فرار جماعي لضباط النظام باتجاه الساحل .. مطاري "التيفور والشعيرات" خارج سيطرة الأسد
نقلت وكالة "رويترز" عن ضابط سوري رفيع، أن قادة الجيش والأمن التابعين للنظام غادروا بمروحيات من قاعدة الشعيرات العسكرية في حمص إلى الساحل، سبق ذلك سلسلة انسحابات سريعة من عدة قواعد عسكرية استراتيجية بريف حمص، منها مطار التيفور، في حين تفصلنا ساعات قليلة عن إعلام تحرير مركز المدينة.
ويقع "مطار الشعيرات"، في ريف حمص الجنوبي الشرقي مجهز بمدرجين وقرابة أربعين حظيرة إسمنتية للطائرات، وهو أحد خمسة مطارات رئيسية استخدمها النظام خلال السنوات الماضية لتقل الشعب السوري ونشر الموت في مدنه وبلدته.
ويضم مطار الشعيرات طائرات ميغ 23 وميغ 25 وسوخوي22 وسوخوي 25 القاذفة، كما يتضمن دفاعات جوية من نوع صواريخ سام 6، ورادارات، وتقام في هذه المنشأة عروض عسكرية وتدريبات على الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وتضم الفرقة 22-اللواء 50 جوي مختلط، وكان المطار منطلقا للغارات الجوية التي تستهدف مواقع في حمص وحماة وإدلب.
ويحتوي المطار على عدد كبير من مقاتلات ميغ 23 وميغ 25 وسوخوي 25 القاذفة، وتحط مقاتلات عسكرية روسية في المطار منذ أواخر العام 2015، وفي ديسمبر/كانون الثاني من العام نفسه -أي بعد أسابيع من بدء روسيا تدخلها العسكري المباشر في سوريا– ذكرت وكالات أنباء أن موسكو عززت المطار ببناء مدرج إضافي قبل أن تبدأ باستخدامه.
وقد استخدمت موسكو مطار الشعيرات لتنفيذ هجمات على تنظيم الدولة الإسلامية في تدمر، وفي سبتمبر/أيلول 2016 وفي مارس/آذار 2017 نشرت روسيا في المطار مروحيات هجومية من طراز ميغ 26 هافوك وطائرة نقل عسكري وقوات عمليات خاصة.
وكانت قصفت الولايات المتحدة الأمريكية في 7 أبريل/نيسان 2017 مطار الشعيرات بـ59 صاروخا من نوع توماهوك المجنحة انطلاقا من مدمرتين أميركيتين تبحران في شرق البحر المتوسط.
وقد أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتوجيه ضربة عسكرية في سوريا ردا على الهجوم بالغاز السام على مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي في 4 أبريل/نيسان 2017، والذي تقول واشنطن إن الطائرات التي استخدمت في الهجوم الكيميائي انطلقت من هذا المطار. وأودت مجزرة خان شيخون بحياة 84 وأصيب فيها أكثر من خمسمئة.
واستهدفت الضربة الجوية الأميركية مقاتلات سورية رابضة في المطار وحظائر طائرات ومناطق لتخزين الوقود والإمدادات اللوجستية ومخازن للذخيرة وأنظمة دفاع جوي وأجهزة رادار، وقالت واشنطن إنه لم تصب في الغارات أي طائرات عسكرية روسية، وإنها أخطرت القيادة الروسية قبل تنفيذ الغارات.
وقال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن واشنطن اختارت استخدام سلاح صواريخ توماهوك المجنحة لضرب مطار الشعيرات لأن الصواريخ تطير على ارتفاع ثابت، وهو ما يجعل منظومة صواريخ 300 وصواريخ أس 400 التي نشرتها روسيا في سوريا غير فعالة للتصدي للصواريخ الأميركية.
وسبق أن أكدت مصادر عسكرية متطابقة، اليوم السبت 7 كانون الأول 2024، أن قوات النظام بدأت الانسحاب تدريجياً من "مطار التيفور العسكري"، الذي يعدّ من أكبر المطارات العسكرية في سوريا، والواقع بريف محافظة حمص الشرقي، مع تهاوي مواقع النظام تباعاً بريف حمص الشمالي والشرقي.
ويقع مطار التيفور T4، واسمه الحقيقي "طياس"، في منطقة صحراوية إستراتيجية بريف محافظة حمص الشرقي على بعد ستين كيلومترا شرق مدينة تدمر الأثرية، وتوجد حوله عدد من حقول الغاز الرئيسية في سوريا ولطالما نقل الموت لجميع السوريين في مختلف المحافظات عبر طائراته الحربية وآلة قتله.
ويحتوي مطار تيفور، التابع للقوات الجوية السورية، على 54 حظيرة إسمنية وثلاثة مدارج، واحد رئيسي ومدرجان ثانويان، طول كل منهم يقارب ثلاثة كيلومترات. ويحتوي على أنواع مختلفة من الطائرات بعضها حديثة مثل "ميغ 29" و"ميغ 27″ و"سوخوي 35".
كما يحوي أسرابا عدة للطائرات حسب نوعها، فالسرب الأول والخامس من نوع ميغ 25، والثاني طائراته من نوع SU-22-M-4، وسرب آخر طائراته من نوع SU-24MK، كما يحتوي على سرب احتياطي مكون من 24 طائرة مجهّزة في أي لحظة للتحليق الفوري من المدرج الاحتياطي الفرعي.
ويوجد داخل المطار دفاعات جوية ورادارات قصيرة التردد المحمولة على سيارات، وقرابة 136 آلية عسكرية بينها دبابات متطورة طراز "تي 82"، ويعد المطار من أكبر المطارات العسكريّة في سوريا، وموقعه ذو أهمية إستراتيجية لقربه من العراق.
اوستحوذ الاتحاد السوفياتي سابقا على مطار تيفور العسكري منذ السبعينيات والثمانينيات بحجة استخدام القاعدة الجوية الموجودة فيه، وبعد الثورة السورية عام 2011، استخدم النظام السوري وحلفاؤه الإيرانيون هذا المطار لشن هجماتهم العسكرية على مناطق المعارضة السورية في مختلف المناطق السورية، وتشير بعض المصادر إلى أن الإيرانيين يستخدمون أجزاء من المطار قاعدة عسكرية لطائرات مسيرة.
وكان سيطر تنظيم الدولة في ديسمبر/كانون الأول 2016 على كتيبة الدفاع الجوي بمطار تيفور بعد أن حاصر المطار من ثلاث جهات، ودمر ثلاث طائرات حربية تابعة للنظام كانت رابضة داخل المطار.
وقال تنظيم الدولة حينها إنه استحوذ على 30 دبابة و6 ناقلات جنود و6 مضادات طيران عيار 122 ملم، و7 مضادات طيران عيار 23 ملم، و4 مستودعات أسلحة خفيفة وذخائر، وكميات كبيرة من مضادات الدروع، وفي عام 2017 أعاد النظام وحلفاؤه السيطرة على المطار بعد تدخل عسكري روسي مكثف.
وتعرض المطار لضربات جوية إسرائيلية في 10 فبراير/شباط 2018، تسبب في تدمير برج المراقبة الرئيسي، وفي 9 أبريل/نيسان 2018، قالت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) إن طائرات إسرائيلية من طراز "أف 15" قصفت المطار، مؤكدة أن القصف أوقع قتلى وجرحى، وأن الدفاعات الجوية أسقطت عددا من الصواريخ.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طائرتين حربيتين إسرائيليين قصفتا المطار العسكري بثمانية صواريخ عبر الأجواء اللبنانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الدفاعات الجوية السورية تصدّت لخمسة صواريخ ودمرتها، مؤكدة أن أيا من المستشارين الروس لم يُصَب خلال الهجوم.
وكانت أعلنت فصائل "جيش سوريا الحرة" في منطقة التنف، اليوم السبت 7 كانون الأول 2024، أن معركتها العسكرية التي بدأت انطلاقاً من منطقة التنف بريف حمص الشرقي، تهدف إلى "كسر الحصار عن مخيم الركبان" المفروض من قبل قوات النظام وحلفائه، معلنة تحرير عدد من النقاط واغتنام عدد من الآليات الثقيلة وسط اشتباكات عنيفة يخوضها الجيش على جبهات عدة في البادية.
ويُشكل سيطرة الفصائل الثورية على محافظة حلب ومن ثم إدلب وحماة ودرعا والسويداء وتحرك فصائل التنف شرقي حمص، مرحلة جديدة في سياق الحرب الدائرة في سوريا على مدار سنوات، بعد أن كانت قوات الأسد وميليشيات إيران قد سيطرت عليها بعد معارك استمرت لأشهر طويلة، وبقيت حصينة وبعيدة عن مرمى قوى الثورة لسنوات، فجاءت معركة “ردع العدوان” لترسم خارطة جديدة في عموم سوريا، وتعطي الأمل لقوى الثورة في إمكانية استعادة الحقوق وإعادة روح الثورة.
ولايبدو الموقف الدولي في صف الأسد بالمطلق، حتى أن حلفائه روسيا وإيران باتوا في موقف المتفرج نسبياً، إذ لم تقدم روسيا ذلك الدعم والموقف الحقيقي سياسياً وعسكرياً، رغم مشاركة طائراتها في القصف، كما أن ميليشيات إيران شهدت انهياراً كلياً وغابت عن المشهد الفاعل لها، ولم تتحرك أي من الدول الصديقة للأسد لتحقيق أي ضغوطات أو التفاوض حتى لوقف العملية العسكرية التي يبدو أنها ستقترب من حدود دمشق وتهدد الأسد في العاصمة.