مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢ ديسمبر ٢٠١٥
كي ينجح مؤتمر المعارضة السورية في السعودية

يتطلع معظم السوريين، اليوم، كما يتطلع العالم، إلى حل عادل قابل للحياة، ينهي الكارثة التي تمر بها سورية. وسيشكل مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، على خلفية مؤتمرات فيينا، والرغبة الدولية في الوصول إلى حل سياسي، على الرغم من التباين الكبير في المواقف والأهداف، المفصل الأهم في معادلة الحل، فهذا المؤتمر يمثل أوسع طيف من السوريين "أصحاب القضية".

تنبع قوة هذا المؤتمر من أنه يضم ممثلين لمجموعات المعارضة الرئيسية، السياسية والعسكرية، التي تمسك بجزء واسع من أرض سورية ومناطقها، ما سيكسب وفد المعارضة الذي سينبثق عن المؤتمر للمفاوضات مع النظام قدرةً كبيرةً على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، مع وفد النظام، إن كان النظام وحلفاؤه صادقين في الوصول إلى حل سياسي وفق جنيف.
يتطلب نجاح هذا المؤتمر مجموعة من الأسس التي توحد رؤية جميع أطياف المعارضة المشاركة فيه، بما يضمن سير المفاوضات مع وفد النظام سيراً منظماً:
•أن يتبنى كل من يشارك في هذا المؤتمر مبدأ الانتقال السياسي في سورية، حيث لا دور لبشار الأسد ومنظومة قيادته، لا في المرحلة الانتقالية، ولا في ما بعدها، لمسؤوليتهم عن كل ما لحق بالسوريين من قتل وتهجير، وما أصاب سورية من دمار، وأن يتبنى مبدأ وحدة سورية واستقلالها، أرضاً وشعباً في ظل نظام سياسي تعددي لا مركزي، ومبدأ إقامة نظام سياسي عصري حديث، يقوم على تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع، جوهره قيم المواطنة المتساوية بين جميع المواطنين السوريين، بصرف النظر عن الجنس والقومية والدين والمذهب والمنطقة.
•ضمان التنظيم الجيد للمؤتمر، بدءًا من انتظام عقد جلساته، وانتظام سير مناقشاته وتحضير مسودات ما سينتج منه وغيرها، على نحو يختلف عمّا عودتنا عليه المعارضة في مؤتمراتها السابقة، فالعمل المنظم شرط لنتائج جيدة.
•أن يعتمد المؤتمر إعلان جنيف 30 يونيو/حزيران 2012، وقرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرار 2118، وأن يتبني خطة واضحة لحل سياسي يقوم عليها، بما يحقق انتقالًا سياسيًا عبر مرحلة انتقاليةٍ، تقودها هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، وتطبيق بنود جنيف1 كافة على نحو بنّاء.
•أن يتخذ المؤتمر قراراً بأن يكون هذا المؤتمر "مرجعية التفاوض مع النظام"، وأن تشترط موافقته على أي اتفاقٍ، يبرمه وفد المعارضة مع وفد النظام ليكون نافذًا، وهذا سيشكل صمام أمان أمام أي مخاطر مستقبلية في التفاوض.
•أن ينتخب المؤتمر قيادة "سياسية لعملية التفاوض" من نحو 9 أو 11 شخصية، تكون في منزلة سكرتاريا لهذا المؤتمر، وتشرف على عملية التفاوض، وتقود أعمال وفد التفاوض وتوجهه.
•أن تشكل "القيادة السياسية لعملية التفاوض" وفد المعارضة للمفاوضات مع النظام، وفقاً للعدد المطلوب، من شخصياتٍ تتسم بالمبدئية السياسية وكفاءة التفاوض. وأن تضع محدداتٍ لعمل الوفد، ومناقشة سير عملية التفاوض، ومحطاتها واحتمالاتها وطرق مواجهتها، وأن تكون هذه المحددات ملزمة للوفد للتقيد بها.
•أن تشكل "القيادة السياسية لعملية التفاوض" مجموعات تقنية متخصصة لدعم وفد التفاوض: قانونية، إعلامية، عسكرية وغيرها، وأن تكلّف مجموعات عمل بتحضير ملفات عديدة، مثل ملفات المعتقلين وجرائم الحرب ودعم الأسد الإرهاب وتنسيقه مع تنظيم "داعش" وغيرها.
•أن يتبنى المؤتمر ميثاق عمل وطني لسورية المقبلة، وفق صيغة مؤتمر المعارضة في يوليو/تموز 2012، وإصدار ميثاق شرف عسكري، يوجه سلوك فصائل المعارضة المقاتلة والتزاماتها.
•أن تضع "القيادة السياسية لعملية التفاوض" استراتيجية سياسة وعسكرية وإعلامية واجتماعية شاملة لعملية التفاوض والمرحلة المقبلة، والوصول إلى وضع حد للكارثة السورية، آخذة في الحسبان الاحتمالات كافة، بما فيها سعي النظام إلى تخريب أي عملية تفاوض.

اقرأ المزيد
٢ ديسمبر ٢٠١٥
الاقتصاد والسياسة في الأزمة التركية الروسية

لم تتردد تركيا لحظة في الدفاع عن حديقتها الخلفية، وإسقاط مقاتلة روسية في المناطق التي ترغب أن تكرّسها منطقة حدودية آمنة، حيث تقيم أقلية تركمانية ذات أصول تركية، تقاتل ضدّ نظام بشار الأسد، يبلغ قوام مقاتليها قرابة 9 آلاف رجل، وتتعرّض للقصف الروسي بصورة منتظمة ومتواصلة، على الرغم من أنّ المنطقة لا تخضع لسيطرة تنظيم داعش. ولم يخطر ببال القيادة الروسية العليا أن تتجرّأ تركيا وتطلق النيران باتجاه مقاتلاتها، على الرغم من تحذيرات القوات العسكرية التركية بالتوقف عن اختراق الأجواء التركية، باعتبارها أيضاً أجواء تابعة لحلف الناتو. لكن، وقع المحظور، ولم تتقدم تركيا باعتذار للكرملين بصورة مباشرة حتى اللحظة، ولم تشهد العاصمتان تحرّكات دبلوماسية لاحتواء الأزمة. لذا، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما حدث طعنة في الظهر، ومحاولة للحيلولة دون جهوده العسكرية لمواجهة الإسلام الراديكالي المتطرف. وقالت تركيا، على الفور، إنّ الضربات الروسية ليست موجهة ضدّ داعش، بل مركزّة ضدّ المعارضة السورية، وإنّ روسيا تعتبر كل الفئات الإسلامية المعارضة للأسد متطرفة.

تركيا ـ الجناح الجنوبي للناتو
تقتحم المقاتلات الروسية بصورة يومية أجواء دول البلطيق، من دون رادع، أو تخوّف من مواجهة أو مضادات تحول دون ذلك، وتدرك تركيا هذه الحقائق جيّدًا. لذا، استبقت الأحداث، وأسقطت المقاتلة الروسية، وكان في الوسع تجنّب ذلك، لكنّه درس قاسٍ، أقدمت عليه تركيا، ويحتمل تبعات سياسية واقتصادية كثيرة، من دون توقّع تصعيد عسكري، أخذًا بالاعتبار عضوية تركيا في حلف الناتو، والاعتداء على تركيا، حسب المادة الخامسة من اتفاقية الحلف، يعتبر بمثابة اعتداء على دوله. وقد أبلغت تركيا الرسالة، وليس من مصلحتها تصعيد الموقف أكثر. ولن تسمح بتحويل حدودها مع سورية إلى مسرح لعربدة الطيران العسكري الروسي. وقد طلبت لقاءً عاجلاً لحلف الناتو في بروكسل، على المستوى الوزاري، لتوضيح أبعاد التصعيد العسكري الأخير. وأكد رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، حق بلاده في الدفاع عن أجوائها الإقليمية، وأوضح أنّه يتوجّب على العالم أن يدرك أنّ تركيا لن تتساهل في الدفاع عن أمنها القومي. وطالب السكرتير العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، موسكو وأنقرة بتخفيف حدّة التوتر وعدم التصعيد، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى أنّ الطيران العسكري الروسي خرق الأجواء التركية، وأكّد دعم الحلف سيادة تركيا على كامل أراضيها وأجوائها الإقليمية. لكن، ليس من المتوقّع أن تصمت موسكو، وستردّ بآليات مختلفة، اقتصادية على الأرجح، توخّياً للحفاظ على كرامتها ومكانتها الدولية.

ردود الفعل اقتصادياً
توضح أولويات التبادل التجاري بين البلدين اعتماد روسيا، إلى حدّ بعيد، على الشريك التركي الاستراتيجي، خصوصاً في مجال الطاقة، وسيطاً لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، إثر فشل مشاريع الطاقة الأوروبية المشتركة، وأهمّها مشروع "دفق الجنوب" لنقل الغاز الطبيعي ومشروع "برغاس ـ ألكسندروبوليس" لنقل النفط الروسي الخام تحت مياه البحر الأسود حتى اليونان، ومنه إلى أوروبا. يعود فشل "دفق الجنوب" إلى بنود تجارية تحظر احتكار روسيا الكامل للخطّ كمستثمر للغاز ومورّد له، ما اضطرّ بوتين إلى البحث عن الوسيط التركي، ليعيد توريد الغاز الطبيعيّ إلى أوروبا. كما وقّعت روسيا معاهدة لبناء أربعة مفاعلات نووية في
"منعت أجهزة الأمن الروسية في مطار شيريميتييوفو الدولي في موسكو عبور مواطنين أتراك إلى البلاد"
تركيا، واستثمرت شركة "أتوم ستروي إكسبورت" قرابة ثلاثة مليارات دولار في بناء مفاعل أك كويو بكلفة قرابة 20 مليار دولار، لإنتاج 1200 ميغافولت، وليس من مصلحة روسيا وقف المشروع في هذا التوقيت، وهو الأول من نوعه في الإقليم، بالتزامن مع رفض بلغاريا بناء مشروع المحطة النووية الثانية "بيليني" بتأثيث وتمويل روسي، والمصادقة على مشروع بناء المفاعل الهنغاري "باكش"، وبناء مفاعلين لإنتاج الطاقة الكهربائية في الأردن، حتى العام 2022. ويعزو خبراء الطاقة حمّى بناء المفاعلات النووية إلى ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية في إقليم البلقان، وستتمكن تركيا من تصدير الطاقة إلى الخارج خلال عقد، عدا عن التنافس الكبير بين الشركة الروسية وشركة "ويستنهاوس" الأميركية ذات الحظوظ الوافرة في الأسواق الأوروبية. وعلى الرغم من الخلاف السياسي الواضح بين أنقرة وموسكو، إلا أنّ تركيا تدرك جيّدًا حجم روسيا في أسواق الطاقة، وهي التي تزوّد أوروبا بقرابة 40% من الغاز الطبيعي، وذكّرت روسيا بدورها الاستراتيجي بقطع إمدادات الغاز عبر الخطّ الأوكراني إثر إسقاط المقاتلة الروسية، وهي محاولة للضغط على بروكسل في أثناء الشتاء الأوروبيّ القارص. لكن، حتّى وإن أقدمت روسيا على تجميد هذه المشاريع، فسيكون هذا الإجراء، على الأغلب، مؤقتًا بانتظار خطوة إيجابية، أو مناسبة سياسية مواتية، كاعتذار تركي، أو ما شابه، لتجديد العمل بهذه المشاريع الحيوية، والتي تعني الكثير لروسيا، الراغبة بتصدير تقنيات الطاقة النووية إلى الخارج، والاستثمار في مبيع الغاز الطبيعي الموجود بكميات هائلة في أراضيها.
ستلجأ روسيا، بالطبع، إلى خفض أفواج السيّاح المتوجهين إلى تركيا، وطالب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، المواطنين الروس بعدم التوجه إلى الشواطئ التركية التي تحقّق أرباحاً بقيمة 5 مليارات دولار، مستقبلة ما يزيد على 4 ملايين سائح روسي سنوياً، للاستجمام في منتجعات تركيا الدافئة.
بعد إسقاط المقاتلة الروسية، خرجت أعداد محدودة من المواطنين في إسطنبول وموسكو، للتعبير عن رفض الضربات الروسية الموجهة إلى الحدود التركية السورية، وفي موسكو، تعبيراً عن السخط الشعبي الروسي ضدّ إسقاط المقاتلة. كما شهدت العواصم الأوروبية تظاهرات غاضبة أمام السفارات والقنصليات التركية، نظّمها وأشرف عليها اليمين الأوروبي المتطرف، مدعوماً باليسار المتعاطف أيديولوجيًا مع روسيا، ثمّ توجّه المتظاهرون لوضع أكاليل الزهور أمام مباني السفارات الروسية في العواصم الأوروبية، ما يدلّ على وجود انقسام واضح بين اليمين الأوروبي من جهة واليمين المتطرف واليسار في الجهة الأخرى من المعادلة.
وفي سياق التصعيد بين البلدين، منعت أجهزة الأمن الروسية في مطار شيريميتييوفو الدولي في موسكو عبور مواطنين أتراك إلى البلاد، على الرغم من أن بعضهم من رجال الأعمال، ويمتلكون تأشيرة شنغن، وآخرون متزوجون من روسيات، وبعد انتظار ساعات، أعيدوا بطائرة مغادرة إلى إسطنبول، وهدّدت الأجهزة باعتقال كلّ من حاول الاعتراض على الإجراءات الأمنية الصارمة.

صراع للسيطرة على إقليم البحر الأسود
تتفوّق تركيا عسكريًا على روسيا في إقليم البحر الأسود، وتسعى إلى الحفاظ على منزلتها فيه،
"لا تتوقّع تركيا أيّ دعم ميداني من أوروبا و"الناتو" في مواجهة الهجمات الروسية بالقرب من أراضيها، لعدم وجود خطط عسكرية لمواجهة روسيا في الوقت الراهن"
وليس من المتوقع أن تتراجع لصالح روسيا. وقد صرّح رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، أنّ تركيا ستسقط مزيداً من الطائرات الروسية، إذا ما حاولت اقتحام أجوائها ثانية، والأمر يتعدّى الملف السوري بالطبع، ولن تتحمّل تركيا وطء أقدام الدبّ الروسي الثقيلة في هذا الإقليم، مهما كانت النتائج، فهي سيّدة الموقف.
من ناحية أخرى، لا تتوقّع تركيا أيّ دعم ميداني من أوروبا و"الناتو" في مواجهة الهجمات الروسية بالقرب من أراضيها، لعدم وجود خطط عسكرية لدى بروكسل، أو "الناتو" لمواجهة روسيا في الوقت الراهن، توضّح هذا عقب ضمّ شبه جزيرة القرم والتدخل الروسي المستمر في شرق أوكرانيا، واقتحامها اليوميّ أجواء دول البلطيق. لذا، جاءت الخطوة التركية احترازية، وهي على علم ويقين بأنّ الطائرة المنكوبة على الأرجح روسية. ولا يمتلك مقاتلات من طراز سوخوي في الإقليم سوى الجيش السوري والقوات الروسية الموجودة في قواعدها العسكرية في سورية.

ردود الفعل سياسياً
تمتلك روسيا أوراق ضغط عديدة، ستعمل على تحريكها ضدّ تركيا، وقد طال الحديث، أخيراً، بشأن تنشيط جبهة "ناغورنو كاراباخ" المتنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا، الأولى موالية لتركيا، وأرمينيا تدين بالولاء لروسيا، ويمكن لموسكو أن تتسبّب بالحرج الشديد لأنقرة، حال إشعال هذه الجبهة، إضافة إلى الملفات العديدة في دول البلقان، متمثلة بالبوسنة والهرسك، وإمكانية تحريك الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة، التي لا تتوانى لحظة عن رفع العلم الروسي في مسيراتها التضامنية، كلّما دعت الضرورة لذلك. وقد تلجأ روسيا كذلك إلى الضغط المباشر على تركيا برفع حدّة التوتر مجددًا في الملف القبرصيّ. ويدرك العارفون بشؤون البلقان جيّدًا أنّ تركيا قد وضعت خطًا أحمر يصعب تجاوزه، ويمكنها أن تغامر لتحمّل تبعات ذلك، مهما بلغ حجم الردّ الروسي، ورسالة تركيا تبدو واضحة ومؤلمة وباهظة الكلفة لكل الأطراف، لكنّها راغبة أكثر من أيّ وقتٍ للإبقاء على هيمنتها في حوض البحر الأسود.
ربّما علينا أن ندرك مزيداً من المواصفات القيادية لكلّ من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لفهم أسباب التصعيد والمواجهة الأخيرة، فكلاهما قادر على استخدام آليات وطرق شبه شمولية في إدارة البلاد والتحكّم بالسلطة، ما سمح لبوتين باجتياح جورجيا وأوكرانيا، وهاجم أردوغان الأكراد الذين يقاتلون داعش، من دون الأخذ بالاعتبار الانتقادات الدولية، ما أدّى إلى رفع الدعم الشعبي للزعيمين في روسيا وتركيا.
عدا عن ذلك، أدّت أحداث باريس، أخيراً، إلى تغاضي أوروبا عن الخروق الروسية، وقبول
"إسقاط الطائرة الروسية بمثابة امتحان تركي لمعرفة الموقف الغربي وتحديده وموقف "الناتو" من سياستها واستعدادهما للدفاع عن أمنها القومي"
الدور الروسي المأمول في الإقليم، للتخلّص من مخاطر داعش، إثر تفشّي المخاوف والقلق في العواصم الأوروبية من ارتفاع قدرات داعش بالتأثير وتأطير خلايا إرهابية لضرب المرافق العامة.
إسقاط الطائرة الروسية بمثابة امتحان تركي لمعرفة الموقف الغربي وتحديده وموقف "الناتو" من سياستها واستعدادهما للدفاع عن أمنها القومي. وقد بحث أردوغان من خلال هذه المخاطرة عن إجابة لسؤال حاسم، متعلّق مباشرة بشأن إعادة ترتيب النظام العالمي للمائة عام المقبلة، وما هو الدور المرتقب لتركيا.
لكن، وعلى الرغم من الحدّة في التصريحات التركية، إلا أنّ المنطق السياسي سرعان ما سيفرض نفسه في هذا السياق، وسنشهد تراجعاً في المواقف المتشدّدة، وأولى هذه المؤشرات شكوى أردوغان من تجاهل بوتين الاتصالات الهاتفية التي يحاول إجراءها، والتبرير الذي تقدّم به للصحافة الفرنسية بعدم قدرة القوات التركية على تمييز هوية الطائرة والجهة التي رفعتها في الأجواء، ولو علمت تركيا ذلك لاستخدمت قنوات أخرى للتعامل مع الموقف، عدا عن إسقاط المقاتلة. وسنشهد مزيداً من محاولات تجاوز الأزمة بين البلدين، خصوصاً بعد التوافق الروسي الفرنسي والبريطاني في مواجهة داعش، ومشاركة ألمانيا على الصعيد اللوجستي. وأوروبا قلقة من المخاطر المترتبة على توسّع نفوذ داعش، ومن قدرة هذا التنظيم على التوصّل إلى العمق الأوروبي، وهذا سبب رئيس لقبول الدور الروسي في الإقليم.
كما يصعب تجاهل نشر روسيا منظومتها الصاروخية C400 لحماية مقاتلاتها، وتغطي هذه الصواريخ مساحة تقدّر بنحو 600 كلم مربع، وتشمل معظم أجواء سورية حتى الحدود الأردنية وقبرص ولبنان، ونحو 500 كلم داخل الأراضي التركية. والواضح أنّ تركيا وروسيا لا تسعيان إلى تصعيد الموقف، لكن القدرات الروسية في سورية باتت متطورة وقادرة على إصابة المقاتلات التركية، وعلى الأرجح، لن يلجأ الطرفان لمزيد من التصعيد العسكري في المستقبل المنظور، بانتظار تطور الأحداث على المستوى السياسي.
وقد صرّح وزير الزراعة الروسي، ألكسندر تكاتشوف، أنّ حصّة تركيا من أسواق الخضار والفواكه واللحوم تبلغ قرابة 20%، ما يعادل قرابة مليار دولار سنويًا. وهذه أولى القطاعات التي سيتم التخلي عنها، ومن المتوقع أن تتوجه الأسواق الروسية إلى البحث عن بدائل للحصول على المواد الغذائية، وسلّة الخضار خارج إطار المنظومة الأوروبية، بسبب الحصار الاقتصادي المتبادل بين الطرفين، والدول البديلة المتوقعة هي إيران والأردن وجنوب أفريقيا وإسرائيل والمغرب والصين والأرجنتين وغيرها.

اقرأ المزيد
٣٠ نوفمبر ٢٠١٥
هل ينقذ بوتين نفسه من الرمال السورية ؟


السياسة كتعريف هي القدرة على إقناع الآخرين وقولبة توجهاتهم، وعادة ما تكون شخصية القائد أو الرئيس في مجال العلاقات الدولية عنصًرا بارًزا في صناعة السياسة الخارجية لأي بلد وإذا ما نظرنا إلى روسيا سنجد الرئيس بوتين مثالاً حًيا فبوتين يرى العالم، بعد انهيار المنظومة السوفياتية، من منظار غالب ومغلوب وُينقل عنه قوله إذا ما دخلت في مشاجرة فعليك أن تسدد أولاً، لأنك ستملك المبادرة ويقول عنه الذين امتحنوه عندما تقدم للعمل في المخابرات، إن شخصيته محصنة من الإغراء.

لكنه ربما لاُيقّدر العواقب ولكي لا نسترسل كثيًرا، نشير إلى أن بوتين يرى، حسبما يقول عارفوه، المعادلة الدولية كالتالي أميركا تريد أن تقزم الدولة الروسية القيصرية وأن خطأ الاتحاد السوفياتي كان تبنيه مبادئ أخلاقية، ودعمه المالي لدول ظهرت لاحقا أنها جاحدة، ويرى الحل في أن تعتمد روسيا النهج الرأسمالي، وُتنمي وحوشها الرأسمالية لتبتلع الوحوش الرأسمالية الغربية في حال تعارض المصالح بوتين يحاكي العظماء، ولهذا علق على حائط مكتبه صورة نابليون وستالين هذه الصفات جاءت في كتابات وشهادات مقربين من بوتين، وهي تدلنا بوضوح على كيفية تفكير هذا الرئيس؟

وبالفعل فإن تحركه في جورجيا وتجزئتها، ودخوله إلى أوكرانيا لمنعها من الانضمام إلى المعسكر الرأسمالي الأميركي، وضمه جزيرة القرم، وإضرامه حرًبا أهلية في شرق أوكرانيا، وأخيًرا دخوله إلى الرمال السورية، يؤشر بشكل واضح إلى طبيعة الرئيس الروسي وقد أذهله بالطبع ما كتب عنه بأنه سياسي بارع، ومجازف، ويعرف كيف يخلط الأوراق، وشجعه على هذه اللعبة تقاعس بوش الابن في جورجيا، وتخاذل أوباما وأوروبا في أوكرانيا، ودهشة الجميع في سوريا، وظن، ولا يزال، أنه السيد الذي بوسعه فرض بلاده على خريطة العالم، لا بل إعادة رسم كثير من المصالح، وبالتحديد في مناطق تاريخية مثل الشرق الأوسط، وفق حساباته وتصوراته القيصرية ولا نبالغ إن قلنا قيصرية؛ لأن بوتين منذ أن تسلم السلطة اعتمد النظرية الأرثوذكسية، والقومية الروسية، ليكونا دعامة لحكمه الديمقراطي في المظهر، الاستبدادي في الجوهر.

على عكس مغامرته في جورجيا، يواجه بوتين الآن صعوبة في أوكرانيا ليس سببها المقاومة الشجاعة له، بل المعارضة الأوروبية والأميركية لخطوته، وفرض تلك الدول عقوبات عليه أسهمت في تعميق أزمته الاقتصادية التي ازدادت حدة مع تراجع أسعار النفط، وزيادة الفاتورة المالية المترتبة على تدخلاته ففي أوكرانيا بدأت مقاومة مسلحة ضده في جزيرة القرم كان آخرها تفجير محطة الكهرباء في الجزيرة وانقطاع التيار الكهربائي عن نصفها، واستمرار المعارك في شرق أوكرانيا، وفي الشيشان تململ تاريخي، وفي جورجيا غضب مكبوت.

وتبدو مشكلة بوتين في البلدان المجاورة له أقل بكثير من أزمته في سوريا لا سيما أنه اعتقد أن تدخله سيقلب الطاولة ويجبر الجميع على الاعتراف به، وبالتالي فرض تسوية روسية من باب الأمر الواقع ففي سوريا يواجه ثلاث مشكلات مترابطة تتمثل في الواقع الإقليمي، والموقف الأميركي، وظاهرة ما يسمى الإرهاب جاء التدخل الروسي على خلفية تضاد إقليمي قلما سجلته العلاقات الدولية، وسببه الخلاف الإيراني السعودي المفتوح على كل الاحتمالات فالرياض قررت على ما يبدو المواجهة، وإيران عازمة على ألا تخسر ما حققته فالدولتان وفق هذه المعادلة ماضيتان في المنازلة لأبعد الحدود، لأن كلا منهما تعرف أن ربح إحداهما هو خسارة فادحة للأخرى وهنا يدخل العامل التركي كونه مرجحا بمعنى أنه قادر على قلب المعادلة إذا ما انحاز إلى طرف دون الآخر لكن القيادة التركية هي الأخرى لها حساباتها، وكان من السهل الاستجابة لهذه الحسابات، قبل التدخل الروسي، وتعاظم الخطر الانفصالي الكردي بعبارة أخرى، تركيا لم تعدُ مرجحا حياديا بل غطست في اللعبة السورية، وأصبح لها مصالحها المتضاربة مع المصالح الروسية، وبالتالي أصبح لزاًما عليها الانحياز للطرف السعودي بعدما انحازت طهران للطرف الروسي لتركيا مطلب أساسي وهو أنه لا يمكن السماح بوجود كيان كردي انفصالي في سوريا، وللسعودية رغبة في أنه لا يمكن القبول بالأسد في سوريا المستقبل.

إن حادثة إسقاط الطائرة الروسية التي عبرت الأجواء التركية هي رسالة تركية واضحة لبوتين بأن عليه أن يحترم مصالح تركيا، ورسالة أيًضا إلى الدول الأوروبية بأن التصالح مع بوتين وإعطاءه الحق بترتيب البيت السوري في فيينا مرفوض، ما دام لا يحظى بموافقة تركيا فالقيادة التركية تعتقد أن أوروبا بالذات تريد أي تسوية في سوريا لضمان هزيمة داعش، ولوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا لما يسببه من خلل في المعادلة السياسية الأوروبية الداخلية، وبالتحديد صعود اليمين المتطرف.

وقد ذعرت أوروبا جًدا من المواجهة التركية مع الروس لأنها تقضي على فرص التسوية في فيينا، ولأنها تجر أوروبا إلى مواجهة لا تريدها وقد التقط الرئيس الأميركي هذا الواقع واستغله أيما استغلال من خلال تأكيده على أن روسيا لن تربح الحرب في سوريا، وأن دعمها للأسد لا تقبل به أميركا ولا حلفاؤها بالمنطقة، وأن على روسيا أن تقبل بثمن إزاحة الأسد لحل تلك الأزمة فالرئيس الأميركي يجد نفسه محصًنا ضد الإرهاب، ويرى أن سياسة احتواء داعش ناجحة ولو لزمها وقت على عكس دول أوروبا وجد بوتين بعد حادثة الطائرة أنه خسر التضامن الأميركي، وخسر الاندفاعة الأوروبية، وبدا مرغًما بزيادة فاتورة تدخله في سوريا عبر إدخاله صواريخ متطورة، وطائرات ومزيًدا من الخبراء والضباط بوتين مضطر الآن لرفع سقف المواجهة، لكنه يعلم أن الثمن باهظ، وأنه يقاتل على أرض بعيدة، وأن من يقاتلونه يجدون فيه عدًوا دينًيا، ويجدون الدعم من البيئة المحيطة، وهم قادرون، عبر البوابة التركية، والسعودية، على إغراقه في الرمال السورية.

ويعرف بوتين أيًضا أنه كلما زاد بقاؤه في سوريا شكك شعبه بجدوى الحرب، حسب تفكيره، جاهز للانقضاض عليه هنا يبدو بوتين في الأزمة السورية بالذات بارًعا في التكتيك، وجاهلاً وصعوبة تبرير هذا الإنفاق المالي والبشري على أرض بعيدة، ويدرك أيًضا أن الغرب الذي يريد اصطياده، في الاستراتيجية أمام بوتين مخرج واحد يمكن التقاطه للخروج من هذه الأزمة وهو انفتاحه على الحل لسياسي المدعوم غربًيا، وسعودًيا وتركًيا، والمستند إلى خروج الأسد من المعادلة السياسية، وتشكيل سوريا جديدة، وبهذا الحل يخسر بوتين صورة الرجل القوي، لكنه يكسب حماية المصالح الروسية، والعلاقات الجيدة مع العالم العربي، وإعادة انفتاحه على الغرب وتحسين اقتصاده هل يمكن أن يقدم بوتين على ذلك؟ إذا صدقنا ما قالته المخابرات الروسية عنه، وما قاله أصدقاؤه فإن الجواب سيكون حتًما بالنفي، وعليه سيغرق بوتين أكثر في الرمال السورية، وتغرق معه المنطقة في المزيد من القلاقل والدماء.

اقرأ المزيد
٢٩ نوفمبر ٢٠١٥
روسيا تغرق في البحر السوري

يبدو أن القيادة الروسية اعتمدت على الحرب الإعلامية والنفسية أكثر من اعتمادها على الحرب العسكرية في ما يخص الحرب على سورية، إذ بدأت بترويج قدراتها العسكرية قبل المشاركة في الحرب السورية وفي أثنائها، كل من لديه معرفة ولو القليل فيما يخصّ العلوم العسكرية، ومن خلال اطلاعه على تجارب الحروب السابقة، يعلم أن الطلعات الجوية واستخدام المدفعية في القصف البعيد لا فائدة منها في التقدم العسكري على الأرض، ما جعل القيادة الروسية تبدأ في الحديث عن حل سياسي في الوقت الذي تكون فيه طائراتها تغير على المدنيين السوريين، وعلى مواقع تابعة للمعارضة السورية، ليكون الحل السياسي مخرجاً لها، حال فشل الحل العسكري، فما تقوم فيه روسيا على الصعيدين العسكري و السياسي ما هو إلا لإقناع العالم بأن القرار بيدها، وليس بيد النظام السوري أو الإيراني.
ربّما بدأت روسيا الشعور بالعجز أمام الصمود الأسطوري للشعب السوري، بعد كل ما قامت به من هجمات، استهدفت فيها المدنيين ومراكز الجيش السوري الحر التي باءت بالفشل، ومن دون أي تقدم يذكر، وأصبحت على يقين أن الجيش النظامي على الرغم من التغطية الجوية من الطائرات الروسية غير قادر على التقدم على الأرض بالشكل المطلوب الذي من شأنه تغيير موازين القوى على الأرض، وأصبحت روسيا على يقين أن الحسم لن يكون إلا في خيار التدخل العسكري البري الذي، إن حصل، ستكون تكاليفه العسكرية والبشرية كبيرة، وسيكون له تأثيرات سلبية على الصعيد الشعبي والإقتصادي في الداخل الروسي. ما دفع روسيا إلى طرق باب العدو الأكبر للشعب السوري، من أجل القيام بهذه المهمة هو النظام الإيراني من أجل إقناعه بإرسال أعداد أكبر من المقاتلين لدعم النظام السوري، خوفاً من السقوط المفاجئ، هذا ما أوضحته زيارة فلاديمير بوتين إيران، والتصريحات الروسية الأخيرة التي وصفت حزب الله اللبناني بالحليف لروسيا.
روسيا الآن، ومن خلال تكثيفها الهجمات، بسلاح الجو وجيش النظام المدعوم بجنود إيرانيين وحزب الله اللبناني تقوم بمحاولة تحقيق إنجازات على الأرض، من أجل أن تفرض رأيها على طاولة الحوار من أجل أي حل سياسي ممكن أن ينهي الصراع في سورية، واستغلال حالة التشرذم المسيطرة على المعارضة السياسية السورية. ولكن هذا النهج الذي تنتهجه روسيا في قتل السوريين جعلها على عداء مع الدول المجاورة لسورية، بسبب قصف مناطق ذات حساسية بالنسبة لبعض الدول، وهذا ظهر جلياً في التحذيرات التركية الأقرب إلى التهديد المتكررة لروسيا، بعد قصفها مناطق تابعة للتركمان في سورية، والتي كانت نهايتها إسقاط طائرة روسية من الدفاعات الجوية التركية، بعد أن خرقت الأجواء التركية، وتسببت في توتر في العلاقات التركية الروسية، والتي على إثرها صرح بوتين إن إسقاط الطائرة طعنة بالخلف ووصف تركيا بأنها دولة داعمة للإرهاب.
وفي سياق آخر، وجهت دعوى المملكة العربية السعودية إلى المعارضة السورية لحضور مؤتمر في منتصف ديسمبر/كانون أول المقبل، من أجل العمل على لم شمل المعارضة والعمل على توحيد كلمتها، ربمّا تأتي هذه الخطوة للتحضير لأي اتفاق من شأنه رحيل الأسد، والعمل على تشكيل حكومة وطنية قادرة على قيادة المرحلة الإنتقالية، والحفاظ على ما بقي من مؤسسات، فإذا تكللت هذه الخطوة بالنجاح ربما يتبعها خطوات، من أهمها العمل على توحيد فصائل الجيش الحر، وتشكيل جيش سوري وطني.

اقرأ المزيد
٢٩ نوفمبر ٢٠١٥
هل الحاكم العربي غير وطني أم ممنوع أن يكون وطنياً؟

لا يمكن لأمة أن تنهض إلا بعقول وطاقات وقلوب أهلها. وحتى لو كانت الشعوب تحب أوطانها، وتريد أن تبينها، ولديها كل ما يلزم للنهوض بها، لا شك أنها ستفشل إذا كانت الطبقات الحاكمة غير وطنية، أو أن دوائرها الانتخابية خارج أوطانها، كما هو الحال بالنسبة للعديد من الأنظمة العربية. السمكة عادة تفسد من رأسها، وكذلك الأوطان. فإذا كان الحكام يعتمدون في وجودهم على قوى ودعم خارجي، فإنهم، دون أدنى شك، سيكونون أكثر اهتماماً بتحقيق أهداف الخارج في بلادهم من تحقيق أهداف شعوبهم. فكما هو معلوم، فإن السياسي يخدم في العادة الدائرة التي انتخبته. وبما أن مصير العديد من القيادات في العالم العربي مرتبط بقوى أجنبية، فعلى الأغلب أن الأوطان والشعوب ستعاني، وستتخلف عن ركب التقدم واللحاق بالأمم الوطنية المتقدمة.
من أعظم بركات الثورات العربية أنها كشفت بشكل فاضح عمالة الكثير من الأنظمة العربية، وخاصة تلك التي رفعت شعارات قومية ووطنية فاقعة كالنظام السوري مثلاً. فعندما كنا نسمع الشعارات الوطنية والقومية التي كان يرفعها، ويرددها نظام الأسد في سوريا، كان المرء يأخذ الانطباع أنه نظام لا يباريه نظام في العالم في الوطنية وحب الوطن، خاصة وأنه كان يسحق أي أصوات معارضة بحجة أنها غير وطنية وخائنة للوطن. لكن الثورة أظهرت للسوريين لاحقاً أن النظام له علاقة بالوطنية كما للسوريين علاقة بكوكب المريخ. لم يكن حتى نظاماً طائفياً فقط، بل كان يأتمر، ويعمل لصالح قوى خارجية أولاً وأخيراً. لم يكن ينقص الشعب السوري أبداً لا الطاقات، ولا الإرادة ولا الذكاء والمثابرة، فهو شعب وطني خلاق وقادر على الإبداع والابتكار والتقدم، لكنه فشل على مدى نصف قرن في تحقيق أي إنجازات صناعية وتكنولوجية وسياسية واقتصادية معتبرة. لا بل إن السوريين باتوا يترحمون على النظام السياسي الذي كان يقودهم في منتصف القرن الماضي، حيث كان أكثر عصرية وتقدماً وديمقراطية وانفتاحاً وإنسانية، بينما أمسوا اليوم مضرباً للمثل في التشبيح السياسي والأمني.
لسنا بحاجة للكثير من الجهد كي نتعرف على مكمن الخلل في سوريا. إنه النظام الحاكم الذي كان دائماً يتهم العرب الآخرين بالعمالة والتبعية للخارج، بينما كان هو غارقاً حتى أذنيه في العمالة والتبعية للاتحاد السوفياتي سابقاً وروسيا وإيران وإسرائيل حالياً. لقد اكتشف السوريون على ضوء الثورة أن مهمة النظام الأولى على مدى نصف قرن كانت كبح قيام أي نهضة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو علمية في سوريا، لأنه مكلف بإبقاء سوريا وشعبها في حالة تخلف وتجمد لصالح جارته إسرائيل. ويرى بعض العارفين أنه لو لم يقم بذلك، لما بقي أصلاً في مكانه. وكما هو واضح، فإن النظام يعرف قدر نفسه جيداً، فهو لا يصلح لأن يقود وطناً نحو التقدم والازدهار، بل قادر فقط على ممارسة الهمجية والقمع والاضطهاد، لهذا تم تمكينه من رقاب السوريين كي يبقوا في الحضيض سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
طبعاً لا نقول أبداً أن النظام السوري هو الوحيد الذي يعمل لصالح قوى خارجية. لا أبداً، فهو مجرد نموذج فاقع للأنظمة المتشدقة بالوطنية والغارق بالعمالة والخيانة. هناك الكثير الكثير من الأنظمة الأخرى التي لا تحكم بإرادة شعوبها، بل بإرادات خارجية. وقد صدق الرئيس التونسي السابق الدكتور منصف المرزوقي عندما ألف كتاباً بعنوان «الاستقلال الثاني» يكشف فيه أن معظم الأنظمة العربية التي وصلت إلى السلطة بعد حروب الاستقلال المزعومة لم تكن وطنية أبداً، بل كانت مجرد وكلاء للمستعمر الذي خرج من الباب، ليعود من النافذة عن طريق عملائه الذين عينهم ممثلين له في مستعمراته القديمة. وبالرغم من أن بلداً مثل الجزائر مثلاً قدم أكثر من مليون شهيد لطرد المستعمر الفرنسي، إلا أنه انتهى في أيدي من يسمون بـ»بني باريس» أي الجنرالات والطبقة السياسية التابعة قلباً وقالباً للمستعمر القديم.
حتى الأنظمة المنبثقة عن بعض الثورات الجديدة فهي بدورها لا تمثل تطلعات الثوار، ولا الشباب الذين قادوا الثورات، بل هي مجرد واجهات لقوى خارجية. ولا شك أن المرء يشعر بحسرة وألم كبير عندما يسمع أن الكثير من القيادات التي تحكم تونس الآن مرتبطة بتوجيهات وتوجهات قوى خارجية أكثر مما هي مرتبطة بتطلعات الشعب وأحلامه. فهذا القيادي تدعمه أمريكا، وذاك تدعمه فرنسا، والآخر يتلقى تمويلاً عربياً لشراء الأصوات والفوز في الانتخابات. وكأن الثورة لم تحدث أبداً.
لا شك أن البعض سيقول لنا إن تركيبة العالم والقوى المتحكمة به لا تسمح بوجود قيادات وطنية خالصة، وخاصة في العالم العربي. يقول المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي في هذا السياق: «الأهداف الرئيسية للسياسة الأمريكية هي منع وصول المغالين في وطنيتهم إلى الحكم في العالم الثالث. وإذا ما وصلوا إليه بطريقة أو بأخرى، فيجب عزلهم وتنصيب غيرهم. وتتحالف الولايات المتحدة مع العسكريين لسحق أي جماعات وطنية تفلت من قبضة اليد». وما ينطبق على أمريكا ينسحب على القوى العظمى الأخرى في تعاملها مع بيادقها. ويقول المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي هنا: «بشار الأسد دمية لا حول له ولا قوة: لو كان ذا سلطان حقيقي لكان فضّل النجاة بذاته وبأسرته، لأنه يعلم أن المآل في الغاية هو رأسه ورأس أسرته». وبناء على هذه الحقيقة المرة بوجود قوى خارجية تمنع الوطنيين من الوصول إلى السلطة في العالم العربي والثالث عموماً، ما العمل؟ هل الخلل في القوى المتحكمة التي تختار عملاءها حكاماً هنا وهناك؟ أم إن الخلل في الحكام الذين يقبلون أن يكون مجرد وكلاء؟ لا أريد أن أفتي في هذا الموضوع. أترك لكم الفتوى.

اقرأ المزيد
٢٩ نوفمبر ٢٠١٥
التوتر التركي الروسي: محرك إضافي للتسوية في سوريا

بعد يومين فقط من حادثة إسقاط الطائرة الحربية الروسية، ظهرت ملامح “الانتقام” الذي يخطط له القيصر الروسي الجريح في ظهره بعد “الطعنة” التركية المفاجئة. ما لم يتضح حتى الآن هو المدى الذي يمكن أن تذهب إليه موسكو في ردة فعلها، وما إذا كانت التطورات الأخيرة قد عرقلت مسار التسوية السياسية في سوريا.

حدث التصعيد بين تركيا وروسيا قبل إسقاط الطائرة الحربية، وذلك عندما طلبت تركيا من مجلس الأمن مناقشة الهجوم الروسي على جبل التركمان وتهجير الآلاف من المدنيين من المنطقة المحاذية لحدودها، واستدعت السفير الروسي لتبلغه غضبها. لكن أنقرة، وبعد يوم واحد، استغلت انتهاكا قامت به طائرة حربية روسية لمجالها الجوي دام أقل من دقيقة واحدة لتعبر عن غضبها بطريقة فريدة وخطيرة وذلك عبر إسقاط الطائرة.

لا يقتصر الأمر إذن على اختراق السيادة التركية الذي تكرر مرارا من قبل الطائرات الروسية وبات يخضع لاتفاقيات عسكرية بين الجانبين، بل إن للأمر علاقة أكثر بردة فعل تركية على التصعيد العسكري الروسي في سوريا، وخصوصا محاولة قلب ميزان القوى لصالح الأسد بالتعاون مع الآلاف من المقاتلين من الحرس الثوري الإيراني.

حالة الصدمة والغضب دفعت المسؤولين الروس خلال الأيام الماضية إلى الحديث عن رد متعدد المستويات يشمل الجانب الاقتصادي فضلا عن الدبلوماسي والعسكري. ليست الحرب مع تركيا من ضمن الخيارات المطروحة كما صرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، ولكن توسيع وتكثيف الحرب الباردة معها يبدو أنه سيشكل رأس الحربة في الرد الروسي.

أعلنت موسكو عن سلسلة قرارات اقتصادية سوف تتخذها لمعاقبة أنقرة من بينها حظر استيراد الخضار والسلع الغذائية وتقييد أعداد السياح الروس الذين بلغ عددهم العام الماضي 4.5 مليون سائح. في حال طبقت موسكو ما تلوّحُ به من عقوبات اقتصادية فسيلحق ذلك خسائر معتبرة بتركيا التي تصدر إلى روسيا ما قيمته 6 مليارات دولار تضعها في المرتبة السابعة للدول المصدرة، كما تبلغ قيمة استثمارات شركاتها في روسيا نحو 4 مليارات دولار.

ولكن الحرب الاقتصادية الروسية تعتبر سلاحا ذا حدين، إذ قد تفتح الباب لرد فعل تركي وهو ما لا يرغب القيصر الروسي في رؤيته في الوقت الحاضر. ذلك أن تركيا هي الحريف الثاني لشركة “غاز بروم” المملوكة من قبل الدولة الروسية والتي تمول جزءا كبيرا من مغامرات بوتين الحربية في سوريا وأوكرانيا حاليا. كما أنه من المتوقع أن تزداد حاجة تركيا لاستيراد الغاز الروسي في السنوات القادمة بما يجعلها الشريك الأول لروسيا.

ضيق مساحة المناورة على المستوى الاقتصادي قد يدفع موسكو إلى التركيز على الجانب العسكري، وذلك باستخدام إسقاط طائرتها كذريعة لتوسيع تواجدها العسكري في سوريا وتكثيف عملياتها الحربية ضد المعارضة السورية وهو ما باشرت بفعله منذ يومين.

استغلت موسكو حقيقة أن مختلف دول العالم، وخصوصا تركيا، باتت مهيئة لتلقي ردة الفعل الروسية ومتفهمة لها باعتبارها خطوة “مشروعة”، فأعلنت عن تصعيد عملياتها العسكرية في سوريا وعن تشغيل منظومة صواريخ حديثة هي “إس 400” والتي كانت قد نقلتها إلى الساحل السوري قبل إسقاط الطائرة بكل تأكيد.

كما كثفت الطائرات الحربية الروسية استهدافها لبلدات جبل التركمان وواصلت عمليات التهجير للمدنيين من ريف اللاذقية عموما في محاولة لتحقيق أكبر قدر من التصعيد قبل أن يستفيق العالم من صدمة إسقاط الطائرة الروسية ويطفئ الضوء الأخضر للرد الروسي.

إطفاء الضوء الأخضر سوف يعني انطلاق جولة خطيرة من التصعيد العسكري في الشمال السوري ستشارك فيها جميع الأطراف: روسيا وتركيا وأميركا، بالاعتماد على مقاتلي المعارضة السورية والمقاتلين الأكراد وقوات الأسد. وهو ما بات يهدد بعرقلة مسار فيينا التفاوضي كما عبرت بوضوح وزيرة الخارجية الألمانية أنجيلا ميركل.

يبدو مسار التسوية الذي انطلق من محادثات فينا معقدا وهشا للغاية ولكن محركات إنعاش ذلك المسار ودفعه إلى الأمام لا تزال قائمة، وهي أزمة تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى أوروبا والتدخل الروسي الذي سلط الضوء على الصراع في سوريا بصورة أكبر. من الممكن أن تعمل حادثة إسقاط الطائرة الروسية والتوتر بين أنقرة وموسكو كمحرك إضافي لتحفيز المحادثات السياسية وخصوصا أن جذور ذلك التوتر لا تتصل بإسقاط الطائرة الروسية بل بالحرب الباردة المندلعة بين الجانبين في سوريا والتي لا يمكن إنهاؤها إلا بوقف الصراع في سوريا.

هكذا، فليس وقوع حوادث من قبيل إسقاط الطائرة الروسية ومقتل جنديين روسيين وإصابة محتملة لقاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني هي ما يعرقل الحل السياسي في سوريا، بل على العكس من ذلك، هي ما يعزز حظوظ التسوية السياسية ويسرع خطوات تحقيقها.

اقرأ المزيد
٢٩ نوفمبر ٢٠١٥
بوتين ومعادلة فيينا

ثمّة معادلة دولية، تمت بلورتها خلال لقائي فيينا بشأن سورية، تقوم على منح الحل السياسي الأولوية في سياسات الدول التي شاركت فيه، بالحفاظ على التوازن بين طرفيه: النظام وجيشه من جهة، والمعارضة والجيش الحر من جهة أخرى، وتركيز الجهود الحربية على "داعش" وجبهة النصرة وتنظيمات الإرهاب الأخرى.
هذه المعادلة كان يجب أن تلزم روسيا بحل سياسي، طرفه الآخر المعارضة وجيشها الحر الذي لا يجوز أن يتعرّض لجهود عسكرية روسية، تخل نتائجها بالتوازن الضروري للحل. المشكلة أن موسكو أرسلت جيشها إلى سورية، لتغيير معادلات القوة بين طرفي الحل، وأن عملياتها تقوّض فرص السلام، وتعزّز مواقع الإرهاب الذي قرّر العالم محاربته، لكن روسيا خالفت معادلة فيينا في جانبيها، واختارت القضاء على الجيش الحر، وتطبيق حلٍّ مغاير لما وافقت عليه، يشطب الحر من معادلات الحل، ويجبر العالم على القبول بالنظام، لأن بديله الإرهاب وتنظيماته.
بحربه ضد الجيش الحر، يرفع الكرملين غطاء فيينا الدولي عن سياساته تجاه الحل السياسي السوري، ويفرض شكل هذا الحل ونتائجه، قبل وربما من دون أي تفاوض، بجعله عسكري المدخل والطابع، أسدي النتيجة. مثلما يرفع "شرعية فيينا" عن غزو الجيش الموسكوفي سورية الذي افترض أنه لن يخل بشرط الحل الرئيس: توازن القوى بين طرفيه الداخليين المتصارعين، الذي يضمنه الروس عبر جيشهم المرابط فيها والذي دخلها بعد أن أوشك النظام على الانهيار، فأنقذه.
يقوم الروس بكل ما من شأنه إفشال الحل السياسي، وها هم يصعّدون سوريّاً وإقليمياً، وينسفون معادلة فيينا وما أنتجته من تفاهمات وأسس للحل، ويضعون العالم أمام ابتزاز خطير أساسه عسكرة علاقات القوى الدولية بالصراع السوري، وشحنه بمخاطر انفجار إقليمي/ ودولي واسع، تدفع إليه سياسات حافة الهاوية التي ينتهجونها بتصعيدٍ مفعمٍ بتحدّي الآخرين.
باختلال موازين القوى لصالح النظام، المتمسك بحلٍّ عسكري يقضي على الثورة، يدخل الوضع السوري إلى حقبة جديدة من صراع متفجر، يحمل مخاطر تدويل متفاقم، وقتل مزيد من السوريين، وتدمير ما بقي من وطنهم، يتباعد بسببها الحل، وتتلاشى فرصه بتقدم منطق قوة ابتزازي يشحن البيئة الدولية بجميع عناصر التوتر والانفجار.
هذا التناقض الصارخ بين تعهدات روسيا السلمية في فيينا وسلوكها الحربي الذي يقوّض أي أمل في السلام، لا يبقى أمام الكرملين من خيار غير ضروب من التصعيد، تدفع بمزيد من قواته إلى سورية التي تتحوّل إلى ساحة استعراض دولي يومي لأحدث الأسلحة والذخائر، وميدان لتصفية حسابات مرتفعة الكلفة من الدم السوري ودماء شعوب الشرق الأوسط، وإنْ لم تقرر واشنطن الرد على تحدٍّ تملي آلياته الذاتية الرغبة في استخدام مزيد من القوة العسكرية، للحصول على مكاسب استراتيجية، تمس بمصالح قوى دولية وإقليمية لن تستسلم لهم، بما يضمره ذلك من احتمالات شديدة الخطورة ستشهدها العلاقات الدولية في فترة مقبلة، سيزيح التوتر والتسعير فيها فرص الحل السياسي والسلام.
بردّه على إسقاط تركيا طائرته الحربية، يجد فلاديمير بوتين نفسه أسير حساباتٍ توهمه أن أميركا ضعيفة، والدول الإقليمية عاجزة عن مواجهة القوة، وأن السوريين سينصاعون لحل تمليه قنابله وصواريخه. وبدل أن يلزمه إسقاط الطائرة بمعادلة فيينا، طفق يقوم بخطوات تصعيدية، متهوّرة وغير مسبوقة، تضعه خارج ما تفاهم عليه بالأمس القريب في فيينا، وتقوّض فرص البديل الذي وافق عليه في لقائها الثاني، وترفض حق الشعب السوري في الحرية، ومطالبته برحيل الأسد وسقوط نظامه، والعيش بسلام في بلاد تخلو من القتل والدمار.

اقرأ المزيد
٢٩ نوفمبر ٢٠١٥
المنطقة الآمنة: أمس غير اليوم

"المنطقة الآمنة"، الكلمة باتت متكرّرة كثيراً في الآونة الأخيرة، في ما يتعلق بالوضع السوري والحرب الدائرة هناك. هو حديث قديم متجدّد، لم يرَ النور في الأيام الأولى للثورة وبداية الانشقاقات عن جيش بشار الأسد. حينها، تم التدول في شأنه، وحيكت سيناريوهات كثيرة تربط وضع الأيام الأولى للثورة السورية بما كان حاصلاً قبل فترة وجيزة في ليبيا، لكن المشروع اصطدم بالاعتبارات الدولية والإقليمية التي عرقلته، وكانت من الأسباب الأساسية في وصول الأمور في سورية إلى ما هي عليه اليوم. إذ إنه غني عن القول إن تطبيق المنطقة الآمنة في ذلك الوقت، أي من أربع سنوات ونيّف، كان سيعصم البلاد من ويلاتٍ كثيرة تعيشها اليوم، وأهمها ظهور "داعش" على المسرح، وبثّه الرعب الذي بات يتخطى الحدود السورية إلى العالمية.
في ذلك الحين، كان يمكن للمنطقة الآمنة أن تكون حاضنة لأرتال الجنود الباحثين، أو الراغبين، في الانشقاق عن جيش النظام، وتكوين نواة جيش حقيقي من الممكن أن يتولى الدفاع عن المدنيين الكثر الذي قتلهم النظام، ولا يزال يقتلهم، إلا أن الأمور دخلت في المنحى الفوضوي، واسم "الجيش الحر" الذي ظهر على الساحة لم يكن إلا عنواناً عريضاً بلا أي مغزى، خصوصاً أن كل الفصائل التي انضوت تحت هذا المسمّى كانت تعمل بدون الحد الأدنى من التنسيق اللازم في العمل العسكري.
أيضاً أزمة اللاجئين التي أصبحت شأناً عالمياً، كان من الممكن للمنطقة الآمنة أن تحل جزءاً كبيراً منها، باعتبار أن هذه المنطقة ستكون محمية في إطار حظر جوي، يمنع النظام من إلقاء براميله على المدنيين الآمنيين، ما يعني أن مخيمات اللجوء للسوريين المتوزعة على دول الجوار، والتي وصلت، أخيراً، إلى أوروبا، كانت ستكون قرى سورية في هذه المنطقة التي كان لا بد أن تتوسّع، لاحقاً، بفعل التنسيق العسكري، الذي لم يحصل.
كان هذا كله ممكناً في الفترة الأولى للثورة السورية، ومع الإرهاصات الأولى للتسليح، وآثاره كانت ستغيّر مجرى الأمور الحاصلة حالياً، غير أن هذا كله لم يحصل، وانتظر الغرب، والأتراك، أكثر من أربع سنوات، ليعيدوا الحديث عن هذه المنطقة التي لا تزال تنتظر التطبيق غير المضمون. لكن، حتى لو تم الأمر حالياً، أيّ مكاسب ستحقّق للثورة السورية بعدما أصبحت البلاد ساحة حرب عالمية، وتحركت إليها الأساطيل الدولية، وباتت سماؤها مفتوحة للطائرات من كل حدب وصوب؟
بالتأكيد، الحديث عن المنطقة الآمنة، أو الخالية، والتي يجري ترويجها في إطار محاربة "داعش"، لن يحقق كل ما كان من الممكن أن يحققه للثورة السورية وأهدافها، بل على العكس، هو يأتي اليوم فقط لإراحة الدول التي تصنّف "راعية للثورة"، وتحديداً تركيا، من أعباء كثيرة، وفي مقدمتها اللاجئون، الذين يبحث الأتراك عن التوقف عن استقبالهم والتخفيف من هؤلاء الموجودين في الأراضي التركية. الأمر نفسه ربما بالنسبة إلى الدول الغربية التي أصبحت مؤيدة لإقامة هذه المنطقة، بعدما كانت معارضة بالمطلق، إذ ربما تدرس إعادة مئات أو آلاف من اللاجئين الذين وصلوا إليها بذريعة أن الأمن سيكون مكفولاً في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة من الأراضي السورية.
لكن، هل الزمن حقاً سيكون مكفولاً؟ بالتأكيد لا، فكل ما كان ممكناً تحقيقه بإقامة هذه المنطقة سابقاً، أصبح مستحيلاً، ومخاطره ستكون مفتوحة على اندلاع حربٍ أشمل في المحيط الإقليمي، وربما الدولي. فأي أمن ممكن تحقيقه بدون إقامة منطقة حظر للطيران، وأي حظر للطيران سيمنع المقاتلات الروسية من التحليق في الأجواء السورية كافة، واختراق الأجواء التركية أيضاً؟ وأي قوة ستأخذ على عاتقها منع القوات البرية السورية والإيرانية من الدخول إلى المنطقة الآمنة هذه من دون أن تكون سبباً في مواجهة إقليمية أوسع؟
أسئلة كثيرة تصب كل إجاباتها في خانة أن المنطقة الآمنة لن تكون مكسباً للثورة السورية، بل قد تزيد الأمور تعقيداً.

اقرأ المزيد
٢٩ نوفمبر ٢٠١٥
صدمة جنون القوّة

لا يمكن اعتبار إسقاط الطائرة الروسية فوق سورية حدثاً عابراً في مسار الأحداث في المنطقة. هو حدث ستكون له تداعيات كثيرة لاحقة على التوازن العسكري والسياسي، خصوصاً أنه يأتي في خضمّ تحوّلات في موازين القوى العالمية، سيكون لإسقاط "السوخوي" تأثير مباشر فيها، وربما لذلك لا يزال الروس إلى اليوم غير مستوعبين الحدث الذي مثّل صدمة لكل ما يخطط له فلاديمير بوتين على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
ومهما حاولت الدبلوماسية التركية، ومعها العالمية، التخفيف من أثر إسقاط الطائرة على العلاقات البينيّة بين معسكري الشرق والغرب، إلا أن الحادث سيبقى ماثلاً في المعطيات الاستراتيجية الجديدة، ليس في سورية وحسب، بل على الصعيد العالمي، لأكثر من اعتبار. لعلّ أبرز هذه الاعتبارات أن العملية تأتي في ذروة الصعود الروسي المتدرّج، والذي بدأ منذ مطلع الألفية الثالثة. صعود وصل، اليوم، إلى مرحلة تجعل من موسكو الوريثة الشرعية لإمبراطورية الاتحاد السوفييتي، وهو ما يريده فعلياً بوتين الذي يلعب، اليوم، على وتر تراجع النفوذ الأميركي، لينتقل إلى محاولة ملء الفراغ، وإنْ باتجاه سياسي معاكس.
على هذ الأساس، كان التدخل في سورية لمصلحة نظام بشار الأسد، وبذريعة محاربة داعش، الأمر الذي رضي به الغرب، عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، على مضض، غير أن مسار الأيام الخمسين، وهي عمر التدخل الروسي في سورية، كشفت عن معطيات أخرى لأهداف هذا التدخل، وفي مقدمتها ضرب المعارضة السورية، بغض النظر عن درجات اعتدالها أو تطرفها، في محاولة لقطع الطريق على تكوين أي خيار بديل ممكن لنظام الأسد.
إضافة إلى هذا المعطى السياسي في الأهداف العسكرية، أراد بوتين تحويل الساحة السورية إلى مسرح لاستعراض العضلات، ولتأكيد أن روسيا هي القوة المقبلة على الساحة العالمية. ووفق هذا المعطى، صالت الطائرات وجالت، وضربت ما شاءت من الأهداف، تحت أنظار العالم الذي اكتفى بالتنبيه والتحذير والإدانة، فيما كانت البوارج الروسية تطلق صواريخها "عن جنب وطرف"، حتى أنها قصفت أراضي الحليف الإيراني.
أمام التقاعس الغربي في مواجهة التمدّد الروسي، أصبح بوتين يعيش مرحلة غطرسة القوة، الأمر الذي جعل من إسقاط مقاتلة السوخوي ليس أمراً عابراً، بل بمثابة صدمة، أو صفعة، لحلم "روسيا العظمى" الذي يسعى إليه بوتين، خصوصاً أنه لم يأت من الولايات المتحدة التي يمكن أن تعتبراً روسيا نداً، بل من تركيا التي لا ترى فيها روسيا عملياً قوة عظمى، يمكن أن تكون موازية.
من هذا المنطلق، ينظر الروس بهذا الكم من القهر لعملية إسقاط الطائرة، فالحادث جاء عملياً بمثابة محاولة لدفع موسكو إلى استيعاب أنها ليست ولن تكون وحدها في المنطقة، وأن غطرسة القوة سيكون لها ثمن في المستقبل، سواء عبر عمليات من هذا النوع، أو ربما مواجهة أشمل قد تكون شرارة لحرب عالمية ثالثة، لا أحد يريدها، وروسيا في المقدمة. ما بعد استهداف "السوخوي" ليس كما قبله، وإذا حاول الروس، اليوم، قهراً، استيعاب الضربة التركية والرد عليها اقتصادياً وسياسياً، فإن أي حادث مماثل في المستقبل لن يكون من الممكن تمريره بدون رد على المستوى نفسه.
الصدمة استُتبعت بالمواقف الغربية، وخصوصاً الأميركية، والتي جاءت أيضاً لتذكير الروس بأن "الأطلسي" لم يمت بعد، وأن أسباب إنشائه منذ البداية عادت، اليوم، إلى الظهور، وإنْ بشكل مختلف، وهو ما سيعيد قريباً جداً صراع المعسكرين إبّان الحرب الباردة، لكن في ظل أجواء حامية حالياً.
لا نزال في الأيام الحالية نعيش التداعيات الأولى لإسقاط الطائرة الروسية، والتي لا بد أن تدفع موسكو إلى إعادة الحسابات، أو الإقدام على مزيد من جنون القوة.

اقرأ المزيد
٢٦ نوفمبر ٢٠١٥
لك الله أيتها "الرقة" المظلومة ....

يتردد اسم "الرقة" في البرلمانات و الجلسات و المباحثات ، و على أجهزة التواصل بين الطائرات و البوارج ، وكذلك يرد الأسم في المقدمة في كل خطة عسكرية أم سياسية أو حتى اجتماعية ، فكل الأنزار تتجه لها ، و كل الجيوش تتحرك باتجاها ، و كل القذائف تسقط عليها .

مع كل تفجير أو عملية لداعش ، يأتي الرد سريعاً و غاضباً وجنونياً ، ليرمي بثقله فوق كاهل هذه المدينة ، التي لاذنب لها إلا وجودها بيد داعش ، واتخذها الأخير كمركز شكلي لإدارة خلافته .

اليوم في البرلمانات و رؤساء الدولة و الحكومات ، وفي قاعات الإجتماعات العسكرية ، لاحديث إلا أن الرقة و ضرورة إنهائها ، و إزالتها عن الخارطة مهما كل الأمر .

روسيا و أمريكا و خلفها 63 دولة ، الجميع لاهث ليصب جام حممه فوق المدينة لما تحويه من مدنيين ، لا ملاذ لهم ، فهو محاصرين بالنار ، وموجودون داخل النار ، فلا إمكانية للخروج منها ، ولا مجال للحياة فيها ، فالوقت يمضي فيها كمن يرى الموت قادماً ، ويقبض الأرواح ، فلا مناص إلا بالإنتظار .

في المقابل داعش تمارس غيّها ، وجنونها ، تبث صوراً للحياة الطبيعية ، (كحملة مناهضة ولو كاذبة) ، وتهدد عواصل العالم من داخل المدينة التي أخلوها من قياداتهم و مراكزهم ، و باتوا مع الجالسين يتابعون مع المتابعين ما يحصل مع المدنيين ، وكل ما هدء القصف ، يعيدون إشعاله بتسجيل أو بمفرقعة هنا أو هناك ، لينضم سرب جديد إلى الأسراب القاصفة ، لتبدء عمليات الصراخ "لك الله أيتها الدولة المظلومة" .

ففي الرقة سكان و مدنيين ، يعانون من كل أصناف و أنواع الإرهاب ، وكل أنواع الموت تحت ذرائع دينية و سياسية و إقتصادية ، و لا ذنب لهم إلا أنهم من الرقة و قرروا البقاء ، في مكان يسعى الجميع للتمدد و التقليص انطلاقاً منه ، لك الله أيتها "الرقة" المظلومة ....

اقرأ المزيد
٢٦ نوفمبر ٢٠١٥
17 ثانية غيرت قواعد المواجهة في سوريا

17 ثانية مجنونة أو ربما محسوبة وضعت العالم على شفير واحدة من أخطر الأزمات، إلى حد أن بعض الناس بدأوا يتحدثون عن مقدمات حرب عالمية ثالثة، وإن كان هذا الاحتمال يبدو ضعيفًا حتى الآن. فوفقًا للرسالة التي بعثت بها تركيا إلى الأمم المتحدة لإبلاغها بتفاصيل واقعة إسقاط الطائرة الحربية الروسية على الحدود السورية – التركية فإن طائرتين روسيتين من طراز «سوخوي 24» دخلتا المجال الجوي التركي بعمق 1.36 ميل ولمدة 17 ثانية، وإن تركيا حذرت الطائرتين أكثر من عشر مرات قبل أن تقوم طائرة «إف 16» تركية بإطلاق صاروخ أسقط إحداهما في منطقة جبلية داخل الحدود السورية.
هذه الثواني القليلة ستكون لها تداعيات كبيرة، فهذه هي المرة الأولى منذ خمسينات القرن الماضي التي يسقط فيها بلد عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) طائرة روسية. كما أن إسقاط الطائرة الحربية جاء في وقت عادت فيه أجواء الحرب الباردة تلبد الأجواء بين الغرب وموسكو، وبينما روسيا بوتين لا تزال تحت تأثير صدمة وضغوط إسقاط طائرة الركاب في سيناء نهاية الشهر الماضي نتيجة انفجار قنبلة وضعت داخلها وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدا غاضبًا أول من أمس وهو يحذر من أن روسيا لن تغمض عيونها «إزاء جرائم مثل تلك التي ارتكبت اليوم»، وذلك في إشارة إلى إسقاط الطائرة الحربية ومقتل طياريها أو أحدهما أثناء أو بعد هبوطهما بالمظلات إثر إصابة الطائرة بالصاروخ التركي. بوتين وصف الواقعة أيضًا بأنها «ضربة لنا من الخلف من قبل شركاء الإرهابيين»، موجهًا بذلك اتهامًا صريحًا إلى حكومة رجب طيب إردوغان بأنها داعم وشريك «للإرهابيين» في سوريا.
وعلى الرغم من إعلان حلف الناتو تضامنه مع أنقرة، وإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تركيا مثل كل الدول لها الحق في حماية أجوائها وحدودها، فإن اللهجة الطاغية من الدول الغربية كانت هي الدعوة لوقف التصعيد وانتهاج الوسائل الدبلوماسية لمعالجة الأزمة، وحث أنقرة على التواصل مع موسكو لتدارك الأمور ومنعها من التدهور إلى مواجهة عسكرية أكبر. فهناك توقعات واسعة بأن موسكو سترد بعمل ما ضد تركيا، ويبقى الأمر متوقفًا بعد ذلك على حجم هذا العمل وما إذا كانت حكومة إردوغان ستعتبر الأمر منتهيًا بذلك، أم أنها ستصعد مرة أخرى وتضع حلف الناتو أمام امتحان عصيب، والعالم على شفير مواجهة خطرة.
تركيا على ما يبدو كانت متربصة ومتأهبة منذ التدخل العسكري الروسي المباشر في الأزمة السورية وبدء موسكو غارات جوية على مواقع تنظيمات سورية معارضة تدعمها أنقرة علنًا أو سرًا. فقبل يوم واحد من إسقاطها للطائرة الحربية الروسية طالبت حكومة إردوغان روسيا بوقف غاراتها على مواقع التركمان في سوريا الذين يشكلون أحد فصائل المعارضة السورية وتدعمهم تركيا معنويًا وعسكريًا وسياسيًا من منطلق الروابط الإثنية ومن واقع حساباتها الاستراتيجية في الأزمة السورية. وكانت أنقرة قد دعت أيضًا الأمم المتحدة لعقد اجتماع لبحث القصف الروسي «للمدنيين» في المناطق التركمانية السورية. فمثلما دعمت التركمان في العراق قبل ذلك، تقدم أنقرة دعمها اليوم لتركمان سوريا، وقد تفكر أنه إذا تفككت سوريا في إطار الصراع الداخلي، والطائفي، والإقليمي، والدولي، الدائر على أراضيها وحول مستقبلها، فإن التركمان السوريين سينسلخون بأراضيهم للانضمام إلى تركيا لتضيف بذلك أراضي جديدة إلى تبعيتها بعدما انتزعت في الماضي منطقة لواء الإسكندرون من سوريا.
فإذا كانت لروسيا حساباتها في الأزمة السورية، فإن أنقرة لديها أيضًا حساباتها وتلعب دورًا مباشرًا فيها، سواء على صعيد التركمان، أو في موضوع الأكراد، وقصف مواقع حزب العمال الكردستاني، أو على صعيد المطالبة برحيل الأسد، ودعم تيارات معينة في المعارضة السورية. وبسبب ملابسات وتعقيدات دورها واستراتيجياتها في سوريا فقد تعرضت حكومة إردوغان لانتقادات حتى من «حلفائها» في الغرب الذين اتهموها بتسهيل مرور الملتحقين بـ«داعش»، أو بإغماض عينيها عن تهريب «الدولة الإسلامية» المزعومة للنفط من سوريا عبر أراضيها. الرئيس الروسي كرر هذه الاتهامات لتركيا أول من أمس عندما اعتبرها «شريكة للإرهابيين» وداعمًا لـ«داعش»، ملمحًا إلى أن استهداف أنقرة لطائرة «سوخوي» كان عملاً انتقاميًا بعد قيام الطائرات الروسية بشن غارات مكثفة على خطوط التهريب التي يستخدمها «داعش» لنقل النفط وبيعه عبر الأراضي التركية.
في ظل ازدحام الأجواء السورية بالمقاتلات والأجندة المتباينة، فإن وقوع حادثة أو مواجهة من نوع ما، ربما كان متوقعًا، لكن السؤال المقلق: إلى أين ستتجه الأمور من هنا؟ هناك مساعٍ محمومة لمنع انفلات الأمور بعد إسقاط المقاتلة الروسية، لكن قواعد اللعبة والمواجهة تغيرت حتمًا ودخلنا منعطفًا خطيرًا. وللأسف فإن اتفاق فيينا ومساعي الحل في سوريا، أول الضحايا، مما يعني استمرار المعاناة للسوريين.

اقرأ المزيد
٢٦ نوفمبر ٢٠١٥
سوريا: مرحلة خطرة

الحادث الأخير على الحدود بين سوريا وتركيا والذي أدى إلى إسقاط مقاتلة روسية لن يشكل الشرارة الأولى لحرب قد تقع بين روسيا وتركيا، ولن يكون مقدمة لمواجهة بالواسطة بين الشرق والغرب تستعيد فيها نموذج حرب الكوريتين في منتصف القرن الماضي، ولا تستعيد نموذج فيتنام. فالصوت الروسي العالي النبرة تعود جذوره الى تلك الصورة التي اجتهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبنائها على مر السنين الماضية. فقد عمل بجهد جهيد على محاولة استعادة صورة “الاتحاد السوفياتي” السابق وزرعها بلباس امبراطوري قيصري جديد بما ينسي الروس سنوات “المهانة” الوطنية والقومية التي عاشوها اثر سقوط الاتحاد السوفياتي بنهاية ثمانينات القرن الماضي. عمل فلاديمير بوتين بمنهجية عالية على بناء صورة روسيا “القوة العالمية” التي توازي الولايات المتحدة وتقارعها، وتقف أمامها أو بمواجهتها بندية شبيهة بما كان حاصلاً أيام الاتحاد السوفياتي السابق. وقد نجح بوتين الى حد ما في رسم صورة جديدة لبلاده تظهرها كقوة دولية جدية توحي بالخوف في جوارها الاقليمي، وتؤخذ على محمل الجد عند نشوب ازمات تعنيها مباشرة، أو تعني أمنها القومي. حصل هذا في الحرب المحدودة التي نشبت بين روسيا وجورجيا سنة ٢٠٠٨ حول جمهورية ابخازيا القوقازية، وحصل أيضاً بشكل أكثر عنفاً وعدائية مع اوكرانيا واحتلال شبه جزيرة القرم، ودخولها غير المباشر في حرب شرق اوكرانيا. في المرتين لم تواجه روسيا بردة فعل موازية من الغرب الذي تدخل في المرة الأولى كوسيط، واكتفى في المرة الثانية بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو.

في بداية شهر تشرين الأول المنصرم اقدمت روسيا للمرة الثالثة في عهد بوتين على خوض مغامرة عسكرية – ديبلوماسية في سوريا. وفي الأسابيع الأولى شكل تدخلها بالطيران العسكري، وبإنزال عدد محدود من القوات وذلك تحت عنوان محاربة تنظيم “داعش” والارهاب بشكل عام، صدمة على أرض المعركة في سوريا، واعاد خلط الأوراق بالنسبة الى مشاريع الحلول التي ركزت منذ ٢٠١٢ على كيفية إخراج بشار الأسد من المعادلة.
منذ بدء التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا، يعمل بوتين بقوة لتغيير المعادلة على الأرض من خلال دعم محاولات استعادة قوات بشار الأسد والميليشيات الطائفية التابعة لايران الأرض التي خسروها، بما يعيد رسم مشهد جديد في سوريا يقوم على التسليم ببقاء الأسد، ومنع اقامة منطقة آمنة في الشمال مع تركيا، وضرب فصائل المعارضة المسلحة تمهيداً للجلوس إلى طاولة مفاوضات يكون فيها محور موسكو – طهران – بشار قادراً على فرض الحل الذي يراه مناسبا.
والسؤال كيف سترد انقرة، وهل تقدر أن تعتمد على حلفائها في حلف “الناتو” ولا سيما على الولايات المتحدة، وتحديداً إدارة الرئيس باراك أوباما الضعيفة تعريفا؟ إنها مرحلة محفوفة بالأخطار.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٢٤ يناير ٢٠٢٥
دور الإعلام في محاربة الإفلات من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني - مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)