تفرقوا على أرض الغوطة حين حاجتها لوحدتهم وجمعتهم المصالح
لطالما عول أهالي الغوطة الشرقية طيلة سنوات الحصار التي عاشوها بكل مرارتها وضيمها على اتفاق أكبر فصيلين عسكريين شرقي دمشق ممثلين بـ "جيش الإسلام وفيلق الرحمن" إلا أن الفرقة كانت السمة الغالبة رغم كل الوساطات والمناشدات.
كان الاقتتال الداخلي بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن لأشهر طويلة في الغوطة الشرقية الدور الأول في تقسيمها لقطاعات من قبل الفصائل قبل أن يقسمها النظام، فكانت السواتر والحواجز الترابية تقطع أوصال الغوطة الشرقية وكل فصيل يتربص بالأخر، وسط معاناة مريرة عايشها المدنيون في كلا مناطق سيطرة الطرفين ولا معيل لهم.
ورغم كل القصف والجوع والتجويع الذي مورس بحق أهالي الغوطة الشرقية والاستغلال الذي مارسته الفصائل التي تملكت الأنفاق للتجارة وإدخال المواد الغذائية بأسعار باهظة، هذا عدا عن القوى الأمنية لكل الفصيلين التي سلطت على رقاب المدنيين ومارست بحقهم أنواع من التضييق والاعتقال ورغم كل الدماء التي سالت لم تجمع بين قادة الفصيلين لأجل أبناء الغوطة، ولم يفتي أي من مشرعيهن بحرمة الدماء في فسطاط المسلمين أو ضرورة التوحد لمواجهة حملات النظام لاسيما الأخيرة منها بقي كل قائد فوق عرش سلطته لم يتنازل للأخر.
يضاف لذلك سلسلة الحملات الإعلامية والحرب المستعرة بين "مرقعي" الفصيلين من النشطاء والمناصرين، كلاً يؤيد فصيله ويناصره على ظلمه وفرقته وطعنه في الفصيل الأخر، تصاعدت هذه الحملات مع خروج أول قافلة لفيلق الرحمن من الغوطة الشرقية باتفاق مع روسيا، وبات التخوين القديم الجديد سيد الموقف فيمن باع ومن سلم ومن خان وترك المدنيين لمصيرهم بعد كل هذا الصمود.
لم تجمعهم أرض الفسطاط وجمعتهم قوافل التهجير، ولم تجمعهم عذابات وأنات المدنيين طيلة سبع سنوات مضت وجمعتهم أرض الشمال السوري التي هجروا إليها بعد أن سلموا سلاحهم وباتوا يسعون لبناء كياناتهم وعروشهم التي خسروها من جديد، فكان لابد من الاجتماع لأن في الاجتماع اليوم مصلحة مشتركة بحسب متابعين.
قرابة ألف شاب من أبناء الغوطة الشرقية أزهقت دمائهم بفتاوى مشرعيهم وإصرارهم على الصراع والقتال وتقاسم النفوذ والمصالح، ضاعت اليوم هذه الدماء، إضافة لألاف المدنيين من الشهداء والجرحى قدمتهم الغوطة الشرقية خلال سنوات الحصار، فمن يوفي هؤلاء حقهم ومن يعيد ديار من هجر من أرضه، ومن تحمل الجوع والحصار وكابد لينتهي بالتهجير قسراً بتخاذل الفصائل عن حمايته وتسليم سلاحهم محتجين بحماية المدنيين.
الصورة المتداولة اليوم في مقر لواء المعتصم بريف حلب الشمالي والتي تجمع كلاً من قائد جيش الإسلام "عصام بويضاني" وفيلق الرحمن "عبد الناصر شمير" كانت اشد إيلاماً على مهجري الغوطة الشرقية ونشطائها وقعاً من التهجير وكل العذاب والموت الذي لاقوه، لاقت الصور حالة سخط وانتقاد شديدة فهم اليوم يلتقون وربما يتوحدون ولكن بعد ماذا ....!؟