سوق لبيع النساء..!! "العربية" تُجاري قناة "الدنيا" وتنسج تقريراً من وحي الخيال عن إدلب
سوق لبيع النساء..!! "العربية" تُجاري قناة "الدنيا" وتنسج تقريراً من وحي الخيال عن إدلب
● أخبار سورية ١٥ أغسطس ٢٠٢٣

سوق لبيع النساء..!! "العربية" تُجاري قناة "الدنيا" وتنسج تقريراً من وحي الخيال عن إدلب

رصد متابعون للشأن السوري، حدوث تغييرات ملحوظة في الآونة الأخيرة لجهة تعاطي عدة وسائل إعلاميّة عربية مع القضية السورية تمثلت في تغيّر بعض المصطلحات الواردة في الأخبار اليومية، مثل استبدال مصطلح "قوات الأسد" بـ"الجيش السوري" و"حكومة النظام" بـ"حكومة دمشق"، إلّا أن ذلك لم يقتصر على المصطلحات حيث بدأت بعض القنوات بث روايات تتماشى مع رواية نظام الأسد.

وفي جديد ذلك، أن أثارت قناة "العربية" السعودية تقريراً يحمل جملة من الأكاذيب والتضليل، حاولت من خلاله إظهار محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بشكل مغاير للواقع زاعمةً وجود "سوق لبيع السبايا" في المحافظة، واستدلت بذلك على مصادر مجهولة أبرزها ما ادّعت أنه ناشط من إدلب يدعى "لؤي عرمون"، وقالت إن اسمه مستعار.

 

"معارضات الهيئة متهمات بالدعارة".. مصادر مجهولة و مغالطات بالجملة

زعم الناشط المفترض "عرمون"، أن "السوريات الرافضات لحكم هيئة تحرير الشام يتهمن بممارسة الدعارة ويتعرضن للإعدام بالرصاص وسجلت عشرات حالات قتل النساء بتلك الوحشية"، وتحدث عن "انتشار وارتفاع أعداد مراكز الاحتجاز التي غالبيتها تكون مخفية وسرية ومن يدخلها نادراً مايخرج منها على قيد الحياة".

وأثار التقرير من حيث الرواية البوليسية المعتمدة على الإثارة والسرية الكثير من اللغط حول واقعية المعلومات الواردة كونها بعيدة كل البعد عن واقع المدينة، واعتبر أنه إهانة للنساء في مناطق الشمال السوري المحرر الذي لم يتم التوقف عن استهدافه إعلامياً بشكل ممنهج من قبل وسائل الإعلام الداعمة لنظام الأسد.

 

كذبة سبايا "عفرين" لدى "تحرير الشام"!!

ذكرت "العربية"، نقلاً عن "الناشط المجهول"، أن "بعض السجون تضم سبايا إيزيديات ومسيحيات وعشرات النساء الكرديات خاصة من عفرين" يتم بيعهن لاحقا"، نقلا عما زعم أنهم "سجناء خرجوا وهاجروا خارج البلاد"، على حد قوله.

والمعروف بأن "تحرير الشام"، لم تشارك في عملية تحرير مدينة عفرين من قبضة الميليشيات الانفصالية، على الإطلاق، ما يطرح تساؤلات كثيرة حول كذبة وجود فتيات من عفرين كـ "سبايا" في سجون "تحرير الشام"، التي لم تشارك أساسا بعملية "غصن الزيتون".

كما نقلت "العربية" عن شخصية قالت إنها تدعى "شريهان رشو" وقدمتها على أنها "ناجية إيزيدية"، بيعت في مدينة الرقة السورية لتجار الرقيق من "جبهة النصرة" في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، وركزت القناة على ذلك هذا المصطلح رغم حل "النصرة".

 

إدلب في الواجهة.. التاجر والشاري!

ورد في تقرير القناة ذكر إدلب بشكل لافت، وادّعت ما قيل إنها الناجية الإيزيدية "رشو" بأنه في 2017 قبل سيطرة ميليشيا "قسد" على الرقة بأشهر تم بيعها من قبل تنظيم "داعش"، لـ "أبي عبد الله الداغستاني وأبي خالد العراقي" وقالت إنهما "من تجار السبايا في إدلب" مدعيةً اقتيادّها إلى إدلب حيث أودعت في سجن تحت الأرض قرابة شهر، على حد زعمها.

وقالت إنها اكتشفت أن المكان تحت الأرض هو "سوق تباع فيه النساء"، من الديانات الأخرى وكانت واحدة منهن، ثم زعمت بيعيها لمقاتل في النصرة "سوري الجنسية وينحدر من إدلب مقابل آلاف الدولارات" (لم تحدد المبلغ)، واللافت حصر التجار والمشترين بأشخاص من محافظة إدلب.

 

الخاتمة توضح اعتماد التقرير على الخيال

وحسب "رشو" فإنها حين انتقلت لمنزل "مقاتل في النصرة سوري الجنسية وينحدر من إدلب"، سمح لها بالبحث عن عائلتها عبر صفحات التواصل "بهدف ابتزازهم مادياً"، الأمر يعتبر غير منطقي لا سيما مع ذكر طريقة هروبها لاحقا.

وأضافت أنها عثرت على شقيقيها الذي كلف أحد المهربين لتهريبها، وجاء بها إلى أقرب حاجز لمجلس منبج العسكري، وهم بدورهم سلموها لذويها في "سنوني بشنكال" وهي بلدة عراقية في قضاء سنجار بمحافظة نينوى.

ويذكر أن التقرير المعد من قناة العربية أثار الكثير من ردود الفعل الغاضبة، وبعد ساعات قليلة على بثته على صفحة "الحدث السوري" الرسمية التابعة لقناة العربية حاز على أكثر من 1,200 تعليق جاءت في سياق حملة من الردود التي تكذب القناة وتفند مزاعمها ومن المتوقع إصدار جهات إعلامية أو حكومية بيانات حول هذا التقرير المنسوج من وحي خيال المعدين له، وسط انتقادات لتحول التعاطي الإعلامي مع القضية السورية المتزامن مع تطبيع الدول العربية مع نظام الأسد.

 


تقارير وإحصائيات حقوقية تنفي وتكذب تقارير "العربية"

وكثيراً ما صدرت تقارير حقوقية، سواء عن الشبكات السورية أبرزها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، أو المؤسسات الأممية، التي ترصد حالات حقوق الإنسان في سوريا، وتطرح الانتهاكات المسجلة في إدلب على يد "هيئة تحرير الشام"، من خلال توثيقات وأرقام حقيقة للاعتقالات والتعذيب والانتهاكات الأخرى الممارسة، لكن لم تذكر أيًّ من تلك التقارير أي حديث عن سبايا في إدلب أو أي  من هذا النوع، مايؤكد زيف ادعاءات القناة التي تنقل روايات بلسان نظام الأسد.

وفي شهر آذار 2023، أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريرها السنوي بمناسبة (اليوم الدولي للمرأة)، سجل التقرير منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2023، مقتل ما لا يقل عن 16298 سيدة (أنثى بالغة) على يد جميع الأطراف في سوريا، 11957 قتلنَ على يد قوات النظام السوري، أما تحرير الشام المسيطرة على إدلب، كانت الجهة الأقل انتهاكاً بهذا الشأن مسجلة 79 حالة قتل، في حين قتلت 977 سيدة على يد القوات الروسية، فيما قتل تنظيم داعش 587، وقتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 885 سيدة، وقتلت قوات سوريا الديمقراطية169، وسجل التقرير مقتل 658 سيدة على يد قوات التحالف الدولي، و986 سيدة على يد جهات أخرى.

وطبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 10169 سيدة لا تزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011، بينهن 8473 لدى النظام السوري، و255 لدى تنظيم داعش، و44 لدى هيئة تحرير الشام، و873 لدى جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و524 لدى قوات سوريا الديمقراطية.

وقد أظهر تحليل البيانات أن النظام السوري مسؤول عن قرابة 83 % من حالات الاعتقال والاختفاء القسري مقارنة ببقية أطراف النزاع. وبحسب التقرير هذا يدل على تعمد النظام السوري ملاحقة واعتقال/ احتجاز وإخفاء الإناث بدوافع متعددة، على نحوٍ مخطط ومدروس.

وكان وثق التقرير في المدة ذاتها ما لا يقل عن 11532 حادثة عنف جنسي ضد الإناث، كانت 8016 على يد قوات النظام السوري، و3487 على يد تنظيم داعش، وأضاف أن 13 منها كانت على يد قوات سوريا الديمقراطية، و16 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. وفي هذا الجانب أوضح التقرير أنَّ كلاً من النظام السوري وتنظيم داعش قد مارس العنف الجنسي كسلاح حرب استراتيجي وأداة تعذيب وانتقام ضد المجتمع السوري.

وكان استنتج التقرير أن النظام السوري المسيطر على الدولة السورية كان الجهة الأولى التي خرقت القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ومارست انتهاكات بحق المرأة على نحو واسع في كثير من الأنماط مثل القتل، والتعذيب والإخفاء القسري، وسار على نهجه بقية أطراف النزاع بشكل متفاوت، وأن العديد من الممارسات التي تستند إلى قوانين وتشريعات لدى جميع أطراف النزاع، تنتهك حقوق المرأة بشكل يتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ