مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢١ مارس ٢٠١٧
اقتصاد إيران في خدمة الأسد و «حزب الله»

أبلغ المرشد الإيراني علي خامنئي شعبه بمناسبة عيد النوروز أن هذه السنة هي لاقتصاد المقاومة وأنه يدرك ظروف الشعب المعيشية ويشعر بمرارة إزاءها. ألا يدرك الشعب الإيراني أن نظامه هو الذي أدى بهذا الاقتصاد إلى التدهور؟ كم صرفت إيران من أموال على الحرب في سورية لدفع رواتب المقاتلين ولـ «حزب الله» وللسلاح للدفاع عن نظام فاشل ليبقى؟ كم صرفت من أموال على شراء الميليشيات العراقية؟ كم صرفت من أموال إيرانية على أسلحة أعطيت للحوثيين وعلي عبدالله صالح ولزعزعة الوضع في دول الخليج؟ إيران منذ ثورة الخميني اهتمت في شكل أساسي بتصدير ثورتها إلى كل مكان في المنطقة ولخلق الفتنة بين الشيعة والسنّة. وهي مستمرة على رغم العقوبات وعلى رغم انخفاض سعر النفط في دفع أموال طائلة لـ «حزب الله» ليستمر في حربه في سورية دفاعاً عن الوجود الإيراني. كما تدفع أموالاً طائلة لينفذ بشار الأسد استراتيجيتها وهي تشييع سورية. فهناك أماكن عدة في سورية أفرغها النظام ويستبدل سكانها بالشيعة لتوسيع هيمنتهم في البلد على رغم تواجد الجيش الروسي هناك. و «حزب الله» يرسل الشباب اللبنانيين ليقتلوا في سورية لمصلحة بقاء إيران في المنطقة ورواتب المقاتلين مرتفعة. فإيران توسعت في العراق وفي سورية وفي لبنان حيث يهيمن «حزب الله» على السياسة اللبنانية.

إن التمدد الإيراني في المنطقة العربية تم عبر تواطؤ إيران مع النظام السوري وقياديين عراقيين مثل نوري المالكي و «حزب الله» وعبر الأموال الطائلة التي هدرتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتدفعها لوكلائها في المنطقة بدل استثمارها لمتطلبات وحاجات الشعب داخل البلد. إن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كانت مصرة على دفع إيران إلى تغيير سياستها عبر التطبيع التدريجي مع هذا البلد لأن أوباما مثل سياسيين أوروبيين عديدين ومنهم المرشحان للرئاسة الفرنسية فرانسوا فيون ومارين لوبن يفضلون التعامل لأن هنالك قناعة خاطئة في عدد من الأوساط الغربية أن التطرف الإسلامي آت من الدول ذات الغالبية السنّية، في حين أن الثورة الإيرانية هي التي بدأت تصدير ثورتها ودفعت الأموال الطائلة لتسليح جماعاتها في المنطقة وتشكيل الميليشيات التي مكنتها من الهيمنة في أنحاء العالم العربي. فإيران عازمة على التمسك ببشار الأسد وهي تستثمر أموالاً طائلة من أجل بقائه. والأسد بحاجة إلى إيران لبقائه ولروسيا لحمايته من الضربات الإسرائيلية. وإسرائيل مرتاحة جداً للخراب الذي يحدث في سورية لأن مقاتلي «حزب الله» منشغلون في حربهم هناك والجيش السوري مغلوب على أمره تحت مظلة روسيا ومقاتلي وكلاء إيران. وكل ذلك على حساب الشعب الإيراني الذي كان يمكن أن يعيش في ظروف اقتصادية جيدة في ظل نظام عقلاني وحريص على شعبه.

فدموع المرشد الإيراني على ظروف اقتصادية صعبة في مناسبة السنة الجديدة ليست إلا مسرحية على شعب كان يمكن أن يعيش في بلد غني، ولكنه لم يشهد يوماً منذ الثورة الإيرانية إلا الكوارث والعقوبات والضيق المالي بسبب سياسات توسعية في المنطقة العربية تطمح إلى عودة إمبراطورية الفرس تحت راية الثورة الإسلامية، ولسوء الحظ بمساعدة بشار الأسد وحلفائه في لبنان. وعلى رغم ذلك ترى بعض قيادات الغرب أن من المستحسن أن تكون علاقة فرنسا وثيقة بإيران. وسياسة ترامب تجاه إيران ليست مطمئنة على عكس ما يعتقد، أولاً لأنها غير واضحة سوى بالكلام، وثانياً لأنها بإيعاز من إسرائيل ولن يكون هدفها إلا المزيد من التخريب في العالم العربي. فإسرائيل ضربت لبنان في عام ٢٠٠٦ ودمرت جزءاً كبيراً منه ولكنها عززت قوة «حزب الله». ومن يعتقد أن عداء ترامب لإيران سيزيل تهديدات هذا البلد هو خاطئ لأنه ليس لدى ترامب أي خطة لمواجهة التهديد الإيراني إلا عبر النصائح الإسرائيلية الخطيرة، لأن نتانياهو يعتمد على الحروب وتخريب العالم العربي كي لا يذكّره أحد بالشعب الفلسطيني.

اقرأ المزيد
٢١ مارس ٢٠١٧
«المعجزة الإلهية»... جديد نصر الله

في مناسبتين متتاليتين، تمخض جبل السيد حسن نصر الله، الأمين العام للحزب الإلهي الأصفر، عن إبداعين؛ الأول نظرية «المعجزة الإلهية» في سوريا، والثانية نصيحة «المعجزة التنموية» من المقاومة للخصوم!

نصر الله خطب بمناسبة حزبية دينية هي ميلاد السيدة الزهراء، ثم نشر الإعلام اللبناني مضمون مواعظ تربية ألقاها المعمم المسلح، نصر الله، على «أفراد التعبئة التربوية» في «حزب الله» ليلة الجمعة الماضي. في هذه الجلسة التربوية، يعني تأطير عقل «الشباب» وتلقينهم الحجج الحزبية، وحقنهم بالمواد المعنوية اللازمة، وصف نصر الله، مشهد حزبه، ودولته الداعمة، إيران الخمينية، وحليفهم بشار، بأنه مشهد يكشف عن «المعجزة الإلهية»!

يبدو أن نصر الله مغرم بالالتصاق باسم الجلالة، فحزبه هو «حزب الله»، ومناوشته مع إسرائيل، هي «النصر الإلهي»، وأخيراً «جريمته» هو وإيران وبشار، ومعهم «داعش» و«النصرة» وحتى الميليشيات الكردية الموالية لحزب العمال، هي «معجزة إلهية».

بئس هذا الإسراف في العصمة، وإسباغ العباءة الإلهية على «تصرفات بشرية» محضة، أقل وصف لها، إن لم نقل عنها إنها أقرب لـ«المعجزة الشيطانية»، بالنظر لنتائجها الكارثية على السلم الأهلي ودورها في تغذية المناخ الطائفي المسموم في سوريا والعراق، وحتى اليمن.

بذكر اليمن، تبرع نصر الله، في خطبة ذكرى الزهراء، بعدما أفاض خياله في الأموال التي صرفتها الدول العربية، لإنقاذ الشعب السوري من جرائمه وجرائم راعيته إيران، وصديقهم بشار، وتحدث عن مئات المليارات، ثم تباكى، فقال: «كان لهذا المال أن ينقذ الصومال واليمن من المجاعة، وأن يبني بيوت الفلسطينيين في غزة، وأن يؤمن فرص العمل للشباب، وأن يمحو الأمية»، على أساس أن «حزب الله» جمعية تنموية حامية للسلام والبيئة ومكافحة للاحتباس الحراري، ومشجعة على الأكل النباتي والصحي، وليس عصابات إرهابية عابرة للدول!

يبشّر أيقونة التعبئة الخمينية في العالم العربي، نصر الله، بأن «محور المقاومة لن يهزم، لا بل إنه سينتصر في سوريا والعراق واليمن».

مبروك! ولكن هل تشمل هذه البشارة بانتصار جماعته في اليمن، قصف جامع معسكر (كوفل) أثناء صلاة الجمعة، بصاروخين حوثيين «مقاومين» ليقتل 34 إنساناً ويجرح أكثر من 100 مصاب؟

هذا المثال فقط لأنه تزامن مع خطبة نصر الله الأخيرة، وجلسته «الدينية» التربوية لشبيبة الحزب، وإلا فالأمثلة المخزية كثيرة.

الواقع عكس أوهام صاحب الحزب الأصفر، والجمهورية الخمينية ليست بأحسن أحوالها، مع اليقظة الأميركية الأخيرة، من مظاهرها مثلاً، تصنيف الميليشيات الشيعية الإرهابية بالبحرين «سرايا الأشتر» على لائحة الإرهاب الأميركية.
اتق الله يا رجل.

اقرأ المزيد
٢١ مارس ٢٠١٧
نظام إقليمي للحروب الدائمة

بعد أيام على الذكرى السادسة لانطلاق الثورة السورية، احتفل النظام بإنجازه في حي الوعر بحمص. قيل إن عملية التهجير هذه خاتمة العنف وخاتمة الآلام. لكنْ قبل انتهاء الاحتفال، باغتت جبهة «فتح الشام» («النصرة» سابقاً) النظام والعاصمة بهجوم كبير من حي جوبر المجاور. الإسرائيليون شنوا غارة جوية أخرى على أسلحة متطورة قالوا إنها كانت تُنقل إلى «حزب الله» في لبنان. وزير دفاعهم أفيغدور ليبرمان هدد بأن طيرانه سيدمر أنظمة الدفاع الجوية السورية إذا أطلق الجيش السوري صواريخ على طائرات إسرائيلية.

المراقبون يُجمعون على أن «داعش» ينهزم في الموصل. لكنهم يُجمعون أيضاً على أن صورة العراق ما بعد هزيمة «داعش» ستكون ملبدة جداً ومقلقة جداً. وفقاً للزميل حازم الأمين، العائد لتوه من هناك، سيواجه العراق «استحقاقات العلاقة العربية الكردية، والشيعية السنية، والكردية السنية، والكردية الشيعية، ناهيك عن العلاقات البينية داخل كل مركب من هذه المركبات، وجميعها عرضة للانفجار. وحده «داعش» يملك وجهة...».

لا شيء إذاً يوحي أن حروب سورية والعراق ستتوقف قريباً. وأمور ليبيا واليمن ليست أفضل حالاً. المنطقة وضعت قدميها الاثنتين على سكة الحروب الأهلية– الإقليمية المفتوحة والمديدة، وأفضل ما قد ينجم عنها توافقات هشة على مناطق نفوذ تحضن في داخلها كل البذور القابلة للانفجار.

واقع كهذا يعيد الاعتبار إلى الثورات العربية، ولو من زاوية مواربة. لقد كشفت ما تحت الظاهر، أي ما لم تفعله الأنظمة القائمة على امتداد عقود ما بعد الاستقلالات: إنها لم تبنِ دولاً، وإن بنت سلطات أمنية مدججة بالقسوة. لم تنشئ روابط وطنية ومواطنية. لم تفعل شيئاً. وبما أن هذه الأنظمة لم تسقط، انفجر كل البناء المتداعي الذي أسسته. انفجر ما لم تفعله على شكل تناقضات حادة وثأرات وحروب. حتى الذي ينتصر اليوم، كما هو مرشح أن يحدث في الموصل، سيكون انتصاره مقدمة لهزائم، أو أقله لأحقاد سوف تتراكم وتُكبت إلى حينٍ في انتظار أن تعاود الانفجار لاحقاً.

في هذه الغضون، لا توجد في أي من مجتمعاتنا الكتلة القوية القادرة على إرساء أوضاع جديدة خارج العصبيات الأهلية والانحيازات الإقليمية. هذه الكتلة الضعيفة أصلاً زادتها هزيمة الثورات، وانفجار قوى التكفير، وخصوصاً أعمال التهجير واللجوء والتبديد السكاني الواسع، ضعفاً على ضعف.

طبيعة دول الجوار المؤثرة تعزز وجهة الحروب المفتوحة في بلداننا. تعويلها الأحادي على أمنها المباشر من خلال جماعات محاذية جغرافياً، أو مشابهة دينياً وطائفياً، يؤجج التصدعات القائمة عندنا. النظام الإيراني إسلامي مناهض للديموقراطية. التركي يغذ الخطى في مناهضة الديموقراطية. الإسرائيلي يسعى إلى إدخال فيل الديموقراطية في ثقب اليهودية. أنظمة بقيم كهذه لا تصدر إلى جوارها مبادرات خيرة. إنها تفعل العكس.

فوق هذا، بعد انتهاء الحرب الباردة صارت الحروب التي لا تتوقف أقل من الحروب التي تتوقف. العالم متروك لعصبياته الصغرى. السنوات الأميركية الأخيرة، بعزوفها وانعزاليتها، زخمت هذه الوجهة. دونالد ترامب عصارة هذه المسيرة. لقد حقق الأميركيون أمنية مناهضي الإمبريالية فحلت على الأرض جنة التحرر!

حيال نظام إقليمي كهذا، نظامٍ للحروب المفتوحة، لا يبقى سوى انتظار المعجزة، ومنتظرو المعجزات يتزايدون.

اقرأ المزيد
٢١ مارس ٢٠١٧
عن رسائل الغارة الإسرائيلية الأخيرة

لا تقوى سورية حالياً على تغيير قواعد الاشتباك مع إسرائيل. هذه الحقيقة لا تقلل من أهمية الردّ الصاروخي السوري على الغارة الإسرائيلية فوق تدمر يوم الجمعة الماضي. كان الردّ مفاجئاً، وشكّل تحولاً في نمط الاستجابة السورية منذ ست سنوات، فضلاً عن أنه كسر صمت الجيش الإسرائيلي، الذي اعترف هذه المرة بقصف أهداف في الداخل السوري.

أسئلة الرد الأساسية تدور حول دلالات الضوء الأخضر الذي أعطته موسكو لدمشق. هنا ينبغي التذكّر أن الأولى أعطت، قبل الغارة الإسرائيلية، مؤشرات إلى أنها لا ترغب في أنْ يكون المعادل الموضوعي لصداقتها الحميمة مع إسرائيل - بنيامين نتانياهو عداوة موسكو لدمشق أو طهران، تلك «حِسبةٌ مختلفة». ظهر هذا في لقاء نتانياهو - بوتين في التاسع من الشهر الجاري، حيث نُقل عنه قوله: «ها هي إيران اليوم وريثة بلاد فارس تواصل السعي إلى تدمير الدولة اليهودية. وهم يقولون ذلك بشكل واضح جداً ويكتبونه على صواريخهم الباليستية»، فردّ عليه بوتين باقتضاب «نعم، إلّا أن ذلك كان في القرن الخامس قبل ميلاد المسيح، ونعيش اليوم في عالم مختلف. لنتكلم عنه».

مؤشر آخر تمثل في نفي الكرملين تقارير إعلامية تحدثت، في سياق زيارة نتانياهو المذكورة، عن موافقة موسكو على عمليات إسرائيلية ضد حزب الله من الأجواء السورية. وما أكّد هذه المؤشرات، بعد الغارة، استدعاء موسكو للسفير الإسرائيلي لديها.

من المحتمل أن تكون الغارة الإسرائيلية اختباراً لحدود القبول والرفض الروسي لرغبة إسرائيلية في أن تكون الساحة السورية، بالنسبة إلى تل أبيب، مشابهة لما هو عليه الحال في جنوب لبنان: أيْ حرية التحرك العسكري هجوماً واستباقية واستطلاعاً. قد يقتضي هذا الفهم، إن صحّ، تمييزاً بين سورية المحسوبة على إيران وسورية المحسوبة على روسيا، مثلما هو التمييز بين لبنان - الرسمي، ولبنان - حزب الله. في هذا السياق، يُستعاد كلام وزير الدفاع الإسرائيلي، إفيغدور ليبرمان، الذي قال إن تل أبيب «غير معنية بخلق أي مشكلات مع روسيا» في سورية، التي هددها بتدمير دفاعاتها إنْ تصدت ثانية للمقاتلات الإسرائيلية التي تستهدف منع تهريب أسلحة نوعية لحزب الله.

موسكو لن تتنازل من دون مقابل عن دور «القوة المُقرّرة» في سورية، وعن دور «القوة العظمى القادرة على إدارة شركاء متناقضين» في الملف السوري، من تركيا فإيران فالنظام السوري وصولاً إلى إسرائيل والأردن، وكذلك الجانب الكردي.

إذا كان الضوء الأخضر الروسي لدمشق بالرد على الغارة الإسرائيلية يمسّ، أيضاً، التحالف الأميركي - الإسرائيلي، فإنه، بهذا المعنى، قد يكون رسالة للضغط على دونالد ترامب بتذكيره بالأوراق والقدرة التي تحوزها موسكو في دمشق، وتستدعي جلوس واشنطن وموسكو لعقد التفاهمات والتسويات وإجراء المساومات، وفي صلبها ضمان أمن إسرائيل.

اقرأ المزيد
٢٠ مارس ٢٠١٧
"أستانة"... كعب أخيل بوتين

بدا اجتماع أستانة السوري، في نسخته الأولى، أشبه ما يكون بثمرة سياسية مجزية، اقتطفتها الدبلوماسية الروسية، قبل أن يحين موعد نضوجها الموسمي، ويطيب أكلها بالشوكة والسكين، حيث اتضح، بعد مرور وقت يسير، أن هذه الثمرة العجفاء عصيةٌ على الهضم، وكأنها حبة كمثرى، كل قضمة منها بغصّة، وذلك على نحو ما تجلى عليه الأمر في الاجتماعين اللاحقين في العاصمة الكازاخستانية الغافية في الحضن الروسي البارد.

وأحسب أن عقلية المنتصر، والرغبة في استثمار الإنجاز العسكري، وتحويله إلى مكسب سياسي روسي، قبل أن يتبدّد وهج الحملة الجوية الضارية على حلب، كان وراء استعجال موسكو في شق هذا المسار الموازي لمسار جنيف البطيء، لتظهير حقيقة أن سيد الكرملين هو صاحب اليد العليا في البلد الذي ازدحمت سماؤه بالطائرات متعدّدة الجنسيات، وتحول إلى ملعبٍ لتسوية الحسابات الإقليمية، وإعادة بناء التوازنات الدولية.

ففي لقاءات أستانة الأولى، كانت موسكو هي صاحبة الفكرة من الألف إلى الياء، وهي التي وضعت جدول الأعمال المكوّن من بند واحد، وهو تثبيت وقف إطلاق النار. كما أن الخارجية الروسية هي التي حدّدت بنفسها هوية المشاركين، ورسمت بذاتها أدوار اللاعبين الثانويين (تركيا وإيران)، وأبعدت العرب والأوروبيين، وتجاهلت القوى السياسية السورية (الائتلاف الوطني والهيئة العليا للمفاوضات)، وحدّث ولا حرج عن تهميش دور الأميركيين.

لقد بدت روسيا، في بداية هذا المسار الذي لم تفض محطاته الثلاث الأولى إلى أي شيء، دولة راغبة في إعادة تموضعها في خضم الأزمة التي تبدو بلا نهايةٍ مرئيةٍ، تحاول الانتقال من موضع الشريك الكامل لنظام الأسد إلى منزلة الوسيط الممتلئ بحس المسؤولية، الساعي إلى وقف حمام الدم السوري، أو تخفيف حدة اللهب المضطرم تحت مرجل الأزمة المستفحلة، الأمر الذي لم يكن في وسع أي عاصمة، أو أي طرف، الاعتراض على مبادرةٍ كهذه مشفوعة بحُسن النية.

غير أن عطباً بنيوياً كان كامناً في هيكل مسارٍ رتبت روسيا مكان انعقاده في إحدى الدول السوفييتية السابقة، ووقّتت زمانه في لحظة الفراغ المصاحب لعملية نقل السلطة في البيت الأبيض، وهي لحظة سبقتها فترة انكفاء أميركي طويلة، وذلك كله لكي تدلل الدولة الوارثة لأمجاد الاتحاد السوفييتي، أنها ربّة البيت لهذه الأزمة المديدة، وأنها تستحق دور الدولة العظمى الثانية على المسرح الدولي.

ومع انعقاد مؤتمر أستانة، في أوقات غير متباعدة، وفشله المتلاحق في إحراز أي تقدم من نوعه، بما في ذلك تثبيت وقف إطلاق النار، تجمعت في الأفق ملامح متزايدة على إخفاق روسي منكر في فرض حقائق الأمر الواقع على سائر الأطراف المعنية بدوامة الحرب الدامية، فلم تستطع موسكو، من خلال جذب الفصائل العسكرية إلى طاولة المؤتمر، شق المعارضة السورية. كما لم يستطع الكرملين أيضاً وضع إيران في جيب معطفه الشتوي، ناهيك عن تركيا التي بدأت تغيّر تدريجياً من موضع استدارتها السابقة.

وهكذا، ومع مرور مزيد من الوقت، اتضح أن الأداء الدبلوماسي الروسي قد وقع في خطأين كبيرين، يصعب على موسكو، المنتشية بنصرها الحربي في حلب، أن تخرج منهما معافاة سليمة؛ الأول محاولتها المكشوفة استبدال مسار جنيف المتعثر بمسار "صنع في روسيا"، ومن بنات أفكارها وحدها، والثاني طرح مشروع دستور سوري أثار حفيظة السوريين على اختلاف مواقفهم، حيث أجمع النظام والمعارضة على رفض هذه الصيغة التي لم يحن أوان كتابة نصها.

وفيما بقيت حصيلة مسار أستانة، في محطاته الثلاث، تساوي صفراً مكعباً، وتشير، في الوقت نفسه، إلى فشل سياسي أكبر بكثير من حجم الدور العسكري الروسي الراجح في سورية، عاد مسار جنيف الباهت يستعيد قدراً يسيراً من عافيته، ويستأثر بالأضواء والاهتمامات الدولية، فيما بدا المسار الذي لفّقته موسكو من وراء ظهر المرجعية الأممية، كأنه طريق فرعية ضيقة، لا تتسع لمرور عربةٍ ثقيلة الوزن كالعربة السورية، الأمر الذي وضع نقطة كبيرة في نهاية سطر الحركة الدبلوماسية الروسية، الساعية إلى الاستفراد الكلي، وأخذ الدور الحصري، وجعل انفرادها بالأزمة السورية حقيقة كلية ونهائية. ذلك أن الرياح التي هبت في أستانة على دفعات متلاحقة لم تجر وفق ما كانت تشتهيه السفينة الروسية المبحرة في أعالي مياه بحر سوري متلاطم الأمواج، حيث أدى الاستعجال في قطف ثمرة غير ناضجة، وطرح الدستور في هذه المرحلة المبكّرة، إلى نفور عام من هذه الذهنية الاستعلائية، التي أعادت إلى أذهان الجميع خطيئة الأميركيين في العراق، عندما وضع الحاكم العسكري، بول بريمر، وثيقة المحاصصة الشائنة التي لا يزال العراقيون يدفعون ثمن إملائها.

ولعل المحطة الأخيرة في مسار أستانة، ورفض المعارضة السورية المسلحة المشاركة في هذه اللعبة الدبلوماسية الماجنة، قد حوّلت هذا المسار إلى كعب أخيل، أي من رافعة كان مقدّراً لموسكو أن تقفز من فوقها لركوب ظهر الحصان السوري الجامح وحدها من دون شريك، إلى نقطة ضعف مميتة، أصابت كبرياء الدولة الكبرى في مقتل دبلوماسي، وأوقعتها في حبائل أزمة حبلى بشتى المتغيرات الميدانية والسياسية، لا سيما بعد أن بدأت الإدارة الأميركية الجديدة تتخلى عن حذرها السابق، وترمي بثقلٍ متزايد، قد يغيّر قواعد اللعبة من أساسها.
وإذا كان من المرجح أن تواصل موسكو الزعم أن مؤتمرات أستانة ناجحة بالجملة والمفرّق، من دون أن تتمكّن من إصدار بيان مشترك واحد، أو أن ترسي وقفاً لإطلاق النار في الأراضي السورية، فإن من المرجح أيضاً أن تصطدم روسيا، في وقتٍ لن يكون بعيداً، بحقائق الأمر الواقع، الذي لا يستطيع فيه الكرملين اختطاف الأزمة السورية من بين أيدي كل هؤلاء المنخرطين في دهاليزها العميقة، وأن يعي مرغماً أنه مجرد لاعب ذي وزنٍ بين عدة لاعبين، لا يقلون عنه أهمية.

وقد يكون خير دليل على فشل هذا المسار الذي مات قبل أن يبدأ، ما أعربت عنه وزارة الخارجية الروسية أخيرا، وما تعللت به من فشل وخيبة أمل إزاء غياب فصائل المعارضة السورية عن اجتماع أستانة الأخير، وإلقاء تبعات ذلك على طرفٍ ثالث لم تسمه، وهو الطرف التركي على الأرجح، ما يشير إلى مدى افتقار الدول الثلاث المنخرطة في هذا المسار، وهي روسيا وتركيا وإيران، لعامل الثقة بعضها ببعض، وفي ذلك خلل بنيوي ظل مرافقاً لهذا الجهد الدبلوماسي الروسي العقيم من المهد إلى اللحد.

اقرأ المزيد
٢٠ مارس ٢٠١٧
حول مفاجأة المعارضة للنظام السوري في دمشق

بعد يوم واحد من إعلان قائد «حزب الله» حسن نصر الله أن «يوم الانتصار الكبير يقترب» وأن «مقاتلي المؤامرة المسلحة ضد سوريا قد هزموا» فاجأت المعارضة العسكرية السورية النظام وحلفاءه اللبنانيين والإيرانيين في عقر داره، العاصمة دمشق، منطلقة في هجوم مباغت وعنيف من أطراف حيّ جوبر شارك فيه آلاف العناصر، ما أدّى، حسب مصادر المعارضة على الأرض، إلى تدمير غرفة عمليات النظام وانهيار دفاعاته.

تعيد العمليّة إلى الأذهان بدايات الثورة السورية حين حاول المتظاهرون الوصول أكثر من مرة قادمين من أطراف دمشق الريفية إلى منطقة العباسيين، وهي تطلّ على أحياء غنيّة ومختلطة طائفيّاً (القصّاع والتجارة والعدوي)، وكانت قوّات الأمن والجيش السورية تواجههم بالرصاص والقنص والقصف، وهو ما سجّل دافعاً أوّلياً لاتجاه الثورة السورية نحو شكلها المسلّح اللاحق.

شهدت المواقع التي تهاجمها المعارضة حاليّاً، بعد ذلك، جولات عديدة كانت تعرّض أمن النظام للخطر الشديد، لكنها كانت تتوقّف أحياناً لأسباب عسكرية، أو نتيجة إيعازات من «حلفاء» المعارضة العرب بعد ضغوط أمريكية شديدة، إلى أن انتهى الحال بالطرفين إلى قبول ما يشبه الحدود لسيطرة كل طرف فيما استمرّ النظام بجولات القصف الجوّي التي لا تنتهي، والتي تمنع تحويل الأمر الواقع العسكري إلى حالة طبيعية، وقد تمّ «تشريع» هذا الوضع من خلال اتفاقات «مصالحة»، كما هو الحال في حي برزة، او اتفاقات وقف إطلاق نار، كما هو الحال في حيي تشرين والقابون.

تجيء العمليّة الكبيرة بعد محاولات النظام للتقدم في محوري برزة وتشرين حيث سيطرت على شارع رئيسي يربط الحيين الواقعيين في شرق دمشق وهو ما يمهد لعزل حيّ برزة، لكن رد المعارضة، لو تم تثبيته، يفتح حيّي جوبر والقابون الكبيرين على بعضهما ويوقف حصارهما معا.

تثبت العمليّات الأخيرة، مجدّداً، إمكانية ضعضعة سيطرة النظام وحلفائه على الأرض، رغم السيطرة الجوية والقوّة الناريّة والبشرية الكبيرتين اللتين يتمتع بهما، ولكنّها تثبت أيضاً ضعف القرار المركزيّ للمعارضة السورية، فـ»ملحمة حلب الكبرى» التي شهدت تحرير مناطق شاسعة وإخراج النظام من كليّات عسكرية محصّنة في الراموسة وغيرها، لم تتزامن مع هجمات أخرى في دمشق ودرعا وحماه وإدلب، حيث تتواجد قوّات كبيرة للمعارضة، بحيث تتشتّت جهود النظام العسكرية ولا يستطيع التركيز على جبهة واحدة، وهو الذي حصل وأدّى إلى كارثة كبرى في حلب، وقبلها داريّا وغيرها.

على الصعيد الإعلامي، ورغم الجرائم الهائلة التي ارتكبها النظام على مدى ست سنوات والمثبتة بالأفلام والصور والوثائق دوليّاً، فقد صار واضحاً أن الوزن الإعلامي للمعارضة على الساحة الدولية قد تراجع نتيجة التعقيد الكبير للوضع السوري، والتداخل الإقليمي الكبير، وتشرذم المعارضة وصعود اتجاهات متطرّفة داخلها، وفوق كل ذلك الجهد الإعلامي المنظّم، ليس للنظام وحلفائه والاتجاهات اليمينية المتطرّفة في الغرب فحسب، بل كذلك على أطراف محسوبة على الثورة السورية صار شغلها الشاغل تضخيم دور «جبهة النصرة» في أي معركة أو حصار لوصم المعارضة السورية، كلّها، بالإرهاب.

رغم الطابع المفاجئ والمؤلم لقوات النظام في دمشق، فإن المسار العامّ للثورة السورية يشير إلى خلل كبير في استراتيجية المعارضة، سياسياً وعسكريّا، يساهم فيه عدم وجود غطاء إقليمي فاعل ومؤثّر، كما هو الحال مع التحالف الروسي ـ الإيراني المساند للنظام، وهو ما أدّى ويؤدي إلى تراجعات جسيمة للمعارضة وانحسارات عن مناطق حافظت لسنوات طويلة عليها، وكذلك إلى تراجعات سياسية شهدنا فصولها بين مباحثات جنيف 1 وجنيف 4.

من جهة أخرى، فإن سنوات الثورة، وخوض النظام المريع في الدماء السورية، وتنازلاته المهينة لروسيا وإيران، لم يبق منه سوى الهيكل الشكليّ لدولة فاشلة وأشلاء نظام وراثيّ قروسطي بشع، وكل محاولات «بعثه» من موته الافتراضيّ ستتكلل بالفشل.

اقرأ المزيد
٢٠ مارس ٢٠١٧
عن الغارات الإسرائيلية على سورية

أغار الطيران الحربي الإسرائيلي، فجر 17 مارس/ آذار الجاري، على مواقع في سورية مستهدفاً أسلحة "متطورة" لحزب الله، كما صرّح بذلك رئيس وزراء كيان الاحتلال ، بنيامين نتنياهو، فيما أطلقت المضادات الأرضية السورية نيرانها باتجاه الطائرات المغيرة. الملفت أن الطائرات، وفقاً للروايات المتداولة، قدمت من ناحية لبنان في غارتها على ريف حمص؛ والملفت أيضاً أن منظومة الحماية الروسية "إس 300" التي نصبتها روسيا على الساحل السوري قرب قاعدة حميميم الجوية لم تعط ِ أي إنذار للقوات السورية عن الطائرات المغيرة، ما يعني أنها غضت الطرف عن الغارة، إن لم نقل إنها حصلت بضوء أخضر روسي، بعد زيارة نتنياهو إلى موسكو، ما يطرح مجموعة أسئلة عن التنسيق بين إسرائيل وروسيا، في مقابل التباين، إن لم نقل الخلاف الذي بدأ يتصاعد بين إيران وروسيا في سورية، والذي بدأ بالظهور الواضح، اعتباراً من "صفقة حلب" بين روسيا وتركيا.

استهداف إسرائيل "أسلحة حزب الله" في سورية، والإعلان عن ذلك رسمياً في بيان الناطق باسم "جيش الاحتلال"، خلافاً للمرّات السابقة؛ وإطلاق المضادات الأرضية باتجاه الطائرات المغيرة هذه المرة خلافاً أيضاً لكل المرات السابقة، يفتح النقاش على أسئلة كثيرة، قد تتيح المجال لاستقراء المرحلة المقبلة، أو الأيام المقبلة.

قبل أيام، كشف أحد مساعدي قائد الحرس الثوري الإيراني أن بلاده بنت مصانع لإنتاج الصواريخ في لبنان تحت الأرض. وقبلها بمدة، جرى تسريب أخبارٍ عن استلام حزب الله لمجموعة صواريخ متطوّرة من نوع "ياخونت". وبعدها، توعّدت الـ "مليشيات" العراقية التي تقاتل في سورية بفتح جبهة الجولان لمقاتلة إسرائيل، فيما توعّد أمين عام حزب الله في لبنان، حسن نصرالله، في خطابٍ له، بقصف كل أنحاء فلسطين المحتلة، بما في ذلك مفاعل ديمونة النووي. وفي مقابل ذلك، هدّد وزير "الدفاع" الإسرائيلي بتدمير البنية التحتية في لبنان، واعتبر الجيش اللبناني هدفاً في أية حرب مقبلة مع حزب الله، فيما عملت الدعاية الإسرائيلية على تضخيم قدرة حزب الله وخطره العسكري.

وفي مكان آخر، كانت الولايات المتحدة الأميركية الجديدة برئاسة، دونالد ترامب، تضع عدداً من مسؤولي ومؤسسات حزب الله على لوائح الإرهاب، بينما شدّد أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس "على ضرورة الالتزام بالقرار 1701 الذي يحافظ على الهدوء على طرفي الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة"، وأشار إلى أن سلاح حزب الله يهدد الاستقرار في لبنان والمنطقة، فهل يعني هذا كله أن تلك التصريحات والمواقف من كلا الجانبين تمهّد المسرح للحرب المقبلة؟ وماذا عن لبنان فيها؟

المفارقة في كل هذا الجو أن رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال عون، دافع عن سلاح حزب الله في مقابلة له مع تلفزيون مصري قبيل زيارته، أخيرا، إلى مصر، مع علمه بأن هذا السلاح شكّل، على الدوام، مادة خلافية في لبنان، ومنحه غطاءً شرعياً، عندما اعتبر أن الجيش اللبناني لا يملك القدرة الكافية للدفاع عن لبنان أمام أي عدوانٍ إسرائيلي.

ثمّة في لبنان من يبدي الآن قلقه من عدوان إسرئيلي جديد يدمّر البنية التحتية، ويدمّر معها كل الإنجازات، وقد تكون إحدى ارتداداته دخول لبنان في حربٍ أهليةٍ جديدةٍ، نجا منها طوال السنوات الماضية، خصوصا في ظل الانقسام الذي تعيشه الساحة السياسية اللبنانية، وفي ظل حالة التوتر والاحتقان المذهبي الذي تعيشه البلاد على خلفياتٍ وملفاتٍ كثيرة، منها ما يتصل بالأزمة السورية، ويرى هؤلاء أن لبنان لا يحتمل اليوم الوقوف إلى جانب أيٍّ من المحاور المتقاتلة، أو تلك التي تتوعّد بعضها بالقتال.

أمام هذا المشهد الملبّد بالغيوم السوداء، وأمام انسداد أفق الحل السياسي في سورية، وأمام الرسائل التي يتبادلها بعض الأطراف في المنطقة، وفي ظل حالة الاحتقان وحروب الوكالات في أكثر من بلد عربي، يبدو أن لبنان سيكون عرضةَ، أكثر من أي وقت مضى، لدخول حالة الفوضى والحروب التي تجري في المنطقة، خصوصا وأن اللبنانيين لم يتعلموا إلى الآن من شرور حالات الانقسام التي يعيشونها ونتائجها.

اقرأ المزيد
٢٠ مارس ٢٠١٧
جدل معركة الرقة يحدد ملامح الدور التركي مستقبلاً

يكاد مستوى النفوذ والتأثير الإقليميين يعكس عمق انخراط الأطراف الإقليمية والدولية في الأزمة السورية، كما الثقل الدولي لكل منها، فبينما أظهر حجم التدخل العسكري الفاعل لروسيا مدى حرص قيادتها على استعادة دورها الإقليمي ونفوذها العالمي كقوة عظمى، حاولت إيران بتدخلها العسكري المكثف تأكيد حضورها كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها. وبينما تم التدخل العسكري الروسي والإيراني في سورية بتوافق مع نظام الأسد، وفق زعم الأخير، جاء إرسال واشنطن قوات وأسلحة ومعدات أميركية أخيراً لدعم جهود قوات سورية الديموقراطية في محاربة «داعش»؛ من دون تفاهم أو تنسيق مع نظام الأسد.

غير أن الأخير كالَ الاتهامات لكل من واشنطن وأنقرة بانتهاك سيادة بلاده، وطالب الأمم المتحدة بإلزام الأتراك إنهاء «غزوهم». وفي وقت تسعى إيران وروسيا وأميركا وحتى أكراد سورية، إلى تأمين مصالحهم وتعظيم مكاسبهم فى مرحلة ما بعد تسوية الأزمة السورية والقضاء على «داعش»، تبقى تركيا أسيرة قلق بالغ يتملكها بهذا الصدد، كونها لم تُدع للمشاركة في معركتي الموصل والرقة، وهو ما قد يفقدها فرصة حجز مقعد على طاولة المفاوضات التي ستناقش مصير سورية والمنطقة برمتها بعد تسوية الأزمة السورية والقضاء على «داعش». فلطالما برَّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إصراره على التدخل العسكري في سورية برفض بلاده أن تكون «الطرف الغبي»؛ أو «المستضعف» في الأزمة السورية، في وقت تسعى الأطراف كافة لاستغلال فزَّاعة الحرب على «داعش» كمظلة لتحقيق مآربها في سورية والمنطقة.

ومما يفاقم معاناة تركيا أن الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة عسكرياً في سورية، قد بدت وكأنها تلاقت عند تحجيم الدور التركي، ليس في سورية وحدها وإنما على الصعيد الإقليمي ككل. فقد عكف بشار الأسد على تأكيد رفضه أي تدخل عسكري تركي في بلاده. وفي رد منه على دعم أنقرة للمعارضة السورية المسلحة وسعيها لإسقاط نظامه، وبعد ادعائه قصف القوات التركية مواقع لقوات حرس الحدود السورية القريبة من مدينة منبج، طالب نظام الأسد الأمم المتحدة، بإلزام تركيا سحب قواتها «الغازية» للأراضي السورية. وبعدما تحوَّل الأكراد إلى رقم صعب ومهم في المعادلة السورية، أبت قوات «سورية الديموقراطية» إلا رفض الوجود العسكري التركي أو مشاركة أنقرة أو أي قوات موالية لها في معركة الرقة. ولم تتورع قيادة قوات «سورية الديموقراطية» عن تأكيد أن لديها القوة الكافية لانتزاع مدينة الرقة من تنظيم «داعش» بدعم من التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة.

وعلى رغم التقارب الروسي اللافت مع تركيا خلال الآونة الأخيرة، والذي لم يتأثر حتى بحادثة مقتل السفير الروسي لدى أنقرة، نهاية العام الماضي، ثم تأكيد الزعيمين الروسي والتركي خلال قمة سادسة جمعتهما قبل أيام في موسكو قوة التعاون والتنسيق السياسي والعسكري بينهما في شأن سورية، إلى حد وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه بمثابة عودة إلى الشراكة الحقيقية بينهما، ما دفع تركيا إلى طلب تزويدها أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة من طراز «إس 400»، في صفقة ستكون، حال إتمامها، الأضخم والأولى من نوعها لبلد عضو في حلف شمال الأطلسي. لا تبدو موسكو مستعدة للتضحية بعلاقاتها الوثيقة مع إيران والتنسيق الإستراتيجي معها في سورية، كما لا تريد إغضابها أو زيادة حنقها إزاء موسكو بسماح الأخيرة لأنقرة بتعزيز حضورها العسكري والسياسي في سورية. وعلى رغم التنسيق التركي الروسي، الذي قاد إلى تنفيذ صفقة «الباب» لتركيا في مقابل حلب لروسيا ونظام الأسد، إلا أن روسيا تبدو متوافقة مع واشنطن في ما يخص الاعتماد على قوات «سورية الديموقراطية» في محاربة «داعش» ومعركة الرقة، وتحييد القوات التركية أو القوات الأخرى الموالية لها كـ «الجيش السوري الحر»، والبيشمركة الكردية العراقية. فقد استضافت روسيا المؤتمر الكردي، ودعت وحدات حماية الشعب الكردي إلى مفاوضات جنيف، فيما تنسق مع واشنطن ونظام الأسد وأكراد سورية بخصوص العمليات على الأرض. وهو التنسيق الذي تجلى في تسليم مجلس منبج العسكري قرى عدة في ريف منبج إلى نظام الأسد أخيراً، بوساطة روسية. وعلى رغم خلافاتهما، يتفق الجانبان الروسى والأميركي على دعم أكراد سورية سياسياً وعسكرياً، والاعتماد عليهم في محاربة «داعش» خلال معركة الرقة، على رغم تواضع قدرات أكراد سورية، خصوصاً قوات «سورية الديموقراطية»، التي تعتمد بالأساس على الدعم العسكري والتدريبي الأميركي.

ويبدو أن واشنطن تفضل التنسيق مع قوات «سورية الديموقراطية» في محاربة «داعش» على تعاون تركي حذر يستند إلى تحالف استراتيجي هش مع الغرب، لا يمكن للأتراك التنصل منه بسبب احتياجهم الملح له. ومع استمرار أزمة الثقة بين واشنطن وأنقرة، يبدو أن أقصى ما يمكن أن تقدمه إدارة ترامب في ما يخص الجدل في شأن مشاركة القوات التركية في مواجهات منبج أو معركة الرقة، سيقتصر على الحيلولة دون حدوث مواجهات بين القوات التركية وقوات «سورية الديموقراطية». وهو ما قد تضطر تركيا للقبول به، بعدما تجاهلت أميركا مبادراتها لاستبدال أو تحييد الكرد من معركة الرقة، كالاستعانة بقوات «الجيش السوري الحر»، إضافة إلى البيشمركة الكردستانية العراقية في محاربة «داعش»، أو تقديم خطط تتضمن حلولاً بديلة للاعتماد الأميركي على قوات «سورية الديموقراطية»، كالقيام بعمل دولي مشترك ضد «داعش»، كما رفضت واشنطن كذلك المطالب التركية خلال اللقاء الثلاثي لرؤساء أركان تركيا وروسيا والولايات المتحدة، بتقليص اعتمادها على قوات «سورية الديموقراطية».

وعلى رغم هذا الإجماع اللافت من جانب الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الأزمة السورية على تحجيم الدور التركي داخل سورية، تظل تلك الأطراف بحاجة إلى عدم خسارة تركيا أو إقصائها تماماً، لاسيما أن الأخيرة لا زالت تحتفظ بأوراق قوة مهمة مثل حدودها الطويلة الممتدة مع سورية، فضلاً عما بحوزتها من قواعد عسكرية يمكن أن تخدم العمليات الدولية ضد «داعش»، علاوة على نجاح تركيا في الزج بقوات عسكرية على الأرض تقاتل داخل سورية، فضلاً عن تنسيقها مع طيف من القوات الموالية لها من عرب وتركمان وأكراد كالجيش السوري الحر وقوات البيشمركة الكردية العراقية، فضلاً عن القوات التي قامت أنقرة بتدريبها في معسكر بعشيقة من أبناء الموصل العرب والتركمان للدخول إلى المدينة وإدارة أمورها، وهناك أيضاً إمكانية استثمار أنقرة علاقاتها مع عشائر الموصل العربية والكردية والتركمانية الكبرى لتحريك تمرد داخلي ضد «داعش».

ومثلما تحرص أنقرة على الاحتفاظ بتحالفها الإستراتيجي الهش مع واشنطن والغرب، فإنها ستسعى كذلك للتمسك بعلاقاتها القلقة مع روسيا، حيث آثر أردوغان أثناء محادثاته مع بوتين أخيراً؛ تجنب الخوض في ملفات شائكة وأمور خلافية حول سورية، بينما وضع التعاون الاقتصادي على قمة أولويات تلك المحادثات، لاسيما أمن الطاقة واستكمال مشروع خط أنابيب السيل التركي ومحطة أكويو الكهرو- ذرية. كذلك، أعرب أردوغان خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين عن أمله بأن ترفع روسيا العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على تركيا عقب إسقاط الأخيرة قاذفة روسية من طراز سوخوي -24 فوق سورية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، خصوصاً أنه تم استئناف العلاقات رسمياً بين البلدين في آب (أغسطس) من العام الماضي، بعد اعتذار أردوغان وتنفيذه شروط موسكو لطي صفحة هذا الخلاف، على أن يسعى أردوغان بالتوازي لانتزاع تعهد أميركي روسي صريح وصارم بكبح جماح تطلعات أكراد سورية في شأن الاستقلال أو الحكم الذاتي، بعد القضاء على «داعش» والشروع فى إعادة ترتيب الأوضاع داخل سورية.

اقرأ المزيد
١٩ مارس ٢٠١٧
«خطوط حمر» لترامب من سورية إلى... اليمن؟

تعزيز الحضور الأميركي العسكري في سورية بدل المشهد الاستراتيجي في هذا البلد. من المبكر الحديث عن استراتيجية متكاملة واضحة لواشنطن حيال الإقليم. هذا الحضور، وإن ارتفع عدد الجنود على الأرض وأُرسل مزيد من المعدات يبقى رمزياً. لكنه يؤشر إلى سياسة مختلفة عن تلك التي نهجتها إدارة الرئيس باراك أوباما. قد لا يكتفي البنتاغون بألف جندي لإدارة الحرب على «عاصمة الخلافة». قد يعززهم بألف أخرى. وكان وعد بارسال عدد ماثل إلى الكويت ليتيح مرونة أكبر للقيادة العسكرية في تحريك ما يلزم من قوات في إطار الحرب على «داعش» في الموصل والرقة. مثل هذه القرارات يؤكد أن واشنطن تعتمد خيارات مختلفة عن السابق. تريد استعادة دور حيوي ببناء قواعد جديدة للصراع في المشرق العربي، انطلاقاً من الحرب على «تنظيم الدولة» في هاتين المدينتين.

الأموال التي خصصها البنتاغون لفصائل سورية معارضة لم تثمر في بناء جسم عسكري قادر على إمساك مناطق محددة، بخلاف ما فعلته وتفعله إيران طوال السنوات الست الماضية من عمر الأزمة في بلاد الشام. أو بخلاف ما أثمرته العمليات الروسية من تمكين للقوات النظامية من استعادة كثير من المدن والدساكر. لذلك كان لا بد للإدارة الجديدة من أن توقف برنامج المساعدات للمعارضة عموماً. وأن تعتمد خياراً آخر يسهل لها الإمساك بالأرض. عززت قوتها العاملة شمالاً مع «قوات سورية الديموقراطية»، وقد يرتفع عدد جنودها هناك إلى ألفين وأكثر إذا اقتضت الحاجة. وأرسلت مزيداً من المعدات العسكرية. والأهم من ذلك أنها أعلنت بوضوح اعتمادها خيار الإدارة السابقة، أي العمل مع الكرد. يتيح لها هذا بناء منطقة خارجة عن نفوذ باقي اللاعبين في الميدان السوري. لذلك سارعت إلى دخول مدينة منبج رافعة العلم الأميركي على بعد نحو مئتي متر من انتشار قوة روسية، وقريباً من قوات النظام وحلفائه من الميليشيات. وليس بعيداً عن القوات التركية وحلفائها من «الجيش الحر» الذين كانوا ينذرون بالهجوم على منبج. لقد رسمت بوضوح حدودأً لانتشار الآخرين. لا بل رسمت خطاً أحمر لهؤلاء جميعاً. لموسكو وطهران وأنقرة ودمشق. لم يعد ممكناً تجاوز هذا الخط من دون المجازفة بصدام مباشر مع القوة الأميركية.

بات واضحاً أن عودة الولايات المتحدة إلى دور نشط في الإقليم لن يتوافر من دون تدخل عسكري وبناء تحالف قوي مع قوة كردية تحتاج إلى سند دولي لتحقيق أهدافها وإن بحد أدنى من الحكم الذاتي، على غرار ما في كردستان العراق. وهذه لم تكن لترى النور لولا الدعم الأميركي الذي حرم قوات صدام حسين من إعادة إخضاع المنطقة لسلطته كما فعل مع جنوب العراق بعد تحرير الكويت. وتعول إدارة الرئيس دونالد ترامب على هذا الانخراط من أجل تحقيق جملة أهداف. على رأسها بالطبع تفعيل الحرب لإسقاط «عاصمة الخلافة». ثم إطلاق قواعد جديدة لإدارة الأزمة في سورية. والإنطلاق منها لبناء سياسة واعتماد خيارات جديدة لا تقتصر على بلاد الشام بل تتعداها إلى العراق. أي مواجهة النفوذ الإيراني في هذين البلدين. لذلك إن تحويل واشنطن الشمال السوري منصة يمكنّها من الإشراف على جنوب البلاد، وعلى نفطها ومياهها. وعلى جزء من نفط العراق أيضاً. وأبعد من ذلك يمكنها من الإطلال على تركيا، عبر الربط بين «الكردستنانين». ومن ثم توفير خط يصل الرقة بالموصل، ومنها إلى بلاد الرافدين كلها حيث لا يخفي البنتاغون رغبته في تعزيز قواته في هذا البلد بعد تحرير ثاني أكبر مدنه.

يمكن هذه الخطة الأميركية أن تهدد الجسر الذي تقيمه إيران لدعم انتشارها من بغداد إلى شاطىء المتوسط. ولقطع هذا الجسر كلياً والسيطرة على البوابات الحدودية بين العراق وسورية، لا بد من تحريك «جبهة الجنوب» السوري التي تلقت فصائلها دعماً مالياً وتدريباً من البنتاغون ورعاية من الأردن وغيره من قوى عربية. وإذا قدر للأميركيين بالتفاهم مع القوات العراقية وحكومة حيدر العبادي و»البيشمركة» إبعاد الميليشيات عن الموصل، فإن ذلك سيسهل بقاءهم في العراق. ويعزز موقف أهل السنة، الأمر الذي يفاقم الصراع بين مختلف القوى السياسية في بغداد. وهو ما ينهك الجمهورية الإسلامية ويستنزفها. علماً أن قادة «الحشد الشعبي» الموالين لطهران لن يسهلوا للمؤسسة العسكرية استعادة دورها السابق قوة وحيدة في البلاد. بل سيجهدون للحصول على ثمن سياسي. وسيرفضون تسليم سلاحهم بالحسنى. أما في سورية، فإن ما قد يقصر عنه الأميركيون تتولاه إسرائيل، كما فعلت في الغارة الأخيرة وما قبلها. وكان بنيامين نتانياهو واضحاً في زيارته الأخيرة لموسكو: التوكيد على تفاهمات سابقة مع الرئيس فلاديمير بوتين. ومضمونها عدم السماح بتهديد الحدود الشمالية لإسرائيل (الجولان)، وعدم وصول أسلحة نوعية إلى «حزب الله»... ومنع الجمهورية الإسلامية من تعزيز وجودها في بلاد الشام بعد التسوية السياسية. إنها مرحلة جديدة تعتمد فيها الولايات المتحدة الدخول من الأبواب نفسها التي دخلت منها الجمهورية الإسلامية... وبالانخراط الميداني. لا يعني ذلك بالضرورة أنها تعد لمواجهة مباشرة معها. فهي تدرك أن الحرب ستفتح أبواب الجحيم في الإقليم كله، من مياه الخليج إلى مياه المتوسط، مروراً بالمشرق العربي كله. مثلما لا يعني بالضرورة أن طهران راغبة أو قادرة على خوض حرب واسعة في الإقليم، سواء من جنوب لبنان أو في شرق سورية وغرب العراق.

لم تعد الرقة إذاً محور صراع محلي بقدر ما باتت عقدة الصراع الدولي والإقليمي. الموقف الأميركي الجديد سيخلف تغييرات حتمية على الواقع الحالي للأزمة السورية. ويفرض على المعنيين إعادة تموضع. وإلى أن تكتمل تفاصيل المشهد المستجد، من المبكر توقع ثمار من الجولة الثالثة للمفاوضات في جنيف قريباً، وإن أبدت واشنطن تأييدها الصريح لجهود المبعوث ستيفان دي ميستورا. لن يكون حظ هذه الجولة أفضل من اللقاء الأخير في آستانة. هذه المرة لم تثمر الضغوط التركية كما حصل سابقاً. وحتى الغضب الروسي على المعارضة كان ضعيفاً لم يترك أثراً. تبدل المشهد. وهذا ما تدركه قوى في «الائتلاف الوطني» وفصائل على الأرض قد لا ترى أنها ملزمة مثلاً بموقف أنقرة من الكرد الذين على اختلاف قواهم وبينها تلك المنضوية في صفوف «الائتلاف» يرغبون في استقلال إداري لمناطقهم. لذلك اتهمت موسكو طرفاً ثالثاً بعرقلة اجتماع العاصمة الكازاخية قبل أيام، وهي تشير ضمناً إلى واشنطن. حتى تركيا تكاد تسنفد جنوحها نحو روسيا. الرئيس رجب طيب أردوغان كبت حتماً مرارته بعدما دفع الروس قوات من النظام وحلفائه إلى الانتشار في ريف منبج وشرق حلب للحؤول دون تمدد قوات «درع الفرات» جنوباً. بل قد يشعر قريباً بأن موسكو تستغل مواقفه الجديدة وأزمته مع أوروبا ومع واشنطن لتحقيق مآربها. ألم ترسم له هي الأخرى حدوداً لانتشار قواته؟

واشنطن ترسم خطاً أحمر في الرقة قد يمتد بالتأكيد إلى الموصل إذا كان على الرئيس ترامب أن ينقلب على سياسة سلفه التي تركت العراق ساحة لإيران، وسمحت لها بتعزيز حضورها في المشرق العربي كله. إنها الخطوة الأولى، بل الامتحان الأول ولن يكون الأخير. الامتحان الثاني في مواجهة طهران سيكون حتماً في اليمن. لقد أعادت المحادثات التي أجراها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي الجديد الحرارة إلى العلاقات بين بلديهما. وكان اليمن حاضراً بين كم من التفاهمات. وكان سيد البيت الأبيض بادر إثر تسلمه السلطة إلى تعزيز اسطوله في البحر الأحمر. وعبر عن حرصه على أمن حلفائه في الخليج في وجه تمدد الجمهورية الإسلامية. ولا شك في أن الولايات المتحدة في جنوب شبه الجزيرة تعتمد الآن موقفاً مختلفاً. صحيح أنها معنية بمواصلة حربها على «القاعدة» في هذه المنطقة، لكنها ستكون معنية أيضاً بالتعجيل في تسوية سياسية ترفع يد طهران وحلفائها الحوثيين وشركائهم عن صنعاء. وهذا هو الامتحان الثاني أمام الإدارة الجديدة. أي أن عليها أن ترسم خطاً أحمر مشابهاً لما ترسم في الرقة وربما الموصل.

تأتي هذه الخطوات الأميركية فيما لم يكتمل جهاز الإدارة الجديدة بعد. كما أن الكونغرس لم ينخرط في نقاش يتناول عودة التدخل العسكري في الخارج، مهما كان خجولاً. أي أن الاستراتيجية الخارجية لم تكتمل عناصرها. صحيح أن الرئيس ترامب يدفع نحو سياسة مخالفة ليس لسياسة سلفه أوباما الذي عزف عن التدخل تاركاً لروسيا وغيرها كسب مواقع متقدمة في الشرق الأوسط، بل لسياسة الرئيس السابق جورج بوش و»محافظيه» الذين دمرت حروبهم الاستباقية بلداناً وخلفتها لقمة سائغة للآخرين. كما أن سياسة واشنطن حيال الشرق الأوسط لا تتحدد بما ترسمه هي وحدها. الأمر يتعلق أيضاً بباقي القوى في الإقليم لئلا نقول تلك المنتشرة قي سورية والعراق، ومدى قدرتها على مقاومة التوجه الجديد لواشنطن. فلا يخفى على الرئيس ترامب أن روسيا إذا لم يصلها الترياق المنتظر منه، قادرة على تعزيز تحالف قائم على الأرض اليوم، من إيران إلى العراق وسورية ولبنان. فضلاً عن قاعدة ذهبية خبرتها كل الإدارات السابقة قوامها أن التركيز على الجبهة الداخلية لإعادة تحريك الاقتصاد لا يتيح للولايات المتحدة خوض حروب كبيرة في الخارج، بقدر ما يتطلب الأمر تعاونها مع القوى الكبرى، من الصين إلى روسيا. فهل تصمد الخطوط الحمر لخليفة أوباما؟

اقرأ المزيد
١٩ مارس ٢٠١٧
"خرافة" تتحول إلى واقع .. محتلو دمشق ينهارون و يترنحون أمام حملة فاقت التوقع


لبست اليوم الحقيقة دور الاشاعة ، و تجاوز في حدودها الادراك للواقع ، فتحولت دمشق من قلعة الأسد و مليشياته و حلفاءه ، إلى مدينة متهاوية بعد أن تمكن ثوار الغوطة في ساعات قليلة من قلب الصورة تماماً ، و كسر الطوق المحيط بالغوطة الشرقية و اعادت شريانها إلى دمشق .


مرت شهور طويلة عن أحاديث كانت أشبه بـ”خرافة” عن وجود عمل عسكري ضخم قادم باتجاه دمشق ، سيما أن المعطيات و تتالي تساقط المناطق حرباً أو تهديداً ، جعل من قضية اطلاق معركة أشبه بأمر يأتي ضمن المستحيلات .

مع آذان فجر الأمس ، الأحد ١٩/٣ ، وهو اليوم الأول للثورة السورية في عامها السابع ، هز انفجار عنيف جداً أرجاء دمشق قاطبة ، تلاه آخر ، وماهي إلا فترة قصيرة  اشتعلت بعدها السماء و يختلط نور الصباح مع نيران الاشتباكات .

في البداية حاول النظام بكل ما لديه من بروبغندا اعلامية ، من تخفيف من يحدث معتبراً أن الأمر ، أشبه بمسلسل طويل تشهده جهبة جوبر منذ أربع سنوات ، وماهي إلا ساعات و تعود الأمور لمجرايها ، لكن الأمر كان قد خرج عن سيطرته .

و تلا الانفجاريين الذين وقعا فجراً ، فجر جديد للمحاصرين في الغوطة و أقرانهم في أحياء دمشق الشرقية ، القابون و برزة و حي تشرين ، الذين عانوا من شهر و نيف من القصف و التهديم و القتل و التشريد ، ليصل المحاصرون بالغوطة مع نظرائهم في الأحياء الشرقية ، عبر سلسلة من الانهيارات المفاجئة في صفوف قوات الأسد الممثلة بالحرس الجمهوري ، الذي يعتبر اعتى قوات الأسد ، و أشدها تسليحاً ووفاءً له ، من بقايا قواته المتناثرة في بقاع سوريا و المنضوية ضمن مليشيات زبعد ما تكون عن عن مصطلح “جيش”.


بناء الكهرباء فمعل كراش و انكشاف كراجات العباسين و من ثم الانتقال إلى الشط المقابل إلى ما يعرف بمعمل “السيرونيكس” و ما بينهما من المنطقة الصناعية في القابون ، تحولت في مجملها ، من حصون للأسد و حلفاءه طوال السنواات الماضية إلى متاريس للثوار و جسر وصل بينهم.

معركة دمشق اليوم ، التي انطلقت بمشاركة الجميع ( فعلاً و كدور قادم ) و الغالبية العظمى من أبناء الغوطة الشرقية ، كشفت ضعف ووهن قوات الأسد و مختلف المليشيات ، حيث تحولت دمشق خلال ساعات إلى مدينة كهلة منكفأت على ذاتها و ذلك في المناطق الملاصقة للاشتباكات و انتقل إلى الأبعد فالأبعد ، فيما حافظت بعض المناطق المعروفة بشدة ولائها و دعمها و يشكل سكانها غالبية زعمائم الدعم و القيادة للنظام ، على بعض من الحياة فيها ، وسط رعب و خوف من مجهول قد يغير المعادلة بين فينة و أخرى ، و يحول الدفة و يرجح الكفة ، لمن ظن الأسد و روسيا و ايران أنهم في حكم المنتهين ، فيما هم سيكون المنهين للأسد و المحتلين.

اقرأ المزيد
١٩ مارس ٢٠١٧
"اشتباك" في سماء سورية

لم تكن الغارة الإسرائيلية على الأراضي السورية شيئاً جديداً في السياق الميداني خلال السنوات الست الماضية، وخصوصاً أن طيران الاحتلال لم يتوان عن قصف مجموعة من الأهداف، ونفذ عمليات اغتيالٍ لم تحظ بأي رد عسكري، لا من الجانب السوري، ولا من الطرف الذي نفذت ضده عمليات الاغتيال، والمقصود حزب الله الذي خسر عدداً من كوادره في قصف إسرائيلي، غير أن معطى جديداً ظهر بعد الغارة الأخيرة، تمثّل في الرد السوري بصواريخ مضادة للطائرات، وذلك للمرة الأولى منذ بدء مثل هذه الغارات، ما فسّره بعضهم تغييراً في قواعد الاشتباك في السماء السورية، وذهب آخرون إلى أكثر من ذلك، بالإشارة إلى أن دمشق لن تتوانى بعد اليوم عن مثل هذه الانتهاكات الإسرائيلية.

غير أن الأمور لا تسير بالضرورة وفق هذا المعطى، والذي يبدو مرتبطاً باشتباك روسي إسرائيلي، أكثر منه إسرائيلي سوري، وخصوصاً أنه يأتي بعد زيارة بنيامين نتنياهو إلى موسكو، ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، وما رافقه من تسريبٍ حول تفاهم روسي إسرائيلي يتيح لدولة الاحتلال التحرك بحرية في السماء السورية، وهو ما دفع الكرملين إلى الخروج، لنفي مثل هذا التفاهم، وإن كان موجوداً بشكل ضمني طوال السنوات الماضية.

من الواضح أن تسريب هذا التفاهم الضمني، والسعي الإسرائيلي إلى أن يكون علنياً، استفز موسكو ووضعها في موقفٍ محرج مع حلفائها الحاليين، وتحديداً مع إيران التي تعيش معها حالياً حالة من الشد والجذب من ضمن الخلاف حول الأولويات على الأراضي السورية. والنفي السياسي الصادر عن الكرملين قد لا يكون كافياً لنكران وجود مثل هذا التفاهم، فلا بد من حدث عملي على أرض الواقع، يؤكد أن كل ما قيل وتسرب عن لقاء نتنياهو وبوتين ليس له أي أساس حقيقي.

"الاشتباك الجوي" الذي وقع أول من أمس قد يكون عاملاً أساسياً في تأمين هذا النفي عملياً، من دون أي خسائر للطرفين. فمن الواضح أن إعطاء الضوء الأخضر الروسي للرد السوري جاء من دون قصد التسبب بإسقاط الطائرة الإسرائيلية، وإنما إعطاء الانطباع بأن التحرك الإسرائيلي في الأجواء السورية لاحقاً لن يكون من دون رد. وعلى هذا الأساس، لم تكن الصواريخ التي أطلقت على المقاتلة الإسرائيلية من الطراز الحديث، أي "أس 400" التي تقول روسيا إنها نشرتها على الأراضي السورية، بل من طراز "أس 200" التي لم تتمكن من إصابة هدفها. حبك رواية "الاشتباك" تتطلب أيضاً تحركاً إسرائيلياً، وهو ما أمّنته سلطات الاحتلال عبر الإعلان عن إطلاق صواريخ حيتس لاعتراض المقذوف السوري.

قد لا يكون "الاشتباك" مسرحية روسية إسرائيلية بالمطلق، لكنه على الأقل تحرّك روسي أساسي، فإذا لم تكن الغارة الإسرائيلية منسقة مع موسكو، فإن الطرف الروسي استغلها لإثبات براءته من السماح لإسرائيل باختراق الأجواء السورية، وبالتالي، سمح للسوريين أولاً بأن يعلموا بوجود خرق جوي إسرائيلي، وهم الذين لم يكونوا سابقاً يدركون هذا الخرق أو وجود غاراتٍ إلا بعد حدوثها، وأعطى ثانياً الضوء الأخضر لإطلاق القوات السورية الصواريخ المضادة للطائرات، بعد تحديد طرازها، وهو أمر بالتأكيد لم يكن ممكناً بدون هذا الضوء الأخضر.

وسواء كان "الاشتباك" منسقاً بين روسيا وإسرائيل أو مستغلاً من موسكو، فإنه حقق الغرض منه، وهو أقل بكثير جداً من الحديث عن قواعد اشتباك جديدة تفرضها سورية في سمائها المستباحة من كل أنواع الطائرات والتدخلات.

اقرأ المزيد
١٩ مارس ٢٠١٧
مبروك عليك العراق وسوريا ولبنان يا إيران!

قال لي ديبلوماسي وخبير إيراني قبل أشهر كلاماً مؤلماً جداً. قال: «أنتم العرب تزرعون، ونحن الإيرانيين نحصد. ساهمتم كثيراً مثلاً في تدمير العراق، ثم سقط في حضننا كالثمرة الناضجة». أليس في كلامه الكثير من الحقيقة؟ إذاً قبل أن نتباكى على سوريا ولبنان واليمن الآن تعالوا نرى كيف بعنا العراق، وسلمناه لإيران على طبق من ذهب من قبل، وكيف راحت أمريكا تساوم الإيرانيين لا العرب على العراق. والسبب أن السياسة كالطبيعة لا تقبل بالفراغ، وإذا حدث فراغ ما فلا بد أن يملأه أحد، وهذا بالضبط ما فعلته إيران في العراق، فقد وجد الإيرانيون أن بلاد الرافدين أصبحت رزقاً سائباً ينهبه كل من حط بأرض العراق باستثناء العرب طبعاً. لقد كان العرب أول من ذبح العراق، لكنهم أبوّا إلا أن يتركوا الذبيحة للآخرين. ولا اعتقد أن إيران جديرة باللوم أبداً في التهام الذبيحة العراقية، ففي عالم السياسة حلال على الشاطر وليذهب الأغبياء إلى مزبلة التاريخ.

إن المتباكين على سوريا ولبنان واليمن الآن، يجب أن يعرفوا كيف خسرنا العراق كقطر عربي. كفانا تعييراً للعراقيين بالانسلاخ عن أمتهم العربية والاتجاه شرقاً. ماذا تتوقع من شعب شارك العرب في ذبحه من الوريد إلى الوريد، وكانوا سباقين إلى التآمر عليه وحصاره ومنع حتى أقلام الرصاص عن تلاميذه؟ هل تريد من ذلك الشعب أن يهتف باسم العروبة ويصيح: أمجاد يا عرب أمجاد، أم من حقه أن يلعن الساعة التي وُلد فيها عربياً؟

لا أدري لماذا ظن البعض أن العراق عربي لمجرد أنه عضو مؤسس في الجامعة العربية. ألم يكن حرياً بهم أن يعلموا أن تلك العضوية عضوية فارغة وغير قابلة للصرف في أي بنك، وأنها ليست ضماناً بأي حال من الأحوال للحفاظ على عروبة بلاد الرافدين؟ لماذا لم ينتبه أدعياء العروبة والإسلام إلى تلك الحقيقة الساطعة وهي أن العراق يقع عند البوابة الشرقية للعالم العربي، وفي اللحظة التي يختفي فيها حراس تلك البوابة فإن الإيرانيين سيدخلونها فوراً، خاصة وأن العراق يمثل للإيرانيين المدخل الأهم على المنطقة العربية لتصدير ثورتهم. ولو لم يقاتل العراق ثماني سنوات ضد إيران لتم تصدير الثورة الإيرانية إلى العرب بعد أيام فقط من هبوط طائرة الخميني في طهران. لماذا نسي العرب أنهم بذّروا مليارات الدولارات لمساعدة العراق في حربه ضد إيران؟ لماذا لم يلحظوا أن العراقيين الذين عادوا على ظهر الدبابات الأمريكية كانوا في معظمهم من الأحزاب التي رعتها إيران لأعوام كحزبي المجلس الأعلى والدعوة، وهم بالتالي سيتحالفون مع الإيرانيين فيما بعد بشكل طبيعي؟ لماذا لم يعوا أيضاً أن إيران استطاعت أن تخلق لها قاعدة قوية متقدمة في لبنان وسوريا واليمن البعيد عنها جغرافياً؟ وبالتالي كان من السهل جداً عليها أن تفعل الشيء نفسه في حديقتها الخلفية، العراق، خاصة وأن التربة والظروف مهيأة لذلك أكثر من بقية البلدان بمائة مرة بسبب التماس الجغرافي والخلفية الدينية والتداخلات التاريخية بين البلدين والأطماع الإيرانية القديمة.

هل تستطيع أن تـُبعد أكثر من نصف الشعب العراقي عن إيران لمجرد أن جنسيته عربية في جواز سفره؟ بالطبع لا. لقد كان حرياً بالمهتمين بالأمة العربية، إذا كان هناك مهتمون فعلاً، أن يعوا أن الرابط الطائفي قد يتفوق على الرابط القومي في العديد من الدول العربية، خاصة وأن معظم الأنظمة العربية الحاكمة كرست الطائفية والقبلية والعشائرية بدلاً من خلق دولة المواطنة، وبالتالي فمن السهل جداً أن تستقطب هذه الطائفة أو تلك لصالح دولة أخرى كما شاهدنا في العراق ودول عربية أخرى. إن الاصطفاف الطائفي السريع في العراق أثبت كم هي بعيدة دولنا عن مفهوم المواطنة، وكم هي سهلة على الفرز والاستقطاب! لماذا نلوم المائلين باتجاه إيران في العراق إذا كان الآخرون يميلون باتجاه العرب على أساس طائفي أيضاً، علماً أن القوات الغازية لم تدخل العراق من جهة إيران بل عبر أراض عربية سنية؟

ليس من حق أحد أن يلوم العراقيين على الاحتماء بإيران والإصغاء إلى رجال دينها في العراق. ولا أبالغ إذا قلت إن هناك شرائح عربية كثيرة مستعدة للحاق بإيران والانسلاخ عن الدول العربية لو اتيحت لها الفرصة، ليس فقط بسبب التفرقة ضدها في هذا البلد العربي أو ذاك، بل أيضاً لأن الانتماء إلى إيران أصبح أجدى بكثير من الانتماء إلى ما يُعرف بالأمة العربية. فبينما تتسول الدول العربية جمعاء الحماية الأجنبية، وتبذر ثرواتها على أمور سخيفة، وتتآمر على بعضها البعض بطريقة مفضوحة ودنيئة، وتقمع أي حركة مقاومة حرة، وترفع شعار أنا ومن بعدي الطوفان، ها هي إيران تجمع شتات شيعتها من كل أصقاع العالم ليكونوا صفاً واحداً تحت امرتها، وها هي تنافح الغرب بقوتها العسكرية، مع العلم أنها على حدودنا، وتشترك معنا في إرث إسلامي وشرقي واحد.

من يستطيع أن يلوم العراق على الإنضواء تحت اللواء الإيراني بعدما نبذه أبناء جلدته الأقربون وتآمروا عليه، وباعوه بالجملة والمفرّق، وجعلوه يكفر بعروبته؟ لقد كان العراق جزءاً مما يسمى بالوطن العربي لثلاثة أرباع القرن، وقد حاول فعلاً أن يحمل مشعل النهضة العربية بعد أن نجح في القضاء على الأمية تماماً، وأسس صناعة حربية عز نظيرها، وبنى مفاعلاً نووياً، واستثمر المليارات في النهضة العلمية، ونافس الغرب بمستشفياته وأطبائه، لا بل كان يستورد البقدونس بطائرات خاصة من شدة البطر والرفاهية، لكن بعض «أشقائه» مثلاً سهـّل للإسرائيليين مهمة قصف مفاعل تموز النووي الذي وصفه صدام حسين ذات مرة بـ»عز العرب».

أيها العرب، قبل أن تتباكوا إذاً على سوريا ولبنان واليمن التي تساقطت في الحضن الإيراني كالثمار الناضجة، عليكم أن تعرفوا أن الذي باع بغداد لن يشتري دمشق ولا بيروت ولا صنعاء.
الحقيقة مرة أيها العرب، لكنها كالدواء إذا أردتم أن تعالجوا المرض.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان
● مقالات رأي
٣٠ يوليو ٢٠٢٤
التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري 
المحامي عبد الناصر حوشان