مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٤ يونيو ٢٠١٦
عودة الجغرافيا في الصراع السوري

يتبلور الصراع في سورية، يوماً بعد آخر، صراعاً جغرافياً خالصاً، وتكاد الأبعاد الأخرى تتحوّل إلى مجرد أدواتٍ تخدم البعد الجغرافي، فعلى الرغم من كل ادعاءات أطرافٍ كثيرة عن وحدة سورية الإقليمية، أو الحفاظ عليها موحّدةً ضمن نسقٍ سياسيٍّ، إقليمي ودولي، فإن ذلك لا يعدو أن يكون أداةً تفاوضية تكتيكية، من أجل تعزيز المواقف الهادفة أصلاً إلى كسب مزيدٍ من الجغرافية المفيدة والنافعة.

وتكتشف أطراف الصراع، وخصوصاً نظام الأسد والأطراف الداعمة له، وعبر التجربة العملية، أن ما كانت تعتبره سورية المفيدة لا يمكن أن تكتمل فائدته إلا إذا أضيفت إليه الأقاليم الأخرى، ذلك أن كل إقليم يتمتع بمزايا اقتصادية وطبيعة استراتيجية تجعل السيطرة عليه أمراً لازماً، تهون أمامه التكاليف البشرية والمادية، بالإضافة إلى الحاجة الأمنية التي تفرضها طبيعة التداخل الجغرافي، وقرب المناطق من بعضها، وصعوبة الفصل بينها.

ينطبق الأمر نفسه على أطراف الصراع الإقليمية والدولية التي تنخرط في الصراع السوري، حيث تشكّل الجغرافية عنصراً مقرّراً وشارطاً لبلورة النفوذ وتظهيره في الحيز السوري والغلاف الإقليمي المحيط به، بل أكثر من ذلك، تصبح الجغرافيا العامل الذي يرسم حدود السيطرة وحجم النفوذ، ومن دونه تبقى تلك المسائل معلّقة وضبابية، وذات قابلية للتأويل والتفسير.

اقرأ المزيد
١٣ يونيو ٢٠١٦
معركة الرقة وتغير الخرائط الإستراتيجية

شكل إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما في نهاية أبريل/ نيسان الماضي بزيادة عدد القوات البرية الأميركية في سوريا مقدمة تمهيدية لإطلاق معركة الرقة التي تأخرت كثيرا. وجاء إعلان "قوات سوريا الديمقراطية" في 24 من الشهر الماضي إطلاق معركة الرقة تتمة لإعلان الرئيس الأميركي.

لكن فجأة تتغير المخططات، وتقرر الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية وقف المعارك في الرقة والانتقال إلى ريف حلب الشرق وفتح معركة منبج ضد تنظيم الدولة.

هذا التغير ترافق مع تغير آخر في الخطط لدى النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني، فبعد أن كانت دير الزور عنوان المعركة المقبلة عقب استعادة تدمر، يتحول الزخم فجأة نحو الرقة من ناحية جنوبها الغربي عند الحدود الإدارية لحلب وحماة.

ما هي الأسباب التي دفعت المحورين إلى تغيير خططها؟ وهل ثمة تنسيق خفي غير معلن يتقاسمان بموجبه محافظة الرقة؟ أم أن الرقة عنوان للصراع بينهما خلال المرحلة المقبلة؟


الأكراد وأميركا
تأسست قوات سوريا الديمقراطية في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بهدف الاستعداد لتحرير الرقة من تنظيم الدولة، ولكن سرعان ما أوقفت معركة الرقة وفتحت معركة الحسكة.

كان السبب وراء ذلك عدة اعتبارات، منها: رفض قوات حماية الشعب الكردي خوض معارك في بيئة ديمغرافية غير حاضنة لها (الرقة) أولا، والخوف من دفع عرب السنة إلى الانضمام لتنظيم الدولة بعيد تجربة الأكراد في تل الأبيض شمالي الرقة ثانيا، فالأكراد ليس لديهم قاعدة شعبية في الرقة، بل عكس ذلك أدت تجربتهم في الحكم داخل مدن الرقة ومنها تل أبيض على سبيل المثال إلى وجود شرخ بينهم وبين السكان العرب الذين وجدوا أنفسهم أقرب إلى التنظيم من الأكراد نتيجة الأخطاء التي ارتكبها الأكراد في المحافظة.

وثالثا، عدم وجود قوة عسكرية كافية لمواجهة التنظيم في معقله، فالوضع في الرقة يختلف تماما عن الموصل في العراق، فلا يوجد جيش نظامي حليف في الرقة، وقوة الأكراد وبعض العرب لا تكفي لشن عملية تحرير واسعة لمحافظة الرقة، كما أن التنظيم مازال يحتفظ بدعم بعض العشائر العربية كعشيرتي السبخة والعفادلة.

ورابعا، لأن الأكراد وجدوا في معركة الجيش العراقي مع التنظيم في سنجار فرصة مهمة لا يمكن تفويتها في الحسكة، من أجل قطع تواصل التنظيم بين العراق وسوريا.

استمرت الاستعدادات الأميركية والكردية لأشهر عدة، حتى 24 من الشهر الماضي حين أعلنت قوات سوريا الديمقراطية بدء معركة الرقة، غير أن حسابات الحقل لم تتوافق مع حسابات البيدر، فقد اكتشفت القوات التي يغلب عليها الطابع الكردي أن التنظيم قوي جدا في الرقة، وكشفت المعارك حجم الخسائر في صفوف قوات سوريا الديمقراطية، ولهذا السبب تم التراجع عن العملية العسكرية والاكتفاء بالإعلان أن هدف العملية تحرير شمالي الرقة فقط.

ربما تكون هذه الأسباب وراء وقف العملية العسكرية في الرقة والانتقال إلى ريف حلب الشرقي والشمالي وفتح معركة منبج، ولا يتعلق الأمر هنا بالسعي لتحقيق أهداف الأكراد المتعلقة بوصل كانتون عفرين غربا بإعزاز في الشمال تمهيدا لربط مناطق غربي الفرات بشرقها، والسيطرة على كامل الحدود الشمالية السورية مع تركيا، فهذا الهدف وإن كان قائما بالفعل وسيظل نصب عين حزب الاتحاد الديمقراطي برئاسة صالح مسلم، إلا أنه لا يكفي وحده لنقل المعركة نحو الريف الحلبي بعد الاستعدادات التي تمت في الرقة.

ولعل الصمت التركي حيال ما يجري في حلب مؤشر على وجود ضمانات أميركية بأن المعركة جزء من الحرب على تنظيم الدولة، وليس لها أهداف أخرى، وتصريح رجب طيب أردوغان بأن الجزء الأكبر من قوات سوريا الديمقراطي عربي يؤكد الضمانات الأميركية.

يتعلق الأمر بنقطتين أخريين بالغتي الأهمية:
1ـ الخوف من أن تؤدي معارك الرقة وهجوم قوات سوريا الديمقراطية من شمال المحافظة نحو (مدينة الرقة) إلى دفع التنظيم للهروب نحو ريف حلب الشرقي، وتحديدا نحو مدينتي منبج والباب، وفي حال حصل ذلك، فإن تداعياته على مجمل الخارطة الإستراتيجية في حلب ستكون كارثية لكل أطراف الصراع المحليين والإقليميين، باستثناء تركيا التي ستجد في ذلك فرصة لمعركة كبرى ستكون على حساب الأكراد في حلب، وهو أمر لا تستطيع واشنطن السماح به.

2ـ ولذلك كان الهدف هو فصل خطوط الترابط للتنظيم بين الرقة وحلب. ومدينة منبج هي الخطوة الأولى في تحقيق ذلك قبيل الانتقال نحو مدينة الباب معقل التنظيم في محافظة حلب.

الهدف الأميركي الكردي يتمثل في إطباق الحصار على التنظيم داخل حدود محافظة الرقة التي تبلغ مساحتها نحو عشرين ألف كيلو متر مربع، وهي مساحة كبيرة ترتبط بحدود إدارية مع خمس محافظات (حلب، حماة، حمص، دير الزور، الحسكة)، قبيل الانتقال إلى المعركة الكبرى (تحرير الرقة).


النظام وروسيا
بعد استعادة النظام السوري لتدمر بفعل الدعم الجوي الروسي توجهت الأنظار إلى دير الزور كعنوان رئيسي للمعركة المقبلة، خصوصا أن قوات النظام بدأت إعادة ترتيب وضعها شمال تدمر، غير أن اشتداد المعارك في حلب دفع النظام وروسيا إلى تثبيت الوضع في تدمر ومحيطها وتأجيل معركة دير الزور التي تتطلب تجهيزات كبيرة لا إمكانية لها في هذا الوقت، فضلا عن بعدها وضعف تأثيرها الإستراتيجي على طبيعة الصراع في سوريا مثل حلب أولا والرقة ثانيا.

الأولوية بالنسبة للنظام وروسيا وإيران -كل حسب أهدافه- هي إحراز أكبر قدر ممكن من الانتصارات في محافظة حلب على حساب فصائل المعارضة أولا ثم على حساب تنظيم الدولة ثانيا.

لكن إعلان قوات سوريا الديمقراطية فتح معركة الرقة ثم الانتقال إلى منبج لقطع أوصال التنظيم، جعل النظام وروسيا يعيدان ترتيب أولوياتهما، فأصبحت معركة الرقة، أو على الأقل الحدود الجنوبية الشرقية لمحافظة الرقة جزءا لا يتجزأ من معركة حلب، حيث يخشى النظام والروس كما الأكراد والولايات المتحدة من خسارة المكتسبات التي تحققت في حلب إذا ما قرر تنظيم الدولة الهروب من الرقة تحث ضغط المعارك والتوجه غربا نحو معاقله في حلب (منبج، الباب).

هدف النظام كما هو واضح من خط سير قواته هو السيطرة على المناطق الجنوبية الغربية من محافظة الرقة وصولا إلى مدينة الطبقة، وهو بذلك يكون قد حقق أهدافا عدة:

أولا، تأمين خط خناصرـ إثريا الذي يعتبر خطا إستراتيجيا (200 كلم) كونه يربط عمق ريف حلب الجنوبي الشرقي بريف حماة الشمالي الشرقي.

ثانيا، تأمين منطقة واسعة تمتد من الرقة شرقا إلى خناصر غربا، وهي منطقة ستسمح للنظام بالتحرك شمالا نحو مدينة الباب في حلب، والتحرك إلى الجنوب الشرقي نحو السخنة في ريف حمص الشرقي.

ثالثا، الوصول إلى الطبقة سيسهل على النظام استكمال السيطرة على ريف الرقة الجنوبي خلال المرحلة المقبلة، وهي خطوة ضرورية لتطويق التنظيم في دير الزور من جهتين (جهة الرقة، جهة تدمر).

فضلا عن ذلك، يحاول النظام أن يكون له تواجد في جغرافية الرقة وأن لا يتركها للأكراد والقوى العربية المتحالفة معها، لا سيما بعيد كشف حزب الاتحاد الديمقراطي عن مخططاته لتشكيل فيدرالية لن تكون ممكنة من دون الرقة، وقد زاد من اهتمام النظام بالرقة تصريح صالح مسلم بأن الأكراد لن يسلموا المحافظة للنظام عقب تحريرها من تنظيم الدولة.

وأغلب الظن أن يستغل النظام وروسيا عجز قوات سوريا الديمقراطية عن التقدم من شمالي محافظة الرقة نحو مدينة الرقة، ليستكمل طريقه إلى المدينة بعد مرحلة استعادة مدينة الطبقة التي يبدو أنها ستسقط بفعل القصف الروسي الكبير.

وإذا كانت محافظة حلب عنوانا للتفاهم الأميركي الروسي المضمر، فإن محافظة الرقة إما أن تكون العنوان الأكثر تنسيقا بين الطرفين، أو تتحول مستقبلا إلى عنوان للصراع بينهما.

اقرأ المزيد
١٣ يونيو ٢٠١٦
«حزب الله» ونهاية الزمن المصرفي الجميل

يتوجه «حزب الله» بالوعد والوعيد لحاكم مصرف لبنان ولمصرف لبنان وللقطاع المصرفي اللبناني، بعد انتهاء فترة من «الواقعية المتبادلة»، تمكن الحزب من خلاله أن يجمع بين صفته كـ»خارج عن القانون» بالنسبة الى كتلة الدول الغربية، وبين بقائه «متصلاً»، ولو مواربة بالنظام المالي العالمي الذي تسيطر عليه المؤسسات المالية لأعدائه العالميين هؤلاء، وفي المقدمة منهم الولايات المتحدة الأميركية. يريد الحزب الآن الشيء ونقيضه: الاحتقان والسخط بوجه المعادلات المصرفية والمالية اللبنانية لأجل اعادة نسج شبكة حمائية جديدة له، لأجل التفتيش عن حيل جديدة تمكنه من الإبقاء على رئة اتصاله بالنظام المالي العالمي.

يبقى ان هذه اللعبة لا تنحصر في الحزب والمصرف المركزي، كما أنّ الحزب والمصرف المركزي على حد سواء لا يستطيعان الافلات من منطق له، غربياً وعربياً، ترجمات عدة، تلتقي جميعها في ان الحزب عليه ان يساعد نفسه، كي يتمكن الاخرون، في الداخل والاقليم والخارج من مساعدته على الخروج من دائرة معاملته كتشكيل ارهابي. أما أن يكون الباب الى ذلك هو الترهيب فهذا، بقطع النظر عن الموقف منه، لن يخدم كثيراً. يفترض ان الحزب يعي بما فيه الكفاية ان الكرة ليست في ملعب النظام المالي اللبناني، وان هذا النظام سعى حقيقة، لتجنب عواقب الامور، والبحث عن حلول توفيقية ما أمكن، لكن هنك حدود لك شيء، ولم يعد من الممكن ايجاد غطاء لبناني للحزب لا ديبلوماسياً ولا مالياً ولا من اي نوع، طالما ان الحزب لم يقم بعد بأي جهد يذكر لاظهار انه قادر على التكيّف، بانعطافة، نحو الهدوء.

التضييق على الحزب من النظام المالي العالمي ليس بالأمر السهل حتى بالنسبة للبنانيين من أخصام الحزب كونه يفرض عليهم اعباء جديدة، مالياً واقتصادياً وسياسياً وامنياً، ولهم بهذا المعنى مصلحة في موقف براغماتي في هذا الجانب، لكن لهذا الموقف شروطه، وهي لم تعد، والى حد كبير، تتعلق بالنظام المالي اللبناني، الذي كشف نفسه اكثر من اللازم للنظام المالي العالمي في السنوات الاخيرة، لجهة انه ساهم في تأجيل التصادم بين الحزب والعالم.

بطبيعة الحال، سيجد الحزب مصلحة له في التعطيل والتفريغ هنا ايضاً، كما وجدها حيال كل مسألة متعلقة بالمؤسسات والعلاقات في ما بينها في الدولة. لكن السلوك التعطيلي او الشغوري بازاء وظائف الفئة الاولى، كحاكمية المصرف وقيادة الجيش، وفي ظل شغور متمدّد لموقع رئاسة الجمهورية، يزيد الامور خطورة ومدعاة للقلق.

ليس بالمستطاع معالجة المشكلة الراهنة ببدعة «المقاومة النقدية» اي فائض القوة العنفية للحزب في نزاعات الداخل، هذا الفائض المستنزف بشكل دموي متواصل في سوريا. فائض القوة يبطش بالسياسة، لكنه هش أكثر حيال المعادلات المالية، تماماً مثلما كانت هذه المعادلات مطواعة أكثر معه في وقت سابق، وهو ما يجعل الحزب يعتقد انه برفع السقف الخطابي يمكنه ان يستعيد هذا «الزمن المصرفي الجميل» بالنسبة له. لكن هذا الزمن «الجميل» انتهى، ولن يرجع اذا بقي «حزب الله» على حاله، وما لم يسعَ، وبدلاً من ابتزاز مؤسسات الدولة والقطاعين العام والخاص، والحلفاء والاخصام، كي يؤمن له كل هذا شبكات تواصل غير مباشرة مع النظام العالمي، لا سيما النظام المالي العالمي، إلا الاستفادة من «فائض قوته» قبل فوات أوانها بغية تحويلها لأشياء أخرى ومفيدة، ولا يكون ذلك إلا بإعادة حصر نطاقه بلبنان: اذ لا يمكن الحزب ان يكون حزباً «عالمياً»، يحارب فوق كل ارض، وتكون مشكلته مع مصرف لبنان انه لا يتوسط له لدى النظام المالي العالمي. عندما يعود فيعطي الاولوية ثم الحصرية لعمله اللبناني تصير «الوساطة اللبنانية» له في الخارج مقنعة اكثر، وممكنة اكثر، وتصير طوعية اكثر، وليست حاصلة بالابتزاز. لكن من قال ان الحزب يريد كذلك؟ يريدها وساطة داخلية بشروطه الخطابية والأمنية هو، بما يعرف هو ان يؤديه ويحركه وينطق به.

هناك حد أقصى لما يمكن للمصرف المركزي ان يفعله، والحزب يعي ذلك ويكابر بدلاً من إعادة التموضع، بدءاً من القضايا المالية.

اقرأ المزيد
١٢ يونيو ٢٠١٦
وظيفة الجولان بين الأب… والابن

كان الخطاب الذي ألقاه رئيس النظام السوري بشّار الأسد في الجلسة الأولى لمجلس الشعب السوري الجديد (مجلس النوّاب) في غاية الأهميّة. كان الخطاب منعطفا تاريخيا، لا لشيء سوى لأنّه جاء ليعكس جديد سوريا. يأتي هذا الجديد بعد خمس سنوات ونصف السنة على اندلاع الثورة الشعبية فيها.

جديد سوريا أنّ رئيس النظام يعتبر أنّه وجد معادلة جديدة للبقاء في دمشق، أي لاستكمال عملية تفكيك البلد وتدمير كل مدينة وبلدة وقرية فيه. تقوم المعادلة الجديدة على التخلي عن الجولان نهائيا لإسرائيل من جهة وعلى الاستعانة بالروسي والإيراني من جهة أخرى. يحدث كلّ ذلك من أجل البقاء في السلطة ولا شيء غير ذلك. إنّها السلطة العارية من أيّ شرعية من أيّ نوع، خصوصا أن الانقلابات العسكرية لم تكن يوما أساسا صالحا لأيّ شرعية في أيّ بلد من بلدان العالم.

قبض حافظ الأسد ثمن تسليم الجولان إلى إسرائيل في العام 1967 عندما كان وزيرا للدفاع. ليست معروفة، إلى اللحظة، الظروف التي أدّت إلى احتلال إسرائيل للجولان بسرعة البرق، خصوصا بعد صدور أوامر للجيش السوري بالانسحاب من الهضبة بكل الوسائل المتاحة. هذا ما حصل بالفعل وذلك قبل أن يصل الإسرائيليون إلى الهضبة.

لم تحصل وقتذاك أيّ مقاومة. ارتدى الجنود والضباط السوريون ملابس مدنية وخرجوا من الجولان بالتي هي أحسن على الرغم من أن الموقع الطبيعي للهضبة والتحصينات المقامة فيها، كانت تسمح بالمواجهة، إضافة إلى أن الاندفاع والوطنية والشجاعة والاستعداد للتضحية لم تكن تنقص العسكري السوري في تلك الأيّام.

في كلّ الأحوال، بعد تسليمه الجولان في العام 1967، صار سهلا على حافظ الأسد احتكار السلطة في العام 1970، خصوصا بعدما تبيّن أن خصومه هواة من المنتمين إلى اليسار الطفولي في حزب اسمه حزب البعث. لم يكن هذا الحزب بفكره المتخلّف سوى مطيّة لمجموعة من الانتهازيين الذين قضوا على كلّ ما هو حضاري في سوريا، بما في ذلك الحياة السياسية الطبيعية فيها.
   
سمح تسليم الجولان لإسرائيل، بطريقة حبيّة، لحافظ الأسد بحكم سوريا بطريقة مطلقة ثلاثين عاما بالتمام والكمال. سعى إلى اكتساب شرعية لنظامه غير الشرعي في العام 1973 عندما شارك أنور السادات في شنّ “حرب تشرين” أو “حرب أكتوبر” في التعبير المصري.

في حين استطاع أنور السادات توظيف “حرب أكتوبر” في استعادة سيناء، بما في ذلك حقول النفط والغاز فيها، بقي الجولان المحتلّ الهمّ الأخير لحافظ الأسد الذي فضّل المتاجرة بالهضبة المحتلّة على أيّ شيء آخر. توصّل إلى اتفاق فكّ الارتباط مع إسرائيل في العام 1974 وانطلق من ذلك في اتجاه السيطرة على لبنان مستغلا الوجود الفلسطيني المسلّح فيه وبداية ظهور ميليشيات مسيحية معادية لهذا الوجود في ظلّ رئيس للجمهورية، هو سليمان فرنجية الجدّ، لا يعرف شيئا عن المعادلات الإقليمية وتعقيدات المنطقة.

كان الجولان المحتلّ رأسمال حافظ الأسد. كانت إسرائيل تعرف ذلك تماما لذلك لم تقدم يوما على خطوة جديّة يشتمّ منها أيّ عداء لنظامه. في المقابل، لم يبق أمام بشار الأسد من رأسمال سوى تسليم الجولان نظرا إلى أنّه لم يعد ورقة مساومة لديه في اللعبة الإقليمية التي خرج منها.

كانت بداية النهاية للنظام السوري خروجه من لبنان بالطريقة التي خرج بها في نيسان ـ أبريل من العام 2005. ضاقت أمامه كلّ الخيارات، خصوصا بعدما أكّد السوريون بأكثريتهم الساحقة أن ليس في استطاعتهم القبول بنظام لا يتقن سوى الابتزاز ولعبة الإرهاب مع الخارج ومع جيرانه من جهة وقمع شعبه في الداخل وإفقاره من جهة أخرى.

كان خطاب بشّار الأسد في مجلس الشعب بداية لمرحلة جديدة تقوم على تناسي وجود الجولان المحتل. ليس صدفة أن يلقي رئيس النظام السوري خطابه، أمام مجموعة من النوّاب المهرّجين، فيما بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يؤدي زيارة لموسكو في مناسبة مرور ربع قرن على إعادة العلاقات الديبلوماسية بين روسيا الحالية (الاتحاد السوفياتي سابقا) وإسرائيل.

ألقى الأسد الابن خطابه الذي اعتبر فيه الشعب السوري مجموعة “إرهابيين” مؤكّدا أنّه سينتصر عليهم، بينما كان فلاديمير بوتين يقدّم لـ”بيبي” ما يمكن وصفه بالرمز الجديد للعلاقات الوثيقة بين روسيا وإسرائيل على حساب كل الاعتبارات الأخرى ذات الطابع الإقليمي.

كان هذا الرمز دبابة إسرائيلية غنمتها القوات السورية في معركة بين الجانبين في بلدة السلطان يعقوب في البقاع اللبناني. كان ذلك في العام 1982 في أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان الذي كشف حجم التواطؤ بين النظام السوري وإسرائيل ووجود اتفاقات كان على الجانب الإسرائيلي احترامها، بما في ذلك عدم تجاوز خطوط معيّنة. وكان أن التزمت إسرائيل تلك الخطوط بدقّة متناهية في مرحلة ما بعد معركة السلطان يعقوب التي سقط فيها قتلى إسرائيليون، بينهم ثلاثة جنود ما زالت جثثهم مفقودة. ستكون الدبابة الإسرائيلية بمثابة مزار لعائلات هؤلاء الجنود تعويضا عن فقدان العسكريين الثلاثة.

سلّم بوتين الدبابة إلى نتانياهو، علما أنّها هدية سورية كان يجب أن تبقى في متحف روسي خاص بمثل هذا النوع من الهدايا. لكنّ موسكو فضّلت إعادة الدبابة إلى أصحابها لتأكيد عمق العلاقة الجديدة بين روسيا وإسرائيل، فضلا عن طبيعة التعاون القائم بين الجانبين في سوريا.

بات هذا التعاون الجديد الروسي ـ الإسرائيلي في سوريا جديد التطورات في هذا البلد حيث يرفع النظام المتحالف مع ايران وذراعه اللبنانية ، أي “حزب الله”، شعاري “المقاومة” و”الممانعة”.

هل لا يزال في الإمكان الحديث عن “مقاومة” و”ممانعة” بعد انكشاف حقيقة العلاقة الروسية ـ الإسرائيلية وبعدما تبيّن بكلّ وضوح أن هناك وظيفة جديدة للجولان. تتمثّل هذه الوظيفة في عدم لعب إسرائيل أيّ دور في سوريا خارج التفاهم مع روسيا والتنسيق معها، ما دام مصير الهضبة صار معروفا. إلى إشعار آخر، تبدو موسكو متمسكة ببقاء بشّار الأسد في دمشق إلى أن يأتي اليوم الذي تجد فيه الصفقة المناسبة التي تسمح لها بالمقايضة على رأسه، في مقابل الثمن المناسب.

جديد سوريا كان الجولان. كشف الخطاب الأخير لبشار أن الجولان لم يعد سوى ورقة تصلح لإقناع إسرائيل بدعم النظام أو باتخاذ موقف محايد منه. الواقع أن إسرائيل حصلت على ما تريد بعدما عقد “بيبي” مجلس الوزراء في الهضبة المحتلة قبل بضعة أسابيع وبعدما اطمأنّ إلى أنه لن تقوم لسوريا قيامة في يوم من الأيّام ما دام بشّار موجودا في دمشق.

من حافظ الأسد، إلى بشّار الأسد، تغيّرت وظيفة الجولان. هل التخلي عن الهضبة كاف لبقاء النظام، ولو على جزء من الأرض السورية؟ من الصعب تصوّر ذلك. لو كان النظام الأقلّوي قادرا على الاستمرار، لما كانت إيران قبلت بأن يكون لها شريك في قصر المهاجرين. كانت تريد أن يبقى بشّار تحت وصايتها وحدها. لم تعد هذه الوصاية حكرا عليها، بل صار فلاديمير بوتين يمتلك في سوريا من النفوذ ما يجعل هديته السورية لإسرائيل حدثا أقلّ من عادي، خصوصا لدى المتشدّقين بـ”المقاومة” و”الممانعة”!

اقرأ المزيد
١٢ يونيو ٢٠١٦
السوريون بانتظار «نوفمبر» أميركا

نشرت «الشرق الأوسط» في عدد  أمس السبت نقلاً عن مصادر دبلوماسية غربية أن ستافان دي ميستورا، المبعوث الدولي لسوريا يتعرّض إلى ضغوط روسية أميركية الغاية منها دفعه لعقد جولة مفاوضات جديدة في جنيف.

في وضع طبيعي لا حاجة إلى ضغوط، لكن ما تعيشه الأزمة السورية تجاوز كل الحدود. واضطرار الأمم المتحدة لتوسّل نظام بشار الأسد و«قوى الأمر الواقع» فقط للسماح بإدخال الغذاء والدواء للمناطق المحاصرة – وبعضها محاصر منذ 2012 – دليل دامغ على هذا الوضع.

ثم ما عاد مفهومًا المعنى الحقيقي لمسمى «المجموعة الدولية لدعم سوريا». أي «سوريا» هذه المراد دعمها؟ وما هو مستوى التجانس والتنسيق بين أعضاء هذه «المجموعة»؟ وما هي أهمية أن تكون «دولية» عندما تتحوّل روسيا – إحدى القوى العظمى الراعية إلى قوة تدخل واحتلال، وتمنحها القوة الأخرى، الولايات المتحدة: «شيكًا على بياض» لتفعل ما تشاء، وتفسّر القرارات الدولية على هواها، ثم تبارك لها ما تفسره وتنفذه!

بمرور الأيام، وتساقط «الخطوط الحمراء»، انتهت أكذوبة «أصدقاء الشعب السوري» بعدما تبيّن أن عدد هؤلاء بالكاد يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.

واليوم مع التماهي الروسي - الأميركي والتواطؤ الصيني المطلق مع موقف موسكو، والإحباط والعجز الأوروبيين إزاء سياسة واشنطن السورية ها هي صدقية «المجموعة الدولية لدعم سوريا» تنهار.. لاحقة بـ«أصدقاء» الجعجعة بلا طحين.

لقد كان الكثير من اللوم قد ألقي على المبعوث دي ميستورا خلال السنتين الأخيرتين، لكن من الواضح أن الرجل يعمل مغلول اليدين في جوّ غير مساعد على الخروج بأي نتيجة. ذلك أن موسكو ما عادت مستعدة للتخلي عن «أفضلية» ميدانية وسياسية كسبتها في منطقة استراتيجية كانت إلى عهد قريب شبه محظورة عليها.

ولا واشنطن فيما تبقى من عهد باراك أوباما راغبة في إحداث أي تغيير يمس في تفاهمها مع قيادة إيران، لا في الجوهر ولا في التفاصيل، حتى على حساب استقرار الشرق الأوسط ووحدة أراضي دوله. ولا طهران، المحكومة بغطرسة الملالي ودموية «الحرس الثوري»، والمستفيدة من تفاهماتها مع الروس والأميركيين، في وارد التفريط في فرصة تاريخية سانحة للثأر من العرب ومسابقة الأتراك على زعامة العالم الإسلامي.

على أساس المعطيات هذه.. كيف يلام نظام قاتل على الاستقواء بمناخين إقليمي ودولي للمضي قدمًا في جرائمه؟

ثم هناك، في خلفية كل ما ذكرناه، الموقف الإسرائيلي الملتبِس في «براغماتيته»، وهو يقوم على سلسلة اعتبارات لا تعوزها الفطنة، أبرزها:

أولاً، أن إسرائيل كانت دائمًا «مرتاحة» في تعاملها مع نظام آل الأسد الذي مرّت يوم أول من أمس الذكرى السنوية السادسة عشرة على وفاة مؤسسه حافظ الأسد، مبتكر مفهوم «التعايش» الفعلي مع إسرائيل وراء واجهة «ممانعتها» منذ 1973. والقيادة الإسرائيلية، من واقع الخبرة الطويلة، تجيد التمييز بين الأقوال والأفعال، وبالأخص، عندما تأتي من أولئك المزايدين لفظًا في عدائها... والراغبين ضمنًا في التعايش معها.

ثانيًا، أن سوريا اليوم باتت أقرب ما يكون إلى كيان خاضع لحكم مشترك condominium، ذلك أنه ما عاد هناك وجود فعلي لنظام آل الأسد من دون دعم إيران وروسيا، طبعًا بمباركة أميركية وإسرائيلية. وما زيارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتتالية إلى موسكو، وسط الصمت المطبق لـ«ممانعي» دمشق و«مقاومي» بيروت، سوى تأكيد للسقوف والتفاصيل التي ترسم المحاذير وهوامش المناورة.

ثالثًا، أن إيران ما كانت في يوم من الأيام بعيدة عن المزايدة في موضوع «المقاومة»، وهي منذ الثورة الخمينية عام 1979، ثم فضيحة «إيران كونترا»، ما كانت تسعى لمواجهة إسرائيل بقدر سعيها لإسقاط الأنظمة العربية عبر «تصدير الثورة». وهذا ما أثبتته وتثبته الأيام والتجارب.. من العراق وسوريا ولبنان واليمن.. إلى قلب فلسطين ذاتها، حيث رعت طهران وما زالت ترعى تمزيق النسيج الفلسطيني من الداخل لضمان انعدام أي فرصة لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

رابعًا، لن تُقلق اليمين الإسرائيلي المتشدّد «حرب» مذهبية إسلامية على مستوى الشرق الأوسط بأسره بين السنة والشيعة، لأنها ستخدم مصلحته سواءً لجهة صرف الأنظار عن مشاريع التهويد والاستيطان و«الترانسفير» المتحمس لها، أو لجهة إنهاك وتفتيت جبهة معادية محتملة تهدّد تلك المشاريع. وبالتالي، لا مصلحة لهذا اليمين – تحت قيادة «الليكود» وزعيمه نتنياهو – في رحيل نظام يعرفه جيدًا ولا يخشاه، بل كل ما يريده راهنًا هو التحكم في توزيع حصص النفوذ الإقليمي عن طريق ضبط حصة إيران أو وضع حدود لمطامعها برعاية كل من موسكو وواشنطن.

عودة إلى الضغوط على دي ميستورا، تبدي المصادر الدبلوماسية الغربية تشاؤمها من فعالية أي تحرّك دولي في ضوء ما تصفه بالسياسة الأميركية «الرخوة» إزاء إمساك موسكو بالكثير من الأوراق السورية. وتذهب بعيدًا للقول: إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري «سلّم» عمليًا الملف السوري للروس، وإن كيري ومعه الرئيس باراك أوباما ووكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» يمثلون اليوم توجّهًا لا يرى في الشرق الأوسط سوى خطر لتنظيم داعش. ومن ثم، فهم يعتبرون أن كل الجهود يجب أن تصب لقتاله ولو اقتضى الأمر التعاون مع موسكو، لا بل، وربما، حتى الموافقة على بقاء الأسد إذا كان هذا هو الثمن الذي تريده موسكو لهذا التعاون. مقابل هذا الموقف – حسب المصادر ذاتها – هناك موقف وزارة الدفاع (البنتاغون) الذي لا يقتنع بصحة مقاربة البيت الأبيض، ولا يثق بالكرملين بل هو على قناعة تامة بأن محور «طهران – موسكو – نظام الأسد» يسعى للحل العسكري ويعمل على تطبيقه.

وهكذا، في ظل استبعاد أي تبدّل في موقف أوباما مع تسارع العد العكسي لرئاسته، وتزايد ملامح التقسيم الفعلي لسوريا وتعمّد القضاء على الاعتدال
داخل المعارضة، من المرجح تفاقم معاناة السوريين.

... وفي ظل السلبية الأميركية والعجز الدولي، لم يعد أمام السوريين إلا انتظار انتهاء عهد أوباما قرب مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

اقرأ المزيد
١٢ يونيو ٢٠١٦
سر الود بين بوتين ونتنياهو

في ماضي العلاقات السورية - التركية السابق للحرب التي نشبت عام 2011، محاولة قام بها رجب طيب اردوغان وكان عامذاك رئيسا للوزراء للتوسط بين دمشق وتل ابيب، وتوقفت مع هجوم الكومندوس الاسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" في مياه المتوسط التي كانت تقود قافلة انسانية لفك الحصار عن قطاع غزة.

ما يستدعي الان التذكير بالدور التركي في حينه، هو الدور الذي يقوم به الان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يتمتع بعلاقات جيدة الآن مع كل من سوريا واسرائيل، والزيارات المتكررة التي يقوم بها نتنياهو لموسكو والحفاوة التي يلاقيها في الكرملين وهو ما افتقده في البيت الابيض في عهد باراك أوباما حيث تميزت علاقات الرجلين بالجفاء على رغم مواصلة السخاء الاميركي في المساعدات العسكرية لاسرائيل، فقط كان مطلوباً من أوباما ان يهاجم ايران عسكرياً، الامر الذي امتنع عنه فاستحق عدم الود من نتنياهو.

وباستثناء الكلام العمومي عن العلاقات الروسية - الاسرائيلية وضرورة تعزيزها وخصوصاً مع وجود أكثر من مليون روسي يهودي في اسرائيل وعن مستلزمات التنسيق العسكري الروسي - الاسرائيلي فوق السماء السورية كي لا يحصل تصادم عرضي بين الجانبين، لا يصدر شيء محدد عن قيام روسيا بدور محدد أو ما يشبه الوساطة بين سوريا واسرائيل على غرار ما فعل اردوغان في يوم من الايام. أما الكلام عن الدور الروسي في ما يتعلق بالمساعدة على ايجاد حل للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، فيبدو من قبيل الشكليات التي تقال في كل مناسبة، وربما أدركت روسيا ان ما يطلق عليه عملية السلام في الشرق الاوسط هي حكر على الولايات المتحدة على رغم ان روسيا عضو في اللجنة الرباعية وكانت تربطها علاقات تاريخية بمنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي غياب أي مؤشر لحقيقة هذا الود بين روسيا واسرائيل، الذي يتجاوز حكماً كل ما يقال عن ضغط اسرائيلي لعدم تسليم روسيا صواريخ "اس 300" الى ايران او عن التنسيق الجوي في السماء السورية، تبقى الاسئلة معلقة حول هذه المسألة على رغم انه يجب ألا يغيب عن الذهن ما اذا كانت روسيا تجد في اسرائيل تعويضاً عن تركيا بعد تدهور العلاقات الروسية - التركية عقب اسقاط مقاتلات تركية مقاتلة "سوخوي" روسية على الحدود السورية الخريف الماضي. وربما كان بوتين يحاول أيضاً تفادي مزيد من الحصار الاميركي والاوروبي المطبق عليه بسبب أوكرانيا أو انه يحاول ألا يزيد دائرة الاعداء لا في الشرق الاوسط ولا في العالم.

كلها تساؤلات تحاول تلمس حقيقة هذا التطور المتسارع في العلاقات الروسية - الاسرائيلية. ولن يطول الوقت قبل ان تبدأ الامور بالانجلاء.

اقرأ المزيد
١١ يونيو ٢٠١٦
"الشقيري" سقط كما غيره .. عرف تفاصيل المجزرة السورية و لم يعرف "الجزار"!!!

سرد مقدم البرامج الأكثر نجاحاً أحمد الشقيري القضية السورية ، بسريالية الجاهل للسبب و العالم بأدق تفاصيل النتائج من جوع و حصار ، قتل و تدمير و تهجير ، مجازر و مذابح، و ملايين المهجرين، مستخدماً فيديوهات من نتاج الاعلام الثوري، لكنه عجز عن تسمية القاتل و اكتفى بالمأساة نسى المسبب.

حمص دمرت و حلب محيت و آثار نسفت و تساءل أين يذهب الشعب السوري، ناقلاً قصص من معاناة اللاجئين، و المهاجرين العابرين للبحور و الغابات باتجاه الآمان المفقود في سوريا، و كل هذا و لم يعرف السبب.

تسير الحلقة "السادسة" بخطى متسارعة، مع سردية الألم و الموت في طريق الهجرة .. ولك ينسى اظهار الدموع و القهر الذي عاشه و عايشه المهاجرون و المهجرون، و أيضاً لا سبب واضح لذلك.

دراسات و أرقام حول هول المجزرة السورية من قتلى و مهجرين ، مع المقارنة بين الطبيعي و اللامنطقي الذي يحدث في سوريا، و كذلك السبب غائب.

نقل آمال و أحلام الأطفال ، في المخيمات و في طرق الهجرة، وكذلك عرج عن أسباب الهجرة ، و رأى أن المشكلة أصعب اذا لم تحل "الأزمة" في بلادهم، لكن لم يحدد هوية هذه الأزمة و طبعا و حتماً المسبب بدون اسم ، فهو مجهول للمعد و المنتج و المخرج و المقدم التاريخي.

وكالعادة التي جرت برامج يقدمها الشقيري تم تسلطي الضوء على التجارب التي نجح بها السوريون سواء في الاندماج و المشاركة في رفع المعاناة عن أشقائهم، و لم يتحدث عن اهمال الدول العربية و الإسلامية لقضيتهم و انشغالهم بترتيب مصالحهم و ممارسة دورهم التاريخي في خدمة المخططات الأمريكية و الروسية.

ولم يشك الشقيري بأن الحل في سوريا هو سياسي، و ريثما يتم هذا الحل طالب بالتبرع فلا حجة لعدم ذلك، و لكن في الوقت ذاته هل يملك حجة لعدم ذكر السبب.

الشقيري سقط كما سقط جميع من مدعي الحق و الحقيقة و المثالية ، فظهر بمظهر الرماديين و لم يبق له إلا القول "الله يطفيها بنوره" و "مادخلنا حولينا ولاعلينا"، و بالفعل أنهى حلقته بالدعاء "الله يديم نعمة الأمن لدى الجميع".

و في الختام أستعير قول أحد الأصدقاء "سمير المطفي الذي قال "اذا بهيك برنامج ومقدم عم يشتغل للتغيير من عشر سنين ما قدر غير يعرض الضحايا بدون الاشارة للمجرم المتهم , فعلى شو بدنا نتأمل بالتغيير اذا ما بدك تحكي عن القاتل فلا تحكي عن المقتولين والمتضررين ".

و أستذكر هجومه المستمر عل البلاد العربية و مقارنتها بتطورات الدول من اليابان و غيرها، في حين يقف أصماً أبكماً أمام الملايين الذين سحقوا في سوريا على يد الأسد و حلفاءه.

اقرأ المزيد
١١ يونيو ٢٠١٦
النزاع السوري: التقاطعات الروسية مع إيران وإسرائيل تحت عين واشنطن

تتسارع التطورات إبان الشهور الصعبة في النزاع السوري، وتُسلط الأضواء الإعلامية على معركة منبج تمهيدا لمعركة الرقة. لكن الوقائع السياسية، هذا الأسبوع، وأبرزها زيارة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى موسكو، والاجتماع الثلاثي لوزراء الدفاع الروسي والإيراني والسوري في طهران، تعتبر فائقة الأهمية لأنها تكشف عن القفز الروسي على الحبل المشدود في الساحة السورية ما بين أطراف يفتـرض أنهـا متخاصمة، وكل ذلك تحت سقـف تنسيق جـون كيري – سيـرجي لافروف.

هل يستفيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (لاعب الجودو) من نهاية ولاية باراك أوباما كي تكسب استراتيجيته الملتبسة بالنقاط ويزهو عندها القيصر الجديد بغنيمته السورية؟ أم تبرز الاستحالة لأن تبديد شبح تنظيم داعش سيضع الكل أمام مسؤولياتهم وعندها يتضح من يريد الحل السياسي فعليا، ومن يناور للاحتفاظ بالسلطة أو للإمعان في الاهتراء والتفتيت، وصولا إلى إعادة تركيب الإقليم في فترة لاحقة؟

قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى موسكو (ثالث زيارة له إلى روسيا منذ سبتمبر 2015) قام الكرملين بخطوة رمزية تمثلت في إعادة دبابة إسرائيلية شاركت في معركة السلطان يعقوب، التي وقعت خلال حرب لبنان في العام 1982. ويبدو أن إعادة “الغنيمة السورية” من المعركة إلى إسرائيل تأتي في إطار تحسين العلاقات بين روسيا وإسرائيل، خصوصا بعد الدخول الروسي المباشر للحرب السورية. وبالفعل، أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “أن زيارات نتنياهو المتكررة إلى موسكو هي ثمرة لعلاقات الثقة القائمة”. ولم يقتصر الأمر على التعبير عن مخاوف الجانبين وطمأنة أحدهما الآخر، ولا على التعاون في مجالي الزراعة والتكنولوجيا المتقدمة، بل تعداه إلى تنسيق استراتيجي لتفادي الصدام، كما بالنسبة إلى موقع حزب الله في سوريا وتسليحه، أو كما في نزاع أذربيجان – أرمينيا ونقاط تعارض أخرى منها بيع السلاح الإسرائيلي لجورجيا وأوكرانيا وأذربيجان، وبيع السـلاح الروسي إلى إيران.
   

لا بد للمراقب أن يلاحظ أن غياب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن مؤتمر باريس حول الشرق الأوسط في 3 يونيو، واكتفاء موسكو بإيفاد ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية الروسي، وهذا يعطي دليلا إضافيا على رغبة موسكو في تجنب أي إزعـاج أو نقـد محدود لإسـرائيل في الملـف مع الجـانب الفلسطيني. وهكذا تبدو العـلاقة الروسية – الإسرائيلية متينة ومستندة إلى مصالح متبادلة كثيرة ووجود ديموغرافي هام لليهود مـن أصل روسي في إسرائيل. وهكذا لم يكن عبثـا وصف أرييل شارون يوما لفلاديمير بوتين بـأنه صديق إسرائيل الكبير. بالطبع تبقـى إسرائيـل مقيـدة بتبعيـة استراتيجية إزاء واشنطن، لكن بالرغم من تدهور العلاقة الشخصية بين أوبامـا ونتنياهو، هـناك قراءة إسرائيلية تركز على أنه أيا كان الرئيس الأميركي الجديد، لن تعود واشنطن بزخم إلى الشرق الأوسط، وأنه لا بد من التعامل مع اللاعب الـروسي بصفته من القوى الدولية المؤثرة في الجوار الإسرائيلي. وبحسب مصادر روسيـة فـإن تفاهـم بوتين ونتنيـاهو على عدم التركيز على مصير الرئيس السوري لأنـه “ليس من أولويات إسرائيل”، بل كان الأهم، بحسب هذه المصادر، هو “التعهد باحتـرام المصـالح الأمنية الإسرائيلية”، مقابل دعم إسرائيل لاستمرار تسليم واشنطن بالدور الروسي القيادي في الملف السوري.

والملفت للنظر أن تتزامن نهاية الزيارة الإسرائيلية إلى مـوسكو مع استضافة طهران لاجتماع رفيع المستوى بين وزراء دفاع روسيا وإيران وسوريا من “أجل تنسيق المعركة ضد داعش”، كان هذا في ظاهر الأمر حتى لا تربح واشنطن قصب السباق نحو الرقة، لكن في حقيقة الأمر كان ذلك بغاية دراسة تنسيق المواقف بخصوص وقـف الأعمال العدائية وإطلاق النار بعد بروز مواقف روسية رفضت في الأسابيع الماضية مجاراة إيران والنظام السوري في التصعيد حتى لا يسقـط التفاهم مع واشنطن.

كان هناك عتب متبـادل في طهـران (نتيجة التنسيق الروسي – الإسرائيلي يطرح البعض في طهران والضاحية الجنوبية لبيروت تساؤلات عن اختراقات في اغتيال مصطفى بدرالدين القائد العسكري والأمني في حزب الله) نتيجة الخسائر الكبرى في معارك جنوب حلب، لكن ذلك ترافق مع مسعى إيراني لانتزاع وعود من روسيا للقيام بعمليـات مشتركة واسعة تهدف إلى إسقـاط كل الشمـال السوري، ودفـن الحراك الثوري السوري وتعويم النظام، من خلال استغـلال تركيز واشنطن الحصري على الحرب ضد داعش وعلى قرب دخول الإدارة الأميركية “مرحلة البطة العرجاء”.

من خلال القفز على الحبل المشدود، يمسك فلاديمير بوتين بالورقة السورية بشكل عام، مع مراعاة لمصالح إسرائيل وطمأنة إيران ومنظومة بشار الأسد، إضافة إلى الضغط على تركيا، ومحاولة عدم قطع الجسور مع الدول العربية في الخليج.

يرتبط نجاح التوجهات الروسية بالقدرة على عـدم “استفزاز واشنطن” في حال توسيع العمليـات العسكـرية، خاصـة أن جون كيـري يربط اسمه بمحاولة إنقـاذ المسار السلمي حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.

تأمل واشنطن، كمـا باريس ولنـدن وبرلين، في أن تلتزم موسكو بما وقعت عليه في فيينا في شهر مايو الماضي، حول بدء الحكم الانتقالي في سوريا في الأول من أغسطـس القـادم. لكن من يسمع خطـاب الأسد الأخير ومجريات اجتماع طهران الثلاثي، يتضح له أن الوعود الروسية ستبقى من دون تنفيذ، وأن غبار المعارك ضد تنظيم داعش كفيل بحجب الرؤية عن حقيقة اللعبة الجهنمية الدائرة على الأراضي السورية.

اقرأ المزيد
١١ يونيو ٢٠١٦
أومليت الأسد وبيضة النظام !

لا بد من ان يكون فلاديمير بوتين قد استلقى على ظهره من الضحك عندما قرأ كلمات بنيامين نتنياهو في خلال لقائه مع قادة الطائفة اليهودية في روسيا، بعدما سُئل عن مستقبل الوضع في سوريا، فقال: "لست أدري اذا كان من الممكن إعادة الأومليت السوري الى البيضة، اذا كنتم تسألون ما مستقبل العلاقات مع الأسد، فأنا أسأل ما هو مستقبل الأسد، إن مصيره مسألة ثانوية"!

فعلاً كيف يمكن أعادة الأومليت السوري الى البيضة؟

الاسد أخذ نفساً مما يجري في منبج على أيدي الأميركيين، وفي الطبقة على الطريق الى الرقة على أيدي الروس، جعله في خطابه الأخير يقول إنه سيحرر سوريا شبراً شبراً، أي انه سيعيد الأومليت الى بيضة النظام، ولكن لا بوتين ولا نتنياهو ولا حتى حلفاءه الإيرانيين يظنون ان في الوسع اعادة الزمن السوري خمسة أعوام الى الوراء!

لقد صنع الأسد أكبر أومليت في التاريخ الحديث، كسر ويكسر كثيراً من البيض السوري الذي ليس من الممكن أعادته كما كان، وبوتين لا يحتاج الى رأي نتنياهو في ان الدول التي حول اسرائيل، وسوريا في مقدمها، تتفكك، وان مصير الأسد مسألة ثانوية. هو يعرف ذلك والإيرانيون بكثير من الإمتعاض والمرارة يعرفون ذلك ايضاً، ولا بد ان يكون وزير الدفاع الروسي قد تلقى سيلاً من الأسئلة التي طرحها عليه نده الإيراني يوم الخميس، والتي تتركز على قول بوتين بعد لقائه نتنياهو كلاماً يثير القشعريرة في طهران: "إن اسرائيل تحارب الإرهاب وهي وروسيا حليفان من هذا المنظور"!

لكن اسرائيل تحارب ايران كما تقول وتواصل عملياتها العدوانية ضد "حزب الله" الذي حاولت طهران دفعه الى توسيع جبهة الجنوب لتشمل الجولان، فمن أين يجد بوتين دوراً لها في محاربة الإرهاب؟

إنه الأومليت السياسي في المواقف المتناقضة جذرياً بين حلفاء الأسد، وخصوصاً عندما نتذكر أن زيارة نتنياهو الثالثة لموسكو في خريف العام الماضي جاءت بعد محاولات تحريك جبهة الجولان، حيث شنّت اسرائيل غاراتها بمعرفة موسكو وتنسيق معها، وبعد ذلك جرى تبريد الجبهة. وفي السياق يقول عاموس جلعاد إن ايران وميليشياتها والمقصود "حزب الله" انتقلت الى الحرب في جبهات الشمال، بما يوحي ان موسكو رتّبت الأمر الذي من شأنه زيادة دفع الإيرانيين الى الزاوية!

هل كان نتنياهو ليضع إصبعه في عين بوتين ويعلن بعد المحادثات بينهما ان مسألة مصير الأسد هي مسألة ثانوية وان اسرائيل لا تتدخل فيها لو لم تكن المحادثات بينهما تسمح بذلك، ولو جاء الأمر مناقضاً للإعلانات الروسية عن بقاء الأسد، الذي صنع اومليت لا يستطيع بوتين أعادتها الى البيضة!

اقرأ المزيد
١١ يونيو ٢٠١٦
عن «حصة الأسد» للأسد والباقي... تقسيم!

في الكتابة التحليلية عما يجري في سورية بعد ما يقرب من ست سنوات من الحروب على اختلافها، هناك من يفضل التزام الحد الأدنى من الموضوعية والحياد لكن يخشى أن يؤخذ بجريمة الفكر، على رغم هذه الأجواء البركانية السائدة من المحيط إلى المحيط ومن الخليج إلى الخليج.

ويبقى أن الأمر محاولة موضوعية مع احتمال الوقوع في الخطأ، مقابل اجتهادات أخرى تنطوي على بعض النسبية من الصحة.

بعد انقضاء هذا الوقت الطويل من اشتعال الجبهات وتعدد أطراف المشاركين أصبح بالإمكان التحدث عن «الحال السورية». ومع تقادم الزمن يتزامن طرح الكثير من علامات الاستفهام والتعجب!؟
وبعض الأمثلة والشواهد كثيرة وشديدة التعقيد: من يقاتل من؟ ومن يتحالف مع من؟ ومن يتآمر مع من؟ في السر أو العلانية أو خلف الكواليس؟

وجديد الوضع هو قديمه. آخر الوسطاء الأمميين كان قبل الوسيط الحالي ستيفان دي ميستورا الديبلوماسي الجزائري «المعتق» الأخضر الإبراهيمي، والذي أسقط في يده بعدما استنفد كل المحاولات لإحداث اختراق في جدار الحرب المستعرة. سئل الإبراهيمي أخيراً: ما تقديرك لما ستؤول إليه الأوضاع؟ أجاب: أخشى ما أخشاه «صوملة» سورية.

إننا نسوق هذا الكلام ليس من قبيل تظهير الوضع المأسوي في سورية، بقدر ما هو للتوقف عند ملامح الأوضاع الآتية على بلاد الشام ودول الجوار المشتعلة بدورها، وللحديث عن فشل جميع المحاولات التي بذلت لوقف أتون الحرب الذي لا ولن تقتصر حدود اشتعاله على جغرافيا محددة، ولبنان ليس ببعيد عن مآسي تواصل الحروب الضارية، بين بلدان أخرى يزحف إليها الصراع في مختلف أبعاده.

وسنعرض لآخر المستجدات السورية وتوابعها وفق التبويب التالي:
أولاً: كلما تزايد الكلام عن تقدم الحل السياسي ازداد القتال تأجيجاً، ما يؤكد أن لا جدوى من التوصل إلى حل سياسي بعد كل تعقيدات هذه الحرب والنتائج الممتدة لخمس سنوات ويزيد. وقد ظهر الرئيس بشار الأسد قبل أيام أمام مجلس الشعب (الجديد) طارحاً عرضه للسلام، وبدا وكأن تصوره للحل يختلف كلياً عن «الحل الدولي المقترح» لإنهاء الأزمة.
لقد ظهر الرجل وكأنه ما زال يمسك بزمام المبادرة في مسألة الحرب والسلام، وظهر بوضوح وجلاء الاختلاف البين في الطروحات السلمية المتداولة.

كذلك بدا واضحاً الاختلاف في تبويب الأولويات، فالمعارضات السورية تريد الدخول مباشرة في محادثات تسلم السلطة القادمة، فيما أجندة الأسد تدعو إلى إنهاء الإرهاب أولاً، ثم العمل على تأليف حكومة وحدة وطنية تضم سائر الأطياف. وهذا التباعد لا ينبئ بالتوصل إلى أي حل، ما يؤكد بوضوح أن الحروب في سورية مستمرة.

ثانياً: إن استمرار الاختلاف في سلم أولويات الحل يؤشر إلى المزيد في تصاعد الأعمال العسكرية، سواء من جانب الجيش السوري مدعوماً من الطائرات العسكرية الروسية، أو الأفرقاء والمعارضين من «داعش» إلى «جبهة النصرة» وما يعادلهما.

إن «توقف» مسار جنيف يمثل إشارة واضحة لتعثر المحادثات، واستناداً إلى معلومات لمصادر مواكبة للوضع السوري، فالحل ما زال بعيد المنال وسط المعطيات القائمة. وتؤكد هذه المصادر لــ»الحياة» أن المحادثات السياسية في جنيف أو في فيينا ليست إلا غطاء لاستمرار القتال والمزيد من فصول النزاع المدمر.

ثالثاً: هناك الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة المواقف الأميركية والروسية حيال تواصل الأزمة، ويبدو التباعد بين الموقفين واضحاً.

فالرئيس فلاديمير بوتين ماضٍ في استغلال عدم قدرة أو عدم رغبة الرئيس باراك أوباما التورط العسكري وهو يوضب حقائبه لمغادرة البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية المقرر أن تجرى في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

رابعاً: استناداً إلى المعطيات المتوافرة تبدو المشهدية السورية على الشكل التالي: النظام بقيادة الأسد لم يتمكن من استرداد المواقع التي خسرها في القتال مع كافة أنواع المعارضات والجنسيات المتعددة التي تشارك في الحرب. وفي المقابل لم تتمكن القوى الأخرى المسلحة من السيطرة على كامل أرجاء التراب السوري. وحيال إصرار كل فريق على موقفه يتجه الحل إلى الآتي:
لأن الرئيس الأسد لم ولن يتمكن من استعادة السيطرة على الجغرافية السورية فسيكتفي بالبقاء ضمن حدود جغرافية معينة محددة الأعراق والطوائف والمذاهب. أما الجواب الآخر الخطير فيتمثل في أن عديد الدراسات التي قدمت للأمم المتحدة والتي حملها دي ميستورا تؤكد أن الأقسام الخارجة عن سلطة الأسد ستكون موضع نزاع بين مختلف الأطراف المتقاتلة، ما يعني عملياً استمرار النزيف السوري الحاد، وأيضاً اتجاه سورية نحو «تقسيم ما» جغرافي وعرقي ومذهبي.

وفي سياق متصل لوحظ في الآونة الأخيرة ظهور أطراف مقاتلة كالفريق الكردي مثلاً، والذي يقاتل بشراسة مدعوماً من بعض الجهات الدولية وفي طليعتها الولايات المتحدة. وتكمن خطورة هذا التطور أن ذاك الفريق الذي يقاتل بشراسة تحت مسمى القوى الديموقراطية، يعمل بموجب مبدأ: قاتلوا... واحتلوا الأراضي التي تتمكنون من تحريرها.

وهذا يعني التوصل إلى المشهدية التالية: حصة الأسد ستقتصر على مناطق نفوذ النظام حالياً وقاعدتها العسكرية الروسية في الحميميم، وتضم إليها بعض المناطق المجاورة. لكن ماذا عن الباقي من الأراضي السورية!

وثمة من يشير إلى أن وحدة سورية لا يمكن العودة إلى ما كانت عليه، ويبقى «التقسيم» لا بوصفه الحل المفضل، بل الحل المتاح المتمثل في المعطيات القائمة حالياً.

وهذا يعني استطراداً أن «حصة الأسد» تذهب للأسد، أما الباقي من الجغرافيا السورية فموضع «تناتش» من جانب القوات المعارضة أو المعترضة على البقاء في ظل الأسد.
قد تبدو هذه الصورة غير مقنعة لبعض المراهنين على التطورات في سورية، ولكن لا يكفي نفي قيام التقسيم حتى لا يحصل. كذلك فهذا «التقسيم» ليس «الحل الأفضل»، بل على العكس هو «أبغض الحلال»، لكنه الحل المتاح حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

وهناك أمر مريب يتصل بالعلاقات الروسية – الأميركية حيال سورية. فهناك العديد من القرائن الحسية على «تفاهم ضمني» حتى لا نسمي ذلك «تواطؤاً» ينتزع فيه المكاسبَ اللاعب الروسي بوتين عبر عسكره وعبر ديبلوماسيته المتمثلة بوزير الخارجية سيرغي لافروف.

وهنا يلاحظ أن «القيصر الروسي» يلعب بمهارة على المسرح السوري الدامي وهو يعلم أن الرئيس أوباما أصبح كـ»البطة العرجاء» قبل رحيله عن البيت الأبيض بعد شهور فقط.

ويعلم بوتين أن أوباما لم يعد يريد حرق أصابعه في النار الشرق أوسطية وبخاصة بعد العراق. وعلى رغم ذلك هناك معلومات تؤكد وجود بعض «التقنيين الأميركيين» ممن يعرّف عنهم بالمستشارين الذين يقدمون الخدمات للعمليات العسكرية في سورية والعراق. وقد كشفت فرنسا خلال الساعات الماضية عن وجود قوات فرنسية في الداخل السوري يقتصر دورها على «تقديم الاستشارات» على حد تعبير مصادر باريس.

وفي المحصلة الأخيرة لا بد من التوكيد على النقاط الرئيسية التالية:
لا يكفي تطوع بعض الأصوات التي تؤكد في شكل قاطع «عدم تقسيم سورية» كي لا يقع التقسيم، وفي الرد على هذا المعطى نقول أننا لا نسوق لتقسيم سورية، أو إعطاء الانطباع بأنه الحل الأفضل، لكن استمرار الحرب والعمليات العسكرية خمس سنوات أدى إلى بروز واقع جديد لم يعد معه ممكناً تعايش سائر الأفرقاء في حدود واحدة موحدة.

والنتيجة: ما كتب لسورية قد كتب!

ومن هذا المعطى يذهب الأخضر الإبراهيمي إلى توقع سقوط سورية في «الصوملة» وفق المخطط التالي: يبقي نظام الأسد سيطرة ولو جزئية على ما تبقى لديه من واقع جغرافي محدد، وتقدم روسيا له الدعم العسكري والسياسي. أما سائر المناطق فتبقى عرضه للاقتتال بين أكثر من طرف. وحدث خلال الأيام الأخيرة أن خاضت القوى الكردية قتالاً مع «داعش» و»النصرة»، حيث تقتضي «الخطة» سيطرة الأكراد على الأراضي التي يحررونها من «العناصر الإرهابية».

لقد أظهر التباين في سلم الأولويات واقعاً تقسيمياً واضحاً: الأسد في اللاذقية ودير الزور والعاصمة دمشق، فيما سائر المناطق لمن ستكتب له الغلبة في القتال الضاري والمشتعل.

فالكلام عن فيلم أميركي روسي طويل ليس ببدعة بل هو حقيقة واقعة. وبناء على ما تقدم فأي قرار فعلي يتصل بمسار «الحال السورية» سيكون حصراً بين طهران وواشنطن وموسكو والبقية تأتي.
وهكذا فمصائر شعوب المنطقة رهن تضارب وتقاطع المصالح سواء في الإقليم أو في عواصم القرار الأخرى.

والصورة الماثلة أمامنا تقول: سيبقى الرئيس الأسد على رأس «سورية ما» فيما يستمر الصراع المصلحي على كل ما عداه، وسيتولى «تنظيم الدولة» والنصرة» ما تبقى.

لقد بدأت الأحداث في سورية بشكل محدد وتطورت إلى أشكال شديدة التعقيد، وسوف تنتهي البراكين بشكل آخر يختلف عن سائر الطروحات التي أظهرتها هذه الحرب الضروس.

ولا يمكن ختام المقال من دون التعرض إلى التداعيات الإقليمية والدولية التي أسفرت عنها النيران السورية المشتعلة، وللحديث ولو بشكل خاطف عن حروب الإحالة وحروب الوكالة. وهذا سياق متصل لا بد فيه من التوقف عند اجتماع طهران الذي ضم إيران وسورية وروسيا، وهذا موقف شديد الوضوح بتعقيداته وتداعياته المرتقبة نظراً للأدوار المحورية التي تتحكم بأزمة حل الأزمة السورية. وفي هذا المجال، قال أوباما في توصيفه للوضع: «إن ما يجري في سورية حرب أهلية في جانب وحرب بالوكالة في جانب آخر». صدق أوباما هذه المرة... وعليه يبقى أن أي تعديل أو تبديل في مسار الحرب سيكون في إيران وروسيا، وباقي التفاصيل تأتي لاحقاً.

اقرأ المزيد
١١ يونيو ٢٠١٦
سُنّةُ الإمام عليٍّ والنواصب من الشيعة في سوريا

أحد السوريين دُعي في رمضان منذ سنين إلى مجلس ٍحافلٍ في العراق جلس فيه عشرات من الشيعة العرب يستمعون إلى شيخ شيعيٍ معمَّمٍ سيِّد وكان يذكرُ قصصاً ورواياتٍ عن المعاناة الشديدة التي كان آل البيت الأطهار يقاسون منها من الصحابة الكبار الأوائل وكان يُثْبِتُ ويُثَبِّت وجود حقد شديد متبادل بين كبار الصحابة وبين الإمام علي وآل بيته فذكر كيف كسر عمر ضلع السيدة فاطمة وذكر مصادرة الخلفاء الأوائل لأملاك آل البيت وذكر رواياتٍ متلاحقة عن اضطهادهم وتجاهلهم وإغماط حقوقهم الاعتبارية والاجتماعية والسياسية وذكر أموراً مؤلمةً كثيرةً بإيقاع حزين  بدا واضحاً أن الحاضرين قد سمعوها مراراً وتكراراً ولكنهم كانوا يشحنون من خلالها عواطفهم ويستذكرون في ليالي رمضان ما قيل لهم أنه عبادة خاصة أقوم من قيام الليل...

وساد في المجلس سكوت وسكون عدة مرات كان الحاضرون يلتفتون للسوري يترقبون منه اعتراضا أو تعليقا ولكنه بقي مستمعا جيداً هادئاً وفي آخر مرة طال السكوت والسكون حتى قطعه صاحب المكان وقال للسوري: لقد تعمدتُ دعوتك إلى هذا المجلس لتستمع فتهتدي أو تعترض, ولكنك ساكت تُصغي ولا تُعقب, فاعتدل السوري وقال: ولماذا أعترض إذا كان قصد السيِّد الراوي في كل ما رواه أن الصحابة الكبار لم يألفوا عليا وآل بيته ولم يحبوهم وعليٌّ لم يألفهم ولم يحبهم فليس عندي في ذلك اعتراض , والتفت إلى السيد المعمم الراوي وسأله عن كنيته فقال: أبو منتظر وقد سمّيتُ ابني  منتظراً  لدلالتين: لينتظرني وكنتُ في ايران من التوّابين أحارب مع الحرس الثوري ضد العراق وتيمناً بالإمام المنتظر.

فهتف السوري مخاطبا المجموعة كلها وقال: فعلا إن في تسمية الأبناء لدلالاتٍ وإشاراتٍ لدى الحكماء... هل تعلمون رجلاً بين الأولين أو الآخرين في كل المعمورة جمع في أسماء أبنائه باقةً فيها: أبو بكر وعمر الأكبر وعمر الأصغر وعثمان الأكبر وعثمان الأصغر...مجموعة أبناء بتلك الأسماء لرجل واحد؟...هل تعلمون ؟... ولم يجب أحد فقال السوري: أيها السادة إنه علي بن أبي طالب... الرجل الوحيد من الصحابة الذي فعل ذلك...والأنساب لا تُزور بسهولة بل قل الأنساب عند العرب كانت أقل أمر دخله التحريف والعبث.

والحسن سمّى من أبنائه أبا بكر وعمر,  والحسين سمّى من أبنائه أبا بكر وعمر, ومن ذريتهما في الأحفاد وأحفاد الأحفاد ثلاثة عشر "عمراً" وخمسة "أبي بكر" في ثلاث طبقات فقط...

عليٌّ وآل بيته حقاً لم يكونوا يحبُّون الصحابة الكبار حباً عاديا إنما كانوا لا يحبون أحدا بعد النبي سواهم وقلوبهم قد تعلقت بهم بحبٍ في الله عظيم.

ولم يُصدّق الحاضرون ما سمعوه والتفتوا للمعمّم يستنبئونه :أحقٌ هو أم قد زوّرَ السنّةُ الأنسابَ... فراحت كلماته وأنظاره تلف وتدور ولم يُفهم منه وقتها إلا: " نعم هو صحيح ولكن من قال أن الإمام علي سمّى تيمناً بهم...لقد سمّى تيمناً بآخرين ...ثم هذه الأسماء كانت جذابة دارجة في تلك الأيام وليس بالضرورة أن تكون في التسمية دلالات, وحتى لو قصدهم فالتقية واجبة..."وكرَّر وتلعثم وحاول أن يستمر في الشرح والتبرير لكن الحاضرين ضجُّوا وأسكته ضجيجهم, لقد صُدموا وتبين أمامهم أنهم قد غُرر بهم وتفككت أمامهم دفعة واحدة الأسطورة...أسطورة تباغض الصحابة وآل البيت وتباعدهم وأعلن أحد الحاضرين: "أنا سيّد من أحفاد رسول الله والله لأسميَّن أول مولود قادم لي باسم عمر" وقد فعل.

والأمر أكبر من ذلك وأغلظ...فلن يجد باحث واحد مهما بذل أن هناك من سمّى أو كنّى هو و ذريته من بعده في خمس طبقات أسماءاً لأبي بكر وعمر وعثمان كعلي بن أبي طالب لا في عصره ولا في عصر تلاه...يبدو أنها كانت طريقة ونهجاً اتبعها عليّ وأوصى بها أبناءه من بعده.

"عليّ" هو الذي لم يقبل أن يُفضّله أحد على أبي بكر وعمر وقال قولّته الغاضبة المشهورة: "من فضّلني على الشيخين حددته حد الفرية".

و"علي" هو الذي وضع الحسن والحسين حارسين على باب عثمان لحمايته أيام الفتنة الكبرى.

لقد سجّل علي بذلك وغير ذلك براءة كاملة مما اختلقوه و ابتدعوه وروّجوه وأسقط الأسطورة بحرص وفراسة...

 ويندر في أنواع التاريخ المزوَّر أن يُذكر أمر لا يكون له أي أصل أو مناسبة ولكن هذا الأمر الذي أُلصق بالصحابة و الإمام عليّ كان فعلاً لا أصل له بل هو قلبٌ كاملٌ مقصودٌ للحقائق بما يعاكس ما حدث وما يعاكس طبع علي والصحابة  وأخلاقهم.

والذين وفروا الأدلة الكثيرة الحاسمة القاصمة ضد أسطورة "بغض أهل السنّة لآل البيت" على مدى مئات السنين هم  أهل السنة والجماعة  أنفسهم, الأولون والآخرون ...السابقون والمعاصرون الذين حرصوا بنفس طريقة الإمام علي أن يُسمّوا أبناءهم  بكثرة بأسماء علي والحسن والحسين ويندر أن لا تجد في اسم الواحد من أهل السنة حتى الجد السابع اسم علي أو الحسن أو الحسين وصارت هذه الأسماء أكثر الأسماء عند أهل السنّة بعد ما حُمِّد وعُبِّد من الأسماء عبر القرون.

وفي خلاف "عليّ" مع معاوية ...كل أهل السنّة المعتبرين يقولون بأن الإمام علي كان على الحق ويخطِّئون معاوية في ذلك ولكنهم لا يكفِّرونه ولا ينبذونه كما يشتهي مؤسسو أساطير الفتنة... فعليٌّ نفسه لم يكفر معاوية, و لمعاوية فضائل في الفتوح وغيرها.

وتكاد لا تخلو خطبةٌ على منابر أهل السنة من الذكر الحسن الطيب لعلي والسبطين.

ومن ظنّ أن أهل السنة يسمحون لبشرٍ أن ينتقص من واحد من آل البيت فليجرِّب ذلك فينظر أيسلم أم يُهان.

أهل السنّة  إذا وصفهم باحث أنهم "سنّة الإمام عليّ" أو لقّبهم "بأهل السنّة وجماعة عليّ" فقد  وصل وصدق بل هم شيعة علي الصادقون...الذين  شايعوا علياً فعلاً في العقيدة الصحيحة والنهج والطريقة.

والذين ادعوا أنهم شيعة لعلي وخالفوه في كل شيء وفي كل حين وفي كل زمان و وصلت بهم المخالفة المديدة لعليّ إلى مقاتلة أهل الشام المظلومين المنتفضين اليوم...أهل الشام الذين لم يَذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل أحد مثلهم...أهل الشام الذين انتفضوا ضد الظلم والاستبداد الظاهر المبين يُرسلُ المُدَّعون لقتالهم وقتلهم الأفواج تلو الأفواج باسم الإمام عليّ وباسم الحسين الذي قال عما يفعلون :"العامل بالظلم، والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم,...ومن عذر ظالماً بظلمه سلط الله عليه من يظلمه..." وفي وصية لأصحابه:" إياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم, فيوم القيامة يأتي رجل إلى رجل حتى يُلطِّخَه بدمه، فيقول: يا عبد الله مالك ولي؟ فيقول أعنت ضدي يوم كذا وكذا بكلمة فقُتلت ".

وأقوال كثيرة لا تُعدُّ ولا تُحصى لآل البيت في رفض الظلم وردع الظالمين وأعوانهم....أقوال ومواقف تجعل الباحث المتمعن يقول :هؤلاء الذين اجتاحوا سوريا ليقتلوا شعبها وينتهكوا كل الحرمات فيها بمسمّى شيعة آل البيت  إنما هم في الحقيقة يخالفون قيم ووصايا وأخلاق آل البيت وعندما يهتفون باسم علي والحسين وسائر آل البيت ويرفعون رايات عليها أسماؤهم فهم يلصقون أبشع الأعمال المنكرة الفاسدة بتلك الأسماء ... وأصحابها بلا ريب منهم براء...إنه التشويه والتلويث الذي يوصل من يفعله لمرتبة من يناصب آل البيت العداء فعلاً....هؤلاء فعلاً ينطبق عليهم أن يقال لهم :"أنتم النواصب الحقيقيون" ..."نواصب الشيعة" الذين جلبوا لعليّ وآل بيته الألم والمعاناة في حياتهم وبعد مماتهم...

يبدو أن عليّاً ذا الفراسة قد قصدهم في عصره وعصرنا بقوله وهو يخاطبهم: "أخلاقكم دقاق، وعهدكم شقاق، ودينكم نفاق، وماؤكم زعاق، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه...قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً وشحنتم صدري غيظاً ، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً ، وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان... من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب..".

 وعن قيمتهم قياسا بقدر أهل الشام في نظر الإمام عليّ يقول لهم: "و الله! لوددت لو أني أقدر أن أصرفكم صرف الدينار بالدراهم, عشرة منكم برجلٍ من أهل الشام"....عشرة منكم برجلٍ من أهل الشام...عشرة منكم برجلٍ من أهل الشام.

نواصب الشيعة هم الذين يُموّلون ويُناصرون ويُقاتلون في سوريا إلى جانب أبشع الطغاة ويتحالفون لذلك مع كل شياطين الأرض...

"نواصب الشيعة" فئة كاذبة أتقنت الدجل وتسييسه وجَرَّت وراءها فئة ساذجة عمياء غُرر بأتباعها جماعات ووحداناً.

وفي سوريا اليوم يقول الحسين لنواصب الشيعة الذين اجتاحوا الأرض المباركة :"من سلّ سيف البغي قُتل فيه"

ويُبشر "عليٌّ "سنّته "أهل السنّة" في سوريا فيقول:

"إذا رأيتم الظالم يستمر في ظلمه فتأكدوا أن نهايته محتومة وإذا رأيتم المظلوم مستمراً في مقاومته فتأكدوا أن نصره محتوماً"

فأبشروا "سنّة محمّدٍ وأبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ" بهزيمة نواصب الشيعة في سوريا.

 

اقرأ المزيد
١١ يونيو ٢٠١٦
ماذا لو بقي الأسد رئيساً لفترة انتقالية .. فهل سيؤثر ذلك في شيء؟

تحاول هذا الفكرة الدخول عنوة و بنعومة في رأسي و رأس الجميع ، كحل مؤقت لوقف سيلان دم الشعب السوري، الذي لم يبقى فيه من الدم الكثير ليسال، و يحاول طارحوه إيجاد مخارج لها و تخريجات لأن تجد لها قبولاً أو رضا أو على الأقل عدم نفور و بالتالي الهروب بالاتجاه المعاكس لها.

و لو تساءلنا بسذاجتهم و وأخذنا الفكرة بشيء من العقل المجرد من كل مشاعر و أحاسيس، و الأهم تغييب الإرث الذي نحمله في كل جوارحنا، وقلنا : ما المشكلة في أن يبقى الأسد لفترة انتقالية و بالتالي سنتخلص منه بيسر و سهولة، و سيكون خلاصنا منه كخلاص المرأة من حمل دام لخمس سنوات تلفظ معها جنين (سوريا الحلم) و كذلك كل ما احتواه رحمها من دم و أمور تؤذي..!؟

منطقية السؤال جيدة و البحث فيها مشجع أكثر و الغوص في تفاصيلها يجعل الأمر شيق و جدير في الدراسة، فلم لا ، و لم لانفعل و لم لا نقدم على ذلك، فهي بالنهاية فترة مؤقتة يتلوها فترة فيها الدوام في الجو الذي خرجنا لأجله .

نعم السوق السابق هادئ و يفهم منه أنه متوافق مع الجميع من دول و منظمات و هيئات، و لكن أين الخطأ فيه حتى يجد هذا الكم من الرفض داخل العقل المجرد مما سبق ذكره .

الانقلاب العسكري الذي أوصل حافظ الأسد للحكم، هو حالة مؤقتة تحولت إلى "الأبد"، قانون الطوارئ الذي أعلن لمواجهة بضع هزات في المجتمع تحولت لحقبة تمتد من أواسط القرن الماضي و إلى الآن لازالت جاثمة.

و لكن الوضع الآن مختلف نعم ، فالمجتمع الدولي يطلب و يتعهد بالتنفيذ.
و لكنه توعد طوال السنوات العجاف الخمس الماضية و لازال و سيبقى دون أن يحرك شيء ، إلا تلك الألعاب التي يرمي بها هنا و هناك ليعمل بشيء مخالف.

و العقل المجرد سرعان ما يستيقظ من ذلك الوهم ليؤكد أن: بقاء الأسد لمرحلة انتقالية يعني أن نسلم سلاحنا له، و نسير تحته لنحارب الارهاب، و كذلك سيكون على المهجرين و المشتتين أن يسلموا خيمهم و ينتقلوا لعراء الأسد بغية محاربة الإرهاب، و على المحاصرين أن ينتفضوا و يحركوا ما تبقى من أجسادهم الهزيلة من الجوع و الحرمان، ليقطعوا بقايا أجسادهم ليقتات الأسد منها و ذلك أيضاً لمحاربة الإرهاب ، و الأهم على الأمهات و الآباء و الأبناء و الأرامل كذلك أن يخفوا شواهد جثامين أحبابهم و يمنحوا دموعهم للأسد ليشرب منها و حتماً لنحارب الإرهاب، و سيخرج المعتقلون هرولة من ظلمات السجون إلى نور الأسد دعماً له في محاربة الإرهاب، بالمختصر نحن سنؤد كل التاريخ بغية تلك "اللحظة التاريخية الانتقالية".

الحقيقة و أن أكتب هذه السطور خطر في بالي سورة "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل" فدفعتني لانتظار "فجعلهم كعصف مأكول"، و و أتبعتها بـ "لإلاف قريش" فلم أجد إلا "آمنهم من خوف"، فليس هناك منطق يحكم الانتقال بشكل متسلسل و إنما التغيير يكون عبر طريق شائك ينتقل بشكل كلي من فيل إلى العصف...

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان