اختبار صعب ينتظر النظام الإيراني
ينشط المسؤولون الإيرانيون مؤخرا في الإكثار من التصريحات التي تشدد على مخاطر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني.
ولا تقف هذه التصريحات عند حدود التحذير من التداعيات، بل تركّز أيضا على وجود خيارات إيرانية للرد على مثل هذه الخطوة.
تتراوح الخيارات الإيرانية وفقا للتصريحات الرسمية من الرد المحدود إلى الرد المفتوح، وذلك اعتمادا على طبيعة الخطوة الأمريكية والأضرار التي ستُلحقها بالجانب الإيراني.
الرئيس الإيراني حسن روحاني كان قد صرّح مؤخرا بأنّ "طهران لن تكون البادئة بنقض الاتفاق النووي، لكن على واشنطن أن تعلم يقينا بأنّها ستندم إذا ما كانت هي البادئة".
وفي نفس السياق، نقلت "رويترز" عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قوله "إيران لديها خيارات عدة إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، رد فعل طهران على انسحاب أمريكا من الاتفاق سيكون مزعجا"، مضيفا بانّ هذه الخيارات جاهزة للتنفيذ وأنّ المسؤولين الإيرانيين سيتّخذون القرار المناسب في الوقت المناسب.
وفقا للمسؤولين الإيرانيين، فان من بين الخيارات المطروحة الانسحاب من الاتفاق والانسحاب من البروتوكول الإضافي لمنع الانتشار النووي، واستئناف الأنشطة النووية بسرعة.
رئيس منظمة الطاقة الإيرانية علي أكبر صالحي كان قد هدد بمتابعة الأنشطة النووية الإيرانية بشكل كامل.
في تحليل ردود الأفعال، يبدو الجانب الإيراني أكثر توترا، وذلك لأنّ الحكومة الإيرانية تقع تحت ضغوط متزايدة داخليا وخارجيا.
على الصعيد الداخلي، ينتظر المتشددون فشل الحكومة التي سوقت لنفسها من خلال الاتفاق النووي وذلك للانقضاض عليها، كما أن توقعات الجمهور الإيراني بدأت بالتراجع مع عدم ترجمة الاتفاق النووي إلى منافع اقتصادية تستفيد منها العامة.
على الصعيد الخارجي، يزداد الضغط الإسرائيلي مؤخرا وسط تهديدات قد تصل إلى حد استهداف مواقع داخل غيران بعد أن زادت تل أبيب من وتيرة استهدافها للمواقع الإيرانية في سوريا.
يبقى التحدّي الأكبر في هذه المرحلة بطبيعة الحال هو مواجهة الضغط الذي يحاول الرئيس الأمريكي ممارسته على طهران من خلال التهديد بالانسحاب من الاتفاق النووية. ومن المتوقع أن يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن في شهر مايو القادم، الأمر الذي يتطلب حسابات دقيقة من الجانب الإيراني.
موقف الرئيس الفرنسي مؤخراً أثار عددا من التساؤلات حول مدى تماسك الجبهة الأوروبية فيما يبدو ترامب عازماً على تفتيتها.
وبالرغم من تأكيدات المسؤولين الإيرانيين على استعدادات النظام للرد على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، إلا أن السيناريو الأفضل -والذي يتمناه ربما- هو المماطلة على الأقل لبضعة سنوات قادمة إلى أن يتم تغيير ترامب، لكن لا يبدو أن الرئيس الأمريكي بصدد إعطاء إيران مثل هذه الفرصة.
مؤخرا أبدى وزير الخارجية الإيراني، انفتاح طهران على إجراء مفاوضات لمبادلة سجناء مع الولايات المتحدة إذا ما أظهرت إدارة الرئيس الأمريكي تغييرا في سلوكها على حد قوله. مثل هذا الموقف هو مؤشر على استعداد إيران لفتح خطوط اتصال وللجلوس على طاولة مفاوضات ليس حول الاتفاق النووي، على الأقل في البداية.
إذا ما تمّ إهمال الطرح الإيراني، فستكون طهران مضطرة أيضا للمراهنة على عدد من المعطيات الخارجية لعل أهمها رفض روسيا والصين للخطوة الأمريكية المحتملة، بالإضافة إلى تعويلها على تماسك الموقف الأوروبي الرافض للانسحاب من الاتفاق النووي.
لكنّ موقف الرئيس الفرنسي مؤخرا أثار عددا من التساؤلات حول مدى تماسك الجبهة الأوروبية فيما يبدو ترامب عازما على تفتيتها.
في جميع الأحوال، تخضع الحكومة الإيرانية لاختبار صعب، ولا تبدو في موقف جيّد هذه المرّة، لكن وكما كانت اللعبة دوما مع المجتمع الدولي، فان ايران لا تعتمد على خطواتها فقط، وإنما تحقق أكبر قدر من المكاسب من خلال استغلال تفرّق خصومها وتناقضهم وكثرة الأخطاء التي يرتكبونها.