرن وجيل: لا تسامحَ ولا مجاملةَ مع جيل البناء والتأسيس، الجيل الذي يخوض المعركة الفاصلة بين الحق والباطل، الجيل المكلَّف بهدم بنيان الظلم والبغي والعدوان والطغيان.

تذكروا يا أيها المجاهدون الكرام، يا دُرَراً تزيّن تاجَ الثورة: إنكم تدفعون الهزيمةَ وتستديمون نصرَ الله وتوفيقَه بشكره وطاعته ورعاية حقوق العباد. مَن نسي الله فعصى وغوى فإنه يؤخر النصر ويطيل الطريق، من اغترّ بقوته فطغى وبغى فإنه يؤخر النصر ويطيل الطريق، من غلبته شهوة الرئاسة فسعى إلى الاستئثار بالقيادة فإنه يؤخر النصر ويطيل الطريق، من غرّه الشيطان فسعى لفرض نفسه وفصيله ومشروعه على الآخرين فإنه يؤخر النصر ويطيل الطريق. إن التفرّق والتشرذم والكِبْر والبطر والأنانية وظلم الضعفاء والاعتداء على الأبرياء... كل أولئك يؤخر النصر ويطيل الطريق.

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٥
إيران تسعى لحدود مع الأردن وتستكمل هلالها الطائفي!!

المفترض أن الذين تابعوا هذه المسألة قد لاحظوا أن بشار الأسد ومعه وزير خارجيته وليد المعلم قد بادرا فورا، بعد مباشرة الأردن بالغارات الجوية على تنظيم داعش ومواقعه في منطقة الرقة السورية ردا على الجريمة التي ارتكبها هذا التنظيم الإرهابي فعلا بحق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، إلى اتهام المملكة الأردنية الهاشمية بمساندة الإرهاب، وهذا لا يدل فقط بل يؤكد على أن هناك أرضية مشتركة بين النظام السوري وهذه «الدولة» الشيطانية التي هي، إذا أردنا قول الحقيقة، صناعة إيرانية كانت بدأت مبكرا حتى قبل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003.
لقد جاءت هذه الاتهامات مقدمة لاستيراد مزيد من التشكيلات المذهبية والطائفية، ومن بينها تشكيل جديد باسم «الفاطميون»، وتركيزها في الجنوب والجنوب الغربي من العاصمة دمشق ليس في اتجاه الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية، وإنما في اتجاه الحدود الأردنية التي تضم مدنا رئيسية من بينها مدينة إربد التي تعتبر المدينة الثانية، بعد عمان، في المملكة الأردنية الهاشمية.
إن كل هذه التشكيلات، وضمنها بالطبع حزب الله و«فيلق أبو الفضل العباس»، تشكيلات إيرانية تم إحضارها لتتمركز في هذه المنطقة الحساسة في إطار «فيلق القدس» بقيادة الجنرال قاسم سليماني لتحويل الحدود الأردنية - السورية إلى حدود أردنية – إيرانية، وهذا من غير الممكن أن يقبل به الأردن حتى وإن أدى الأمر إلى اندلاع حرب فعلية من المؤكد أنها إن اندلعت فإنها لن تبقى محصورة في مناطق الحدود، وأنها ستصل إلى دمشق وإلى أبعد من دمشق، وعندها فسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!!
كان هذا النظام الذي أدخل سوريا في هذا النفق المظلم قد سحب قواته من مناطق التماس الحدودية مع الأردن على أمل أن «داعش» هو الذي سيملأ الفراغ بعد انسحاب القوات السورية، لكنه فوجئ بأن الجيش السوري الحر ومعه بعض فصائل المعارضة المعتدلة التي كل منتسبيها من السوريين، هو الذي قام بهذه المهمة، وهذا هو ما جعل بشار الأسد يتخذ هذه الخطوة الأخيرة التي هدفها تحويل الحدود الأردنية - السورية إلى حدود أردنية – إيرانية، والهدف بالطبع هو استنزاف هذا البلد ونقل داء الإرهاب إليه وفقا لتهديدات سابقة كان قد أطلقها الرئيس السوري بقوله مرارا وتكرارا إن هذه التنظيمات الإرهابية لن تسلم منها أي من الدول المجاورة!!
في كل الأحوال، فإن الواضح أن إيران التي غدت تحتل العراق وسوريا احتلالا مباشرا، باتت تسعى، ربما بصفقة سرية مع إسرائيل وبتواطؤ أميركي أصبح واضحا ولا لبس فيه، لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وإلا فما معنى أن تقوم بكل هذا التحشيد العسكري على الحدود الأردنية وعلى حدود الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية في ظل صمت الإسرائيليين المريب؟ وما معنى أن تحقق كل هذا الاختراق الاستراتيجي في جنوب الجزيرة العربية وبحجة أنها دعمت سيطرت الحوثيين على اليمن لمواجهة «القاعدة» هناك على غرار مواجهتها للإرهاب على الأراضي السورية؟!!
كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد أبدى تخوفه في حديث لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في عام 2004 من وصول حكومة عراقية موالية لإيران إلى السلطة في بغداد ستتعاون مع طهران ودمشق لإنشاء هلال يخضع للنفوذ الشيعي (والحقيقة أنه قال يخضع للنفوذ الفارسي) يمتد إلى لبنان ليخل بالتوازن القائم مع السنة.. وليبرز هلال شيعي (فارسي) في المنطقة سيؤدي إلى تغيرات في خريطة المصالح السياسية والاقتصادية لبعض دول هذه المنطقة.
إنه استشراف مبكر للمستقبل، ولعل ما يحصل الآن في اليمن من سيطرة «الحوثيين» على العاصمة صنعاء وعلى مناطق واسعة من البلاد، يؤكد أن «الهلال الشيعي» أو «الهلال الفارسي» قد قام فعلا، وأن طرفه الأول قد بدأ بالبصرة في العراق، في حين أن طرفه الآخر قد وصل إلى شبوة، واقترب من حضرموت ومأرب وحتى من عدن، مرورا بسوريا التي أصبح قرارها، كما هو قرار بلاد الرافدين، عند الولي الفقيه علي خامنئي، وبلبنان الذي أصبح تحت سيطرة ضاحية بيروت الجنوبية.
وبهذا، فقد أصبحت إيران ليس رقما رئيسيا، وإنما الرقم الرئيسي في هذا المنطقة الذي تعترف به إدارة الرئيس باراك أوباما ولا تعترف بغيره إلا بإسرائيل، ويقينا فإنه إذا صمد نظام بشار الأسد، وإذا تمكن من سحق المعارضة السورية التي عانت ولا تزال تعاني الأمرين من شح الدعم العربي ومن ميوعة الموقف الأميركي ومواقف دول الاتحاد الأوروبي عموما، فإنه على كثير من الدول العربية في مشرق الوطن العربي وفي مغربه أن تتلمس أعناقها، فهي لم تأخذ بحكمة: «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض» وهي لم تدرك أن «من يتغدى بشقيقك، فسوف يتعشى بك لا محالة»!!
إن هذه مسألة في غاية الأهمية والخطورة. أما المسألة الأخرى التي لا تقل عنها خطورة، فهي أن إيران الشيعية على المذهب الجعفري الاثني عشري قد استطاعت بالترغيب وبالترهيب، ووفقا لسياسة النفس الطويل وتناول الوجبة قضمة بعد قضمة، ابتلاع كل الأجنحة والفرق التي تعتبر شيعية؛ بدءا بالطائفة «العلوية» التي لم تكن في أي يوم من الأيام جزءا من الطائفة الجعفرية الاثني عشرية، وانتهاء بالمذهب الزيدي الذي بات «الحوثيون» يمثلونه وينطقون باسمه.
لم يكن انحياز سوريا لإيران، خلال حرب الثمانية أعوام العراقية - الإيرانية، انحيازا مذهبيا، بل انحيازا سياسيا؛ فالرئيس السوري السابق حافظ الأسد كان في غمرة صراع مصيري مع الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وكان فرع حزب البعث الذي يحكم باسمه في مواجهة حياة أو موت مع الفرع البعثي العراقي، ولهذا فإنه انحاز للإيرانيين في تلك الحرب المدمرة ليس على أساس طائفي ومذهبي، وإنما على أساس المصالح المشتركة؛ حيث كانت مصلحته تلتقي مع مصلحة الخميني في القضاء على ما كانوا يسمونه «النظام التكريتي» الذي كان يهدد الطرفين.
لقد كانت الأمور على هذا النحو فقط في البدايات، ثم بعد ذلك بدأت المصالح السياسية تأخذ الطابع الطائفي والمذهبي، فتم إلحاق الطائفة العلوية بولاية الفقيه، وقام جميل الأسد، شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد، بدعم مالي إيراني تجاوز كل الحدود، بعمليات «تشييع» واسعة النطاق في مناطق الرقة ودير الزور والحسكة والقامشلي، ويومها أصبح وكيل الإمام الخميني في دمشق محمد حسين اختري هو صاحب القرارات الفعلية في عاصمة الأمويين.
ثم بعد ذلك، ولاستكمال الهلال الشيعي (الهلال الفارسي)، فقد جاء دور المذهب الزيدي الذي كان فقد الحكم في اليمن الشمالي بعد نحو أحد عشر قرنا، في عام 1962، والذي لم تكن له علاقة إطلاقا بالمذهب الجعفري الاثني عشري، وكان يعتبر قبل بروز ظاهرة الحوثيين هذه، مذهبا شافعيا أشعريا، وكان الإمام أبو حنيفة النعمان من مؤيديه ومن مؤيدي وداعمي مؤسسه زيد بن علي (الرضا) بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وهنا، فإن ما لا يعرفه البعض هو أن الشيعة الجعفريين قد أطلق عليهم وصف «الروافض» لأنهم رفضوا مبايعة زيد بن علي بن الحسين مرجعية لهم، ولأن شقيقه محمد «الباقر» قد تجاوزه ونقل المرجعية إلى ابنه جعفر (الصادق) حيث اختار هذا ابنه موسى (الكاظم) خلفا له متجاوزا، كما يقول البعض، ابنه الأكبر إسماعيل الذي سميت باسمه الطائفة الإسماعيلية التي حكمت باسم الدولة الطائفية التي أسسها عبيد الله المهدي بالانطلاق من جنوب تونس من مدينة المهدية التي سميت باسمه لاحقا.
والمهم أن إيران قد أطلقت على أحد ألويتها الطائفية التي دفعت بها أخيرا نحو الحدود الأردنية - السورية اسم «الفاطميون»، وهذا يعني أنها تحاول استكمال ضم ما تبقى مما يسمى «العائلة الشيعية» إلى المذهب الجعفري الاثني عشري بوضع الطائفة الإسماعيلية، التي مركزها مدينة «السلمية» في سوريا، تحت جناحيها على غرار ما حدث مع العلويين والزيديين.

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٥
لماذا خفّف نصرالله لهجته؟

منذ تدخله في الحرب السورية الى جانب نظام بشار الاسد، اعتمد «حزب الله» لغة تحدّ لكل الذين عارضوا تورطه في النزاع وتوريطه لبنان، واعتمد أمينه العام في خطاباته لهجة تحريضية عالية لتأجيج المشاعر في بيئته الحاضنة (طائفته) وبعض لفيفها، اولاً لإزالة أي لبس حول التزامه القرار الايراني بالتدخل دفاعاً عن الحليف السوري، وثانياً لإقناع المترددين من حوله بصواب ما يقوم به، وثالثاً لإسكات تساؤلات أهالي القتلى والجرحى عن جدوى خسائرهم.

لكن خطاب نصرالله الاخير، انتقل من لغة التحدي الى ما يشبه المسايرة، وبدلاً من شعارات التجييش الحماسية، حاول بهدوء اقناع معارضيه بـ «عقلانية» ذهابه الى الحرب في سورية، معللاً ذلك باستحالة فصل لبنان عن التأثر بما يجري في محيطه. وبعدما كان دعا في السابق اللبنانيين المعترضين على سياساته الى ملاقاته في سورية ومقاتلته هناك، قال لهم في خطابه الاخير: تعالوا نواجه معاً خطر «الارهاب» ونقاتل معاً «التكفيريين» على الاراضي السورية والعراقية وغيرها. حتى انه استحضر البعد العربي لهؤلاء عندما قال ان هدف داعش «مكة والمدينة وليس القدس»، كأنه يدعو دول الخليج الى شراكة في الحرب على «داعش» بعدما كان يحمل عليها بعنف ويتهمها بتغطية جماعات التطرف بالمال والسلاح.

فهل هذا مجرد تغيير في اللهجة أم تبدل في المعطيات الميدانية؟ وهل الكلام الهادئ يعني تعديلاً في الحسابات ام انه مجرد مناورة سياسية؟ ولماذا قد ترغب ايران التي يفترض انها تقترب من انجاز «صفقة تاريخية» مع الولايات المتحدة في التهدئة؟ وهل حققت طهران انتصارات في «الساحات» المتعددة المفتوحة التي تغوص فيها أم ان الواقع مختلف عما تحاول الإيحاء به؟

ففي سورية، وعلى رغم الهجوم الواسع الذي يقوده الحزب و»الحرس الثوري» الايراني بمشاركة جيش النظام السوري وطيرانه على جبهة القنيطرة – درعا، إلا ان الانباء عن سير المعارك هناك لا تفيد بأن المهاجمين يحققون تقدماً ذا شأن وبأن المعارضة تتراجع، بل ان حجم الخسائر التي مني بها «التحالف الايراني» (مصادر «الجيش السوري الحر» تتحدث عن مئات القتلى) يؤكد ان المعركة مكلفة جداً وانها ستطول ولن تنتهي على الارجح بما يأمل المخططون لها.

ثم ان هذه المواجهة تندرج في اطار ابرام اتفاق مع الاميركيين حول دور ايران والحزب في ضمان أمن حدود اسرائيل، بدلاً من النظام السوري، ولهذا يبذل الطرفان كل قدرتهما للسيطرة على جبهة الجولان الى جانب جبهة الجنوب اللبناني، اي ان افق المعركة إيراني – أميركي وليس سورياً.

وينسحب ذلك على لبنان، حيث يواجه «حزب الله» على رغم قوته العسكرية وتغلغله في المؤسسات العسكرية والامنية وسيطرته على القرار الحكومي، صعوبة في «ابتلاع» البلد كله، سببها التنوع السياسي الذي يجعل الإجماع مستحيلاً داخل كل طائفة وعلى المستوى الوطني، اضافة الى احتمال اقدام اسرائيل على عمل عسكري بهدف اضعاف الحزب قبل اي اتفاق اميركي - ايراني على دوره.

وفي العراق، حيث يوجه التحالف الدولي ضربات مؤلمة الى متطرفي «داعش»، لم يستطع الجيش العراقي الذي يعاد بناؤه وتسانده ميليشيات شيعية، اثبات قدرته على الارض، إذ مني بهزيمة جديدة امام التنظيم الذي احتل منطقة البغدادي القريبة من اكبر قاعدة عسكرية عراقية ينتشر فيها مدربون اميركيون.

اما في اليمن، البلد الذي يطلق العالم كله تحذيرات من وصوله الى شفير الحرب الاهلية، فالواقع اخطر من ذلك بكثير، لأن هناك عملياً أربع حروب تدور على ارضه، اولها بين «الحوثيين» (الشيعة) التابعين لإيران و»الاخوان المسلمين» (السنّة)، وثانيها بين الشمال والجنوب الذي يتحفز للانفصال، وثالثها بين تنظيم «القاعدة» من جهة والجيشين اليمني والاميركي (غارات الطائرات المسيّرة) من جهة ثانية، والحرب الاخيرة تنخرط فيها القبائل واحزابها ضد فكرة الدولة تجسيداً لعداء تاريخي بينها.

ولعل عجز ايران عن ضبط «الساحات» وفرض الاستقرار فيها، والكلفة المالية العالية التي يتطلبها دعم التابعين والحلفاء وحروبهم، يدفع طهران، وبالتالي «حزب الله»، الى اعادة النظر في التكتيكات واعتماد المناورة والالتفاف وتهدئة الخطاب، لكن من دون تغيير الاهداف، بانتظار تبلور مستقبل العلاقة مع الاميركيين في غضون أسابيع أو أشهر.

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٥
الإرهاب الجديد، العنف المركَّب

تتلاحق في المشرق العربي، وفي مناطق أخرى من العالم، صور جديدة من الحرب والصراع والعنف. يستيقظ العالم، في كل يوم، على حالات من الرعب والتنكيل بالأفراد والجماعات، الأمر الذي يكشف أن أنظمة العنف المستخدمة، اليوم، أدخلت على أنماط عملها آليات جديدة في صور المواجهة والمراوغة، وكذا في كيفية تسديد الضربات المفضية إلى القتل، حيث يتبين المتابع للمعارك، المشتعلة هنا وهناك، أن الأطراف المتصارعة صنعت لنفسها في قلب ساحات المعارك أقنعةً مُلَوَّنَة بمقاسات وأشكال لا عهد للناس بها.

وإذا كان من المؤكد أن عشرات القتلى يسقطون، كل يوم، في سورية واليمن وليبيا، مثلاً لا حصراً، فإن حوادث أخرى يتعرض فيها جنود وإعلاميون وجواسيس، وأبرياء كثيرون، أطفال وشيوخ ونساء، لحالات من التنكيل، تدعو إلى قلق كثير، بحكم ما يمكن أن يترتب عنها من آثار في حياة الأفراد وداخل المجتمعات، ما يدفعنا إلى التساؤل عن حدود حيوانية الصراع السياسي، في عالم لم تعد فيه طبيعة الصراع واضحة بين الأطراف المتصارعة، حيث يصعب على كل طرف معرفة مكان خصمه أو موقعه، وحيث لم تعد مواعيد القتل والموت والحرب مؤكدة، ولا معروفة.

ما يحصل اليوم في المشرق العربي، بتواطؤ مع فاعلين من داخله، وآخرين من خارجه، سواء في الجغرافية الإقليمية، أو في مدارات المجتمع الدولي، القريب منها والبعيد، يدعو إلى الحيرة والقلق، بل إن درجات الحيرة والاختلاط تزداد، عندما نكون أمام صعوبة فرز صور التواطؤ، المعلنة والسرية، بين المنخرطين في الصراع، هذا من دون أن نتحدث عن عمليات الاستقطاب والتوظيف التي تُعدُّ، اليوم، جزءاً من نظام الحرب القائمة وآليتها. إن أصناف التوظيف التي تُمَارَس في الحروب القائمة وبمحاذاتها، أو تُمارَس عن بُعد بتوسط أفراد وتنظيمات ودول ومرتزقة، تجعل ساحات الصراع غامضة ومليئة بالألغام. كما أن صور التآمر اختلطت، وأصبح من الصعب فرز ملامحها، وترتيب ما يجري فيها بوضوح، للتمكُّن من تعيين ملامحه، ونظام تطوره، الأمر الذي ضاعف من خطورة ما يجري، اليوم، في أماكن عديدة من العالم.

قبل أيام تَمَّ تعميم ﭭﻴﺩيو حرق الطيّار الأردني، معاذ الكساسبة، عن طريق الوسائط الاجتماعية، الأمر الذي سمح بمعاينة مُعمَّمة لما نطلق عليه العنف المركَّب، حيث أُحْرِق الجسم داخل القفص، كما تشهد بذلك اللقطات المصورة، وقُتِل الطيّار، وقُدِّمَت بجانب اﻟﭭﻴديو تعليلات تاريخية وفقهية للصور، وما حملته من رعب، تعليلات تُبْرِزُ أن الخيار الذي حصل يُعَدُّ من تقاليد الحرب والصراع في تاريخ الإسلام، الأمر الذي يفضي إلى ثلاثة أمور:

أولها صورة القتل وقت التصوير، حيث يُحْتَمَل أن يكون المقتول هو الجندي، من دون أن يستبعد ذلك إمكانية قتله قبل مشهد القتل حرقاً في قفص من حديد. الثاني، إعادة إنتاج القتل في مشهد، وتصويره قصد تعميم إرادة القتل، من دون أن يتمكن المشاهد من إدراك خفايا الصورة في المشهد، بحكم آليات التصوير وتقنياتها التي كانت مفبركة. الأمر الثالث، يتمثل في بحث من يقفون وراء ما يجري بالفعل، ثم بالصوت وبالصورة عن إسناد ديني وتاريخي، لفعل القتل، بهدف ترسيخ تصورات جهادية إرهابية، لا علاقة لها بالإسلام.

يمكن أن نشير، في هذا السياق، إلى أن الحكاية تكررت في جرائم مماثلة، كما حصل في عمليات ذبح الآخرين بصور تدعو إلى أسى كثير، كما تدعو إلى غضب كثير، وتجعلنا نواجه بؤس الفعل السياسي الذي يُمَارَس باسم دولة الخلافة، كما يُمارس باسم مذاهب وجماعات، نشأت في غمرة الحروب القائمة، ولا نعرف عنها، ولا عن أهدافها إلا ما تختاره، وترسله لنا من صور ومشاهد.
"آن أوان مواجهة الذات ومواجهة الآخرين، وكذا مواجهة حالة الاختلاط العامة بلغة أخرى"

نقرأ في الحدث موضوع هذه المقالة صورة أخرى من صور توظيف المقدَّس وتوظيف الخطاب الديني في ميادين الصراع التي تزداد توسعاً في العالم، كما نقف على نمط من أنماط توظيف قراءة معينة للجهاد، تضع المجتمعات العربية أمام حالة تأخرها وتراجعها، وتضعها أمام استمرار هيمنة قيود التقليد على أشكال علاقاتها مع معطيات الصراع السياسي، في التاريخ والراهن. المشهد الذي انطلقنا منه يضع الجميع أمام حالة من الفوضى المرعبة، الأمر الذي يدعونا لا إلى التنديد فقط بالجرائم التي تقع، والتوظيفات المفزعة التي تنتصر لخيارات مجنونة، والعمل، في الوقت نفسه، على مواجهة تراثنا وعقائدنا بلغة التاريخ، بل إن ما يحصل من صور الدمار والموت يدفعنا إلى نسيان المقاربات السهلة والمبسَّطة، ونحن نواجه نمطاً جديداً من الحرب في حاضرنا، ولا يتم ذلك إلّا بتسمية ما حصل ويحصل في العراق وسورية بأسمائه الفعلية، لا أسمائه الحركية، والانتباه إلى ضرورة ربطه بالصراع الإقليمي والدولي في المشرق العربي.

ألح، هنا، على لزوم تجاوز أشكال التَّقْنيع التي تجعل ما يجري غامضاً ومعقَّداً، على الرغم من أن أطرافه الفعلية على بيّنَة من كثير من أوجهه، وهي على بيّنةٍ، أيضاً، من كونها أصبحت تستخدم الأسلحة والوسائط نفسها، فقد آن أوان مواجهة الذات ومواجهة الآخرين، وكذا مواجهة حالة الاختلاط العامة بلغة أخرى، تختلف عن دبلوماسية الحروب القديمة، وآليات عملها. فهل نستطيع ذلك؟

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٥
معركة درعا والقنيطرة

ربما يتضّح، الآن، من يقاتل الشعب السوري، حيث تعلن السلطة السورية أن من يقاتل في المعركة الدائرة في درعا حزب الله والحرس الثوري الإيراني، بقيادة قاسم سليماني. وكان حزب الله قد أعلن أنه الذي خاض معركة القصير، ثم شاركت قواته، ومليشيا طائفية عراقية ومليشيات أخرى طائفية من أفغانستان وباكستان واليمن، والحرس الثوري، في كل المعارك، ولم يكن يعلن ذلك، على الرغم من القتلى ونعي الحزب لهم، والفيديوهات التي توضح مشاركتهم وقتل بعضهم.
الآن، يظهر أن من يخوض الحرب ضد الثورة في سورية إيران وأدواتها الطائفية. كانت قطاعات للجيش من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري تشارك في معارك سابقة، وكان ذلك يشير إلى أن ضعف الوضع العسكري للسلطة، وعدم قدرته على حمايتها وضمان استمرارها. نلمس، الآن، أن الوضع العسكري للسلطة بات أسوأ، حيث باتت قوى خارجية تدافع عن السلطة، وتحاول ضمان استمرارها. إذن، باتت المعركة مع إيران وأدواتها الطائفية، هذا هو مختصر الوضع السوري بعد أربع سنوات من الثورة.
قاتلت السلطة الشعب بالفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والشبيحة والأجهزة الأمنية، منذ بدء الثورة، وحاولت إدخال قطاعات عسكرية أخرى، لكن انعكاس الثورة على الجيش فرض عليها أن تحجز أولئك في معسكرات مغلقة، فتبقى تقاتل بتلك الفرق التي ضمنت ولاءها. لكن توسع الثورة وقوة الصراع استهلك تلك الفرق والشبيحة، فأخذت تعتمد، شيئاً فشيئاً، على قوى خارجية، وهي، الآن، تقرّ بأن من يقاتل الشعب هو إيران وأدواتها الطائفية، وتتهم الجيش بالخيانة، بعد سقوط الفرقة 82 في درعا.
بات واضحاً أن إيران وأدواتها الطائفية تسيطران على سورية، وأن السلطة واجهة لتلك السيطرة، ومن ثم بات الصراع في سورية يرتبط بالصراع الإقليمي والدولي بشكل مباشر، حيث أصبحت جزءاً من الأوراق التي تفاوض إيران بها في إطار الصراع/ التوافق مع أميركا تحديداً. ويبدو أنها تتقرّب من الحدود مع الدولة الصهيونية، من أجل "زيادة أوراق التفاوض"، وربما كان ذلك سبب الإعلان عن قيادة إيرانية لقوات حزب الله والحرس الثوري التي تحاول استرجاع القنيطرة. لكن هذا الإعلان أوضح أن السلطة باتت محمية بقوات إيرانية، أي أنها انتهت كسلطة قاتلت بقواتها، وأن الشعب السوري بات يواجه قوات إيران وأدواتها الطائفية، والدعم العسكري الروسي. وأن الغطاء الذي تتخذه إيران وأدواتها هو "المسألة الوطنية"، ويبدو أن عجزها عن مواجهة الثورة، منذ بداية سنة 2013 (بعد المساعدات التقنية والمالية في الفترة الأولى من الثورة)، وتعاظم خسائرها يدفعها إلى هذا اللعب بالمسألة الوطنية، على الرغم من أن هدفها، كما أشرت، تعزيز التفاوض مع أميركا.
وإذا كانت الثورة انطلقت من أجل تغيير النظام، وتحقيق مطالب شعبية، فقد باتت جزءاً من الصراعات الدولية، حيث تتصارع قوى متعددة للحصول على مصالح، أو تثبيت وضع جيو إستراتيجي. هذا ما يجعل إيران تدخل بثقلها في الصراع، تنفيذاً لقول المرشد علي خامنئي إن طهران لا تسمح بسقوط النظام السوري. وربما ترسل قوى أكبر من الحرس الثوري، كلما ضعفت السلطة وعجزت عن حسم الصراع. ومعركة درعا مفصلية من هذه الزاوية، حيث لا بد من أن تقود إلى كسر قوات حزب الله وإيران، وبالتالي، كسر الطموح الإيراني بالحفاظ على السلطة والمساومة على الورقة السورية.
سمح "الغباء الاستراتيجي" لكل من حزب الله والنظام في إيران بتحقيق التكتيك الأميركي الذي قام على استهلاك قوى هؤلاء في سورية. فهذه القوى تستهلك، حيث تتعرض لخسائر كبيرة، وتستهلك سياسياً لأنهما يظهران قوة احتلال، وقوة دفاع عن نظام مافياوي يرفضه الشعب ويريد تغييره. ربما مصالح السلطة الإيرانية هي ما يؤسس لهذا الغباء، لكنها دولة تريد حفظ مصالحها التي تتحقق بالتصالح مع أميركا.

اقرأ المزيد
١٩ فبراير ٢٠١٥
ما الذي يحدث في الجبهة الجنوبية من سوريا؟

تفيد الأخبار الميدانية القادمة من جنوب سوريا أن عماد القوات التي تقاتل دفاعاً عن نظام دمشق الكيماوي يتشكل من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني ومن مرتزقة أفغان، بقيادة مباشرة من ضباط إيرانيين على رأسهم، كما يتردد، الجنرال قاسم سليماني الغني عن التعريف.
بصرف النظر عن مرور سنوات على الانخراط الإيراني المباشر، كما بواسطة أتباعه اللبنانيين والعراقيين وغيرهم، في الحرب الداخلية السورية، ينطوي الهجوم الإيراني الأخير على الفصائل السورية المتمردة، قريباً من الحدود الإسرائيلية، على دلالات نوعية جديدة، لا يمكن فصلها عن الهجوم الذي نفذته طائرات حربية إسرائيلية، الشهر الماضي، على موكب لعناصر قيادية من حزب الله بقيادة جنرال إيراني، قتلوا فيها جميعاً. فبهذه العملية الاستخبارية البالغة الدقة، سعت إسرائيل إلى وضع خط أحمر لحزب الله في المنطقة المتاخمة لحدودها مع سوريا حيث الغياب شبه الكامل لجيش النظام الكيماوي. الحزب الذي صدمته هذه الطعنة في الظهر، فيما هو منهمك في حربه السورية، لم ينجر إلى ردة فعل غير محسوبة، بل استغرق منه الحساب الدقيق بعض الوقت، ثم رد في شبعا ـ لا في القنيطرة- في عملية لا تتجاوز رد الاعتبار أمام جمهوره الطائفي. ولم يخرق الخط الأحمر الجديد الذي رسمته له إسرائيل في رسالتها القاسية.
تتحدث بعض التحليلات الوجيهة عن هدف إسرائيلي آخر من عملية القنيطرة، يتمثل في التخريب على الدفء الطارئ على العلاقات الإيرانية- الأمريكية بمناسبة المفاوضات على الملف النووي الإيراني. تقع في السياق هذا الدعوة التي تلقاها بنيامين نتانياهو لإلقاء كلمة أمام الكونغرس من نواب جمهوريين غير متحمسين لاندفاعة أوباما الجامحة نحو تطبيع العلاقات مع طهران. ومعروف أن هذه الدعوة التي جرت من وراء ظهر الإدارة قد أثارت استياء الرئيس الأمريكي.
صحيح أن حسن نصر الله الذي خرج من صمته بعد رد قواته على عملية القنيطرة بعملية شبعا، رفض ما أسماه «تغيير قواعد الاشتباك» الذي سعت إسرائيل إلى فرضه على حزبه في الجولان، وأعلن حقه في الرد على إسرائيل «في أي مكان وزمان»، لكن عملية شبعا قالت خلاف ذلك، فأخبرتنا أن الحزب ملتزم بالخط الأحمر الإسرائيلي في جنوب سوريا.
وكشفت العملية الإسرائيلية في القنيطرة عن أمر آخر هو اتصال إيران بالإدارة الأمريكية بشأن «حق حزب الله في الرد على إسرائيل» كما أعلن وزير الخارجية الإيراني رسمياً.
أما ما لم يعلن عنه من فحوى التواصل الإيراني ـ الأمريكي هذا، فيمكننا تخمينه بغير صعوبة: وهو أن وجود حزب الله ـ الإيراني في جنوب سوريا ليس موجهاً ضد إسرائيل، بل ضد المجموعات المسلحة المناهضة لنظام دمشق الكيماوي المنتشرة في تلك المنطقة. إذا كان هذا التبرير مقنعاً لواشنطن، فهو ليس كذلك في نظر إسرائيل المهجوسة بـ»أمن حدودها الشمالية».
ثم كانت تلك العملية الوحشية التي أعدمت فيها داعش الطيار الأردني الأسير لديها معاذ الكساسبة. فاندفعت القيادة الأردنية إلى ردة الفعل الانتقامية بإعدام اثنين من إرهابيي منظمة القاعدة الموجودين في السجون الأردنية، وبتكثيف الغارات الجوية الأردنية على مناطق سيطرة داعش في شمال شرق سوريا، مدينة الرقة خصوصاً. ولكن بعد تجاوزه فورة الغضب الأولية، أخذ الأردن يطرح مع حلفائه، واشنطن والعواصم الاقليمية الحليفة، خيارات أكثر جدية من مجرد ردات فعل انتقامية موجهة إلى الرأي العام المحلي. من ذلك ما يقال عن دراسة خيار التدخل العسكري البري الغائب، إلى الآن، عن الحرب الدولية الجوية على داعش. فإذا كان للتحالف الدولي، في العراق، شركاء محليون جاهزون لقتال رجال البغدادي على الأرض من قوات كردية وشيعية وجيش عراقي تابع للحكومة المركزية، ولملء الفراغ الذي من المفترض أن يتركه التنظيم حيثما اندحر، فليس في سوريا، إلى الآن، هذا البديل. وتبدو الخطة الأمريكية المعلنة لتدريب خمسة آلاف من «مقاتلي المعارضة المعتدلين» بعيدة عن تحقيق نتائج سريعة للرد على التحديات التي تطرحها داعش على العالم كل حين.
وهكذا يصبح منطقياً طرح خيار التدخل العسكري البري لملاحقة عناصر داعش والمنظمات الجهادية الأخرى التي أصبحت قريبة من الحدود الأردنية (جبهة النصرة بصورة خاصة). هذا ما يمكن استنتاجه من «مقالات رأي» في الصحف دعت بصراحة إلى توغل عسكري أردني في عمق الأراضي السورية.
ربما هذا الاحتمال هو ما أثار فزع النظام الكيماوي وولاته في طهران، فسارعوا إلى شن ما أسموه «معركة الحسم».
نلاحظ، بالمقابل، أن الخلاف الأمريكي ـ التركي حول سوريا، ما زال يمنع القيادة التركية من أحلام التدخل الفعال، على رغم شعورها بالخطر الكردي، بعد تحرير كوباني من قوات داعش على يد قوات حماية الشعب الموالية لأوجلان. وإذا كان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر قد دعا، في مقالة صحافية، بصراحة، إلى إطلاق يد الجيش التركي ليقوم بغزو بري داخل الأراضي السورية «لاقتلاع كل من داعش ونظام الأسد» فهذا ما يمكن تصنيفه في إطار ضغوط الحزب الجمهوري على الإدارة الديمقراطية استعداداً للجولة المقبلة من التنافس بين الحزبين في الانتخابات الرئاسية، أكثر من كونها اقتراحاً يؤمن صاحبه بجدواه العملية.

اقرأ المزيد
١٨ فبراير ٢٠١٥
القتل في دُوما.. والطبل في "بي بي سي"

يدرك السوريون، تماماً، أن العالم لن يتحرك لا عسكرياً، ولا حتى وجدانياً، لينتصر لأبرياء دوما الذين أحرقتهم نار الأسد الحاقد، وأتت على شيخهم وطفلهم بقصدية مطلقة، وسط تهليل وابتهاج ونشوة من آكلي لحوم البشر من الشبيحة الطائفيين و"الممانعين"، وليس آخرهم، ولا أوحدهم، رائدة الفبركات والتشفّي، غدي فرنسيس، التي أطلقت عبارتها الساخرة "دوما مشوية" وأتبعتها بعبارة أشد على النفس من الموت نفسه، وكأنها مصرة على السخرية من موت الأبرياء، لتزيد: "دوما مسلوقة"..

ولا يبدو ذلك غريباً في زمن بشار، فالإعلاميون المفترضون على قرع طبله يرقصون، ويسوقون للعالم أفكاراً يخجل من طرحها حتى المجانين والحمقى. فمنذ يومين، خرج علينا "إعلامي عالمي" كما قدمه تلفزيون الأسد، يدعى مصطفى بربر، قصَّ على مسامعنا ما تعجز عن فهمه وإدراكه أعتى العقول العلمية حول جهاز "آي فون" ذي الخصائص الخارقة الذي أدخله شخص سوري قادم من الخليج، لتتبعه المخابرات التركية والعالمية وتختطفه، ثم يطلقه مسلح سوري، ضميره حيّ، في رواية غرائبيةٍ، لا يمكن شرحها، لأنه لا يمكن فهمها.

إلا أن بربر وفرنسيس وأساتذتهما، لن يستطيعوا الوصول إلى أطراف عوالم كذب رئيسهم ووقاحته، وهو الذي أفنى جيشه الباسل مدناً وقرى بأكملها بالبراميل المتفجرة العمياء، وخلال إلقاء العشرات منها، وفي الأثناء نفسها، كان ينفي لقناة بي بي سي علمه بوجودها، أو استخدام  جيشه لها.

يجب، إذن، على العالم أن يكذّب عيونه وكاميراته وشهوده، وعلينا أن نكذّب المؤيدين الذين يتغنون بالآلاف بالبراميل، ويجب أن نكذب الموتى، ونجعلهم يبتكرون أسباباً أخرى لموتهم تناسب السيد الرئيس.
ومع دخول الحرب هذا المدخل الخطير، من إحراق دوما، إلى سخرية الأسد من العالم بأسره، إلى تشفي أزلامه بموت الأبرياء، ماذا تغير، وماذا يمكن أن يتغير؟

أكثر الأجوبة إيلاماً هو الاحتمال الراجح، لن يتغير شيء.. فردود فعل العالم على إحراق دوما أقل من باردة، والردود على التصريحات المستهزئة بالإنسان والإنسانية شبه معدومة، عدا توضيحات عادية من وزارة الخارجية البريطانية، لا تؤسس لموقف، ولا يمكن البناء عليها، فهل تخلى العالم عن المسألة السورية نهائياً؟.

حقيقة، العالم كله معنيٌّ بالقضية السورية، كلٌّ حسب ضروراته ومصالحه، فحتى دولة جزر القمر بدت مهتمة عندما أصدرت، أخيراً، قراراً يقضي بمنع السوريين من دخول أراضيها من دون الحصول على تأشيرة وموافقة أمنية، ودول الجوار مشغولة باللاجئين وهمومهم ومتاعبهم، وكذلك أوروبا التي تصب اهتمامها على إعادة توطين ما يمكن من السوريين، وإطفاء الحرائق العنصرية الناشئة تجاههم، وأقرانهم في مجتمعاتها، غير متقاعسة في دورها العسكري المحصور في محاربة داعش، ضمن التحالف الدولي، أما الولايات المتحدة فتبدو موجودة في كل التفاصيل، ولكن بلا فاعلية، وهذا ما سارت عليه سياسات أوباما المترددة، تحت عنوان "فلنتجاوز كل ما يمكن أن يخلق تفرقة".

وفي الجانب الآخر، تلقي روسيا بثقلها السياسي كله في الميدان، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وتطلق الحبل على غاربه للحليف الإيراني، ليقود المعركة بشكل سافر على الأرض، مستخدماً نظامه الديني في استقطاب المقاتلين الطائفيين من أركان الدنيا الأربعة، في ما يبدو بالنسبة لها معركة حياة أو موت، فخسارة سورية ستقوّض حلم الإمبراطورية، وتجعل مكاسبها في اليمن مبتورة، ما لم تستطع تطويق الخليج العربي من بوابة الأردن.

وعلى هذا، فمن ذا الذي ينتظر السوريون تدخله؟ ومن ذا الذي بقي خارج اللعبة؟

العالم جُلُّه موغلٌ في المقتلة، ودم دوما يعني السوريين وحدهم، وتدرك الأنظمة التي تدير حرب الأسد أن مزيداً من المجازر لن يغير الاصطفافات والأولويات. والانطلاق من هذه الحقيقة، بالنسبة للسياسيين والعسكريين في المعارضة، ربما يوفر كثيراً من دم الأبرياء، إذا ما أحسنوا إدارة القضية، ومخاطبة العالم بلغة المصالح، بدل الندب والتذكير بجرائم الأسد، فالعالم كله يسمع ويرى ويعرف، ولكن، وحدنا نتألم ونموت.

اقرأ المزيد
١٨ فبراير ٢٠١٥
اللاجئون السوريون يُقتلون يومياً

صحيح أننا صُدمنا لهول قتل 21 مصرياً قبطياً على يد تنظيم "داعش" الارهابي، وقبلهم الطيار الاردني معاذ الكساسبة، وقبله ايضا عسكر لبنانيون قتلهم التنظيم الارهابي الآخر "جبهة النصرة"، وهالنا مشهد القتل في مكاتب جريدة "شارلي ايبدو" الفرنسية، لكن الكارثة الحقيقية التي دخلت في يومياتنا ولم تعد مثيرة للاهتمام، تكمن في المشهد السوري الداخلي وتداعياته. فالحرب اللبنانية خلفت نحو 200 الف قتيل وجريح ومفقود على مدى 15 عاماً، اما الحرب السورية فأصابت ما يزيد على 200 الف قتيل ونحو 200 الف مصاب في اقل من 4 سنوات، وهي مستمرة وفق وتيرة تصاعدية، وليس ما يوحي بقرب ايجاد تسوية لها، مما يعني مزيدا من الضحايا.

والى القتلى والمصابين، تبرز أزمة اللاجئين والنازحين، وتشير تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن ما يقرب من نصف السوريين (البالغ عددهم نحو 26 مليونا) اضطروا إلى مغادرة ديارهم، والفرار للنجاة بحياتهم، بسبب تعرض السكان في بعض المدن للحصار والجوع، فيما يجري استهداف المدنيين وقتلهم من دون تمييز.
وتشير مفوضية اللاجئين إلى أن واحداً من بين ثمانية سوريين على الأقل، فروا عبر الحدود، وهو ما يزيد تماماً على ثلاثة ملايين شخص، إضافة إلى وجود نحو 6 ملايين و500 ألف نازح داخل سوريا، وأكدت أن أكثر من نصف هؤلاء اللاجئين والنازحين من الأولاد.
وتلفت المفوضية إلى أن الأغلبية العظمى من اللاجئين السوريين ما تزال تتمركز في البلدان المجاورة، حيث يأتي لبنان في المقدمة بنحو مليون و400 ألف، تليه تركيا بنحو مليون، ثم الأردن بنحو 700 الف لاجئ.
لكن معادلة الارقام لا تكفي، لأنها جامدة وجافة، فالكارثة تكمن في الظروف التي يعيش فيها هؤلاء، سواء في بلدان اللجوء او حتى في الداخل السوري، حيث نزحوا ولم تتوافر لهم الاقامة الجيدة، والخدمات الانسانية، بل ان بعضهم يضطر الى النزوح المتكرر وفق سير المعارك.
في لبنان، حلّ الشتاء قاسياً هذه السنة، والثلوج التي قاطعت قممنا العام الماضي، تساقطت بكثافة مصحوبة بعواصف اقتحمت المنازل، وخربت مرافيء للصيادين، ومنتجعات سياحية بحرية، واقتلعت اشجارا، ومعها خيم اللاجئين. المشهد لم يكن انسانيا على الاطلاق، اذ يتفاقم القتل، وهو قتل معنوي، ومعه يبرز عجز لبناني متراكم، يصيب لبنانيين بشظاياه، ويضاف اليه تقصير المجتمعين الدولي والعربي، ومنظمات الاغاثة الاممية عن توفير ادنى مقومات العيش.
ازمة اللاجئين السوريين لا يُسأل عنها اللبنانيون والاردنيون الذين يعانون من اقتصادات نموها يلامس الصفر، بل يُسأل المجتمع العربي اولا بما يملك من امكانات وثروات نفطية، والعالم الاسلامي ايضا الذي يزايد في المواقف، واخيراً الضمير الانساني العالمي.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان