بعنوان "العودة والاستقرار" .. النظام يقدر معدلات الفقر والبطالة والهجرة والأمن الغذائي
أصدرت حكومة نظام الأسد ما قالت إنه التقرير الوطني الرابع حول حالة السكان في سوريا، تحت عنوان "العودة والاستقرار"، لتوصيف حالة السكان، وقالت وسائل إعلام النظام إن "من الطبيعي ألّا يكون السكان بأفضل حال بعد مرور أكثر من عقد على الحرب على سوريا"، وفق تعبيرها.
واعتبر إعلام النظام الرسمي بأنّ تقرير حالة السكان الذي تم إعلانه أمس ينطوي على الكثير من الحسم لحالة غياب الرقم الرسمي لقضايا إستراتيجية حقيقية، وزعمت أن الجديد هو بلورة حكومية جديدة للأرقام في ظل تراشق هائل ومتاجرة بالمعطيات والمؤشرات فيما يشبه "السوق السوداء".
وفي التفاصيل تشير بعض التفاصيل والمؤشرات الاقتصادية لتقرير حالة سكان سوريا 2020 إلى أن نسبة من يعانون الفقر المدقع بلغت 8.15% من السكان في عام 2014 وكان أعلاها في محافظات درعا ثم الحسكة والقنيطرة وحماة والرقة وريف دمشق وإدلب.
وأشار التقرير إلى أن نسبة من يعانون من الفقر الشديد بلغت 9.46 % من السكان، وذكر التقرير أن البرنامج الوطني التنموي لـ"سورية ما بعد الحرب" لخص الخطة الإستراتيجية سورية 2030 بالإشارة إلى "مساهمة الحرب" في زيادة معدلات الفقر وفق خطيه الشديد والعام، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن مسألة انعدام الأمن الغذائي كانت من بين الظواهر الاجتماعية التي تنامت خلال الأزمة، حيث زادت نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي مع تفاوت هذه النسب بين محافظة وأخرى، إذ يرتفع في المحافظات الشرقية والشمالية وتنخفض في محافظات السويداء ودمشق وطرطوس واللاذقية.
وحسب التقرير قإن من منعكسات المؤشرات الاقتصادية على حالة السكان أيضاً زيادة عمق التشوهات التي اتسم فيها سوق العمل قبل 2011 ومنها مثلاً أن 60% من القطاع الخاص غير منظم، و66% من حملة الشهادة الإعدادية وما دون، وارتفاع في نسبة عمالة الأطفال، وزعم التقرير بأنه "قد حالت الحرب دون متابعة إصلاح سوق العمل، وزادت حدة الاختلالات".
وقدر تراجع حصة الفرد من الناتج بدءاً من العام 2012 لتصبح أقل من نصف ما كانت عليه في العام 2010، وقدر أن بعد 2011 زادت من اختلالات سوق العمل و60% من القطاع الخاص غير منظم، وأصبح الاتجاه العام لنمو الأجور الحقيقية نحو مزيد من الانخفاض.
وخلال السنوات 2011-2019، تراجعت الأجور الحقيقية بمعدل وسطي بلغ -6 %، وتراجعت حصة العمل من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بتكلفة عوامل الإنتاج إلى 26 % في العام 2019، ومع تدهور الإنتاجية الكلية خلال منذ 2011 أصبحت عملية زيادة الأجور ذات تأثير تضخمي، أدخلت الاقتصاد في حلقة تضخم حلزوني تستند إلى قاعدة التضخم الجامح الذي يعانيه الاقتصاد السوري.
ويقترح التقرير للخروج من هذا الحلقة مراعاة أمرين، الأول هو البدء بمعالجة حالة التخلخل القطاعي، والتركيز على الإنتاجية، والثاني، ضمان الحد من الأثر التضخمي لزيادة الرواتب والأجور والتركيز هنا يجب أن ينصب على مسألة إعادة التوزيع.
وبيّن التقرير ارتفاع معدلات البطالة بصورة كبيرة خلال سنوات الحرب، وقدرها بحدود 31.2% في عام 2019 وذلك بسبب تأثير الأزمة على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وعن تداعيات النزوح واللجوء والهجرة الخارجية على سوق العمل وخاصة بين الشباب والشابات، جاء في التقرير أن أعداد المهاجرين واللاجئين قدرت في عام 2019 بحوالي 8.5 ملايين لاجئ ومهاجر.
وبالرغم من كذبة النظام حول عودة الأمن والأمان إلّا أنّه أقر باستمرار أعداد المهاجرين بالارتفاع معتبرا ذلك يشير إلى تغلب الدوافع الاقتصادية على الأمنية، فاتساع معدلات البطالة والفجوة بين دخول العمل ومتطلبات العيش وارتفاع معدلات الفقر دخلت بقوة كعوامل طاردة للسكان وخاصة للسكان في سن العمل.
ونوه التقرير أن الهجرة المتزايدة من أهم الملفات التي يجب أن تؤرق الحكومة، والمجتمع السوري الذي فقد ولا يزال جزءاً من خيرة المؤهلات والموارد البشرية، وخصوصاً من الفئة العمرية التي تضم خريجي الجامعات، ومن الاختصاصات العملية، وضرورة الإسراع في الوعي تجاه ضخامة وفداحة أزمة الهجرة التي تضحي بالكوادر الشابة.
يضاف إلى ذلك تخفيف الاستغلال الدولي الممنهج للمهاجرين السوريين بأشكاله المختلفة المادية والمعنوية، وأشار التقرير أيضاً إلى أن معدل النمو كان سلبياً حيث انخفض إلى -7.6% خلال 2011 إلى 2019، ولكن بحسب التقرير أن معدل النمو تحسن وأصبح موجباً بين عامي 2018- 2019.
هذا وجاء التقرير الرابع الذي أعدته الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان الذي أطلقته أمس عن حالة السكان في سورية 2020 بعنوان (العودة والاستقرار)، وسط مزاعم بأنه أنجز في إطار خطة التعاون المشترك بين الهيئة وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وصرح رئيس مجلس الوزراء لدى نظام الأسد "حسين عرنوس" في كلمة له خلال إطلاق التقرير أن الحكومة تولي عناية واهتماماً كبيرين للمسألة السكانية باعتبار السكانِ يجسدون رأس المال البشري اللازم لتحقيق الأهداف التنموية من جهة، وهم المستهدفون بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية من جهة أخرى.
وتحدث المكتب المركزي للإحصاء التابع لنظام الأسد عن تنفيذ "مسح للوقوف على مستوى الأمن الغذائي في سوريا، وذلك عبر فريق تقني معني بتكوين قاعدة بيانات، تبنى عليها التوجهات الحكومية والمجتمعية مستقبلاً"، وبهدف "وضع الخطط"، حسب وصفه.
وحسب مسؤول المكتب "عدنان حميدان"، فإن المسح هو الأول من نوعه الذي ينفذ إلكترونياً، وبدء العمل فيه بعدد من المحافظات، وينفذ عبر التابات المقدمة من برنامج الأمن الغذائي، ووصل عددها إلى 400 جهاز، فتم تحويل الاستمارات الورقية المعدة إلى استمارة إلكترونية.
وكانت كشفت إحصاءات "المكتب المركزي للإحصاء" التابع للنظام عن نسب تضخم قياسية وغير مسبوقة في الأسعار، وذلك وسط تجاهل نظام الأسد للقطاع الاقتصادي الذي وصل إلى ما هو عليه من مراحل الانهيار بسبب قراراته وممارساته علاوة على استنزافه لموارد البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن "برنامج الأغذية العالمي" التابع للأمم المتحدة، أصدر تقريرا عن الوضع في سوريا، مؤكدا أن أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الغذاء، بالمقابل زعم "عمرو سالم"، وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام بأن "الأمن الغذائي مؤمن وأكثر من ممتاز"، مناقضاً بذلك البيانات الأممية والدراسات والتقارير الصادرة عن جهات دولية حول انعدام الأمن الغذائي في سوريا.