
اذا لم يكن حزب الله و الحرس الثوري إرهابيين .. فنحن من "العتاة"
تتكثف حاليا الاتصالات بين الدول المعنية في الشأن السوري لتأسيس أول و أهم بند ، في قرار مجلس الأمن الذي اتخذ الجمعة ، و الذي على ضوئه تم تحديد خارطة طريق الحل في سوريا ، وفق رؤية دولية موحدة ، مقلمة الأظفار بعد وضعها تحت البند السادس من ميثاق المجلس.
و من بين البنود الرئيسية ، و ذات الشكل الأساسي ، هي تحديد الجهات أو الجماعات أو الفصائل التي لن تكون معنية بطريق الحل الموضوع ، و ستكون خارج مراحل وقف اطلاق النار ، وطبعاً بعيدة عن الدخول في الحكم و تولي أي دور في سوريا المستقبل ، اذ ستكون هدفاً مشروعاً للجميع حتى إنهائها.
و لم يكون هناك أي شك بأن تكون القاعدة الممثلة بـ"جبهة النصرة" في قائمة ما اصطلح عليه "المجموعات الارهابية " ، إلى جانب "داعش" ، وكذلك من اتخذ منهجاً واضحاً و صريحاً اتجاه الوجه المستقبلي لشكل الدولة في سوريا ، و الفيصل هل هي دولة مدنية أم خلافة أو امارة.
لكن الخلاف لم ينبع حول هذه الفصائل ، في شأن الطرف المواجه لبشار الاسد و نظامه ، إنما تعلق ببعض الفصائل الأخرى كحركة أحرار الشام و بعض من ينتمي لذات التيار الاسلامي "المعتدل" نسبياً ، ولازالت المناقشات تدور حولها.
و النقطة الأساسية في هذه القائمة ، و التي تعتبر النقطة الأكثر خلافاً ، وهي وضع المليشيات المساندة للأسد ( العراقية و الأفغانية و الباكستانية ..)و بالتأكيد اللبنانية كحزب الله و حركة أمل و حزب البعث اللبناني ، و الحرس الثوري الإيراني و .... و..... .
فهذه الأسماء عليها محصنة بـ" فيتو" قوي و حاسم ، بعدم وضعها على تلك القائمة ، وهذا ما ظهر جلياً بعد تقديم القائمة المبدئية من الأردن (المسؤولة عن التنسيق بين الدول بشأن القائمة) ، فالاعتراض الايراني كان حاداً و حتى اللبناني ، الذي رأى أن وضع الثلاثي اللبناني (الحزب – أمل – البعث) فيه نوع من الاهانة للبنان ، كون الثلاثة المذكورين ، هم من صلب الدولة و الحكومة اللبنانية ، فكيف يكونوا ارهابيين ، وحاكمين بلد مجاور !؟
الاستعراض الهادئ لتسلسل الأمور ، يدفع لطرح آلاف الأسئلة ، أبرزها : إذا لم يصنف حزب الله و الحرس الثوري و باقي المليشيات التي يصل عددها لقرابة الـ ٥٠ ، كإرهابيين ، و لم يعدوا على رأس القائمة المطلوب اعدادها و مواجهة المذكورين فيها ، فهل ستكون هناك رد فعل طبيعي من بقية الفصائل التي نجت من القائمة و تتقبلهم كشركاء في مواجهة ، من كانوا بالأمس "أخوة السلاح" !!؟
أمر استبعاد المليشيات الشيعية وارد و بقوة ، لا بل قد يكون قد تم بشكل نهائي بعد سحب المسودة الأولية من التداول ، لتغييرها بما يسعد و يريح داعمي الأسد ، فهذه الخطوة وحدها ستكون كافية لنسف وجود أي تطبيق لقرارات مجلس الأمن بما فيها الأخير .
وهذا سيكون له رد فعل سبق و أن تحدث عنه العقلاء من المعارضة السورية ، و الذين آثروا المشاركة في مؤتمر "الرياض" ، كسد الذرائع ، فاليوم المخالفين على الأرض قد يكونوا قلة ، و لكن ما إن صدر الإلغاء الفعلي لوجود المليشيات الشيعية بشكل كامل أو حتى بشكل جزئي ، فإن أقلية المعارضين ، ستتحول إلى أكثرية ساحقة ، و يتحول الجميع إلى "عتاة" الإرهابيين (بنظر العالم الخارجي طبعاً) ، الذين لن ينفع معهم كل أساليب الوأد ، ومن جديد أكرر "داعش ستكون ماضٍ جميل أمام القادم".