شيخ عقل الموحدين الدروز: لمسنا من "الشرع" تعاوناً لطي الموروث السيئ وإنهاء "دولة الوصاية"
قال "الشيخ الدكتور سامي ابي المنى"، شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز، في تصريحات لقناة "العربية"، إن الوفد الذي التقى "أحمد الشرع" قائد الإدارة السورية الجديد في دمشق، لمس تفاعلاً إيجابياً وتعاوناً لطي الموروث السيئ وتوافقا لإنهاء "دولة الوصاية" على لبنان.
وأضاف المنى: "أكدنا للشرع خلال اللقاء الذي جمعنا به في دمشق عمق علاقتنا بسوريا.. ولمسنا من الشرع خلال اللقاء تعاونا لطي الموروث السيئ وتوافقا لإنهاء "دولة الوصاية"، مؤكداً الحرص على "على علاقات جيدة مع الدولة السورية .. وعلى رجال الحكم الجدد في سوريا يجب أن يراعي الأقليات".
وأوضح شيخ عقل الموحدين الدروز للعربية: "قدمنا للشرع ورقة تطلعاتنا بشأن سوريا التي تستحق مستقبلا يشارك فيه الجميع "، وقالت المصادر إن الشرع تسلم من شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى رسالة أكدت على أهمية بناء مهمة توحيدية إنسانية يتشارك فيها بنو البشر جميعاً.
وجاء في نص الرسالة:
"إننا نرى في انتصار ثورتِكم قدَراً لا بدَّ من تقديره، ومسؤوليةً لا بُدَّ من تحمُّلِها، وإننا، وإن كنّا هنا لنباركَ لكم وللشعب السوري الشقيق انتصارَكم على الظلم والقهر والاستبداد، ولنحيِّيَ فيكم هذه الروحَ الثوريةَ الوطنية في ما أقدمتُم عليه من استعدادٍ وتنظيمٍ وعملٍ تحريريٍّ جريء، فإنّنا في الوقت نفسِه نضع على عاتقكم مسؤوليةَ استثمار هذا الانتصار بما يترتّب عليه من خطواتٍ ومبادرات وتطمينات تتعلَّق بضبط الأمن ورعاية الشعب وإشراك المكوِّنات الوطنية الكفؤة من كل أطياف الشعب السوري في عملية صياغة الدستور الجديد وبناء الدولة الحديثة.
لقد خرجتم من حالة القمع والاضطهاد التي استمرّت عشرات السنين الى رحاب الحرية وعودة الوطن إلى جميع أبنائه، ويُشهَد لكم بسرعة الإجراءات التي اتخذتموها لفتح المدارس والجامعات وتسيير المرافق العامة وتأمين الخدمات، ممّا أشعر السوريين بحرص قيادتكم على مصلحة المواطن السوري، إضافةً إلى إجراءات طمأنة المكونات السورية المتعددة بأن مصير سوريا هو بيد أبنائها أولاً، وأنّ الولاء للوطن قبل أي ولاءٍ آخر.
ولقد دخلتم في السلم بعد أن دخلتم المدن والعاصمة مرتدين ثياب القتال والثورة، واليومَ تدركون وتعلمون أنّ مسؤولية السلم تفوق مسؤولية الحرب تلبيةً لندائه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"، نداءٍ صالحٍ لكلِّ زمانٍ ومكان، إذ إنَّ السلم حاجةٌ إنسانية، وسوريا تستحقُّ السلم والازدهار، وقد كانت وستبقى قلبَ العروبة النابض وواحةَ الخير المعطاء ومنبرَ الفكر والثقافة والكلمة الطيِّبة، وكلُّنا يعلمُ أنّ هذا الطابع العربيّ الإسلاميّ الذي يميّزُها وتلك السمةَ المشرقية الأصيلة الحاضنة للتنوُّع التي تزيّنُها تحتاج إلى دولة وطنيةٍ جامعة تغتني بالتعددية الخلّاقة، وهذا ما يقتضي إعادةَ ترسيخ الانتماء الحقيقي للدولة السورية التي تحمي الشعب وترعاه وتصون حقوقه، بدءاً من حق الاعتقاد الديني وممارسة الشعائر الخاصة، وحق إبداء الرأي وحرية التعبير ضمن الضوابط الأخلاقية، وذاك هو السلمُ المرتجى والأمل المعقود على التغيير.
إنّ وضعَ دستورٍ جديد للبلاد مبنيٍّ على احترام حقوق الأفراد والجماعات وعلى حقّ الدولة هو بالتأكيد في صلب اهتماماتكم، ومن خلاله سوف يختفي شعورُ الأقلية، وينخرطُ كلُّ سوريٍّ في بناء دولة سوريا المستقبل بغضِّ النظر عن مذهبه أو معتقده أو عِرقه أو ميله السياسي، وبالتالي لن يشعر أيُّ فريق بأيّ إقصاء أو تهميش، ما خلا أولئك الدين ارتكبوا الخطايا بحق الشعب السوري ونهبوا ثرواته واستباحوا كراماته، والذين يستحقُّون المحاكمة العادلة.
هذا الدستور الذي يتطلّع إليه الشعب السوري بثقةٍ وأمل سوف يمثل فعلاً تطلعات الجميع وسيكون مدخلاً إلى إشعار السوريين أنهم ممثَّلون في ديارهم.
كم يبدو ضرورياً تجميعُ كلّ القوى التي ناضلت وقدّمت التضحيات على مدى السنوات منذ بدء الثورة في العام2011، وإشعارُها بأن نضالها مقدَّرٌ، وأنه كان لبنةً أساسية ساهمت في بناء صرح الإنقاذ والانتصار.
إن إعادة تكوين الجيش خطوةٌ أساسية على طريق إعادة بناء الدولة، كإعادة تكوين السلطة التشريعية على قاعدة انتخابات شفّافةٍ ونزيهة تُكسب سوريا الجديدة مشروعيةً أمام الشعب وأمامَ دول العالم، وإعادة تكوين السلطة القضائية كذلك، ليكون هناك قضاءٌ نزيه يلفظ أحكامه باسم الشعب السوري الحرّ، إضافةً إلى إعادة تكوين الإدارة والمؤسسات على اختلافها، وهذا ما يوجب تشجيع الطاقات السورية الكفوءة المقيمة في سوريا وتلك المهاجرة والمهجَّرة منها، وحثّها على الانخراط في عملية البناء والتكوين الجديد، وهي طاقاتٌ غنيّةٌ وقادرة في كلِّ المجالات.
إن أنظار العالم اليوم متجهةٌ الى الوضع السوري لتعرف مآلاته وكيفية تطوّره، وعلى الأخصّ أنظار الدول العربية، وممّا لا شكّ فيه أن القيادة المنتصرة تحرص كلّ الحرص على توجيه رسالة إيجابيةٍ ساطعة الى العالم .
أخيراً وختاماً، لا بدَّ من التأكيد بأنّ لبنان لا يمكن أن يستغني عن عمقِه الحيويِّ السوريِّ، كما أن سوريا لا بدَّ لها من هذا المتنفَّس اللبناني الطبيعي، وهما محكومان بعلاقة التاريخ والجغرافيا، إلَّا أنّهما مرتبطان قبل ذلك روحياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً.
ولكي تكون العلاقة الأخويّة سويّة، فإنها تقتضي تأطيرها في حدودٍ رسمية طبيعية وسياسية وإدارية وغيرها، ولا يجوز بعد اليوم الاستهتار بمهمة ترسيم الحدود بين البلدين الواقعَين على حدود عدوٍّ مغتصب، ولا سيّما في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ومنطقة الغجر والحيّز البحري في الشمال، وحسمَها دون أي تباطؤ ليصار إلى توثيقِها في الأمم المتحدة، كما تقتضي تلك العلاقة المنشودة إنشاءَ غرفة عمليات مشتركة سورية لبنانية لضبط الحدود ومنع تسلُّل الأشخاص بين البلدين، ولا سيما مرتكبي الجرائم والفارّين من وجه العدالة، على أمل التحضير لحوار لبناني سوري بنَّاء على أعلى المستويات، يساهم بتسوية الأمور العالقة بين البلدين، ونحن على استعدادٍ من موقعنا الروحي للعمل الجادّ من أجل عقد قمّةٍ روحية لبنانيةٍ سوريّة وعقد لقاءاتٍ دينية جامعة تساهم في بثّ روح المحبة والرحمة والأخوَّة بين الشعبين اللبناني والسوري، وفي خلق أجواء الاطمئنان والسلام".
---
وكان قال "أحمد الشرع" قائد "إدارة العمليات العسكرية"، خلال لقائه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي "وليد جنبلاط" في دمشق، إن تحرير سوريا أنقذ المنطقة من حرب عالمية ثالثة ووجود مليشيات بسوريا كان عامل قلق لكل دول المنطقة.
وأكد الشرع، أن سوريا دخلت مرحلة جديدة في بناء الدولة والابتعاد عن الثأر، وأنها تغيرت مؤكداً بالقول: "واستطعنا حماية المنطقة والإقليم ونقف على مسافة واحدة من الجميع"، وبين أن سوريا لن تنصر طرفا على آخر في لبنان ونحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه وأمنه.
واعتبر "الشرع" أن لبنان عمق استراتيجي وخاصرة لسوريا ونأمل بناء علاقة استراتيجية وثيقة بين البلدين، وقال "معتزون بثقافتنا وإسلامنا وديننا يحمي حقوق كل الطوائف والملل"، آملاً أن ينتهي الانقسام الطائفي في لبنان وأن تحل الكفاءات مكان المحاصصة.
وكان وصل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، يرافقه وفد من نواب اللقاء الديمقراطي والقيادة الحزبية وعدد كبير من المشايخ الدروز في لبنان وسوري، إلى دمشق، يوم الأحد 22 كانون الأول، في زيارة هي الأولى لزعيم لبناني، عقب سقوط نظام بشار الأسد، وتم خلالها تبادل التهاني والبحث في مستقبل سوريا والمنطقة ولبنان والطوائف الدينية في سوريا.