
رمضان يلقي بثقله على اللاجئين السوريين في الأردن مع تفاقم حياتهم المعيشية
ألقى تفاقم معاناة اللاجئين السوريين في الأردن وقلة المساعدات، بظلاله على شهر رمضان في هذا العام، في ظل ضغط الحاجة والفاقة، حيث باتت المساعدات شحيحة؛ وفرص العمل نادرة، لتكتمل بذلك ملامح محنة تستمر منذ فترة.
هذه المعاناة المتفاقمة بلغت ذروتها في رمضان هذا العام، لتكشف عن حالات يندى لها الجبين، أضحت عاجزة حتى عن توفير طعام إفطارها، لتتصل أيام صيامها بلياليها، في انتظار شعاع أمل قد لا يأتي أبدا، وفق شهادات عدد منهم للأناضول.
ورغم تباين مستوى عيشهم من رمضان لآخر، إلا أن لاجئين سوريين يجمعون على أن رمضان هذا العام هو “الأسوأ” على الإطلاق، منذ وصولهم إلى الأردن فارين من أتون حرب لم تضع أوزارها حتى الساعة..
أحمد سلامة (42 عاماً)؛ اعتبر أن المساعدات المقدّمة للاجئين السوريين بالأردن، “شحيحة”، مشيرا أن “النقص في هذا المستوى طال أمده، ما أثّر على الأسر والعائلات الفقيرة، وخصوصا الأرامل وزوجات الشهداء وأبناء المعتقلين”.
ولفت أحمد إلى أنّ “مفوضية شؤون اللاجئين قطعت مساعدات مالية كانت مخصصة لبعض الأسر، مرجعة ذلك إلى قلة الدعم الذي يتلقونه”.
أما محمد خير الأحمد (35 عاماً) ، فقال إن “جميع السوريين يشتاقون لأيام مضت، فقد كان لرمضان، في السابق طقوسا خاصة، وكانت أزكى الأكلات وأشهاها حاضرة على موائدنا”.
ومستدركا بأسى: “لكن اليوم، ولّى كل ذلك، وباتت حياتنا مقتصرة على بضع أكلات، ومع ذلك نشكر الله، وندعو أن تنتهي الحرب لنعود إلى منازلنا”.
ورغم ضنك العيش الذي يواجهه، إلا أن الشاب خالد الحريري (23 عاماً)، رأى بأن وضعه “أفضل” من غيره.
وقال: “أنا أعمل على الأقل، وأستطيع تأمين بعض الاحتياجات الأساسية لي ولزوجتي وطفلي محمد، لكن هذا لا يعني بأنني مرتاح، ولكن أمر أهون من أمر”.
شهادات لاقت تأييدا من قبل الناشط الإغاثي الأردني حامد السلمان، والذي أكّد للأناضول أن “المساعدات للسوريين قليلة جداً ولا تذكر، كما أنها باتت موسمية”.
وتابع: “في مرحلة معينة، وتحديدا في البداية، كنا نعتقد، أن عددا قليلا فقط من الأسر السورية بحاجة إلى المساعدة، ولكن للأسف، يزداد العدد يوماً بعد يوم، وخاصة في شهر رمضان..”.
وأضاف أن “الكثير من المواقف التي نتعرض لها تقشعر لها الأبدان ويندى لها الجبين، خاصة حين تقابل أشخاصا لا يمتلكون حتى قطعة خبز لسد رمقهم وتناولها عند الإفطار”.
بدوره، قال محمد الحواري المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأردن، في تصريح للأناضول، إن “نقص التمويل للاستجابة لأزمة اللجوء في السنوات الماضية جعل من الحمل أثقل، وهذا العام 2018 هو الأصعب مقارنة بسابقيه”.
واستدرك الحواري أن “العام بلغ نصفه تقريبا، فيما لم نحصل حتى الآن على ربع الاحتياجات اللازمة، أي ما قيمته 274 مليون دولار”.
وحذّر من أن ذلك “يشكل خطرا على قطع المساعدات النقدية التي تعد شريان الحياة لعشرات الآلاف من الأسر اللاجئة هنا في الأردن”.
وختم: “الأزمة تدخل عامها الثامن، ونسبة الفقر تزداد بين اللاجئين”.
نقص المساعدات حوّل آلاف السوريين ممن يعيشون على أرض الأردن، إلى رواة للقصص والذكريات التي كانوا يعيشونها خلال شهر رمضان قبل حرب بلادهم، والتي ظلت عالقة بالأذهان.
ثماني سنوات مرّت على بدء الأزمة السورية، ولا زال الغموض يكتنف مستقبلها، إلا أن اللاجئين في الأردن وغيرها من البلدان التي فروا إليها من لهيب الحرب المستعرة، يسعون للانخراط والتعايش في تلك المجتمعات؛ سعياً لكسر نظرات العطف والشفقة، التي تحاصرهم.
فصفة “لاجئ” التي يحملونها سواء في الأردن أو في غيره من البلدان التي استقبلتهم، تستبطن الكثير من الألم والمعاناة التي يتابعها العالم عبر شاشات التلفزيون، واختبروا هم مرارتها بشكل فعلي.
ذاكرة جماعية مثقلة بالآلام، هاربة من ذكريات الحرب، مع حنين جارف لما قبلها، نافرة لنظرات الشفقة من هنا وهناك.. فسيفساء متشابكة من الحيثيات والأحاسيس لم تمنحهم سوى خيار الصمود من أجل البقاء.
لكن قسوة العيش وشح المساعدات وحصرها على المقيمين في المخيمات (نسبتهم لا تزيد عن 20% من عددهم الإجمالي)، زج بهم في تلك المنطقة الرمادية الفاصلة بين حدود الأشياء، حتى باتوا يشعرون اليوم أنهم على هامش الحياة.
ويعتبر الأردن الذي يزيد طول حدوده مع سوريا عن 375 كم، من أكثر الدول استقبالًا للاجئين السوريين، حيث يضم نحو مليون و390 ألف سوري، قرابة نصفهم مسجلون بصفة “لاجئ” في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في حين أن 750 ألفا منهم دخلوا قبل الأزمة، بحكم النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية.