"الخوذ البيضاء" تُطلق "مسرح الدمى" في خطوة لتعزيز التوعية والتثقيف بطريقة مبتكرة
أطلق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، مشروعَ "مسرح الدمى" كأحد الأدوات المبتكرة للتوعية من وحي الاحتياج والواقع ووسيلة مهمة لبناء وتعزيز القيم المجتمعية، في ظل فداحة الآثار النفسية والفكرية والاجتماعية التي يعيشها الأطفال واليافعون في شمال غربي سوريا بعد كارثة زلزال شباط 2023 المدمر والمعاناة والتحديات التي خلفتها الحرب المستمرة.
تم إطلاق المشروع في بداية عام 2024، ويعتبر الأول من نوعه في شمال غربي سوريا باعتماد مسرح الدمى كوسيلة احترافية في التوعية والتثقيف، وبدأت المرحلة التنفيذية الأولى باختيار المرشحين من المتطوعين بالدفاع المدني السوري ممن يمتلكون الرغبة والشغف والقدرة لمثل هذا النوع من الأنشطة.
وشملت المرحلة الثانية تدريب المتطوعين الذين تم اختيارهم وهم 12 متدرباً (8 متدربين4 متدربات) لمدة خمسة أشهر على ثلاث ورشات أساسية، منها ورشة صناعة الدمى مع مدرب خبير في صناعة مختلف أنواع الدمى القابلة للتحريك بأكثر من طريقة وبأكثر من نوع حيث تتنوع الخامات المصنوعة منها هذه الدمى.
وتضمن ورشة التدريب على فنون التمثيل والإلقاء والوقفات وكيفية التعامل على خشبة المسرح مع النص ومع الجمهور وكيفية التحكم بالصوت والمقدرات الصوتية وتغيير الألوان الصوتية وفق ما تستدعي الحاجة، وورشة التدريب على كيفية صياغة السيناريوهات وخصوصية الثقافة الموجهة للأطفال.
وبعد انتهاء الورش أصبح بمقدور المتدربين أن يقوموا بأداء الحركات وتحريك العرائس وحفظ السيناريوهات وكيفية التعامل مع الدمية والتحكم في مخارج الأصوات وكيفية تجاوب جسد الدمية حتى تبدو كأنها طبيعية وليست مجرد دمية جامدة، وتم تقديم العرض الأول في 27 آب 2024، وتتوالى العروض وسيتم تكثيفها وخاصة مع بدء العام الدراسي الجديد.
وتتضمن العروض ألعاباً مسرحية، وأحجيات، ومغامرات، وأغاني مؤلفة خصيصاً للعروض، كل منها مؤلف بما يتوافق مع مضمون العرض المسرحي وأهدافه وغاياته.
إضاءة على مفهوم مسرح العرائس
مسرح الدمى أو العرائس هو نوع من الفنون المسرحية التي تعتمد على استخدام الدمى أو العرائس لتقديم العروض النقدية أو الاجتماعية أو السياسية بطريقة درامية، و يتم تحريك هذه الدمى بواسطة محرك الدمى (المتدربين) الذي يكون عادةً خلف الستار أو تحت المنصة، ويقوم بتحريك الدمى باستخدام خيوط أو عصي أو حتى باستخدام يديه مباشرة.
وتم إدخال فكرة مسرح الدمى ضمن أعمال برنامج التوعية في مؤسسة الدفاع المدني السوري كوسيلة جاذبة لنقل الرسائل التوعوية، والقيم الثقافية، والأخلاقية، والإنسانية.
ويعتبر "مسرح الدمى" من وسائل وأدوات الوصول المهمة للمجتمع ومن الفنون الجاذبة للأطفال واليافعين، وله تأثيره الإيجابيّ كأداة اتصال باتجاهين في التوعية والتثقيف ويتم من خلاله تقديم المعلومات والإرشادات ويساعد في بناء القدوة نظراً لأهمّيّة الشخصيّات التي تمثلها، والتي تكون قريبة من الأطفال واليافعين وعوالمهم، وتبقى حواراته راسخة في الأذهان.
المواضيع التوعوية لمسرح الدمى
تتنوع المواضيع التي تتناولها عروض "مسرح الدمى" ضمن برنامج التوعية في الدفاع المدني السوري وتهدف إلى نشر الوعي والمعرفة بالإجراءات الوقائية والسلوك الصحيح لمعالجة فجوات الحماية الموجودة في شمال غرب سوريا والتي تساعد الأفراد والمجتمعات على حماية أنفسهم من المخاطر المختلفة.
كذلك رفع مستوى الوعي في أخطار التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها السلبي على الأطفال، والتوعية حول عمالة الأطفال والتسرب المدرسي وأهمية العلم، والتوعية حول أهمية المحافظة على البيئة والمحافظة على نظافة المكان المحيط والتقليل من الأضرار بالبيئة، وأهمية ترشيد استخدام الطاقة واستخدام الطاقة البديلة.
وأيضاً تعزيز القيم الأخلاقية: من خلال القصص التي تقدمها الدمى، يمكن تعزيز القيم الأخلاقية مثل الصدق، التعاون، والتسامح، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكاً، والتوعية البيئية: يمكن لمسرح الدمى أن يلعب دورًا في التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة، من خلال تقديم قصص تتعلق بالحفاظ على الموارد الطبيعية وإعادة التدوير.
وفي سياق التوقعات حول تحقيق الأهداف العامة للمشروع والخطوات المستقبلية، يهدف إلى تحقيق الأهداف التوعوية، من خلال ابتكار طرق وصول توعوية جديدة لرفع الوعي للمجتمع، من خلال تصميم أنشطة توعوية تفاعلية تتناسب مع مختلف الفئات العمرية.
أيضاً الوصول إلى كافة المجتمعات، تحديد المناطق المستهدفة من خلال إجراء دراسات لتحديد المناطق الأكثر احتياجًا للعروض، والتعاون مع المنظمات المحلية، و بناء شراكات مع الفعاليات لتسهيل الوصول إلى المجتمعات في جميع المناطق، وتعزيز الهوية الثقافية في العروض.
شخصيات مسرح الدمى:
يوجد ضمن "مسرح الدمى" خمس شخصيات أساسية، الشخصية الأولى وهي التي تمثل العلم والقدوة وهي شخصية الدكتور برهان العالم المشهور، وشخصية الطفلة نوران وهي طفلة تحب التعلم والحكايات، وشخصية الطفل فهمان ويمثل شخصية تحب الأرقام والمعلومات ولديه الشغف بالمعرفة والعلم، والطفلة أفنان التي تمثل جمال الطبيعة، والجدة عناية وهي جدة أفنان وتمثل المحبة والهدوء والانتماء.
وتم صياغة هذه الشخصيات مادياً ومعنوياً لتتناسب مع بيئة الأطفال واليافعين الاجتماعية و النفسية و الأخلاقية، و كذلك التي تتلاءم مع عادات وتقاليد المجتمعات التي يتم تقديم العروض فيها في شمال غربي سوريا دون أي استلاب إيديولوجي و قيمي.
وفي العرض تتفاعل هذه الشخصيات بإطار درامي جذاب للأطفال لتخلق حالة من التفاعل ضمن صيرورة خطوات التحبيك الدرامي التي تتمثل في العناصر التالية: الاستهلال - العقدة - الصراع - الحل - النهاية.
الفئات المستهدفة:
يستهدف مسرح الدمى بشكل أساسي الأطفال واليافعين، وسيتم تقديم العروض عبر فرق جوالة في المدارس والمخيمات وفي الحدائق، وفق خطة متكاملة، وستقام العروض عبر سيارة متنقلة مجهزة بمسرح متكامل يمكن من خلاله تقديم العروض بطريقة فعالة، كما سيتم إنتاج فيديوهات من العرض تعبر عن جميع المحاور، للاستفادة منها وعرضها على الأطفال واليافعين بأي زمان ومكان.