بوغدانوف: المباحثات مع "الشرع" كانت بناءة والإجراءات الروسية في سوريا لم تتأثر
قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إن المباحثات التي أجراها الوفد الروسي في دمشق مع رئيس الإدارة السورية، أحمد الشرع، كانت بناءة وإيجابية، مشيراً إلى أن اللقاء استمر أكثر من ثلاث ساعات وشهد حضور عدد من المسؤولين السوريين، من بينهم وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الصحة ماهر الشرع.
ولفت بوغدانوف في تصريح خاص لقناة "RT العربية"، إلى أن الحوار مع الجانب السوري كان مفعماً بالروح العملية والودية، حيث تم التأكيد على تاريخ العلاقات الروسية - السورية التي تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، وشدد على أن روسيا ثابتة في موقفها الاستراتيجي لدعم وحدة واستقلال سوريا، وأن الأحداث الأخيرة في البلاد لن تؤثر على العلاقات الثنائية.
وأضاف بوغدانوف أن روسيا تواصل استعدادها للمساعدة في استقرار الأوضاع في سوريا، مؤكدًا أن الحلول المناسبة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية يمكن تحقيقها عبر الحوار المباشر بين القوى السياسية السورية، مع التأكيد على أهمية الوفاق الاجتماعي كضمان لتحقيق سيادة واستقلال البلاد.
وتناول بوغدانوف في حديثه التطرق إلى موضوع العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وسوريا، موضحًا أن التغييرات التي شهدتها روسيا، بما في ذلك تغيير العلم في عام 1991، لم تؤثر على علاقات التعاون بين البلدين، وأكد أن العلم المعتمد في سوريا حالياً لن يغير من طبيعة الشراكة القائمة بين موسكو ودمشق.
العلاقات التجارية والاقتصادية في إطار التعاون المستقبلي
ناقش الوفد الروسي خلال المباحثات العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، حيث أكد بوغدانوف أن روسيا ساهمت بشكل كبير في بناء البنية التحتية في سوريا، بدءًا من محطة الطاقة الكهربائية وصولاً إلى مشاريع السدود والمرافق الأخرى. وأوضح أن روسيا مستعدة لمواصلة دعم هذه المشاريع بالتعاون مع السلطات السورية الجديدة.
وأشار إلى أن الوضع الحالي في سوريا صعب، وأن السلطات السورية تدرك التحديات التي تواجهها، مشدداً على أهمية تشكيل حكومة انتقالية في المستقبل القريب وضرورة سن دستور جديد خلال السنوات الثلاث المقبلة، إضافة إلى إجراء انتخابات في غضون أربعة أعوام.
حماية المنشآت الروسية في سوريا
فيما يتعلق بالمنشآت الروسية في سوريا، أكد بوغدانوف أنه لا يوجد تغيير في وضع المنشآت الروسية في طرطوس وحميميم، مشيراً إلى أن المباحثات كانت إيجابية في هذا الشأن، وأعرب عن تقديره لعدم تعرض المواطنين الروس وممثلياتهم في سوريا للأذى، مؤكداً أن روسيا تأمل في الحفاظ على ممتلكاتها في سوريا في ظل الظروف الحالية.
أما بالنسبة لموضوع العقد بين الشركة الروسية والجانب السوري بخصوص مرفأ طرطوس، فقال بوغدانوف إن هذه القضية تتعلق بالجوانب الفنية والتجارية، مؤكداً استعداد روسيا لتسوية المشكلات القائمة، وأضاف أن وفد الشركة الروسية الذي شارك في المباحثات أوضح استعدادهم لاستمرار التعاون مع الجانب السوري، وشرحوا التحديات التي واجهوها في السابق.
وفي ختام تصريحاته، أكد بوغدانوف أن الحوار بين روسيا وسوريا سيستمر، وأن موسكو جاهزة لاستقبال وفود سورية في أي وقت، مشيراً إلى أهمية استمرار التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وكان وصل إلى العاصمة السورية دمشق، يوم الثلاثاء 28 كانون الثاني، أول وفد رفيع المستوى من وزارة الخارجية الروسية، برئاسة ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ونائب وزير الخارجية، عقب سقوط نظام الأسد، والتقى الوفد مع رئيس الإدارة السورية أحمد الشرع ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لإجراء مباحثات حول العلاقات بين البلدين.
أثار تبدل الموقف الروسي وكثير من الدول الداعمة لنظام الأسد، حالة من الاستغراب في أوساط أبناء الحراك الثوري السوري، بعد نجاحهم في إسقاط حكم الطاغية "بشار الأسد"، لتحاول تلك الدول في مقدمتها روسيا تبديل مواقفها وإظهار وجه آخر تجاه الشعب السوري، وهي التي مارست شتى أنواع القتل والتدمير وساهمت في "تثبيت الديكتاتور" حتى لحظة سقوطه.
لم تكتف روسيا بجرائم الحرب التي ارتكبتها في سوريا منذ تدخلها في 2015 لإنقاذ حكم "بشار الأسد"، بل عملت على حمايته بعد سقوطه من خلال منحه وعائلته وكبار ضباطه والمقربين منه حق اللجوء الإنساني، وسط تصريحات متبدلة تحاول فيها الخروج من مسؤوليتها على جرائم الحرب المرتبكة، دون أن تبادل حتى لتسليم الديكتاتور للمحاكمة العادلة.
ومنذ تدخلها في سوريا سعت روسيا لتمكين قبضتها العسكرية، واللعب بشكل واسع على ضمان مصالحها من خلال عقود طويلة الأمد وقعتها مع الأسد من خلال امتلاك قواعد عسكرية أبرزها حميميم في اللاذقية وقاعدة بحرية في طرطوس ومواقع أخرى، إضافة لعقود التنقيب على الفوسفات والنقط في البادية السورية ودير الزور، في وقت أكد محللون خلال سنوات مضت أن روسيا لاتأبه لبقاء الأسد بقدر تحقيق مصالحها وأنها مستعدة للتخلي عنه في أي وقت تدرك فيه أنه بات بقائه في غير صالحها.