مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١٥ ديسمبر ٢٠١٦
روسيا ترسم استراتيجيّتها للاستحواذ على سورية

المحنة السورية كشفت زيف قيم العصر ومبادئه، وعرّت الفوارق الوهمية بين غرب أميركي - أوروبي يحاضر بالديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان، لكنّه يمجّد القوة ويحصّنها ويجاملها مهما عتت، وبين شرق روسي - صيني لا يؤمن بغير القوّة ولا يدّعي احتراماً لأي حريات أو حقوق، بل إن قاموسه السياسي يجهل شيئاً اسمه الكرامة الإنسانية. استعاد العالمان/ المعسكران ترسانات الأفكار الغريزية لتبرير أبشع الجرائم - جثث الأطفال المتروكة في الشوارع، تدمير العمران، القصف بالكيماوي والفوسفوري والعنقودي والارتجاجي، إقفال المستشفيات والمدارس، حصارات التجويع، اقتلاع السكان من مواطنهم وبيوتهم بإخلاء المدن والبلدات، إطلاق النار على النازحين أو اقتياد آلاف منهم الى مصائر لم تعد مجهولة... - وجعلها مجرد جرائم عادية.

مأساة حلب هي مأساة كل متر مربّع في سورية. ولن يدرك العرب والعالم ما يعنيه انكسار شعب أمام الديكتاتور، وخروج هذا الديكتاتور منتصراً مستقوياً كأنه كان على حق في كل ما ارتكبه، لن يدركوا إلا بعد فوات الأوان، على رغم أن الأوان فات منذ زمن. والشعب هنا، ليس الفصائل المسلّحة التي استدرجها هذا الديكتاتور الى منازلة حربية مع روسيا وإيران، وإنما هو عموم السوريين: الذين فرّوا من الموت المحتّم ويعيشون في خيام اللجوء وما تيسر لهم من ملاذات، والذين بقوا لاجئين مكمّمي الأفواه في وطنهم، وحتى الذين يوالون النظام ولا يقرّون بنهجه الذي دمّر البلد وأضعفه ووضع مستقبله في مهب الرياح. ذلك الانكسار هو للجميع، لأنه انكسار لسورية، وكل السوابق أثبتت أن اندلاع أي اقتتال داخلي هزيمة تاريخية للطرفَين حتى لو انتصر أحدهما في نهاية المطاف، وهذه النهاية لا تلوح اليوم على رغم منعطف حلب، ولن تلوح غداً، ولا بعد غد عندما يعتقد «المنتصرون» - النظام والروس والإيرانيون - أن الظرف بات مواتياً لتحاصص المكاسب.

ثمة ديكتاتوريون كثرٌ داسوا، مثل بشار الأسد، إرادات شعوبهم وحكموا متحالفين أولاً وأخيراً مع خوف شعوبهم من بطشهم، ومعتمدين دائماً شعارات جوفاء و»وطنية» مخاتلة لتغطية وحشية الأجهزة والأزلام. لكنه اختلف عنهم جميعاً بأنه لم يتردّد في تدمير كبرى الحواضر والمدن، وبأنه يفاخر بالتخلّص من نصف شعبه، وبأنه استخدم ورقة الإرهاب ذهاباً الى ممارسة نفوذ إقليمي وإياباً لإقحام العالم في حرب على هذا الإرهاب وإنقاذ نظامه بالمفاضلة بينه وبين «داعش»، فتكون الغلبة للسيئ على الأسوأ الذي هو أساساً من صنعه. بل اختلف الأسد أيضاً بأنه خدع العالم، وارتضى العالم الانخداع، بأن الدولة ومؤسساتها، بمن فيها الجيش، لا تزال موجودةً في كنفه ومصونةً برعايته، علماً أنه لم يبقَ من الجيش والأمن سوى ربعهما وأن النظام عوّض النقص بميليشيات محلية وأخرى إيرانية الولاء ومتعدّدة الجنسية. واختلف هذا الديكتاتور خصوصاً في استيراد احتلالَين خارجيَّين والتعاقد معهما لجعل سورية حقل تجارب لأسلحة الدمار الشامل الروسية ولأقذر القنابل المذهبية التي استعاضت بها طهران عن قنبلتها النووية المؤجّلة... لذلك، ففي مقابل مَن قال طوال سنوات أنه نظام مجرم وتجب محاسبته ومعاقبته، أصبح هناك الآن مَن يستند الى معركة حلب ليقول أن أهم نجاحات هذا النظام يكمن تحديداً في جلب الإرهاب وآلات القتل الروسية والإيرانية ليعيد فرض نفسه على المجتمع الدولي.

المزيد من «الانتصارات» لا يعني للأسد ونظامه سوى المزيد من الاستهتار السابق نفسه مع شعب بات أقلّ عدداً وأسهل اقتياداً، بل لا يعني أبداً الذهاب الى مفاوضات على حلٍّ سياسي، فقد أحبط كل مشاريع وقف إطلاق النار بما فيها تلك التي وقّع عليها الروس، لئلا يضطر الى تفاوضٍ «جدّي» على «انتقالٍ سياسي»، بل إنه عمل منذ البداية على أن الأزمة تُحسم عسكرياً أو لا تُحسم أبداً، ولو أراد مساراً آخر لما رفض الإنصات الى المتظاهرين السلميين ولما راح يتصيّد النشطاء المدنيين بالقتل المباشر أو بالخطف ثم القتل تحت التعذيب. هذا حاكمٌ لا يتوقع من مواليه ومعارضيه سوى تبجيل أحذية الرعاع و»الشبّيحة» الذين يبطشون باسمه ومن أجله، ولا يتصوّر «شركاء» في الحكم بل «أجراء» مطواعين يحكمهم الخوف من «شبّيحته». وإذ تلتقي غطرسته مع غطرسة حليفيه الروسي والإيراني، فإن أيّاً منهم ليس مستعدّاً للاعتراف بأن الانتصارات تقرّب «يوم الحساب»، لذا فهم يفضّلون تأجيله لأن المكاسب لا تزال أقلّ بكثير من المسؤوليات والواجبات.

أما المزيد من الهزائم والانحسار للفصائل المقاتلة فهو انتكاسة قاسية للمعارضين الوطنيين بكل انتماءاتهم واتجاهاتهم، مَن انتظم منهم في «الائتلاف» أو في «منصة القاهرة»، إذ يلمس هؤلاء جميعاً أنهم خُذلوا سواء بتغليب الحسم العسكري أو بإخضاع أي تسوية سياسية لميزان قوى عسكرية تسعى الى تحاصص الحكم لا الى مشروع إصلاحي حقيقي. لكن يكاد يكون هناك إجماع على أن الهزائم ستدفع المقاتلين الى التطرّف، مدفوعين أولاً ببقاء الأسد كعنوان لفشل قضيتهم، وثانياً بعداءات ثلاثة مستحكمة ضدّ روسيا التي تماهت مع النظام بكل ممارساته الوحشية، وضدّ إيران وميليشياتها وأجندتها المذهبية، وضدّ أميركا التي يعتبرون أنها قادتهم الى الهزيمة إنْ بمنع الدعم عن «الجيش السوري الحر» وامتناعها عن معاقبة النظام على استخدامه السلاح الكيماوي أو بتسفيه مقاومتهم الإرهابيين أو بتعمّد غضّ النظر عن الاحتلالَين الروسي والإيراني...

وفي استشراف مرحلة «ما بعد حلب»، يستقرئ كثيرون تجارب أفغانستان والعراق والصومال وحتى مصر ومالي لتحديد توقّعاتهم، التي يرون فيها استمراراً للصراع بأنماطٍ شتّى من حرب العصابات والعمليات الانتحارية وربما تصدير الإرهاب أيضاً. والمؤكّد أن حتى هذا المآل المتطرّف سيعرف الأسد وحلفاؤه كيف يستثمرونه، إذ سبق لهم أن استفادوا من ضربات الإرهاب في أوروبا، وهناك حالياً تخوّفات من أن يستخدم الأسد والإيرانيون مجموعات إرهابية لابتزاز الأوروبيين سواء في إلغاء العقوبات المفروضة على النظام ومجرميه أو في استدراج مساعدات مالية. وفيما يدرس الاتحاد الأوروبي خياراته للتكيّف مع متغيّرات الأزمة واستباق أي احتمالات إرهابية، فإنه يلوّح بمرونة في تمويل إعادة الإعمار مقابل تسوية سياسية تنطوي على انتقال سياسي وإصلاحات اقتصادية، لكن الأسد وحلفاءه يريدون الأموال «من دون شروط مسبقة».

ليس وراء الاهتمام الأوروبي دافع أمني أو حرص على الحل السياسي فحسب، هناك أيضاً قلق من مؤشرات احتكار فرص الاستثمار المقبلة في سورية ما بعد الحرب. فعلى رغم أن الجميع يقول أن حلب ليست نهاية الصراع، إلا أنهم يتصرّفون كأن تقارب دونالد ترامب وفلاديمير بوتين سيضع حدّاً للحرب ولو من دون إقامة سلام. لذلك شرعت روسيا تُظهر ملامح استراتيجية بزنسية تكاد تصادر مختلف القطاعات، وبعدما كان جلّ تركيزها على مبيعات الأسلحة كشفت روسيا، خلال زيارة نائب رئيس الوزراء ديمتري راغوزين دمشق (22/11/2016)، اهتماماً مدروساً بإبرام اتفاقات مع حكومة النظام تعطيها أفضلية في التبادل التجاري وتأهيل البنية التحتية لقطاعات النفط والغاز والكهرباء والمواصلات وغيرها، وللتمهيد لذلك وُقِّعت اتفاقات أولية. هذا يمنح موسكو دوراً مرجعياً في تحديد الأطراف المرشحة للمشاركة في تنفيذ أي «خطة مارشال» يمكن أن تُقترح لاحقاً لإنهاض الاقتصاد السوري. وفي هذا السياق، سجّلت الصين أخيراً حضورها بمباشرة إنشاء عدد من الشركات والاستعداد لتأسيس معامل، بعدما قدّمت للجيش النظامي منظومة لتحديد مراكز إطلاق القذائف والصواريخ أثبتت فاعليتها في الغوطة الشرقية.

في المقابل، تنصبّ الأجندة الإيرانية على «تشييع» اختراقي للبيئة الجغرافية والسكانية المحيطة بدمشق عبر شراء كثيف للعقارات بالترغيب والترهيب وبالاستحواذ على هندسة التركيبة الديموغرافية، بحيث يكون وجودها على الأرض مطوّقاً العاصمة وأي حكومة فيها، إضافة الى تواصل له مع لبنان، وحصلت إيران أخيراً على 40 في المئة من أسهم شركة اتصالات جديدة من دون أن تدفع شيئاً، بل نالت حصّتها لقاء خط الائتمان الذي اشترطته لقاء قرض ببليون دولار قدّمته طهران سابقاً.

اقرأ المزيد
١٥ ديسمبر ٢٠١٦
لبنان: حكومة ما بعد حلب؟

بعيدا عن التفاصيل الحكومية الصغيرة التي يعشش داخلها "الشيطان"، يطرح تأخر ولادة الحكومة العتيدة بسبب تراكم هذا الكم من العراقيل التي رميت في وجهها سؤالا مركزيا: هل نحن امام مرحلة تأليف حكومة وفق موازين مختلفة؟ بمعنى آخر، هل كان الرئيس المكلف سعد الحريري يشكل حكومة "ما قبل حلب"، والآن صار عليه ان يشكل "حكومة ما بعد حلب"؟ هذا السؤال تفرضه طبيعة المعادلة اللبنانية الداخلية التي يصعب التصديق لحظة واحدة ان في مقدور فريق ان يعزلها عن تطورات المنطقة الداراماتيكية، ولا سيما في المرحلة الاخيرة حيث يمكن القول ان المشهد تغير مع سقوط حلب بيد تحالف "الممانعة". والأهم، إذا ما نظرنا مليا في مشهد حلب التي دمرت فوق رؤوس اهلها، هو هذا الصمت العميق للعالم امام هول المجزرة التي ارتكبت وترتكب في وضح النهار، من دون ان يتجاوز رد الفعل العربي او العالمي حدود المواقف اللفظية. الصورة واضحة: تُرك السوريون يذبحون على يد النظام وايران وميليشياتها وروسيا، ولم يحرك أحد ساكنا. وإذا كان ضجيج بشار الاسد بزعم تحقيق "انتصار" في حلب قد علا في الايام القليلة الفائتة، فإن هذا الامر لا يخفي حقيقة ان محورا دوليا - اقليميا حقق تقدما كبيرا على محور آخر، على أجساد السوريين. من هنا مشروعية السؤال الذي طرح أخيرا في أكثر من دائرة نقاش سياسي في لبنان، والذي يحاول الاضاءة على نتائج ما حصل في حلب، في لبنان، وترجماته في موازين القوى، وبالتحديد في مسار تشكيل الحكومة الاولى في عهد الرئيس ميشال عون.

نعم، ثمة مناخ مختلف عما كان في الايام الاولى للتأليف. وثمة شعور يتكون لدى المراقبين الدقيقي المتابعة، أن شيئا ما تغير في الداخل اللبناني، ليس بالاستناد الى ضجيج بشار الاسد أخيرا في إحدى الصحف التابعة للنظام، وهو يوجه حديثه بشكل غير مباشر الى الرئيس عون رافضا سياسة "النأي بالنفس" بالنسبة الى لبنان، بما يعني ان لبنان في عهد عون مدعو الى الانحياز الى محور اقليمي محدد، وإنما بالاستناد الى طبيعة المعركة الاقليمية القائمة، والى طبيعة الفريق اللبناني التابع لما يسمى محور "الممانعة"، والذي يقوده "حزب الله" بفئاته كافة.

يبدو الرئيس المكلف واقعا بين نارين: نار التصعيد من جانبه، فيكون كمن يطلق النار على رجله، ونار الصمت المديد، فيكون بمثابة من يصرف من رصيده بلا عائد. فالحريري وحده صاحب مصلحة ولادة سريعة للحكومة، لأنه عائد الى الحكم بعد ستة اعوام من البعد القسري، وأمامه تحدي المشي بين "حبات المطر"، فيما الآخرون، بدءا من عون وبري وصولا الى "حزب الله" لا يضيرهم مرور الوقت، وتآكل زخم تأليف الحكومة الاولى، التي، للتذكير فقط، لم ينفك رئيس الجمهورية يقلّل من اهميتها بالنسبة اليه، وقد دأب على وصفها مرارا وتكرارا بأنها ليست حكومة العهد الاولى، بل انها آخر حكومات مجلس نواب ٢٠٠٩!

هنا نعود الى الحريري قليلا ونسأل: ماذا عساه يفعل؟ هل يواصل أداء دور متلقي الضربات من كل جهة؟ ام يضع امامه استراتيجية انتظار طويلة الامد، في ظل ما يحكى عن ان ما قبل حلب ليس كما بعدها؟ انظروا جيدا في بعض الاسماء "الممانعة" المطروحة للتوزير.

اقرأ المزيد
١٥ ديسمبر ٢٠١٦
إيران تستعين بعضلات الصين لتقوية عضلاتها

لا شيء يجري في إيران يدعو إلى التساؤل، إن كان من ناحية الازدواجية أو القمع الداخلي الذي يقابله طموح عسكري وصل إلى الصين، إذ تخوض القيادة الإيرانية حربًا لا هوادة فيها لمنع الشعب الإيراني من الاطلاع على ما يجري داخل إيران أو في العالم لكنها حرب خاسرة. وفي حين تلجأ إيران إلى الأقمار الصناعية لتنقل الأقنية التي تمولها وتنشر آيديولوجيتها، مثل «العالم» و«المنار» و«الميادين»، فإنها تريد أن تحرم الشعب الإيراني من الخروج من الإطار «الفكري» الذي وضعته هذه القيادة، إذ في اجتماع لـ«العفة والحجاب» عقد في 13 من الشهر الماضي، قال قائد شرطة طهران إن السلطات الإيرانية صادرت خلال السبعة أشهر الماضية 713.546 من الصحون اللاقطة، و923.299 من المحولات المنخفضة الضوضاء، و10.766 من الأدوات التي تسمح باستقبال الأقمار الصناعية. وأضاف أن السلطات اعتقلت 293 شخصًا بتهمة تركيب الصحون اللاقطة، وتم تفكيك أو تعطيل 40 عصابة متكفلة بتوفير الاتصال بالأقمار الصناعية.

في ذلك الاجتماع اتهم المسؤول الإيراني عباس جعفري دولت آبادي مسؤولين آخرين بإعاقة جهود الشرطة والسلطات، ومنعها من مصادرة الصحون اللاقطة غير القانونية وغيرها من المعدات، وقال إن 60 في المائة من الإيرانيين يستعملون الصحون اللاقطة، ويحاول مكتب المدعي العام اتخاذ كل الإجراءات لجمعها، لكن هناك من «يحرم» الشرطة من القيام بعملها. وأشار جعفري دولت آبادي إلى أن حيازة أي من المعدات المرتبطة باستقبال ومشاهدة القنوات الفضائية هي ضد القانون.

إن حيازة هذه المعدات لا تُعتبر ضد القانون فقط، فالقيادة الإيرانية تعتبرها ضارة بـ«الأخلاق» العامة. وكان الجنرال محمد رضا تقوي قائد قوات الباسيج قال في 16 يوليو (تموز) الماضي بعد حملة مصادرة 100 ألف من الصحون اللاقطة: «إن هذه القنوات تسبب الزيادة في نسبة الطلاق، والإدمان، وانعدام الأمن في المجتمع، وتتسبب أيضًا باضطراب الأطفال فيبتعدون عن التعليم، وتحت تأثيرها يصبح سلوكهم غير لائق». وتفرض السلطات الإيرانية غرامة بقيمة 2.800 دولار على كل شخص لديه معدات تلفزيونية فضائية.

ويسود اعتقاد لدى المتشددين في إيران، بأن البث التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية من الدول الغربية ودول الخليج العربي إنما هو جزء من حملة متعمدة لإشعال «الحرب الناعمة» ضد النظام الإيراني، وأن جميع البرامج موجهة وتهدف إلى تقويض دعم الشعب الإيراني للحكومة الإيرانية.

مقابل هذه المنع الداخلي، الذي يحرم الإيرانيين من التنفس خارج إطار آيديولوجية الجمهورية الإسلامية، تتطلع القيادة الإيرانية إلى الوصول إلى الفضاء لزيادة جهودها التجسسية التي تساعد في تثبيت تدخلها في الدول العربية.

إن زيارة وزير الدفاع الصيني تشانغ وان تشيوان إلى طهران في 13 من الشهر الماضي بدعوة من نظيره الإيراني العميد حسين دهقان، كانت أحدث مؤشر على زيادة التعاون في مجالات الاستخبارات والتعاون بين البلدين ومحاذاة الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية والجيوسياسية في أوروبا وآسيا، وكذلك في الشرق الأوسط.

من المعروف أن إيران مهتمة بالحصول على الجيل الثالث من المقاتلات الصينية «تشنغدو» (J - 10B)، وأيضًا الطائرات الصينية من دون طيار، وصواريخ «كروز» المضادة للسفن والغواصات، وربما أيضًا على ترخيص يجيز لإيران تصنيع الدبابة الصينية (2000) وحتى الدبابة (3000).

وعلى الرغم من أنه لم ترد إشارة أثناء المناقشات الصينية - الإيرانية حول التعاون في المجالين العسكري والأمني، فإن التعاون في فضاء الأمن القومي أمر محتمل جدًا، إذ صار معروفًا، على سبيل المثال، أن شركة «سالران» الإيرانية للدفاع الإلكتروني وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي اتفاقًا مع شركات الدفاع والفضاء الصينية للبدء في استخدام مواقع القمر الصناعي الصيني (بيدو) في الملاحة، ومعدات التوقيت على الصواريخ الإيرانية، والطائرات دون طيار، والقدرات العسكرية الأخرى، وهذا سيؤدي إلى تحسين دقة الصواريخ الإيرانية وفعاليتها وفتكها. ويعرف المتابعون والمحللون الاستراتيجيون في الشرق الأوسط والغرب جهود التحديث التي تبذلها إيران على مجموعة واسعة من أنظمة الأسلحة لديها، وهي دلائل متزايدة على سعيها للتحول بعيدًا عن عقيدة عسكرية دفاعية باتجاه اعتماد أنظمة هجومية بغرض الإكراه والاعتداء.

مجالات التعاون العسكري والأمني بين الصين وإيران تأتي في شكل أقمار الاتصالات والمراقبة الأرضية ذات الدقة العالية. وتسعى إيران للحصول على قمر صناعي وطني للاستشعار عن بعد (National remote sensing satellite) والقمر الصناعي للاتصالات (National communications satellite). ويسود الاعتقاد بأن إيران تفكر في بناء قمرها الصناعي الوطني للاستشعار عن بعد الخاص بها، إنما تتطلع إلى مصانع أجنبية لإنتاج القمر الصناعي للاتصالات، وهناك حديث عن شركة صينية واحدة على الأقل مهتمة بتقديم عرض لهذا المشروع. وحتى في حال بناء إيران قمرها الصناعي الوطني للاستشعار عن بعد، فإن العلاقات الدفاعية والأمنية المزدهرة بينها وبين الصين يمكن أن تدفع الصين إلى توفير الخبرات المطلوبة والتكنولوجيا الرئيسية لمساعدة إيران في بناء هذا القمر الصناعي.

وفي حين أن نقل التكنولوجيا والخبرة هي السمة الرئيسية لأي علاقة دفاعية وأمنية، يمكن لعوامل أخرى أن تكون بالأهمية نفسها لبكين وطهران ودول أخرى. فعلاقة الاستخبارات تعني تبادل المعلومات الأمنية التي قد تشمل أيضًا توفير الصين لصور عالية الدقة من الأقمار الصناعية لإيران، وعلاوة على ذلك يمكن للبلدين تبادل البيانات الأمنية، والأساليب، وغيرها من المعلومات، حول تقنيات الفضاء المضادة والإجراءات وغيرها من المسائل الحساسة.

إذا حدث هذا، وعلى افتراض أنه لا يحدث بالفعل، فإن الآثار المترتبة عنه على أمن الشرق الأوسط ستكون جدًا مثيرة، إذا تبين أن لطهران إمكانية الوصول إلى بيانات حساسة دقيقة وخطيرة انطلاقًا من معلومات أمنية قدمتها الصين.

وحسب رأي أمنيين متابعين، ينبغي بالتالي أن يُنظر إلى هذه التطورات كجزء من تغيير سياسي في موقف الصين تجاه قضايا الشرق الأوسط، ولأن جزءًا كبيرًا من النفط الذي تعتمد عليه الصين يأتي من منطقة الشرق الأوسط غير المستقرة، يظهر واضحًا أن الصين تتحرك ببطء إنما بثبات، لجهة موقفها الحيادي من الأحداث الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

قبل عدة أسابيع، زار ضابط بحرية كبير من الجيش الشعبي الصيني دمشق بهدف تقديم الدعم الطبي للقوات العسكرية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، مما يشير أكثر وأكثر إلى أن الصين بدأت تتخذ مواقف غير حيادية.

إن العلاقة المتنامية مع إيران قد تكون دليلاً آخر على أن مشاركة الصين في مستقبل منطقة الشرق الأوسط لن تكون كما في السابق، مجرد علاقة عمل اقتصادي ومالي ونفطي لا غير.

إن ما يجري بين الصين وإيران هو نتيجة الاتفاق النووي بين الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وإيران. روسيا أيضًا على شراكة مع إيران داخل سوريا، وهي على تقارب مع الصين، لكن كما يبدو فإن الصين استغلت انغماس روسيا بالحرب في سوريا، فقررت التسلل لقطف الثمار الإيرانية التي أنتجها الاتفاق النووي. وفي هذا الصدد قد تسبق الصين، أوروبا وأميركا وروسيا في الاستثمارات الإيرانية. لكن هل ستقبل دول أوروبا والشرق الأوسط بأن تكون تحت تهديد مراقبة فضائية غير دفاعية تخوضها ضدها الصين وإيران؟

وهل سيُسمح للصين بالانفتاح العسكري على إيران على حساب الاستثمارات العربية الخليجية في محطات التكرير لديها، وانفتاح الأسواق العربية الخليجية لمنتجاتها؟ أما إيران اللاهثة وراء الأطباق الفضائية، فإنها في خططها تبحث عن كتم شعبها وتخريب حياة شعوب الدول المجاورة لها، «على أمل» التحكم في تلك الشعوب ودولها عبر صواريخ مصنوعة بتكنولوجيا من كوريا الشمالية، وأنظمة صواريخ روسية، وأقمار صناعية صينية. وشعار «الموت لأميركا» سيبقى ملتهبًا حتى لو أن شركة «بوينغ» الأميركية أعطت صفقة 80 طائرة. فقد أقر الأميركيون، ومعهم الغرب، بأنهم لا يتقنون «اللغة الفارسية»، وبالتالي لا يفهمون أبعاد ذلك الشعار!

اقرأ المزيد
١٥ ديسمبر ٢٠١٦
نهاية حرب حلب بداية اشعال نار الفتنة الايرانية – الروسية

لم تكن مأساة حلب بالأمر المستبعد، ولم يكن أمام فصائل المعارضة المسلحة حل أخير غير الموافقة عل الشروط التي وضعتها روسيا بعد أن باتوا في خانة "اليك"، فلم يعد بمقدروهم أن يصمدوا في وجه تقدم قوات النظام والميليشيات الشيعية الإيرانية والطيران الروسي، وإن صمدوا في وجه الحملة الشرسة  لأسابيع، فالذخيرة لن تبقى بين أيديهم أكثر من أيام، ولن يكون هناك ما يقيت الأهالي في تلك البقعة الصغيرة من الأرض التي حوصروا فيها.


على الرغم  من حزن السوريين من منحدر معركة حلب، إلا أن اقتراب كل من روسيا و ايران من اتمام خططهما المتعلقة بسوريا، سيسرع عجلة الحرب الدفينة بين الطرفين، لتتخذ شكلا واضحاً في وقت قريب جداً، لاسيما مع ظهور أولى علائمه مع رفض ايران تنفيذ بنود الاتفاق بين روسيا والفصائل المعرضة بوساطة تركية لخروجهم والمدنيين من حلب، فالمشاريع الايرانية-الروسية تتعارض بشكل واضح مع اقترابهما من قطاف الثمار، روسيا من جهتها تسعى لإتمام تنفيذ ما يعرف بخطة " m5 " بالسيطرة عى المدن الكبرى و ضمان آمان خطوط الامداد بينها، تلك الخطة التي وضعت منذ بدء التدخل الروسي منذ أيلول 2015، وبحسب ما هو مخطط لم يتبقى أمامها سوى الغوطة الشرقية في ريف دمشق، والرستن في حمص، وبعض المدن والبلدات في ادلب وريفها التي تقع على طريق حماة – حلب، في الوقت الذي تنتظر ، بسرور لقرب اكتمال هلالها  الشيعي مع وصول مليشيات الحشد الشعبي إلى مشارف سوريا بعد الموصل، الأمر الذي يجعل الصراع الامبراطوري بين الروس والايرانيين ملموس.


بعيداً عن هذا الصراع الثنائي، يبدو أنه لم يدرك الكثيرون مدى خطورة السيطرة الروسية الايرانية على حلب، لاسيما الوطن العربي عموماً والخليج العربي على وجه الخصوص، والذي أمسى بعد السيطرة على حلب هدف قريب المنال، وبالرغم من كل المساعي الخليجية لإطالة مدى الحرب في سوريا لتبعد عم محيطها خطر التشييع الشيوعي، إلا أنها لم تستطع أن تطله، لتكون دول الخليج في مهب ريح الشيعة عن قريب.


الانحسار الراهن لفصائل المعارضة المسلحة، هو انتكاسة قاسية للمعارضة، وربما تكون بداية لثورة جديدة من المفترض أن تقوم على اتحاد الفصائل المقاتلة والرضى بإقصاء جبهة النصرة، مع تحرك القوى السياسية المعارضة في الخارج لوضع استراتيجية واستغلال الشرخ الايراني-الروسي، وفي حال أخفقت قوى المعارضة السياسية والعسكرية على رسم استراتيجية هادفة في هذه الحقبة من الزمن، ستكون سوريا أمام منعطف خطير يظهر بعده المزيد من المتطرفين والمقاتلين الأجانب على أراضيها، وهذا الأمر بدى واضحاً من خلال المظاهرات التي قامت في عدة دول تضامناً مع حلب، والتي اتسمت بصيغة اسلامية دعت للجهاد في سوريا،  لنكون أمام استنساخ جديد لتجربة أفغانستان والعراق، يحول سوريا الى مصدر للارهاب، الأمر الذي سيستفيد منه النظام السوري وحلفائه لرفع العقوبات المفروضة عليه بمقارنتها مع انتشار جماعات توصف ب"الارهابية"، وبالتالي استدراج الأسد وأعوانه لمساعدات مادية من كافة الدول التي تخاف على مصالحها.

اقرأ المزيد
١٥ ديسمبر ٢٠١٦
دماء حلب تشعل نيران الشقاق بين ايران و روسيا .. فكيف ستكون المرحلة القادمة

يبدو أن فترة الشراكة بالمصالح بين روسيا و ايران ، والتي شابها منغصات عدة، قد شارفت على الانتهاء، فما بعد حلب ليس كما قبلها، و بدأت علائم صراع المصالح تظهر للعلن بين الطرفين الذين جمعهما مصلحة آنية بوأد الثورة السورية، ولكن المصالح الاستراتيجية مختلفة تماماً حد الصراع.

وعلى وقع الدماء التي أُريقت بحلب، أقفل باب التعاون الروسي - الايراني في سوريا، وبات كلا الطرفين يسعى لتثبيت دعائمه، بغية الانتقال إلى المرحلة القادمة من الحصول على الميزات، التي لاتوافق فيها بين شركاء اليوم، و”الحرب الباردة” ستنتقل لتكون أشد حماوية، و أكثر علنية.

الصراع الايراني - الروسي ، في سوريا كان و منذ بداية التدخل، عبارة “قرصات” متبادلة بين الطرفين، و صراع حثيث على من يتسيد سوريا،و صاحب الكلمة الأعلى، والأهم راسم المستقبل، فبعد سنوات من الابتعاد الميداني الروسي و الاكتفاء بالدعم السياسي للأسد، دخلت روسيا من باب واسع للساحة الميدانية التي تشكل الملعب الأساسي لايران و مليشياتها الأجنبية و المحلية، صحيح  أن البداية كانت ضد الثورة فصائلها، ولكنها شهدت عمليات ، تقليم أظافر لايران في عدة مواقف، ابتداءً من السعى لافشال اتفاق المدن الأربعة (الفوعة - الزبداني) بضرب خطوط اخلاء سكان الزبداني الذي دفع ايران لتحويل الخروج إلى لبنان، مروراً باستهداف التجمعات على خطوط الامداد بين دمشق وحلب، و الأشهر كانت ترك ايران ومليشياتها وحيدين في “خان طومان” في آذار ، و تكرر المشهد في ملحمتي حلب (تموز و أيلول العام الحالي)، وبالطبع  الغارات الاسرائيلية التي استهدفت قيادات في الحرس الثوري و حزب الله والتي لن تتم بطبيعة الحال دون تنسيق مع روسيا، التي وقعت اتفاقات عميقة مع اسرائيل.


السعي الروسي المستمر للجم ايران في الميداني ، ترافق مع تحجيم كبير في الأمور السياسية أو الادارة العامة في سوريا، فعقدت المصالحات بريف دمشق كاملاً بتوجيه و اشراف روسي ، وذات الأمر يدور حالياً في الوعر، وخارجياً بعد سلسلة الاجتماعات التي حضرت ايران كـ”كرسي” لا أكثر، أبرمت روسيا صفقة العصر (حلب) بغياب تام لايران، التي وجدت نفسها فجأة لأول مرة بهذا الشكل، عبارة عن جندي مجهول يقاتل و يقتل و يشار إليه بـ”خوذة” في أحد الشوراع، دون أن يكوت له اسم أو نصيب مقابل ما قدم.

بعد حلب تتضح الصورة بشكل جلّي من حيث الاختلاف بالمصالح حد الاشتباك و الصراع، فايران التي تسعى بكل مليشياتها و قواتها للسيطرة على منطقة “تلعفر”، في العراق تحت تمويه تحرير “الموصل”، لتفتح النافذة باتجاه سوريا، و توصل جحافلها لشق الطريق أمام “الهلال الشيعي” ، وهو الاسم الذي تدغدغ به مشاعر المجيشين تحت رايتها، و إن كان هدفها هو ايجاد نافذة لها على العالم ، بعد ايقانها أن الخليج العربي سيبقى خارج ارادتها مع تركيز أمريكا لغالبية قواتها فيه.

قصارى القول يتمثل بأن ايران تبحث بعد كل هذه السنوات من القتال الوصول إلى شط البحر الأبيض المتوسط، لتضمن التواصل الحر و السلس مع العالم، بعيداً عن أي تنغيص من أمريكا أو دول الخليج، و منطقياً أن هذا المنفذ لن يكون في لبنان حتماً، البلد التي ترى فيها اسرائيل خط الفصل بينها و بين أي مشروع قد يهددها بالمستقبل سواء أكان قريب أو البعيد حد ظهور علائم يوم القيامة.

اذا اليوم الصراع يبدأ من يحكم الشواطئ السورية، فروسيا التي تتغنى بقاعدتها الأكبر و الأهم في المنطقة و العالم في اللاذقية و طرطوس، ولن تقبل بوجود شريك لها في منطقة تعتبر ثروة عسكرية و جويوسياسية، وكذلك اقتصادية بما تحويه من غاز، الذي يعتبر وقود الاقتصاد الروسي.

شرارة الخلاف أطلقتها دماء مدني حلب، سيكون تفاعلتها قريبة جداً، حد عدم التصديق من تسارعها، سيما مع وجود تهامس روسي مع القيادة الجديدة في أمريكا، أن لاخلاف بينهما على احترام ملكية روسيا لسوريا، شريطة أن لا يكون لايران دور فيها، ومن هنا يبدو على ايران أن تتحضر لسلسلة جديدة من القتلى تحت مسميات عدة كـ”اغتيال” ، “قصف خاطئ” ، ومن الممكن أن يكون بمحلمة جديدة، قد لا تسير باتجاه حلب، و إنما يكفي أنها ستجعل ايران تنشغل بلملمة أشلاء قتلاها، وتكتفي ببعض الفتات الذي سيرميه الروسي لها.

اقرأ المزيد
١٤ ديسمبر ٢٠١٦
ليت الأسد كان نيرونا

أعرف أنه كتب الكثير عن جرائم بشار الأسد، وتم وصفه في أكثر من مقال "نيرون سورية"، في إحالة إلى "نيرون روما"، وتشبيهه اليوم بـ "نيرون حلب" لن يضيف الكثير إلى سجل جرائمه الفظيعة.

تشبيه جزار الشعب السوري بنيرون فيه إجحاف كبير في حق نيرون الحقيقي الذي كان شاعراً وموسيقياً وفناناً، قبل أن يكون طاغية، كما صورته أساطير كثيرة نسجت عنه. فأحياناً كثيرة، تبالغ روايات التاريخ في تضخيم بعض الأحداث وأسطرتها، لتضفي عليها هالة من التقديس أو التهويل. وعندما نقارن اليوم بين جرائم الأسد وجريمة نيرون، سيقول المرء ليت الأسد كان نيرونا، لأنه لا مقارنة بين خطيئة نيرون وجرائم الأسد الفظيعة.

أكتب هذا المقال، وأنا أتابع قوافل النازحين السوريين الخارجين من مذبحة حلب، مشاهد نساء وأطفال وشيوخ تشبه ملامح شخصيات أفلام مشهورة، جسّدت الكوارث الفظيعة التي ضربت الأرض، أو توقعت ما يمكن أن يضرب كوكبنا من كوارث، يمكن أن تسبب فواجع وآلاماً لبني البشر.

لكن ما نراه على شاشات التلفزة من صور لأناسٍ هائمين على وجوههم، عائدين للتو من جحيم حقيقي، خارجين من تحت الأنقاض، منبعثين من جديد من موت حقيقي، هي صور حقيقية وواقعية، تحدث اليوم في مدينة حلب التي تحترق أمام عيوننا منذ شهر ونيف. لسنا أمام شريط سينمائي، وإنما أمام واقع حزين تتسارع أحداثه، وتتوالى شخصياته الحقيقية على شاشاتنا الصغيرة، لا تكاد تلتقط أنفاسها، وهي تواجه أقدارها ومصائرها، وسط الخطر المحدق بها، وهي تحاول إنقاذ نفسها، والهروب نحو المجهول.

مع الأسف، من فرط المبالغة في الاستهلاك الإعلامي لهذه الصور، أصبحت تمر أمامنا مثل شريطٍ سينمائي تتلاحق أحداثه بإيقاع متسارع، لا يسمح لنا بالتقاط الأنفس، والصور التي تلاحقها كاميرات المصورين لا تكاد تستقر لنقل ما يجري من دون أن ترصد لنا بالفعل حقيقة كل ما يقع على أرض الواقع من جرائم لا تصل إليها عدساتها. لذلك، قد لا نعي أبعاد الكارثة حالياً. لكن، سيأتي اليوم الذي ستؤنبنا فيه الأجيال المقبلة على صمتنا الجماعي على دمار حلب وخراب سورية.

لذلك أقول إن في تشبيه جرائم الأسد اليوم بخطيئة نيرون إجحافاً وظلماً كبيراً لنيرون، فحريق روما استغرق خمسة أيام ونصف اليوم فقط، بينما حريق سورية يستمر منذ أكثر من خمس سنوات ونصف السنة. وحريق روما أتى فقط على ثلث المدينة، وأصاب ثلثها الثاني بأضرار بليغة، ونجا الثلث الآخر، فيما حريق سورية أتى على كل مدنها ومازال. وحتى الروايات التي بالغت في تصوير فظاعة نيرون وساديته، وحكت لنا إنه كان ينشد الشعر، أو يعزف القيثارة، وهو يشاهد روما تحترق، لا تستند إلى مراجع تاريخية ذات صدقية كبيرة. فيما لدينا اليوم ما يتبث أن بشار الأسد سعيد بما تحققه قواته من هلاك لأبناء شعبه، ودمار وخراب لبلاده. ألم يصرح أخيراً إن الشعب السوري الذي قتل منه مئات الآلاف، وشرد وهجر منه الملايين "نجح في الحفاظ على وحدته ونسيجه الاجتماعي إلى حد كبير، بل وأصبح أكثر تماسكاً وتحصيناً في هذا الأمر، وهذا يشكل نقطة قوة بالنسبة لسورية" (!). مثل هذا القول لا يمكن أن يصدر إلا عن إنسان ساديٍّ، يتلذذ بمشهد الجثث المتناثرة تحت خراب قصف الطائرات والبراميل المتفجرة.

تقول كتب التاريخ إن نيرون لما علم بحريق روما سارع إلى نجدتها، وفتح قصوره لإيواء النازحين من أهلها، وأنفق من ماله الخاص، لإعادة بنائها، بل حتى كتب التاريخ التي تتهم نيرون بإحراق روما تبرّر ذلك بالقول إن خياله راوده أن يعيد بناء روما، فلجأ إلى إحراقها لإعادة بنائها، وفق تصميم حديث يروق له. فنيرون على الرغم من أنه كان طاغيةً، إلا أن في داخله كان يعيش فناناً مجنوناً، لكن بشار الأسد مجنون يعيش في داخله مجرم سادي قتال وسفاح، كلما دمر جزءاً من بلده وقتل الآلاف من أبناء شعبه وشرد الملايين منهم انتابه شعور بالنصر الذي لا يمكن أن يشعر به إلا مريض.

قال، أخيراً، وزير خارجية بريطانيا، بوريس جونسون، المعروف بتصريحاته الخارجة عن اللياقة الدبلوماسية، إن "انتصارات" الأسد "بلا قيمة"، لأنه "ينتصر" على الأبرياء من شعبه، ولأن "الملايين من شعبه يكرهونه".

كانت نهاية نيرون الطاغية مأساوية، عندما انصرف عنه أصدقاؤه وانفرطت من حوله حاشيته، ووجد نفسه يعيش هارباً في كوخ، بعد أن حول بلاده إلى دمار وخراب كبير. ظل نيرون مختبئاً في كوخه، حتى سمع صوت سنابك الخيل تقترب من مخبئه، فمات منتحراً. هكذا مصير الطغاة، يموتون موت الجبناء. هتلر وموسيليني ومعمر القذافي وغيرهم كثيرون. ولن يختلف مصير الأسد عن مصير من سبقوه من طغاة جبابرة.
مات نيرون منتحراً، ولم تمت روما، وسوف يموت بشار الأسد، وستبقى حلب، ولن تموت سورية. وسنموت نحن أيضاً، وسيبقى عار صمتنا يلاحقنا إلى الأبد.

اقرأ المزيد
١٤ ديسمبر ٢٠١٦
«تصدير معتدلين» لخداع العالم

لم تُغير إيران جوهر سياستها منذ سيطرة «آيات الله» على السلطة عام 1979. حدثت تغيرات من مرحلة إلى أخرى في أساليب هذه السياسة الهادفة إلى مد نفوذ إيران الإقليمي إلى أقصى مدى ممكن. توقفت طهران عن رفع شعار «تصدير الثورة»، لأنها صارت في حاجة إلى تكتيكات جديدة لتغطية تصدير قوات «الحرس الثوري» إلى بلاد عدة في المنطقة. ووجدت غايتها في تكتيك يمكن تسميته «تصدير معتدلين»، أو بالأحرى من يمكن أن يبدو للعالم أنهم معتدلون، بعد السماح لهم بهامش من حرية الحركة لأغراض المناورة. وساعدتها في ذلك وسائل إعلام كثيرة في المنطقة وخارجها نقلت الصورة التي رُسمت في إيران عن وجود متشددين ومعتدلين أو إصلاحيين، وكأنها حقيقية، خصوصاً في فترات الانتخابات.

وها قد مرّ نحو عام على الانتخابات الأخيرة لمجلس الشورى (البرلمان)، ومجلس الخبراء، وتبين أن كل التعليقات والتحليلات التي بشَّرت بصعود من يُطلق عليهم «إصلاحيون» لم تكن لها علاقة بالواقع.

غير أن الأمر لم يكن بحاجة إلى كل هذه الشهور الطويلة لمعرفة أن تركيبة نظام الحكم الإيراني قد تتيح وجود أكثر من تيار على سطحه، لكنها تضع السلطة الفعلية بين يدي مركز قوة واحد يقوده المرشد الأعلى ومؤسسته التي تتضاءل بجوارها أدوار أية مؤسسة أخرى، سواء الرئاسة أو البرلمان أو غيرهما.

وكان هذا هو ما حاول كاتب السطور لفت الانتباه إليه في المقال المنشور في «وجهات نظر» في 16 مارس الماضي تحت عنوان «انتخابات إيران.. الواقع والخيال».

وقد ثبت مرة أخرى خلال الشهور التي مرت منذ ذلك الوقت أن شيئاً لم يتغير، سواء على صعيد سياسة إيران في المنطقة ونظامها السياسي، أو حتى على مستوى سلوكها بعد الاتفاق بشأن برنامجها النووي. ولم يكن إجراء تجارب على صواريخ باليستية، وتصاعد الخطاب الذي يركز على تعزيز الترسانة الهجومية الإيرانية، إلا مؤشرين على أن انتخابات 26 فبراير الماضي لم تُحدث أي تغيير ما دام النظام السياسي قائماً على هيمنة مركز قوة واحد. ويُقنِّن الدستور هذه الهيمنة، فلا يترك لمؤسسة الرئاسة والمؤسسة البرلمانية سوى هامش ضئيل يُستخدم من وقت إلى آخر، لتصدير صورة معينة.

لذلك كان لفوز حسن روحاني الذي يوصف بأنه معتدل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وظيفة محددة ترتبط بالمفاوضات النووية التي كانت مرتقبة عند إجراء تلك الانتخابات في منتصف عام 2013 (بدأت المفاوضات في نوفمبر من العام نفسه). كما كان حصول مجموعات من المصنَّفين معتدلين على مساحة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ضرورياً لكي تكتمل الصورة المرغوب تصديرها إلى العالم في إطار الوظيفة التي يؤديها روحاني وحكومته.

ويخلط كثير من متابعي الشأن الإيراني بين هذه المجموعات المعتدلة المرتبطة عضوياً بالقوى المتشددة التي تُوجِّه سياسات إيران المتطرفة وبين التيار الإصلاحي الذي تم توظيفه من قبل خلال فترتي رئاسة خاتمي (1997 –2005)، ثم أُجهز عليه في انتخابات 2009 الرئاسية التي ما زال مرشحاه الأساسيان فيها رهن الاحتجاز حتى اليوم. ورغم أن ذلك التيار الذي أُجهز عليه لم يكن يجادل في ركائز النظام السياسي الإيراني وسياسته الخارجية، فإنه كان يسعى إلى بعض الإصلاحات الداخلية الثانوية، وإلى تحسين العلاقات مع الدول العربية عموماً، ودول الجوار خصوصاً.

أما المجموعات التي يجري توظيفها الآن فهي لا تطمح إلى أكثر من تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب، وإلى إصلاحات اقتصادية تفتح باباً أمام الاستثمارات الأجنبية. والأرجح أن خطاب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية، واختياره بعض أصحاب المواقف المتشددة تجاه إيران ضمن فريق إدارته، ثم تجديد الكونغرس العقوبات عليها.. سيؤدي إلى مد أجل دور هذه المجموعات التي تم توظيفها للحصول على الاتفاق النووي. ولذلك يتصدر روحاني الآن المشهد في رد الفعل الإيراني على تجديد العقوبات الأميركية، ويؤدي الدور المطلوب عبر خطاب ينطوي على رسالة ضمنية تُحذر من أن يؤدي أي تشدد أميركي إلى إضعاف مركز «الإصلاحيين» في إيران.

وهكذا فرض فوز ترامب وتجديد العقوبات استمرار الحاجة إلى تكتيك «تصدير معتدلين»، على نحو سيؤثر في الانتخابات الرئاسية في مايو القادم، والأرجح أن يتيح ذلك لروحاني فترة رئاسية ثانية لم تكن متوقعة بعد أن أخذت طهران ما أرادته في الاتفاق حول برنامجها النووي.

اقرأ المزيد
١٤ ديسمبر ٢٠١٦
تدمر في ذمة حلب؟

ليست الغرابة في ان يتمكن تنظيم "داعش" من العودة لاحتلال مدينة تدمر، بعدما كان النظام قد أخرجه منها في آذار الماضي بدعم مكثّف من الطيران الروسي، الغرابة هي في ان يسارع الكرملين الى إلقاء المسؤولية عن عودة الإرهابيين الى تلك المدينة التاريخية على الأميركيين، والأشد غرابة القول إن السبب هو ان الأميركيين لا يتعاونون مع موسكو في محاربة الإرهاب !

الإحساس الروسي بالحرج ليس خافياً، فعندما يذكّرنا دميتري بيسكوف الناطق باسم فلاديمير بوتين بأن "تدمر مدينة سورية، والحديث لا يدور عن فقدان روسيا لتدمر، بل علينا ان نطرح الأسئلة بصيغة صحيحة، ففقدانها ضربة تضرّ بالبشرية المتحضرة برمتها"، فذلك يعني أنه يحاول رفع المسؤولية الروسية عن هذه الخسارة المعيبة!

هي بالفعل عملية معيبة جداً ولأكثر من سبب، اولاً لأن تحرير تدمر من "داعش" في آذار الماضي اعتُبر انتصاراً مهماً وكان يجب ألا تسقط من جديد، وخصوصاً وسط الحديث في هذه الأيام عن انتصارات النظام وحلفائه، وثانياً لأن سقوطها يأتي في وقت يركز الروس والنظام وحلفاؤه على استعادة شرق حلب والبدء بدك مناطق إدلب، وثالثاً وهو الأهم لأن سقوطها مجدداً في يد "داعش"، يشكل ضربة معنوية للنظام ولروسيا في وقت يسجل الأميركيون تقدماً ملحوظاً على الطريق من الباب الى الرقة.

أمام هذا ليس مستغرباً ان تشكل التطورات الميدانية منطلقاً لطرح المقارنة المُحرجة: الروس منهمكون في تدمير حلب والأميركيون منهمكون في السعي لإسقاط الرقة معقل "داعش"، وعلى رغم هذا لا تتردد موسكو في القول إن واشنطن هي المسؤولة عن استيلاء "داعش" على تدمر لأنها لا تتعاون معها!

غريب، لكأن موسكو قبلت يوماً بالتعاون مع واشنطن والتحالف الدولي في الحرب على الإرهاب، وهي التي تركّز كل عملياتها على دعم النظام السوري ولو على جثث المعارضين في حلب وغيرها، وعلى خلفية ما أعلنه بوتين منذ البداية من أن كل معارض للنظام إرهابي!

الفضيحة ان يتمكن "داعش" من العودة الى تدمر، في حين يغرق الروس في تدمير حلب، بينما يندفع الأميركيون في دعم "قوات سوريا الديموقراطية"، وهي تحالف فصائل عربية وكردية، لبدء المرحلة الثانية من حملة "غضب الفرات"، التي يتقدمها جنود أميركيون لطرد "داعش" من معقله الأساسي في الرقة، وهو ما يتّخذ شكل سباق نحو أهداف متناقضة!

لم يكن الروس والنظام في حاجة الى تعاون الأميركيين لطرد "داعش" من تدمر في آذار الماضي، فلماذا الحاجة اليهم الآن على رغم الحديث عن الانتصارات المتتالية في حلب، ثم عندما يوجّه المجتمع الدولي التهم الى الروس بتدمير سوريا على رؤوس أهلها، كيف يتجاسر بيسكوف ويدعو هذا المجتمع الى بذل الجهود لتحرير تدمر؟

اقرأ المزيد
١٤ ديسمبر ٢٠١٦
انتصار الأسد: تبييض الجريمة بتسعير الحرب المذهبية

مهما كانت النتيجة في شرق مدينة حلب، فالثابت أنّ العالم وقف، ولا يزال، متفرجا على أكبر عملية قتل وتدمير طالت مدينة في هذا القرن. يجري تبييض الجريمة بعنوان الإرهاب. هكذا يتحول قتل الأطفال وتشريد أبناء المدينة وتدميرها الممنهج إلى أمرٍ عادي لا يهتز له العالم، فقط بذريعة محاربة الإرهاب.

الانتصار الذي بدأ النظام السوري يتحدث عنه ليس سوى انتصار للجريمة وللاستبداد، وهو أيضا انتصار للمقتلة التي نفذت ضد هذه المدينة بالتعاون بين روسيا وإيران ونظام بشار الأسد، وما بينهما من ميليشيات. والأهم هو التغطية الدولية التي جعلت من جريمة الحرب هذه مجرد قتال عسكري بين جيش وعصابات إرهابية، متعامية عن حجم الإجرام الذي ارتكب بحقّ الشعب السوري طيلة السنوات الماضية، وعن مطالبته بحقوقه الدنيا كشعب وكمواطنين في دولتهم.

التدمير ليس لسوريا فقط، ولا لمدنها ولا لأريافها ولا لنسيجها الاجتماعي فحسب، بل التدمير الأكثر أهمية وأكثر عمقا هو الذي يحاول النظام السوري وحلفاؤه تحقيقه، يطال حق الحياة بحرية. إذ لا يتيح هؤلاء ولا المجتمع الدولي من ورائهم أي مجال لإحداث تغيير سياسي يتيح المجال لإعادة الأمل في بناء سوريا. المطلوب هو تدمير إرادة السوريين وجعل البلد بما تبقى من أهله في حال من الطواعية لكلّ ما يمكن أن يكبّل به من اتفاقيات دولية وإقليمية.

هذا هو الانتصار، ذلك أنّ النظام السوري لو كان يعبّر ولو بحدود بسيطة عن نظام المصالح الوطني السوري، لكان أدرك منذ البداية أنّ الانتصار الحقيقي هو في المحافظة على مقومات الدولة البشرية والمادية، بتقديم بعض التنازلات الحقوقية والسياسية لشعبه، لكن هذا النظام الذي طالما صادر الحريات باسم القضايا الكبرى سواء فلسطين، أو شعار حماية الدولة وحدودها وسيادتها، أثبت أنـّه مستعد لتدمير كل البلد والتنازل عن السيادة، وتقديم كل شيء على مذبح البقاء في السلطة. هذا ما تظهره الوقائع حتى اليوم، القرار الرسمي السوري أصبح في يد روسيا وإيران، فيما الملايين من المهجّرين السوريين ومئات الآلاف من القتلى هم مجرد أرقام تجري عملية تبييض الجريمة التي ارتكبت بحقهم تحت أنظار العالم وبرعاية الأمم المتحدة.

 
الانتصار الذي حققه بشار الأسد هو انتصارٌ لروسيا وإيران، وسيتعيّن على الأسد أن يلتزم أكثر بمقتضيات السياسة التي سيفرضها المنتصران. وما سيزيد من مأزق الأسد وحلفاؤه هو العجز عن توفير الاستقرار لسلطته ونظامه، وما سيزيد من تفاقم الأمور هو أنّ الحرب أخذت أبعادا مذهبية يصعب تجاوزها لا سيما مع بقاء حكم الأقلية العلوية، وهي التي تستمد قوتها من قوة شيعية تمثلها إيران.

هذا الواقع بذاته كفيل بجعل الأزمة مستمرة، وكفيل بجعل حالة الاعتراض متنامية وستأخذ أشكالا مختلفة بعد سقوط حلب. بالتأكيد لن تكون الحرب النظامية، لكنّ أشكالا مختلفة من نمط حرب العصابات أو المزيد من الاغتيالات والتفجيرات ستكون وسيلة من وسائل مواجهة فصائل المعارضة لنظام الأسد.

وإذ تؤكد مصادر غربية أنّ ظاهرة تمدد نفوذ القوى الإسلامية المتشددة ستبرز أكثر فأكثر كلّما بدا أنّ المجتمع الدولي سيحامي عن فكرة بقاء الأسد في السلطة، وسيقدم مشروع المواجهة العسكرية ضد الإرهاب على التسوية السياسية والتأسيس لنظام ديمقراطي، وبالتالي فإنّ الشرخ سيتنامى بين النظام ومعارضيه، وستشكل السمة المذهبية اختصارا للمواجهة في الداخل السوري.

قبل نحو ثلاث سنوات كان الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبعد سقوط الموصل بيد تنظيم داعش، من أوائل الذين أعلنوا أنّ عملية الخلاص من داعش لها بعدان أمني وسياسي ولا يمكن الفصل بينهما، مشيرا إلى أنّ مواجهة هذا التنظيم تتطلب تسوية سياسية داخلية في العراق تكون السبيل لتوفير البديل عن داعش في البيئات التي نجح هذا التنظيم في استغلال حالة القهر داخلها.

لم يقل أوباما في حينها إنّ ذلك يتطلب جهدا دوليا وأميركيا يتجاوز التحليل إلى الممارسة. من هنا تبدو سوريا مثالا لما يمكن أن يصبح عليه الحال في المستقبل كلما تمسكت إيران وروسيا ببقاء النظام. فهذا بحد ذاته سيكون عنصر تفجير دائم في المشهد السوري، وعنصر استثمار دولي وإقليمي، بحيث سيدرك الجميع أنّ الحرب ستستمـر وأنّ الاستنـزاف سيستمر، في غياب أيّ تسـوية سياسية تنطـوي على تغيير سياسي ملموس ومقنع للسوريين. فالحرب على الإرهاب ليست شعارا في نموذج تطبيقاته في العراق وسوريا، ولكنه يشكل مدخلا لبناء استقرار سياسي في هاتين الدولتين، خصوصا وأنّ التطبيقات على الأرض لا تـزال تظهـر أنّ القهـر السياسي مستمر لفئات واسعة من المجتمع، ولم تزل وسائل الحرب المذهبية والطائفية، هي الأداة التي تتحلـق حولها فصائل الحرب، فيمـا يغيب عمليا أيّ مشروع سياسي وطني جامع وقادر على معالجة أسباب القهر تلك التي شكلت، ولا تزال، أرضا خصبة لنشوء جماعات الإرهاب والتطرف.

تسقط حلب الشرقية بالمعنى العسكري لكن عبر سحق كل ما يتصل بقيم الإنسان وحق الحياة وحق التعبير والاعتراض وحق التغيير الديمقراطي. يتمّ ذلك من دون أن يشكل ذلك تحديا للمجتمع الدولي، بل يكافأ نظام الأسد وحلفائه بالمزيد من تشجيعه على ممارسة أبشع الجرائم.

فما فعله هؤلاء طيلة أكثر من خمس سنوات يتناساه العالم اليوم، بل يشجع أكثر على المزيد من التورط في الإجرام والتهجير. أوَ ليس هذا ما رأيناه في سوريا، فكلما أوغل الأسد في القتل والتدمير كلما صار العالم مقرّا بأهمية بقائه ووجوده على رأس النظام.

هذا العالم لم يزل على عهده في بلادنا. هو عالم يحترم من يقتل أكثر من شعوب المنطقة. كانت إسرائيل في زمن مضى، أمّا اليوم فثمة من تفوق بدرجات عليها في القتل والتدمير ويستحق أن يبقى ما دام يحسن قتل الشعوب وقمعها.

اقرأ المزيد
١٤ ديسمبر ٢٠١٦
الثورة تواجه الأسد وحلفاءه في حربي السلاح والاعلام.. إدلب مثالا

تزامناً مع الحرب العسكرية التي تشنها قوات الأسد والميليشيات الشيعية على أحياء مدينة حلب المحاصرة، وبعد معارك طاحنة تكبدت فيها الميليشيات مئات القتلى والخسائر والتي لم تفصح عنها حتى لا تؤثر بشكل سلبي على معنويات عناصرها والطائفة المؤيدة للنظام، كانت الحرب الإعلامية والنفسية أحد أكبر الركائز التي اعتمدت عليها في إدخال الخوف للمدنيين، وخلق حالة من الفوضى الشعبية العارمة بين النفوس ساهمت بانهيارها لحد كبير.


يضاف لذلك تكثيف القصف الجوي والمدفعي والمجازر اليومية على مدار أشهر التي كان لها الأثر الكبير في رغبة المدنيين بالخروج من الأحياء المحررة للنجاة، ومع ذلك صمدت حلب لأشهر طويلة رغم الحصار الخانق ورغم منع أي قافلة مساعدات طبية أو غذائية من الدخول، ومن المعروف أن حرب المدن تختلف بشكل كبير عن حرب الأرض المفتوحة في المناطق الريفية والجبلية، حتى أن حدة الضربات الجوية تكون أخف وأقل تأثيراً عنها كما في المدن المكتظة بالسكان.


ومع تراجع الأوضاع التي وصلت إليها حلب بسبب تخاذل المجتمع الدولي أولاً، وعجز فصائل الثوار خارج حلب عن تقديم أي دعم، بعد فشل معركة فك الحصار الثانية، رغم كل الخسائر التي أمنيت بها قوات الأسد والميليشيات الشيعية في المعارك التي شهدتها منطقة الكاستيلو والملاح وحندرات ومعركة الراموسة التي أرهقت إيران وحزب الله، ومعركة فك الحصار الثانية، بسب عدم توازن القوى وامتلاك قوات الأسد دعم كبير جداً من عشرات الميليشيات الشيعية التي حضرتها لمعركة حلب، هذا بالإضافة مع القصف الروسي والدعم الروسي الكبير جواً وبراً.


بالتزامن مع ذلك ومع بدء المرحلة الأخيرة من معركة حلب المدينة بعد تضييق الحصار بشكل كبير على ما تبقى من أحياء تكتظ بعشرات الألاف من المدنيين ما يجعل المقاومة أمراً مستحيلاً، بدأ الحديث عن المرحلة الثانية للمعركة التي ستقودها إيران وروسيا باتجاه " إدلب" في محاولة لكسب المعركة إعلامياً لا عسكرياً وذلك مستغلين حالة الغضب الشعبي تجاه الفصائل الثورة التي وقفت عاجزة عن نصرة حلب، وسط غيابها عن الساحة واستمرار عمليات التناحر والتشرذم بين الفصائل دون اتخاذ التدابير للمرحلة القادمة والإعداد لها بشكل صحيح.


هذه الحرب النفسية والتي بات الإعلام بوجهييه المؤيد والمعارض يتداوله من شأنها أن تخلق حالة من الانهيار النفسي لدى المدنيين في محافظة إدلب، وبالتالي تحقيق الهدف المراد من التويج الإعلامي لمعركة إدلب، والمساهمة في مساندة العدو في ارهاق السكان والحاضنة الشعبية نفسياً لا عسكرياً، وعليه فإن المرحلة الراهنة تتطلب وعي إعلامي حذر يواجه الترويج المضاد، ويعمل على توعية الشارع الثوري في إدلب، لعدم الانجرار وراء الحملات التي تهدف لإضعافه وارهاقه نفسياً، والسعي لتوحيد الخطاب الجماهيري في مطلب الوحدة، والضغط على الفصائل لذلك بالطرق السلمية المتاحة.


كما تتطلب المرحلة وعي عسكري تام لجميع الفصائل في الساحة بخطورة المرحلة، والعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لرفع الحالة المنهارة لدى البعض، والعمل بجدية لإنشاء غرفة عمليات عسكرية موحدة وارسال تطمينات للمدنيين تؤكد وقوفهم في وجه أي تحرك كان، وعدم الاكتفاء بالصمت المطبق، وعدم التعامي عما يخطط له العدو، لأن المعركة طويلة وتحتاج لوعي ثوري عسكري ومدني متوازن.

اقرأ المزيد
١٤ ديسمبر ٢٠١٦
أقرب مما يتخيل أحد .. “إدلب” الهدف القادم و توقعات أمريكية بسقوطها خلال عام !!

ماهي الا لحظات قليلة تلت الانتهاء من معارك مدينة حلب ، حتى بدأ اسم ادلب يلمع في الأفق، و تتوجه الأنظار إليها ضمن خطة تلميع الأسد ومنحه القدرة على اعادة احتلال المناطق المحررة، في اطار استراتيجة استغلال كسب المناطق المحررة الواحدة تلو الأخرى ، بعد بدء العدوان الروسي منذ أيلول ٢٠١٥ و زيادة كبيرة بعدد وأنواع المليشيات الشيعية التي تتدفق إلى سوريا من كل حدب و صوب.

المبعوث الأممي إلى سوريا دي مستورا أعلن بالأمس عن صعود ادلب إلى رأس قائمة الأهداف ، مع وعود بالسعي لعدم حدوث سيناريو مشابه لحلب المدينة ، ولكن هناك توقعات أمريكية أن المساعي لن تؤتي نتيجة ، فالأمر شبه محسوم .

و يعزي الأمريكيين سبب عدم قدرة الفصائل الثورية على الصمود كثيراً في ادلب، يعود إلى الاستراتيجية الخاطئة التي تنتهجها هذه الفصائل، حيث  لا يمكنهم الاستمرار بمحاولة السيطرة على أراض كجيش تقليدي لأنهم ليسوا كذلك، وليس في مقدورهم التصدي للطيران الروسي، وفق للسفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد، الذي طالب الفصائل بإعادة التفكير بإستراتيجيتهم.

و يتوقع فورد أن بعد حلب ، فإن الأسد و حلفاءه سيلاحقون الفصائل في ادلب ، و لن تتمكن الفصائل من وقفهم ، محدداً الوقت لتحقيق أهداف الأسد سيكون خلال عام واحد.

في خضم ذلك، لاتزال إلى الآن الفصائل بمختلف مشاربها، لاتملك رؤية استراتيجية أو حتى آنية لمواجهة ما سيحدث، ورغم اليقين بأن الأمر قادم لامحال إلا أن الخلافات التي تعصف في البيت الداخلي لأغلب الفصائل، ولاسيما الاسلامية منها، يحد من القدرة على التفكير.

وتعاني الفصائل ، وإن كان الأمر يشمل الثورة السورية ككل، من غيابأشخاص قادرين على العمل ضمن خط استراتيجي أو التحضر لأسوء الأمور ، اذ الاعتماد في غالبية التشكيلات على عناصر و كوادر تتمتع بـ”الولاء” الايدلوجي للتنظيم أو التشكيل، دون الاهتمام بـ”الكفاءة”، اذ تم استبعاد آلاف الكفاءات و استبدالها بأصحاب “الولاءات” ولو كانت “كفائتهم” منخفضة حد الاضمحلال.

لم تملك الفصائل في أي مرحلة من مراحلها من سوية استراتيجية معينة، اذ دائماً تكون المراحل تسير وفق “ما يتيسر “ لا تبعاً “لما هو مفروض العمل به”، الأمر الذي يكلف السوريين الكثير و أمور تفوق حد الاحتمال ، كفاتورة بسيطة لعناد مبني على اتباع أعمى لقواعد بالية ، يقوم أساسها على انتهاج أساليب متحجرة ، تعب التاريخ من تكرارها و أثبت عدم كفائتها بالصيغة ذاتها، فـ"تبيئت" القواعد تبعاً للظروف مطلوب، لا تغيير البيئة و المحيط تبعاً للقواعد.

اقرأ المزيد
١٣ ديسمبر ٢٠١٦
سوق ‬تعرية ‬إيران

في‎ ‬سوق ‬السياسة –‬كما ‬في ‬أي ‬سوقٍ-مواسم ‬للربح ‬ومواسم ‬للخسارة، ‬والمتغيرات ‬المتوالية ‬تقول ‬إن ‬موسم ‬إيران ‬في ‬سوق ‬السياسة ‬يتجه ‬لخسائر ‬متعددة، ‬ويمكن ‬بناء ‬على ‬ذلك ‬رسم ‬استراتيجياتٍ ‬جديدةٍ ‬ومتكاملة ‬تستجيب ‬للتغيرات ‬الدولية ‬وتسعى ‬لتحجيم ‬إيران ‬وإعادتها ‬لوضعها ‬الطبيعي. الاستراتيجيات‎ ‬هي ‬أشبه ‬ما ‬تكون ‬بالكائن ‬الحي، ‬فهي ‬تنمو ‬وتتطوّر، ‬كما ‬تهرم ‬وتمرض، ‬وتموت ‬في ‬بعض ‬الأحيان، ‬وهي ‬فعل ‬دائم ‬التشكل ‬والتطور. يدفع‎ ‬مجموع ‬المعطيات ‬الحالية ‬باتجاه ‬واحد ‬هو ‬التغيير ‬القادم، ‬فسيتم ‬قريباً ‬إعادة ‬رسمٍ ‬للتوازنات ‬الدولية ‬والصراعات ‬الإقليمية، ‬وستخرج ‬عن ‬ذلك ‬آثار ‬وتأثيراتٌ ‬لم ‬يتنبأ ‬بها ‬أحدٌ، ‬ما ‬يعني ‬أن ‬ثمة ‬تشكلات ‬جديدة ‬للاستراتيجيات ‬الدولية ‬والإقليمية.

جزء‎ ‬مهم ‬من ‬بناء ‬الاستراتيجيات ‬يكمن ‬في ‬الفهم ‬والاستيعاب ‬المنظم ‬لما ‬يمكن ‬من ‬العناصر ‬التفصيلية ‬ومن ‬ثم ‬الخروج ‬بنتائج ‬كلية ‬متماسكة ‬وهذا ‬سبيله ‬العلم ‬والمعرفة ‬والإحصاءات ‬والأرقام، ‬ويبنى ‬عليه ‬صلابة ‬الوعي ‬وحدة ‬الرؤية ‬وهو ‬أمر ‬سقفه ‬رفعة ‬الطموح ‬وتعالي ‬الأمل، ‬وهو ‬ما ‬يستخلص ‬منه ‬عماد ‬الأهداف ‬المحددة ‬والغايات ‬المرجوة ‬في ‬الحاضر ‬والواقع ‬لدعم ‬القوة ‬والتأثير ‬والفاعلية.

إن‎ ‬الاستراتيجيات ‬المكتملة ‬العناصر، ‬واعية ‬كانت ‬أم ‬غير ‬واعية، ‬قادرة ‬على ‬تغيير ‬مسار ‬التاريخ، ‬بل ‬هي ‬التي ‬ترسمه ‬سواء ‬كانت ‬من ‬أفراد ‬أو ‬مجموعات ‬أو ‬دول، ‬وأحداث ‬التاريخ ‬خير ‬شاهد ‬على ‬طول ‬الزمان ‬والمكان، ‬يسميها ‬الناجح ‬رؤية ‬ويسميها ‬الفاشل ‬مؤامرة.

عوداً‎ ‬على ‬بدء، ‬فإيران ‬تعيش ‬اليوم ‬لحظة ‬تاريخية ‬تتجه ‬فيها ‬للخسارة ‬بعد ‬أرباحٍ ‬ساعدها ‬عليها ‬غيرها ‬من ‬أميركا ‬إلى ‬روسيا، ‬ويجب ‬لإعادة ‬التوازن ‬في ‬المنطقة ‬أن ‬تعود ‬مرة ‬أخرى ‬لتجرع ‬سم ‬الخسارة، ‬ويمكن ‬فعل ‬ذلك ‬على ‬عدة ‬مستوياتٍ ‬منها: ‬المستوى ‬الدولي، ‬المستوى ‬الإقليمي، ‬المستوى ‬الهوياتي، ‬المستوى ‬الإنساني.

دولياً، ‬فبعد ‬سنوات ‬من ‬محاولات ‬إدارة ‬الرئيس ‬أوباما ‬للتقارب ‬مع ‬إيران، ‬توحي ‬الإدارة ‬الجديدة ‬للرئيس ‬دونالد ‬ترامب ‬بوعي ‬أكبر ‬وفهم ‬أدق ‬للنظام ‬الإيراني، ‬كما ‬توحي ‬التعيينات ‬الجديدة ‬باتجاه ‬نحو ‬مواجهة ‬إيران ‬لا ‬التصالح ‬معها.

إقليمياً، ‬فالأزمة ‬السورية، ‬وفيها ‬شركاء ‬متشاكسون، ‬دولياً ‬وإقليمياً، ‬ولكنها ‬ستتجه ‬لخسائر ‬لإيران، ‬بناء ‬على ‬تفاهماتٍ ‬دوليةٍ ‬وإقليميةٍ ‬سيتم ‬بناؤها ‬قريباً، ‬وهو ‬ما ‬يحاول ‬النظام ‬السوري ‬وإيران ‬وروسيا ‬الانتهاء ‬منه ‬لاستباق ‬الأحداث، ‬ومن ‬هنا ‬تأتي ‬الجرائم ‬الدولية ‬الشرسة ‬بحق ‬حلب.

«هوياتياً»، ‬إيران ‬دولة ‬طائفية ‬بامتياز ‬بحكم ‬دستورها ‬وبحكم ‬سياساتها، ‬وهي ‬تبنت ‬على ‬مراحل ‬نشر ‬الصراعات ‬الطائفية ‬كسلاحٍ ‬سياسيٍ، ‬ورعت ‬كافة ‬أنواع ‬الميليشيات ‬وتحالفات ‬مع ‬الأصوليات ‬الحديثة، ‬ودعمت ‬تنظيمات ‬الإرهاب. ‬وحوّلت ‬بوعي ‬الأقليات ‬التابعة ‬لها ‬إلى ‬أقليات ‬متوحشة ‬في ‬العراق ‬وسوريا ‬ولبنان ‬واليمن، ‬وسعت ‬لاستهداف ‬الأقليات ‬المسالمة ‬وتحويلهم ‬لضحايا، ‬كالأزيديين ‬والمسيحيين ‬وغيرهم.

إنسانياً، ‬فقد ‬كسبت ‬إيران ‬كثيراً ‬عبر ‬تبني ‬الإرهاب، ‬كسبت ‬في ‬العراق ‬ولبنان، ‬وأفغانستان، ‬واليمن ‬وسوريا، ‬وهي ‬تسعى ‬لكسب ‬المزيد ‬عبر ‬خلايا ‬التجسس ‬والإرهاب، ‬وكانت ‬معادلتها ‬الدائمة ‬تقوم ‬على ‬قاعدة «‬الإرهاب ‬يحولك ‬إلى ‬لاعب ‬دولي»‬ وسيكون ‬على ‬داعميها ‬الغربيين ‬من ‬وسائل ‬إعلامية ‬وحقوقية ‬أن ‬يعترفوا ‬بالتضليل ‬الذي ‬اتبعوه ‬في ‬الفترة ‬الماضية.

ومن‎ ‬ضمن ‬ما ‬يمكن ‬فعله ‬العمل ‬إعلامياً ‬وثقافياً ‬وفنياً ‬وغيرها ‬بمعنى ‬استخدام ‬القوة ‬الناعمة ‬في ‬فضح ‬الوجه ‬الحقيقي ‬لقساوة ‬وعنف ‬النظام ‬الإيراني، ‬مع ‬التأكيد ‬الدائم ‬على ‬التفريق ‬بين ‬إيران ‬النظام ‬وإيران ‬الشعب، ‬وكذلك ‬إبراز ‬السياسة ‬التوسعية ‬لإيران.

المرشد ‬الإيراني، ‬هو ‬مرشد ‬أصولي ‬وديكتاتور ‬ينتمي ‬للقرون ‬الوسطى ‬المظلمة، ‬كما ‬أن ‬الحرس ‬الثوري ‬يمثل ‬المنظمة ‬الإرهابية ‬الرسمية ‬للدولة ‬الإيرانية، ‬وما ‬يخصه ‬من ‬استثمارات ‬ضخمة ‬وميليشيات ‬شيعية ‬وتنظيمات ‬أصولية ‬سُنية ‬ك«الإخوان» ‬و«حماس» ‬ونحوهما، ‬وتنظيمات ‬إرهابية ‬سُنية ‬ك«القاعدة» ‬و«داعش» ‬كلها ‬تصب ‬في ‬نشر ‬خلايا ‬الإرهاب ‬والتجسس ‬في ‬دول ‬الخليج ‬كمثال، ‬الكويت ‬وخلية ‬العبدلي، ‬البحرين ‬وعدد ‬من ‬الخلايا، ‬السعودية ‬وآخر ‬الخلايا ‬الخلية ‬التي ‬تم ‬الحكم ‬عليها ‬هذا ‬الأسبوع ‬بأحكام ‬تفاوتت ‬بين ‬القتل ‬والسجن ‬والبراءة.

أخيراً، ‬فإيران ‬عاجزة ‬عن ‬التغيير، ‬بحكم ‬أيديولوجيتها، ‬وبحكم ‬تركيبة ‬نظامها، ‬وبحكم ‬هرم ‬قيادتها، ‬وبحكم ‬تجربتها ‬الرافضة ‬للتغيير.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٣١ يوليو ٢٠٢٥
تغير موازين القوى في سوريا: ما بعد الأسد وبداية مرحلة السيادة الوطنية
ربيع الشاطر
● مقالات رأي
١٨ يوليو ٢٠٢٥
دعوة لتصحيح مسار الانتقال السياسي في سوريا عبر تعزيز الجبهة الداخلية
فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
استهداف دور العبادة في الحرب السورية: الأثر العميق في الذاكرة والوجدان
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
١٧ يونيو ٢٠٢٥
فادي صقر وإفلات المجرمين من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
١٣ يونيو ٢٠٢٥
موقع سوريا في مواجهة إقليمية محتملة بين إسرائيل وإيران: حسابات دمشق الجديدة
فريق العمل