كشف موقع "المونيتور" عن تطورات جديدة تتعلق بالتواصل الأمريكي مع "قوات سوريا الديمقراطية"، وتحرّكات تركية لفتح قنوات حوار مباشرة معها عبر العاصمة السورية دمشق.
ونقل الموقع عن مصدرين مطلعين أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا " توماس باراك"، أجرى يوم الخميس مكالمة هاتفية من دمشق مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، أبلغه خلالها باستمرار الدعم الأمريكي لقواته في مواجهة تنظيم داعش، كما حثه على مواصلة المسار الدبلوماسي لخفض التصعيد بين "قسد" وتركيا.
وفي السياق ذاته، أفاد "المونيتور" نقلاً عن مصادر إقليمية مطلعة أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أو رئيس جهاز الاستخبارات التركي، عرضا عقد لقاء مباشر مع مظلوم عبدي في دمشق، في مؤشر على تحوّل محتمل في المقاربة التركية تجاه الملف الكردي في سوريا.
وأضافت المصادر أن اللقاء المرتقب بين عبدي وكبار المسؤولين الأتراك سيكون مرتبطاً بنتائج المحادثات التي كان مقرراً انطلاقها اليوم في دمشق، بين وفد كردي سوري وأعضاء من الحكومة السورية المؤقتة، في محاولة لبحث مستقبل العلاقة بين الطرفين ضمن إطار تفاهمات إقليمية أوسع.
نقلت وكالة "فرانس برس" عن بدران جيا كرد، القيادي الكردي البارز، أن لجنة تمثل مختلف الأحزاب الكردية في شمال وشرق سوريا تستعد للتوجه إلى العاصمة دمشق، بهدف مناقشة ملف تثبيت الحقوق القومية والسياسية للكرد في الدستور السوري الجديد.
وأكد جيا كرد أن اللقاء المرتقب يأتي ضمن سلسلة من الحوارات الجارية مع الحكومة السورية، واصفاً هذه المحادثات بأنها "صعبة ومعقدة"، بالنظر إلى الملفات العالقة وطبيعة التفكير المركزي الذي يطغى على إدارة شؤون البلاد.
وأضاف: "المضي في معالجة القضايا الحساسة بدون قبول مبدأ الشراكة الحقيقية وتوزيع الصلاحيات بين المركز والمناطق يجعل من عملية التفاوض بطيئة ومثقلة بالعقبات"، مشدداً على أن اللامركزية السياسية والتعددية في إدارة النظام هي من أبرز المطالب التي لا يمكن التنازل عنها.
وأشار جيا كرد إلى أن النموذج الأمثل لسوريا المستقبل يتمثل في "دولة لا مركزية، تعددية، ديمقراطية"، قادرة على تمثيل التنوع المجتمعي وإدارة فسيفساء المكونات الوطنية بشكل منصف وشامل.
وختم بالقول: "لا يمكن إدارة مجتمع متنوع كسوريا بنظام يحتكر كل السلطات ويرفض الاعتراف بخصوصية المناطق ومكوناتها. نحن نريد شراكة حقيقية تعكس واقع البلاد وتؤسس لنظام سياسي مستدام".
وسبق أن قال السياسي الكردي البارز آلدار خليل، عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي، إن الأحزاب الكردية السورية تستعد لإرسال وفد إلى دمشق خلال الفترة المقبلة، بهدف استئناف المفاوضات حول مستقبل مناطق شمال شرق سوريا، وتحقيق تطلعاتها بالحصول على إدارة ذاتية رسمية ضمن إطار الدولة السورية.
لطالما كانت حفلات التخرج في أي مكان حول العالم لحظات مميزة، احتفالاً بإنجاز سنوات من الجد والمثابرة، ولكن في سوريا، كانت هذه اللحظات تحمل أكثر من مجرد فرحة شخصية، فهي مرآة تعكس تاريخاً من الألم والمعاناة، خصوصاً خلال سنوات حكم النظام السوري بقيادة بشار الأسد، الذي كان العقبة الأكبر أمام حلم الحرية والعدالة.
التعليم في ظل الحرب: تحديات بلا حدود
خلال سنوات الحرب التي دامت لأكثر من عقد، واجه طلاب سوريا ظروفاً قاسية وغير مسبوقة. كانت المدارس والجامعات في مناطق كثيرة تتحول إلى ساحات قتال أو مراكز اعتقال، بدلاً من أن تكون بيئات تعليمية. آلاف الطلاب تعرضوا للاعتقال بسبب نشاطاتهم أو حتى لمجرد تواجدهم في أماكن الدراسة.
كثيرون فقدوا أعز سنوات عمرهم في السجون، أو اضطروا إلى التهجير واللجوء، مما حرمهم من مواصلة تعليمهم، وقطع عليهم طريق المستقبل. ملايين الشباب السوريين تعرضوا لتجربة الانقطاع القسري عن الدراسة، ولم يتمكنوا من نيل شهاداتهم أو تطوير مهاراتهم، الأمر الذي كان سبباً في انعدام الأمل لدى الكثيرين منهم.
كما كانت البنية التحتية للتعليم مدمرة في الكثير من المناطق، مع نقص في الكوادر التعليمية والمواد الدراسية، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي وشح الموارد. في ظل هذه الظروف، كان الاستمرار في التعليم أمراً صعباً للغاية، لكنه لم يكن مستحيلاً. بعض الطلاب استمروا رغم كل شيء، محافظين على حلمهم بالتعليم وبناء مستقبل أفضل.
سقوط النظام: ميلاد فرحة مزدوجة
مع سقوط النظام السوري الذي دمر أحلام أجيال، تغيرت المشاعر والواقع بشكل جذري. لم تعد حفلات التخرج مجرد احتفالات تقليدية، بل صارت مناسبات مزدوجة بالفرح، إذ تحمل فرحة النجاح الأكاديمي مع فرحة التحرير من القمع والاستبداد. الآن، يشعر الخريجون بأن شهاداتهم ليست فقط ورقة تثبت إنجازاً علمياً، بل هي سلاح في معركة إعادة بناء وطنهم الذي طالما حلموا به.
أصبح التعليم حافزاً قوياً للشباب الذين انقطعوا عن دراستهم في سنوات الحرب، حيث أُتيحت لهم الفرصة للعودة إلى المقاعد الدراسية، لاستكمال تعليمهم وتحقيق طموحاتهم. هذه العودة ليست مجرد استكمال لمسيرة دراسية، بل هي استعادة للكرامة والحق في مستقبل أفضل.
التخرج بعد التحرير: بداية جديدة ومسؤولية عظيمة
الآن، يحمل الشباب السوريون شهاداتهم بشعور مختلف تماماً. فهم يدركون أن مستقبلهم ومستقبل بلدهم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يمتلكونه من معرفة وخبرة. التخرج لم يعد نهاية لمشوار دراسي فقط، بل هو بداية لمرحلة بناء سوريا جديدة، سوريا الحرية والكرامة.
الشباب السوري بعد التحرير لا يسعون فقط إلى النجاح الشخصي، بل لديهم هدف أسمى وهو استخدام شهاداتهم وخبراتهم في إعادة إعمار بلدهم، والمساهمة في بناء مجتمع حر وعادل. هذه المرحلة الجديدة تحمل معها آمالاً كبيرة ومسؤوليات جسيمة. فالشباب السوري يدركون أن المعرفة التي اكتسبوها هي أداة أساسية لتحقيق التغيير، وبناء مؤسسات قوية، وإرساء قواعد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
قصص من أرض الواقع
الكثير من الخريجين يحملون قصصاً شخصية مؤثرة، من بين هؤلاء من قضى سنوات في السجن بسبب مواقفهم ضد النظام البائد، ومنهم من اضطر إلى التوقف عن الدراسة بعد أن دُمرت مدينته أو فقد عائلته في الحرب. لكن الآن، وبفضل التحرير، عادوا إلى مقاعد الدراسة، ليستكملوا ما بدأوه، ويسطروا بفخر صفحات جديدة في حياتهم، صفحات مليئة بالأمل والإصرار.
كشفت وكالة "رويترز" أن روسيا كثّفت عمليات تصدير النفط الخام إلى سوريا عبر شحنات قادمة من القطب الشمالي، في خطوة تؤكد استمرار التعاون النفطي بين البلدين، رغم العقوبات الغربية، حيث بلغ إجمالي ما تم توريده حتى الآن منذ بداية العام نحو 2.6 مليون برميل.
وبحسب ما نقلته الوكالة عن مصادر في قطاع الطاقة وبيانات صادرة عن مجموعة بورصات لندن، فإن روسيا عززت صادراتها من ميناء مورمانسك في المنطقة القطبية الشمالية إلى ميناء بانياس السوري، في إطار إمداد سوريا بالوقود اللازم لتشغيل مصافيها النفطية.
وأوضحت "رويترز" أن سوريا تمثل لروسيا موقعاً استراتيجياً في الشرق الأوسط، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل أيضاً كمحطة لتمرير الصفقات التجارية والطاقة، في وقت تواجه فيه موسكو ضغوطاً متزايدة على مستوى علاقاتها النفطية العالمية.
وبينت البيانات أن ناقلة النفط "ميتزل"، الخاضعة لعقوبات أميركية، أبحرت من ميناء مورمانسك وعلى متنها نحو 140 ألف طن من النفط، وهي تتجه حالياً نحو ميناء بانياس، الذي استقبل منذ بداية العام عدة شحنات مشابهة.
وأظهرت بيانات تجارية أن الناقلتين "سكينة" و"أكواتيكا" أتمّتا عمليتي شحن مماثلتين إلى سوريا خلال شهر آذار الماضي، فيما لحقت بهما الناقلة "سابينا" في نيسان، ضمن مسار شحن منسّق ومتواصل.
كما أفادت بيانات تتبع الشحنات أن ناقلة "أكواتيكا" انطلقت من مورمانسك بداية آذار محمّلة بنحو 680 ألف برميل من خام "نوفي بورت"، في حين وصلت "سابينا"، التي يبلغ وزنها أكثر من 158 ألف طن، إلى بانياس في 16 من آذار، وهي تحمل ما يقارب مليون برميل من النفط.
وتأتي هذه الشحنات ضمن مساعٍ روسية لدعم سوريا بالنفط، والحفاظ فيه على علاقات ودية مع الحكومة الجديدة في سوريا، في وقت تواصل فيه دمشق محاولات تأمين مصادر الطاقة بعد سنوات من الحصار والعقوبات.
أعلن وزير الدفاع في الجمهورية العربية السورية، اللواء المهندس مرهف أبو قصرة، عن قرب صدور لوائح جديدة تُحدد قواعد السلوك والانضباط في صفوف القوات المسلحة، وذلك ضمن جهود وزارة الدفاع لترسيخ ثقافة عسكرية جديدة تليق بجيش وطني يحمي الشعب ويدافع عن السيادة.
وفي تغريدة نشرها عبر منصة "X"، شدد اللواء أبو قصرة على أن الجندية ليست مجرد وظيفة بل "رسالة سامية ومسؤولية وطنية كبرى"، موضحاً أن "تصرفات أي عنصر في الجيش تنعكس على المؤسسة العسكرية بأكملها"، مما استوجب إعداد لائحة شاملة توضح بدقة الواجبات والمحظورات التي يجب على كل منتسبي الجيش احترامها والالتزام بها.
وأضاف في تغريدة أخرى موجهة إلى أفراد الجيش والقوات المسلحة: "إن التزامكم الكامل بلوائح السلوك والانضباط – التي ستصدر بعد قليل – هو التعبير الأصدق عن الصورة الجديدة التي نعمل على ترسيخها في الجيش السوري"، لافتاً إلى أن هذه الصورة تأتي في مواجهة ما وصفه بـ"التشويه الذي ألحقه النظام البائد بالجيش، حين جعله أداة لقمع وقتل السوريين".
وأكد الوزير أن المرحلة الجديدة تقوم على تأسيس جيش منضبط، مسؤول، ومخلص لقيم الدولة المدنية الحديثة، يعمل بصفته "حامياً للشعب، ومدافعاً عن تراب الوطن، ومؤمناً بالانضباط كقيمة عليا". مشدداً على أن هذا الجيش سيكون مرآة حقيقية لما تطمح إليه سوريا الجديدة في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق.
قالت وزارة الدفاع السورية، إن الجندية ليست مجرد مهنة، بل هي شرف يحمل في طياته رسالة سامية ومسؤولية وطنية جسيمة، وحرصاً على تمثيل أفراد الجيش السوري الجديد بما يليق بمكانة الجمهورية العربية السورية وشعبها الأبي، تأتي هذه القواعد لتشكل ميثاقاً أخلاقياً وسلوكياً ينظم تصرفات كافة العسكريين على اختلاف رتبهم ومواقعهم، سواء في الميدان أو خارجه، في أوقات السلم كما في أوقات الحرب.
يهدف هذا الميثاق إلى ترسيخ قيم الانضباط، والالتزام، واحترام القانون، وصون الحق والحريات، لبناء جيش وطني محترف، تتمثل مهمته الأساسية في حماية الوطن والمواطن، والدفاع عن سيادة البلاد ووحدة التراب، والتصدي لكل ما يهدد الأمن والاستقرار.
- قيمنا الأصيلة:
- التمسك بالأخلاق الحميدة المتجذرة في المجتمع السوري جيلاً بعد جيل.
- الإيمان بأن الانضباط واحترام التسلسل العسكري أساس العمل العسكري المنظم.
- اعتبار الجيش عماد البلاد، ودرعها الحصين، وموضع ثقة الشعب، وأمله في الدفاع عن وحدته وسلامته.
- الواجبات الأساسية للعسكري:
1. الدفاع عن الوطن وسيادته ووحدة أراضيه.
2. التضحية بالنفس في سبيل أمن الوطن والمواطن.
3. حماية المدنيين، لا سيما الأطفال والنساء، في جميع الظروف.
4. الالتزام الدقيق بتنفيذ الأوامر المشروعة.
5. احترام الأنظمة والقوانين النافذة العسكرية منها والمدنية.
6. صون الممتلكات العامة والخاصة.
7. معاملة المواطنين بكرامة واحترام، دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون أو الانتماء.
8. مراعاة القواعد العسكرية ومعايير حقوق الإنسان في التعامل مع عناصر العدو (قتلى، أسرى، جرحى) وأثناء تنفيذ المهام.
المحظورات:
1. عصيان الأوامر العسكرية المشروعة.
2. التعدي بأي شكل من الأشكال على المدنيين.
3. الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة.
4. ممارسة أي شكل من أشكال التمييز بين المواطنين.
5. إطلاق شعارات أو مواقف تمس الوحدة الوطنية أو تحلّ بالسلم الأهلي.
6. إساءة استخدام السلطة لتحقيق مصالح شخصية.
7. إهانة الموقوفين أو المعتقلين خلال العمليات، ويجب تسليمهم إلى الجهات المختصة بكل احترام ووفق القانون.
8. إفشاء الأسرار العسكرية أو المعلومات الحساسة.
9. تصوير المواقع أو العمليات العسكرية دون إذن رسمي.
10. الإدلاء بأي تصريحات إعلامية أو نشر بيانات دون إذن من وزارة الدفاع.
11. الإخلال بالآداب والتقاليد الاجتماعية العامة في المجتمع الذي تعمل فيه القوات المسلحة.
ينطبق هذا الميثاق على كل من يرتدي الزي العسكري ضمن الجيش السوري الجديد، وتعد مخالفة أي من أحكامه خاضعة للمساءلة والمحاسبة وفق الأصول القانونية والقضائية المعتمدة.
وزير الدفاع مرهف أبو قصرة: نعيد بناء جيش وطني محترف بعقيدة تحمي الشعب لا تقمعه
وسبق أن أكد وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة، في مقابلة متلفزة، أن الوزارة تسير بخطى ثابتة نحو إعادة بناء جيش وطني محترف، يتبنى عقيدة عسكرية جديدة أساسها حماية الشعب السوري والدفاع عن سيادة البلاد، بعيدًا عن النموذج الذي أرسته الأنظمة السابقة القائمة على القمع والولاء الشخصي.
وأوضح أبو قصرة أن الوزارة التقت خلال الأشهر الماضية قرابة 130 فصيلاً عسكريًا في سوريا، وناقشت معهم الهيكلية الجديدة للجيش، وتمكنت من دمج جميع الفصائل تحت مظلة وزارة الدفاع، ضمن رؤية موحدة تضمن حصر السلاح بيد الدولة.
وأضاف: “لا مكان لأي جهة مسلّحة خارج سلطة الوزارة. نحن نعمل مع وزارة الداخلية لملاحقة فلول النظام السابق وضبط السلاح العشوائي ومنع أي تجاوزات على المواطنين”.
وفي سياق متصل، شدد الوزير على أن المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة تقوم على الاحتراف والتطوع، موضحًا أن “الجيش الذي نطمح إليه يجب أن يُبنى على أساس الكفاءة والانتماء، لا على أساس الإكراه أو الولاء السياسي”.
وأشار أبو قصرة إلى أن الوزارة بدأت بإعادة تأهيل الكليات العسكرية وتحديث مناهجها لتواكب التطورات الحديثة، كاشفًا عن خطة لاستيعاب الضباط المنشقين الذين لم يرتبطوا بفصائل مسلّحة، مشيرًا إلى أن القادة العسكريين في الثورة سيلتحقون بالكلية العسكرية قبل منحهم الرتب، تأكيدًا على معايير المهنية والانضباط.
وعن خطوات الاندماج، أكد الوزير أن مهلة الأيام العشرة التي أعلنتها الوزارة مؤخراً شهدت استجابة من بعض المجموعات الصغيرة، وتم استيعابها ضمن الجيش النظامي، في حين تتابع الوزارة إجراءاتها لاستكمال المشروع الأمني والعسكري الجديد.
واختتم أبو قصرة تصريحاته بالتأكيد على أن صورة وسمعة الجيش السوري السابق مشوّهة بسبب ما ارتكبه من جرائم بحق الشعب، وأن العمل جارٍ لترميم هذه الفجوة واستعادة ثقة المواطنين عبر نموذج مختلف تمامًا من المؤسسة العسكرية، يلبي تطلعات السوريين ويصون حقوقهم
أعربت الجمهورية العربية السورية عن ترحيبها بالقرار الصادر عن الحكومة اليابانية برفع العقوبات وتجميد الأصول المفروضة على أربعة مصارف سورية وطنية، هي: المصرف الصناعي، ومصرف الائتمان الشعبي، ومصرف الادخار، والمصرف التعاوني الزراعي.
ووصفت وزارة الخارجية والمغتربين السورية هذا القرار بأنه يمثل "خطوة إيجابية" على طريق تعافي سوريا من آثار الحرب، معتبرة أنه يعكس اتجاهاً دولياً متنامياً لدعم الاستقرار، ويمهّد لتوسيع أفق التعاون مع الدول الصديقة في مرحلة إعادة الإعمار.
وأشارت الوزارة إلى أن إلغاء العقوبات المفروضة على هذه المصارف من شأنه أن يسهم في تحفيز التعاون الاقتصادي والمالي بين سوريا والجهات الدولية، ويتيح فرصاً أوسع لتنفيذ المشاريع التنموية في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، الأمر الذي من شأنه التخفيف من الأعباء الاقتصادية على المواطن السوري وتعزيز سبل العيش الكريم.
وأكدت الخارجية السورية أن هذه المبادرة اليابانية تشكل خطوة مشجعة باتجاه الانفتاح والتعاون البنّاء، معربة عن أملها في أن تمثّل نقطة انطلاق نحو علاقات متجددة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين دمشق وطوكيو، وتُسهم في دعم مسار التنمية والسلام في سوريا.
اليابان تُعلن تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا ودعمها للمرحلة الانتقالية
أعلنت الحكومة اليابانية، اليوم الجمعة، عن قرارها تخفيف جزء من العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تأتي ضمن توجه دولي متزايد لدعم جهود إعادة الإعمار، وتعزيز الاستقرار في البلاد بعد سنوات من الحرب.
وشمل القرار الياباني إخراج أربعة بنوك سورية من قائمة تجميد الأصول، وفق ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم الحكومة، هاياشي، خلال مؤتمر صحفي أعقب اجتماعاً وزارياً، مؤكداً أن الخطوة جاءت بعد "مراجعة شاملة انطلاقاً من ضرورة تحسين الأوضاع المعيشية للسوريين المنهكين بسبب الأزمة الممتدة، ودعماً للمسارات الإيجابية داخل سوريا بالتعاون مع المجتمع الدولي".
جاء القرار الياباني بعد اجتماع وزاري رسمي، حيث أعلن المتحدث باسم الحكومة، هاياشي، رفع التجميد عن أصول أربعة بنوك سورية، وهي( المصرف الصناعي، مصرف الائتمان الشعبي، مصرف الادخار، المصرف التعاوني الزراعي)، ورغم هذا التخفيف، أكدت طوكيو استمرار العقوبات المفروضة على 59 شخصية سورية و31 كياناً، معظمها على صلة بالنظام السابق، وتشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر التعاملات المالية.
وشدد هاياشي على أن بلاده ستواصل تنسيقها مع شركائها، ولا سيما دول مجموعة السبع، بهدف الإسهام الفعّال في تحقيق السلام والاستقرار في سوريا.
من جانبه، أشاد وزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا بما وصفه بـ"الجهود المشجعة" التي تبذلها الحكومة السورية الانتقالية نحو المصالحة الوطنية وانتقال السلطة بشكل سلمي، مؤكداً استعداد طوكيو للاستمرار في دعم الشعب السوري خلال هذه المرحلة المفصلية.
وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة تحركات مماثلة من جانب قوى غربية، حيث بدأ الاتحاد الأوروبي منذ أشهر بتخفيف تدريجي لإجراءاته التقييدية، فيما اتخذت الإدارة الأمريكية، برئاسة دونالد ترامب، قراراً جريئاً برفع العقوبات المفروضة على سوريا منتصف الشهر الجاري.
وفي مؤتمر صحفي عقده في طوكيو، يوم السبت، أكد إيوايا أن الحكومة اليابانية "تتابع عن كثب" تطورات الموقف الدولي حيال سوريا، وأنها ستتخذ خطوات إضافية بشأن ملف العقوبات بما ينسجم مع التوجهات الجديدة التي تقودها واشنطن وبروكسل.
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "الاقتصاد اليابانية" أن الحكومة اليابانية تعتزم إلغاء المزيد من العقوبات على دمشق قبل نهاية شهر أيار/مايو، انسجاماً مع التحولات الإقليمية والدولية في التعامل مع الملف السوري.
أعلنت نقابة الفنانين السوريين خلال مؤتمر صحفي أقيم في مقر النقابة بدمشق، نيتها نقل رفاة كل من الفنانتين السوريتين الراحلتين مي سكاف وفدوى سليمان من مكان الدفن في بلاد المهجر إلى الموطن، وذلك بعد التنسيق مع عائلتيهما، كإجراء تكريمي لذكراهما ولمساهمتهما في المشهد الفني والثقافي.
وشددت النقابة على التزامها بمتابعة ملفات الفنانين الذين فقدوا حياتهم خلال الثورة، عبر العمل الجاد على توثيق مصائرهم والتواصل مع ذويهم، بما يضمن تكريمهم بالشكل اللائق ودعم أسرهم، كما أعلنت نيتها منح عضوية الشرف للمخرج الراحل باسل شحادة، الذي استشهد خلال تغطيته للأحداث في سوريا، تقديراً لمسيرته الفنية ومواقفه، وذلك بعد ترميم مجلسها المركزي قبل أربعة أيام.
لم يتردد كلاً من (باسل شحادة ومي سكاف وفدوى سليمان) وآخرون من أنصار الحرية، في الوقوف إلى جانب ثورة الشعب السوري والمشاركة فيها، خلدوا أسماهم في قوائم الشرف، عبر مواقفهم الجريئة التي عبرت عن صوت الناس ومعاناتهم. لم يترددوا في دفع أثمان باهظة من أجل مبادئهم، فكانوا رموزاً للفن الحر والموقف الإنساني. وتكريمهم اليوم هو اعتراف مستحق بتضحياتهم وبقيمة ما قدموه لوطنهم.
الحرة مي سكاف
يصادف اليوم الثالث والعشرين من شهر تموز لعام 2018، الذكرى السنوية لرحيل الثائرة الحرَّة "مي سكاف" التي توفيت بعد صراع مع المرض، وذلك في منفاها الإجباري وبعيداً عن شوارع دمشق التي انضمت فيها إلى صفوف المتظاهرين السلميين فيها.
وكانت مي سكاف من الفنانين القلائل الذين دعموا الثورة السورية منذ بدايتها لغاية وفاتها ولم تتراجع عن مواقفها المعارضة لنظام الأسد وإجرامه بحق السوريين، حيث كانت أخر كلماتها في صفحتها على حسابها في الفيس بوك قبل يومين فقط "لن أفقد الأمل ... لن أفقد الأمل .. إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد".
واعتقلت "مي سكاف" عدة مرات عندما كانت في دمشق وتم وضعها في السجن إلى أن تم الإفراج عنها بعد قرابة 10 أيام من اعتقالها وانتقلت بعدها إلى الاردن ومنها إلى فرنسا حيث استقرت هناك، وسكاف من الطائفة المسيحية الدمشقية ولدت في دمشق عام 1969 في ال13 من شهر نيسان.
وسبق وقام مسؤول بنظام الأسد، بتهديد الفنانة سكاف، بعدما وقّعت على "إعلان دمشق" قائلا لها: "سأقطع لسانكِ"، إلا أن هذا لم يرهبها، فكانت من أوائل الفنانين السوريين الذين شاركوا في الثورة لإسقاط الأسد، عام 2011، فاعتقلها مرتين، ثم اضطرت للهرب واللجوء مع ابنها، إلى فرنسا التي كانت المكان الذي لفظت فيه أنفاسها الأخيرة.
دفنت الفنانة والمعارضة السورية "أيقونة الثورة" كما يسميها نشطاء الحراك الشعبي "مي سكاف"، في مثواها الأخير في ضاحية دوردان في العاصمة الفرنسية باريس في 3 تموز من عام 2018، بحضور كبير لأبناء الجالية السورية وشخصيات سياسية وثورية عديدة وذوي الراحلة.
الثائرة "فدوى سليمان"
في يوم السابع عشر من شهر آب من عام 2017، الذكرى السنوية لوفاة الفنانة السورية الثائرة "فدوى سليمان"، التي توفيت في فرنسا بعد صراع مع المرض، مخلدة مسيرة ثورية في دعم الحراك الشعبي السوري ضد الأسد ونظامه، حولها لأيقونة الثورة السورية وأحد رموزها.
الفنانة الراحلة شاركت أيقونة الثورة، الشهيد "عبدالباسط الساروت"، في مظاهراته بحمص، متحدية وحشية النظام السوري وتهديداته المتكررة بـ "سحقها"، كما ذكرت في وثائقي "دولة الرعب، سورية السجن الكبير" الذي بثته قناة فرنسية.
و"سليمان" من مواليد عام 1970، بطلة من أبطال الثورة، فقد أقدمت على أمور يصعب على رجال عملها، بحسب ماوصفها الراحل "الساروت"، والذي اعتبر أن قدوم سليمان الى حمص في بداية الثورة كان في الوقت المناسب، حتى تغير نظرة العالم إلى السنة الذين اتهمهم نظام الأسد ب"الإرهابيين".
تخرجت سليمان، من المعهد العالي للفنون المسرحية، وظهرت في أعمال درامية كثيرة، منها مسلسل "أمل" و"الشقيقات" و"هوى بحري" و"نساء صغيرات" و"الطويبي" و"طيبون جداً"، كما كان لها ظهور في فيلم "نسيم الروح" وشاركت في مسرحيات كثيرة وأعمال إذاعية، وانتقلت الفنانة الراحلة إلى فرنسا، عام 2012، وشاركت في تظاهرات حاشدة مناهضة لنظام الأسد، لتصارع المرض وتوافيها المنية هناك.
ووظفت فدوى سليمان شهرتها كممثلة مسرحية وتلفزيونية في دعم الحراك الشعبي السوري، وعاشت متوارية عن أنظار السلطات بين دمشق وحمص، ثم عبرت الحدود سيرا على الأقدام إلى الأردن قبل أن تستقر في فرنسا، وهناك أجرت مقابلات صحفية عبرت فيها عن مراراتها من الوضع بسوريا.
وكانت نعت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية الفرنسية، الممثلة السورية المعارضة، "فدوى سليمان"، ووصفت الصحيفة سليمان بـ "أيقونة الثورة السورية"، وركزت على مشاركتها في الانتفاضة الشعبية منذ يومها الأول "متحدية رجال وأسلحة طاغية دمشق" و"مجاهدة في سبيل تجنب التعبئة الطائفية في مظاهرات حمص التي حاول البعض صبغها بلون سنّي معادٍ لنظام علوي".
ونشرت "ليبراسيون" مقطعاً للممثلة السورية الراحلة خاطبت فيه المتظاهرين قائلة إنها "ليست علوية، بل سنية مثلهم، لأنها سورية بالدرجة الأولى، شأنها شأن الملايين الذين يعانون من بطش النظام".
واعتبرت الصحيفة أن فدوى سليمان تملك "جمالاً داكناً يشبه جمال آنا ماغناني (ممثلة إيطالية) ورونيت القباص (ممثلة إسرائيلية مغربية الأصل)"، وأضافت الصحيفة "في محاضرتها في جامعة أفينيون فور وصولها إلى باريس عام 2012، حمّلت أوباما (الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما) ورؤساء الدول الكبرى المسؤولية الكاملة عن استمرار المقتلة بحق السوريين.
وأشارت إلى أن فدوى سليمان "رفضت اختزال الشعب السوري بسنة وعلويين، وسخّرت أعوامها الستة الأخيرة لإقناع العالم أنّ هنالك شعباً انتفض ضد الظلم وطالب بكرامته وحريته. انطفأت في المنفى، وهذا حزن مزدوج، قبل أن ترى سقوط بشار الأسد".
واستعادت الصحيفة الفرنسية، مقاله لصحيفة "لوموند" نشرها الصحافي كريستوف عياد في ربيع عام 2012، رفضت فيها فدوى وصفها بـ"الناشطة العلوية"، معتبرة أن "الطائفية كانت لعبة النظام الأساسية في حمص لسحق الانتفاضة".
باسل شحادة القدوة
باسل شحادة كان نموذجاً نادراً للشجاعة والإيمان العميق بالعدالة والحرية، اختار أن يترك دراسته في واحدة من أهم الجامعات الأمريكية ليعود إلى بلده في لحظة فارقة، ويقف إلى جانب شعبه لا كمراقب، بل كواحد منهم. لم يحمل سلاحاً، بل حمل كاميرته، مؤمناً أن الصورة قادرة على فضح الجريمة وكسر الصمت الدولي، فراح يوثق المظاهرات السلمية والقصف والحصار، ويكشف للعالم وجوه الضحايا وأحلامهم المنهوبة.
لم يكن عمله محصوراً بالتوثيق فقط، بل كان أيضاً معلّماً وملهماً، درّب شباناً وشابات على استخدام الكاميرا كأداة مقاومة، وساهم في خلق جيل واعٍ بقوة الصورة ورسالة الفن. باسل لم يكن مجرد مخرج أو ناشط، بل كان ضميراً حياً، يعيش قضيته بكل تفاصيلها، واستشهد وهو يحاول إسعاف الجرحى تحت القصف في حمص، مؤمناً حتى اللحظة الأخيرة أن الإنسان لا يُقاس بما يملك، بل بما يقدّم.
استشهاد باسل شحادة لم يكن نهاية حكايته، بل بداية لتحوّله إلى رمز. أعماله ما زالت شاهدة على بشاعة الحرب وجمال الصمود، وعلى قدرة الإنسان على تحويل الفن إلى فعل مقاومة. باسل هو صوت كل من رفض أن يصمت، وكل من آمن أن الحقيقة تستحق أن تُروى، حتى لو كان الثمن حياته.
ففي النقيض لمن ارتهنوا كالعبيد لسيدهم "بشار"، هناك قامات سورية من مطربين وفنانين، رفضت الخنوع والتهديدات، والتحقت منذ البداية بركب أبناء الشعب الثائر، فكانوا في صفوفهم يصدحون بالحرية، واجهوا التضييق والملاحقة لما لهم من تأثير في الشارع السوري، كشخصيات فنية معروفة، ولعب هؤلاء "أنصار الحرية" دوراً فاعلاً وبارزاً في نصرة الحراك الشعبي، وكانوا سفراء للسلام والحرية في البلدان التي هاجروا إليها مجبرين.
وكان شن نظام الأسد حملات اعتقال واسعة طالت العديد من الفنانين السوريين، ممثلين ومخرجين وتشكيليين ومصورين، كما ارتكب جرائم التصفية الجسدية بحق العديد منهم، منذ اندلاع الثورة السورية في ربيع 2011، ليقينه التام من قدرتهم على التأثير الفعال في الشارع السوري.
وتجدر الإشارة إلى أنه على الضفة المقابلة تشبث عدد من الممثلين والشخصيات الإعلامية الداعمة لنظام الأسد الساقط حتى اللحظات الأخيرة بدعم هذا النظام ولم يكتفي هؤلاء المطبلين بذلك بل راحوا يهددون ويتوعودن المعارضين لنظام الأسد البائد، وتصل التهديدات والتشبيح إلى حرمانهم من زيارة سوريا وغيرها.
أبرزت صحف إسرائيلية تطورات الملف السوري بعد رفع العلم الأميركي فوق مقر إقامة السفير في العاصمة دمشق، في خطوة وُصفت بأنها تحمل دلالات سياسية عميقة، في ظل تقارب واضح بين الولايات المتحدة الأمريكية والسلطة الجديدة في سوريا الأمر الذي تعارضه إسرائيل.
"إصبع في عين إسرائيل"
صحيفة "معاريف" العبرية اعتبرت أن رفع العلم الأميركي في سوريا هو بمثابة "إصبع في عين إسرائيل"، مشيرة إلى أن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأميركيين عن فتح صفحة جديدة مع دمشق لم تبقَ مجرد كلام، بل تُرجمت إلى خطوة رسمية على الأرض، في دلالة على مسار مختلف في العلاقات بين واشنطن ودمشق.
وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمضي قدماً في إجراءات رفع العقوبات عن سوريا، وتعمل على حذف اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في سياق استراتيجية جديدة تنتهجها واشنطن تجاه الملف السوري.
أنقرة في الواجهة... لا تل أبيب
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية رأت في تعيين باراك، وهو أيضاً السفير الأميركي في تركيا، مبعوثاً خاصاً إلى سوريا، مؤشراً على أن واشنطن باتت تنظر إلى أنقرة باعتبارها "اللاعب الإقليمي الرئيسي" في الملف السوري، متجاوزة بذلك الأدوار التقليدية لإسرائيل في هذا السياق.
ورأت الصحيفة أن هذا التوجه يثير قلقاً متزايداً لدى المسؤولين الإسرائيليين، الذين يخشون من تغيّر أولويات السياسة الخارجية لإدارة ترامب، والتي باتت تركز على استقرار سوريا ما بعد العقوبات، لا على مواجهة التمدد الإيراني أو الحليف الروسي هناك.
إعادة العلاقات بعد 13 عاماً
في تطور لافت، افتتح المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، يوم الخميس، مقر إقامة السفير الأميركي في دمشق لأول مرة منذ قطع العلاقات الدبلوماسية قبل 13 عاماً.
وفي تصريحات له، أكد باراك أن الرئيس ترامب اتخذ "قراراً جريئاً" تجاه سوريا دون فرض أي شروط مسبقة، مشيراً إلى أن السياسة الأميركية الجديدة ترتكز على منح الحكومة السورية الفرصة لإثبات التزامها بعدم التدخل وزعزعة الاستقرار، تمهيداً لرفعها من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وفي ظل هذه التطورات، تبرز مشاهد متعددة من التحول الإقليمي، سواء من خلال الانفتاح الأميركي على دمشق، أو اشتداد المعركة في غزة، أو تجاهل النزف السوداني. ويبقى المشهد مرهوناً بتوازنات دولية جديدة تُرسم ملامحها تدريجياً بين عواصم القرار.
أعلن "تنظيم الدولة الإسلامية" مسؤوليته عن أول هجوم له ضد القوات الحكومية السورية، منذ سقوط نظام المخلوع بشار الأسد، وفق ما نقله موقع "سايت إنتلجينس" المتخصص برصد نشاط التنظيمات الجهادية.
وجاء في بيان التنظيم أنه فجّر عبوة ناسفة "زرعها جنود الخلافة" على آلية تابعة لـ"النظام السوري المرتد" في محافظة السويداء، بحسب وصفه، مشيراً إلى أن العملية تأتي ضمن ما وصفها بـ"الحرب المستمرة ضد الطغاة والعملاء".
وكان قُتل عنصران من قوات الأمن العام وأُصيب آخرون بجروح متفاوتة، جرّاء انفجار لغم أرضي بآليتهم، يوم الخميس 22 أيار/ مايو، في منطقة قاع البنات قرب تلول الصفا، الواقعة في عمق بادية السويداء الشرقية، خلال عمليات تمشيط نفذتها القوات الأمنية في المنطقة.
وأكدت مصادر أن الآلية الأمنية كانت ضمن دورية تقوم بمسح ميداني للمنطقة، في إطار جهود تأمين خطوط التماس القديمة وتفكيك الألغام والمخلفات الحربية، إلا أن اللغم، الذي يُعتقد أنه من مخلفات المعارك السابقة، انفجر تحت إحدى العربات، ما أدى لسقوط شهيدين على الفور، وجرح اثنين آخرين تم نقلهم إلى مستشفى السويداء الوطني.
ويُعد هذا الإعلان المؤشر الأول على عودة "داعش" إلى الواجهة عبر عمليات مباشرة ضد أجهزة الدولة، في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الداخلية السورية مؤخرًا أن التنظيم أعاد تنظيم صفوفه بعد انهيار النظام السابق، مستفيداً من السلاح المنتشر ومخلفات الحرب.
وسبق أن أعلن المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، أن قوات الأمن أحبطت عدة محاولات للتنظيم للتسلل إلى مواقع تابعة لوزارة الدفاع، مؤكداً أن بعض عناصر "داعش" يحاولون استقطاب أفراد من فلول النظام المخلوع إلى صفوفهم.
وأشار البابا إلى أن العملية الأمنية الأخيرة ضد التنظيم في حلب، والتي أسفرت عن مقتل عنصر من الأمن العام وثلاثة من مقاتلي التنظيم، نُفذت بالتنسيق بين عدة أجهزة أمنية، وهو ما وصفه بـ"تطوّر نوعي" في عمل الأجهزة التي باتت تعمل كجهاز موحد.
وفي وقت سابق، أعلنت السلطات الأمنية إلقاء القبض على خلية تابعة لـ"داعش" في محيط العاصمة دمشق، كانت بصدد التحضير لعمليات تفجير داخل المدن، ما أثار المخاوف من احتمال توسع نشاط التنظيم من مناطق البادية والحدود إلى المدن الرئيسية.
وكانت أعلنت وزارة الدفاع التركية، الخميس 29 أيار، بدء عمل وحدة التنسيق الثلاثية بين تركيا وسوريا والأردن، انطلاقًا من العاصمة دمشق، ضمن خطة إقليمية مشتركة لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" وتعزيز الاستقرار الأمني.
وقال المتحدث باسم الوزارة، زكي أكتورك، خلال مؤتمر صحفي، إن الوحدة بدأت مهامها الفعلية منذ 19 أيار الجاري، بمشاركة ممثلين من الدول الثلاث، مشددًا على أن تركيا ملتزمة بدعم هذا الإطار الأمني الذي انبثق عن تفاهمات إقليمية سابقة.
وأكد أكتورك أن بلاده ترفض "أي أجندات لا مركزية أو انفصالية في سوريا"، مشيراً إلى أن "الجيش السوري هو الجهة المسلحة الشرعية الوحيدة في البلاد"، في إشارة مباشرة إلى رفض أي دور مستقل لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" خارج إطار الدولة السورية.
وأوضح المتحدث أن أنقرة تتابع بقلق المفاوضات الجارية بين دمشق و"قسد"، محذراً من أي تفاهمات قد تؤدي إلى تهديد الأمن الإقليمي أو المساس بوحدة الأراضي السورية.
وجاءت هذه التطورات عقب اجتماع أمني إقليمي عُقد في عمّان خلال شهر آذار الماضي، شارك فيه وزراء خارجية ودفاع ورؤساء أركان ومخابرات من سوريا وتركيا والأردن والعراق ولبنان، وأسفر عن الاتفاق على تأسيس هياكل تنسيقية لمحاربة الإرهاب وإدارة ملف الحدود والتسللات المسلحة.
أعلنت وزارة الإدارة المحلية والبيئة، يوم الجمعة، عن انطلاق عملية مقابلات تهدف إلى إعادة الموظفين المفصولين سابقاً بسبب مواقفهم السياسية والثورية إلى وظائفهم، في خطوة وصفت بأنها جزء من سياسة الإنصاف وإعادة تأهيل الكوادر التي تعرّضت للفصل التعسفي في ظل النظام المخلوع.
وأفاد المكتب الإعلامي للوزارة، عبر معرّفاته الرسمية، بأن هذه المبادرة تأتي "التزاماً برؤية الوزارة وخطتها القائمة على تصحيح الإجراءات المجحفة"، مؤكداً أن المقابلات تشمل موظفين فصلوا "بسبب مواقفهم المشرفة" أثناء فترة النزاع.
بحسب الإحصاءات الرسمية، بلغ عدد الموظفين المفصولين على مستوى المحافظات نحو 5 آلاف و622 موظفاً. وأوضح المكتب أن عمليات المقابلات تجري وفقاً لمعايير مهنية دقيقة، تهدف إلى تقييم الملفات الإدارية لكل موظف، تمهيداً لإعادة دمجهم في مؤسسات الدولة وفقاً للإجراءات القانونية.
وتتزامن هذه الخطوة مع توجه حكومي أوسع لإعادة من تم فصلهم أو إقصاؤهم قسرياً بسبب مواقفهم المعارضة للنظام السابق. وتشمل هذه المبادرات وزارات ومؤسسات حكومية عدّة، أبرزها "وزارة التنمية الإدارية، وزارة التربية والتعليم، وزارة الداخلية، وزارة الصحة، الهيئة العامة للطيران المدني والنقل الجوي"
وسبق أن أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني عن فتح باب التسجيل أمام المنشقين والمفصولين الراغبين في العودة إلى العمل ضمن قطاع الطيران المدني السوري، بما يشمل الموظفين والعاملين الذين جرى فصلهم قسراً أو اضطروا للانشقاق خلال حكم النظام المخلوع.
من جانبها، أصدرت وزارة الداخلية تعميماً بتاريخ 5 أيار، دعت فيه المهندسين والفنيين والعاملين المدنيين الذين فُصلوا خلال السنوات السابقة، إلى مراجعة مديريات القوى البشرية في قيادات الشرطة في المحافظات المعنية، من أجل إعادة دراسة أوضاعهم وإمكانية إعادتهم إلى وظائفهم.
تمثل هذه الخطوات مؤشراً على رغبة الحكومة الحالية في طيّ صفحة الإقصاء السياسي، والعمل على استعادة الطاقات البشرية التي خسرتها البلاد خلال حقبة القمع والتمييز الإداري، بما يعزز مناخ العدالة الانتقالية، ويكرّس مبدأ المساواة في مؤسسات الدولة.
أثار قرار الولايات المتحدة افتتاح مقر إقامة السفير الأميركي في العاصمة السورية دمشق، لأول مرة منذ أكثر من 13 عاماً من قطع العلاقات، موجة من التساؤلات والتحليلات حول دلالات الخطوة ورسائلها السياسية، خاصة في ظل التحولات الجارية في العلاقات الأميركية السورية بعد رفع العقوبات.
وكان المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، قد افتتح المقر رسمياً، في مشهد حمل رمزية عالية، عكست تحوّلاً في الموقف الأميركي تجاه دمشق، وأشّر إلى بدء مرحلة جديدة من التواصل السياسي والانخراط المباشر في ملفات المنطقة، بما فيها ملفات الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية.
يرى الكاتب والباحث السياسي مؤيد غزلان قبلاوي أن الخطوة تمثل "رسالة سياسية كبيرة"، وتؤسس لما سماه "مرحلة من التقدّم الدبلوماسي المتدرج"، معتبراً أن واشنطن، من خلال هذه الخطوة، أطلقت إشارة ضمنية تعكس استعدادها للسير نحو رفع شامل للعقوبات، وتعزيز مسار إعادة بناء الثقة مع الحكومة السورية الجديدة.
وفي حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" على قناة الجزيرة، اعتبر قبلاوي أن هذا التطور يضفي شرعية دولية على القيادة السورية الجديدة، ويُظهر تحوّلاً في المقاربة الأميركية من الحذر والترقّب، إلى الانخراط النشط ومباشرة المصالح الاستراتيجية في سوريا.
وأضاف أن الولايات المتحدة ترى في هذا التحوّل فرصة لتأسيس محور عربي جديد لمحاربة الإرهاب، مستشهداً بتصريحات بعض أعضاء الكونغرس الذين شددوا على ضرورة إبعاد النفوذ الإيراني، واستثمار الفرصة الحالية لتعزيز الأمن الإقليمي.
وأكد قبلاوي أن واشنطن تضع الثقل الاقتصادي في صلب رؤيتها الجديدة تجاه سوريا، إذ تراهن على تحسين الواقع المعيشي والبنى التحتية كوسيلة لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية، مشيراً إلى تقارير أفادت بسقوط خلايا نائمة للتنظيم في حلب وريف دمشق.
في السياق نفسه، أكدت وزارة الخارجية السورية أن المبعوث الأميركي باراك التقى خلال زيارته بالرئيس السوري أحمد الشرع، ووزيري الخارجية والدفاع، أسعد الشيباني ومرهف أبو قصرة، بالإضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة.
وكان باراك قد أشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتخذ قرار افتتاح مقر السفير بجرأة وبدون شروط مسبقة، مشدداً على أن الرؤية الأميركية الجديدة تتمثل في إعطاء الحكومة السورية فرصة كاملة دون تدخلات خارجية.
من جهته، رأى ستيفن هايدمان، الباحث في مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، أن افتتاح مقر إقامة السفير يعكس اهتماماً شخصياً من ترامب، لكنه يأتي أيضاً في إطار اعتراف ضمني بوجود تغييرات ملموسة في دمشق، وتشجيع على مواصلة الإصلاحات كجزء من عملية انتقال سياسي شاملة تحترم حقوق الإنسان والأقليات.
وأشار هايدمان إلى أن الحديث عن رفع العقوبات الأميركية بشكل نهائي لا يزال مرهوناً بموافقة الكونغرس، وخاصة في ما يتعلق بقانون "قيصر"، مضيفاً أن الولايات المتحدة تشترط "تغييرات جوهرية" في بنية الدولة السورية، لا سيما في ما يخص استقلالية القضاء وتطبيق القوانين بعدالة.
ولفت هايدمان إلى أن ترامب يعمل على تشجيع الشركات ورجال الأعمال الأميركيين على دخول السوق السورية، مشدداً على أن واشنطن ترى في استقرار سوريا فرصة اقتصادية واستراتيجية، خاصة في ظل الحاجة إلى مشاريع إعادة الإعمار وتحديث البنى التحتية.
وأكد قبلاوي من جانبه أن أولوية سوريا الحالية تكمن في تحقيق الاستقرار الأمني، بما يتيح لها بناء جبهة داخلية متماسكة، مشيراً إلى أن الموقف الأميركي أوضح ضرورة احترام خط فك الاشتباك مع إسرائيل كجزء من الضمانات الإقليمية.
وفي الشأن الداخلي السوري، قال قبلاوي إن تركيا لا تزال ترى تلكؤاً في دمج "قوات سوريا الديمقراطية" ضمن هيكل وزارة الدفاع السورية، مشدداً على أن "قسد" يجب أن تدرك أن الشرعية الدولية تتجه حالياً نحو دمشق وليس العكس.
وفيما يتعلق بالعلاقات السورية الإسرائيلية، رأى هايدمان أن إبرام معاهدة "عدم اعتداء" بين البلدين من شأنه أن يعزّز بيئة الاستقرار، بما يسمح بتحريك عجلة الاقتصاد، لافتاً إلى أن غياب الأمن هو أحد أبرز العوائق أمام أي استثمار خارجي.
وأوضح أن إسرائيل، منذ سقوط نظام بشار الأسد في أواخر 2024، كانت مسؤولة عن سلسلة من الاعتداءات على الأراضي السورية، في حين شددت الحكومة السورية الجديدة على تبني سياسة علاقات سلمية مع دول الجوار.
وفي هذا السياق، قال باراك: "نحن بحاجة إلى اتفاقية عدم اعتداء بين سوريا وإسرائيل، والبدء في نقاش حقيقي حول الحدود"، مؤكداً أن "الحل موجود، لكنه يبدأ بالحوار".
وفي ختام مداخلته، رأى هايدمان أن اختيار توماس باراك، الذي يشغل أيضاً منصب السفير الأميركي في تركيا، كمبعوث خاص إلى سوريا، يعكس قناعة إدارة ترامب بأهمية أنقرة كفاعل محوري في صياغة مستقبل الحل السياسي في سوريا، واصفاً باراك بأنه "خيار ذكي" نظراً لمعرفته الدقيقة بتفاصيل المنطقة وتفاعلاتها.
عُقد المؤتمر الأول لفريق "قيصر" في العاصمة الفرنسية باريس، وجاء بمثابة إعلان رسمي عن الفريق وخطته المستقبلية، وسط حضور حقوقي وإعلامي واسع، وفي مؤتمرها الأول الذي عُقد في بلدية باريس تحت عنوان "شهود العدالة: السعي نحو المساءلة والعدالة في سوريا"، كشفت منظمة ملفات قيصر من أجل العدالة للمرة الأولى عن تاريخ تأسيسها في عام 2011، ومسار عملها السري الممتد لأكثر من عقد.
في السياق، كرّمت بلدية باريس الفريق بمنح الميدالية الكبرى، تقديراً لجهودهم في كشف جرائم الاعتقال والاختفاء القسري، وعلى رأسهم الشاهد الرئيسي فريد المذهان (قيصر)، ومؤسس الفريق أسامة عثمان، إلى جانب أعضاء الفريق: مشعل حمود، محمد حسن، أيمن، عمار، خولة، وعيسى. من جهتها، كرّمت إدارة ملفات قيصر عدداً من الشخصيات الفرنسية والسورية التي ساندت عملها في لحظات مفصلية، تقديراً لدورهم في دعم العدالة والمساءلة في سوريا.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة أسامة عثمان، إن فرنسا كان لها دور كبير في تقديم الحماية للعائلات المرتبطة بالملف، وأن إقامة بعض أعضاء الفريق فيها، إلى جانب عدم قدرة البعض على مغادرة أراضيها، من الأسباب التي دفعت إلى اختيار باريس مكاناً لعقد المؤتمر الأول.
وأكد في مقابلة مع "تلفزيون سوريا" أن الفريق أراد من خلال هذا المؤتمر الإعلان بوضوح عن أعضائه وخطته للعمل المستقبلي، موضحاً أن المؤتمر كان من الممكن أن يُعقد في مكان آخر، لكن فرنسا، بحسب تعبيره، كانت أيضاً مكاناً احتضن كثيراً من الأصدقاء الذين ساعدوا في حماية أعضاء الفريق منذ البداية.
وأشار إلى دور شخصيات فرنسية مثل جرانس لوكين، التي ألّفت كتاباً حول عملية قيصر بعنوان "في قلب آلة الموت السورية"، والذي تُرجم إلى عدة لغات، كما شاركت في إنتاج وثائقي ألماني-فرنسي مشترك حول معاناة السوريين في ظل الانتهاكات التي ارتكبت في فترة حكم بشار الأسد.
وشدد عثمان في حديثه على أن المؤتمر يهدف للتذكير بقضية الضحايا الذين ماتوا تحت التعذيب، والتي اعتبرها أولوية قصوى، معبّراً عن حزنه لانشغال الفضاء العام ومواقع التواصل أحياناً بقضايا وصفها بأنها "تافهة جداً"، في وقت ما زال فيه ذوو المفقودين ينتظرون أي خبر عن أبنائهم.
وقال: "نحن في الأشهر الأولى لهروب بشار الأسد، ويجدر بنا أن نعمل أكثر على مراعاة ظروف الأهالي والأمهات الذين ينتظرون أي معلومة عن المفقودين، يجب ألا يتم تجاهل هؤلاء، حتى في الخطاب العام لم نعد نسمع أحداً يتكلم عن قضية المعتقلين أو الضحايا." وتابع: "اليوم انتقلنا وقفزنا لنتحدث عن إعادة الإعمار، يجب أن نفكر بإعادة الإنسان قبل إعادة إعمار البلاد".
وتطرق أيضاً إلى أوضاع المعاقين، قائلاً: "أين حقوق هؤلاء الضحايا، أين حقوق المعاقين؟ حتى موضوع المعاقين لا أحد يتكلم عنهم وكأنهم ليسوا ضحايا لهذه الفترة الطويلة من الانتهاكات. عندما تقول معاق، أنت تتكلم عن شخص هو سجين لإعاقته، ويعيق معه عائلته."
سبق هذا المؤتمر مسار طويل من العمل السري ارتبط فيه اسما "سامي" و"قيصر" بملفات التعذيب التي كشفت بشاعة ما جرى في سجون نظام الأسد. فمنذ عام 2014، ظهر ملف "قيصر" إلى العلن بعد أن تمكن هذا الفريق، الذي ظل متخفياً لسنوات، من تهريب عشرات آلاف الصور التي توثق جثث ضحايا التعذيب، إلى خارج سوريا.
في مقابلة نُشرت مؤخراً مع صحيفة الشرق الأوسط، كُشف أن "سامي"، الذي طالما ورد اسمه مرتبطاً بهذا الملف، هو المهندس المدني أسامة عثمان، رئيس مجلس إدارة منظمة "ملفات قيصر للعدالة" حالياً. كان "عثمان" يعمل مهندساً مدنياً في دمشق عند اندلاع الثورة السورية عام 2011، وله قريب يُعرف باسم "قيصر"، كان مكلفاً بتوثيق الوفيات داخل أقسام أجهزة الأمن السورية.
كان "قيصر" يوثّق وصول الجثث من الأفرع الأمنية، غالباً عراة ومشوّهة، وتحمل أرقاماً فقط. في بعض الأيام، وثّق ما لا يقل عن 70 ضحية. دفعت هذه الفظائع كلاً من "قيصر" و"سامي" إلى البدء في جمع وثائق وصور تثبت ما يحدث داخل مراكز الاعتقال، وبدأ ذلك عملياً في مايو/أيار 2011، حين كان "قيصر" يهرب الصور على أقراص USB ليسلمها لـ"سامي" في مناطق المعارضة.
في عام 2014، وبعد خروجهما من سوريا، كُشف لأول مرة عن تلك الصور التي أصبحت منذ ذلك الحين مادة رئيسية في ملفات التحقيق والمحاكمات المتعلقة بجرائم الحرب في سوريا. وقد استُخدمت فعلاً في محاكم غربية لإدانة ضباط في النظام بتهم التعذيب والانتهاكات الجسيمة، وأسهمت في فرض عقوبات دولية على النظام البائد.
يستعد وفد من البرلمان الفرنسي للقيام بزيارة رسمية إلى سوريا خلال الأيام القليلة المقبلة، في خطوة تعبّر عن توجه أوروبي جديد لإعادة تقييم العلاقة مع الحكومة السورية، على ضوء المتغيرات السياسية والاقتصادية الأخيرة التي تشهدها البلاد والمنطقة.
ووفق ما أعلنه رئيس المجلس السوري الفرنسي، علي الزرقان، فإن الزيارة المرتقبة تندرج في إطار مبادرة دبلوماسية إنسانية تهدف إلى الاطلاع المباشر على الأوضاع داخل سوريا، ولا سيما في المناطق المتضررة من الحرب، وتقييم الاحتياجات الملحّة في المجالين الإنساني والخدمي.
أوضح الزرقان أن برنامج الزيارة سيشمل عقد لقاءات رسمية مع عدد من المسؤولين في الحكومة السورية، إلى جانب اجتماعات مع ممثلين عن المجتمع المدني السوري، بغرض تبادل الرؤى والاستماع إلى وجهات النظر المحلية حول سبل دعم التعافي والاستقرار.
كما يتضمن البرنامج تنظيم جولات ميدانية للوفد الفرنسي في عدة مدن ومناطق متضررة، بهدف الوقوف على حجم الدمار والاحتياجات الأساسية، ووضع تقارير مستقلة يمكن أن تسهم في صياغة سياسات دعم أوروبي موجهة لسوريا.
ووفق المجلس السوري الفرنسي، فإن هذه الزيارة تسعى إلى المساهمة في دفع جهود إعادة الإعمار، وتسليط الضوء على أهمية المصالحة الوطنية باعتبارها مدخلاً ضرورياً لتحقيق استقرار مستدام، إضافة إلى التشديد على ضرورة الوصول إلى حل سياسي شامل تشارك فيه جميع مكونات الشعب السوري، دون إقصاء.
ويأتي هذا التحرك الفرنسي في وقتٍ تشهد فيه الساحة الأوروبية نقاشات موسّعة حول سبل التعاطي مع سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية، حيث تنظر بعض الدول الأوروبية إلى المرحلة الحالية كفرصة لإعادة تموضع دبلوماسي وإنساني، بعيداً عن سنوات العزلة والعقوبات.
يُشار إلى أن المجلس السوري الفرنسي يُعد من أبرز الأطر المعنية بتعزيز التواصل بين المجتمعين المدنيين في البلدين، ويعمل على تنظيم المبادرات الإنسانية والتشبيك البرلماني والدعم الفني لمشاريع التعافي، في إطار احترام السيادة السورية والانفتاح على الحلول الواقعية.
وتأتي هذه الزيارة في سياق متصل بجملة تحركات دبلوماسية أوروبية نحو دمشق، في ظل انفتاح سياسي إقليمي ودولي متسارع، يعيد ترتيب الأوراق في الشرق الأوسط، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات بين سوريا والدول الغربية.