سورية أرض تجارب؟
كشف القيصر الروسي أخيراً حقيقة مفزعة وصادمة حين قال: «لقد اختبرنا أسلحة حديثة في سورية، وتأكد لدينا تفوقها وفاعليتها على أرض الواقع». لقد اعترف الرئيس بوتين بنفسه، بأحد أهم أسباب تدخله في سورية، إضافة الى الأسباب الأخرى المعروفه، ومنها إبراز قوة روسيا، وتأكيد وجودها على الساحة الدولية، ومواجهة أعدائها، على حساب دماء الشعب السوري وأمنه، والجميع يعلم جيداً أنه لولا تدخل روسيا المباشر وغير المباشر في هذا البلد، واستخدامها المتكرر الفيتو في الأمم المتحده لمواجهة كل القرارات الدولية التي تدين النظام وحلفاءه، في محاولة منها لإنهاء هذه المأساة التي تتفجر في كل يوم وساعة، عن ألف مأساة ومأساة، لكانت الأوضاع فيها غير ما هي عليه الآن، ولما بلغ حجم الدمار هذا الحد الفظيع والمروع.
من المؤلم والموجع أن يتناول جميع المحللين والمراقبين الدوليين، ومن ضمنهم عرب، الجوانب الأخرى في خطاب القيصر الروسي، من دون التطرق الى اعترافه الخطير هذا وفضيحته المدوية، وحتماً سيأتي في يوم ما من ينصف الشعب السوري ويقدم كل من شارك في استمرار مأساة العصر هذه إلى المحاكم الدولية لينال جزاء ما اقترفه بحق الشعب السوري. وسيكون لهذا الاعتراف الصريح أهميته ودوره في إحقاق الحق ودحر الباطل.
الشعب السوري ليس حقل تجارب، وهذا شأن داخلي ليس لأحد حق التدخل فيه، سواء كان من الدول الكبرى أم الإقليمية، وعلى الكل أن يغادر سورية كي يلتقي أهلها بعضهم مع بعض، ويتفقوا على صيغة ما لوقف نزف بحور الدماء هذه التي تواصلت لسبعة أعوام، وبات أكثر من نصف أبنائها بين قتيل وجريح ولاجئ ومهجّر.
حتى الهدنه الأخيرة تم الالتفاف عليها من قبل الرئيس الروسي، ولم تحقق أهدافها الحقيقية. ويبدو أن الوضع سيستمر على ما هو عليه من تعقيد وسط أزمات دولية، خصوصاً أن في الجانب الآخر من الكرة الأرضية زعيماً كبيراً آخر لم ينجح في وضع حلول منصفة وعادلة، لأي كارثة من كوارث العالم المتفجرة.