صورة
صورة
● أخبار سورية ٤ يناير ٢٠٢٥

تقرير يوثق 2623 حالة احتجاز تعسفي في عام 2024 منها 349 في كانون الأول

قالت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقريرها الصادر اليوم، إنَّ ما لا يقل عن 2623 حالة احتجاز تعسفي قد تمَّ توثيقها في عام 2024، منها 349 في كانون الأول/ديسمبر 2024، ومع فتح مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد والإفراج عن المعتقلين لديه، جددت الشبكة السورية دعوتها لجميع الأطراف التي ما زالت تحتجز أفراداً على خلفية الرأي أو النزاع في سوريا إلى إطلاق سراحهم فوراً.

التقرير، الذي جاء في 27 صفحة، أوضح أنَّ الاعتقالات التعسفية المستمرة أدت إلى زيادة كبيرة في حالات الاختفاء القسري، ما جعل سوريا واحدة من أسوأ الدول على مستوى العالم في إخفاء مواطنيها، وبين أنَّ نظام الأسد كان يسيطر بشكل مطلق على السلطتين التشريعية والقضائية، مما أتاح له إصدار قوانين ومراسيم تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، إضافة إلى انتهاكها مبادئ الدستور السوري لعام 2012.


ولفت التقرير إلى أنَّ النظام قام بشرعنة جريمة التعذيب، رغم أنَّ الدستور وقانون العقوبات يحظران التعذيب والاعتقال التعسفي، إلا أنَّ بعض النصوص القانونية تتعارض مع ذلك، مثل القانون رقم /16/ لعام 2022، الذي يشرعن الإفلات من العقاب.

واستعرض التقرير حصيلة عمليات الاعتقال التعسفي وعمليات الإفراج من مراكز الاحتجاز، موضحاً أنَّ الحالات الموثَّقة لا تشمل عمليات الخطف التي لم يُحدد الجهة المسؤولة عنها، ولا الأشخاص المحتجزين بسبب جرائم جنائية كالمخدرات والقتل، حيث ركز التقرير على الحالات ذات الطابع السياسي أو المرتبطة بالنزاع المسلَّح. كما أشار إلى القوانين والمراسيم التي أصدرتها أطراف النزاع المتعلقة بقضايا الاعتقال والاختفاء القسري خلال الفترة المذكورة، معتمداً على منهج وصفي وتحليلي.

وفقاً للتقرير، تم توثيق 1084 حالة اختفاء قسري من بين 2623 حالة احتجاز تعسفي في عام 2024. حيث كانت 1362 حالة منها على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 32 طفلاً و38 سيدة. كما وثّق التقرير 423 حالة اعتقال على يد فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني بينهم 10 أطفال و16 سيدة، و581 حالة على يد قوات سوريا الديمقراطية، بينهم 79 طفلاً و8 سيدات، إضافة إلى 257 حالة على يد هيئة تحرير الشام بينهم 3 أطفال و10 سيدات.

أظهر التحليل الجغرافي للبيانات أنَّ محافظة حلب سجلت العدد الأعلى من حالات الاعتقال التعسفي، تليها محافظةُ ريف دمشق تليها دمشق، تليها محافظة دير الزور، تليها محافظة إدلب، ثم حمص، ثم حماة. 


وأبرز التقرير مقارنة بين حصيلة الاعتقالات وعمليات الإفراج، حيث أشار إلى أنَّ حالات الإفراج تفوق حالات الاحتجاز التعسفي من مراكز الاحتجاز. جاء ذلك بعد إطلاق إدارة العمليات العسكرية عملية “ردع العدوان” في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، والتي أسفرت عن استعادة السيطرة على المدن الخاضعة لسيطرة نظام الأسد. تزامن ذلك مع فتح السجون والفروع الأمنية مباشرة، حيث تم إطلاق سراح جميع المعتقلين. إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين في بعض مراكز الاحتجاز لدى قوات سوريا الديمقراطية وفصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني.

أشار التقرير إلى رصد عمليات اعتقال/احتجاز استهدفت مدنيين في محافظات ريف دمشق ودمشق وحماة وحلب ودرعا، بذريعة التخلف عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية. تمت معظم هذه الاعتقالات خلال حملات دهم جماعية أو عند نقاط التفتيش، كما شملت أشخاصاً سبق أن أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية مع نظام الأسد. كما سجل التقرير عمليات اعتقال/ احتجاز قامت بها عناصر قوات نظام الأسد وعناصر تنتمي لميليشيات/ قوات غير رسمية تتبع لقوات نظام الأسد، بحقِّ مواطنين من بينهم عدد من العاملين على حافلات نقل الركاب بعد الاعتداء عليهم بالضرب والإهانة اللفظية.

أوضح التقرير أنَّ قوات نظام الأسد نفذت عمليات اعتقال/احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين لم تستثنِ الأطفال منهم أثناء محاولتهم التوجه إلى الحدود السورية اللبنانية للعبور إلى لبنان بطرق غير رسمية، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة حمص.

وأضاف التقرير أنَّ نظام الأسد ما زال مستمراً في انتهاك قرار محكمة العدل الدولية الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، والذي صدر بناءً على طلب كندا وهولندا في إطار تطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب. تستمر انتهاكات النظام عبر عمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري.

من جهة أخرى، وثَّق التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، حيث نفذت حملات دهم جماعية استهدفت مدنيين بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش. بعض هذه العمليات تمت بدعم من مروحيات التحالف الدولي. 


كما تم رصد اعتقالات طالت مدنيين بتهمة التعامل مع الجيش الوطني، وأخرى استهدفت مدنيين بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لقوات سوريا الديمقراطية. أشار التقرير أيضاً إلى استمرار خطف الأطفال من قبل قوات سوريا الديمقراطية، حيث يتم تجنيدهم قسرياً في معسكراتها، مع منع عائلاتهم من التواصل معهم أو معرفة مصيرهم.

بحسب التقرير، شهد شهر كانون الأول/ديسمبر عمليات احتجاز قامت بها هيئة تحرير الشام استهدفت مدنيين، وتركزت هذه العمليات في محافظة إدلب وبعض مناطق ريف حلب الخاضعة لسيطرتها. شملت الاعتقالات نشطاء إعلاميين وسياسيين ووجهاء محليين، وكان معظمها بسبب انتقادهم لسياسات الهيئة في إدارة المناطق التي تسيطر عليها. تمت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية، عبر مداهمات واقتحام المنازل، حيث تم تكسير الأبواب وخلعها، أو من خلال خطف الأشخاص من الطرقات أو نقاط التفتيش المؤقتة. 


سجل التقرير أنَّ معظم هذه العمليات جاءت ضمن حملات دهم جماعية، أو عند نقاط التفتيش التابعة للهيئة في محافظة إدلب، حيث استهدفت أشخاصاً على خلفية مشاركتهم في المظاهرات المناهضة للهيئة. كما وثَّق التقرير اعتقالات استهدفت أشخاصاً على خلفية انتمائهم لحزب التحرير الإسلامي المعارض للهيئة، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة إدلب.

من جهة أخرى، قامت فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني بتنفيذ عمليات اعتقال تعسفي وخطف لم تستثنِ النساء، حيث تركزت هذه العمليات بشكل جماعي واستهدفت قادمين من مناطق سيطرة نظام الأسد أو قوات سوريا الديمقراطية. رصد التقرير حالات اعتقال ذات طابع عرقي، تركزت في مناطق سيطرة الجيش الوطني في محافظة حلب، وغالباً ما تمت هذه الاعتقالات دون إذن قضائي، ودون مشاركة جهاز الشرطة المخوَّل قانونياً بتنفيذ عمليات الاعتقال. 


وأشار التقرير إلى اعتقالات استهدفت مدنيين بذريعة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، خاصة في قرى تابعة لمدينة عفرين في محافظة حلب. كما سجل التقرير عمليات اعتقال استهدفت نازحين عادوا إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، وتركزت في مدينة عفرين.

الإفراجات:

على صعيد الإفراجات، وثَّق التقرير الإفراج عن 24394 شخصاً من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات نظام الأسد في عام 2024، منها 13 حالة فقط كانت مرتبطة بقانون العفو 7/2022 الصادر عن النظام، فيما تم الإفراج عن 36 شخصاً آخرين من مراكز الاحتجاز في محافظة دمشق بعد انتهاء مدة حكمهم التعسفي. 


وبينت أن هؤلاء الأشخاص كانوا قد قضوا قرابة ثلاثة أعوام في مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد، سجل التقرير الإفراج عن 145 شخصاً بينهم 15 طفلاً و21 سيدة، بعد أيام قليلة من اعتقالهم دون أن يتم تقديمهم للمحاكمة. معظم المفرج عنهم كانوا من أبناء محافظات دمشق وحلب ودرعا، وقد أمضى معظمهم مدة احتجازهم في الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد.

كما سجلنا الإفراج عن قرابة 24200 شخص، بعد أن أطلقت إدارة العمليات العسكرية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 عملية ردع العدوان التي أدت إلى استعادة السيطرة على المدن التي كانت تحت سيطرة نظام الأسد والتي تزامن معها فتح السجون والفروع الأمنية بشكل مباشر، حيث أطلق سراح جميع المعتقلين.

وفقاً للتقرير، أفرجت قوات سوريا الديمقراطية عن 698 شخصاً بينهم 13 طفلاً من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم عدة أيام حتى ستة أعوام، وكان معظمهم من أبناء محافظات دير الزور وحلب والرقة.

كما وثَّق التقرير إفراج هيئة تحرير الشام عن 151 شخصاً بينهم 3 أطفال من مراكز الاحتجاز التابعة لها في محافظة إدلب، حيث تراوحت مدة احتجازهم بين عدة أيام إلى أربعة أعوام، دون توجيه تهم واضحة لهم.

من جهة أخرى، أفرجت فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني عن 667 شخصاً، من مراكز الاحتجاز التابعة لها. تراوحت مدة احتجازهم ما بين عدة أيام وحتى عام ونصف دون تقديمهم لمحاكمات أو توجيه تهم واضحة لهم. وأشار التقرير إلى أنَّ الإفراج عن معظمهم جاء بعد ابتزاز ذويهم مالياً مقابل إطلاق سراحهم.

أفاد التقرير بأنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أصبحت مصدراً موثوقاً للعديد من هيئات الأمم المتحدة، حيث استندت إليها عدة قرارات دولية، من بينها مشروع قرار حالة حقوق الإنسان في سورياA/C.3/78/L.43 ، الذي تم التصويت عليه في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وقد أدان القرار نظام الأسد لارتكابه انتهاكات جسيمة، وأكد أنَّ عدد المعتقلين تعسفياً بلغ أكثر من 135,000، مشيراً إلى مسؤولية النظام عن الاختفاء القسري المنهجي، والذي يصنف كجريمة ضد الإنسانية.

أوضح التقرير أنَّ قضية المعتقلين والمختفين قسراً من أبرز القضايا الحقوقية التي لم تشهد أي تقدم ملموس، على الرغم من تضمينها في قرارات متعددة صادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن بين تلك القرارات، خطة كوفي عنان وبيان وقف الأعمال العدائية في شباط/فبراير 2016، والذي نص على ضرورة الإفراج المبكر عن المعتقلين، خصوصاً النساء والأطفال. 


كما أنَّ قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في (كانون الأول/ديسمبر 2015) تضمن في بنده الـ 12 دعوة إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، إلا أنَّ هذا الملف لم يشهد أي تقدم في جميع المفاوضات الدولية المتعلقة بالنزاع السوري. اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً لم تتمكن من زيارة جميع مراكز الاحتجاز بشكل دوري، وهو ما يُعتبر انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.

أكد التقرير أنَّ نظام الأسد لم يلتزم بأي من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أنَّه خرق عدة مواد في الدستور السوري. فقد استمر في توقيف مئات الآلاف من المعتقلين دون مذكرات اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تهم لهم، مع حرمانهم من توكيل محامين أو تلقي زيارات عائلية. وحوَّل % 68 من هؤلاء المعتقلين إلى مختفين قسرياً دون إبلاغ عائلاتهم بمكان احتجازهم.

وأشار التقرير إلى أنَّ نظام الأسد لم يوقف عمليات التعذيب والاحتجاز التعسفي، ولم يُظهر أي تجاوب مع قرار التدابير المؤقتة الصادر عن محكمة العدل الدولية في تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

أشار التقرير أيضاً إلى أنَّ قوات سوريا الديمقراطية، وهيئة تحرير الشام، وفصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني كلها ملزمة بتطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، ورغم ذلك ارتكبت انتهاكات واسعة عبر عمليات الاعتقال والإخفاء القسري، واختتم التقرير بتوجيه توصيات إلى مجلس الأمن الدولي بضرورة متابعة تنفيذ قراراته السابقة 2042)، 2043، 2139).

ودعا التقرير المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة المتورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ودعا المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا أن تطلب من السلطات الانتقالية الحالية البدء في العمل داخل سوريا والتعاون مع المؤسسة لضمان الشفافية والمحاسبة في قضايا الاختفاء القسري.

ودعا الحكومة السورية الجديدة إلى التعاون مع الآليات الدولية عبر إصدار دعوات رسمية لها وتمكينها من الوصول دون عوائق إلى مراكز الاحتجاز ومسارح الجرائم. بالإضافة إلى حماية الأدلة ومواقع الجرائم وتعزيز العدالة والمسائلة وإصلاح الحوكمة ومنع المزيد من الانتهاكات ودعم المتضررين وإعادة التأهيل.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ