
"الاتحاد الدولي للصحفيين" يعترض على قرار حل "اتحاد الصحفيين" ورابطة إعلاميي سوريا ترد
دعا "الاتحاد الدولي للصحفيين" الحكومة السورية إلى التراجع عن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 53، الصادر بتاريخ 6 شباط 2025، الذي يقضي بحل المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين السوريين وتعيين مكتب مؤقت من خارج أعضاء الاتحاد لتسيير أعمال الاتحاد وتنظيم مؤتمر عام جديد.
وجاء في رسالة وجهها الاتحاد إلى الرئيس السوري احمد الشرع ورئيس الحكومة السورية أن هذا القرار يتعارض مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية السورية، بما في ذلك اتفاقيات منظمة العمل الدولية. وأكد الاتحاد أن التدخل الحكومي في المنظمات النقابية في سوريا يعد انتهاكًا للمبادئ النقابية الدولية.
وأشار الاتحاد إلى أن القانون الذي استندت إليه الحكومة السورية في إصدار هذا القرار قد تبناه النظام السابق بهدف تقييد استقلالية الحركة النقابية. وأعرب الاتحاد عن قلقه من أن تكون الحكومة السورية الحالية بصدد استخدام ذات القوانين القديمة التي تهدف إلى السيطرة على الحركة النقابية واحتكارها لخدمة أجندة الحكومة بدلاً من الدفاع عن حقوق الصحفيين الاجتماعية والمهنية.
ودعا الاتحاد الدولي للصحفيين الحكومة السورية إلى السماح بإجراء عملية تشاورية تضم المنظمات النقابية في سوريا والهيئات الصحفية الأخرى، تهدف لبناء حركة نقابية صحفية تلبي طموحات الصحفيين السوريين وتلتزم باتفاقيات منظمة العمل الدولية ودستور الاتحاد الدولي للصحفيين، في وقت لم يكن للاتحاد الدولي أي موقف من نهج نظام الأسد وإعلامييه الموالين طيلة سنوات الحرب، وممارستهم انتهاكات فظيعة بحق الشعب السوري والعمل الصحفي الذي كرس لخدمة النظام.
رد رابطة إعلاميي سوريا ودعمها للمكتب المؤقت
في المقابل، ردت "رابطة إعلاميي سوريا"، التي تمثل إعلاميي الثورة السورية، على القرار في بيان أكدت فيه دعمها للمكتب التنفيذي المؤقت الذي تم تشكيله حديثًا لتنظيم شؤون اتحاد الصحفيين السوريين. وأوضحت الرابطة أن هذه الخطوة تأتي كحالة استثنائية ومؤقتة تقتضيها ضرورات المرحلة الحالية، مشددة على ضرورة حماية استقلالية مهنة الصحافة.
وطالبت الرابطة الحكومة السورية بإتاحة الفرصة لإعلاميي الثورة السورية للمشاركة في رسم السياسة الإعلامية الوطنية والعمل على تفعيل القنوات والمؤسسات الإعلامية الوطنية بما يعزز السلم الأهلي ويدعم نهضة المجتمع السوري.
تشكيل المكتب المؤقت واتحاد الإعلاميين السوريين
وكان رئيس مجلس الوزراء في الحكومة السورية الانتقالية قد أصدر قرارًا يقضي بحل المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين وتشكيل مكتب مؤقت من عدد من الصحفيين والإعلاميين المعروفين في صفوف الثورة السورية. وسبق هذا القرار إعلان "رابطة إعلاميي سوريا" عن تشكيل مجلس إدارة مؤقت لها خلال اجتماع في دمشق، بهدف توحيد الجهود الإعلامية في تمثيل الصحفيين والنشطاء الإعلاميين السوريين في إطار مشترك.
يُذكر أن "رابطة إعلاميي سوريا" تم تأسيسها بعد اندماج عدة أجسام إعلامية فاعلة في الداخل السوري، وهي اتحاد إعلاميي حلب وريفها، اتحاد الإعلاميين السوريين، رابطة الإعلاميين السوريين، وشبكة الإعلاميين السوريين. وتعد الرابطة من أبرز المنظمات الإعلامية التي نشأت خلال الثورة السورية، وتهدف إلى تعزيز حرية التعبير والصحافة وحفظ حقوق الإعلاميين وضمان سلامتهم.
دور الصحافة في ثورة السوريين
وأكد عبد الكريم ليله، الناطق الرسمي باسم الرابطة، أن الصحافة كانت عنصرًا محوريًا في نقل الحقيقة ومواجهة آلة القمع للنظام السوري. وأشار إلى أن دور الصحافة كان ولا يزال أساسيًا في رفع الوعي لدى السوريين وكشف جرائم النظام، مؤكدًا أن الرابطة تهدف إلى الحفاظ على مكانة الصحافة وحمايتها في المرحلة المقبلة.
وأشار ليله إلى أن الرابطة تعمل على تنظيم العمل الإعلامي وضمان سلامة الإعلاميين وتحسين ظروف عملهم، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على المهنية والشفافية في نقل الأخبار والمعلومات. وأضاف أن الرابطة تسعى إلى تجنب تلوث الصحافة وتضليل المعلومات الذي قد يحدث أحيانًا بسبب ظهور ظاهرة "المواطن الصحفي" على وسائل التواصل الاجتماعي.
التضحية الإعلامية في مواجهة النظام السوري
وطيلة ثلاثة عشر عامًا ونيف، عمل النشطاء من أبناء الحراك الثوري السوري على نقل صوت السوريين وصرخاتهم في مواجهة آلة القتل الأسدية، لم تمنعهم ضعف الخبرات أو الاستهداف الممنهج للنظام والملاحقات الأمنية من إغلاق عدسات كمراتهم أو كسر أقلامهم التي تحررت من قيود النظام البائد بعد عقود من كم الأفواه ومصادر الرأي، فكانت ثورة السوريين بداية بزوغ فجر حرية القلم والعدسة التي فضحت جرائم النظام وواجهت تضليله.
سنوات طويلة استطاع فيها (الناشط الإعلامي) تقديم ضروب في التضحية والفداء، فقدم المئات من النشطاء أرواحهم رخيصة لنقل الصورة الحقيقية، منهم قضوا في معتقلات النظام، وآخرون في القصف وخلال تغطياتهم الميدانية، ومنهم بعمليات الاغتيال، تاركين خلفهم حملاً ثقيلاً على زملائهم لمواصلة الكفاح والتغطية، ومواجهة تضليل إعلام النظام الذي لم يدخر جهداً في تكريس الإعلام لشيطنة الثورة ومحاربتها وتشويه صورتها.
في الطرف المقابل، إعلاميون وصحفيون للنظام، لمعوا في "تشبيحهم" والرقص على جثث الضحايا، فكلما زاد التشبيح والدعوة للقتل وسفك الدم والتحريض والرقص على جثث الموتى، كلما ارتقى وظهر ولمع وبات من المقربين لضباط النظام وأزلامه، الذين منحوهم امتيازات كبيرة في مواقعهم وحياتهم، فبرز من هؤلاء كثر يصعب المقام لذكر أسمائهم، ارتبطت أسمائهم وصورهم بمشاهد الموت والدعس على الجثث، ودعوات القتل والتجييش لقتل السوريين.
وكان عام 2011 تحولًا كبيرًا لعقود طويلة من الاحتكار الإعلامي والشاشة والصوت الواحد، مع انطلاق شرارة الاحتجاجات الشعبية للحراك الشعبي السوري المناهضة لنظام الحكم، فكان لابد من صوت ينقل صحيات الثائرين على النظام القمعي، ولعدم امتلاك الجرأة لدى جل العاملين في الحقل الإعلامي إلا من هو خارج الحدود، برزت فكرة (الناشط الإعلامي)، الذي أوجدته طبيعة المرحلة والحراك، ليحمل المسؤولية الأكبر في نقل صورة الاحتجاجات والانتهاكات بحقها للعالم، ويوصل صوت الثائرين.
وبات لزامًا على إعلام الثورة أن يثبت حضوره الفاعل في المرحلة الجديدة من عمر سوريا، وأن ينظم نفسه ويعزز خبراته، ولا ينسى فضح وتجريد هؤلاء الشركاء في دماء السوريين، والدفع لاقتيادهم للمحاكم لمحاسبتهم وفق القانون، فلم يكونوا يوما دعاة سلام أو مغصوبين على التغطية، بل كانوا يتفاخرون بتشبيحهم ودعواتهم للتحريض والرقص والدعس على جثث الضحايا الأبرياء.