مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٣ نوفمبر ٢٠١٥
متى وكيف يرحل بشار الأسد؟

ليس من المصلحة إطالة أمد الأزمة السورية، وتعميق معاناة السوريين، والمخاطرة بأمن المنطقة، لذا من الصعب الاعتراض على النقاط التسع التي تمخض عنها مؤتمر فيينا بمشاركة الحلفاء والأعداء، باستثناء نظام بشار الأسد والمعارضة، لكن هذه ليست كل القصة، فالنقاط التسع ناقصة، وينقصها أمران مهمان: متى يرحل الأسد؟ وكيف؟

على الورق تبدو النقاط التسع التي نشرتها صحيفتنا جيدة، وملخصها هو ضرورة وحدة سوريا واستقلالها وضمان هويتها العلمانية. الإبقاء والحفاظ على المؤسسات. حماية حقوق الأقليات بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية. تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب. ضمان وصول المساعدات الإنسانية. الإجماع على ضرورة إلحاق الهزيمة بـ«داعش»، والجماعات الإرهابية المصنفة بقرار أممي. إلى أن نصل للبند اللافت بأنه «وفقا لبيان جنيف عام 2012 وقرار مجلس الأمن رقم 2118 تدعو الدول المشاركة منظمة الأمم المتحدة إلى جمع ممثلي الحكومة السورية وممثلي المعارضة معا لتدشين عملية سياسية تؤدي إلى تشكيل حكومة قادرة وفعالة وشاملة وغير طائفية، يتبعها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يحقق أعلى المعايير العالمية وأعلى معايير الشفافية والتحقق، ويقود إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة يشارك فيها كل السوريين بمن فيهم المهجرون الذين لهم حق المشاركة». مع تعهد بأن تكون عملية سياسية يقودها السوريون، ويقررون بأنفسهم مستقبل سوريا، والسعي لإيجاد طرق لتنفيذ وقف إطلاق النار.

حسنا، ماذا عن الأسد؟ متى، وكيف يرحل؟ ومن يتعهد بذلك؟ البعض ينظر إلى حصر الأزمة برحيل الأسد فقط على أنه خفض للمطالب، وخسارة سياسية، وهذا غير صحيح، فسوريا بعد الأسد، أيا كانت، لن تكون كأيام حكم الأب والابن. وبالطبع فإن عاقلا لا يريد رؤية سوريا كعراق ما بعد صدام حسين، وإن كانت سوريا مختلفة صحيح، لكن ليس من مصلحة أحد هدم الدولة ككل، ولذا فإن السؤال العقدة هو متى، وكيف يرحل الأسد؟

القول بانتخابات حرة ونزيهة، وما خلافه، ما هو إلا ضحك على الذقون، حيث سيكتشف الجميع أن الأسد أكذب حتى من علي عبد الله صالح، طوال ثلاثين عاما خدع فيها صالح اليمنيين، والخليجيين، والمجتمع الدولي. ولذا فلا يمكن الوثوق بأي اتفاق طالما لم يكن هناك ضمانات كافية بعدم ترشح الأسد للانتخابات الرئاسية القادمة، وضمان أن تكون المرحلة الانتقالية، أي رحيله، لا يتجاوز ستة أشهر، أو ثمانية، وضرورة الشروع في دمج الجيش الحر بجيش سوريا الجديدة، تزامنا مع مسار العملية السياسية، وضرورة ضمان خروج الميليشيات الشيعية، وقوات الحرس الثوري الإيراني من سوريا، وبالتالي لا يسمح ببقاء أي قوة أجنبية هناك إلا المنضوين تحت غطاء التحالف الدولي.

عدا عن ذلك، فإن كل ما يقال، وإن كان براقا، فلا معنى له، ولا بد من مواصلة دعم الجيش الحر على الأرض، حتى تتحقق الأهداف، وأهمها ضمان رحيل الأسد، وموعد ذلك، بشكل لا لبس فيه.

اقرأ المزيد
٣ نوفمبر ٢٠١٥
ميراث حافظ الأسد

 لا تكفي الحجج التي تخفّف من آثار الغياب السوري عن فيينا لإقناع من يريد أن يقتنع. فأن تلتقي عشرات الوفود، من دول الإقليم ودول العالم، كي تبحث في وضع شعب وبلد غائبين عن اللقاء، فهذا إنّما يمسح الجرح بالإهانة. وهذه الوجهة، مسحوبة إلى مداها الأبعد، ترقى إلى معاكسة صريحة لكلّ ما ترمز إليه مصطلحات «حقوق الشعوب» أو «حقّ تقرير المصير» أو غير ذلك.

وكم تتبدّى هذه الوجهة فاقعةً إذا ما قورنت بأجواء مؤتمر باريس للسلام في 1919 الذي صيغ فيه العالم، بما فيه الشرق الأوسط المعاصر الذي يتصدّع الآن.

ذاك أنّ الزمن الفاصل بين تاريخ النشأة الأولى ويومنا هذا هو تاريخ تحلّل سورية، التي لا يمثّلها في فيينا نظامها الأسديّ، وتحلّل الشعب السوريّ تحت وطأة البراميل والكيماوي والسكاكين وأشكال الموت والتهجير الكثيرة، وهو الشعب الذي لا تمثّله في فيينا أيّ من معارضاته الكثيرة.

وإذا جاز تعيين المسؤول الأوّل، وإن لم يكن الأوحد، عن هذه الأيلولة الكارثيّة، فهو لن يكون أحداً سوى حافظ الأسد. ذاك أنّ ما يحصل اليوم هو النتيجة الطبيعيّة لسياسة حوّلت الوطن السوريّ، وقد كان مشروعاً محتملاً، إلى مجرّد وظيفة استراتيجيّة، ففرّغته من كلّ داخل. ومع بشّار الأسد، تُوّجت هذه السياسة برهن سورية للروس والإيرانيّين والتنظيمات الطائفيّة اللبنانيّة والعراقيّة التابعة لهم، مقابل تنظيمات معارضة ومسلّحة محسوبة بدورها على الخارج، أقواها أمميّات إسلاميّة لا تعني سورية سوريّيها أكثر من تاريخ ولادة ولهجة معيّنة.

فالميراث الأسديّ، وأهمّه جعل البلد «لاعباً كبيراً»، وفقاً لجوقة من الممالئين وجوقة أخرى من السذّج والقصيري النظر، تقابله اليوم استعدادات جدّية لدى الدول المجاورة للتعامل مع ما بعد سورية، وليس فقط مع ما بعد الأسد. وغالب الظنّ أنّ الكلام الديبلوماسيّ الذي يقول عكس هذا لا يعدو كونه كلاماً ديبلوماسيّاً.

يصحّ هذا الاستعداد لما بعد الأسد في إسرائيل التي لا يكاد يُذكر اسمها في اللغة العربيّة إلاّ مصحوباً بتعبير «أزمة»، كما يصحّ في إيران التي توصّلت إلى اتّفاقها النوويّ مع أعضاء مجلس الأمن وألمانيا، وفي تركيا التي، على رغم كلّ شيء، أجرت انتخاباتها البرلمانيّة وقد تتوصّل إلى ترميم سلطة حزبها الحاكم التي لاحت، قبل أشهر، متصدّعة ومهلهلة. هذا فضلاً عن الدول الكبرى وهي ترسم استراتيجيّاتها للمنطقة المتغيّرة.

أمّا الميراث الأسديّ المُرّ واللئيم، فيبقى منه درس آخر يتعدّى السياسات والاستراتيجيّات، مفاده أنّ القصور التي تشيّد على رمال من الكذب لا بدّ أن تنهار. وللأسف، فهي لا تنهار على رؤوس الذين شيّدوها وحدهم.

اقرأ المزيد
٣ نوفمبر ٢٠١٥
ما يقرّره “الشعب السوري”؟

قبل عشر ساعات من بداية مؤتمر فيينا تحدثت تقارير ميدانية عن سيطرة مفاجئة لتنظيم “داعش” على الطريق الممتد من بلدة خناصر الواقعة في ريف حلب الجنوبي الى بلدة إثريا في ريف حماه الشرقي، وهو ما قطع طريق الإمداد الوحيد الى مواقع النظام في حلب ومحيطها.

المثير هنا بالنسبة الى قياديين في المعارضة، كان غياب الدعم الجوي الروسي وتراجع قوات النظام بما مكن الإرهابيين من تحقيق هذا التقدم، ولكن سرعان ما برزت شكوك في ان الروس تعمّدوا تسهيل الأمر هناك على “داعش”، بدليل ان سيرغي لافروف سارع فور بداية الاجتماع الى مخاطبة زميليه التركي والسعودي بالقول “هذا هو بديل الأسد الوحيد، وهو يشكّل خطراً كبيراً، يجب ان نضع أيدينا في يد نظام الأسد لقتال داعش”!
لكن الرد غير المنتظر جاء على لسان جون كيري ليقطع الطريق على محاولة لافروف تحقيق كسب سياسي، فقال له “هل كثير اذا لاحظنا ان التدخل العسكري الروسي لم ينتج منه حتى الآن إلا المزيد من التقدم على الأرض لتنظيم “داعش”؟”.
ليس في كلام كيري أي مبالغة فبعد شهر من بداية التدخل العسكري الروسي، يبدو واضحاً ان العمليات تركّز على إعادة ترميم مواقع الأسد في منطقة الساحل التي بدت مهددة في الأشهر الماضية، لكن هذا لا يمنع الروس والإيرانيين من الإصرار الدائم على تعطيل الحل وعرقلة عملية الانتقال السياسي عبر التمسك بعقدة الأسد.
ففي حين خرج لافروف من فيينا مكرراً نظرية أن الشعب السوري هو الذي يقرر مستقبل الأسد، من غير ان يتذكّر أن معظم أبناء هذا الشعب باتوا مشردين في العالم، قال المرشد علي خامنئي [رغم مشاركة ايران في اجتماع فيينا] إن من الحماقة ان تجتمع دول عدة وتقرر مصير نظام ورئيسه، وان الحل في سوريا يأتي بعد انتهاء الحرب وإجراء انتخابات!
الحديث عن الشعب السوري يدعو الى البكاء قياساً بالأهوال التي جعلت نصفه في القبور أو في اللجوء، ويدعو الى الضحك قياساً بالموقفين الروسي والايراني اللذين يتمسكان ببقاء الأسد حتى آخر سوري على طريقة “الأسد أو نحرق البلد”، والمثير ان بيان البنود التسعة الذي صدر عن اجتماع فيينا لا يقل تعمية ووهماً عندما يتحدث عن حقوق الشعب السوري ودوره في تقرير مستقبله!
من البند الأول الى التاسع كلام إنشائي جميل عن وحدة سوريا وسلامة اراضيها وهويتها العلمانية وعن بقاء مؤسسات الدولة، وحقوق السوريين، ووقف الحرب، وإيصال المساعدات الى النازحين في الداخل والخارج، لكن السؤال كيف سيتمكن هؤلاء النازحون وهم بالملايين من تقرير مستقبل سوريا والأسد، وفي المناسبة القصف الروسي أضاف عشرات الآلاف منهم الى النزوح نحو تركيا؟

اقرأ المزيد
٣ نوفمبر ٢٠١٥
بيان فيينا وتفاهمات جديدة

على الرغم من إقرار الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بفشل اجتماع فيينا لعدم الاتفاق على مصير الأسد، فإن الاجتماع، بحد ذاته، شكّل تطوراً مهماً على صعيد حل الأزمة السورية، فلأول مرة تُشارك قوى إقليمية متعارضة حول سورية على طاولة واحدة. ولأول مرة، يجري التوافق على شكل سياسي موحد للحل في سورية. ولأول مرة، يتم استبعاد السوريين أنفسهم من اجتماع دولي موسع كهذا، ولأول مرة تبدأ الأطراف بتحديد هوية الفصائل والقوى التي تقع خارج دائرة الإرهاب.
وقد بدا واضحاً أن الاجتماع سيكون مختلفاً عن أية اجتماعات سابقة مخصصة لبحث الأزمة السورية، حيث ظهرت مؤشرات إيجابية عدة قبيل عقده، منها أولاً، تلميح إيران إلى تفضيلها مرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر، تعقبها انتخابات لتحديد مصير الرئيس بشار الأسد، على الرغم من نفي أمير عبد اللهيان، نائب وزير الخارجية الإيراني وعضو الوفد الإيراني في المحادثات، هذا الكلام الذي نسب إليه. ومنها ثانيا، إعلان مندوب روسيا في مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، من أن النظام السوري أوقف القصف بالبراميل المتفجرة، إثر دعوات متكررة من موسكو بشكل خاص لوقف استخدامها لتجنب سقوط ضحايا مدنيين. ومنها ثالثا، تصريح ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، بأن موسكو والرياض تبادلتا قوائم بشأن الشخصيات المعارضة التي يمكن أن تشارك في مفاوضات مع الحكومة السورية، بما فيها "الجيش الحر" والأكراد.
انتهى الاجتماع باتفاق 17 دولة، إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، على نقاط تسع شكلت مبادئ عامة للحل السياسي في سورية: وحدة سورية واستقلالها وهويتها العلمانية، بقاء مؤسسات الدولة، تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة، وضع دستور جديد، إجراء انتخابات جديدة، تنفيذ وقف إطلاق النار في كل أنحاء البلاد.
تشكل هذه النقاط تطوراً إيجابياً من حيث المبدأ، وإن لم تصل إلى المستوى الذي تنشده المعارضة السورية وداعموها الإقليميون. لكن، ثمة جديد هنا، فقد انتقل التفاهم من المبادئ العامة الفضفاضة إلى المضامين السياسية والآليات التي يجب اتباعها، والتي ستكون مثار نقاش الاجتماعات المقبلة.
اعتمد البيان الختامي لاجتماع فيينا على بيان مجموعة العمل الدولية (بيان جنيف)، وتجاوزه
"تجاوز بيان فيينا وثيقة جنيف لجهة شكل هيئة الحكم، فجنيف تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، فيما دعا البيان إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية"
في آن معا، فالفقرة السابعة من بيان فيينا تؤكد أن آلية الحل السياسي متضمنة في بيان جنيف، بعدما أصبح قاعدة سياسية وقانونية وفق المادتين 16 و17 من قرار مجلس الأمن الدولي 2118، خصوصا فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية. وفي الوقت نفسه، تم تجاوز وثيقة جنيف لجهة شكل هيئة الحكم، فبعدما أكدت الوثيقة على ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، يشارك فيها النظام والمعارضة مناصفة، دعا بيان فيينا إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية. وهناك فرق كبير بين الحالتين. في الأولى، تنتزع صلاحيات الرئاسة، وتعطى إلى الحكومة التي ستكون مشرفة على المؤسستين، العسكرية والأمنية. وفي الحالة الثانية، لن تكون الحكومة المقرر تشكيلها ذات صلاحيات كاملة، وإنما ذات صلاحيات معقولة، يجعل منها حكومة جديرة بالثقة.
لكن، حتى الآن لا تبدو الصورة واضحة حول عمل المؤسستين العسكرية والأمنية، هل سيتم تقسيمهما؟ بحيث تكون المؤسسة العسكرية ضمن صلاحيات الرئاسة، في حين تكون المؤسسة الأمنية ضمن صلاحيات الحكومة التي تتشكل من النظام والمعارضة، بحسب ما سرّب، ما يعني أن المؤسسة الأمنية فعليا لن تكون بالكامل تحت سلطة المعارضة. وتنجم عن هذه المسألة تفرعات كثيرة، منها ما هو مصير فصائل المعارضة المسلحة التي ستدخل في العملية السياسية والعسكرية؟ ولمن ستؤول صلاحية السيطرة عليها، وكيف يمكن فرز بعض هذه الفصائل عن الأخرى التي تندرج في قائمة الإرهاب، مثل "جبهة النصرة"، في ظل التحالفات الميدانية القائمة الآن.
وهناك مشكلة أخرى مرتبطة بتحديد هوية المعارضة السياسية، بعدما تشكلت في سورية معارضات، يتماهى بعضها مع نظام الحكم في دمشق (حزب الشعب، حزب التضامن، حزب التنمية، حزب الشباب الوطني للعدالة والتنمية، التجمع الأهلي الديمقراطي للأكراد السوريين، تيار سلام ومجد سورية)، وبعضها الآخر يقف مقابل النظام (الائتلاف)، في حين بقيت أطراف أخرى بين المنزلتين (هيئة التنسيق، تيار بناء الدولة). على أن الإشكالية الكبرى التي تواجه المعارضة وداعميها، هي هل يمكن المشاركة في هذه الحكومة، قبيل معرفة مصير الأسد؟ بعبارة أخرى، هل سيؤدي هذا المسار السياسي، في النهاية، إلى رحيل الأسد، وعدم ترشحه للانتخابات؟
تبدو الإجابة عن هذا السؤال صعبة للغاية، في ظل الخلاف القائم بين الأطراف الإقليمية والدولية للأزمة السورية: السعودية وقطر وتركيا يطالبون برحيل الأسد عبر حل سياسي أو عسكري، فيما تتمسك روسيا وإيران ببقائه ضمن أي حل يتم التوصل إليه. في حين يبقى الموقف الأميركي غامضا كعادته. يقول وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إن "السوريين يستحقون خيارا آخر بين الأسد والمنظمات الإرهابية"، لكنه يقول في المقابل، "لا يمكن أن نسمح بأن يقف هذا الخلاف في الطريق أمام إمكانية أن تعمل الدبلوماسية لإنهاء القتل".

اقرأ المزيد
٣ نوفمبر ٢٠١٥
الحرب المقدسة ـ لعبة مجانية على Google ـ

هل كان يعلم القديس /أمبروزيوس/ الذي أعلن أول حربٍ مقدسةٍ /مسيحية/ وكانت على البربر لتمردهم على (الامبراطور جراسيان) ـ المسيحي ـ ووصفهم حينها بأنهم: أعداء الله في الأرض، هل كان يعلم بأن /فسيفولود تشابلن/ رئيس الشؤون العامة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية وبعد مئات السنين سيعلن مثلها ـ علينا ـ، لتمردنا على الوريث (بشار الأسد) ـ العلماني ـ؟!

وبعد أول طلعة طيرانٍ روسية ـمقدسةـ يتساقط الإرهابيون (من الأطفال والنساءِ ومن رجال الدفاع المدني ومن المدافعين عن حرية وكرامة الناس) في عدة مناطق سورية ـ ريف حمص وريف إدلب وريف اللاذقية ـ ، أولئك الإرهابيون ـ الذين قتلتهم الطائرات المقدسة ـ وأفقدتهم أبصارهم أو أطرافهم، هم تمامًا الذين بارك رجل دين نظام الأسد ومدير الأوقاف الإسلامية في دمشق سامر القباني ـ براميل الأسد المقدسة ـ فقال لـ حاكمه ـ بأمر الله ـ : (سالِم من شئت وحارب من شئت وأحبب من شئت وأبغض من شئت .. و نقول لك إذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون) ـ قياسًا على أصحاب بدر مع رسول الله ـ، وذلك لرفض هؤلاء الإرهابيين البقاء في حكم آل الأسد ـ الجبري ـ وتسلّط المتنفذين وأبناء طائفته عليهم وعلى من يرفضون هذا الحكم حتى من أبناء الطائفة ذاتها، أولئك الإرهابيون ـ الذين قتلتهم الطائرات المقدسة ـ هم تمامًا الذين تدعو الميليشيات الشيعية ـ المقاتلة مع نظام الأسد ـ لقتلهم (كي لا تُسبى زينب مرتين) وكي تحمي هذه الميليشات مقدساتها في بلادنا وهم الذين أتو من شرق آسيا وأواسطها إلينا، وحتى يزيدَ الطينُ بِلّةً فإن من دافع عن أولئك المظلومين جميعًا وقاتل من أجلهم قد اعتبرته الدولة الإسلامية ـ داعش ـ مرتدّاً فقاتلته بهذه التهمة (المقدسة) أيضًا، فترى أن كل القتلة أصبحوا مقدسين .. وكلَّ مظلومٍ أو مدافعٍ عنه أصبح ما بين إرهابيٍ وخائنٍ ومُرتد.

وفي وسط ذلك القتل المقدس (دينيًا) تطلب وحدات الحماية الشعبية ـ الكوردية ـ إشراكها في هذه العمليات المقدسة أرثوذكسيًا/روسيًا علّها تدعم حقها المقدس عرقياً (بفدرالية سياسية أو ما شابه)، بعدما رأوا ما يقارب 20% من سورية ـ التي بقيت تحت سيطرة الأسد ـ دُعمت بهذه الحرب المقدسة وغدا الساحل السوري برعاية القاعدة الروسية ـ كاملة الرفاهية لمقاتليها ـ، فهل يخرجون من هذا (المولد بدون حُمّص)؟

ما بين ثنائية خامنئي ـ بوتين (حماية المقدسات بمقاتلين شيعة وإخراج الناس من أرضهم ـ تحت التغطية الجوية المقدسة) وثنائية كيري ـ لافروف (التناغم في : لم تقصفوا مراكز لداعش ـ بل نحن نُنسق مع البنتاغون)، واللتان تُحيلان إلى ثنائية سايكس ـ بيكو، لم ينفع الناسَ التحالفُ بقيادة الولايات المتحدة بل قتلهم في بعض قصفه، ولم تُعِنهم مجموعة (أصدقائهم) ـ على الأقل حتى الآن ـ ، فقد وُكِلوا إلى أنفسهم وصدق فيهم: (ما حكَّ جلدَك مثلُ ظِفْرِكْ ** فاهتمّ أنت بكلِّ أمْرِكْ) ومع بدءِ التقارب بين السياسيين وفصائل الثورة المسلحة لا بد من أن تأخذ (الثورة المقدّسة) خطًا جديدًا في وجه: احتلالٍ إيراني وغزوٍ روسي وفي وجه مجموعة من الطغاة (نظام الأسد والميليشيات المقاتلة معه ومَنْ يُقاتل الثوّار والناس) وفي وجه مجموعة من المتخاذلين عنها، أقل ما في هذا الخط الجديد أن نعلم أنه: (لا عدوّ لنا بيننا ـ أقصد من نقف ضد الأسد ـ وأنه لا حليف لنا عند غيرنا ـ أقصد من يرون وجود الأسد في وجهٍ من الوجوه ـ فتكونُ الحربُ واحدة وتكون الهدنة واحدة ويكون العمل مدنيًا وسياسيًا وعسكريًا واحدًا تتعدد أصابعه ومنشأُ يده واحد، أنْ يقول هذا الخط: دمُ الناس ليس أوراقًا لتفاوض الآخرين)، فكلًّ القاتلين يستثنون قوات الأسد (بين متحالفٍ معه وغاضِّ الطرف عنه) ولا يزعجهم طغيان قوات البغدادي على الثوّار ـ كما يدّعون ـ ، حتى يبقى الناس بين طغاةٍ وغُلاةٍ وغزاة، فإذا ما خُيّرنا بين البغدادي والأسد والمُحتلّين كان خيارنا (ثورتنا المقدسة).

ومما لا يُغفل أن أفرادًا ومجموعاتٍ سوريةٍ/مسيحية قد رفضوا الغزو الروسي وردّوا على تقديسه وتقديس القتل فيه فلا قداسة لمحتلٍ ولا لقاتل، وخاصةً بعد احتلال القوات الروسية لـ قلعة الحصن في وادي النصارى وبث مقاطع مصورةٍ منها ـ فصارت قِلاعُ بلادِنا روسيّة ـ .

في نهاية سبتمبر عام 1996 تم إعدام الزعيم الأفغاني محمد نجيب الله ـ المدعوم سوفيتيًا ـ بعد سقوط حكمه عام 1992 على يد الثوار والمجاهدين في أفغانستان، وكان قد أسس أيضًا لجنة مصالحة وطنية عام 1988، وقد دعم الاتحاد السوفيتي هذا الزعيم بمساعدات عسكرية واقتصادية ضخمة ، لمواجهة شعبه، ولكن لم يجدِه ذلك نفعًا ولم يُثبّت له حُكمًا، حتى أنه بعد سقوط بلدة سروبي بيد حركة طالبان طلب نجيب الله من الأمم المتحدة توفير ملاذٍ آمنٍ له ولشقيقه ولحرّاسه، ولم تستجب له الأمم المتحدة أيضاً، ثم أُعدم شنقًا على إحدى أعمدة الساحات في كابول، وكأن صاحب البراميل (المقدسة) لم يلتفت إلى ذلك.

ما أريدُ قولَه: لأننا نقاتل دفاعًاً عن كل مظلومٍ ـ أتى أو سيأتي ـ يقاتِلُنا كلُّ ظالم ويخذلنا كلُّ خائفٍ وتطولُ ثورتُنا، وعندما نعرف حجم (ثورتنا المقدسة) نعرفُ كيف تنتصر.

أما عن العنوان، فمن المفارقات الغريبة أن تجد : عند البحث في محرك Google عن تركيب (الحرب المقدسة) وفي أوائل النتائج تظهر لعبة ـ كما يصفها محرك البحث ـ تَعاقُبية ومجانية بإسم Holy war، فهذا أدقُّ وصفٍ لما أتى به طغيانُ وإرهاب نظام الأسد على الناس، فتعاقب القتلة على حربٍ دينية جعلت دماء الناس مجانيّة.

محمود الطويل

اقرأ المزيد
٢ نوفمبر ٢٠١٥
سورية وعقاقير فيينا

كانت الخريطة السورية المريضة ممددة على الطاولة. وكانت ترشح دماً. استدعاها أطباء دوليون وإقليميون إلى فيينا. تعايش العالم سنوات مع النزاع المدمّر. يستطيع العالم العيش بلا سورية إذا اختارت الانتحار ضمن حدودها، لكن النزاع تجاوز كل الحدود. سجّلت التدخُّلات الخارجية أرقاماً قياسية. مشهد مقلق. جاء مقاتل غريب وأطلق النار على سوري لأنه يؤيد النظام. وجاء مقاتل غريب وأطلق النار على سوري لأنه معارض للنظام. تحوّلت سورية إلى مسرح لحشد من الاعلام والسياسات والحسابات الخاطئة والكراهيات.

كان يمكن للعالم أن يترك سورية تواصل مسيرة النحر والانتحار لولا إطلالتين مدويتين. الأولى إطلالة «داعش» التي أدمت المعارضة أكثر مما أدمت النظام. وإطلالة طائرات بوتين التي أعطت النزاع في سورية بعداً دولياً خطراً. تداخلت الحروب على الأرض السورية، وبدا أن نتيجتها لن تقرر مصير سورية وحدها.

فاضت بحيرة الدم السورية وأقلَقَت العالم. ملايين اللاجئين ينتظرون في مخيمات الأردن وتركيا ولبنان، وأمواج منهم تلقي بنفسها في الحضن الأوروبي القلق، وفي الوقت ذاته تحولت أجزاء واسعة من سورية إلى معاهد لتخريج أجيال جديدة من الانتحاريين والإرهابيين. باتت سورية شديدة الخطورة على المنطقة والعالم معاً، لهذا استُدعيت الخريطة المريضة إلى فيينا.

إنها لجنة طبية إقليمية ودولية. لا خلاف على خطورة حال المريض. إنه مصاب بسرطانات متعددة. الإرهاب والمذابح الواسعة والتدخُّلات. لكن الخلاف هو حول طبيعة العلاج ومراحله، خصوصاً أن بعض الأطباء يشارك مباشرة في القتال السوري، وبين المشاركين مَنْ يقدّم حساباته على حسابات إنقاذ المريض. يريد أولاً إنقاذ مصالحه أو صورته أو دوره.

كان انعقاد اللجنة الطبية الإقليمية الدولية حدثاً بارزاً. للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع تشنُّ طائرات بوتين غارات متلاحقة لا تقتصر أهدافها على «داعش». وللمرة الأولى يجلس وزيرا خارجية السعودية وإيران في لقاء من هذا النوع والخريطة السورية ممددة على الطاولة. وللمرة الأولى تعلن طهران سقوط هذا العدد من جنرالاتها خلال مهماتهم «الاستشارية» في سورية.

ما أصعب إنقاذ المريض حين تختلف حسابات الأطباء. من السهل الاتفاق على وحدة سورية في ظل الديموقراطية وقيادة علمانية واحترام حقوق كل المكوّنات. ومن السهل القول إن المطلوب هو منع انهيار الدولة السورية ومؤسساتها. وما أسهل القول إن الحل متروك في النهاية للشعب السوري عبر الانتخابات. الصعوبة تكمن في إقناع الأطباء أولاً بتوحيد طريقة العلاج، لئلا تتسبّب الجرعات المتناقضة في موت المريض.

مأساة سورية هي أن حربها أكبر منها، وأن العلاج الذي سيُعتمد فيها سيعتبر صالحاً لأكثر من مكان. أكد أطباء فيينا تمسُّكهم بوحدة الأراضي السورية. هذا يعني ترميم الخريطة ورفض تمزيقها إلى دويلات. ولكن، ماذا عن المشهد داخل الخريطة نفسها، وإعادة توزيع القرار بين المكوّنات؟ ولماذا يفترض أن تترسخ المساواة في سورية ولا تترسخ في العراق؟ ولماذا ما يصلح في سورية لا يُطبَّق عملياً في لبنان؟ ولماذا يُنصَف أكراد سورية ولا يُنصَف أكراد تركيا وإيران.

لا يأخذ فريق على طاولة التفاوض ما عجز عن انتزاعه في ميدان المعارك. لهذا يبدو الحل في سورية صيغة لتوزيع الخسائر. والسؤال هو أي سورية ستولَد من هذا العلاج؟ وماذا سيكون موقعها الإقليمي والدولي؟ وماذا عن إيران التي كانت سورية ما قبل الحرب حلقة جوهرية في هلالها؟ وفي أي ظروف يستطيع «حزب الله» العودة من سورية التي كانت قبل الحرب عمقه وسبب تحوّله لاعباً إقليمياً؟

مأساة سورية أن حربها أكبر منها، وأن الحل فيها يعيد رسم موازين القوى الإقليمية على طريق قيام النظام الإقليمي الجديد. أغلب الظن أن العملية لا تزال طويلة ومعقّدة، وتحتاج إلى مزيد من الدم ليرجع المتحاربون ومعهم الأطباء من رهاناتهم وأوهامهم. المسألة أبعد مما بات يُعرف بـ «عقدة الأسد»، على رغم أهميتها. فلكي يتقبّل المريض عقاقير فيينا لا بد من مصالحة مبادئ جنيف مع المستجدات الإقليمية والدولية والميدانية. لا بد من معالجة بعض الأطباء قبل معالجة المريض السوري.

اقرأ المزيد
٢ نوفمبر ٢٠١٥
50 عسكرياً أميركياً في سوريا!

في سوريا، يملك «داعش»، وشقيقاته من تنظيم «القاعدة»، جيشا يقدر بأكثر من ثلاثين ألفا، ويقول الإيرانيون إنهم يديرون مائة ألف مقاتل من جنسيات مختلفة. وللروس قوة من نحو ثلاثة آلاف، وأخيرا تشجعت الحكومة الأميركية، وقررت أن تبعث قوة من خمسين عسكريا فقط، لا نعرف ما الذي يستطيعون فعله، ولا معنى إرسالهم سياسيا. ويقرأ الجميع في معنى هذه القوة الصغيرة شيئا واحدا، أن واشنطن غير جادة في كل ما تقوله بشأن سوريا، سواء عن مواجهتها «داعش»، أو رفضها للتمدد الروسي، أو حرصها على انتقال السلطة في مشروع لإنهاء الحرب الأهلية. كان الأفضل ألا ترسل أحدا على أن ترسل خمسين عسكريا فقط! ومع أنه لم يتوقع أحد أن ترسل الولايات المتحدة أي قوة عسكرية إلى المنطقة، ولم يطلب منها أن تفعل ذلك، فقد كان المنتظر والأهم هو دعم المعارضة السورية الوطنية بالسلاح والمعلومات والدبلوماسية، حتى تفرض على المفاوضات الحل الوحيد الممكن، سوريا من دون بشار الأسد في السلطة، وإقامة سلطة انتقالية مختلطة من الحكومة الحالية والمعارضة. والروس، بخلاف الأميركيين، جاءوا إلى سوريا برسالة سياسية يدور بها وزير الخارجية، مدعومة بأسطول من مقاتلات الميغ والسوخوي، وهم يحصلون بفضله على نفوذ غير مسبوق. وربما لا يزال البعض في واشنطن يرى أنه ليس هناك ما يضطرهم إلى رفع مشاركتهم العسكرية في سوريا، مع أن سوريا صارت في حقيقة الأمر أخطر من أفغانستان في تهديدها أمن العالم، حيث تحولت إلى أكبر عش تبيض فيه المنظمات الإرهابية، وتفرخ مقاتلين مدربين على القتال، وتجهزهم للعودة إلى بلدانهم لبدء رحلة جديدة من العنف. وبدلا من إرسال هذه القوة الرمزية، التي تعطي رسالة خاطئة، الأهم أن تعزز الحكومة الأميركية قدرات المعارضة السورية القتالية في الوقت الحالي، حتى يكون الحل الوحيد هو سياسيا، بإنهاء سبب الأزمة، أي الأسد، وجعل مشروع حكم جماعي يمثل كل السوريين حقيقة. مثل هذا الطرح لا يمكن أن يجد مكانا له على طاولة التفاوض الحالية في فيينا، أو لاحقا، دون دعم عسكري. من دونه ستطول الحرب، وتطيل عمر الجماعات الإرهابية. أما الروس، أنفسهم، الذين جاءوا بقوة كبيرة لا بد أنهم يشعرون الآن أن قوتهم الجوية المتفوقة في سماء سوريا لن تفك الحصار عن نظام الأسد الذي هو محاصر في دمشق. فقواته وميليشيات حلفائه تقاتل من أجل استعادة محيط العاصمة، ريف الغوطة، وما خلفها. كما أن القصف اليومي الروسي لمحافظة حلب كل ما أنتجه حتى الآن تحويل عشرات الآلاف السكان
إلى لاجئين، سينتهون ضيوفا على الجماعات المتطرفة التي تستقبلهم على أطراف المدينة.

اقرأ المزيد
٢ نوفمبر ٢٠١٥
سوريا تحت الوصايتين الروسية والأمريكية

يبدو أن الأسابيع المقبلة ستحمل الكثير من المفاجآت في ما يتعلق بالأزمة السورية. المؤشرات على الأرض الآن تقول إن هناك فرزا لمناطق القوى في الطريق إلى إعادة تخطيط المنطقة من جديد برعاية دولية.

الروس يقومون الآن بدور الوصاية على الجزء الغربي من سوريا بما فيه العاصمة دمشق. والأمريكيون بدأوا في التحرك للسيطرة على بقية المناطق السورية قبل أن تسبقهم روسيا إليها.

روسيا تقصف "داعش" و "جبهة النصرة" و "الجيش الحر" حاليا خارج نطاق مناطق سيطرتها الفعلية، لكنها بمجرد اشتداد عود "الحلم الأمريكي" في بقية المناطق السورية ستكتفي فقط بدور الدفاع عن "سوريا المفيدة"، كما وصفها ذات إحباط بشار الأسد، منعا لأي اشتباك في السماء أو على الأرض مع الولايات المتحدة، وسيكون لزاما حينها على الأمريكيين أن يحموا المناطق التي تقع تحت وصايتهم من تغوّل الإيرانيين و"حزب الله".

وسيتعيّن عليهم في الوقت ذاته القضاء على الجيوب الإرهابية، التي ربما لن تصمد طويلا في مواجهة القوة الأولى في العالم، في حال انتقل الوجود العسكري الأمريكي على الأرض من مرحلة "المستشاريّة" كما يروّج البنتاغون هذه الأيام إلى مرحلة الوجود الفعلي لقوات برية مقاتلة، تمشّط أولا بأول الأراضي التي تقصفها طائرات التحالف الغربي.

جزء من سوريا سيتلون بالألوان الثلاثة للعلم الروسي، وجزء آخر سيتلون بالألوان الثلاثة ذاتها، إنما تلك الموجودة في العلم الأمريكي، وسينقسم المجتمعون في فيينا 2 و3 و4، وبقية دول العالم إلى فريقين. فريق يقف في صف روسيا لأنها تحمي نظاما شرعيا كما تقول موسكو، وفريق يصطف مع أمريكا لأنها تحمي العالم من شرور الإرهاب من خلال خنقه في هذه المنطقة المنكوبة.

روسيا ستؤمن مستقبل الأسد في "الحكم الصوري" من خلال إجراء انتخابات عامة في دمشق والساحل الغربي، وموسكو التي تردد كثيرا هذه الأيام أن مستقبل الأسد في يد الشعب السوري، تعني هذا الأمر تماما إذا ما تم اختصار الشعب السوري في سكّان الساحل والمناطق العلوية.
أما أمريكا فهي كالعادة، ستعتمد على الوكلاء المحليين لإدارة أمور الجزء الشرقي من سوريا، وربما تنجح في جمع كلمة كل السكّان على قلب رجل واحد أو "بريمر ثان"!

لكن ما هي مصالح الدولتين الكبيرتين في اقتسام سوريا بهذا الشكل وإنهاء أزمتها بهذه الطريقة؟ لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة أبدا، وفوق هذا كله أرى أن من المستحيل أن تجتمع المصالح الروسية والمصالح الأمريكية تحت الطاولة. لكن كلتا الدولتين وجدت هذا التخريج المؤقت للأزمة السورية يصلح لأن تبني واشنطن وموسكو على أساساته - كل على حدة - مصالحهما الخاصة بعيدا عمّا يريده بالفعل السوريون العالقون داخل البلاد، أو المعلّقون خارجها في المنافي. كلتا الدولتين غضت البصر وفكرت في المستقبل، كما تقول المسرحية الإنكليزية الشهيرة!

الروس يهمهم جدا أن يبقى هذا الجزء المهم من البحار الدافئة تحت إمرة أساطيلهم البحرية، ويهمهم كذلك أن يسيطروا على المنافذ الجغرافية على البحر المتوسط كافة، ليتحكموا في مستقبل حركة تصدير الغاز الشرق أوسطي إلى أوروبا. إضافة إلى ذلك لم يعد في وسع روسيا القيصرية الجديدة أن ترى وجودا أمريكيا في أي جزء من العالم من غير أن تقف له موقف النّد وتعادله على الأرض.

أمريكا من جهتها تسعى إلى التحكم في الجزء الشرقي من سوريا لثلاثة أسباب: الأول إدارة الجماعات الإرهابية بالشكل الذي يضمن المصالح الأمريكية في العالم، والثاني توفير الغطاء الأمني اللازم لحماية إسرائيل، أما الثالث وهو الأهم فتعزيز مبدأ قبول التقسيم في الوجدان العربي، الأمر الذي قد يساعد في المستقبل على تقسيم مناطق أخرى بما يتفق والمصالح الأمريكية الكبرى.

أمريكا تريد وروسيا تريد، ولتحقيق هاتين الرغبتين كان لا بد من دعوة 17 طرفا دوليا وإقليميا في فيينا 2 للمصادقة على هذا المستقبل بشكل غير مباشر، لتجاوز ردود الأفعال العنيفة الحكومية والشعبية المتوقعة في المنطقة عندما يتم الإعلان رسميا عن حاكم شرقي وآخر غربي لسوريا.

كل المؤشرات تقول ذلك، لكن بإمكان دول المنطقة وتحديدا السعودية وتركيا الوقوف بقوة ضد هذه "الخطة القدرية" غير المتفق على خيوطها. السعودية وتركيا قادرتان على حشد تحالف أممي يعيد سوريا الموحدة إلى الضوء من جديد، ويرفع يد الوصاية الروسية - الأمريكية، ويعيد الأمل إلى الشعب السوري. ليست للسعودية وتركيا مصالح مباشرة في سوريا، ومن هذا المنطلق تحديدا يمكننا الانطلاق. لنحلم بالقاهرة 1 أو المنامة 1 أو الرباط 1، ولنترك المستقبل بيد الله، لا بيد أمريكا ولا بيد روسيا.

اقرأ المزيد
٢ نوفمبر ٢٠١٥
تضامن إنساني مع الشعب الروسي

التضامن الإنساني مع أهالي وذوي الضحايا الروس الذين هوت بهم طائرة روسية في سيناء، أول من أمس، مؤكد. ولأنه كذلك، فإن مواساة الشعب الروسي (والأوكراني فقد قضى ثلاثة أوكرانيين أيضاً) بهذا المصاب واجبة، ذلك أن القتلى الـ 224 مدنيون، بينهم 133 امرأة و17 طفلاً، والشعوب العربية تشعر بالأسى الذي أصاب أهاليهم، بالنظر إلى فقدهم أعزاء لهم، إنما اختاروا فسحة للوقت للتمتع بالطبيعة والشمس في مصر، ثم خطفتهم يد المنون في حادث يعد من أسوأ كوارث الطيران، لخطأ فني أو بشري، ويؤمل أن لا تكون لأيادي الإرهاب وخفافيشه الآثمة أي دور فيها. وتيسر هذه الفاجعة لنا نحن العرب الذين نتابع يومياً جرائم الطيران الحربي الروسية في غاراته في الأراضي السورية أن نتوجه إلى الشعب الروسي ونخبه ومثقفيه بخطاب إنساني خاص، ومفاده بأن الضحايا المدنيين السوريين الذين قضوا في الاعتداءات الروسية في أرياف حماه ودمشق وفي اللاذقية وفي غير مدينة وقرية سورية، والمتواصلة منذ أزيد من شهر، كان من حقهم أن يستمتعوا بحقهم في الحياة، وبأن ينعموا بالبهجة في بلدهم الآمن والجميل، لكن النظام غاصب السلطة في دمشق، وبدعم تسليحي سافر من الدولة الروسية، أراد لهم الإقامة في القبور، بإزهاق أرواحهم، بدعاوى محاربة الإرهاب.
من المؤمل أن يشعر شعب روسيا الذي طالما اعتبرته الشعوب العربية صديقاً بمصاب السوريين اليومي، منذ أكثر من أربع سنوات، وهم تحت القصف بالصواريخ والبراميل المتفجرة وغاز السارين وغيرها من أدوات الفتك والقتل، وهم كذلك يغالبون إجرام عصابات التطرف المتوحشة، والتي تعد من نواتج سياسة الفساد والتجبّر والتسلط التي ينتهجها النظام، وزادت قتلاً بعد أن بدأ الشعب السوري ثورته من أجل التحرر والاستقلال، وقد بادرته المؤسسة الحاكمة في موسكو برفض تطلعاته وأشواقه إلى الحرية والكرامة، بعدوانية سياسية مقيتة، تضاعفت مع حسابات امبراطورية لدى الرئيس فلاديمير بوتين، من دون الانتباه إلى الأكلاف الإنسانية الباهظة التي يدفعها هذا الشعب جراء هذا الخيار الروسي، والذي تمادى إلى حد المشاركة العسكرية في استباحة السوريين في مدنهم وقراهم وأريافهم، إسناداً مكشوفاً للنظام الجائر.
في وسع النخبة في وسائط الإعلام والأكاديميات وقنوات المجتمع الأهلي الروسية أن ترى الإنساني العميق في كارثة سقوط الطائرة في سيناء، والتي قضى فيها زوار وسياح روس آمنون، وتعبر منه إلى الإنساني العميق في كارثة العدوان الذي ترتكبه الآلة العسكرية الروسية في الأراضي السورية، وتزهق أرواح مواطنين آمنين، من دون أي حساسية أخلاقية، بل بنبذ المشترك الإنساني، وتغليب شهوة التغلب السياسي. ومن دون اعتبار لما يحدثه ذلك كله من جروح عميقة في الوجدان السوري، ولدى الشعوب العربية، تجاه روسيا شعباً وبلداً، وهي الشعوب التي طالما أثار الروس إعجاباً لديهم، وقد قاوموا النازية ببسالة في الحرب العالمية الثانية، واستطاعوا أن يقيموا بلداً ناهضاً وجميلاً.
تقيم في أفهامنا ومداركنا، نحن العرب، صورة إيجابية تجاه الاتحاد السوفياتي، الدولة التي تشظت، وكانت نصيرة لقضايا العرب، وإن لحسابات سياسية دولية كبرى، وإن صدوراً عن رهانات أيديولوجية غير منسية، إلا أن حال روسيا اليوم لا يبعث، أبداً، على أي إعجاب من أي لون، فينا، ونحن نعاين عهراً سياسياً فادحاً، وانتصاراً للطغاة ودعماً لثورات مضادة ودكتاتوريات بغيضة، وتسليحاً لمجرمي حرب في وزن بشار الأسد، وتالياً، مشاركة في العدوان على الشعب السوري الذي يذوق أفظع الويلات، قتلاً وتهجيراً وتشريداً، والذي تتفكك بلاده وتضيع منه، بفعل ما اقترفته روسيا وإيران من انحياز صارخ ضد هذا الشعب، وإسناد مفضوح ومقصود ومعلن لنظام لا مكان له سوى محكمة الجنايات الدولية.
مرة أخرى، نعزي شعب روسيا وذوي ضحايا الطائرة المنكوبة، ونتطلع إلى أن توقظ هذه الواقعة الإنسانية المهولة الضمائر النائمة الحاكمة في موسكو، وكذا لدى نخب روسية واسعة، تطرب لسياسات قاصرة اختارها قيصر الكرملين، المجنون بأوهام عظمة آفلة.

اقرأ المزيد
٢ نوفمبر ٢٠١٥
الدبّ والحوت يتصارعان في الشام

رمت روسيا الاتحادية بكل ثقلها في الحرب الدائرة في سورية، علماً أنه لا وجود لحلفاء لها في الوطن العربي بالقدر الذي يتزاحم الحلفاء العرب على أعتاب الولايات المتحدة الأميركية. تعمل روسيا على كل الصعد لإنقاذ بشار الأسد وأجهزته الأمنية والعسكرية من السقوط على أيدي ثوار سورية الذين يقاتلون من أجل الحرية والكرامة، وحقهم في اختيار نظام الحكم الذي يحميهم ويدافع عنهم. روسيا تقاتلهم، وتعقد مؤتمرات ولقاءات من موسكو إلى فيينا لإهدار الزمن العربي، وحماية الحليف السفاح المقيم في دمشق، والإدارة الأميركية لم تقدم لحلفائها العرب ما يجب أن تقدمه لهم.
(2)
طالبت موسكو بعقد اجتماع رباعي، يضمها مع السعودية وأميركا وتركيا، في فيينا، وتم ذلك، وانتهى الاجتماع من دون صدور أي بيان يحدد المستقبل السوري، لكنه ولّد اجتماعاً آخر متعدد الوجوه، في فيينا أيضاً، وتحقق لها ما أرادت، وفرضت على الاجتماع الذي عقد في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مشاركة مصر والعراق وإيران والأردن ولبنان إلى جانب دول من أوروبا الغربية. والحق أن لكل من هذه الدول العربية المدعوّة أزمة تصرفها عمّا دعيت إليه، ومن ذلك أن حكومة وزير خارجية لبنان لم تستطع حل مشكلة الزبالة في بيروت، ولم يتمكن البرلمان من انتخاب رئيس للجمهورية، لأن دولة حزب الله في لبنان تريد رئيساً يحافظ على مكتسباتها، فماذا عسى الوزير، جبران باسيل، أن يقدم من أفكار ومواقف من أجل إعادة الأمن والسلام والاستقرار وإيقاف الحرب في سورية؟ أعتقد أن روسيا دعت إلى اجتماع فيينا حزب الله، ممثلا بوزير خارجية لبنان المحسوب على الحزب في بلده.
دُعيت مصر لحضور اجتماع فيينا الثاني، ومثلها وزير الخارجية سامح شكري. مصر مأزومة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وإعلامياً وأمنياً، فماذا سيقول شكري في الشأن السوري؟ والعراق المدعو للمشاركة حدّث ولا حرج، يحكمه نظام أمعن في الفساد وترسيخ جذور الطائفية، ويعيش حرباً لن تستطيع قياداته الطائفية أن تخرج منها بسلام، وقادته منشغلون بتعظيم الفوائد الشخصية، ولا يهمهم ما يجري على الساحتين العراقية والسورية، لأن إيران تقوم بتلك المهمة وحدها. ما أردت قوله إن موسكو، صاحبة اقتراح مؤتمر فيينا الثاني، وتوسيع دائرة المشاركين فيه، إنما تهدف إلى جمع العدد الذي يسير في ركابها من أجل مواجهة الحقائق التي ستقدمها السعودية وتركيا وقطر والإمارات عما يجري في سورية، وإنه لا خلاص لدمشق إلا بالخلاص من بشار الأسد وحكومته. نستطيع القول إن روسيا جمعت في فيينا كل الأصوات المرتفعة، والتي لا تطالب بسقوط بشار الأسد وقواته الأمنية ومليشياته الطائفية التي أتى بها من كل فج، ليكونوا في مواجهة الشعب السوري إلى جانب روسيا.
(3)
يتحدثون في كل مؤتمر عن سورية، عن تشكيل حكومة انتقالية لها كامل الصلاحيات تتألف من
"روسيا دعت إلى اجتماع فيينا حزب الله، ممثلا بوزير خارجية لبنان المحسوب على الحزب في بلده"
المعارضة ومناصري النظام. هذا النموذج ثبت فشله في اليمن، وقاد إلى حرب أهلية بشعة، ما برحت رحاها دائرة حتى هذه الساعة. يقول الروس والإيرانيون إن الأسد خط أحمر، ولا يجوز الحديث في شأنه، والحق أنه لا يجوز لأي طاغية قتل من شعبه أكثر من ربع مليون إنسان ودمر البلاد، وأجفل الشعب السوري من أرضه إلى الحد الذي جعلهم يركبون البحر بحثاً عن ملجأ يحميهم من البراميل المتفجرة المنصبة على رؤوسهم من النظام وأنصاره. لا أفهم أن يبقى بشار الأسد في هرم السلطة في المرحلة الانتقالية المزعومة، إلى أن تنتهي الانتخابات التي تعدها الحكومة الانتقالية.
تقول روسيا إنها تبحث عن حلول سياسية لتلك المصيبة، كيف نصدقها وطائراتها تشن غارات وحشية، ليل نهار، على المدن والقرى السورية الآهلة بالسكان المدنيين، وترفض في مجلس الأمن الدولي رفضاً قاطعاً منع القيادة السورية من استخدام البراميل المتفجرة على المدنيين العزل من دون تمييز.
تقول تسريبات روسية إن موسكو ستضمن عدم ترشيح بشار نفسه لأي انتخابات مقبلة، لكن لأي من أهله أو أي شخصيات في النظام مقربين منه حق الترشح. وفي حال قبلت المعارضة في الداخل والخارج تشكيل حكومة انتقالية مشتركة مع النظام القائم، فعلى تلك الحكومة منح بشار الأسد والعاملين معه حصانة كاملة بعدم محاسبته عن الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب السوري، تشبه الحصانات التي قدمت للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
آخر القول: الدب لوث البيئة العربية ليحقق أهدافه فيها، والحوت لوّث بحارنا، وأكل صغار أسماكنا وكبارها، ولم يترك لنا باقية، فهل من صحوة عربية تعيد الأمل، كما أعادتها عاصفة الحزم؟

اقرأ المزيد
٢ نوفمبر ٢٠١٥
دوما عروس سوريا المدمية

مجازر مستمرة في مدينة دوما عروس الغوطة الشرقية وأم الشهداء إذ لا تفارقها مناظر القتل والأشلاء المتناثرة في الشوارع وعلى أرصفة الطرقات ،ففي كل صباح يحمل القدر لها في صفحاته المزيد من الشهداء على درب الحرية والتحرير لنيل ما خرج أهلها لأجله وما ضحى به أبنائها من أرواح ودماء لنيله.


فاليوم كسابقه لا جديد إلا أسماء من المدنيين ترتقي الى ربها بفعل القصف الجوي والصاروخي بفعل ألة قتل وقاتل لم يتغير على مدار الخمس سنوات الماضية فهو معلوم لكل صغير وكبير يقتل أبنائهم ويرمل نسائهم ويهدم منازلهم ويؤرق حياتهم بطائراته الحربية وصواريخه الثقيلة يرسلها إليهم بشكل يومي تزرع الرعب والخوف قبل ان تلقى قنابلها وسط الأسواق وفوق رؤوس الأمنين فتقتل وتهدم وتدمر مرتكبة المجزرة تلو المجزرة وسط صمت دولي وعربي مطبق لم يصل للتنديد حتى أو القلق ،فدمائنا رخيصة وأشلاء أطفالنا ومناظر قتلنا غدت أمراً اعتيادياً ربما يقلقون إن لم يشاهدوها بشكل يومي عبر شاشات التلفزة ومواقع التواصل.


غدت دوما بشكل يومي على موعد مع القتل والأشلاء ورائحة الدماء الممزوجة بغبار القصف مع الأشلاء المتناثرة هنا وهناك بين ركام الأبنية وعربات الخضار وسط الأسواق التجارية والمباني السكنية في الوقت الذي تعجز فيه قوات الأسد عن التقدم على جبهات القتال مع الثوار فيكون ردها في قتل المدنيين العزل والثأر منهم لما يتكبدونه من قتلى وخسائر على تلال الغوطة الشامخة.


وفي ظل الحصار المطبق والقصف اليومي تعيش ألاف العائلات في وضع إنساني عصيب تواجه بصبرها وثباتها الجوع والقتل وسط الغلاء الجنوني للأسعار وتحكم تجار الأنفاق بالمواد التموينية والغذائية دونما اي رادع لها وكل طرق يكيل الإتهامات لغيره ويسوق المبررات لنفسه ومصائب الشعب وأوجعه باتت أخر همه.


ومن الناحية الطبية لا يخفى على أحد حجم الضغط الذي تعانيه الكوادر الطبية وفرق الدفاع المدني في مواجهة هذا العدد الهائل من الإصابات والشهداء بشكل يومي هذا بالإضافة لتعرض مراكزها وكوادرها للقصف والاستهداف المباشر وسط نقص كبير في الأدوية والمستحضرات الطبية والأليات اللازمة لرفع الأنقاض وإنقاذ المصابين.


وفي بادرة جديدة ولهدف التخفيف من القصف عملت بعض الفصائل في الغوطة الشرقية على نشر أقفاص حديدية وضعوا بداخلها عائلات الشبيحة والضباط والأسر العلوية المؤيدة للنظام والمعتقلة في سجونهم ووزعوها على مناطق واسعة في بلدات الغوطة الشرقية والأسواق التجارية موجهين رسالة لرأس النظام وطائفته بأن طائرات وصواريخ راجماتك لن تقتلنا وحدنا بل سيكوي نارها على أعوانك وشبيحتك الأسرى لدينا عله يعطي أهمية لأرواح مؤيديه ويوقف القصف ولكن على ما يبدو أن النظام المتهالك لم يعد يأبه لمؤيد، وبات القرار بأيدي الدول الحاضنة له روسيا وإيران وبات الحل على حساب دماء الشعب السوري عامة دونما التمييز بين مؤيد ومعارض وهذا ما تأكد بمعاودة استهداف مدينة دوما اليوم بعدة صواريخ ثقيلة أسفرت حتى اللحظة عن استشهاد ستة مدنيين وجرح العشرات وسط تحليق مكثف للطيران الروسي في أجواء المنطقة.


دوما اليوم تسطر بدماء أبنائها أروع الملاحم وتؤكد بثباتها استمرار المشوار لتحقيق الهدف المنشود وأن القتل والقصف لن يثني عزيمتها فدوما ودماء أبنائها ستغدوا ناراً وإعصار تحرق أعداء الثورة وأرباب الحروب ولن تهنئ دوما وتهدأ ثورتها إلا بإسقاط السفاح وكل أعوانه فدماء الأحرار لن تضيع سدى وأمهات دوما ولادات للأحرار مصممات على الثبات وحث الثوار على الثبات حتى نهاية المشوار.


لدوما العزة والفخار ولأرواح شهداءها الرحمة والجنان ....... فدرب الحرية طويل ودوما على العهد باقية.

اقرأ المزيد
١ نوفمبر ٢٠١٥
أي مصير ينتظر سورية؟


بشّرنا رجل أمن أوروبي مسؤول بأن الشرق الأوسط القديم زال من الوجود، وأن سورية التي نعرفها اختفت، وصار من المحال استعادتها واسترداد وضعها السابق. وبرهن المسؤول على صحة أقواله بأدلةٍ، منها أن شمال سورية لم يعد سورياً، بل صار "كرديا" ووسطها "داعشيا".
لا شك في وجود ميل إلى تفتيت سورية لدى جهات بعينها، أهمها "داعش". بينما تنفي تصريحات وأقوال جهات أخرى، منها حزب المجتمع الديمقراطي الكردي، نفياً قاطعاً رغبتها في الانفصال عن بقية وطنها، أو فصل قومها عن بقية شعبه السوري، وتدعي أن نشاطها في شمال سورية مكرّس لحماية الكرد والعرب، وغيرهم من القوميات، ولإبعاد الحرب عنهم، وإنقاذهم من بطش السلطة وجرائمها. إذا كان يصح استشهاد المسؤول الأوروبي بـ"داعش"، فإن استشهاده بـ "حزب المجتمع الديمقراطي" لا يدعم زعمه حول اختفاء سورية، واستحالة استعادة الوضع الذي كانت عليه قبل الثورة. وحتى لو افترضنا أن الحزب يبطن غير ما يظهر، ويريد حقاً فصل منطقةٍ سورية عن وطنها، فإن من غير الصحيح الادعاء بأن شمال سورية صار تحت سيطرته، لأن منطقة ما يسميه "الحكم الذاتي" لا تعادل عشر مساحة شمال سورية، ومن غير المؤكد إطلاقا أنه سيستطيع المحافظة عليها بعد الثورة، كياناً منفصلاً عن بقية وطنه. أما "داعش" التي تحتل القسم الصحراوي من وسط سورية ومدناً وبلدات متفرقة شمالها، فقد قيل لنا آلاف المرات إنه لن يسمح لها بإقامة دولة خاصة بها، وأن العالم سيمنعها بالقوة من الاستيلاء على السلطة في سورية، فهل يجهل المسؤول الأمني الكبير وجود ضمانة كهذه، أم إنه يكشف بعض ما اتخذ من قرارات يجهلها السوريون، ستعين مستقبل بلادهم، وتبدو علاماتها جلية في سياسات بعض الدول الكبرى وانعكاساتها الميدانية التي تسمح بـ "تمدد الدولة الإسلامية في العراق والشام"، من دون أن تواجهه بذلك القدر من القوة الذي ألزمت نفسها باستخدامه، لمنعها من تغيير بنية الدولتين السورية والعراقية وهويتهما.
لا يتحدث المسؤول الأمني عن بقية مناطق سورية، على الرغم من حديثه عن تقلص مساحة المنطقة التي تحكمها السلطة الأسدية وضمورها. ولا يتعرّض في حديثه، ولو بكلمة واحدة لرأي الشعب السوري وإرادته، الشعب الذي كان حرياً بمسؤول في بلد ديمقراطي اعتباره صاحب القرار الأول والأخير في وطنه. كما لا يأبه للاتفاق الدولي العام والمعلن عن ضرورة بقاء سورية موحدةً، دولة ومجتمعاً، وإنما يطلق حكمه من دون مراعاة لانعكاساته الخطيرة على الشعب ومكوناته الوطنية وأطرافه المتصارعة، أو تمييز بين من يعملون لتفتيت سورية إذا لم تخضع لطغيانهم، وأولئك الذين يقاتلون من أجل حريتها، وبلغ تعلقهم بوطنهم حداً ضحوا معه بكل ما يملكون، بما في ذلك حياتهم.
أخيراً، يبدو أن المسؤول الأوروبي لم يفكر بارتدادات زوال الشرق الأوسط الحالي والدولة السورية القائمة على أوروبا، وبالكتل البشرية الهائلة التي ستتدفق عليها، بعضها طلباً للجوء وبعضها الآخر للانتقام من عالم ظالمٍ، سمح، أو بالأحرى، أسهم بتدمير منطقةٍ، هي واحدة من ثلاث مناطق، أبدعت جميع مرتكزات ومفردات الحضارة البشرية القائمة التي غدت كونيةً، بجهود شعوب عديدة، برزت بينها دوماً جهود السوريين بمختلف مكوناتهم.
ليس اختفاء الشرق الأوسط الذي نعرفه وسورية الحالية حدثاً سعيداً، لأنه قد يكون مقدمة لاختفاء أوروبا الحالية، ببنى عديد من مناطقها الهشة وتناقضاتها المتنوعة، وبالمتاعب التي تعصف بدولها وبلدانها، وبانكشافها أمام ما ستواجهه من إرهابٍ، لن تقوى على مواجهته.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان