الأحد عشر.. أعوام الثورة وإخوة يوسف
ما أحوجنا بعد مرور أحد عشر عاماً على انطلاق الثورة السورية أن نتذكّر سيرة أحد عشر أخاً ليوسف علّها تكون موقظةً لنا من عميق سبات.
لم يكن هؤلاء الإخوة أيّ إخوة، بل كانوا إخوةً في أرفع البيوت مكانةً وأنفسها معدناً، في بيتِ النّبوّة السّامي، أظهروا لأبيهم حبّهم لأخيهم و حرصهم عليه ، وأنّهم العصبةٌ الكبيرة التي تدفع عنه و تحميه من المهالك، ولكنّهم في حقيقة أمرهم كانوا هم الخطر عينه على يوسف والمهلكة ذاتها .
• لم تكن عداوة إخوة يوسف له نابعة من الإيديولوجيا أو الحزب ولا مِن القومية أو العِرق، لكنّها كانتْ من عامل يبدو هيّناً وهو في حقيقته خطيرٌ عظيم مُهلك، ذلكم هو داء القلوب الأخطر المتمثّل في حسدها القاتل وحبّها للمكانة والرياسة والصدارة، هذا الداء الذي يحمل الأخ على ارتكاب أكبر المحرمات لإقصاء أخيه أو قتله.
•لاريب َأنّ أعداء الثورة السورية ارتكبوا ضدّ أبنائها أفظع الجرائم ونكّلوا بهم أفظع التنكيل لأجل إخمادها، لكنّ هذا لم يكن الأخطرَ عليها والأضرّ بها ، بل كان خلاف الإخوة وشدّة بأسهم بينهم هو الأخطر والأهلك والأمضّ، ذلك الخلاف الذي بلغ حدّ الاغتيال، ولا أقصد بالاغتيال فقط المعنى المتبادر إلي الذهن وهو القتل وإزهاق النفس، فتلك جريمة _رغم فداحتها _تستهدف الأجساد فقط، ولكن هو الاغتيال بمعناه الأعمّ الذي يشمل الاغتيال الإعلامي والاغتيال الفكري والاغتيال الأخلاقي والاغتيال النفسي، حتى يصير فارسنا مذبوحاً، وكريمناً مفضوحاً، وهذه هي الاغتيالات الممنهجة التي تميت الهمم وتفتك بالأمم.
•حقّاً لقد كان في يوسف وإخوته آياتٌ للسائلين، وما أجلّها وأعظمها من آيات!
إنها آيات تقول لنا إنّ المنتصر في حرب الإخوة هذه ليس الحاسد الكائد، ولكنّه يوسفيّ القلب، الذي إذا رأى إخوته وقد مسّهم الضّر ووقفوا أمامه موقف السائل المحتاج، لم يحتمل قلبه مشهد بؤسهم ساعة، ولم يرض لهم الذل والمهانة، بعد أن أوردوه موارد الموت والهلكة، ولم يكسر خواطرهم بكلمة جارحة، ولم يحرجهم حتّى بكلمة عتاب ، بل عفا دونما لوم وسامح دونما مَنّ، وكانَ لإخوته غياثاً وحصناً وعوناً وأمنا.
• فيا أيها الإخوة الثائرون وقد طال الطريق، الناشدون للنصر وقد عزّ الصديق : أعيدوا قراءة "أحسن القصص" لتعلموا لمن يكون العزّ والتمكين والتوفيق.