كما حلمنا مسبقاً بانقلاب الجيش أو الأمن على بشار الأسد، لنحلم اليوم بانقلاب البيت الأبيض على نظام الأسد، او بشكل أدق يبدو أن أوباما تعرض للصفعة من أحد أبرز جناحي الادارة الامريكية قبل انتهاء مدة رئاسته وبات ان يترك مكانه و هو حافظ قدر من ماء وجهه ، شيء محال، بعد أن مرغته مستنقعات الحرب السورية وهذا ما بدى جلياً اليوم من خلال إصدار أكثر من 50 دبلوماسي وخبير في وزارة الخارجية الأمريكية مذكرة يطالبونه بتنفيذ ضربات مباشرة ضد نظام الأسد لإنهاء الحرب في سورية.
في نظرة شمولية بين مواقف الإدارة الأمريكية في عهد أوباما الأمريكي وتصعيد الحرب السورية من كافة الجوانب و البلدان التي وقعت في شرك النظام السوري ، بحثاً عن مصالحها الإقليمية والدولية طبعاً، ما جعل هذه الدول تبارك هذه الحرب ضمنياً، بالرغم من إعلانها نصرتها للثورة و كان من الواجب سرد بعض المشاعر التفاعلية كي لا ينعت احدها باللاإنسانية.
يبدو ان كلينتون المرشحة لرئاسة أمريكا اليوم خلفاً لاوباما والتي من المتوقع أن تفوز بالرئاسة بعد اشهر كانت على دراية ان نظام الاسد سيصدر الارهاب الى كافة دول العالم وكانت ذات موقف سياسي واضح بضرورة اجلاء الأسد من منصبه، لكن مماطلة البيت الابيض في هذا الصدد جعل الموضوع بالفعل يطبق، و تسبب استمرار وجود نظام الأسد بتصدير الارهاب الى كافة دول العالم، وهنا كان لابد على الأسد ليحافظ على وجوده ، هو التعهد بإعادة كل اولئك المتطرفون الى المنفى الذي سيحمي انتشاره في كافة القارات من أوربا لأمريكا والذي يدعى "سوريا".
اعتقد البيت الأبيض أن إبقاء نظام الاسد سيساهم في ضخ كل السموم من كافة الدول الى سوريا لتكون ملاذ المتطرفين، لكن يبدو ان حلمهم هذا كان كحلم إبليس في الجنة، و لم يمنع وجود المتطرفين و تمددهم في سوريا الى جانب العراق من توزعهم في العالم بنطاق أكبر، و تحولت سوريا لمركز استراتيجي لعملياتهم وقياداتهم واصدار اوامرهم فتنظيم القاعدة الذي صنفه العالم على أنه إرهابي توزع في كافة ارجاء سوريا وتمركز في الشمال و تنظيم الدولة اتخذ قاعدته في الشرق السوري، وبدأت هذه الفصائل المتطرفة بضخ عناصرها في كافة دول العالم، وقد اكتشف أوباما مؤخراً الى جانب دول العالم كافة ان وجود النظام لم يكن بؤرة لجذب المتطرفين الى سوريا والبحث عن دولة الخلافة فيها، بل حول سوريا الى قطبي مغناطيس احدهما ايجابي يجذب نخبة القادة الى سوريا لتدير عمليات ارسال و تصدير الإرهابيين عبر القطب السلبي الى دول العالم و تنشرهم كالملح في طعام الأصحاء.
ولكن هذا الاكتشاف جاء متأخراً بل متأخر جداً، وليس هذا فحسب بل سيكتشف العالم مع الأيام أن رهانهم على الثورة السورية وابقاء الأسد أطول فترة ممكنة كان دليل قطعي لإدانتهم على العلن وبحكم مؤبد إن لم يكن إعدام لهم ، رغم ان ضمائرهم قد أعدمت منذ اول صاروخ نزل على طفل سوري
تشكل آليات السيطرة والهيمنة التي تستخدمها السلطة عموماً، وسلطة الاستبداد خصوصاً، في علاقتها مع المجتمع، العامل الأساسي والأهم في تحويل تنوع وتمايز الهويات الفرعية لعموم المواطنين إلى تمييز بين بعضها وبعضها الآخر، ومن ثم إلى تغليب هوية إحدى الجماعات على هويات الجماعات الأخرى. يتبدى ذلك بوضوح أكبر في الدول التي تحتوي على تنوع ثقافي واسع، والتي تقع في الوقت نفسه تحت وطأة أنظمة استبدادية. وتمثل تجربة سورية في ظل الاستبداد البعثي نموذجاً ملائماً لهذه الأطروحة.
تحررت سورية من الانتداب الفرنسي قبل انقلاب البعث بأقل من عقدين، ولم تكن تلك السنون المعتبرة كافية لبناء نموذج الدولة الوطنية، وتأسيس هويتها على الوجه الصحيح، لا سيما أن تلك الفترة شهدت انقطاعين مهمين للمسار الديموقراطي البرلماني الوليد، تمثلا في مرحلتي الانقلابات والوحدة مع مصر. وفي حين أن فترة الانقلابات كانت المخاض الأساسي لسؤال الهوية الوطنية السورية، والذي تفاعلت فيه العوامل الداخلية مع محصلة قوى الفاعلين الدوليين والإقليميين إبان تلك المرحلة، فتجربة الوحدة، التي حصلت بعد عدة سنوات من الاستقرار السياسي النسبي، كانت وبصرف النظر عن النتائج، أحد، بل أول، الاختبارات العملية المهمة لهذا السؤال.
جاء انقلاب البعث ليقضي على أي أفق محتمل للتطور الطبيعي للحياة السياسية يسمح بإمكانية تشكل هوية سورية مؤسسة ومبنية على عقد اجتماعي طوعي بين عموم السوريين. على العكس، أفضت ممارسات البعث عبر عديد السنين إلى تقويض أسس السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي عبر ممارسات سياسية وتنظيمية على مستوى الدولة اتسمت بغالبيتها بطابع تمييزي. وعلى رغم أن الأنظمة الشمولية تقوم على فكرة إدماج عموم الأفراد والجماعات والطبقات في بوتقة «الأمة»، ففي الحالة البعثية هذه، سرعان ما استحالت فكرة الإدماج تلك إلى اندماج ما بين الحزب الحاكم ومؤسسات الدولة، بحيث تماهى الحزب بالسلطة، ونظام الحكم بالحاكمية، وبدأ العمل على خلخلة التوازنات القائمة إن على مستوى المشاركة في الحياة السياسية وصيانة الحقوق الأساسية لعموم المواطنين على حد سواء، أو على مستوى الوظائف العامة في جميع مؤسسات الدولة، وفي شكل خاص في مؤسستي الجيش والأمن، بناءً على قاعدة الولاء للسلطان، وبمنطق تمييزي كما أسلفنا، قائمٍ على تقريب فئة دون أخرى بما يخدم مصالح النظام بتوطيد أركان حكمه. وهو ما سيودي لاحقاً بالميدان السياسي والاجتماعي العام للسوريين إلى مصيره البائس.
ولا يمكن الركون إلى اعتبار مستوى «الأمن والأمان» في الحياة الاجتماعية اليومية، ومن ضمنها العلاقة بين الجماعات الأهلية، أحد المؤشرات الصحيحة الدالة على جدارة واستحقاق نظام حكم البعث للشرعية، طيلة عقود خمسة من الاستبداد، فكيف بالأحرى اعتباره المؤشر الصحيح والوحيد؟! وبصياغة أخرى، في ظل وجود علاقات القوة والهيمنة، وعلى نحو صارخ كما في الحالة السورية، قد يبدو «السطح» الاجتماعي متوافراً على الكثير من عوامل الثبات والاستقرار، بينما يمور القاع بالكثير من الإرهاصات والتوترات القائمة على أساس هوياتي، والتي تنتقل من حيز الكمون إلى حيز الفعل في المنعطفات الحادة سياسياً واجتماعياً، وتمثل سيرورة الثورة السورية ومآلاتها الحالية برهاناً واضحاً على ذلك.
تشكل المساءلة الجدّية لكيفية إدارة نظام الاستبداد للتعدد الثقافي الموجود على الأرض، وعلاقة ذلك بمفهوم الهوية الوطنية، نقطة انطلاق أساسية وإجراءً مقبولاً للبحث في كيفية بروز الهويات الفرعية، وتموضعاتها ضمن تراتبيات أكثرية/ أقلية، سلطة/ مجتمع، وبالتالي لاستبصار وتبيّن مناطق التوتر الناتجة عن فرض تلك التراتبيات قسراً، وتمييزها عن تلك التوترات المتأتية في شكل طبيعي عن نقاط وحدود التماس بين الهويات.
فالهوية، إلى جانب خصائصها الأساسية كالتعدد والتعقيد البنيوي والدينامية إلخ... هي مفهوم سياقي، أي أنها رهان ونتاج صراعات اجتماعية، تتراكم وتتزاحم فيها مستويات هوياتية عدة تستطيع الجماعة المفاضلة بينها، من خلال محصلة التماهي بين الهوية التي تضعها هذه الجماعة لنفسها، والهوية الافتراضية التي ينسبها الآخرون إليها. ووفق دينيس كوش: «ليس لكل المجموعات «سلطة التماهي» نفسها، إذ هي تتوقف على الموقع المكتسب في نسق العلاقات التي تربط بين المجموعات. وليس لكل المجموعات النفوذ نفسه في إطلاق التسمية وفي تسمية نفسها. وحدهم أولئك المتمتعون بالنفوذ الشرعي، أي النفوذ الذي تكسبهم إياه السلطة، يمكنهم فرض تعاريفهم الخاصة لذواتهم وللآخرين».
وبالنتيجة، نخلص إلى القول إن الهوية تتحدد بدلالة محصلة القوى والعلاقات والتنازعات القائمة بين مجمل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين. أما من جهة أخرى، فهي تتحدد من خلال تموضعها ضمن شبكة المصالح والعلاقات التي تربط السلطة بالمجتمع ككل، وبالجماعات كلٍ على حدة.
وضمن هذا السياق من العلاقات بين سلطة الاستبداد والمجتمع، يتم النظر إلى هوية أو جماعة بعينها وتصنيفها على أنها أكثر «إيجابية» من سائر الهويات والجماعات. وفي واقع الأمر، تستفيد الجماعة المعنية من الامتياز الذي حظيت به من السلطة، لتستبطن في ما بعد إحساساً بالتفوق على الجماعات الأخرى، ولتتحول في نهاية الأمر إلى تمثل هذا التفوق على أنه جوهري وطبيعي، يبيح لها الفوز بهبات السلطان دوناً عن سائر العباد، وتبدي خلال ذلك استعدادها الدائم للدفاع عن تلك المكاسب، أي عن السلطة بطبيعة الحال، فتتم الاستفادة في شكل كبير من أعضاء الجماعة تلك ومن المتماهين معها، في تأمين أركان الملك العضوض. تتمترس تلك الجماعة في حالات التهديد الجدية، تنكمش على نفسها وتتشرنق وتبدأ بالتحول تدريجاً إلى هوية مضادة للمجتمع، كما أن حدودها في النفوذ تغدو مصمتة تماماً.
يصح القول إن التخلص من نظام الاستبداد، وبمعنى آخر تفكيك آليات الهيمنة والسيطرة، يعتبر الخطوة الأولى اللازمة، وغير الكافية بطبيعة الحال، في مسار تحرير هذه الهوية أو الجماعة من «تفوقها» وإعادتها إلى مكانها الطبيعي في النموذج الاجتماعي المتعدد الثقافات.
منذ تأسيسه في مطلع الثمانينات لم يمنَ «حزب الله» بخسائر كبيرة كما يحدث له الآن في سوريا، وأكثر من كل حروبه مع إسرائيل مجتمعة.
ومع استمرار نزيف الحزب تقول أكثر التقديرات تحفظًا إنه خسر ألفاً من خيرة مقاتليه، والتقديرات الأخرى تتحدث عن ثلاثة آلاف. خسر كذلك عددًا من قياداته العسكرية المهمة، ومن بينها، كما رصدها الكاتبان ماثيو ليفيت ونداف بولاك: قُتل فوزي أيوب، قائد لبناني - كندي مزدوج الجنسية من «حزب الله» في محافظة درعا جنوب سوريا، من أهم المطلوبين لدى «مكتب التحقيقات الفيدرالي» الأميركي، وحسن حسين الحاج، في معارك جرت حول إدلب، وقُتل خليل محمد حامد خليل في حمص، وقُتل علي فياض في منطقة حلب، بينما لقي «قائد (حزب الله) المخضرم» خليل علي حسن، مصرعه أيضًا في منطقة حلب في أوائل الشهر الحالي، والأهم أرفع قادته، مصطفى بدر الدين، الذي قتل في شهر مايو (أيار) الماضي. كلهم قتلوا في معارك مع الثوار السوريين أو الجماعات المسلحة الأخرى في سوريا.
وعدد قتلاه ومراتبهم العسكرية من أسرار الحزب التي عود الجميع على عدم إفشائها إلا عندما يدرك أنها ستذاع من قبل الآخرين.
فهل ستؤثر الخسائر عليه وعلى مستقبله كقوة محلية لبنانية وكميليشيا خارجية ملحقة بالحرس الثوري الإيراني؟
«حزب الله»، بخلاف إيران، لا يستطيع فرض التجنيد الإجباري على شباب طائفته في لبنان، ولا يملك من وسيلة لإقناعهم بالانخراط في صفوفه إلا من خلال الدعاية الدينية والسياسية وبالإغراءات المالية.
كان زعيم ما يسمى «حزب الله»، حسن نصر الله، يتعهد بأنه سيقضي على «التكفيريين» في بضعة أشهر. لكن، وبعد أن طالت الحرب في سوريا إلى خمس سنوات، أمضى الحزب يقاتل فيها أربع سنوات، هل يستطيع أن يستمر مهما طال أمد الاقتتال؟
والأسوأ له أن حجم تورط «حزب الله» ازداد وتجاوز سوريا، حيث يبعث رجاله للقتال نيابة عن إيران في العراق أيضًا، ويعيش حالة استنفار متواصلة ومرهقة في داخل لبنان. وعدا عن نزيف الدم والمال فإنه خسر كل شيء تقريبًا من سمعة وتأييد في العالم العربي بناه خلال مواجهاته مع إسرائيل. وفي حال فشل المغامرة الإيرانية في سوريا، وهو الأرجح، ستكون تأثيراتها خطيرة على «حزب الله» ليس فقط في سوريا، وبلده لبنان، بل حتى داخل طائفته؛ فقد كان يبرر هزائمه أمام إسرائيل، كما في حرب 2006، بالقول إنه كسب بإفشال أهداف إسرائيل! إنما في حال هزيمته في سوريا، أو استمرار خسائره في سوريا، سيكون وضعه صعبًا، بما في ذلك داخل طائفته. ولن يستطيع ضمان اصطفاف شيعة لبنان خلفه، بعد أن كان يحارب ما وراء الحدود، كما يقول لهم، دفاعًا عن سلامتهم ووجودهم، في حين أنها حرب بالنيابة عن المصالح الإيرانية التي حولت مقاتلي «حزب الله» إلى مرتزقة يحاربون لخدمتها في كل مكان، وحربه في سوريا كلفتهم الكثير ولم تمنحهم الأمن الموعود.
ولأن مواجهة إسرائيل أصبحت مستبعدة، خاصة بعد توقيع اتفاق إيران النووي مع الغرب، وكذلك بسبب ضعف الحزب عسكريًا، فإن مبرر وجود «حزب الله»، كمؤسسة ميليشيات مسلحة، أصبح صعبًا في أن يدوم من دون تحديات له في لبنان. وهذا ما يجعل الحزب، وإيران، حريصين على رفض أي حل لا يبقي على الأسد رئيسًا وبسلطات كاملة، لأنهم يعرفون أن تأثيرات الهزيمة تتجاوز حدود سوريا إلى لبنان. هزيمة الأسد في سوريا الأرجح أنها ستقضي على «حزب الله» في لبنان.
فحجم الثمن الذي يكلف الحزب بسبب تورطه في المستنقع السوري باهظ. وهو الثمن الذي كان يتحاشى دفعه، حتى في زمن مواجهاته العسكرية مع إسرائيل، باللجوء إلى الاختباء بين المدنيين أو تحت الأرض، بدعوى استدراج العدو أو بحجة توفير قدراته للمواجهة.
حرب سوريا القذرة أفقدت «حزب الله» سمعته، وتاريخه، وشعبيته، وشرعيته، وشبابه، وقادته.
بعد عراك طويل مع ذاتي بين حب للحياة والثورة، قررت ان أخد استراحة طويلة بعيداً عن كل ما يمت للثورة بصلة، وأن امارس طقوس الامومة وأطبخ وأغسل وأقرأ رواية عاطفية أو بعض من قصص اجاثا كريستي، و قررت أن أنضوي بعيداً عن كل الترهات التي تحدث في سوريا لأجدد نشاطي وعزيمتي من جديد، و ان أمارس طقوسي الدينية وبعضاً من الطقوس الاجتماعية التي تنحت في حياتي وأصبحت من الكماليات لا أكثر
عشرون يوماً بعيداً عن اخبار من يمثلون الشعب السوري المعارض والذي أتوقع أنهم يسمون أنفسه "الائتلاف" ، بعدياً عن صور تلك العضوات فيه اللواتي يظهرون في اجتماعاتهن ليلبسن تنورة قصيرة تظهر مفاتن أرجلهن او بنطال من إحدى الماركات العالمية ليظهرن كم الشعب السوري منفتح، أما ذكور الائتلاف فقد ارتحت من ابتسامتهم الصفراوية التي يرسمونها على أوجههم ليبدوا إحساسهم بالناس التي تعاني، او ربما يرسمون عقدة حاجب مصطنعة لتتناسب وتراجيديات الوضع السوري
خلال هذه الأيام ارتحت من رائحة البارود التي تفوح حروفي، و حاولت أن أسقي وردة على وشك الموت في صدري لأشعر اني انسانة شبه طبيعية، ارتحت من أخبار حلب تحرق و إدلب تحتضر و حاولت ان أكون صريحة مع نفسي أكثر وأن أعانق قلمي الرومنسي وأعاتبه لما ابتعد عني، حاولت ان أرتشف قهوتي على أنغام أغنية أحبها وليس على وقع دفوف الموت وبالقرب من أشلاء الشهداء
أيقظني اليوم خبر اقتتال الميليشيات الشيعية و حزب الله مع جيش النظام السوري، صرخت بقوة وضحكت من قلبي، وعدت لأتذكر أني في هدنة مع نفسي ولكن هذا لم يمنعني ان أصفق وأصفر و أتودد للحروف التي قراتها عن هذا الخبر، ولكني عدت من جديد لأرتدي وشاحي و فستاني الذي سأخرج به اليوم على الفطور لأكون إنسانة طبيعية أفعل كل شيء من اللا شيء رغم كل شيء
عشرون يوماً وأنا أمثل دور الأنثى و دور الصديقة ودور الحبيبة، حتى شعرت بغربة الأشياء من حولي، وغياب المنطق، وسذاجة الحلم، فالحرية لا تولد من رحم حياة طبيعية والكرامة لا تنبت في كيس طحين أو دلة قهوة ولا تزرع وردة وسط كتاب
ادركت جلياً أن العيب ليس في الثورة وإنما في القائمين عليها، تمنيت لو ان لدينا شيخاً أو قديساً يعرفون ان الإنسانية قد ضاعت وأننا بتنا نتهرب من أن ندرك أننا مجرد حيوانات ناطقة لكنها تتدفئ على موقد و تسكن في بيت لا جحر أو عش او شجرة ، أيقنت أني في حاجة رجل يمثلني أو حتى انثى تمثلني، يتمتعون بروح البشرية، يلجمون أنفسهم ويبحثون عنا كشعب اشعث متذبذب
لأعود بعد عشرون يوماً الى حالي أتورط في صحف عليها ناس يمثلون الشعب بعيداً عن الموقف وأعود للقصف الهمجي و معارك بين فصائل تماطل، لكني قررت اليوم اني لن أقرا خبراً حتى أرتدي وشاحي و فستاني و أتناول فطور إنساني وأكون طبيعية بعض الشيء و لن أعاني، وبعد الفطور سأعود الى حالي الى أرضي الى وطني لترحالي بين تلة ملأتها نفايات الصواريخ و أشجار احتضنت شظايا القذائف و رصاص أحلامي
صحيح أن الكثير من الطائفية المُستترة عرفته الحياة العامة السورية، خصوصاً في السياسة ومؤسسات الدولة وعالم الأعمال، حيث كانت أهم أدوات الأسدية لحُكم البِلاد لعقود، ولإدارة أشكالٍ من التوازنات المعقولة بين الجماعات الأهلية.
لكن أيضاً كان ثمة ما هو مخالف تماماً لذلك في الحياة اليومية المُجتمعية السورية، مما تنامى بفضل ديناميات تنموية واجتماعية واقتصادية وتعليمية حدثت بكثافة خلال العقود الخمسة الأخيرة. فقد كانت سورية زاخرة بالكثير من أشكال «الاختلاط الديموغرافي» والتعايش والسلام الاجتماعي المعقول، وباتت جميع البيئات السورية ملونة بنسبٍ متفاوتة من السُكان والحساسيات. لقد بدأت تتبلور ثقافة اجتماعية مليئة بالشيفرات والرموز الثقافية واللغوية السورية الخاصة، لم يكن أقل منها تبلور طبقة سورية وسطى ما، وإن كانت مُنهكة اقتصادياً، لكن مئات الآلاف من السوريين الأعلى تعليماً كانوا يعتبرون أنفسهم سوريين مدنيين أولاً، عابرين للهويات المذهبية والدينية الجهوية.
لم يكن من خارج هذا الواقع تضخم الكثير من المُدن المركزية وتنوعها، فدمشق وحلب وحُمص واللاذقية غدت إلى حدٍ معقول «مُدنا متروبولية» بتشكيلاتها الاجتماعية. مثلاً، كان ثمة في مدينة حلب وحدها قُرابة نصف مليون كُردي سوري، وما يقارب مليون كُردي في دمشق، كانوا محملين بنزعة قومية كُردية، لكنهم لم يكونوا يستبطنون نزعات من الكراهية والعدوانية تجاه محيطهم الاجتماعي، وكانت مستويات التفاعل بينهم وبين المُحيط بالغة الثراء، وكذلك كان ثمة عشرات الآلاف من الكُرد السوريين في حُمص والساحل.
الأمر نفسهُ كان ينطبق على العلويين السوريين، الذين بفضل ديناميات الاقتصاد والامتيازات في مؤسسات الأمن والدولة، تركوا بيئتهم الجغرافية في الساحل واستقروا في جميع الجغرافيات السورية. فعشرات آلاف العائلات العلوية استقرت في مُدنٍ قصية من سورية، حيث بقيت لأكثر من أربعة عقود، حتى أصبح الكثير مُنهم بحُكم الواقع أجزاء من تلك البيئات. وهو أيضاً ما ينطبق على باقي الجماعات الأهلية.
كانت ديناميتا التعليم والاقتصاد الفردي قد ساعدتا على نمو الكيمياء الاجتماعية السورية وحيويتها. فالجامعات المركزية الحُكومية الخمس ضمت مئات آلاف الطلبة السوريين القادمين من كُل الأطراف، حيث سمح تطور المواصلات بتنقلهم السلس حتى بوتيرة أسبوعية، ما بين مناطقهم وهذه المُدن. وبسبب تمركز التنمية في تلك المُدن الخمس حيث الجامعات الحكومية، فالغالبية العُظمى من هؤلاء الطلبة الجامعيين استقروا في مناطق دراستهم، وغدت علاقتهم بأريافهم ومُدنهم الصغيرة أقل حيوية، وبالتالي أقل ولاء.
هذه الطبقة السورية من المُتعلمين نفسها، كانت قد فرزت الطبقة الوسطى السورية بكل تشوهاتها ومُشكلاتها الاقتصادية، كما فرزت مئات الآلاف من الشُبان السوريين المُنخرطين في شبكة الاقتصاد السوري المُعولم والاحتكاري، كشركات النفط والاتصالات والسيارات الخ... ولأسباب مُختلفة مُتعلقة بالولاء لنمط الحياة وشبكة العلاقات وضرورات العيش المُشترك في المُدن، كانوا الأقل طائفية وقومية، بل الأقل مُبالاة بالسياسة والأيديولوجيات عموماً.
شيء رديف لذلك تأسس بسبب طبيعة الاقتصاد. فسورية لم تكن دولة ريعية بالمعنى النفطي. فالريعية كانت فقط شكلاً من التضخم البيروقراطي والاستيعاب الوظيفي من قِبل السُلطة، أي شكلاً من البطالة المُقننة ليس إلا. لكن السوريين في عمومهم كانوا، في دورة الحياة الاقتصادية الحقيقية، يحيون في نمط من «اقتصاد الظل» والخدمات والتي تجاوزت نسبتها ثلاثة أرباع القيمة الكُلية للاقتصاد السوري. فشبكات التهريب والعمل في العُمران والنقل وتصدير العمالة الرخيصة إلى دول الجوار والعمل في بسطات البيع المُفرق والصناعات البسيطة والمتوسطة والصناعة لمصلحة الشركات العالمية، كانت جوهر الاقتصاد السوري. وهذا عنى أن سورية لم تعد دولة زراعية بالمعنى التقليدي، ولا حتى دولة ذات اقتصاد مركزي مُنقاد من الدولة، بل على العكس تماماً، رتّب السوريون حياتهم الاقتصادية وكأن الدولة غير موجودة تماماً، ولا تتكفل بأي شيء، بل مُجرد ثقل اقتصادي.
لقد تطلبت تلك الحياة الاقتصادية كثافة في الكيمياء الاجتماعية اليومية وتجاوز الكثير من خطابات الهوية. لكنها أيضاً كانت دافعاً لتبلور واستبطان الغُبن من قِبل ملايين السوريين، وأن هذه الكيمياء في دورة حياتهم اليومية يجب أن تدفهم إلى المزيد من الانتظام السياسي والثقافي والطبقي المُستقل عن السُلطة وهيمنتها على المُجتمع السوري. وهذا ما كان النِظام السوري يمنعه بكُل شكل، فيحطمه ويخلق ديناميات ومؤسسات لقمع أي مصدر له، وهو الشيء الجوهري الذي تسبب باندلاع الثورة ورسم الملامح الجوهرية للسياق الذي حكم تطورها.
فشيء مما كان قد قاله ماركس عن الرأسمالية التي تحمل خرابها في داخلها كان ينطبق على سورية ومجتمعها الحيوي. ذاك أن تلك الحيوية من دون حريات عامة أو اعتبار لمكانة البشر، تغدو لا شيئاً، بل عتبة على درب الخراب.
لا حل قريباً في سورية، ولا في العراق، ولا في لبنان. فتّش عن إيران. ستكون «معجزة» مفاجئة أن تظهر بداية حلٍّ في اليمن، وهي لن تحصل إلا اذا نال أتباع ايران تنازلات تمكّنهم لاحقاً من استعادة زمام المبادرة لإعادة الأزمة الى مربعها الأول. فالمشترك بين هؤلاء الاتباع أنهم لا يولون أهمية لـ«السلم الأهلي» أو لـ«الاستقرار» أو لمستقبل بلدانهم دولاً ومجتمعات، وتلك هي على ما يبدو احدى أكثر «قواعد الملالي» وتعليماتهم خطورةً وبشاعةً. البقاء في السلطة أو الاستحواذ عليها بالقوة هو الأهم عندهم: انظروا الى تهوّرات حكومات قاسم سليماني في بغداد، الى جرائم بشار الأسد وبراميله من أجل البقاء، الى إصرار الحوثيين على مصير لتعز لا يختلف عن مصير حلب، الى تعطيل «حزب الله» الدولة والمؤسسات وتوجّهه الى العبث بالنظام المالي وهو آخر ما تبقّى من مقوّمات الاستقرار في لبنان.
الحل في سورية، كما يراه الإيرانيون، هو مفتاح الحل في العراق، وفي لبنان. بل حتى في اليمن لكن مع بعض الفوارق لأن طهران لم تستطع استكمال «تطييف» المواجهة بسبب عدم استعداد اليمنيين لتجرّع السموم التي ضُخّت في مجتمعهم. أي حل مبني على بقاء سورية «موحّدة» سيشكّل نكسة كبرى لمشروع الإيرانيين وأطماعهم، حتى لو انبثق هذا الحلّ من مفاوضات تبذل فيها موسكو كل جهد لإفراغ بيان جنيف والقرارات الدولية من أي مضمون يشير الى «انتقال سياسي». ففي سورية موحّدة لا تطمئن طهران الى أي حكم اذا لم يكن بشار الأسد نفسه على رأسه، ولا تطمئن الى أي بديل يماثله أو ممن ارتبطوا بها وقدّموا اليها فروض الولاء والطاعة. ونُقل عن مصدر أممي أن ستافان دي ميستورا طرح مرّة على محاوره الايراني فرضية أن الأسد قد يختفي من المشهد لسبب أو لآخر، وسأل: ما هو موقفكم في هذه الحال؟ أجاب الآخر: هذه فرضية مستبعدة تماماً ولا نفكّر فيها.
وفي سورية موحّدة تعود ايران الى مواجهة واقع وحقيقة ليسا في مصلحتها، اذ لن يكون في الإمكان تجاهل التركيبة الديموغرافية، المختلفة هنا عمّا هي في العراق حيث ابتلع شيعة ايران الشيعة العرب ووظّفوا تغليب الأكراد عرقيّتهم على سنّيتهم ليتمكّنوا من تهميش السنّة وعروبتهم. أمّا في سورية فيراد للأقلّيات أن تهمّش ما يزيد عن ثلثي الشعب، لكن مهما قُدِّمت مسألة «حماية الأقليات» أو غُلِّبَت كأولوية لا يمكن اعتبارها أساساً لوضع عادل ودائم ومستقرّ. واذا كانت التجربة الأسدية (العَلَوية) وفّرت نموذجاً يناسب إسرائيل وإيران في آن، بالاضافة الى روسيا، إلا أنها كانت كارثية على مستوى الداخل، ليس فقط بالنسبة الى الغالبية السنّية بل كذلك للأقليات الطائفية والعرقية كافة، ورغم ضراوة الصراع الحالي لم تنزلق سوى فئات محدودة في المعارضة الى الهاجس الطائفي، لأن المشكلة لم تكن في طائفة الاسد أو مذهبه بل في سلوكه الاستبدادي المفرط، ولذلك فإن مصيره في سورية الموحّدة، أو «المفيدة»، أو المقسّــمة، لن يختلف، ولا بقاء له كمـــا لا بقاء لحلفائه الايرانيين في أي ســـورية إلا بدوام الحرب الراهنــــة الى ما لا نهاية. أما تحدّياته في خطابه الأخير فلا تقلق ارهابيين أو غير ارهابيين بمقدار ما تقلق جمهوره وبالأخص أبناء طائفته.
قد لا تختلف الولايات المتحدة وروســـيا وإســـرائيل كثيراً عن إيران والنظام في كونها لا تريد أيضاً نهايةً قريبة لهذه الحرب. فلديها نظـــام يلائمهـــا جميعاً، لهذا السبب أو ذاك، لكنه لا يصلح للمضي معه نحو أي حل، أياً تكن صيغته. ولديها شعب لا يلائمها جميعاً، لأسباب شتّى جعلتها تجهله وتتجاهله يوم كان صامتاً وخائـــفاً، ولم تشأ أن تعرفه وتعترف به منذ انتفض لحرّيته وكرامته. والأهم أن لدى هذه الدول تصــوّرات متباينة بل متناقضة للحــــلّ الذي يمكن أن ينهي الحرب. لم يعد مجهولاً أن «الحلّ السياسي» لا ينفـــك يضيع بين الهدنات المتساقطة وقوافل المساعدات المحتجزة والهجمات التي يبرمجها النظام وايران ويتكيّف معها الروس.
وقائع كثيرة في هذه المرحلة باتت تذكر بأساليب اسرائيل والولايات المتحدة في إحباط القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، أو حتى اتفاقات مع الفلسطينيين، بإغراقها بالتفسيرات وتمييعها لتفقد تباعاً زخمها ثم جدواها ثم أي مغزى وفاعلية قانونيين، فيما تمضي اسرائيل في تغيير الوقائع على الأرض. إذ تضافرت جهود روسيا وايران والنظام لإحالة القرار 2254 و «بيان جنيف» ومختلف مرجعيات التفاوض الى مرحلة لاحقة. وكما كان ولا يزال يُقال للفلسطينيين انتظروا الادارة الأميركية المقبلة، يقال اليوم للسوريين لا أمل يرتجى مع اوباما انتظروا من سيأتي بعده. والمشكلة في هذه الوصفة المسكِّنات هذه أنها لم تأتِ يوماً بأي جديد يمكن الرهـــان عليه، طالما أن المصالح هــــي المصالح. لكن، في الانتظار، يريد الاــــسد «استعادة كل شبر من الأرض السورية»، هكذا قال عشية اجتماع وزراء الدفاع الثلاثة في طهران، ولا شــــك في أن الايرانيين متّفقون معه، أمــا الروس فراغبون لكنهم لم يحسموا أمرهم بعد. ذاك أن المزيد من التغيير في الخريطة الميدانية بات يعني سلسلة من المذابح الكبرى، وليس سفك الدماء ما يستدعي تردّد موسكو إلا أنه يتطلّب ارسال مزيد من القوات والاستعداد للتورّط أكثر، وهو ما لا تزال تتجنّبه. وعدا ذلك فإن الحل العسكري المطلوب ايرانياً وأسدياً لا يقتل كل حلٍّ سياسي فحسب بل يعدم أي توازن في عموم المنطقة.
اعتمد نظام الأسد وإيران على القوة العسكرية والثقل الدولي لروسيا التي غيّرت معادلات الصراع لمصلحتهما، لكنهما يعتمدان الآن على نقاط ضعفها وهي تكمن في حساباتها الاستراتيجية في مواجهة اميركا، وفي الأهداف التي حددتها لتدخلها في سورية، وفي تراجع خبراتها وإمكاناتها لإدارة بلد في حال حرب أهلية بعيداً من حدودها وعن الجمهوريات الهشّة التي تهيمن عليها. ويعرف نظاما الاسد والملالي أنهما عملا على تعقيد الواقع داخل سورية بحيث يصعب على أي قوة خارجية الاقتراب منه وترويضه. لذلك تبخّر الكثير من الأفكار والخطط التي تحدّث عنها الروس في البداية، ولعل أكبر خيباتهم أنهم لم يتمكّنوا من وضع الجيش في الواجهة واضطروا للتكيّف بقبول الميليشيات، وهي عماد الاستراتيجية الايرانية في سورية وسواها. ومن خلال سيطرتهما على الواقع يكون نظاماً الاسد والملالي قد تموقعا للتحكّم بأي تسوية للصراع السوري.
كانت موسكو مدركة هذا الوضع الإشكالي، ولذلك سارعت الى اقامة تنسيق عسكري مع إسرائيل ودفع العلاقة معها الى أقصى حالات التقارب، وهو ما لم يُغضب الأسد فيما واجهه الإيرانيون بالصمت المطبق رغم الكلفة العالية التي يتحمّلونها سواء بالخسائر التي يتكبّدها «حزب الله» من قادته وكوادره أو على الأقل بالانكشاف التاريخي لزيف شعارات الممانعة والمقاومة التي يرفعونها. كما أن موسكو استخدمت لقاءات فيينا للتسلّح بغطاء دولي لـ «مشروعية» دورها وتعويض النقص في أهليتها لقيادة الملف. فبعد تجربة الهدنة، وبعد اخفاق الاجتماع الأخير لـ «المجموعة الدولية لدعم سورية» في تحديد موعد لاستئناف مفاوضات جنيف، وكذلك بعد افتضاح العجز عن إيصال المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة، بات الجميع يعرف أن الكلمة العليا ليست لروسيا وإنما لنظام الأسد وإيران، والأخيرة مشاركة في لقاءات فيينا. وفيما ترى عواصم أوروبية عديدة أن التطورات تجاوزت «صيغة فيينا»، فإن السؤال يُطرح بإلحاح الآن عمّا اذا كان الروس والاميركيون بلغوا أقصى ما يستطيعون، وهل يطلبون مساعدة ايران، وبأي ثمن؟
لم يخف تكتل الضابط السابق ميشال عون «للإصلاح والتغيير» امتعاضه الشديد من تدفق اللاجئين السوريين (السنّة) إلى لبنان ورأى فيهم «تهديداً لوجوده»، وحذر بشكل متكرر ومبالغ فيه من احتمال «توطينهم». واعتبر البعض ذلك وجهة نظر طرف سياسي لبناني، على رغم الخلفيات العنصرية والطائفية التي تشوبه. أما أن يقوم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، صهر زعيم التكتل نفسه وممثله الرئيسي في الحكومة، بتحذير دولة أوروبية من الخطر الذي يشكله النازحون السوريون والعراقيون على «ثقافتها وصورتها»، فأمر يدخل في باب النفاق السياسي والأخلاقي.
تحذير باسيل خلال زيارته الحالية إلى هلسنكي من أن تؤدي الهجرة الجماعية إلى «زعزعة الأسس التي بني عليها الاتحاد الأوروبي كمجموعة من القيم وجماعة من الشعوب»، وأن «تهدد التنوع» في القارة العجوز و»تفتح الباب أمام الإرهابيين»، انعكس تعليقات ساخرة في الصحافة الفنلندية، علماً أن نظيره الوزير الفنلندي تيمو سويني الذي ينتمي إلى حزب معاد لأوروبا، كان أقل حماسة من باسيل بكثير في استعراض المخاطر على بلاده، وهو عضو في حكومة عرض رئيسها تقديم منزله الخاص لاستضافة لاجئين من الشرق الأوسط.
وتحت عنوان «وزير خارجية لبنان قلق على صورة فنلندا»، قالت صحيفة «فنلند توداي» أنه «على رغم المسافة الشاسعة التي تصل إلى 3200 كيلومتر بين البلدين، إلا أن وزيري خارجية لبنان وفنلندا لا يتقاسمان فقط المعتقدات الدينية (كلاهما كاثوليكي، وهذا تفصيل مهم في فنلندا التي ينتمي 78 في المئة من سكانها إلى الكنيسة اللوثرية)، بل توافقا أيضاً على الحاجة إلى وقف الهجرة الجماعية»، مضيفة أن باسيل «تساءل عما إذا كانت فنلندا ستستطيع الحفاظ على ثقافتها وصورتها التاريخية» بعد استقبالها نحو 35 ألف لاجئ، مع أن مساحتها تبلغ عشرات أضعاف مساحة لبنان، واقتصادها بين الأكثر ازدهاراً في أوروبا.
وكأن الوزير اللبناني، مع الفوارق الكبيرة والكثيرة، يستعير أفكار وتعابير المرشح الجمهوري الأخرق للرئاسة الأميركية دونالد ترامب الذي يرى في استقبال بضعة آلاف من اللاجئين السوريين تهديداً «إرهابياً» للولايات المتحدة، ويدعو إلى منع المسلمين من دخول بلاده وإلى بناء سور على الحدود مع المكسيك بسبب مخاطر الهجرة على «القيم الأميركية».
ولو دقق الفنلنديون قليلاً في المعلومات عن باسيل لوجدوا أن حماه (والد زوجته) عون، مؤسس الحركة التي ينتمي إليها، كان لاجئاً في فرنسا طوال 15 عاماً، وأن الذي هجّره إليها هو والد الرجل الذي يهجّر اليوم ملايين السوريين داخل بلدهم وإلى خارجه، بسبب خيار «الحل العسكري» الذي يتبناه ويؤيده فيه باسيل عندما يصرح بأن «الإرهاب» هو سبب موجة النزوح الهائلة من الشرق الأوسط وليس النظام المستبد في دمشق وحلفاؤه الروس والإيرانيين وتوابعهم.
تبدو تصريحات باسيل عن اللاجئين، سواء في لبنان أو الخارج، مفتعلة تتقصد النيل من ثورة الشعب السوري ومعاناته، وتحريفاً مقصوداً لحقيقة أن السوريين لم يكن لهم خيار في اضطرارهم إلى ترك بيوتهم وقراهم ومدنهم، والهرب من العنف والقتل الجمعي في بلدهم بسبب حاكم يرفض التغيير ويعتبر المطالبة به «خيانة وإرهاباً». ولا تخرج مواقف الوزير «البرتقالي» عن كونها مجرد تغطية بائسة لاستمرار بشار الأسد في تهجير المزيد من مواطنيه، بعد توعده الأخير بـ «تحرير سورية كلها».
احتجت لقرابة ٢٤ ساعة حتى تمكنت من الولوج في تفاصيل اللقاء التاريخي الذي جمع الائتلاف بهيئة التنسيق في أرض الحياد "بروكسل" ، و برعاية حنونة من الاتحاد الأوربي، اجتماع أقل ما يوصف بأنه "تأريخي" ، مع تهميز على الألف، و خرج بمجموعة من التوصيات التي تتناسب و روعة المرحلة و قرب الانتصار المدوي للمعارضة السورية السياسية بشقيها الداخلية و الخارجية، و لم يبق إلا الرفض للاحتلال و التدخل الخارجي .
صورة جماعية لـ ٢٠ شخصية ، كجزء من فسيفساء المعارضة السورية، تدل على عمق المباحثات و هدوئها و نجاحها في الوصول إلى مفاهيم أساسية تتمثل في ضرورة توحيد الرؤى و الجهود و صوبها في بودقة الحل للخروج من "الأزمة" نصرة للشعب السوري، طلب بتشكيل "ترويكا" و من الممكن أن تكون ٥+١ للمساهمة في حل الأمور و انهاء الحرب و تشكيل الدولة.
الغريب هذه المفاهيم البسيطة السهلة احتاجت مني لساعات طويلة لفهم عمقها و أهميتها المصيرية في المستقبل السوري، والمنطقة العالم أجمع، فالمجتمعون رؤوس المعارضة السورية، الذي لا يملك أي منهم الحق في الدخول إلى سوريا دون موافقة، أو التجوال فيها دون اذن أو حماية ، و لا يمونون على سائق سيارته حتى يحدد هوية و مستقبل سوريا، و يحدد الخيارات المطروحة و يؤطرها وفق ما يريد، مع التأكيد على الأهم لا يملك بندقية أو كلمة على حامل بندقية، فهو في أحسن الأحوال دشمة قابلة للاستهداف في أي وقت .
الجميل هو عزف مقطوعة "الأكراد" و ضرورة تمثيلهم في المعارضة ، و التأكيد على دورهم و حضورهم، و لم أفهم ماذا يريد البيان ايضاحه ، فالأكراد يملكون أراض آمنة و وواسعة، لا قصف فيها للطيران و لا قتلى بعبثية، يحظون بدعم أمريكي روسي و من النظام أيضاً، و لهم ممثلين في الائتلاف و هيئة التنسيق و بكل شيء، ولكن العمق الغابر للمتباحثين لا ندركه نحن، فأهالي حلب و ادلب هم نخب غير مهم و لم يذكروا بكلمة، فهم يزعجون هيئة التنسيق التي قال في يوم من الأيام منظرها العام أن البراميل سلاح قد يخطئ.
أفضل ما خرج به الطرفان " الائتلاف – هيئة التنسيق" هو رفض الاحتلال والتدخل الخارجي، ولكن أي احتلال لم أعرف و عن أي تدخل يقصدون، و لكنه مصطلح جيد و يستحق التصدر، فهم توصلوا لاتفاق الرفض دون تحديد المرفوض ، فالغاية في الرفض بحد ذاته، و لم يجرئ الائتلاف بوفده كاملاً على التشبث بهذه الكلمة و تحديد الإرهاب ، و ترك رهاب داعش و عبثيته، و التي باتت أكثر تهديداً من حزب اله و فيلق قدس و الزينبيون و الفاطميون و العراقيون بشتى صنوفهم، داعش التي باتت تؤرق الائتلاف و بقية الأطياف أكثر من الأسد ذاته، للعلم أن داعش لم تقصف سوري واحد بالطيران.
نعود على ذي بدئ ، الصورة التي جمعت العشرين شخصاً، كم هي معبرة عن حال سوريا من وجود كتلة هلامية غير متجانسة تبحث عن مكان تنسكب فيه ، قبل أن تتطاير من شدة الخفة .
الوضع في سورية في حالة استعصاء، وهذا بات معروفاً، فلا النظام يستطيع القضاء على الثورة، على الرغم من كل ترسانة الأسلحة التي يمتلكها، والإسناد العسكري اللامحدود له (فوق السياسي والمالي) من روسيا وإيران والمليشيات التابعة لها. في المقابل، أيضاً، ما زالت الثورة لا تستطيع إسقاط النظام، على الرغم من كل معاناة السوريين وتضحياتهم وبطولاتهم.
وصلنا إلى هذا الوضع المؤسف، أولاً، بسبب بطش النظام، وانتهاجه سياسة الأرض المحروقة في مواجهة البيئات التي يعتبرها حاضنةً للثورة، ما نجم عنه إضعاف طابعها الشعبي، بعد تشريد الملايين، أو وضعهم تحت الحصار والقصف العشوائي الوحشي والمجنون، والتحول تالياً إلى الصراع المسلح مع كل ما يتبع ذلك من مخاطر وتبعات وارتهانات.
ثانياً، ضعف البيئة العربية المؤيدة، لاسيما بعد انتكاس الثورة المصرية، وتضارب إرادات الدول المؤيدة للثورة، والمداخلات المضرّة في شؤونها.
ثالثاً، عدم حسم المعسكر الدولي موقفه من ثورة السوريين، ووقوفه موقف المتفرّج إزاء حالة القتل المستمر التي ينتهجها النظام، ومعه، فيما بعد، القوات الحليفة له المشاركة في قصف السوريين.
لكن هذا القول، أي الحديث عن الظروف الموضوعية الصعبة، لا يعفي المعارضة من مسؤولياتها، فهي على الرغم من كل ما قامت به، وما تنوي أن تفعله لتطوير أوضاعها، مازالت بحاجة إلى توسيع إطاراتها لتشمل أوسع قطاع من السوريين المؤيدين للثورة، كما أنها بحاجة إلى تطوير أحوالها، وهيئاتها، ومد الجسور بينها وبين مجتمعات السوريين في الداخل، وفي الشتات، كما أنها بحاجة إلى استعادة خطابها الأول المتعلق بإسقاط النظام الاستبدادي، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية، تكفل لجميع الأفراد من مواطنيها العيش بحريةٍ ومساواة، في نصوصٍ يتم تأكيدها في الدستور، وتكفل استعادة سورية دولة تعدّدية متنوعة.
بيد أن مشكلة السوريين لا تتحدّد بواقع المعارضة فقط، على أهميته، إذ باتت، منذ زمن تتحدّد بناء على المعطيات المحيطة، أو بناءً على صراعات القوى الدولية والإقليمية في سورية، وعلى سورية، وهذا يعني أن الوضع خرج من كونه صراعاً محلياً على السلطة، وأن القرار بشأن سورية بات بأيدي الخارج، أي لا النظام ولا المعارضة. وفي نقاشنا الوضع الدولي، أو البيئة الدولية، المحيطة بالوضع والثورة السوريين، يجدر لفت الانتباه إلى الجوانب الآتية:
1 ـ ليس لدى القوى الدولية، ولاسيما الإدارة الأميركية، قرار الحسم بخصوص سورية، وهذا يفيد بأنها ستحافظ على "الستاتيكو" القائم، وفق صيغة لا غالب ولا مغلوب، لا المعارضة ولا النظام. وهذا يعني، أيضاً، أن الصراع سيدوم إلى حين وصول القوى الدولية إلى قرارٍ بشأن مستقبل سورية.
2 ـ لا ينبغي أن نستنتج مما ذكرناه أن القوى الدولية (خصوصاً الولايات المتحدة) تشتغل على إعادة تأهيل النظام، فهذا غير صحيح، ولا ينبغي الوقوع في فخ هذه المقولة التي يروجها النظام وحلفاؤه، فما يجري لا علاقة له بذلك، بقدر ما له علاقة بترتيب الأوضاع في سورية، بما يتناسب مع القوى الدولية الفاعلة. ونحن نتحدّث، هنا، عن الولايات المتحدة بشكل خاص وبعدها روسيا.
3ـ واضح أن الولايات المتحدة، في إدارتها الوضع السوري، اشتغلت على توريط كل الأطراف من روسيا وإيران وتركيا والسعودية في هذا الصراع. في حين تقف هي في موقع الحكم والمتفرج، أي أنها بحكم قدرتها، تقف في مكان موزّع التناقضات، وموزع الغنائم، من موقعها في إدارة الوضع ومكانتها قوة مقرّرة، مع ملاحظتنا أنها تفعل ذلك بأقل أثمان ممكنة.
4 ـ على هذا الأساس، يبدو أن المصلحة الأميركية في الوضع السوري تتمثل بالحفاظ على بيئة استراتيجية آمنة لإسرائيل، عقوداً، وهذا يشمل عدم قيام وضعٍ يمكن أن يهدّدها للمستقبل، من العراق إلى سورية، ما يفسر السكوت الأميركي أو اللامبالاة إزاء ما يجري في سورية والعراق منذ سنوات، وضمنه تفكك عرى الدولة والمجتمع في هذين البلدين الأساسيين في المشرق العربي.
أخلص من ذلك كله إلى القول إن هذا الوضع يفترض أن يأخذنا إلى اتجاهين. أولهما، إعادة بناء أوضاعنا الذاتية، بما في ذلك توسيع إطار الائتلاف (فلنفعل ذلك بأنفسنا، قبل أن يفرضه أحد علينا، أي لننفتح على الأطراف الأخرى والشخصيات ذات المصداقية التي تقف مع موقفنا السياسي، بما يتعلق بإنهاء النظام الاستبدادي الحالي وبناء نظام جديد). كما يفترض ذلك منا تطوير خطابنا السياسي، بالتأكيد على مقاصد ثورتنا الأساسية، وهي تغيير النظام، وإقامة دولة ديمقراطية مدنية، دولة مواطنين متساوين وأحرار، من دون أن ندخل في جدالاتٍ عقيمةٍ مع هذه الجهة أو تلك، فهذه هي هوية ثورتنا السورية العظيمة والنبيلة. أما ثاني الاتجاهين، فيتمثل بضرورة الانفتاح على مجتمعات السوريين في الداخل والخارج، وإقامة هيئاتٍ تمثيليةٍ تنبثق من مؤتمراتٍ عامة، وهذا وضع ينبغي الاشتغال عليه، على أسسٍ وطنية، وليس على أسسٍ حزبية، ولتكن هذه تجربتنا الديمقراطية لسورية المستقبل، بعيداً عن العصبيات والأنانيات الحزبية والمناطقية.
بعد كل مجزرة يرتكبها نظام الأسد الإرهابي أو حليفه الإرهابي الروسي يصبح لدى الفضائيات مادة جديدة إضافية.
قناتا «فرانس 24» و«بي بي سي» ذكرتا هذه المرة أن الطائرات الروسية هي من قامت بمجزرة إدلب الأخيرة ولكن لم تستطيعا إلا أن تبررا إجرامها و إرهابها ذاك بحديثهما عن أن المدينة تقع تحت سيطرة جيش الفتح الذي يضم جبهة النصرة و كأن ذلك يبرر قصف وقتل الأطفال والمدنيين.
ربما هناك من يقول أن الفضائيات تنقل معاناة السوريين وتسعى الى ايصالها، وكنت لفترة أتفق مع هذا الرأي ولكن لمن تنقل هذه المعاناة؟ هل تنقلها إلى السوريين في المخيمات أو بلدان اللجوء ممن يمزقهم البحث عن لقمة العيش أم الى العرب أم إلى المسلمين على اختلاف ظروفهم ومعاناتهم وحتى تخاذلهم أيضا أم إلى عالم جرب سابقا بالكثير مما يماثل ما يحدث في سوريا فوقف مع الجاني ضد الضحية كما يحدث الآن في سوريا، لا يهم أن أشاهد والملايين من أمثالي المجازر اليومية التي يقترفها نظام الأسد وحلفاؤه بدم بارد بحق السوريين إذا كنا لا نملك أن نفعل لها شيئا.
رفع اردوغان شعار رابعه خلال احتفاله بذكرى فتح القسطنطينية هذا أكثر ما تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، مع كل التضامن والتقدير لثوار ومعتقلي وشهداء مصر لكن احذروا فقد تعهد نفس الرجل في بدايات الثورة السورية بعدم السماح بتكرار مجازر حماة وحمص التي اقترفها الهالك حافظ الأسد لكن للأسف لم يستطع أن يفعل شيئا تجاه المجازر اليومية التي يقترفها الابن الذي لم يكن سر أبيه بل فاقه إجراما وإرهابا، حتى إدانة تركيا لمجزرة إدلب الأخيرة ومطالبتها المجتمع الدولي لأخذ موقف تجاه روسيا كانت متزامنة مع طلب تركي بإعادة العلاقات التركية الروسية إلى ما كانت عليه قبل إسقاط تركيا للطائرة الروسية التي ربما ندموا كثيرا على اسقاطها؛ يبرهن على ذلك اعتقال تركيا لمواطنها الذي قتل الإرهابي الروسي قائد تلك الطائرة.
لا أحد يملك أن ينكر على أي دولة أن تسعى وراء مصالحها ولكن ينبغي أن لا يكون ذلك على حساب استمرار المحرقة في سوريا التي تعجز الكلمات عن وصفها فمن أجل أهداف اقتصادية أو حتى في سبيل حماية مناصب بعض زعماء المنطقة وإبقاء الحرب بعيدا عن مضاربهم يضحى بشعب بأكمله.
ما أبلغ وصف كلمات مارتن لوثر كينغ لما يشابه هذا التخاذل بقوله: لست محاسبا على ما تقول أنت أيضا محاسب على ما لم تقل حين كان لابد أن تقول.
أكلت حين أكل الثور الأبيض عبارة لا شك أن السياسيين يعرفونها جيدا ولكن لم يستفيدوا منها ويصرون على عدم الاستفادة منها ربما حتى يلقوا مصير ذلك الثور نفسه. إخراج صدام من الكويت وضع حكام الخليج أمام مصيرهم الحالي وكان نذير شؤم بإطلاق يد إيران في المنطقة كما هي الآن ولكن إلى الآن لما يتعظ أحد فما يقترف في سوريا لم يكن ليتخيله أكثر السوداويين تشاؤما ولكنه لم يحدث فقط بل ويزداد الأمر سوءا.
وهذا ما ليست أية دولة في المنطقة ببعيدة عنه، بل لا ريب أنه سيتكرر في كل دول المنطقة ولو بعد حين وهذا الحين ليس بالبعيد.
أمام الأمريكيين حوالي العقدين ستكون أسعار النفط فيها رخيصة نسبيا كما الآن؛ يسعون خلالها لإعادة تقسيم منطقة الشرق والخليج العربي وترتيب المنطقة حيث سيتبقى القسم الأكبر من إحتياطي النفط العالمي سهل الإستخراج ومنخفض التكاليف بعد أن ينفد خلال هذه الفترة النفط في الكثير من الدول وكذلك سينتهي النفط الصخري الأمريكي ذو العمر القصير جدا، ترغب الولايات المتحدة بإعادة ترتيب المنطقة على نحو جديد يتوافق مع مصالحها وهذا ما تستغل في سبيله السكين الطائفية إضافة لورقة الدولة الكردية وهي القومية الوحيدة التي لم تمنحها سايكس بيكو دولة، حيث يشكل غلاة الاكراد والإيرانيون رأس حربة المشروع الأمريكي لتقسيم المنطقة من جديد.
ففي سوريا يسعى النظام لكسب الوقت ويهجر ويحاصر عددا من المناطق ويفرغها يوما بعد يوم من سكانها السنة، كما تدور الحرب في مناطق السنة لتبقى مناطق العلويين خارج دائرة الدمار ولكن هل كان سيستمر نظام الأسد إلى الآن لو نقلت الحرب إلى مناطق العلويين؛ الجميع يعي أنه لن يسقط إلا في مناطق أنصاره لكن أقصى ما يفعله من يدعي مناصرة الثورة السورية هو التنديد بارهاب نظام الأسد وقد أصبح ذلك التنديد ترفا لا يحظى به الشهداء السوريون عقب كل مجزرة.
أين هي الخطة الأمريكية «ب» في حال فشل مفاوضات جنيف وقد فشلت. و أين هي الطائرات والقوات السعودية التي تقاطرت إلى تركيا بالتزامن مع بدء أولى جولات تلك المفاوضات؟ يستطيع أي أحد إضرام النار ولكنه قد لا يتمكن من إطفائها وقد تحرقه، فحريق بحجم هذا الذي يستعر في سوريا والعراق وما يخفي الرماد المصري من نيران لا يغيب عن أحد تزايد إضطرامها يوما بعد يوم ينبئ بمستقبل غير سار لأعداء الأمة، تحتم قدومه حركة التاريخ لا محالة و الله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون.
يحوم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حول موسكو كما يحوم الطائر حول عشه، إلى درجة زيارته موسكو أربع مرات منذ التدخل العسكري الروسي إلى جانب نظام الأسد علناً في سبتمبر أيلول الماضي.
ووفقاً للصحف الإسرائيلية، وبيان صادر عن ديوان نتنياهو، فإن بوتين ورئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي سيبحثان الملف السوري تحديداً، والتعاون الأمني بين البلدين، ومسألة مدفوعات التقاعد للمهاجرين الروس الذين هاجروا إلى «إسرائيل»، وتوقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات مختلفة. كم بحث الرجلان طلب إسرائيل من روسيا عدم تزويد إيران و«حزب الله» بأسلحة متطورة، والمخاوف الإسرائيلية من وصول هذه الأسلحة الكاسرة للتوازن إلى أيادي حزب الله.
في الزيارة الأولى التي أجراها نتنياهو بعد نشر القوات الروسية في سوريا، اتفق الطرفان على إنشاء خط ساخن بينهما للتنسيق من أجل تجنب وقوع حوادث في الأجواء السورية. ما يزال ذلك الخط مشفراً، ويحرص الطرفان على عدم كشف الأحاديث التي تجري عبره في هذه المرحلة.
رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد كشف في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، عن خرق المقاتلات الروسية للمجال الجوي الإسرائيلي؛ واقع الأمر هو لم يقل خرقاً، بل سماه «عبوراً للمجال الجوي الإسرائيلي»، وأكد أن «إسرائيل» تدرك «الخطوات التي يجب القيام بها وكيفية منع التصعيد». عقب تصريح جلعاد، وقبل الاجتماع الاسرائيلي ـ الروسي الأخير في 6 حزيران/ يونيو، زار نتنياهو بوتين مرتين.
ويلاحظ بعد ذلك أن العملية العسكرية الروسية رسمت حدوداً واضحة لها، لم تتجاوز حدود محافظة حمص نحو الجنوب إلا مرات نادرة.
وفي مقابل ذلك، تم إخماد الجبهة الجنوبية قرب الجولان بشكل فعال، بعد إقامة خط ساخن مع الأردن وغرفة الموك، فتوقف إطلاق الرصاص في تلك الجبهات. وانتقلت المليشيات الإيرانية، وحزب الله، إلى الحرب في الشمال، بغطاء جوي من المقاتلات الروسية.
الرئيس الروسي أكد خلال اللقاء مع نتنياهو أن الوضع الصعب في الشرق الأوسط بما في ذلك في سوريا يفرض على البلدين «الحليفين» روسيا وإسرائيل مواجهة الإرهاب معاً، ، وأكد أنه يتواصل مع نتنياهو دائماً، واعتبر أن هذا الأمر «يؤكد على المستوى العالي للعلاقات بين روسيا وإسرائيل»، متوقعاً تعزيزها في المستقبل. واشار بوتين إلى أن روسيا تولي اسرائيل «أهمية كبيرة»، ووصفها بأنها «دولة محورية بالنسبة للشرق الأوسط»، وأثنى على «الجسور» التي تربط الجانبين عبر يهود الاتحاد السوفيتي سابقاً، الذين هاجروا إلى اسرائيل إبان احتلالها الأراضي الفلسطينية.
لكن نتنياهو فجر قنبلة إعلامية من العيار الثقيل عندما كشف عن موقف حكومته من نظام الأسد والذي تطابق فيه مع الموقف الروسي، رغم حرص كيان الاحتلال الإسرائيلي على تجنب اتخاذ أي موقف مما يجري في سورية، حيث أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو عن قناعته بضرورة تسوية ما سماها الحرب في سورية، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى أن مسألة مصير بشار الأسد ستكون ثانوية وأن بلاده لن تتدخل فيها. وأشار نتنياهو في تصريحات تداولتها وسائل إعلام روسية، إلى أنه تم التوصل إلى نتيجة مفادها أنه يجب القيام بكل شيء ممكن حتى لا يؤدي الوضع في سورية إلى حدوث مأساة جديدة وقيام تهديدات لدول. وأضاف خلال لقائه الجالية اليهودية في موسكو: «في هذا السياق، فإن المستقبل الشخصي للرئيس الأسد، من وجهة نظري أمر ثانوي».
ولفت إلى أن معظم الدول حول إسرائيل تفككت، وذلك في إشارة إلى سورية والعراق وليبيا واليمن.
نتنياهو أعرب عن قناعته أن إسرائيل لها أعداء كثيرون في سورية. وقال: «نهتم بألا تتحول سورية إلى بؤرة للهجمات على إسرائيل، سواء من القوات السورية أو الإيرانيين أو «حزب الله» أو القوى الإسلامية التي تعمل على الأراضي السورية».
نتنياهو الذي التقى بوتين في إطار زيارته الرسمية إلى روسيا بمناسبة ذكرى مرور 25 عاماً على استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين يدرك تماماً أن حليفه الأمريكي مشغول بانتخابات الرئاسة، وهو يفضل الآن الحليف الروسي لنيل ما يريده في سورية من دون الاقتراب من طبخة العملية السياسية أو العسكريةن وبالمقابل، تدرك موسكو ان وجود إسرائيل إلى جانبها وموافقتها على كل تحركاتها العسكرية والسياسية في سورية يشكل أكبر ضامن سياسي لها في المنطقة وأمام المجتمع الدولي لما لها من وزن لدى الدول الغربية واللوبيات الموجودة فيها.
إذن.. تحقق هدف نتنياهو وحكومته في سورية والدول المحيطة بها، وتم تفكيك كيانات كانت تمثل خطراً على دولة الاحتلال من مثل سورية والعراق وليبيا، فيما تنشغل دول أخرى بمشاكلها الداخلية كمصر وتونس والجزائر وحتى الأردن ودول الخليج، أما مسألة مصير الأسد، فهي لا تشغل بال نتنياهو الذي يستمتع بتعذيب حليفه «الصغير» في محلة «المهاجرين» الذي ينتظر موقف نتنياهو من مصيره على أحر من الجمر!