قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" إن "الحرب في سوريا" يُعتبر الصراع الأكثر دموية بالنسبة للفاعلين في الحقل الإعلامي.
وأكدت المنظمة أن أمام خطر الموت الذي تنطوي عليه تغطية حرب أودت بحياة 400 ألف شخص حتى الآن، وما يصاحب ذلك من قمع عنيف على يد سلطة استبدادية وجماعات مسلحة متطرفة، دفع الصحفيون السوريون ثمناً باهظاً للغاية، شأنهم في ذلك شأن معظم مكونات الشعب السوري.
ولفتت المنطقة إلى أنه منذ عام 2011، وثقت مراسلون بلا حدود مقتل ما لا يقل عن 300 من الصحفيين، المحترفين منهم وغير المحترفين، سواء بسبب تواجدهم في بؤر تبادل إطلاق النار أو لاغتيالهم على أيدي طرف من أطراف النزاع في سياق تغطيتهم للأحداث الجارية على الميدان، مضيفة أن أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان تشير إلى حصيلة أفظع بكثير.
وأضافت المنظمة: في تقرير صادر عام 2020، قدرت هذه المنظمة المحلية عدد القتلى بما لا يقل عن 700، دون أن يتسنى تأكيد هذه الأعداد حتى الآن، في ظل صعوبة الوصول إلى المعلومات والتعتيم التام الذي تفرضه السلطات والجماعات المتطرفة على الانتهاكات والفظائع المرتكبة في هذا السياق.
وأردفت المنظمة: يُقدَّر عدد الصحفيين المعتقلين والمحتجزين وأيضاً المختطفين بالمئات، وبحسب أرقام المركز السوري للإعلام، شريك منظمة مراسلون بلا حدود في البلاد، فقد رُمي في السجون أكثر من 300 صحفي وخُطف ما يقرب من مائة منذ عام 2011، علماً أنه هذه التقديرات لا تزال قيد التحقق.
وأشارت المنظمة إلى أن نظام الأسد وأجهزة مخابراته هو الجهة المسؤولة في الأصل عن الاعتقالات خلال العامين الأولين من الحرب، حيث أدى تشرذم البلاد إلى ظهور أعداء جُدد للصحفيين.
كما أشارت المنظمة إلى مسؤولية "الجماعات الجهادية" مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة عن عدد من حالات الاعتقال، منوهة إلى أن المواطنة الصحفية رزان زيتونة اختُطفت في ديسمبر/كانون الأول 2013 بمدينة دوما التي كانت آنذاك تحت سيطرة جماعة جيش الإسلام.
وشددت المنظمة على أن القوات الكردية ليست استثناء في هذا الصدد، حيث ثبتت مسؤوليتها عن ثلاث عمليات خطف في الأشهر الأولى من عام 2021 فقط.
وأكدت المنظمة أن نحو مائة من الفاعلين الإعلاميين المحتجزين أو المختطفين لا يزالون في عداد المفقودين، حيث انقطعت أخبارهم تماماً عن أسرهم، علماً أن الصحفيين الأجانب ليسوا استثناءً، ذلك أن مصير الأمريكي أوستن تايس، مثلاً، لا يزال مجهولاً منذ اختفائه في أغسطس/آب 2012.
وفي ظل انعدام أية معلومات عنهم، يُفترض أن بعض الصحفيين قد تم إعدامهم أو فارقوا الحياة تحت التعذيب، وفي بعض الأحيان، تتثبت الأسر من صحة وفاة أبنائها عندما يؤكد سجناء مُفرج وقوفهم شاهدين على وفاة الصحفيين المعنيين أمام أعينهم داخل الزنزانة، إذ نادرًا ما يحصل الأقارب على تأكيد رسمي بالوفاة.
ولفتت المنظمة إلى أن نظام الأسد لم يبدأ في إصدار شهادات وفاة رسمية إلا مؤخرًا، إذ لم تحصل زوجة الصحفي جهاد جمال (المعروف باسم "ميلان") على تأكيد بوفاته حتى مطلع 2020، وهو الذي زُج به في السجن عام 2012، وقد أشارت شهادة الوفاة إلى أنه فارق الحياة قبل أربعة أعوام في سجن صيدنايا العسكري، الذي تصفه المنظمات غير الحكومية بأنه "مسلخ بشري".|
وأردفت المنظمة: ينطبق الشيء نفسه على المواطن الصحفي علي عثمان، الذي لعب دورًا رئيسيًا في دعم الصحفيين الأجانب في حمص. فقد اعتُقل في 2012، لكن عائلته لم تحصل على وثيقة رسمية من السجل المدني إلا في مطلع 2019، حيث تشير إلى وفاته داخل السجن مع شقيقه إبراهيم في 2013.
ونوهت المنظمة إلى أن مئات الصحفيين ذهبوا إلى المنفى هربًا من الاعتقالات والموت المحقق، مما أفرغ البلاد من الأصوات الإعلامية.
وأوضحت المنظمة أن وتيرة النزوح اشتدت خلال العامين الأخيرين مع سيطرة حكومة بشار الأسد على مساحات كاملة من الأراضي، وتقدم القوات الموالية لها نحو آخر الجيوب التي ظلت خارج سيطرة دمشق.
وذكرت المنظمة أنها تدخلت في عام 2018 وشريكها المحلي المركز السوري للإعلام لإيواء حوالي ثلاثين من الفاعلين الإعلاميين الذين كانوا في حالة طوارئ، تحسباً لسقوط مدينة درعا، وخطر ارتكاب أعمال انتقامية ضد الصحفيين الذين ظلوا مرابطين هناك.
وختمت المنظمة بأن سوريا لا تزال البلد الأكثر استفادة من دعم منظمة مراسلون بلا حدود، التي منحت مساعدات مالية وقدمت التدريب اللازم لأكثر من 250 صحفيًا سوريًا و26 وسيلة إعلامية سورية في غضون 10 سنوات، قائلة إن العشرات من الصحفيين لا يزالون حتى يومنا هذا يواجهون خطراً كبيراً في محافظة إدلب، شمال غربي البلاد، وهي آخر الأراضي التي ما زالت تحت سيطرة هيئة تحرير الشام "الجهادية المتطرفة".