مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٠ أكتوبر ٢٠١٤
دور المعاهدات في محاربة داعش: سورية وايران مثالا

في مقالتي السابقة ذكرت: ((وميدانياً وصلت الحرب مرحلة التعادل مع استمرار عملية القتل الجماعي دون احراز الانتصارات سوى الجزئية منها.)) دون الاشارة الى الاسباب الموضوعية لاستمرار الحرب ضد التحالف الداعشي. وهنا اجد الضرورة لشرح دور الاتفاقيات الدولية القائمة التي تلعب دوراً مهماً في هذا الخصوص:
اولاً: – في 16/6/2006 ، اي قبل الحرب الاهلية في سوريا بسنوات، وقعت ايران مع سوريا اتفاقية عسكرية ضد الخطر المشترك على الدولتين. بموجبها تستطيع ايران ارسال جيوشها النظامية الى سوريا للدفاع عنها من اي تدخل عسكري من قبل تركيا او من اية دولة اخرى. وفي 27/9/2014 صرح الرئيس رجب طيب اوردوغان ان (( القوات التركية قد تساهم في انشاء منطقة أمنة في سوريا في حالة قرار دولي على اقامة ملاذ آمن لللاجئين الذين يفرون من مقاتلي الدولة الاسلامية.)) واضاف: ((ان العمليات الجوية لن تكف في القضاء على داعش… لا يمكن القضاء على مثل هذه المنظمة الارهابية بالغارات الجوية وحدها … ان القوات البرية تلعب دوراً تكميلياً ويجب النظر للعملية كوحدة واحدة. )) اي انه اعلن عن استعداده لشن هجوم بري على جارته الجنوبية (( وذلك لاسقاط حكومة بشار الاسد التي فقدت شرعيتها.))
رداً على هذه التصريحات لاوردوغان اعلنت وزارة الخارجية السورية في 3/ 10/ 2014 عن اعتبار اي تدخل تركي عسكري في سوريا عدواناً عليها. ثم اكد عبد اللهيان، نائب وزير الخارجية الايراني، في 9/10/2014 على هذا الاعلان حين صرح ان حكومته (( انذرت تركيا بالعواقب الوخيمة اذا اخترقت القوات التركية الحدود السورية.)) واعاد تحذيره بعد يومين في اجتماع في مؤسسة الدراسات الاستراتيجية في طهران. وبالطبع انه يبعث بهذه التحذيرات القوية ليذكر اوردوغان بنصوص معاهدة الدفاع المشترك لحكومته مع سوريا.
وفي 15/10/2014 تابعت وزارة الخارجية السورية بقولها ((إن المحاولات التركية لإقامة منطقة عازلة على الأراضي السورية تشكل انتهاكا سافرا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي التي توجب احترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما تشكل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وضرورة تجفيف منابعه ولاسيما القرارات 1373-2170-2178 ما يتطلب من المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن التحرك السريع لوضع حد لانتهاكات الحكومة التركية التي تشكل تهديدا للأمن والسلم الإقليمي والدولي. )) اي ان الحكومتين السورية والايرانية تركزان على قرارات مجلس الامن والاتفاقات الشرعية بين الدولتين للرد على تركيا، لا لتهديدها فحسب بل لاظهارها بانها تعمل على تهديد سورياً خرقاً للطرق الشرعية التي تنظم العلاقات الدولية.
ثانياً:- في 8/10/1980 وقعت الدولة السوفياتية معاهدة السلم والصداقة مع سوريا. يشير البند السادس منها الى قيام الطرفين الساميين بالعمل المشترك لازالة الخطر على امن احد الطرفين. وبموجب هذه المعاهدة انشأ الاتحاد السوفياتي قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس والتي بدونها لا تستطيع البوارج الحربية الروسية الدخول الى البحر المتوسط بسهولة. وبموجبها ايضاً قررت حكومة بوتين تجهيز سوريا بصوارخ ايس 300 المضادة للهجوم الجوي، وذلك بالرغم من توسلات نتنياهو في سفرته الى موسكو لاقناع الحكومة الروسية على تبديل قرارها المؤذي لاسرائيل.
رداً على التهديدات الفارغة للولايات المتحدة حول ضرورة محاربة داعش باستخدام المعارضة السورية ((المعتدلة)) اكد لافروف، وزير الخارجية الروسي في هيئة الامم المتحدة في 27/9/2014 ، اي في نفس اليوم الذي نطق اورغان بتصريحاته المدونة اعلاه، على (( ان محاربة الارهاب ينبغي ان تكون وفق القانون الدولي وان الولايات المتحدة تعتبر نفسها بطلة الديمقراطية وسيادة القانون وترفض المساواة بين سيادة الدول حسب ميثاق الهيئة .. وانها تحاول ان تقرر نيابة عن الجميع ما هو الخير وما هو الشر وترفض التعاون مع حكومة بشار الاسد في سوريا باعتباره ((يفتقد الشرعية)) وانها تستخدم القوة من جانب واحد في اي مكان في العالم واصبح التدخل العسكري هو القاعدة …الخ.)) وكل هذا تلميح بأن العدوان على سوريا او التدخل في شؤونها الداخلية دون موافقة بشار الاسد قد يحث الدولة الروسية ان تتحضر لتطبيق نصوص اتفاقيتها مع سوريا والاحتفاظ بطرطوس. وفعلاً بعثت روسيا عدداً من سفنها الحربية لترسو في طرطوس ترقباً لأي عدوان .
ثالثاً: – قبل الثورة السوفياتية باكثر من عشر سنوات وقع القيصر الروسي في 31/8/1907 معاهدة مع بريطانيا  The Anglo -Russian Convention
تستطيع روسيا بموجبها السيطرة ، في الحالات الضرورية، على القسم الشمالي من ايران ، حيث تقع طهران، في حين تستطيع بريطانيا السيطرة على الجنوب الشرقي منها، مع منطقة محايدة في الوسط. وبموجب هذه المعاهدة، مثلاً، احتلت الحكومة السوفياتية ، اثناء الحرب العالمية الثانية، شمال ايران. وفعلا اقيم مؤتمر بين جوزيف ستالين وتشرتشل وروزفيلت في طهران في 28/11/1943. وبعد الثورة الايرانية سنة 1979 الغت الحكومة الايرانية الجديدة هذه المعاهدة مع بريطانيا دون الغائها مع الاتحاد السوفياتي. ومازالت المعاهدة نافذة المفعول حتى كتابة هذه المقالة. فاي هجوم على ايران يعطي الحق لروسيا لتسيطر على النصف الشمالي منها. فحين تهدد امريكا او اسرائيل بالهجوم على ايران انهما تدركان سريان نصوص هذه الاتفاقية.
رابعاً:- ومن الجهة المقابلة ترتبط تركيا عسكرياً بحلف الاطلسي وان اي هجوم عليها من قبل ايران او روسيا يعطي الحق للحلف ان يتدخل للدفاع عنها. في الحقيقة اعتدى الجيش التركي (المسلم السني) على طالبان في افغانستان بموجب نصوص هذا الحلف. فالاتفاقات العسكرية مع المستعمرين بالنسبة لتركيا اهم بكثير من التوافه الدينية او الطائفية.
اذن يدرك جميع المهتمين بالحرب الداعشي بعدم امكانية دخول تركيا او امريكا عسكرياً في سوريا الا بموافقة حكومتها، وذلك بالرغم من تصريح مارتن دمبسي، قائد الجيش الامريكي، في 26/9/2014 بالحاجة الى (( 12الفاً الى 15 الف من المشاة لاستعادة الاراضي التي احتلها مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية في شرق سوريا,)) ولكنه اكد بصريح العبارة انه يقصد (( الخمسة الاف من مقالتلي المعارضة السورية)) الذين يقوم الضباط الامريكيون بتدريبهم حالياً. ولكون هذا العدد غير كاف لأنه يعادل فقط ثلث العدد المطلوب، اكد اوباما ان الحرب ضد الدولة الاسلامية ستطول لثلاث سنوات وان تحرير الموصل يحتاج الى سنة من التحضير والتدريب.
كل هذه التصريحات تؤكد على عدم تدخل امريكا بصورة جدية في الحرب عن طريق ارسال الجيوش البرية او (المارينز) لاحتلال سوريا. وكما هو مذكور اعلاه فان التدخل البري التركي سيؤدي الى اتساع الصراع القائم الى الحرب بين روسيا وحلف الاطلسي.
تشير كل هذه الحقائق الى استمرار الحرب الحالية ضد داعش في العراق وسوريا دون ان تتدخل فيها الدول العظمى ولا حتى ايران او تركيا بصورة واضحة. ولهذا يلاحظ المراقبون عدم تأثير القصف الامريكي على سير المعارك ويعتبره البعض بأنه لا يتعدى السخرية. ولهذا ايضاً صرح وزير الخارجية الامريكي جون كيري ان الدفاع عن مدينة كوباني في اقصى الشمال السوري ليس همّ ستراتيجي بالنسبة لامريكا. من الجهة الاخرى ان تصريح الرئيس الروسي ميدفيديف في 15/10/2014 بـ (( أن امريكا لم تعد مصرة على رحيل الاسد. )) وهجوم نائب الرئيس بايدن في محاضرته في جامعة هارفرد، مساء 4/10/ 2014، على رؤساء تركيا والسعودية والخليج واتهامهم بصرف البلايين لاسقاط الاسد تشير الى حدوث تفاهم بين روسيا وامريكا للتركيز على محاربة داعش بالتعاون مع الرئيس بشار الاسد.
هناك بالطبع قوى محلية، غير حكومية او حكومية سرية، قد تتدخل في صالح هذا الطرف او ذاك. فمثلاً يعمل حزب العمال الكردستاني لعبد الله اوجلان ارسال محاربيه للدفاع عن الاكراد في كوباني. فقامت تركيا بقصف مواقع هذا الحزب في 14/10/2014 لايقافه عند حده، دون الاهتمام بموت مفاوضات السلام بينها وبين الحزب الكردي. وهذا العدوان التركي سيعرقل تدخل الحزب الكردي وبالتالي سيطيل من امد الحرب القائمة ضد الداعشية – النقشبندية – البعثية . ( من الضروري التشديد على ان الحرب القائمة هي ليست ضد داعش وحدها بل ضد الجبهة الداعشية – النقشبندية – البعثية. ان تحية عزة الدوري للدولة الاسلامية بعد جرائمها في الموصل وسنجار تؤكد على قيام هذه الجبهة.)
في الحقيقة ان نصيب شعبنا الكردي اتعس مما يصوره الكثيرون . ففي الحرب القائمة هناك ثلاثة اطراف كردية متخاصمة. اذ هناك عدد كبير من اكراد العراق الوهابيين المنضمين في الكتل الدينية المتطرفة، مثل انصار السنة وغيرها، يحاربون الآن في كوباني تحت العلم الداعشي ضد ابناء جلدتهم وضد المؤيدين لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي PYD في كوباني.
من الجهة الاخرى يجد مسعود البارزاني نفسه مشدود باكثر من سلسلة غليظة بالحكومة التركية. فهو ما زال يجمع الخاوة المليونية اليومية من الشاحنات التي تدخل من تركيا، عبر ابراهيم خليل، الى كل العراق. وهناك اكثر من عشرة الاف مقاولة بينه وبين الشركات التركية التي تعمل ضمن المنطقة التابعة لحكومة اربيل. ثم ان الاسواق الكردية في السليمانية واربيل ودهوك مشبعة بالمنتجات التركية بما في ذلك الاطعمة والمخضرات.
اما النفط الذي يبيعه مسعود الى تركيا فلا ينال منه دولاراً واحداً لأن الحكومة التركية تقول انها تشتري هذا النفط خلافاً للقوانين العراقية. ولهذا تحتفظ بقيمة المشتريات النفطية في مصرف تركي الى ان يصدر قانون النفط العراقي الجديد والذي قد يسمح لمسعود بتصدير النفط . كل هذا يكبل مسعود ويمنعه من مخالفة تركيا في الحرب القائمة ولا يستطيع دخولها الا بالطريقة التي تمليها عليه. لهذا يرفض الاكراد في سوريا والعراق القبول بتصريحاته الفارغة. علماً بان هناك الأن انشقاق جديد بين حزبه وحزب الطالباني وقد اكدت الاء الطالباني، العضوة في البرلمان العراقي، في 8/10/2014، على ذلك في تصريحاتها الرافضة ((لأي تدخل عسكري تركي في العراق.)) . والمعروف ان الحزب الطالباني لا يستطيع التلاعب بعلاقته الجيدة مع ايران لان مقاطعته لها تعني محاصرة الحزب من كل الاطراف.
اما التدخل الايراني في الحرب لصالح الحكومة العراقية او السورية فيبقى محدوداً وضعيفاً لأن ايران لا تنوي تاجيج خلافاتها مع الدول الخليجية، والسعودية خاصة، والتي تعادي الحكومتين في سوريا والعراق. وبالمقابل تتخوف الحكومات الخليجية من ارسال جيوشها الى سوريا لأنها تدرك بان ذلك سيزيد من توتر علاقاتها مع ايران.
ان ظروف الحرب الموضوعية، اذن، لا تبشر بانهاء المصيبة في القريب العاجل. وتدرك الجبهة الداعشية –النقشبندية – البعثية هذه الحقيقة ولهذا اخذ المقربون منها يطالبون الاعتراف بها ومفاوضتها ( راجع مثلاً القدس العربي في 14/10/2014 الصفحة 19) ولكل هذا ستستمر الحرب لمدة اطول من توقعات شعوبنا التواقة الى السلموالطمانينة.

اقرأ المزيد
٢٠ أكتوبر ٢٠١٤
مفارقات التصريحات الإيرانيةحول الإسلام والمخابرات و«داعش»

كان عيدنا هذا العام مثل أعوام كثيرة مضت مُلطخاً بصراخ الضحايا ومُثقلاً بأوجاعهم مَشرقاً ومغرباً، فالإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي ما زالوا يتفرجون على جرائم إسرائيل وعنصريتها مُعجبين بتخاذل الأنظمة العربية أمام غطرستها خصوصاً بعدما هدّت مدارس وبيوت غزة على رؤوس ساكنيها فاختلط صراخ الضحايا بدمائهم، يقابل ذلك قسوة وابتذال السياسة الإيرانية التي أصبحت في تنافس محموم مع إسرائيل للهيمنة على المشرق العربي عبر تفكيك دوله الواحدة بعد الأخرى دون أن تَحسب لعواقب سياستها العمياء هذه حساباً، ودون أن ننتبه نحن لمأزق الطائفية الذي أغرق مجتمعاتنا في مستنقعاته القاتلة!
فالطائفية سلاح مشترك بيد إسرائيل وإيران لإبقائنا في حالة ضعف وتفكك. وإذا كانت شعوبنا قد دفعت وما تزال تدفع ثمن التخلف والاستبداد من حقوقها وحرياتها، فإن حديث علي خامنئي قبل أيام عن (الإسلام المحمدي) ما هو إلا محاولة بائسة لتجميل الوجه القبيح لنظامه الثيوقراطي العنصري. يقول خامنئي (إن الإسلام المحمدي الأصيل هو إسلام النقاء والتقوى والسيادة الشعبية) ونسيَ الولي الفقيه أن يُكمل كلامه: وخير مثال على النقاء والتقوى والسيادة الشعبية هو حليفنا نظام البعث بدمشق الذي حكم البلاد بسلطة الطوارئ وأجهزة المخابرات المرعبة لأربعين عاماً، وحين فشلت الدولة اقتصادياً أصبحت أكثرية السوريين في حالة فقر وتحت خط الفقر فلم يعد بوسعها تحمل الاستبداد والحرمان معاً!
خرج السوريون في مظاهرات سلمية مطالبين بأبسط حقوقهم، فما كان من أجهزة بشار الأسد المتحالفة مع جمهورية (النقاء والتقوى والسيادة الشعبية) الإيرانية، إلا أن تواجه المتظاهرين بالقتل والاعتقالات مُحوّلةً الرعب والموت مشهداً يومياً تختلط فيه دماء الضحايا بصراخ المرعوبين من براميل الموت المُتفجرة التي هدّت أحياءً كاملة على رؤوس ساكنيها قاتلةً آلاف السوريين الأبرياء لكنها لم تؤثر على عقل وضمير (المرشد الأعلى للثورة الإسلامية) الحليف والداعم الأساسي لنظام القتلة واللصوص بدمشق، والذي طلع علينا بهذه الرسالة المثقلة بالبهتان!
وحسب الوكالات 3 تشرين الأول/أكتوبر الجاري (دعا المرشد الأعلى علي خامنئي المسلمين إلى الوحدة والتفريق بين الإسلام الأصيل و(الإسلام الأمريكي) قائلاً إن هدف الاستعمار من ايجاد التنظيمات التكفيرية هو إشعال نيران الحروب الأهلية بين المسلمين، وجر مقاومتهم وجهادهم إلى الانحراف كي يوفروا لإسرائيل هامشاً من الأمن. مؤكداً على ضرورة التفريق بين الإسلام المحمدي الأصيل وبين الإسلام الأمريكي، قائلاً إن الإسلام الأصيل هو إسلام النقاء والتقوى والسيادة الشعبية أما الإسلام الأمريكي فهو تقمص العمالة للأجانب ومعاداة الأمة الإسلامية بزي الإسلام… الخ)!
إن عدد كلمات رسالة خامنئي لا تتجاوز تسعين كلمة لكنها ثقيلة الوطء حقاً لأنها تحتوي على أكثر من تسعين طناً من الكذب الذي لم يعد ينطلي على أحد، فخامنئي هو الرئيس الديني والدنيوي لنظامه الثيوقراطي، أي إنه متسلط على الشعب الإيراني المظلوم الذي عانى وما يزال من هذا النظام المضطرب الذي يريد تعميم اضطرابه على دول المنطقة واضعاً إيران في مواجهة مع جميع دول العالم تقريباً ما أدى إلى خسائر اقتصادية بعشرات مليارات الدولارات سنوياً حيث يدفع الشعب الإيراني الثمن تضخماً وهبوط عملة وأزمات تتراكم ولا أحد يعرف متى تنفجر!
ومن يعود إلى وقائع انتخابات 2009 وما فعلته أجهزة خامنئي بالتيار الإصلاحي الفائز بالانتخابات بقيادة موسوي وكروبي، يعرف كيف تم تزوير الانتخابات ليحل أحمدي نجاد محل موسوي الزعيم الإصلاحي الفائز! وتلك الوقائع ما تزال ماثلة في أذهان المراقبين وفي ذاكرة الشعب الإيراني المظلوم.
إن الإيرانيين هم آخر من يصدّق حديث خامنئي عن الإسلام المحمدي، فقد أُسقطت قيم الإسلام في نظامه لمصلحة أجهزة المخابرات وسطوتها غير المحدودة لدرجة لم يجد مكتب خامنئي تبريراً للرد على ضحايا المخابرات الإيرانية، داخلياً وخارجياً، سوى الترويج لمقولة غريبة مفادها (إن المخابرات الإيرانية تدافع عن مصالح إيران ولذلك فهي تملك صلاحيات مطلقة خارج سلطة الولي الفقيه وسلطة الحكومة)! وهذا ما لا يمكن فهمه، لأن السلطة الأمنية تابعة للسلطة السياسية وخاضعة للقوانين المرعية إذا كان خامنئي يتبع الإسلام المحمدي حقاً، لكنه تبرير رخيص لإنقاذ سمعة خامنئي المسؤول الأول عن تدمير العراق وتحويل سوريا ساحةً للموت والخراب!!
لا ندري حقاً عن أية تقوى وأي نقاء يتحدث خامنئي! فهو ونظامه قد نكّلوا بالمسلمين الشيعة قبل السنة، فإيران استغلت حرمان الشيعة العرب واضطهادهم لتستخدمهم في مخطّطها العنصري التوسعي، عبر أحزاب دينية فاسدة مصابة بعمى العقل وانعدام الضمير، ففي العراق كرّسوا نظاماً فاسداً ضعيفاً مفكّكاً لذلك أصبحت بلادنا فريسةً للإرهاب. وقبل سنوات قال الرئيس السابق نجاد: (للولايات المتحدة مشاكل في العراق وعليها الحديث مع إيران حول ذلك. وإذا انسحبت الولايات المتحدة من العراق فنحن جاهزون لسد الفراغ)! وقبل أسبوعين قال رفسنجاني: (أمريكا لن تقضي على داعش بدون مساعدة إيران) بينما أبواب العراق مفتوحة لقاسم سليماني وسواه من رجال المخابرات يدخلون ويخرجون دون استئذان من حكومة أو سواها!
وبفضل تخاذل الأحزاب الدينية الحاكمة أصبح للأجهزة الإيرانية سطوة كبيرة على الوضع الأمني بالعراق بينما الإرهاب قبل داعش وبعدها يقتل مئات العراقيين شهرياً لكننا وطوال عشر سنوات لم نسمع يوماً بأن الإيرانيين قد نبهوا السلطة العراقية على سيارة مُفخخة أو إرهابي يوشك أن يفجر نفسه في الكاظمية أو مدينة الصدر، بل أن كل الدلائل تشير إلى استغلال الأجهزة الإيرانية لنتائج الإرهاب للمزيد من الهيمنة على العراق دولةً واقتصاداً ومجتمعاً! أي إنها أول المستفيدين من استمرار الإرهاب.
وإذا عدنا للوراء قليلاً، نتذكر آلاف السيارات المُفخخة التي دخلت علينا من سوريا وبأشراف مخابرات بشار الأسد التي درّبت وموّلت هؤلاء الإرهابيين الذين قتلوا عشرات آلاف العراقيين الأبرياء في المدارس والمخابز والمساجد والشوارع العامة، وما كان بوسع الأسد ومخابراته الاستمرار بتلك الجرائم لولا موافقة ودعم سلطة خامنئي وأجهزة سليماني طبعاً، فأين يجسد خامنئي الإسلام المحمدي الذي يدعيه؟ في الجثث المتناثرة أشلاءً في شوارع العراق أم في مأساة الشعب السوري وتشريد ملايين العوائل البريئة داخل سوريا وخارجها! أين يجسد خامنئي إسلامه المحمدي المزعوم؟ في دفع وتوريط (حزب الله) بجرائم سلطة بشار الأسد أم بالبراميل المتفجرة التي أحالت المدن السورية إلى خراب يوجع القلب بينما تبقى جثث الضحايا من الأطفال وكبار السن تحت الأنقاض؟! هل هذا إسلام محمدي يا عمائم السوء أم جرائم عنصرية استعمارية غير مسبوقة ببشاعتها؟

اقرأ المزيد
٢٠ أكتوبر ٢٠١٤
والآن «داعش» تطير!

يبدو أن الإعلام، ومن دون أن يشعر، بات يخدم أهداف «داعش» الدعائية، وآخر هذه الخدمات كان التركيز على خبر تدرب مقاتلي التنظيم على قيادة «3 طائرات» مقاتلة! والحقيقة أن خبر طائرات «داعش» هذا لا يمكن أن يتجاوز حيّز موجز إخباري في صحيفة، أو سطرين في خبر.
وأهم ما في خبر طائرات «داعش»، إذا أردنا العمق، هو تحقيق صحافي يتساءل عن دور جيش صدام حسين في «داعش»، أما المبالغة في تصوير أن «داعش» تطير فإنه أمر يصب بخدمة التنظيم الإرهابي دعائيا. ولا شك أن «داعش» نجحت في تسخير الإعلام، الغربي والعربي، لخدمة دعايتها، والرقص على إيقاعها الدموي، من أشرطة جز الأعناق، ودحرجة الرؤوس بشكل وحشي مقيت، وصور لشعارات تكتب على جدران، إلى فيديوهات إحراق بعض جوازات سفر المنتمين للتنظيم الإرهابي، الذي بات يشعر الآن بقسوة ضربات التحالف الدولي ضده، مما دعا «داعش» إلى إعادة النظر بخطتها الدعائية، حيث باتت الآن أكثر حذرا بالتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي التي استخدمتها جيدا، وبإهمال أيضا من تلك المواقع نفسها، وخصوصا إدارة «تويتر» التي تساهلت مع خطاب «داعش» المتطرف والتحريضي.
ويتجلى حذر «داعش» الآن في حملاتها الدعائية من خلال توزيع كتيب على مقاتليها يشرح كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت، والحذر في تحميل تلك المواد الدعائية، وعليه وطالما أن «داعش» باتت حذرة بالتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، فمن باب أولى أن يكون الإعلام نفسه حذرا بالتعامل مع «داعش»، التي من الواضح أنها تؤمن بمقولة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الشهيرة بأن «نصف المعركة في الإعلام»! فخبر طائرات «داعش»، مثلا، مبالغ فيه، وهو خبر دعائي، ونفته القيادة المركزية الأميركية، هذا عدا عن صعوبة أن تقوم «داعش» بالطيران دون توافر مجال جوي، وخلافه، وهو أمر لا يمكن أن يتم دون ترتيب مع دولة ما، وهذه وحدها قصة أخرى، ولها تبعات!
ولذا فإن خبر طيران «داعش» هذا يعني أنه من الضروري أن يعيد الإعلام الآن، وتحديدا العربي، تقييم طريقة تعامله مع «داعش» وضرورة عدم خدمة أهدافها الدعائية، خصوصا أن الإعلام الغربي قد قرر عدم الاندفاع خلف دعاية «داعش»، وذلك بعد أشرطة قطع رؤوس الغربيين، حيث أدرك الإعلام الغربي أن هدف التنظيم الإرهابي من كل ذلك هو الدعاية. وعليه فإن الإعلام العربي هو الأولى الآن بعدم الوقوع بفخ دعاية «داعش» التي تهدف إلى بث الرعب في قلوب الناس في العراق وسوريا، واستمرار عملية استقطاب صغار السن للانضمام للتنظيم المتطرف، وهذا هو الخطر بعينه.

اقرأ المزيد
٢٠ أكتوبر ٢٠١٤
النظام السوري وضرب "داع


تدور في أوساط سورية معارضة متنوعة حوارات يومية عن الجهة التي ستفيد من ضرب "داعش". هناك رأي يقول إن النظام وإيران ستفيدان وحدهما من ذلك، بينما يقول رأي آخر إن الضربة ستكون محكمة سياسيّاً وعسكريّاً، كي لا يفيد منها أحد غير المشاركين فيها كالتحالف الدولي، وفي الوقت الملائم: الجيش الحر.
إذا كان من الصعب تحديد الجهة التي ستفيد من ضرب "داعش" في سورية، فإن هناك جهات عراقية أفادت من الضربات التي أصابت التنظيم الإرهابي، وغطتها عراقيّاً المرجعية الشيعية وهيئة علماء المسلمين، وأيدها الكرد، ومعظم أحزاب البرلمان والجيش.
أما في سورية ، حيث المعركة ضد الإرهاب تالية في أهميتها للمعركة ضده في العراق، كما قال أوباما، فثمة غموض في خطط التحالف والأحداث الميدانية، وهناك بلبلة ترتبت على سياسات أميركية تنتقل من الركود والسلبية إلى وضعٍ، يختلف في طبيعته وأبعاده ومقاصده، من غير المعلوم بعد إلى أين سيصل، وخلال أي زمن، مع أن مجرد دخول أميركا النشط إلى الصراع السوري يغير أدوار المنخرطين فيه، فكيف إن كان يثير الانطباع بأن سياساتها ستتحول من قوة عطالة إلى قوة عصفٍ، يرجح أن تبدل، أيضاً، أدوار الفاعلين ورهاناتهم في الساحة السورية: شاركوا في الحرب ضد الإرهاب، أم لم يشاركوا فيها.
 ثمّة ملاحظة عن هوية من سيفيد من ضربات التحالف، هي أن "داعش" حاضر بقوة في المناطق التي كان الجيش الحر قد حررها، وأخرجه من معظمها، وغير موجود أو ضعيف الوجود في مناطق النظام. والآن: هل يفيد ضرب "داعش" في مناطق قوته النظام، الذي أخرج منها، أم الجيش الحر الذي يقاتل "داعش"، ويفضي إضعافه إلى تقويته؟ وهل ضربه في مناطق النظام، حيث هو ضعيف، سيفيده مع أنه بالكاد موجود فيها! منطقيّاً: ستضعف ضربات التحالف "داعش"، وتقوي الجيش الحر، إذا عرفت قياداته وقواته كيف تبقى بعيدة عن صراعات الائتلاف والمعارضات السياسية، وبادرت إلى تنظم صفوفها وتعزيز أوضاعها، وعرفت كيف تفيد من الحرب ضد الإرهابيين، لكي تستعيد المناطق التي انتزعوها منه، وتسترد، أيضاً، من انضموا إليهم من عناصره. إذا ما حدث هذا، يرجح أن تتغير معادلات الصراع، وإن بصورة تدريجية، وأن يتراجع دور "داعش" بانحسار مساحات ومناطق سيطرته، وأن يبرز من جديد التناقض الذي كرسته الثورة بين البديل الديمقراطي والنظام، الذي تلاشى مع تراجع الجيش إلى 10% من مجمل الأرض السورية، يقع بين جيش النظام في الوسط والجنوب، و"داعش" في الشمال.
 من المستبعد، في الوقت نفسه، ذهاب عائد الحرب ضد "داعش" إلى النظام الذي تحالف معه، واستخدمه في مناطق وقع طرده منها، فطرد الجيش الحر من معظمها، وفرض عليه قتالاً يوميّاً على جبهتين، أرهقه وأضعفه. ثم، كيف يمكن لنظامٍ رفض العالم مشاركته في الحرب ضد "داعش" الإفادة من ضربه، إذا كانت أنشطته وأهدافه تتكامل، اليوم، أيضاً مع أنشطته وأهدافه، وكان إضعافه يعد بالضرورة إضعافاً له؟ وفي النهاية، كيف يقوي ضرب "داعش" النظام، إذا كان سيسقط رهانه الاستراتيجي على الإرهاب، لتبييض صفحته الدولية، وجعله خياراً إجباريّاً بالنسبة إلى العالم؟
 هناك، أخيراً، مشروع دولي لتسليح الجيش الحر وتدريبه، لن يتحقق في حالتين: إذا شارك النظام في الحرب ضد الإرهاب، أو أحبطت قيادات المعارضة المشروع الدولي، بنقل صراعاتها إلى صفوف الجيش الحر، وإبقائه أسير ضعفه وانقساماته، بدل توحيده وتقويته.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٤
من قمع الثورة الوطنية إلى صراع المحاور الخارجية

أعلنت الثورات العربية، كحدث تاريخي، حضور الشعوب العربية. فعبرها، تحوّل الشعب من لفظ وشعار ورمز واستعارة إلى جماعات فاعلة عينية من الأفراد، يصنعون شعباً بفعلهم السياسي. لقد صدم دخول الناس الفضاء العمومي عديدين ممن كانوا يتزينون بالشعب، لفظاً أو شعاراً، فوقفوا ضده حين تحول إلى كائن عيني، حقيقي فاعل في السياسة.

يهمنا، هنا، أن حركة الشعب هذه من أجل الحرية والكرامة ضد الظلم، ولا سيما قمع المواطن، كإنسان، بواسطة أذرع الأمن الموجهة ضده، وليس لحمايته، والفساد كرمز لمعوقات العدالة الاجتماعية والتنمية، صرح وطني أصيل، شكّل نقيضاً لظاهرتين، شغلتا المنطقة العربية. هما: أولاً، التدخل العسكري الأجنبي الانتقائي، والذي غالباً ما موّه مصالحه الاستراتيجية والسياسية بشعارات الديمقراطية وبناء الأمة. وثانياً، الإرهاب، ولا سيما الذي تلصق به صفة الإسلام، ويتخذها بدوره لقباً. فالأخير لاذ بالصمت مدة عام وأكثر، وكأن حركة الجماهير السلمية للتغيير السياسي والاجتماعي السلمي أدهشته، هو أيضاً. ففي حينه، سحرت الثورات العربية، بسلميتها وعفويتها وألوانها، العالم أجمع، على الرغم من التضحيات والشهداء.

جاءت الثورات العربية بدون تصور حزبي سياسي لطبيعة المرحلة المقبلة، كما أنها لم تُستغل لإمساك طليعة سياسية منظمة بمفاصل الحكم، لتكسر النظام القديم وتفرض غيره، كما في حالتي الثورتين، البلشفية والإيرانية، اللتين استبدلتا نظاماً سلطوياً بآخر شمولي؛ ولا هي (أي الثورات العربية)، نجحت في تحقيق هدفها بإقامة نظام ديمقراطي. فقد ذهبت إلى الانتخابات مباشرة، وربما أبكر مما ينبغي، وذلك في ظل هيمنة جهاز الدولة القديم، وفي ظل صراع بين قوى دينية وعلمانية، في غياب حياة حزبية ديمقراطية.

يصعب حصر الأسباب التي أفشلت الرهان على أرقى وأنبل حراك سياسي عربي في القرن الأخير، وأقصد هذه الموجة من التغيير الثوري السلمي، والتي اجتاحت الوطن العربي منذ عام 2011، والتي حملت أمل الأجيال. ومن الواضح أن جهاز الدولة العسكري والبيروقراطي مدعوماً برجال الأعمال (الذين تحولوا بالمال إلى رجال الإعلام)، انقلب عليها في مصر، مستخدماً العنف المفرط، ومستغلّا الارتباك الشعبي من سلوك القوى التي شاركت في ثورة 25 يناير والأحزاب التي حيدت شباب الثورة بصراعاتها، ومستفيداً من عدم قدرتها على المشاركة في صياغة مستقبل البلاد، والتوافق على مبادئ دستورية، وعجزها عن تداول السلطة بالانتخاب. لقد استغل جهاز الاستبداد خوف الناس من الفوضى، لكي يضرب مشروع التحول الديمقراطي.

"سحرت الثورات العربية، بسلميتها وعفويتها وألوانها، العالم أجمع، على الرغم من التضحيات والشهداء"

كان وعد الديمقراطية الذي حملته الثورات فرصة الدولة العربية الوحيدة للتحرر من حالة السلطان والرعية، والتحول إلى دولة فعلاً، كتعبير عن شعب وحكومة شرعية. كانت هذه فرصة الكيانات السياسية العربية لأن تصبح دولاً.

ويجب أن يعترف النظام المصري، بفضل النظامين، السوري والليبي من قبله، بتغيير المسار، بواسطة تجرّؤهما على استخدام كم غير مسبوق من العنف، في مواجهة الشعب، هو أشبه بذلك المستخدم ضد عدوٍّ، في حرب وحشية، يجري فيها تجاوز قواعد الحروب وضوابطها وقوانينها، ولا سيما المتعلقة بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، حتى لو كان الثمن التضحية بالدولة والمجتمع على مذبح السلطة. كانت هذه نقطة تحول مبكرة، ساهمت، بشكل فعلي، في تخويف فئات واسعة من الجمهور الواسع، خارج سورية وليبيا، من الثورات وثمنها، مع أن المسؤول عن رفع التكلفة هو الأنظمة. فاستعدادها للقتل وانعدام الروادع لديها، كحالة استعمار داخلي، هي من أسباب الثورة عليه.

وبتحريرها من أي كوابح، تحولت أجهزة الدولة الأمنية إلى عصابات. وبما أن نظام الاستبداد مستند، أصلاً، إلى قواعد اجتماعية قبلية، أو طائفية، متحالفة مع مصالح طبقية مختلفة، انقسم المجتمع، واضطر الشعب إلى الدفاع عن نفسه. وبما أنه لم يكن يراكم تجربة حركات سياسية عسكرية، تخوض الكفاح المسلح، نشأ خطر تحوّل مبادراته المحلية للدفاع عن الذات إلى فوضى مليشياوية، يصعب تحويلها إلى جيش تحرير وطني. بدأ هذا كله في سورية وليبيا. وهنا، أيضاً، فتح المجال، من جديد، لخطري التدخلات الأجنبية والإرهاب اللذين عادا يشغلان شعوب المنطقة ودولها.

لم تغب المحاور الدولية، تماماً، بالأصل، فقد لعبت إيران وروسيا دوراً في تشجيع النظام السوري على الصمود في وجه المطالب الشعبية، واستخدام العنف بشكلٍ لم يجرؤ زين العابدين بن علي، وحسني مبارك (ولا حتى شاه إيران في حينه) على مجرد التفكير فيه. وقد تدخلت قوى غربية وخليجية مباشرة في ليبيا، على شكل حظر جوي وضربات جوية ضد قوات القذافي، ولم يتبع ذلك تدخل بري. أما في سورية، فاقتصر الدعم على تسليح غير منتظم للمعارضة من بعض دول الخليج، ودعم إنساني غربي ظل متواضعاً وعاجزاً عن التعامل مع حجم الكارثة التي قاد إليها تحول النظام السوري إلى شن حرب تدمير واسع وتهجير وإبادة. وكان الخوف الغربي على استقرار الحدود مع إسرائيل، والخوف من الإرهاب "الإسلامي" الطابع من عوامل امتناع الغرب عن دعم الثورة السورية. في حين حظي النظام السوري بدعم غير محدود من روسيا وإيران، وشمل الدعم تدخلاً ميليشياوياً عسكرياً مباشراً ذا طابع طائفي سافر من العراق ولبنان. ولم يرغب الغرب في دخول صدام مع هذا المحور بدون أن يضمن النتائج، وشكل النظام القائم في سورية. فذهبت إيران بعيداً في استغلال التعددية الطائفية العربية للنفوذ السياسي والأمني، وفي تنظيم المليشيات الطائفية المسلحة، وفرضها على الدول العربية الضعيفة.

“ نظام الاستبداد مستند، أصلاً، إلى قواعد اجتماعية قبلية، أو طائفية، متحالفة مع مصالح طبقية مختلفة "

بقي الطابع الشعبي للثورة السورية قائماً، ولكنها أصبحت ثورة مسلحة، فبسبب طبيعة النظام الاستثنائية لناحية القمع والفساد وعدم القابلية للإصلاح، ظلت الثورة وجهة آلاف الشباب الذين انتقلوا من المظاهرات السلمية إلى أشكال أخرى من المشاركة. ولكن، بسبب الطابع غير المنظم وغير الخاضع لبنى وطنية سياسية عسكرية، وانتشار تبني الخطاب الإسلامي الشعبوي من المجموعات المسلحة، نشأت سهولة طمس الفرق بينها وبين القوى الإسلامية التي كانت فاعلة على الساحة بين العراق وسورية، بعد الاحتلال عام 2003، ثم في ظل النظام العراقي الجديد الذي اتخذ طابعاً طائفياً وتحالف مع إيران والولايات المتحدة في الوقت نفسه.

لم تجمع الثورة السورية صلة بالقوى المسلحة التي نشأت في ظل الاحتلال الأميركي، وعلى خلفية الصراع الطائفي، لاحقاً. وقد كانت، هي والثورات العربية الأخرى، نقيضاً لها، ولمزاجها واستراتيجيتها. وليس هذا طرحاً نظرياً عن فوارق، لا ترى بالعين المجردة. فقد وقعت اشتباكات حقيقية دامية، طوال عام ونيف بين التنظيم الذي يدّعى "دولة العراق والشام" وفصائل المقاومة السورية. ولم تسلم منه جبهة النصرة المحسوبة على القاعدة. وخلال ذلك العام، تصرف النظام السوري وحلفاؤه بتساهل براغماتي كامل تجاه حركة التنظيم من العراق إلى سورية، وتمدّده في سورية ذاتها، ما دام تمدده على حساب القوى المعارضة، وفي المناطق التي تسيطر عليها حصراً. وهو ما أثار اشتباه الشعب السوري وقواه السياسية أن التنظيم مدعوم من إيران.

لم تستمع أميركا إلى نداءات استغاثة الشعب من قصف النظام، ومقتل مئات آلاف المدنيين، ولا إلى الاستغاثة من ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. والحقيقة أنه مهما قيل عن معاناة بعض مدن العراق والجزيرة السورية من ممارسات التنظيم، فإنها لا تقارن، لا من حيث الحجم ولا القسوة، بما قام به النظام السوري ومليشياته. ولكن معاناة الشعوب من ممارسات النظامين، السوري والعراقي، ومن إرهاب تنظيم الدولة نفسه، تقزّمت أمام فيديو إعدام أميركيين وبريطاني. فبعدها بدأت الولايات المتحدة تطلب من الجميع، بمن في ذلك الشعبان، السوري والعراقي، التجنّد معها لمحاربة التنظيم. وقبل ذلك، لم تحرك الولايات المتحدة ساكناً، فضلاً عن أن تحارب هي إلى جانب الشعبين السوري والعراقي.

ومن هنا، يثير هذا التجند العالمي نقاشاً في بلادنا. فلا شك أنه تنظيم خطير، يشكل نقيضاً للمدنية والعمران وحقوق الإنسان، كما توصلت إليها الحضارة الحديثة. وثمة قناعة منتشرة أن محاربته مصلحة عربية إسلامية شاملة. ولكن التركيز عليه فقط في سياق عمل مليشيات طائفية في العراق، وحرب إبادة يشنها النظام السوري على شعبه، والمقتلة الجارية على كل بقعة من الأرض السورية هو ما يثير، من جديد، تساؤلات المجتمعات العربية وحيرتها، بل وأسئلة وجودية، متعلقة بوجودها كمجتمعات وكدول.

"معاناة الشعوب من ممارسات النظامين، السوري والعراقي، ومن إرهاب تنظيم الدولة نفسه، تقزّمت أمام فيديو إعدام أميركيين وبريطاني"

سبق أن حاربت تحالفات دولية تنظيم القاعدة في أفغانستان، وفي ظل تلك الحرب، نشأ تنظيم طالبان باكستان، كما انتقل تنظيم القاعدة إلى العمل في مناطق التخوم في اليمن، وعلى حدود دول الصحراء في شمال أفريقيا وفي الصومال والعراق. ونشأ ذلك النوع من التنظيمات التي تجمع ما بين جهادية القاعدة الأممية ومحاولة طالبان تأسيس دولة... من هذا المزيج، تحدرت حالة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، ثم في العراق والشام. فهو يستعين بالمقاتلين الأجانب خارج أي كيان وطني، ويستغل الفراغ الذي خلفته الدولة الوطنية في أزمة تعاملها مع فئات واسعة من شعبها (المحافظات العربية السنية في العراق، وثورة الشعب السوري) لفرض هيمنةٍ على السكان، تسميها هي دولة إسلامية. ويستغل هذا التنظيم النقمة على طائفية الأنظمة المتحالفة مع إيران، ليس فقط للتعبئة ضد الشيعة، بل، أيضاً، لتحول النقمة الطائفية إلى ما يشبه الأنظمة المتحالفة مع إيران، ليس فقط للتعبئة ضد الشيعة، بل، أيضاً، لتحويل النقمة الطائفية إلى ما يشبه الحروب الدينية.

بين التدخل الدولي من جهة والإرهاب من جهة أخرى، تُغيّب في المتاهة هذه حركة الشعوب العربية وقضاياها وتطلعاتها من جديد. والقضية، هنا، عميقة للغاية، فقائمة المطالب الشعبية العربية المعنونة بالحرية والكرامة والتنمية والعدالة الاجتماعية، بإصلاح الأنظمة، أو تغييرها، تتضمن ما يعتبره العرب حلولاً للبيئة السياسية الاجتماعية التي أنتجت الطائفية السياسية والإرهاب، وأيضاً، التبعية والتدخل الأجنبي. وهذا بالضبط ما يجري تهميشه في هذه المرحلة، لصالح انقسامات أخرى.

وتبدو المداولات الجديدة لأول وهلة جيو-استراتيجية، تحل محل النقاشات الداخلية حول العدالة والحرية والتنمية وتقزمها. فمصالح الدول وحسابات في الربح والخسارة تتكلم، الآن. فمن ناحية يجري الحديث عن دول أخرى وأدوارها ومصالحها: إيران تركيا، والولايات المتحدة وروسيا، ويُشهَر الصمتُ عن الدول العربية وسيادتها واستقلالها؛ ومن ناحية أخرى، تهمش الدولة داخلياً بوصل التحالفات الدولية، مباشرةً، مع قضايا، مثل الأقليات الدينية والإثنية، كأنها قضايا قائمة بذاتها خارج حل قضايا الشعوب بمجملها، في إطار العدالة والديمقراطية والتعددية السياسية والثقافية وغيرها، ما يقود إلى حلها خارج مفهوم الدولة وإطارها.

وسبق أن مر العراق بمثل ذلك، حين تعامل الاحتلال مع الطوائف والأقليات الإثنية خارج مفهوم الدولة، وخارج الحلول الشاملة للشعب العراقي ككل. ونتائج ذلك ماثلة أمامنا. ولكن الدول الغربية، المهتمة أساساً بأثر ما يبثه تنظيم الدولة على رأيها العام والانتخابات المقبلة، ثم بمصالحها الاستراتيجية، وأخيراً بمصائر دول وشعوب المنطقة، لا تبدو قادرةً على تغيير هذا النهج. ولا على طرح استراتيجية تحالفية مع الشعوب، للتخلص من داعش ونظام الاستبداد. ولهذا، يبدو ما يجري في كوباني، اليوم، منقطعاً تماماً عما جرى في حمص ودرعا وحلب وغيرها.

كانت الثورة الشعبية (أو الإصلاح الديمقراطي) فرصة الدولة العربية الوحيدة، وقمعها بالخيار العسكري الأمني، قلب الدولة إلى ساحة مواجهة بين محاور دولية.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٤
خطاب إيران وحلفائها متلبس بالفضيحة

قبل أسابيع بدأ أحد أدعياء الممانعة والمقاومة في صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله تحليله حول التنسيق بين النظام السوري وبين الأمريكان فيما يتعلق بالضربات ضد تنظيم داعش بالقول: «عبر 3 قنوات على الأقل جرى التنسيق مع سوريا في شأن الضربات ضد داعش؛ العراق وروسيا والأمم المتحدة. لم يقتصر الأمر على مجرد «إبلاغ» القيادة السورية، بل حصل تنسيق فعلي. ثمة معلومات عن وفود عسكرية واستخبارية أمريكية زارت دمشق في الفترة المنصرمة. وهناك معلومات أخرى عن رسائل إيجابية من دول أوروبية وفي مقدمها المانيا».
نشر التحليل بعد يومين من إعلان الحكومة السورية ترحيبها بالضربات الأمريكية ضد تنظيم الدولة، الأمر الذي جاء بدوره بعد تحذير من تلك الحكومة بأن توجيه ضربات من دون تنسيق معها سيُرَد عليه، وسيُعتبر انتهاكا للسيادة السورية، وفيما قال النظام إن تنسيقا قد تم معه، بادرت واشنطن إلى نفي ذلك، ويبدو أن تحليل صاحبناالذي يعنونه بـ»خيوط اللعبة» إنما يأتي في محاولة للدفاع عن بؤس النظام.
لا يُستبعد بالطبع أن تنسيقا قد تم بين الطرفين، وأن رد الأمريكان إنما جاء مجاملة لبعض الأطراف العربية المنخرطة في التحالف، والتي يعنيها أن لا تظهر بمظهر من يقف ضد ثورة الشعب السوري؛ هي التي باعت على الكثيرين أنها معه؛ الأمر الذي تم استجابة للشارع المنحاز للثورة بقوة، لكن الموقف الأمريكي لم يعد غامضا من حيث رفضه لأي عمل يؤثر سلبا على وضع النظام.
على أن الفضيحة هنا هي فضيحة النظام وحلفائه وشبيحته، فحين تبلغ بهم الوقاحة حد الافتخار بوجود ذلك التنسيق مع الأمريكان، فهذا يعني أن تنظيم  داعش  ليس عميلا أمريكيا ولا صهيونيا، ولا حتى سعوديا كما روّجوا طوال ثلاث سنوات، كما يعني أن الثورة السورية ليست مؤامرة على نظام المقاومة والممانعة، بل هي مؤامرة على أشواق الشعب السوري في الحرية والتحرر.
يعلم كاتب المقاومة والممانعة الثوري أنه ما من أمر يُبرم في هذه المنطقة في السياسة الأمريكية من دون التفاهم مع نتنياهو، لأن للأخير في الكونغرس من التأييد أكثر من أوباما نفسه، ما يعني أن الحفاظ على النظام، ومن ثم مطاردة تنظيم الدولة يمثل مصلحة للكيان الصهيوني، أو تتم برضا ومباركة منه في أقل تقدير.
على أن الفضيحة الأكبر من كل ذلك هي تلك التي تمثلت في تصريح إيراني يشبه تصريح رامي مخلوف الشهير لنيويورك تايمز قبل عامين ونصف حين اعتبر أن أمن الكيان الصهيوني مرهون ببقاء الأسد، فقد قال نائب وزير الخارجية الإيراني إن سقوط بشار الأسد كفيل بالقضاء على أمن إسرائيل؛ هكذا بكل وضوح. وهو التصريح الذي سكت عنه تماما أدعياء الممانعة، ووسائل إعلامهم الكثيرة.
هنا، والآن، بل منذ عامين تتساقط مقولات القوم ودعايتهم في الوحل، ويسقطون هم أيضا، فهذا التحالف بين الأقليات الذي صنعوه وروّجوا له في مواجهة الغالبية هو أيضا مصلحة إسرائيلية، وهو الذي سيخدم البرنامج الصهيوني في المنطقة، والذي لم يخدمه أحد كما خدمته إيران بدعمها لنظام بشار الأسد الذي أدى إلى استنزاف الجميع، بما فيه هي نفسها،والتي تتحرك باتجاه اتفاق نووي، ورعت تسليم الكيماوي السوري، فيما يمارس روحاني الغزل مع الصهاينة بمناسبة وبدون مناسبة. وفي النهاية لا يمكن لنتنياهو إلا أن يفضل بشار الضعيف المنهك على أية خيارات أخرى غير مضمونة.
في العراق قبل سوريا، يتساقط الخطاب الذي يوزعه التحالف الإيراني، ومن ضمنه حزب الله الذي يبدي أمينه العام تحفظا على التحالف الدولي، وذلك في محاولة لحفظ ماء الوجه، تماما كما كان انتقد قبل سنوات على استحياء تعاون أصحابه في العراق مع الاحتلال الأمريكي، يوم كان تنظيم الدولة وقوى المقاومة العربية السنية تقاتله بشراسة. أما في العراق الآن، فاللقاء مع «الشيطان الأكبر» مفضوح تماماكدفعة أولى قد تتبعها دفعات فيما يتصل بالاتفاق النووي، وربما بتفاهم حول سوريا كما يأمل المحافظون في إيران خوفا على ركنهم الإستراتيجي الذي قد يتبعونه إذا سقط، في سياق من محاسبة الشعب الإيراني لهم على مغامرات لم تفض إلى للمعاناة من دون جدوى.
إنها فضائح الطائفية في ذروة تجلياتها، والتي تكتمل الآن، بل اكتملت عمليا في اليمن، وحيث التقى حلفاء إيران مع النظام المخلوع في ثورة مضادة ضد الثورة الأصيلة.هنا في اليمن كان المشهد أكثر فضائحية، فحديث الثورة اليمنية من قبل فئة لا تتجاوز عُشر السكان سيطرت على العاصمة ثم محافظات أخرى بالقوة المسلحة، وبالتعاون مع النظام المخلوع لم تقنع حتى الأطفال، ولم تمررها سوى عقول (الأصح نفوس) أسوأ الطائفيين.
فقط في سوريا كان على الشعب أن يستجيب لنداءات نصرالله بترك السلاح واللجوء إلى الحوار، بينما كان على الحوثيين أن يفرضوا شروطهم بقوة السلاح، مع ضرورة التذكيربأن هادي لا يُقارن أبدا بدكتاتورية بشار وطائفيته وفساده.
إنها حرب معلنة من الأقلية في الأمَّة على الأغلبية، وكما ألقت إيران بالعلويين في أتون حرب طاحنة، ها هي تورط الحوثيين أيضا، وقبل ذلك لم تنصح المالكي بتجنب الإقصاء والطائفية، وهي مسؤولة في المحصلة عن تفجُّر العنف في العراق وسوريا، وهي التي ستفجّره الآن في اليمن ضد الحوثيين، وقد بدأ بالفعل.
إيران ببساطة تمارس أبشع أنواع الطائفية، وتدمِّر التعايش في المنطقة، في ذات الوقت الذي تخوض فيه حربا لن تربحها بأي حال، ولو امتدت عشر سنوات؛ والأيام بيننا، مع أن مسلسل الدمار والمعاناة سيطال الأمَّة بأسرها، ولن يكسب منه سوى الكيان الصهيوني وحلفائه.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٤
صعود العسكرة في سوريا

عندما انطلقت ثورة السوريين في (مارس) آذار 2011، اختار نظام الأسد القوة المسلحة سبيلا لمواجهة الثورة السلمية وشعاراتها، ومع الصيحات الأولى للمتظاهرين والمحتجين، انطلق رصاص النظام ضدهم من قبل الأجهزة الأمنية، ثم توسعت العملية بإدخال الجيش قوة لقمع المتظاهرين، ولمحاولة إعادة سيطرة النظام على مناطق الاحتجاجات، بعد ثبوت أن قتل المتظاهرين واعتقالهم، لم يعد مجديا في مواجهة الثورة، وتسببت وحشية أجهزة الأمن وقوات النظام بحالات انشقاق لعسكريين وأمنيين رفضوا أن يكونوا أدوات للنظام في قتل شعبهم، وسرعان ما انضم لهم مدنيون، قرروا الدفاع عن أنفسهم وأهلهم في مواجهة إرهاب أجهزة النظام وقواته؛ حيث تشكلت مجموعات شبه عسكرية تحت مسمى «الجيش الحر»، وإلى جانبها أخذت تظهر الأنوية الأولى للتشكيلات المتطرفة وأبرزها «جبهة النصرة» التي أعلنت عن أولى عملياتها بداية العام 2012.
لقد شكل ثالوث قوات النظام و«الجيش الحر» وأنوية منظمات التطرف، بداية العسكرة الصاعدة في سوريا، التي تتجه حاليا للتمركز بصورة قد يكون من الصعب معالجتها في المدى القريب، وهي ستحتاج إلى جهود استثنائية لمواجهة تداعياتها على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة والمحتملة.
وتشير اللوحة السورية إلى تبلور العسكرة في 3 محاور أساسية؛ أولها محور نظام الأسد الذي يضم بصورة أساسية قوات الجيش إلى جانب أجهزة الأمن بأجنحتها الـ4 (الأمن العسكري، والأمن الجوي، وأمن الدولة، والأمن السياسي)، وإلى جانبها قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية. وثمة تشكيلان آخران يرتبطان بهذا المحور؛ أولهما: قوات الدفاع الوطني، التي جرى تشكيلها في العام 2013 من متطوعين مناصرين للنظام، وثانيهما: اللجان الشعبية، وهي تسمية لميليشيات محلية، جرى إطلاقها في العام 2012. لتضم مؤيدي نظام الأسد، والتطور الجديد باتجاه العسكرة في محور النظام، يمثله استدعاء قوات الاحتياط، وتشديد إجراءات السوق إلى الخدمة الإلزامية بالنسبة للشباب، وفي الحالتين لم يكن الإجراءان معمولا بهما إلا بشكل محدود منذ انطلاق الثورة عام 2011، الأمر الذي يعني أن النظام بخطوته الأخيرة، لا يعوض فقط خسائره من أعداد جنوده الذين انشقوا أو قتلوا في الصراع الجاري، إنما يسير أيضا نحو تشييع العسكرة في المناطق التي يسيطر عليها من خلال زيادة أعداد المجندين والمتطوعين.
والمحور الثاني في اتجاهات العسكرة في سوريا، تمثله عمليات التجنيد الإجباري، التي تقوم بها جماعات التطرف، والإشارة في هذا السياق تنطبق على جماعات التطرف الديني وأبرزها تنظيم «داعش» الذي يلزم السوريين وخاصة الشباب والأطفال في المناطق المسيطر عليها من جانبه على الانضمام إلى صفوفه للقتال سواء ضد الميليشيات الكردية أو ضد قوات «الجيش الحر» الموجودة في تلك المناطق، كما تتوالى العسكرة من جانب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يمثل تطرفا قوميا، وقد أشاع في المناطق التي تسيطر عليها قوات تابعة له باسم «قوات الحماية الشعبية»، عملية تجنيد الشبان الأكراد، ودفعهم للقتال ضد جماعات التطرف من «داعش»، و«النصرة»، وغيرهما.
أما المحور الثالث في العسكرة، فيتصل بالقوى المعتدلة والمصنفة تحت اسم «الجيش الحر» أو القريبة منه، كما هو حال «جبهة ثوار سوريا»، التي اتخذ فيها مسار العسكرة مسارا نوعيا أكثر مما هو مسار كمي بخلاف ما هو عليه الحال في المحورين الأولين، وفي هذا المجال، صارت العسكرة في مضمونها الأساسي، حفاظا على الذات واستمرار وجود تلك التشكيلات بأي طريقة كانت، بما فيها سياسات وممارسات خارج هموم الثورة واهتماماتها، وفي هذا الإطار يمكن تصنيف ظاهرة أمراء الحرب، التي تشكل ظاهرة خارج إطار الثورة.
إن التصاعد المتزايد والخطير للعسكرة في الواقع السوري في قواه المحلية، يجد له سندا إقليميا ودوليا عبر وجود وتدخلات خارجية عسكرية - أمنية، بدأت مع وجود الخبراء العسكريين والأمنيين الإيرانيين والروس، وصولا إلى الوجود المباشر لتشكيلات عسكرية من الطرفين، ترافق معها استدعاء النظام لميليشيات حزب الله اللبناني وميليشيات عراقية بينها «لواء أبو الفضل العباس» للمشاركة في حرب النظام على السوريين، ثم جاء تشكيل التحالف الدولي للحرب على الإرهاب ليعطي بعدا جديدا وخاصا في تفاصيل العسكرة في الواقع السوري.
وإذا كانت نتائج تصاعد العسكرة في سوريا في غالبيتها سلبية الطابع والتأثير على سوريا والسوريين، فإنها في أحد جوانبها، قد تكون المفتاح الذي يضع حدا للعنف في البلاد، إذا استطاعت بالفعل أن توقف إرهاب نظام الأسد وإرهاب جماعات التطرف، وأن تأخذ القضية إلى حل سياسي أو عسكري، يتناغم مع احتياجات السوريين ومصالحهم، لكن تحقيق ذلك سيكون مرتبطا بوجود سيطرة قوية وفعالة على السلاح الموجه ضد الإرهاب المزدوج للنظام والمتطرفين، وما لم يكن ذلك متوافرا، فلا شك أن صعود العسكرة سيأخذ سوريا والسوريين إلى أعماق الكارثة، وهذا هو الخوف الرئيسي من العسكرة الصاعدة اليوم

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٤
هو اللوبي الإيراني العربي!

يبدو أننا لسنا أمام اللوبي الإيراني المصري، الذي كتب عنه الدكتور مأمون فندي ذات يوم، بل أمام اللوبي الإيراني العربي، وهو أخطر. فقبل أيام صرح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي تصريحا مهما عن الدور الإيراني الشرير بالمنطقة، لكنه لم يجد نفس الاحتفاء الذي وجده «تفسير» إعلامي خاطئ لتصريح سابق للأمير الفيصل!
قبل فترة تحدث وزير الخارجية السعودي عن دعوة موجهة لوزير الخارجية الإيراني، وهي ليست بالمعلومة الجديدة، إلا أن بعض الإعلام العربي «طار» بتلك المعلومة على أنها تقارب سعودي إيراني، وأن الرياض تسعى للتواصل مع طهران، وهي قراءة مشوهة نتيجة تسرع إعلامي. الآن، وقبل أيام، قال الأمير سعود، وفي مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني في جدة، إنه «إذا أرادت إيران أن تسهم في حل المشاكل (بالمنطقة) فعليها أن تسحب قواتها من سوريا، وهذا الأمر يسري على المواقع الأخرى التي تعمل فيها إيران، سواء كان في اليمن، أو العراق، أو أي مكان آخر.. إذا أرادت إيران أن تكون جزءا من الحل، فأهلا بها، ولكن إذا بقيت جزءا من المشكلة، فلا يمكنها أن تؤدي دورا في المنطقة».
كما أكد الفيصل، محقا، أن قيام إيران بدور في شؤون المنطقة يتوقف عليها هي؛ حيث لا تحفّظ على إيران، وطنا ومواطنين، وإنما التحفّظ على سياسة إيران بالمنطقة، مشيرا - أي الفيصل - إلى أن كثيرا من نزاعات المنطقة تكون إيران جزءا من المشكلة فيها، لا جزءا من الحل، مضيفا أنه «في سوريا لإيران قوات تحارب سوريين، فكيف يكون معقولا أن تأتي دولة خارجية لتدخل حربا أهلية، وتقف مع صف من الصفوف، وتحارب فئة من الشعب نفسه»، مشيرا إلى أن القوات الإيرانية قوات محتلة في سوريا لأن النظام فقد شرعيته.
وعليه، فإن كلام الفيصل واضح جدا، وبالتالي السؤال الآن هو: أين الإعلام العربي من أقوال الفيصل هذه؟ فلماذا لم يُهتم بها مثلما جرى الاهتمام بتفسير خاطئ لتصريحات الفيصل السابقة عن دعوة وزير الخارجية الإيراني لزيارة السعودية، وهي دعوة قديمة، وتأخيرها كان بسبب اشتراط الوزير الإيراني مقابلة من يريد هو مقابلته، وليس وفق البروتوكول، وهو ما يبدو أنه «لعبة» إيرانية لضمان تعذر تلك الزيارة؟ فأين الإعلام العربي، أو اللوبي الإيراني العربي، من تصريحات الفيصل هذه التي تتهم إيران صراحة بـ«احتلال» سوريا، والتدخل في العراق، واليمن، وغيرهما؟
المؤسف أن في الإعلام العربي فئة يجب وصفها باللوبي الإيراني العربي، وهي فئة تستوجب التنبه لها؛ لأنها معول هدم خطر يجب الحذر منه، خصوصا أن كلام الفيصل هذا في مؤتمره الصحافي الأخير واضح، ويتهم إيران تحديدا، كما أنه يكشف أن محور الاعتدال العربي واع لخطورة إيران، والسؤال هنا هو: متى يحدث وعي لخطورة اللوبي الإيراني العربي؟

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٤
ملاحظات كيسنجر والحرب على «داعش»


في كتابه الذي صدر أخيراً، يقدم هنري كيسنجر رؤيته وخبرته السياسية بعد أن اقترب من الـ90 عاماً. عنوان الكتاب: «النظام العالمي أو World Order 2014»، يعبّر عن الإشكالية المركزية التي يتمحور حولها. في الكتاب فصل عن الولايات المتحدة وإيران، يقدم ملاحظات ومعلومات عن رؤية الجمهورية الإسلامية للنظام العالمي، وموقع ملفها النووي ضمن هذه الرؤية وعن مفاوضات هذا الملف التي أكملت عامها العاشر. تقدم هذه الملاحظات بمجموعها خلفية سياسية لموقف إدارة أوباما تجاه هذا الموضوع، واستتباعاً تلقي ضوءاً مهماً على الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية». يلاحظ أن انتشار السلاح النووي خارج نطاق الدول الكبرى يهدّد النظام الدولي. ومن السبل التي قد يتسبب فيها ذلك أن انتشار هذا السلاح يمكن أن يستخدم كدرع ضد الانتقام من أعمال قتالية لجماعات (ميليشيات) خارجة على الدولة non-state actor groups. وبما أن هذه الجماعات خارجة على الدولة، فهي تقع خارج النظام الدولي، وبالتالي تتحرك خارج نطاق قواعد هذا النظام وتقاليده. وعلى رغم أنه لا يعطي اسماً معيناً لدولة بعينها ولا للجماعات المرتبطة بها والتي يشير إلى أنها خارجة على الدولة، إلا أن من الواضح أن إشارته تتجه إلى إيران وبرنامجها النووي وإلى الجماعات الخارجة على الدولة، التي تتبناها مثل «حزب الله» في لبنان، والميليشيات في العراق، وجماعة الحوثي في اليمن. بعبارة أخرى، ما يقوله وزير الخارجية الأميركي السابق هنا أن أحد أهداف البرنامج النووي الإيراني قد يكون توفير مظلة لحماية هذه الجماعات، وحماية الدور الذي تقوم به في إطار السياسة الإقليمية لإيران في المنطقة. (ص 160)

إشارة كيسنجر إلى العلاقة التكاملية بين البرنامج النووي الإيراني، وتبني إيران ميليشيات أو جماعات عابرة للدول في سياستها الإقليمية لا يتفقان، بل قد يتناقضان مع رؤية إدارة الرئيس باراك أوباما الى الدور الإيراني، وموقع تلك الجماعات في هذا الدور. ولعل الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) مثال جلي على ذلك. يقال إن هذه الحرب جزء من الحرب على الإرهاب. فهي حرب على جماعة أو ميليشيا خارجة على الدولة تهدد بمواقفها وسلوكياتها أمن دول الإقليم، وبالتالي أمن النظام الدولي. من هذه الزاوية هي حرب مشروعة، لكن يكمن الإشكال في ما يبدو أن مصطلح «الإرهاب» يقتصر، حتى الآن، على التنظيمات السنّية. وهذا واضح في أن واشنطن تحركت عسكرياً، وجيشت تحالفاً إقليمياً ودولياً لمحاربة «داعش» بعد استيلائه على الموصل العراقية. في المقابل، التزمت الصمت بعد سقوط العاصمة اليمنية (صنعاء) وبعدها مدينة الحديدة في يد ميليشيا الحوثيين. ولا تزال تلتزم الصمت إزاء دخول ميليشيات شيعية الحرب في سورية إلى جانب النظام، وإزاء الدور البارز للميليشيات نفسها في العراق. سيقال إن التنظيمات السنّية تستهدف دول المنطقة، ومصالح الدول الغربية، على العكس من التنظيمات الشيعية. ومن حيث أن التنظيمات الأخيرة تتلقى الدعم المالي، والتدريب العسكري، والغطاء السياسي من إيران، فإنها في هذه الحال تخضع لمرجعية سياسية وأيديولوجية واحدة هي إيران. أما التنظيمات السنّية، على الناحية الأخرى، فتبدو منفلتة ليس لها مجتمعة، ولا لأية واحدة منها مرجعية سياسية واحدة. على العكس، جميعها تقريباً في حال صدام مع دول المنطقة السنّية ومع إيران والغرب. بل إن هذه التنظيمات في حال خلاف وصدام في ما بينها كما يحصل في سورية وليبيا. هنا تبدو التنظيمات السنّية خارج السياق، فهي ضد النظامين الإقليمي والدولي، وضد مفهوم الدولة الوطنية التي يستند إليها هذان النظامان، وتهدف بدلاً من ذلك الى العودة إلى الخلافة، أو نظام سياسي إسلامي عفا عليه الزمن. من هذه الزاوية تمثل التنظيمات أو الميليشيات السنّية مصدراً يهدد بالفوضى الإقليمية، وربما الدولية.

هذا توصيف صحيح ودقيق، لكن ما يستنتج منه مقارنة مع التنظيمات الشيعية يتسم بالاستعجال، ويعبّر عن خطل سطحي في النظر إلى الموضوع. فإيران باعتبارها مرجعية التنظيمات الشيعية هي دولة دينية ترتكز إلى مفهوم «ولاية الفقيه». و «ولاية الفقيه» هذه هي المفهوم الشيعي للخلافة. ومن ثم تهدف الجمهورية الإسلامية من تبني هذا المفهوم (ومسمى الجمهورية هنا ينطوي بالمناسبة على تناقض عميق في داخله) الى العودة بإيران والمنطقة الى تطبيق «ولاية الفقيه» التي لم يتسنّ تطبيقها من قبل كما حصل للخلافة السنّية. بهذا المعنى تكون إيران مناهضة في العمق، وبعنف واضح للنظام الإقليمي، وضمناً للنظام الدولي. وقد لاحظ هذا المنحى في السياسة الإيرانية هنري كيسنجر في كتابه المشار إليه، مستنداً في ذلك إلى خطابات المرشد الإيراني علي خامنئي (ص 149 - 151). وكان من الطبيعي في هذا السياق أن تتبنى إيران آلية الميليشيات الشيعية العربية كأداة مركزية في سياستها الإقليمية. لماذا؟ قبل الإجابة لاحظ أن إيران لا تسمح بوجود أي ميليشيا - عربية أو إيرانية - على أراضيها، ولا أي تنظيم عسكري خارج الإطار الرسمي لقواتها المسلحة. في المقابل، تتمسك إيران بمبدأ اقتصار وجود ودور الميليشيات العابرة للدول داخل حدود الدول العربية.

نعود للإجابة عن السؤال. في ظل النظام الإقليمي القائم تفتقد إيران عمقاً استراتيجياً في المنطقة يمكّنها من الاتكاء عليه لتحقيق طموحاتها الإقليمية، وتطلعاتها الأيديولوجية. العمق الوحيد الذي يمكن أن يوفر لها مثل هذا الطموح هو المخزون البشري للأقليات الشيعية في الدول العربية المجاورة لها، أو التي تقع في المجال الحيوي لمصالحها، مثل سورية ولبنان واليمن. وتحقق آلية الميليشيات لإيران هدفين أساسيين يعوضان فقدانها العمق الاستراتيجي، الهدف الأول أنها توفر لها نفوذاً قوياً داخل الدول التي توجد فيها هذه الأقليات. وهذا واضح الآن في لبنان والعراق، والنظام السياسي السوري بانتمائه العلوي. ثانياً أن وجود ميليشيات أو أحزاب على أساس شيعي أو أقلوي داخل هذه الدولة العربية أو تلك يبقي على انقسام النظام السياسي، وبالتالي على ضعف هذا النظام، الأمر الذي يحمي قناة النفوذ الإيراني على النظام السياسي. ولعل حال «حزب الله» في لبنان ونفوذه الكبير هناك، وحال حزب «الدعوة» في العراق بعد الاحتلال الأميركي، وتحديداً فرض نوري المالكي كرئيس للحكومة لفترتين متتاليتين، ثم حيدر العبادي من الحزب نفسه، وأخيراً تعاظم دور جماعة الحوثي في اليمن، كل تلك أمثلة عملية وواضحة على مدى فائدة أو فاعلية هذه القناة بالنسبة الى الدولة الفارسية. وقد ساهمت آلية الميليشيات الشيعية في تقويض الدولة في العراق أولاً، ثم في سورية.

ولعل من المفارقة أن النظام السوري الذي كان يوماً مظلة حماية لميليشيا «حزب الله» في لبنان بات يعتمد على هذه الميليشيا وغيرها للبقاء ومقاومة السقوط. والآن تهدد ميليشيا الحوثيين بسقوط الدولة في اليمن. انطلاقاً من ذلك، فإن القول إن الميليشيات السنية هي المصدر الوحيد الذي يهدد مفهوم الدولة في المنطقة، وبالتالي يهدد النظامين الإقليمي والدولي هو استنتاج مبتسر، إما بتعمد مقصود (من إيران وحلفائها)، أو بتسرع سياسي غير مبرر (من واشنطن وحلفائها). ما تؤكده ظاهرة الميليشيات العابرة للدول، السنّية منها والشيعية، هو أن ما يهدد مفهوم الدولة والنظام الإقليمي هو الطائفية، وليس هذه الميليشيا أو تلك. الميليشيا تعبير عن حال أوسع وأخطر، وليست الحال ذاتها. ولا أظن أن هذا يخفى على أحد. الانشغال بـ «داعش»، أو ما يبدو أنه كذلك، يعبر من ناحية عن رؤية سياسية آنية وضيقة في حال واشنطن ودول التحالف، ويعزز من ناحية أخرى رؤية طائفية متأصلة في حال إيران وحلفائها. ويكمن الخطر في التناقض العميق لمنطلقات الرؤيتين، وأن التقاءهما في لحظة سياسية حرجة ينبئ إما بأنهما تسيران في خط صدام قادم، أو بأن هناك ميلاً أميركياً للاعتراف بمجال حيوي لإيران في المنطقة، انطلاقاً من أن الطائفية قدر لهذه المنطقة حتى إشعار آخر.

اقرأ المزيد
١٩ أكتوبر ٢٠١٤
النظام السوري راعي القطط والأغنام..

يمكننا القول نشكوكم إلى الله، أو "إن لم تستحِ فافعل ما شئت" فتنتهي محاكمة النظام السوري، ولكن قد يكون المقياس تسليمياً أخلاقياً. وربما التسامح هنا، له علاقة "بالجدبنة" لطالما هناك حقوق لغيرك ودماء ليس لأحد مصادرتها وهضم حقوق الأبناء اليتامى والأمهات الثكلى، وثمة حقوق تاريخية لها علاقة بضياع وطن وتركه عرضة للتقسيم في أحسن الأحوال وأقل الحلول كارثية.

رغم "إن لم تستح" تتناسب مع عهر لم يعرفه التاريخ ولم تشهده الجغرافيا يوماً، لكنه متأصل في علوم السياسة، إن لم نقل من بدهياتها، ما لا يمكن إخراجه عن "أمير ميكافيللي" الذي كانت نصيحة وضعه تحت وسادة نوم القائد الوريث، وصية من الوارث.

قصارى القول، منذ أيام خلت، استنفرت سيارات النجدة والإطفاء في دمشق وريفها ليساعد رجالاتها هرة علقت على شجرة عالية في مشروع دمر وسط العاصمة السورية، وما يمكن البناء عليه لاحقاً، لأن عملية إنقاذ السيدة الهرة، لم تتم سراً، بل نالت ما تستحق من الترويج ونشرها على وسائل إعلام ووسائل تواصل إجتماعي.

واليوم، تبدأ وزارة الزراعة، وبنفس الطريقة الدعائية، حملة ترقيم الثروة الحيوانية في خمس محافظات سورية "أي ما يسيطر عليه نظام الأسد".

ويكتمل الاستفزاز، أو ربما أهداف الرسالة من الترويج، عندما تقرأ أن الهدف من ترقيم السادة والسيدات الأغنام، هو "حصر كل الخدمات المتعلقة بالثروة الحيوانية". وهنا أقتبس الجملة كما قالها مدير مشروع تطوير الثروة الحيوانية بوزارة زراعة حكومة الأسد، ولئلا يخطر لمدافع على بال، أن حكومة النظام السوري تحرص على غذاء السوريين وتأمينه بأسعار تتناسب ودخولهم، وما الضير في إحصاء الثروة الحيوانية وتقديم المعونة والمساعدة وحتى الموسيقا للأغنام، ألم تسمعوا أن البقر الهولندي يزيد إنتاجه للحليب لأنه يرفه ويسمع موسيقا.

نقول لمن يقول، أو يمكن أن يقول، اللهم إن وجد، تم تدمير الزراعة السورية ورفع سعر الأعلاف وقتل الثروة الحيوانية، بل وتهريب الأغنام الفائضة عن التصدير، إلى بلدان الجوار وأهمها لبنان، إلى أن وصل سعر كيلو هبرة الغنم بدمشق قرابة 2400 ليرة سورية.

وأيضاً، يبدأ نظام بشار الأسد اليوم الأحد بتصدير منتجات ألف بيت بلاستيكي، من الخضار والفواكه إلى روسيا الاتحادية، لينقذ أسواقها ومواطنيها من قلة المعروض السلعي بعد العقوبات الأوروأمريكية.

نهاية القول: عندما يقتل النظام السوري الممانع ويعتقل ويغيّب نحو مليون سوري ويهجّر داخليا وخارجياً قرابة 11 مليون ويصل 8 مليون سوري لدون مستوى الفقر، 5 ملايين منهم في حالة الفقر المدقع، ورغم ذلك يستنفر قوات الدفاع المدني لينقذ هرة ويوعز للترقيم والعناية بالأغنام، فماذا يمكن أن نستنتج؟!
ثمة احتمالات كثيرة، منها أن هذا النظام يحاول تسويق تلك اللقطات خارجياً، بعد أن يدعمها بحملات تسويقية كما حدث ضمن حملات تشويه الثورة وإعادة تسويق النظام، أنه نظام رحيم حتى بالحيوانات، فكيف يمكن التصديق أنه يضرب شعبه بالكيماوي.

ولكن، بما أن جرائم الأسد شهدها القاصي والداني وفي أصقاع الأرض جميعها، ربما يسقط هذا الاحتمال.

أيعقل- احتمال ثان- أن هكذا رسائل جمهورها المستهدف داخلي فقط، ليتمسك محبو الأسد والصامتون والرماديون بخيار الممانعة الرحيم الذي يسعى لتلبية الأغنام احتياجاتها ليعود لهم بلحم وصوف وحليب...أيضاً هذا الاحتمال غير علمي ومنطقي لأن من حول النظام وفي الدائرة الأولى، يعلمون يقيناً، بل شاهدوا وشاركوا بالجرائم أولاً، ويكابدون يومياً من حمى الأسعار التي تفوق مداخيلهم أضعافا مضاعفة.

ثمة احتمال آخر، مفاده باختصار، أن النظام السوري الممانع يعيش بحبوحة وأن "سوريا بخير حقيقة" وهو يلتفت لتمتين اقتصاده وكفاية شعبه ومؤيديه، وهي سياسة مثلى أثمرت نتائج على الأرض، بدليل وجود ماتبقى من "جيش الوطن" وكثير من المرتزقة، ملتفين حوله.

بيد أن هذا الاحتمال مشكوك بصحته وطريقة استنتاجه أيضاً، لأن الخسائر الاقتصادية جراء حرب الكرسي نافت 200 مليار دولار وثمة تململ وصل "طرطوس" بعد قمع تظاهرات عكرمة في حمص.
إذاً، لم يبق سوى احتمال وحيد، وهذا الاحتمال يتشابه، أو ربما يتمخض عن السياسة ذاتها التي تسرّب لمشاهد المصورة للميليشيات القاتلة للسوريين وهي تتفنن ببقر البطون وتكسير العظام ..قبل حرق الجثث.

هذه السياسة المحكمة، والتي يمكن اعتبارها طوق النجاة الوحيد للنظام القاتل، تهدف فيما يراد لها، تكريس الثأرية بين أطياف السوريين وتأصيل ذهنية وثقافة الحقد والتقسيم، فلو فكرنا وتفكرّنا بأن النظام، أي نظام، يقتل صباح العيد عشرات الأطفال والشيوخ بسراقب عبر البراميل المتفجرة ويقتص من أهالي وعر حمص بعد الهدنة، بعد أن أباد وهدّم وحرق وضيّع حتى الحلم، لكنه في الآن ذاته يسعى لنجدة هرة أو إسعاد نعجة، فماذا يمكن أن نقول أو يخرج عنّا من أفعال.... ويقولون الشعب السوري متطرّف.

اقرأ المزيد
١٨ أكتوبر ٢٠١٤
خطط فاشلة بشأن السوريين الأكراد

في زيارةٍ قمت بها بمعية أعضاء من "اللجنة الوطنية لحماية السلم الأهلي"، التي شكلها لفيف من الأصدقاء، وشرّفوني بعضويتها، رافقنا لفيف من مقاتلي "غرباء الشام" إلى مقر إخوتنا الكرد في المدينة، لبدء محادثاتٍ أردنا لها أن تنهي الاقتتال فيها، وهو ما تحقق بالفعل على أيدي ممثلين من الطرفين "المتقاتلين". حين وصلنا إلى المقر، استقبلنا قرابة مائتي مواطن كردي بهتاف "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد". وبعد قليل، تعانق كثيرون منهم مع مقاتلي الغرباء، الذين جاؤوا معنا من دون موافقتنا، خشية أن يثير حضورهم المشاعر، ويسبب مشكلة تقوض فرص نجاحنا. طفرت عندئذ الدموع من عيني وأعين كثيرين، لأن بعض من تعانقوا كانوا يتحاربون قبل ساعات قليلة. أقنعتني الحادثة بصحة شعار الثورة المجيدة "الشعب السوري واحد".

تقاطع رأيان في الوسط السياسي المعارض، وخصوصاً منه المحسوبة على الديمقراطية، حول العلاقات التي ستقوم بعد الثورة، بين مكونات ما أسماه برهان غليون "الجماعة الوطنية السورية"، تفرع عنهما خلاف مفصلي، وترتبت عليهما نتائج جد متعارضة، قال أولهما بأولوية مشاركة جميع مكونات هذه الجماعة، وبكل ما تمتلكه من قوى في معركة إسقاط الاستبداد، على أن تنظم بعده علاقات الداخل السوري، في إطار الفكرة الديمقراطية والروح التكاملية، وعلى أرضية منجز وطني، شارك فيه الجميع، وضحوا من أجله، مع بقاء باب الحل مفتوحاً على جميع الاحتمالات، بما فيها احتمال الفيدرالية. كنت شخصياً مع هذا الرأي.
"
ها هم أكراد الجزيرة يتبينون، في خضم معركة (عين العرب – كوباني) ومضاعفاتها، فداحة أخطاء مسلم، والعبء الثقيل الذي ألقاه على عاتقهم
"

لذلك، وافقت على أية اتصالات، الهدف منها رسم صورة سورية المستقبل، بتوافق يلزم الجميع، يرتكب من يخرقه جرم الخروج على إجماع وطني. في المقابل، كان هناك تيار آخر، عبر عنه الأستاذ صالح مسلم أكثر من أي شخص آخر، رأى في الأمر الواقع ضمان حقوق الكرد في سورية وما وراءها، وآمن بقدرته على تمرير ما يريد، وسط تطاحن واسع، لا يعرف أحد إلى أين سيصل، وطور خطاً سياسياً لإنجاح مشروعه، جمع فيه أضداداً تتحدى قدرات كرد الجزيرة، وعربها وسريانها وكلدانها وآشورييها وشركسها وشيشانها وتركمانها وأرمنها مجتمعين، كالمحافظة على علاقاته مع النظام، وفي الوقت نفسه، على عضويته في هيئة التنسيق، وإعلانه أن كرد الجزيرة هم شعب غرب كردستان، وأن مناطقهم يجب أن تخضع لما أسماها إدارة ذاتية ديمقراطية، سيقيمها حزبه، ما لبث أن حكم سكانها من مختلف القوميات، بطرقٍ، لا تتفق مع أبسط متطلبات الديمقراطية وقيمها،  بينما منع الجيش الحر من دخولها، أو المرابطة فيها، بحجة أنها أرض محررة، واستلم بعضها من مخابرات النظام بكامل أسلحتها.

خال السيد مسلم أنه قفز من فوق الجميع، وانتقل، ونقل الكرد إلى المستقبل، أي إلى ما بعد الأوضاع الراهنة. وظن أن منطقته صارت، بالفعل، نواة دولةٍ، لن يتمكن أحد من تغيير واقعها، لأنها غدت أمراً واقعاً، عبر عنه بأسماء، تشاع، أول مرة، في لغة السياسة السورية، كتسمية منطقة الجزيرة "روج آفا" التي ستكون، في الحد الأدنى، جزءاً مستقلاً نسبياً من فيدرالية سورية، وفي الحد الأعلى، جزءاً من دولة كردية شاملة، ستقوم في سورية والعراق وتركيا، كما كان مقرراً لها في اتفاقية سان ريمو.

أخطأ السيد مسلم في أولوياته السياسية، وحساباته السورية والإقليمية، وحمّل أكراد الجزيرة فوق ما يطيقون ويستطيعون، وزجّ بهم في مغامرة أساء توقيتها، وها هم يتبينون  في خضم معركة "عين العرب – كوباني" ومضاعفاتها فداحة أخطائه، والعبء الثقيل الذي ألقاه على عاتقهم، في ظرفٍ لن يتمكنوا من القفز فوقه، في الوضع، الداخلي والعربي والإقليمي، وسيكون فوق قدراتهم تحديد صورتهم النهائية مكوناً وطنياً سورياً، في معزل عن غيرهم أو ضد إرادته، كأن انتماءهم السوري لا يرتب عليهم أية التزامات وطنية، أو أي تضامن مع بقية مواطنيهم، أو كأن اللعب على حبال التناقضات يمكن أن يكون سياسة تخدم مصالحهم، أو كأن نجاح مشروع قومي يمكن عزله عن الظرفين، الدولي والإقليمي، وإرادة بقية مكونات الجماعة الوطنية السورية، التي إن فشلت ثورتها أخفق، وإن نجحت استطاعت أن تعيد النظر فيه، هذا إذا سمحت تركيا وإيران وسورية بتمريره.

يقال إن رئيس وزراء تركيا أعلم السيد مسلم بشروط إنقاذ "كوباني- عين العرب"، وهي تتصل جميعها بالخطوط الحمر، التي ظن أنه تخطاها، وانتهى الأمر، وهي، قطع علاقاته مع النظام السوري، والتعاون مع الجيش الحر، وحماية حدود تركيا وأمنها. بكلام آخر، إلغاء مشروعه عن الإدارة الذاتية، لأنها أكثر من ذلك بكثير.

بالمناسبة، منع السيد صالح مسلم دخول الجيش الحر إلى منطقة الإدارة الذاتية، واليوم، يقدم هذا الجيش 40% من المدافعين عن عين العرب، وأعلن، قبل يومين، عزمه على إرسال ألف من مقاتليه لرد "داعش" عنها، بينما عزا مسلم سقوط بعض مناطق المدينة إلى وحدات من هذا الجيش، في سياق إيجاد أجواء مسمومة مع بقية مواطني سورية. وتكشف هذه الوقائع، على خير وجه، عن أفظع خطأ ارتكبه السيد مسلم: اعتقد أن الشعب السوري لم يعد واحداً، وعليه المسارعة إلى الإفادة من انقساماته وزوال وحدته، لاقتطاع أكبر قسم ممكن من كعكته كشعب سابق، لم يعد له وجود، ومن أرضه أيضاً باعتبارها أرضاً كردستانية، مع أن ما يجري في "كوباني – عين العرب" يؤكد الاستراتيجية البديلة، استراتيجية وحدة السوريين شعباً في الصرع ضد الأسد ونظامه، رفضها صالح مسلم، وقادته إلى سياسة كارثية النتائج على الشعب الكردي، سيحول قيامها دون بناء دولةٍ ديمقراطيةٍ لجميع السوريين، جماعات وأفراداً، يمكن للسيد صالح أن يقيم فيها نظاماً فيدرالياً أو لا مركزياً هو رئيسه، باختيار شعب وطننا الحر وتأييده.

تحدت مجريات معركة "عين العرب – كوباني" خيار الإدارة الذاتية الديمقراطية، التي طاردت الكرد بصورة منظمة، بل أسقطته. لذلك، من الأهمية بمكان أن يخلي مسلم مكانه لقيادةٍ أولويتها إسقاط الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية، لا تنكر حقوق مكونات الجماعة الوطنية السورية، بما في ذلك حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم.

اقرأ المزيد
١٨ أكتوبر ٢٠١٤
الشّتات السوري ومصاعب الحياة

ما يواجهه السوريون الذين «وجدوا سبيلهم إلى مغادرة أرض السلطتين، سلطة الأسد وسلطة داعش» أكثر تعقيداً من «مصاعب الحياة» وفق الصّديق حازم صاغيّة («الحياة» 11-10-2014). والحديث هنا عن مجتمع الشّتات السّوري تحديداً الموجود بغالبيّته في أوروبا، والذي يمكن ملاحظة ثلاثة مستويات أو بيئات من التجمّع فيه: أنصار النظام، معارضوه، وأصحاب الخيارات الفرديّة ممّن اختاروا أن يعيشوا بعيداً من التجمعين السّابقين.

ولعلّ أُولى «مصاعب الحياة» لدى هذه الفئات الثلاث قدرتهم على الاندماج في مجتمع أو ثقافة بلاد المهجر أو الملجأ، وربّما قبل ذلك، رغبتهم في الاندماج. فأنصار النظام وعلى رغم أنّهم يمتلكون قدرة أكبر من معارضيه على الاندماج، كونهم غير مكشوفي الظّهر ومحميّين من النّظام فضلاً عن تفوّقهم المادّي والتعليمي بدرجة أو بأخرى عن البقيّة، إلاّ أنّ اندماجهم المنشود يبدو ناقصاً. ذاك أنّ تعلّقهم بالنظام لا يسمح لهم بالقطع مع الحياة السّابقة في سورية وشروط تلك الحياة المحكومة بعلاقاتهم بالنّظام وآمالهم ببقائه ومعاودة تلك الحياة، فضلاً عن مشاعرهم العدوانيّة تجاه الثورة وبيئتها، وبالتالي لأنصار هذه الثورة في التجمّع الموازيّ لتجمّعهم في الشّتات. وهذا ما يعني أنّهم لم ينفصلوا انفصالاً تامّاً عن نظام اشتهر بتمجيد «القضايا على حساب البشر»، بحيث يشكّلون امتداداً ضعيفاً له، واحتمالاً لنشر أفكاره وأخلاقه وإعادة تمجيد قضاياه.

وما يقال في هؤلاء يقال في البيئة الموازية لهم من أنصار الثّورة، وإنّما بدرجة أعلى من التعقيد والتشابك. ذاك أن مشكلات مجتمع الشتات المؤيّد للثورة تجعلهم بعيدين من مرحلة طلب الاندماج، فضلاً عن أنّها تزيد من ارتباطهم بالقضيّة الأم، قضيّة الوطن والثورة، بشكل عام، وقضيّة هويّتهم الجماعيّة ومظلوميّتها بشكل خاص، أي بـ «قضايا البشر» إن صحّت التسمية. هكذا يواصلون عيشهم تحت إلحاح الانتقام لهذه القضايا، فضلاً عن انتقامهم التاريخي من قضايا النّظام.

ومع أنّ من المبكّر الحكم على تجربة الشّتات السّوري طالما أنّ الثورة ما زالت مستمّرة ولم يحسم الصراع مع نظام الاستبداد، ولم تتحدّد ملامح الأجيال التي ولدت في هذه الأثناء وشكل أو حجم التركة التي سيرثونها عنه، إلاّ أنّ هذه الملاحظات تشكّل بنسبة أو بأخرى أحد الأساسات التي تقوم عليها هذه التجربة، خصوصاً في علاقتها مع «القضايا» عموماً، وموقع القضيّة السّورية منها ومصير هذه القضيّة التي بدأت في بلاد الشّتات تُفلت من أيدي السّوريّين وتتحوّل إلى قضيّة جهاد عالميّ.

بهذا يكون السوريّون أمام صراع جديد لاستعادة قضيّتهم الأولى والحقيقيّة. وفي مواجهة هذه التحديّات تبدو «مصاعب الحياة» ترفاً لم يستحقّه السّوريون بعد وإن كانت أبسط أمانيهم.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان