صراع قديم متجدد .. اقتتال "الشامية وأحرار الشام" شمالي حلب "من الألف إلى سفك الدماء"
تجددت الاشتباكات بين فصيلي "الجبهة الشامية" و"حركة أحرار الشام"، ونستعرض في هذا التقرير المراحل التي أفضت إلى الاقتتال بدءاً من الخلافات وحالة الانشقاق التي أتبعها إصدار قرار من قبل "اللجنة الوطنية للإصلاح"، مروراً برفض "أحرار الشام"، لمخرجات اللجنة وإعلان انضمامها بوقت لاحق إلى "ثائرون للتحرير"، وصولاً إلى كشف تداعيات الاقتتال المتواصل بين طرفي الصراع وسط تحذيرات من تمدد المواجهات في الشمال السوري لا سيّما مع سقوط قتلى وجرحى بينهم مدنيين.
أفاد ناشطون بأنّ مواجهات عنيفة اندلعت صباح اليوم السبت 18 أيار/ مايو، بين الطرفين، تخللها استخدام للرشاشات الثقيلة، وقطع للطرقات الرئيسية، ونصب حواجز عسكرية مدججة بالأسلحة وحالة استنفار متصاعدة، وتركزت الاشتباكات في قريتي عبلة وتل بطال شرقي حلب، إلا أن الاستنفار واحتمال تمدد المواجهات يشمل عدة مناطق ضمن الباب والراعي وجرابلس شرقي حلب، وعفرين وإعزاز شرقها.
وذكر ناشطون في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي، بأنّ تداعيات الخلافات بين الطرفين وصلت إلى أطراف المدينة قرب "حي القرنفل"، حيث نشبت مواجهات عنيفة تخللها استخدام الأسلحة الثقيلة وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى جراء الاشتباكات المتواصلة في عدة مناطق ضمن ريف حلب الشرقي، كما امتدت حالة التوتر إلى عفرين مع أنباء حدوث اشتباكات في المنطقة.
وفي التفاصيل، توجهت قوات عسكرية تابعة لـ"الجيش الوطني السوري"، لتنفيذ ما قالت إنه القرار الصادر عن "اللجنة الوطنية الإصلاح"، بخصوص قضية انشقاق مكونات الفرقة 32 التابعة للفيلق الثالث، وهي من مكونات حركة أحرار الشام، وفق بيان نشرته قناة "مراسل الفيلق الثالث" على تطبيق تلجرام.
وحسب البيان الصادر عن الفيلق التابع لـ "الجبهة الشامية"، فإنّ قرارات "اللجنة الوطنية الإصلاح"، "أجمعت كل مؤسسات الثورة على تطبيقها"، ودعا البيان "المنشقين إلى الالتزام في بيوتهم" وأضاف: "لسنا في مواجهة إلا مع من يرفض الخضوع للشرع وقرار اللجنة الوطنية"، وفق نص البيان.
وفي سياق موازٍ صرح عضو مكتب العلاقات العامة في الفيلق الثالث "هشام اسكيف"، بأنّ ما يحدث في ريف حلب الشرقي تم بتوافق الجيش الوطني والفيالق الثلاثة ووزير الدفاع، معتبراً أن الاقتتال المتواصل هو تنفيذ لقرارات "اللجنة الوطنية للصلح".
وقال "اسكيف"، في تصريحات إعلامية نقلتها وسائل إعلام محلية إن "بعض منتسبي الفرقة 32 رفضوا قرارات اللجنة ما استدعى قوات من الفيالق الثلاثة التابعة للجيش الوطني وبأوامر من وزير الدفاع التحرك لتنفيذ هذه القرارات"، وفق تعبيره.
وتداول ناشطون تسجيلاً صوتياً للشيخ "عمر حذيفة"، رئيس "اللجنة الوطنية للإصلاح"، بخصوص القضية بين الفيلق الثالث "الجبهة الشامية"، والفرقة 32 "أحرار الشام-القطاع الشرقي"، وجاء فيه حديثه عن انتهاء دور اللجنة حاليا بعد إصدار قراراتها ضمن المراحل السابقة، مشيرا إلى عدم تأييده لحدوث قتال بين الطرفين، كما دعا إلى ضرورة الصلح والإصلاح بشكل عام.
بالمقابل جرى تداول رسالة نصية منسوبة لـ "عامر الشيخ"، قائد "حركة أحرار الشام"، علّق خلالها على الاقتتال المتواصل، بقوله إن "قيادة الشامية شنت حملة بغي واعتداء جديدة على مقرات الحركة في مدينة الباب"، واعتبر أن الحركة قامت قبل وأثناء وبعد الإشكال بكافة الأسباب وغاية الوسع بمنع الوصول إلى الصدام.
وأضاف "الشيخ"، أن قيادة الحركة وضعت حلولاً في اللقاء الأخير الذي تم برعاية الشيخ "ماهر علوش"، ووصف مقترحات الحركة تجاه "الجبهة الشامية"، بأنها "ترعى مصالحهم وتبدد هواجسهم وتحفظ مكانتهم"، وتابع: "لكن بكل أسف جعلوا ذلك كله وراء ظهورهم وغامروا مغامرتهم التي سيتحملون تبعاتها في الدنيا والآخرة"، وفق تعبيره.
ونشرت "حركة أحرار الشام"، اليوم السبت، بياناً رسيماً قالت فيه إن "الجبهة الشامية عاودت الاعتداء على مقرات القطاع الشرقي للحركة، تضمن ذلك هجوما على نقاط الرباط في محور "عبلة" شرقي حلب وخلف ذلك من جديد عددا من القتلى والجرحى"، وفق نص البيان.
وذكرت الحركة أن "الشامية" "كررت الهجوم للمرة الثانية على التوالي أثناء التحضير لمعارك التحرير المرتقبة مما يطرح العديد من التساؤلات حول بواعث هذا السلوك، خصوصا مع بدء العصابات الانفصالية هجوما متزامنا على محور عبلة أسفر عن استشهاد أفراد عائلة"، ويأتي ذلك دون تأكيد أي مصادر مستقلة معلومة استشهاد عائلة بقصف لـ "قسد".
ودعت الحركة في بيانها "قيادة الشامية"، إلى "التوقف الفوري عن هذه الممارسات اللامسؤولة، و تحملها وجميع من تسبب في هذا التصعيد الخطير مسؤولية التبعات التي ستترتب على هذا السلوك، وتدعو جنود الجبهة الشامية إلى اعتزال هذا القتال والتزام الحياد خلال التطورات المقبلة"، حسبما أوردته الحركة في البيان.
وبالعودة إلى استعراض مراحل الخلافات بين الطرفين، أصدرت "أحرار الشام"، مطلع شهر حزيران/ يونيو الجاري، بياناً ذكرت خلاله أن موقف الحركة من الخلاف الذي حصل بين الجبهة الشامية والفرقة 32 "القطاع الشرقي الأحرار الشام"، الذي كان قد انضم إلى الجبهة الشامية في عام 2017، وفي 31 آذار الماضي تم إبلاغ قيادة الشامية من طرف الفرقة بقرارهم بالخروج من الفيلق الثالث التابعة لها.
وحسب بيان "أحرار الشام"، فإنّ الفرقة 32 طلبت تشكيل لجنة لتسير أمر خروجهم بشكل سلمي لتفاجأ الفرقة بعدها بتاريخ 1-4-2022 بهجوم للجبهة الشامية على مقرات الفرقة وترتب على ذلك سقوط عدد من القتلى والجرحى، وتم الاتفاق على اللجنة الوطنية للإصلاح لفض الخلاف، والتي أصدرت قرارها بتاريخ 25-5-2022، حسب بيان رسمي صادر عن قيادة الحركة.
وتضمن قرار "اللجنة الوطنية للإصلاح"، وقتذاك تجريد القطاع من معظم سلاحه ومقراته السيادية، الأمر الذي اعتبرته "حركة أحرار الشام"، تجاهل للقضية الرئيسية المتمثلة بالاعتداء على القطاع ومهاجمته بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وقالت إن "قيادة الحركة لديها الكثير من الاعتراضات والتحفظات على قرار اللجنة".
وذكرت أن بعض الاعتراضات متعلق بالشكل مثل اشتمال اللجنة على أطراف مقربة من الجبهة الشامية، وعدم سماع الطرف الآخر نهائيا وعدم استدعاء الشهود والاعتماد على رواية واحدة، و بعضها متعلق بالمضمون من حيث تسبب القرار بإشكالات جوهرية منها تأخير قضية الاعتداء والدماء التي وقعت مما زاد في إيغار الصدور و كذلك إخراج مجاميع قتالية فاعلة عن الخدمة والتسبب في إشكالات مناطقية وتهيئة الأرضية المناسبة لتكرار الاعتداء على القطاع.
هذا ويذكر كافة مراحل الخلافات لا سيّما رفض "حركة أحرار الشام" لقرار "اللجنة الوطنية للإصلاح"، ترافق مع تجييش إعلامي متصاعد عبر ما يعرف بالإعلام الرديف لـ "هيئة تحرير الشام" وجهات أخرى، حيث طالت هجمات إعلامية ممنهجة كلا من جيش الإسلام والجبهة الشامية، لصالح حركة أحرار الشام.
وتشهد مناطق عديدة بأرياف حلب في الشمال السوري، حالة من التوتر والترقب بعد أن نشبت مواجهات عنيفة بين فصيل "الجبهة الشامية" من جهة وفصيل "أحرار الشام - القطاع الشرقي"، من جهة أخرى، ضمن عدة مناطق بريف مدينة الباب شرقي حلب، تخللها استخدام للرشاشات الثقيلة مع استمرار المواجهات بين الطرفين.
في حين يأتي استقدام التعزيزات في مؤشرات على تصاعد الموقف بين الطرفين دون الكشف عن تدخل قوات لفض النزاع مع استمرار حالة الاستنفار في عموم المنطقة وأشارت مصادر محلية إلى استخدام الأسلحة الرشاشة الثقيلة.
وفي مطلع شهر نيسان/ أبريل الماضي، اندلعت اشتباكات بين فصائل من الجيش الوطني السوري في قرية عولان بريف مدينة الباب بريف حلب الشرقي، فيما انتهت المواجهات مع تدخل قوات لفض النزاع قبل أن تعود للواجهة مجددا مع تجدد الاقتتال.
وقال ناشطون وقتذاك إن اشتباكات اندلعت بين فصيلي الجبهة الشامية وأحرار الشام، على خلفية انشقاق إحدى تشكيلات الجبهة الشامية وانضمامها للعمل بصفوف أحرار الشام، ما أدى لمقتل عنصر على الأقل وإصابة آخرين بجروح، حيث تدخلت سيارة إسعاف لنقل الجرحى.
وأشار ناشطون حينها إلى أن رتل تابع لـ "الشامية" المنضوية في صفوف "الفيلق الثالث"، هاجم "أمنية" عولان التي انضمت لـ"أحرار الشام"، ما تسبب باندلاع الاشتباكات، وتدخل فصيلي "حركة التحرير والبناء" و"هيئة ثائرون" لفض النزاع وحل الخلاف الحاصل، ما أدى لتوقف الاقتتال بين الفصيلين في المنطقة.
وكانت نشبت اشتباكات بين عناصر يتبعون للجيش الوطني السوري، في عدة مناطق لا سيّما في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، تخللها استخدام للرشاشات الثقيلة، في حدث يتكرر ويعكس استهتار السلطات العسكرية وتعريض حياة المدنيين للخطر بهذه الحوادث المتكررة.
وتجدر الإشارة إلى أن الاشتباكات المتجددة أثارت حفيظة نشطاء وفعاليات الحراك الثوري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطالبوا بالكف عن هذه التصرفات الصبيانية التي باتت العنوان الأبرز مع تكرار حوادث إطلاق النار المتبادل بين مكونات الجيش الوطني السوري.