معارضة موسكو ... صمتت دهراً ونطقت كفراً
معارضة موسكو ... صمتت دهراً ونطقت كفراً
● مقالات رأي ١ أكتوبر ٢٠١٥

معارضة موسكو ... صمتت دهراً ونطقت كفراً

لم يعد التواجد الروسي على الأرض السورية خافياً على أحد وإن لم تظهر نتائجه بشكل كبير حتى الآن، وهذا ما أشارت إليه عدة تقارير صادرة عن جهات مرموقة من بينها الكونغرس الأميركي الذي يبدو أنه إما مطمئن للتحركات أو غير آبه بها أو قد نال نصيبه من الكعكة.

كان أحد شعارات الثورة السورية أن روسيا شريكة الأسد في قتل السوريين وندد الثوار بالدعم الروسي للنظام كون روسيا من أكبر داعميه بالسلاح والذخيرة، لكن المثير للجدل، وبرأي آخرين أنه ليس مستغرباً، هو صمت معارضة الداخل التي كانت ترى في الكرملين حلاً للمأزق السوري، فقد لبى أعضاؤها عدة دعوات لزيارته متوهمين أن من استخدم الفيتو في مجلس الأمن (فيما يخص فتح ممرات إنسانية للمحاصرين في حمص وغيرها) يسعى حقيقة لإنهاء أزمة السوريين، نعم إنها معارضة داخلية وبامتياز كيف لا وهي تعارض من حضن النظام.

لقد ظلت صامتة على مدى أربع سنوات والروس يرسلون شحنات الأسلحة الواحدة تلو الأخرى لمساندة النظام الذي قتل من السوريين مئات الآلاف ودمر مدناً بأكملها وهجّر أهلها حتى تطور الحال بهم إلى إرسال خبراء عسكريين، وهذا باعتراف النظام والروس على حد سواء لمساعدة القوات السورية في استخدام الأسلحة الروسية الجديدة والمتطورة.

وفي الآونة الأخيرة عمد الروس إلى إرسال مدرعات وجنود إلى الساحل السوري خاصة بعد الخسائر التي مني النظام بها في إدلب وسهل الغاب بريف حماه.

وفي شهادات لمواطنين يقيمون في الساحل السوري يشيرون إلى وجود تحركات غريبة في الموانئ البحرية ليلاً، وأن النظام قد منع المدنيين من الاقتراب من بعض النقاط عدة مرات.

ثم اعترفت وسائل الإعلام الروسية بمقتل أول جندي لها على الأراضي السورية وهو باران البالغ من العمر 22 عاماً في الدفاع عن الأمن القومي الروسي على حد تعبيرها.

إلى أن رصدت الأقمار الاصطناعية الأميركية أماكن تمركز لمدرعات في الساحل السوري بالإضافة إلى تحركات مشابهة في أحد المطارات الساحلية السورية.

كما أعلن الناطق الرسمي باسم جيش الإسلام إسلام علوش عن استهداف مطار حميميم بعدة صواريخ غراد بعد ورود أنباء عن تواجد قوات روسية في المطار، ومن الممكن أن تكون إحدى الدول الحليفة لجيش الإسلام قد زودته بتلك المعلومات خاصة وأن له علاقات قوية مع عدة دول عربية.

وفي تصريحات لمسؤول عسكري من النظام لوكالة رويترز أقرَّ بوصول أسلحة روسية متطورة وأن النظام قد بدأ باستخدامها نافياً أي وجود للقوات الروسية في سورية.

ويعتبر مراقبون أن كل ما يتناقله الإعلام عن مشاركة جنود روس هو لرفع معنويات قوات النظام المنهارة خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تلقتها مؤخراً، فيما يقول آخرون إنها حرب باردة يشرف عليها الروس لفرض وجودهم كقوة مهيمنة مقابل الولايات المتحدة في ظل قرب اجتماعات يحضر لها وستعقد قريباً بين الروس والدول الخمسة الكبرى.

كل هذا وذاك ولازالت المعارضة الداخلية غير مستاءة لما يجري فقد اعتبرت الوجود الروسي هو لمحاربة الإرهاب كما أشار إلى ذلك وزير الخارجية السورية وليد المعلم بقوله إن روسيا تطمح إلى محاربة الإرهاب في سورية ولكنها إلى الآن ليست موجودة على الأرض وقد نطلب منها ذلك إن اقتضى الأمر وهو ما أشار إليه مسؤولون روس بقولهم إن روسيا مستعدة للتدخل إذا ما طلبت الحكومة السورية منها ذلك.

ثم يخرج إلينا رئيس هيئة التنسيق الوطنية حسن عبد العظيم مرحباً بالوجود الروسي على الأرض السورية واعتبر أن ما يقوم به الروس هو للتنسيق مع التحالف الدولي للقضاء على الإرهاب في سورية مشيراً إلى أن الولايات المتحدة التي تقود التحالف قد نجحت في حل الملف النووي الإيراني وبالتالي فإنها قادرة على حل الأزمة السورية، متعامياً عن كل ما تم ذكره من مساهمة الروس في قتل الشعب السوري بدءاً بمرحلة الدعم اللوجستي إلى التدخل المباشر.

لم يتفاجأ السوريون بهذه الصفاقة السياسية فلطالما اعتادوا عليها من هذه الشخصيات التي اختلقها النظام لإفساد ثورة الشعب حينما فشل في قهرها بقوة السلاح.

لأن هذه المعارضة ومن أبرزها هيئة التنسيق الوطنية لا تطالب صراحة بإسقاط نظام بشار الأسد بل تدعو للحوار معه للتوصل إلى مستقبل أفضل لسورية، ولا تقبل الهيئة بحمل السلاح في وجه آلة القتل الأسدية بل من أهم مبادئها كما تدعي: السلمية (أي سلمية وقد قتل من يعارضون من حضنه العباد ودمر البلاد)، كما أنها لم تقبل الانخراط في جسم المعارضة الأول الذي تمثل بالمجلس الوطني متذرعةً بأن أحداً لم يدعها للانضمام وهذا ما نفاه رئيس المجلس الوطني السابق برهان غليون.

ومروراً برندة قسيس رئيسة حركة المجتمع التعددي السورية التي لم تكن ترى في الروس عدواً أساساً بل وصفتهم بأنهم يريدون المحافظة على كيان الدولة والجيش بغض النظر عن بقاء الأشخاص وهذا ما تكذبه وقائع متعددة أظهرت تمسك الروس بالأسد وكما تدعو قسيس إلى الفدرالية في سورية لنظرتها القاصرة للمكون السني وأنه لا يمكن التعايش معه.

وبعد الضربات التي نفذها الطيران الروسي في ريفي حمص وحماة وما تسبب به من قتل عشرات المدنيين لا يبقى شك أن كل من رحب بهذا التدخل وكل من حاور الروس وهادنهم أو أبدى لهم الود والرضى هو شريك بالقتل ومن حق الشعب أن يستبعده ولا يقيم له وزناً.

فيا ليت معارضة الداخل أو معارضة الفودكا كما يحب بعضهم أن يطلق عليها بقيت صامتة حيال التدخل الروسي ولم ينطبق عليها المثل القائل: صمت دهراً ونطق كفراً.

المصدر: السورية نت الكاتب: عبد الرحمن خضر
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ