
أنقرة تبحث أوضاع السوريين: اجتماع رسمي يكشف أرقامًا محدثة وتوجهات جديدة في ملف الهجرة
عُقد في العاصمة التركية أنقرة اجتماع رسمي ضم وزير الداخلية التركي وعددًا من ممثلي الجالية السورية، بهدف مناقشة مستجدات أوضاع السوريين في تركيا، وبحث سبل تحسين الوضع القانوني والخدمي للاجئين، بما يشمل إحصائيات دقيقة، وتحديثات إدارية، ومقترحات عملية تقدّم بها رجال أعمال وممثلون عن المجتمع المدني السوري.
وخلال الاجتماع، عرضت وزارة الداخلية التركية بيانات رسمية تُظهر أن عدد السوريين المتبقين في تركيا تحت جميع أنواع الإقامات بلغ نحو 3,953,207 أشخاص، في حين سجّلت الجهات الرسمية عودة 287,862 سوريًا إلى بلادهم خلال الأشهر الستة الماضية.
ووفق الداخلية التركية، بلغ عدد المستفيدين من زيارات العيد، سواء لمرة واحدة أو ثلاث مرات، 33,493 شخصًا. أما فيما يتعلق بأذونات العبور الخاصة، فقد منحت الحكومة التركية خلال الفترة الماضية أكثر من 46 ألف إذن للجمعيات، و869 إذنًا للطلاب السوريين، فيما تجاوز عدد الأذونات الممنوحة لرجال الأعمال 85,759 إذنًا.
وتضمنت المباحثات عرضًا للتحديثات الإدارية الجديدة التي اعتمدتها السلطات التركية، إذ تقرر توسيع معبر تشوبانبِه الحدودي لتعزيز مرونة حركة الدخول والخروج، إلى جانب قرار مهم برفع سقف المبلغ النقدي المسموح بنقله إلى سوريا من 25 ألفًا إلى 400 ألف ليرة تركية، مع الإبقاء على الحد الأقصى للعملات الأجنبية عند 10 آلاف يورو.
كما أعلنت وزارة الداخلية عن تركيب منظومة مراقبة بالكاميرات في كافة النقاط التابعة لإدارة الهجرة، بما يشمل مراكز الخدمات وسيارات الرقابة المنتشرة في الولايات، وذلك لضمان الشفافية ورفع كفاءة الأداء في التعامل مع السوريين.
وفي ما يتعلق بخطط إدارة الهجرة للمرحلة المقبلة، أكدت الحكومة التركية سعيها إلى تسهيل إجراءات الدخول والخروج لحاملي الجنسيتين السورية والتركية، عبر استخدام جوازات السفر فقط دون الحاجة إلى إذن مسبق، كما ستُمنح هذه التسهيلات أيضًا لموظفي الجمعيات.
وسيُسمح للمتزوجين السوريين من مواطنين أتراك بالعبور من المعابر البرية باستخدام جوازات السفر ووثائق الزواج دون قيود، كما يجري الإعداد لمنح أولوية مستقبلية في طلبات الفيزا لأولئك الذين عادوا إلى سوريا في وقت سابق. وأكدت الإدارة كذلك أنها تعمل على تسهيل إجراءات الإقامة والفيزا للسوريين المتزوجين من أتراك خلال السنوات الثلاث الأولى التي تسبق مرحلة التقدّم للحصول على الجنسية.
من ناحية قانونية، جرى توضيح أن حاملي بطاقة الحماية المؤقتة غير ملزمين باستخراج إذن عمل في حال التزموا بالعمل ضمن الولاية ذاتها، حيث يمكنهم التقديم على إعفاء رسمي من خلال نظام المواعيد الإلكتروني، مما يسمح لهم بالتسجيل في التأمينات الاجتماعية. كما أُعلن أن الطلاب السوريين الحاملين لبطاقة الحماية المؤقتة يمكنهم زيارة سوريا حتى أربع مرات سنويًا من خلال المعابر المخصصة لذلك.
وفي السياق ذاته، قدّم رجال أعمال سوريون مشاركون في الاجتماع مجموعة من المقترحات إلى الجانب التركي، بعضها عُرض شفهيًا، والبعض الآخر سُلم ضمن ملف رسمي للجهات المختصة.
شملت أبرز المطالب تسريع معالجة ملفات الجنسية العالقة منذ سنوات، ومنح إقامة عائلية للوالدين على غرار ما هو معمول به للزوجة والأبناء، إضافة إلى تسهيل إصدار أذونات السفر الخارجي في الحالات الطارئة.
كما طُرحت مطالب تتعلق بتفعيل استحقاق الحصول على الجنسية للأشخاص الذين دفعوا التأمينات الاجتماعية وأقاموا بشكل نظامي لمدة خمس سنوات دون أن يتمكنوا من الحصول على إقامة عمل بسبب ظروف استثنائية، مع دعوة إلى فتح المجال أمام التحويل من بطاقة الحماية المؤقتة إلى أنواع أخرى من الإقامات بدون الشروط الحالية التي توصف بأنها تعجيزية.
كذلك دعت المقترحات إلى فتح باب التقديم على الجنسية لأصحاب إذن العمل من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة بعد خمس سنوات، وتوسيع العمل في المعابر البرية لتكون مفتوحة على مدار الساعة، والسماح باستخدام السيارات الخاصة في التنقل بين سوريا وتركيا.
وفي ختام الاجتماع، جددت وزارة الداخلية التركية تأكيدها بأنه لا يوجد أي قرار أو مخطط لإلغاء بطاقة الحماية المؤقتة، مشددة على أن تقييم أوضاع السوريين مستمر على جميع المستويات، سواء في مجالات التعليم أو الصحة أو الأمن، كما أوضحت أن التنسيق مع الحكومة السورية الانتقالية يجري بشكل حذر ومدروس، ويهدف إلى رسم سياسة مستقبلية واقعية تأخذ بعين الاعتبار التحديات الراهنة والظروف الميدانية.
يعكس الاجتماع توجهًا تركيًا واضحًا نحو إعادة تنظيم العلاقة الإدارية مع السوريين داخل تركيا، وفتح نوافذ تفاهم جديدة قائمة على الشفافية والتسهيل، مع استمرار التقييم الأمني والاقتصادي الذي يهدف إلى ضمان التوازن بين مصالح الدولة التركية وحقوق اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.