وسط تبريرات النظام .. حصائل تكشف تراجع الثروة الحيوانية في سوريا
أوردت صحيفة محلية موالية لنظام الأسد تصريحات إعلامية تتضمن إحصاءات صادرة عن مسؤولين تكشف تراجع الثروة الحيوانية في سوريا، وسط تبريرات متجددة حول تراجع الثروة الحيوانية ضمن القطاع الزراعي، الذي يتجاهله النظام ويزعم تقديم الدعم المطلوب له، حيث زعم وزير الصناعة "زياد صباغ" اليوم الإثنين، التوجه الحكومي اليوم هو لدعم المحاصيل الزراعية الإستراتيجية.
وقدّر "جزاع الجازع"، رئيس مكتب الإحصاء والثروة الحيوانية لدى نظام الأسد بأنه تراجع إجمالي أعداد الأغنام إلى أقل من 17 مليون رأس فقط، في حين تراجع عدد الأبقار إلى حدوده الدنيا، وذلك وفق إحصاءات 2021 وبذلك تشير الأرقام الحالية إلى أن الثروة الحيوانية شهدت تراجعاً كبيراً.
وبرر "الجازع"، هذا التدهور لقطاع الثروة الحيوانية بما قال إنها من "الأسباب المعروفة من ظروف الحرب و غيرها"، كما تطرق إلى موضوع محدودية دعم مؤسسة الأعلاف، الأمر الذي يفرض على الجهات المعنية فتح دورات علفية جديدة وزيادة الكميات المخصصة من المقنن العلفي.
وذكر الخبير التنموي "أكرم عفيف"، أن قطاع التربية الحيوانية ولاسيما الأبقار شهد تراجعاً كبيراً وكذلك الثروة الحيوانية في المنطقة الشرقية ليأتي غلاء الأعلاف وصعوبة تأمينها لارتباطها بسعر الصرف، والأهم غياب ثقافة التصنيع والاستهلاك و سوء إدارة الموارد، وهذا ما تتحمل مسؤوليته الجهات المعنية بشكل أو بآخر، وأضاف، أن الأغلبية اتجهت لبيع أبقارها لعجزها عن تأمين مستلزمات تربيتها.
وحسب الباحث الزراعي "إسماعيل عيسى"، فإن الحرب تقف في أول أسباب تراجع الثروة الحيوانية، ثم الجفاف الذي أصاب المنطقة وأدى إلى تدهور المراعي، إضافة إلى فشل الجهات المعنية "حماية المراعي لذلك تم الاعتداء عليها من جميع الأطراف من المسلحين ومن الناس العاديين"، وفق تعبيره.
وزعم أن السبب الأهم هو قطع خطوط التواصل ما بين الجزيرة أي ما بين يمين الفرات وشماله، ناهيك بالضرائب الكبيرة التي تقصم ظهر المربي وهذا وحده كافٍ لإجبار المربي على بيع قطيعه، مشيرا إلى دور مؤسسة الأعلاف السلبي، إذ لا يوجد استيراد للأعلاف ولا حتى زراعة لها.
يُضاف إلى ذلك التلاعب في توزيع الحصص في مادة الأعلاف للمربين باعتبار أنه لا توجد أرقام حقيقية لأعداد الأغنام، لذلك يصبح المربي عاجزاً تماماً عن تأمين استمرارية تربية ماشيته، مقترحا إعادة النظر في الواقع الاقتصادي حيث أن سوريا بلد زراعي، فهل يعقل أن يشتري الفلاح كيس السماد بمئة ألف ليرة سورية.
وحسب أرقام وزارة الزراعة لدى نظام الأسد فإن أعداد الثروة الحيوانية تراجعت بنسبة 40% إذ بلغت قيمة الأضرار لهذا القطاع خلال الحرب 5.5 مليارات دولار، وذكرت أن هذا القطاع لا يزال قائماً لاتباع الحكومة جملة من الإجراءات لترميم قطعان الثروة الحيوانية منها استيراد الأبقار وتوزيعها على المربين بدعم حكومي يصل لنحو 35% وفق زعمها.
وصرح وزير الصناعة زياد صباغ اليوم الإثنين، بأن التوجه الحكومي اليوم هو لدعم المحاصيل الزراعية، ولاسيما المحاصيل الإستراتيجية، موضحاً الأهمية الكبيرة لدعم محصول الشوندر التي تبدأ من الزراعة لإحياء الأراضي من جديد، وزعم أن هذا الأمر ساهم بدعم الفلاح وإعطائه سعراً مجزياً، حيث تم اعتماد سعر 260 ألف ليرة للطن الواحد، إضافة إلى 10 آلاف ليرة مكافأة تشجيعية.
وتحدث عن دراسة لرفع الأسعار خلال الموسم القادم، مع الإشارة إلى أن التوجيه اليوم لدعم وتشجيع الفلاح على زراعة هذا المحصول الإستراتيجي والتوسع بزراعته في الموسم القادم بالتعاون مع وزارة الزراعة واتحاد الفلاحين وغرف الزراعة، حيث تم احتساب السعر على الكلف الفعلية وتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي من وقود وسماد وغيرهما، حسب زعمه.
وأرجع ذلك "لأن الشوندر محصول إستراتيجي باعتباره ينتج مادة السكر إضافة إلى منتجات أخرى لها أهميتها مثل مادة الكلس باعتبارها المادة الأساسية في صناعة الخميرة كما ينتج عنها الكحول الطبي، إضافة إلى أن التفل المتبقي من محصول الشوندر يستخدم كمادة علفية ممتازة للثروة الحيوانية"، وفق تعبيره.
وكان نقل موقع إعلامي موالي لنظام الأسد عن وزير الزراعة في حكومة النظام "حسان قطنا"، حديثه عن اعتماد الشريحة الإلكترونية لضبط عملية تعداد الثروة الحيوانية وتوزيع المقنن العلفي، اعتباراً مطلع العام 2023 الأمر الذي أثار ردود ساخرة مع مقارنة المشروع بالبطاقة الذكية ضمن مناطق سيطرة النظام.
وكشفت مصادر إعلامية موالية للنظام عن تكرار حدوث عمليات فساد كبيرة جديدة في فرع المؤسسة العامة للأعلاف لا سيّما في محافظتي حمص وطرطوس، حيث عثر على العلف مخلوط بمادة "نحاتة"، وهي من ضمن مواد البناء، فيما يواصل نظام الأسد إعفاء المسؤولين وتحصيل الأموال.
وسبق أن بثت إذاعة محلية موالية لنظام الأسد مقابلة مع "عبد الكريم شباط"، مدير المؤسسة العامة للأعلاف أدلى خلالها بتصريحات إعلامية مثيرة للجدل حيث قال إن "الفساد والسرقة التي تتم في فروع المؤسسة لها مردود اقتصادي على المؤسسة وتعود عليها بالربح"، وفق تعبيره.
هذا ويشتكي مربو الثروة الحيوانية من ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة وتحكّم التجار بأسعارها، وقلة المقننات العلفية المدعومة الموزعة، الأمر الذي ينعكس سلباً على أسعار مختلف المنتجات الحيوانية من اللحوم البيضاء والحمراء والحليب واللبن والجبن.
وكان نقل موقع اقتصادي موالي ما قال إنها تقارير رسميّة تنذر بانهيار الثروة الحيوانية في سوريا، وترافق ذلك مع تكرار تبريرات التراجع الكبير للقطاع وسط تجاهل النظام مواصلاً ممارساته التي تزيد تدهور القطاع الهام الذي ينعكس على الأوضاع المعيشية بشكل مباشر.