الثاني خلال أيام... أمنية "تحـ ـرير الشـ ـام" تعتقل ناشطاً إعلامياً من مدينة إدلب
أفاد نشطاء في مدينة إدلب، عن اعتقال عناصر أمنية تابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، يوم أمس الأحد، الناشط الإعلامي "عبد العزيز الحصي"، المنحدر من مدينة حمص، وذلك خلال وجوده في مدينة إدلب، دون توضيح التهم والأسباب التي أدت لاعتقاله.
ونشر شقيقه على حسابه على منصة فيسبوك خبر الاعتقال بالقول: "اخي عبد العزيز مفقود بالمنطقة يلي فيها أمان اكثر من السويد، طبعاً إدلب"، وأضاف: "ملاحطة : "لقد شوهد من قبل الجيران أن ملثمين يستقلون سيارة من نوع سنتافي قاموا باعتقاله بطريقة تشبيحية".
وتفيد مصادر "شام" إلى أن "هيئة تحرير الشام" سبق أن اعتقلت شقيقهم الشاب "عبيدة الحصي" من مكان وجوده في مدينة إدلب لمرتين متتاليتين وأفرج عنه، كان آخرها في شهر حزيران الفائت، فيما لم توضح الهيئة أسباب الاعتقال.
وكانت صعدت الأجهزة الأمنية التابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، خلال الأسبوع الأخير، من حملات الملاحقة والاعتقال، طالت العديد من المناهضين لها في مناطق ريف إدلب، بينهم من كوادر "حزب التحرير" الذي يتصدر الحراك المناهض للهيئة في الآونة الأخيرة، في وقت لم تفرج الهيئة عن أي من المعتقلين المغيبين في سجونها منذ سنوات رغم كل الوعود التي قطعتها.
وقال نشطاء من إدلب، إن عناصر أمنية تابعة للهيئة، اعقتلت الناشط الإعلامي "يحيى مصطفى سيد يوسف" بسبب تغطيته الاحتجاجات المناهضة للهيئة في مدينة إدلب اليوم الجمعة، كما سجل اعتقال عدة أشخاص خلال اليومين الماضيين في مدن إدلب وجسر الشغور، بينهم "عبد الرزاق المصري" أحد الكوادر المنظمة للحراك في إدلب والمنتمي لحزب التحرير.
وكان تظاهرات العشرات من النساء من ذوي المعتقلين في سجون "هيئة تحرير الشام"، يوم الاثنين 7 تشرين الأول، أمام مبنى "ديوان المظالم" التابع للهيئة، والذي جرى تشكيله قبل أشهر لحل مشكلة المغيبين في سجون الهيئة، لكن الديوان لم يظهر أي مبادرة لحلحلة الملف وإظهار قدرة على الإفراج عن شخص واحد من أولئك المعتقلين.
وقالت مصادر محلية في إدلب، إن المظاهرات النسائية باتت شبه يومي أمام ديوان المظالم التابع للهيئة، دون أي يكون هناك أي مبادرة للإفراج عن أبناء النساء المحتجات، بدعوى أن التظاهرات تُقاد من شخصيات في "حزب التحرير" رغم أنهن من ذوي معتقلين في سجون الهيئة أيضاً دون تهم واضحة.
ويرى نشطاء أن "ديوان المظالم" لم يكن إلا فكرة قامت بها الهيئة لتعيين شخصيات محسوبة عليها وإعطائهن مناصب في مؤسساتها للالتفاف على مطالب التظاهرات الشعبية إلى المناهضة للهيئة التي عمت مناطق الشمال السوري، والتي تعرضت لقمع أمني وعسكري من قبل الهيئة واعتقال العشرات من منظميها، ولم يقدم الديوان أي بادرة لحلحة الملف، بدعوى النظر بالملفات، علماً أن الهيئة أفرجت عن مئات العناصر الذين اتهمتهم بالعمالة بدون أي محاكمات أو تأخير.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، أعلنت "هيئة تحرير الشام" عن تشكيل "اللجنة العليا لديوان المظالم"، وتبين أنها مشكلة من شخصيات مقربة منها، وتدين لها بالولاء، ولاتتمتع بأي استقلالية، على رأسها "علي كدة" رئيس حكومة الإنقاذ سابقاً لولايتين متتاليتين.
وحسب بيان رسمي صادر عن جهة مستحدثة تحت مسمى "القيادة العامة - سوريا"، شاركته وزارات حكومة الإنقاذ المظلة المدنية لـ"تحرير الشام"، فإن تشكيل اللجنة استناداً إلى المؤتمر الثوري المنعقد في آذار الماضي، وفق تعبيرها.
وقالت إن المؤتمر المشار إليه، أعلن فيه عن تشكيل مجموعة من الإصلاحات العامة والتي تضمنت تشكيل ديوان المظالم، قررت القيادة العامة تكليف لجنة عليا مؤلفة من 3 شخصيات.
ووفق البيان فإن رئيس اللجنة هو "علي كده" رئيس حكومة الإنقاذ سابقا لعدة دورات، وأما الأعضاء الأول "إبراهيم شاشو"، وزير العدل سابقا، ويشغل حديثا رئيس "جهاز التفتيش القضائي" لدى "الإنقاذ"، والثاني "حسين السلامة".
واختتم البيان بقوله إن ديوان المظالم يهدف إلى تعزيز العدالة وحماية حقوق الأفراد في المناطق المحررة، ويعتبر الديوان جهة أساسية لضمان الشفافية والنزاهة في التعاملات بين المؤسسات الحكومية وأهلنا الكرام"، وفق نص البيان.
وتجدر الإشارة إلى أن لحكومة الإنقاذ ووزارة العدل فيها تاريخ حافل بالمظالم والقضايا التي تمررها شخصيات نافذة في الحكومة ومدعومة من هيئة تحرير الشام، تسببت سابقاً باعتقال العديد من الأطباء والمحامين والطلاب وشخصيات ثورية بدعاوى باطلة، لتحقيق أجندات الحكومة.
وكانت شهدت مدينة إدلب مساء يوم الثلاثاء 10 أيلول 2024، احتجاجات لمئات المتظاهرين، على بعد أمتار قليلة من "معرض الكتاب" في مدينة إدلب، والذي تستثمره "هيئة تحرير الشام" لتلميع صورتها والتسويق لمؤسساتها، واجهتهم الهيئة بالقمع عبر الضرب والاعتقال لم تميز بين النساء والرجال، وسط توتر وحالة استنكار كبيرة لما يجري.
وفي الوقت الذي غاب فيه صوت من يطلق عليهم اليوم اسم "المؤثرين" عن نقل مايجري في مدينة إدلب ليس اليوم فحسب بل خلال الأشهر الماضية، في وقت كرسوا جل وقتهم للتغطية اليومية وعلى مدار الساعة لفعاليات "معرض الكتاب" التي باتت حديث الإعلام المحلي خلال الأسبوع الجاري، تجاوزت التغطية حدود المعقول وفق وصف بعض النشطاء والمتابعين.
ورغم توقف الاحتجاجات الشعبية المناهضة للهيئة بعد سلسلة الاعتقالات والتضييق الذي مورس على الفعاليات الشعبية، إلا أن "حزب التحرير" واصل احتجاجاته التي تطالب بالإفراج عن المعتقلين من منتسبي الحزب بشكل خاص، ويشارك الحزب في التظاهرات التي يغلب عليها الطابع النسائي نساء من ذوي المعتقلين المغيبين في سجون الهيئة منذ سنوات، أملاً في تحقيق مطالبهم والوصول لخبر عن ذويهم.
وسبق أن أعلنت وزارة العدل لدى "حكومة الإنقاذ السورية" المظلة المدنية لـ"هيئة تحرير الشام"، السبت 29 حزيران/ يونيو 2024، عن إحداث محكمة الجنايات الثانية التابعة لها، في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
ووفق قرار رسمي حمل توقيع وزير العدل في "الإنقاذ" القاضي "شادي محمد الويسي"، فإنّ محكمة الجنايات الثانية، "تختص في جرائم الجنايات ذات الطابع الأمني"، على أنّ يُصدر المجلس الأعلى للقضاء اللائحة التنظيمية لعمل المحكمة.
وكان دعا شرعيون وشخصيات منشقة وأخرى مطرودة من تحرير الشام، إلى تشكيل لجنة قضائية يترأسها الدكتور "إبراهيم شاشو"، للنظر في ملف العمالة واعتبر البيان حينها أن "شاشو" محل ثقة وقبول من جميع الأطراف، وهو أحد القضاة الكبار في الشمال، ويثق فيه عموم الناس.
وسبق أن أثار قرار تعيين "شاشو" رئيساً لجهاز التفتيش القضائي في وزارة العدل، جدلا كبيرا حيث اعتبره ناشطون يتناقض مع مطالب الحراك الشعبي المتواصل ضد الجولاني في إدلب.
هذا وتشدد فعاليات الحراك الشعبي على ضرورة إسناد المناصب القضائية لجهات ووجوه جديدة ذات كفاءات وعدم جعلها مجرد مكافأة وترضية بدون دور فعال وهدفها الوحيد المصلحة الشخصية وتمكين سلطات الأمر الواقع.
وسبق أن نشرت شبكة "شام" الإخبارية تقريراً بعنوان (روايات صادمة عن التعذيب في سجون "هيـ ـئة تحـ ـرير الشـ ـام" وهذه أبرز أشكالها)، تطرقت فيها عما كشفته الأحداث الأخيرة المتعلقة باعتقال المئات من كوادر "هيئة تحرير الشام"، بتهم العمالة بينهم قادة بارزون، ومن ثم الإفراج عنهم، لتكشف عن استمرار النهج لدى الذراع الأمني في الهيئة، في تطبيق شتى أنواع الممارسات في تعذيب المعتقلين، حتى عناصر الهيئة أنفسهم لم يسلموا منها.
وتحدث التقرير عن روايات متعددة وصلت لشبكة "شام" عبر عدد من المفرج عنهم من كوادر "هيئة تحرير الشام" في قضية العملاء، أكدوا تعرضهم للتعذيب والإهانة بأصناف شتى، من قبل أمنيين في غالبيتهم مجهولي الهوية، خلال فترة اعتقالهم، كما كشفت المقاطع التي روجت لاستقبال المفرج عنهم من قيادات عدة، عن تعرضهم للضرب والتعذيب، وهذا ما أقره أيضاً "أبو محمد الجولاني" وقال إن هناك أخطاء حصلت في التحقيقات.
ليس الضرب والشبح وحده، والاحتجاز في ظروف غير إنسانية فحسب، بل هناك أصناف عديدة مورست بحق المعتقلين من قيادات الهيئة وعناصرها منهم قادة كبار معروفين، وفق ماقال أحد المفرج عنهم لشبكة "شام"، متحدثاً عن ضرب وتعنيف بالكرباج والشبح والسلاسل، بالتوازي مع إهانات لفظية تطعن في الدين والأعراض، وتهدد بالقتل والتنكيل حتى الموت، أو الاعتراف.
وفي تقرير حقوقي سابق، قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إن الهيئة تمكنت من ابتكار أساليب تعذيب مميزة، وسجلت 22 أسلوب تعذيب، وقد يتعرض المحتجز غالباً لأزيد من أسلوب تعذيب واحد، وزعتها الشبكة إلى ثلاثة أصناف رئيسة وهي( 13 من أساليب التعذيب الجسدي - 8 أساليب تعذيب نفسي - أعمال السخرة).
وأشارت الشبكة إلى أن "هيئة تحرير الشام" تستخدم أساليب تعذيب متعددة ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، مؤكدة أنها تشابهت إلى حدٍّ ما مع أساليب التعذيب التي يمارسها النظام في مراكز احتجازه، وأن هناك تشابهاً حتى ضمن استراتيجية التعذيب التي تهدف إلى إجبار المحتجز على الاعتراف، وتتم محاكمته بالتالي بناءً على اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب.