وزير الدفاع يرفض اقتراح "قسد" تشكيل كتلة عسكرية مستقلة ويتهمها بـ "المماطلة"
نقلت وكالة "رويترز" عن وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، يوم الأحد، رفضه القاطع لمقترح "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بتشكيل كتلة عسكرية مستقلة ضمن الجيش السوري الجديد. وأشار الوزير إلى أن قيادة "قسد" تتباطأ في التعامل مع هذا الملف.
وفي تصريح من مقر وزارة الدفاع بدمشق، قال أبو قصرة: "نقول إنه يمكنهم الدخول ضمن وزارة الدفاع في إطار هيكليتها، ويتم توزيعهم عسكريًا، وليس لدينا مشكلة في ذلك"، لكنه أضاف: "أما أن تبقى كتلة عسكرية مستقلة ضمن مؤسسة كبيرة مثل وزارة الدفاع، فهذا أمر غير صحيح".
وتوجه الوزير بالاتهام إلى قيادة "قسد" بالمماطلة في المفاوضات المتعلقة بالاندماج في الجيش السوري، مشيرًا إلى أن دمج "قسد" ضمن هيكلية وزارة الدفاع هو "حق للدولة السورية". وأضاف أن عملية دمج قوات "قسد" لا تزال تشكل تحديًا، رغم أن الولايات المتحدة تعتبر "قسد" حليفًا رئيسيًا في محاربة تنظيم الدولة، بينما ترى تركيا فيها تهديدًا لأمنها القومي.
وأوضح الوزير أن من أولويات الحكومة الجديدة، منذ توليه منصب وزير الدفاع في 21 ديسمبر الماضي، دمج الفصائل السورية التي كانت تقاتل ضد نظام الأسد ضمن هيكل قيادة موحدة، وقال إنه يأمل في إنهاء هذه العملية بحلول الأول من مارس المقبل، وهو الموعد المقرر لانتهاء ولاية الحكومة الانتقالية.
وفيما يتعلق بالانتقادات التي تشير إلى أنه لا ينبغي للمجلس الانتقالي إجراء تغييرات جذرية في البنية العسكرية، ردّ أبو قصرة قائلًا: "المسائل الأمنية" دفعت الدولة الجديدة إلى إعطاء الأولوية لهذا الملف، مؤكدًا: "نحن في سباق مع الزمن، وكل يوم يُحدث فرقًا".
وخلال الأسابيع الماضية، عقدت السلطات الجديدة سلسلة من الاجتماعات مع أكثر من 60 تشكيلًا عسكريًا، وتم التوافق على ضرورة انخراط جميع التشكيلات ضمن هيكلية الوزارة الجديدة. كما عقد وزير الدفاع 47 جلسة مع قادة وضباط من مختلف الفصائل.
وتعمل الوزارة حاليًا على تشكيل اللجنة العليا لتنظيم بيانات القوات المسلحة، التي تهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات متكاملة تشمل الموارد البشرية (ضباط، صف ضباط، أفراد وكوادر أكاديمية)، إضافة إلى الأصول العسكرية (الآليات، التقنيات، الثكنات، السلاح) وتنظيم البيانات لرفعها إلى وزارة الدفاع.
ومن المتوقع أن تعقد جلسات جديدة بعد الانتهاء من عمل اللجنة العليا لتثبيت الهيكلة الجديدة وتعيين القيادات، كما سيتم تشكيل لجنة خاصة لكتابة النظام الداخلي لوزارة الدفاع السورية.
"عبدي" يرفض تسليم سلاح "قسد" ويُعلن عن مساعي للانخراط في جيش سوريا المستقبل
أكد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، أن قواته لن تسلم سلاحها ولا تحل نفسها، مشيراً إلى أنها تسعى للانخراط في جيش سوريا المستقبل، وحذر من أن أي طريق غير التفاوض بشأن دمج القوات في وزارة الدفاع قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة.
وفي مقابلة مع "العربية/الحدث"، أوضح عبدي أنهم لم يتم دعوتهم إلى اجتماع دمج الفصائل في وزارة الدفاع، مشدداً على أن نتائج اجتماع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع بالفصائل لا تعنيهم لأنهم لم يكونوا جزءاً منه، واقترح عبدي تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لدراسة موضوع دمج القوات، موضحاً أنه ضد فكرة وجود جيشين في سوريا.
العلاقة مع القيادة السورية
فيما يخص العلاقة مع قيادة الإدارة السورية الجديدة، أشار عبدي إلى أن هذه العلاقة تُحددها الأفعال لا الأقوال، كما أكد على أهمية وجود القوات الأميركية في سوريا لتقريب وجهات النظر، وعن تسليحهم، أكد عبدي أن إيران لم تزودهم بطائرات مسيرة، مشدداً على أنهم لا يحتاجون إلى أسلحة من إيران.
وكان التقى "مظلوم عبدي" قائد ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، يوم الخميس 16 كانون الثاني، برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، في مقر “سري رش” بصلاح الدين بإقليم كردستان. اللقاء جاء بعد تلقي عبدي دعوة رسمية نقلها المبعوث الخاص، حميد دربندي، أثناء زيارة إلى مدينة الحسكة.
ووفقًا لمصادر مطلعة، وصل عبدي إلى مقر اللقاء على متن طائرة مروحية عسكرية أمريكية، حيث استمر الاجتماع لمدة ساعة. وتركزت النقاشات على مستقبل الأكراد في سوريا، وكذلك التطورات السياسية والعسكرية في المنطقة.
تفاصيل النقاشات: اتفاقات معلقة وخلافات مستمرة
أكد المصدر أن مسعود البارزاني شدد على ضرورة توصل "قسد" والمجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) إلى تفاهم يسمح لهما بالدخول إلى الحكومة السورية الجديدة كقوة موحدة، كما أبدى استعدادًا للعب دور الوسيط بين الطرفين وقائد العمليات العسكرية المشتركة في دمشق، أحمد الشرع.
في المقابل، أبدى مظلوم عبدي تحفظه على التعامل مع المجلس الوطني الكردي كقوة عسكرية، مؤكدًا أن العلاقة معهم يجب أن تظل ضمن إطار التنظيمات المدنية فقط، وأضاف عبدي أن أي اتفاق مع الحكومة السورية الجديدة يجب أن يتضمن تحديدًا واضحًا للصلاحيات والحدود، بما يضمن الحفاظ على سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وهيكليته الإدارية الحالية.
السلام مع تركيا: شرط وقف الهجمات أولاً
حث البارزاني عبدي على دعم عملية السلام مع تركيا والانخراط فيها بشكل إيجابي، ولكن عبدي أكد أن المشاركة في هذه العملية مشروطة بوقف "الاعتداءات التركية" المستمرة، خاصة على جبهة سد تشرين، حيث تتصاعد التوترات العسكرية بين الطرفين.
علاقات مضطربة وضغوط أمريكي
يُذكر أن العلاقات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني ومظلوم عبدي، الذي ينتمي إلى حزب العمال الكردستاني (PKK)، اتسمت بتوترات ملحوظة على مدار السنوات الماضية، وفقًا للمصادر، سبق أن رفض البارزاني استقبال عبدي في مقره بصلاح الدين رغم الضغوط الأمريكية المتكررة لإجراء لقاءات مباشرة.
بيان رسمي عن مقر بازاني
ذكر بيان صادر عن مقر الرئيس مسعود بارزاني، أن اللقاء بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، تناول الأوضاع في سوريا وآخر التطورات الأمنية والسياسية. كما تم التباحث حول الإطار العام لتعامل القوى الكردية مع الوضع الجديد وكيفية اتخاذ موقف مشترك للأحزاب الكردية في سوريا.
وأفاد البيان أن اللقاء تم التأكيد خلاله على ضرورة أن "تقرر الأحزاب الكردية في سوريا مصيرها دون تدخل أي طرف آخر، وبالطرق السلمية، بما يضمن حقوقها في الوحدة والتضامن المشترك مع حكام سوريا الجدد للوصول إلى التفاهم والاتفاق".
أضاف البيان أن الهدف هو أن تكون القوى الكردية عاملاً في "الأمن والسلام والاستقرار"، وأن تعمل على "منع تكرار المآسي التي حلت بالشعب الكردي والمكونات الأخرى في سوريا".
وكان هوشيار زيباري، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، قد أعلن في وقت سابق من الخميس أن الرئيس بارزاني والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، عقدا اجتماعًا في أربيل، عاصمة إقليم كردستان.
وفي تدوينة له على منصة "إكس"، قال زيباري إن "اللقاء الذي عقد اليوم في أربيل بين الرئيس مسعود بارزاني وقائد قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا يعد إنجازًا كبيرًا لتعزيز الوحدة الكردية، وتمكين الحكام السوريين الجدد في دمشق من تحقيق انتقال سياسي سلس".
وسبق أن دعا عبدي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الالتزام بالقرارات الصادرة في عام 2019 التي تتعلق بوقف الهجوم التركي على الأراضي السورية، كما دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الاحتكام للعقل ونشر السلام، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وأمنها. وأضاف عبدي أنه يجب على السوريين العمل معًا لبناء سوريا جديدة وتحقيق الاستقرار.
وفي وقت سابق، أعلن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، في تصريحات صحفية حديثة، عن استعداد قواته لتسليم النفط لحكومة تصريف الأعمال في دمشق، مشيرًا إلى أنه في حال حدوث ذلك يجب أن يتم توزيع الثروات بشكل عادل بين جميع المحافظات السورية.
وأكد عبدي أن المشاورات مع قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، كانت إيجابية، مشيرًا إلى أن اندماج "قسد" في الجيش السوري وتسليم سلاحها سيكون ممكنًا إذا تحقق وقف شامل لإطلاق النار.
وفيما يتعلق باللامركزية في الشمال، أكد عبدي في مقابلة تلفزيونية مع "الشرق"، أن مطالب الأكراد لإدارة لامركزية في مناطق شمال شرق سوريا لا تتعارض مع وحدة البلاد، بل هي الخيار الأنسب للواقع السوري الحالي.
وأوضح أن المطالب تتعلق بـ "لامركزية جغرافية" وليس على أساس قومي، مشددًا على أنه لا يسعى لقيام برلمان أو حكومة منفصلة، بل لربط المؤسسات العسكرية والمدنية الكردية مع الإدارة السورية الجديدة بشكل يحافظ على خصوصية المكوّن الكردي.
وأشار عبدي إلى أن الوضع في سوريا يختلف عن حالة إقليم كردستان العراق، حيث أكد أن "قسد" لا تطالب بالفيدرالية في الوقت الحالي. وأعرب عن انفتاحه على تسليم ملف الموارد النفطية للإدارة المركزية بشرط أن يتم توزيع هذه الثروات بشكل عادل على جميع المحافظات السورية.
حول مصير "قسد"، قال عبدي إن السيناريو الأفضل لسوريا يتمثل في اتفاق جميع السوريين حول الدستور، والتعاون على بناء سوريا جديدة عبر حل وسط، مؤكدًا أن أسوأ السيناريوهات هو غياب الثقة بين السوريين وتدخل الدول الإقليمية، مما قد يعيد الوضع إلى المربع الأول. كما أكد عبدي أن "قسد" مستعدة للاندماج مع وزارة الدفاع السورية ككتلة عسكرية، مضيفًا أن ذلك سيكون ضمن القوانين والضوابط، ولكن الاندماج لن يتم على مستوى الأفراد.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع تركيا، أوضح عبدي أن اندماج "قسد" في الجيش السوري وتسليم سلاحها سيكون ممكنًا في حال تم التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وتوفرت الظروف الأمنية اللازمة. وأكد أنه لا أفق للسلام في الوقت الحالي بسبب الهجمات التركية المستمرة على المنطقة. وأشار إلى مساعي "قسد" لوقف إطلاق النار مع أنقرة، متهمًا تركيا بالإصرار على معارضة "الوجود الكردي" على حدودها.
رفض المشروع الانفصالي في سوريا
وشكل سقوط نظام الأسد، ضربة موجعة لميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية، التي وجدت نفسها في مواجهة مع "إدارة العمليات العسكرية" التي ترفض السماح لأي مشروع انفصالي في البقاء ضمن الإراضي السورية، فكانت عملياتها لتحرير باقي الأراضي السورية من سيطرة "قسد"، وتمكنت من طردها من مناطق الشهباء ومنبج ومدينة دير الزور وريفها، وسط استمرار المعارك مع مكونات الجيش الوطني السوري في عين العرب ومناطق شرقي سوريا.