أفادت مصادر محلية في محافظة السويداء بالتوصل إلى اتفاق مبدئي بين الحكومة السورية وقيادات دينية واجتماعية في المحافظة، وعلى رأسهم الشيخ حكمت الهجري، يهدف إلى وقف المواجهات المسلحة وبدء مسار اندماج إداري وأمني كامل ضمن مؤسسات الدولة السورية.
وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" نقلاً عن مصدر في وزارة الداخلية، أنه جرى التوافق على وقف فوري لإطلاق النار، إلى جانب نشر حواجز أمنية داخل مدينة السويداء، كخطوة أولى نحو استعادة سلطة الدولة في كامل أرجاء المحافظة.
وقال شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، يوسف جربوع، في تصريحات لقناة الجزيرة، إن تواصلاً جرى مع الدولة السورية عقب الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء، وأفضى إلى اتفاق يقضي بوقف شامل لجميع العمليات العسكرية من مختلف الأطراف.
وأكد الشيخ جربوع التوصل إلى تفاهم حول الاندماج الكامل لمحافظة السويداء ضمن مؤسسات الدولة السورية واستعادة سيادتها الكاملة على المنطقة. من جهته، صرّح مصدر أمني للجزيرة أن الاتفاق يشمل إخراج جميع العناصر التي تصنفها الدولة كمجموعات خارجة عن القانون من مدينة السويداء بشكل كامل.
وبحسب تفاصيل الاتفاق، فإن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة تفعيل عمل المؤسسات الرسمية والإدارية دون استثناء، مع التأكيد على احترام سيادة الدولة السورية على كامل تراب المحافظة، بما يشمل مؤسسات القضاء والخدمات والأمن، وذلك في إطار من العدالة والمساواة بين المواطنين.
وينص الاتفاق على ضمان حقوق المدنيين وتهيئة بيئة آمنة ومستقرة، إلى جانب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة تتولى مهمة تقصي الحقائق حول الانتهاكات التي وقعت خلال الاشتباكات الأخيرة، بما في ذلك التعويض للمتضررين ماديًا ومعنويًا، وجبر الضرر المجتمعي.
وشملت البنود أيضًا إدراج طريق دمشق–السويداء ضمن مسؤوليات الدولة الأمنية المباشرة، لضمان انسيابية الحركة المدنية وأمان الأهالي، مع سحب قوات الجيش إلى مواقعها العسكرية، وإعادة تفعيل الأجهزة الأمنية المحلية بشرط أن تضم ضباطًا وعناصر من أبناء السويداء المعروفين بالنزاهة والانضباط.
السياق الميداني والتصعيد الإسرائيلي
يأتي هذا الاتفاق في وقت تشهد فيه محافظة السويداء تصعيدًا أمنيًا غير مسبوق منذ أربعة أيام، حيث تدور مواجهات بين قوات الجيش والأمن الداخلي من جهة، ومجموعات مسلّحة تصفها الحكومة بـ"الخارجة عن القانون"، وسط فراغ أمني تعيشه المنطقة منذ سقوط النظام السابق في كانون الأول/ديسمبر 2024.
وتزامن هذا التصعيد مع هجمات جوية نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، طالت العاصمة دمشق ومحيط القصر الرئاسي، وكذلك مناطق متفرقة في محافظتي السويداء ودرعا. وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الغارات استهدفت ما أسماه "ردًا على أعمال ضد المواطنين الدروز في سوريا"، مؤكدًا أن قوات الاحتلال "تبقى في حالة تأهب".
وقد أسفرت الغارات الإسرائيلية عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم عناصر من قوى الأمن الداخلي والدفاع، إضافة إلى استهداف أرتال عسكرية ومواقع حساسة تابعة لوزارة الدفاع السورية.
نداءات متباينة وطلب تدخل دولي
وفي خضم التصعيد، وجّهت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في السويداء نداءات استغاثة إلى عدة أطراف دولية، من بينها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، طالبةً "إنقاذ السويداء" من حالة الفوضى والدماء.
ويأتي هذا المشهد المركّب وسط مساعٍ من مختلف الأطراف لاحتواء الأزمة، ومنع انزلاق المحافظة إلى صراع مفتوح قد يهدد وحدة البلاد ويزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في الجنوب السوري.
تتواصل تداعيات العدوان الإسرائيلي الذي استهدف اليوم مواقع عسكرية وحكومية في دمشق ومحافظتي درعا والسويداء، ما أسفر – وفق وزارة الصحة السورية – عن استشهاد شخص وإصابة 18 آخرين في العاصمة، غقب ضربات طالبت مبنى الأركان ومواقع قريبة من قصر الشعب.
وأعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا إغلاقًا مؤقتًا للممر الجوي الجنوبي “حرصًا على السلامة الجوية”، في وقت أكدت فيه وسائل إعلام إسرائيلية عن الجيش أن “الاستعدادات جارية لمهاجمة أهداف حكومية إضافية تابعة للنظام السوري”.
في محافظة درعا، أفاد ناشطون محليون بأن طيران الاحتلال اعتدى على اللواء 132، فيما شنّ الطيران الحربي غارات على قصر الشعب بدمشق.
ردود فعل دولية وإقليمية
أبدت واشنطن قلقًا بالغًا حيال التصعيد، وقال وزير الخارجية الأميركي: “نتحدث مع جميع الأطراف المعنية ونريد وقف القتال”. كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر سياسي أن الولايات المتحدة تبذل جهودًا حثيثة لتهدئة الوضع في سوريا.
وأدان رئيس الوزراء اللبناني وليد جنبلاط الضربات الإسرائيلية، مؤكدًا في تصريح لـ”تلفزيون سوريا” تواصله مع الحكومة السورية “لتخفيف الاحتقان في السويداء”، مشيرًا إلى وجود “بعض المخالفات التي ارتكبها أفراد من الجيش والأمن هناك”.
إقليميًا، أصدر مجلس التعاون الخليجي بيانًا أدان فيه الهجمات “بأشد العبارات”، فيما وصفت وزارة الخارجية التركية الضربات بأنها “محاولات لتخريب مساعي إرساء السلام والأمن”
شهدت نشرة أسعار الصرف الرسمية الصادرة عن مصرف سوريا المركزي يوم الأربعاء 16 تموز/يوليو 2025 تغيّرات طفيفة في أسعار بعض العملات مقابل الليرة السورية، فيما استقرّ سعر الدولار الأميركي عند نفس المستوى، ما يعكس حالة من الجمود النسبي في السياسة النقدية الرسمية رغم التقلبات المستمرة في السوق الموازية.
وحافظ الدولار الأميركي على سعره دون تغيير مقارنة باليوم السابق، عند 11,000 ليرة للشراء و11,110 ليرة للمبيع، بسعر وسطي 11,055 ليرة سورية، ويأتي هذا الثبات في ظل محاولات المركزي الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن في السوق الرسمية، بينما تتجه السوق الموازية إلى تسعيرات أعلى.
ارتفع سعر صرف اليورو بشكل طفيف من 12,838.20 إلى 12,843.70 ليرة وسطياً، كما ارتفع سعر الجنيه الإسترليني من 14,803.46 إلى 14,805.96 ليرة. هذه الزيادات المحدودة تعكس استمرار تأثر العملتين بالتغيرات الطفيفة في أسواق العملات العالمية، خاصة مع تقلبات أسعار الفائدة الأوروبية والتضخم في منطقة اليورو.
وسجّلت الليرة التركية ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بالنشرة السابقة، حيث ارتفع سعرها الوسطي من 271.85 إلى 274.69 ليرة هذه الزيادة الطفيفة تأتي بعد فترة من التراجع المستمر، ويُرجح أن تكون مرتبطة بعوامل سياسية داخلية في تركيا أو بتدخلات مباشرة من البنك المركزي التركي.
وسجل الريال السعودي والدرهم الإماراتي والريال القطري تغيّرات طفيفة للغاية لا تتجاوز عدة ليرات في كلا الاتجاهين، ما يعكس حالة استقرار نسبي في العلاقة بين العملات الخليجية والليرة السورية، على الأقل في السوق الرسمية. على سبيل المثال، ارتفع سعر الريال السعودي من 2946.99 إلى 2947.53 ليرة، فيما بقي الدرهم الإماراتي مستقراً تقريباً عند 3009.76 ليرة.
أما الروبل الروسي واليوان الصيني بقي على نفس الاتجاه واستمر الروبل الروسي في التراجع الطفيف من 141.76 إلى 142.38 ليرة، فيما شهد اليوان الصيني ارتفاعاً محدوداً من 1,538.06 إلى 1,539.62 ليرة، ورغم هذا الاستقرار الشكلي في الأرقام الرسمية، فإن السوق السوداء لا تزال تسجل أسعاراً أعلى من ذلك بحوالي ألف ليرة للدولار.
شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية، صباح الأربعاء، سلسلة من الغارات الجوية طالت مواقع حكومية حساسة في العاصمة السورية دمشق، من بينها محيط مبنى الأركان العامة والقصر الرئاسي، في تصعيد لافت يأتي في خضم التوتر المتصاعد جنوب البلاد، وخاصة في محافظة السويداء.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن الغارات استهدفت بوابة هيئة الأركان العامة، مشيرًا إلى أنها جاءت ضمن ما وصفه بـ"متابعة للأوضاع في السويداء"، حيث تشهد المنطقة مواجهات عنيفة. وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، إن القوات الإسرائيلية تتابع "الأعمال ضد المواطنين الدروز في سوريا"، مضيفًا أن الهجمات جاءت بناءً على "توجيهات سياسية"، وأن الجيش في حالة تأهب لسيناريوهات متعددة.
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن إدارة الإعلام في وزارة الدفاع اتهامات للمجموعات المسلحة في السويداء باستخدام المشفى الوطني كموقع عسكري. وأوضحت الوزارة أن قناصين تابعين لما وصفته بـ"المجموعات الخارجة عن القانون" تمركزوا على أسطح المشفى، وفتحوا نيرانهم على عناصر من الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي.
وأكدت الوزارة أنها وجّهت عدة نداءات لتحييد المشفى والسماح بدخول الطواقم الطبية، دون أن تلقى استجابة. وشددت على تحميل هذه المجموعات، ومن يقف خلفها، المسؤولية الكاملة عمّا يجري في المنشأة الطبية.
وفي سياق متصل، قتل عدد من قادة الجيش السوري، بينهم العميد معمر إبراهيم، إثر ضربة جوية إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت رتلًا عسكريًا في منطقة المجيمر بريف السويداء الجنوبي، عصر اليوم الثلاثاء، من بين القتلى أيضًا "خالد الزعبي (أبو وليد)، قائد المنطقة الأمنية في بصرى الشام، وعبد الفتاح عبد الرزاق (أبو أحمد) من المسيفرة أبو يعقوب من محجة".
السويداء.. ساحة مفتوحة للاشتباكات لليوم الرابع
وعلى الأرض، تستمر الاشتباكات العنيفة لليوم الرابع على التوالي في محافظة السويداء جنوب البلاد، بين وحدات من الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي من جهة، ومجموعات مسلّحة محلية خارجة عن القانون من جهة أخرى.
وتعود شرارة التصعيد إلى يوم الأحد الماضي، عندما دخلت قوات رسمية إلى المحافظة في محاولة لفرض الاستقرار ووقف المواجهات المتصاعدة بين فصائل محلية وبعض مجموعات العشائر البدوية، في ظل فراغ أمني تشهده السويداء منذ سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024.
ورغم الترحيب الأولي الذي عبّرت عنه بعض الهيئات الدينية والاجتماعية، وعلى رأسها الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، بالدور الحكومي، سرعان ما تبدل المزاج العام عقب تصريحات مثيرة للجدل من الزعيم الديني حكمت الهجري، الذي اتهم الحكومة بالضغط على الرئاسة الروحية لإصدار بيان التأييد، داعيًا إلى ما سماه "مقاومة الوجود الأمني والعسكري".
أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع في حكومته سلسلة من التصريحات التصعيدية تجاه ما يجري في محافظة السويداء جنوب سوريا، معلنين نية الجيش الإسرائيلي الاستمرار في تنفيذ ضربات عسكرية داخل الأراضي السورية.
وقال نتنياهو، في خطاب وجّهه إلى المواطنين الدروز في إسرائيل: “الوضع في السويداء وفي جنوب غرب سوريا خطير جداً. الجيش الإسرائيلي يعمل، سلاح الجو يعمل، وهناك قوات أخرى تعمل أيضاً. نحن نعمل من أجل إنقاذ إخوتنا الدروز والقضاء على عصابات النظام”، على حدّ وصفه.
وطلب نتنياهو من المواطنين الدروز في إسرائيل عدم العبور إلى الأراضي السورية، قائلاً: “أنتم تعرضون حياتكم للخطر؛ قد تُقتلون، قد تُختطفون، وأنتم تضرون بجهود الجيش الإسرائيلي”.
من جهته، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي بأن “رسائل التحذير لدمشق انتهت، والآن ستأتي الضربات الموجعة”، مضيفًا أن الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل “بقوة” في السويداء حتى “تدمير القوات التي هاجمت الدروز وانسحابها الكامل”.
وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 169 شخصًا في محافظة السويداء، بينهم 5 أطفال و6 نساء، إلى جانب إصابة أكثر من 200 مدني بجروح متفاوتة الخطورة، وذلك خلال الفترة الممتدة من 13 تموز/يوليو 2025 وحتى تاريخ إصدار التقرير. وأكدت الشبكة أن هذه الأرقام تم التحقق منها ميدانيًا وتشكل حصيلة أولية قابلة للتحديث.
يأتي هذا التصعيد في ظل اشتباكات عنيفة وهجمات متبادلة شهدتها المحافظة، ترافقت مع عمليات قتل خارج إطار القانون، وقصف مدفعي، وضربات جوية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، في واحدة من أكثر المراحل دموية منذ بداية الاحتجاجات جنوب سوريا.
أشارت الشبكة إلى أن حصيلة الضحايا شملت مدنيين، بينهم كوادر طبية، بالإضافة إلى مقاتلين من فصائل عشائرية مسلحة من البدو، وعناصر من مجموعات محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء السويداء، فضلًا عن عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية الانتقالية.
ورغم تعقيد المشهد وتعدد الأطراف المنخرطة في الصراع، أكدت الشبكة أنها تعمل على التحقق من صفة الضحايا (مدنيين أو عسكريين) والجهات المسؤولة عن ارتكاب الانتهاكات.
أوضحت الشبكة أن توثيقها يستند إلى معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا يشمل القتلى من العناصر المسلحة في حال قضوا خلال الاشتباكات المباشرة، ما لم يكونوا قد أُعدموا بعد أسرهم، باعتبار ذلك يمثل جريمة قتل خارج نطاق القانون، وأكدت أنها تتابع بشكل متواصل التطورات في السويداء، وتعمل على جمع الأدلة وتوثيق الانتهاكات من خلال شهادات مباشرة،
تشهد محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، أزمة متفاقمة في قطاع السكن، مع تسجيل ارتفاع غير مسبوق في أسعار إيجارات المنازل، ما فاقم معاناة آلاف العائلات النازحة والمقيمة على حد سواء، في ظل غياب الرقابة الرسمية وتردي الوضع الاقتصادي العام.
وأفادت مصادر إعلامية بأن الكثير من العائلات تدفع ثمناً باهظاً لتأمين سقف يأويها، فيما يضطر البعض لتقاسم المنزل مع أسر أخرى، أو العودة إلى الخيام والمساكن المدمرة لعدم قدرتهم على مواصلة دفع الإيجارات حيث تعيش آلاف الأسر على حافة الانهيار النفسي والمعيشي.
وقالت السيدة "أحلام الحسن"، وهي نازحة من معرة النعمان، وتسكن في أحد أحياء إدلب الشرقية "أحاول منذ خمس سنوات بناء حياة جديدة بعد التهجير، لكننا نصطدم كل يوم بعقبة جديدة. قبل أيام ألصق صاحب المنزل ورقة على الباب يطالبنا بدفع 200 دولار شهرياً أو الإخلاء".
وتقطن "أحلام"، كغيرها من آلاف النازحين، في شقة لا تتجاوز مساحتها 60 متراً مربعاً، كانت تدفع عنها بداية العام 100 دولار، قبل أن يضاعف المالك السعر دون أي تحسين في الخدمات أو الأجور، ووفقًا للسوق العقاري داخل مدينة إدلب، باتت الإيجارات تُقارن بتلك المفروضة في عواصم كبرى، رغم الفروقات الهائلة في مستوى المعيشة.
وذكر "عامر الحلبي"، وهو نجار وأب لثلاثة أطفال، إنه تنقل في أربعة منازل خلال عام واحد بسبب الزيادات المستمرة في الإيجارات "يطلب المالكون أسعاراً وكأننا في باريس، رغم أن بعض البيوت بلا شبابيك أو صرف صحي، ومع ذلك تُعرض للإيجار بـ150 إلى 200 دولار شهرياً".
وأكد "خلدون بدلة"، وهو سمسار عقاري وسط إدلب، في حديث صحفي أن موجة من المضاربات تتحكم بسوق الإيجارات، ويشير إلى أن الطلب المرتفع، خصوصاً بعد عودة آلاف المهجرين من تركيا ومناطق أخرى، شجع أصحاب العقارات على رفع الأسعار واستغلال حاجة الناس.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي "ياسر الحسين"، أن جذور الأزمة أعمق من مجرد قانون العرض والطلب، موضحاً أن "تدهور الليرة السورية، وارتفاع تكاليف الإعمار، وغياب التشريعات الناظمة كلها عناصر دفعت السوق إلى الفوضى".
واعتبر أنه "لا توجد عقود إيجار موحدة، ولا تسعيرة واضحة، ولا جهة رقابية فعالةمن يملك المنزل يملك السلطة، وهذه سلطة باتت تستخدم في كثير من الأحيان ضد كرامة الإنسان".
هذا وحذر من أن "أزمة الإيجارات في إدلب تجاوزت كونها معركة مالية لتغدو مأساة إنسانية تمس الاستقرار الاجتماعي والعائلي، وتشير التقديرات إلى أن الفجوة بين دخل الفرد وتكاليف الإيجار تضع شريحة واسعة من السكان على حافة الفقر والتشرد.
ودعا نشطاء الجهات المعنية إلى التدخل العاجل عبر خطوات تشمل إطلاق مشاريع إسكان اجتماعي، مراقبة سوق الإيجارات، وتقديم إعانات مادية للفئات الأشد ضعفاً، بما فيهم العائدون من النزوح.
تُعد أزمة الإيجارات في إدلب نموذجاً مصغراً عن التحديات التي تواجه المدن السورية في مرحلة ما بعد الحرب وزوال النظام البائد فهي لا ترتبط فقط بالعرض والطلب، بل تكشف عن الحاجة العاجلة لرؤية حكومية متكاملة تشمل البنية القانونية، والرقابة، والدعم الاجتماعي، لضمان ألا يتحول السكن من حق أساسي إلى عبء يهدد كرامة الإنسان.
أصدرت الرئاسة السورية بيانًا رسميًا اليوم الأربعاء، أعربت فيه عن إدانتها الشديدة للانتهاكات التي طالت بعض المناطق في محافظة السويداء، ووصفتها بأنها “سلوكيات إجرامية لا يمكن القبول بها تحت أي ظرف”.
وأكد البيان أن الحكومة السورية تتابع هذه الانتهاكات المؤسفة باهتمام بالغ، متعهدة بفتح تحقيقات موسعة لمحاسبة كافة المسؤولين عنها، سواء كانوا أفرادًا أم جماعات خارجة عن القانون.
وشددت الرئاسة على أن “العدالة ستأخذ مجراها، ولن يُسمح بمرور هذه الانتهاكات دون عقاب”.
كما جدّد البيان التأكيد على أولوية الدولة السورية في حماية الأمن والاستقرار في جميع أنحاء البلاد، مشيرًا إلى أن حقوق أهل السويداء ستبقى مصونة، وأن الدولة “لن تسمح لأي طرف بالعبث بأمنهم أو استقرارهم”.
يأتي هذا البيان بعد أيام من تصاعد التوتر والاشتباكات في المحافظة، والتي شهدت سقوط عشرات القتلى والجرحى، وتدخلًا عسكريًا مباشرًا من وزارتي الدفاع والداخلية لاستعادة السيطرة، وسط تحذيرات من منظمات دولية وأممية من تفاقم الأوضاع الإنسانية هناك.
ويُعد هذا البيان الأحدث في سلسلة مواقف رسمية تهدف إلى تهدئة الأوضاع، بعد أن شهدت المدينة اعتداءات واشتباكات دامية، وتدخلات خارجية، أبرزها الغارات الإسرائيلية التي استهدفت آليات الجيش السوري في محيط السويداء، ما أسفر عن استشهاد عدد من الجنود والمدنيين.
وأكدت الرئاسة أن الدولة ستواصل عملها لإرساء الأمن وتطبيق القانون في السويداء وسائر المناطق السورية، مع التزام كامل بحقوق المواطنين وحمايتهم من أي تجاوزات.
أكّد القيادي في "تجمع رجال الكرامة"، ليث البلعوس، في تصريحات لقناة الجزيرة، أن موقف التجمع ينسجم مع مبادئ الثورة السورية، لكنه أشار إلى وجود أطراف محلية أخرى في المنطقة تتبنى وجهة نظر مختلفة.
وأوضح البلعوس أن "موقفنا واضح من الدولة السورية، فنحن نقف إلى جانب الدولة التي تحفظ حقوقنا وكرامتنا، لكن الزعامة الدينية والسياسية في السويداء اتخذت أحيانًا مواقف مغايرة".
وعن التطورات الأمنية، شدد البلعوس على أن "هدفنا الأساسي هو حماية المدنيين في السويداء قدر المستطاع"، معترفًا بوقوع بعض التجاوزات، داعيًا الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات جدية لوقفها، واتخاذ موقف واضح إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون.
كما رفض البلعوس بشكل قاطع أي مشاريع خارجية أو محاولات لتقسيم سوريا، قائلاً: "نرفض كل مشاريع التقسيم وندعم وحدة الأراضي السورية تحت راية الدولة الواحدة".
وحول الموقف من إسرائيل، قال البلعوس: "لا نحتاج حماية من أحد، وموقفنا من إسرائيل واضح ومعروف"، داعيًا في ختام تصريحاته السوريين إلى الوقوف في وجه العدوان الإسرائيلي، ومطالبًا الدولة بتحمّل مسؤولياتها في حماية دماء الأبرياء في محافظة السويداء.
وفي بيانة سابق لـ "حركة رجال الكرامة" قالت "إننا نؤمن أن الحل السياسي الشامل، العادل، والجامع، هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمات، على أن يُبنى هذا الحل على أساس احترام كرامة الإنسان، والاعتراف بحقوقه، والشراكة الوطنية الحقيقية التي لا تُقصي أحداً ولا تُقصى فيها كرامة أحد".
عبّرت وزارة الخارجية العراقية عن بالغ قلقها إزاء تصاعد حدة التوتر في سوريا، مدينةً بشدة الغارات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، ورافضةً أي انتهاك يطال سيادة البلاد.
وقالت الوزارة في بيان رسمي إن "جمهورية العراق تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع في الجمهورية العربية السورية، وتستنكر بشدة التدخلات العسكرية المتكررة التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لما تمثله من انتهاك صارخ للسيادة السورية وتهديد مباشر لاستقرار المنطقة برمتها".
وشدد البيان على موقف العراق "الثابت والمبدئي في دعم وحدة وسلامة الأراضي السورية، ورفض أي تدخل خارجي أو خرق لسيادتها يعرض أمن شعبها للخطر".
ودعت وزارة الخارجية جميع الأطراف داخل سوريا إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتقديم الحوار على المواجهة، مشيرة إلى أن استمرار التوترات سيؤدي فقط إلى تعميق معاناة السوريين، ويُعيق الجهود المبذولة لإرساء التهدئة والاستقرار.
كما جدّدت الخارجية العراقية دعمها الكامل لكل المساعي الإقليمية والدولية الهادفة إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا، والوصول إلى تسوية سياسية شاملة ومستدامة تضع حدًا لمعاناة الشعب السوري.
وكانت عبّرت مصر عن إدانتها الشديدة للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية واللبنانية، ووصفتها بانتهاك صارخ لسيادة بلدين عربيين شقيقين، وخرق مباشر للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وفي بيان رسمي نشرته وزارة الخارجية المصرية على موقعها الإلكتروني، اعتبرت القاهرة أن هذه الهجمات تمثل تهديدًا مباشرًا للاستقرار في كل من سوريا ولبنان، وتسهم في تصعيد التوتر الإقليمي، في وقت تتكثف فيه الجهود العربية والدولية، بمشاركة مصر، لدعم مسارات التهدئة وتعزيز الأمن في المنطقة.
وجددت الخارجية المصرية موقفها الثابت المطالب بضرورة احترام سيادة الدول، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها، مشددة على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي سوريا ولبنان.
وفي السياق ذاته، توالت المواقف العربية المنددة بالتصعيد الإسرائيلي، لا سيما في الجنوب السوري، حيث استهدفت الغارات الأخيرة مواقع للجيش السوري في محافظة السويداء، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى في صفوف القوات المسلحة والمدنيين، وسط تصاعد الغضب الرسمي والشعبي إزاء تلك الاعتداءات.
الرياض: دعم للإجراءات السورية وإدانة للتصعيد الإسرائيلي
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا أعلنت فيه عن ترحيب المملكة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية لضبط الأمن الداخلي والحفاظ على الاستقرار، ووصفت هذه الخطوات بأنها تصب في اتجاه بسط سيادة الدولة وتعزيز وحدة الأراضي السورية.
وأدانت الرياض ما وصفته بـ"الاعتداءات السافرة" التي تنفذها إسرائيل على الأراضي السورية، مؤكدة أن هذه الهجمات تمثل تدخلاً غير مقبول في الشأن الداخلي السوري، وتشكل خرقًا واضحًا لاتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974، داعية المجتمع الدولي إلى تحرك فوري لوضع حد لتلك الانتهاكات.
عمان: وقف إطلاق النار خطوة ضرورية لحماية المدنيين
بدورها، رحّبت وزارة الخارجية الأردنية بإعلان وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، معربة عن دعمها لجهود الدولة السورية في ترسيخ سلطتها على كامل أراضيها. وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، إن تهدئة الأوضاع وضبط النفس أمران أساسيان لحماية المدنيين والحفاظ على وحدة البلاد.
وأكد القضاة على أهمية دعم الجهود السورية لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس تحفظ الأمن وتضمن الحقوق لجميع المواطنين.
الدوحة: السلم الأهلي في السويداء أولوية
أما وزارة الخارجية القطرية فقد عبّرت في بيان رسمي عن ترحيبها بإعلان الحكومة السورية وقف إطلاق النار في مدينة السويداء، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل مؤشرًا إيجابيًا نحو تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد. وجددت الدوحة دعمها للإجراءات التي تتخذها الحكومة السورية من أجل الحفاظ على السلم الأهلي وحماية المواطنين.
دمشق: العدوان محاولة لزعزعة الاستقرار الوطني
في المقابل، أدانت الحكومة السورية بشدة الغارات الإسرائيلية الأخيرة، ووصفتها بأنها "محاولة مدروسة" لإرباك الأوضاع الداخلية وتقويض الأمن الوطني، وأكدت في بيان رسمي تمسكها بحقها في الدفاع عن أراضيها وسيادتها، مطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية إزاء ما يتعرض له السوريون من اعتداءات.
أنقرة: لا للحلول العسكرية... والاستقرار في سوريا يخدم المنطقة
وفي أنقرة، شددت وزارة الخارجية التركية على رفضها الكامل لاستخدام إسرائيل القوة العسكرية ضد جنوب سوريا، داعية إلى الوقف الفوري للهجمات، ومؤكدة دعمها للإجراءات المتخذة من قبل الحكومة السورية لتعزيز وجود الدولة، معتبرة أن استقرار سوريا يصب في مصلحة جميع شعوب المنطقة.
وتأتي هذه التطورات بعد موجة تصعيد عسكري إسرائيلية غير مسبوقة استهدفت مواقع عسكرية سورية في الجنوب، بالتزامن مع توتر داخلي متزايد في السويداء، ما زاد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في سوريا والمنطقة.
دعا عدد من النشطاء والحقوقيين المعنيين بقضايا اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لإلغاء مجموعة من القرارات التي اعتُبرت "مجحفة" بحق الفلسطينيين، والتي فُرضت خلال فترة حكم النظام السوري السابق، مشيرين إلى أن تلك الإجراءات ساهمت في تقليص حقوق اللاجئين بشكل غير مبرر.
وتركزت المطالب بشكل رئيسي على إعادة النظر في السياسات التي قيدت امتيازات الفلسطينيين، لاسيما في ما يتعلق بملف التملك، وهو الحق الذي كان يُعد من الركائز الأساسية للمعاملة الخاصة التي تمتع بها اللاجئ الفلسطيني في سوريا قبل عام 2011.
وجاءت أبرز التوصيات والمطالب بإعادة تفعيل صيغة "السوري ومن في حكمه" في كافة التعليمات الإدارية والقرارات الداخلية، بما يمنح اللاجئ الفلسطيني معاملة متساوية مع المواطن السوري في قضايا التوظيف، والتعليم الجامعي، والتملك، والسفر.
كذلك إلغاء القرار رقم 61/م الصادر عام 2018، والذي قضى بحلّ اللجنة المحلية لمخيم اليرموك وتحويل إدارتها إلى محافظة دمشق، مع الدعوة إلى إعادة تشكيل لجنة محلية مستقلة لتتولى إدارة شؤون المخيم كما كان معمولاً به سابقًا.
وطالبت بتسهيل توثيق الملكيات العقارية الخاصة بالفلسطينيين السوريين، سواء من خلال كاتب العدل أو عبر القرارات القضائية، دون فرض قيود إضافية، ورفع شرط الموافقة الأمنية المسبق التي تفرضها وزارة الداخلية على تملك الفلسطينيين للعقارات، والتي تُعد عقبة قانونية وإدارية أمام استقرارهم.
وأكد النشطاء أن هذه الإجراءات تُعد ضرورة ملحة لإعادة الاعتراف بالوضع القانوني الخاص للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وتمكينهم من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، خصوصًا في ظل الأزمات الإنسانية والمعيشية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.
وشدد متابعون لملف اللاجئين الفلسطينيين على أن هذه المطالب لا تنطلق من أي موقف سياسي، بل تأتي في إطار الدفاع عن الحقوق المدنية والإنسانية لفئة لطالما اعتُبرت جزءاً أصيلاً من النسيج الاجتماعي السوري، محذرين من استمرار التمييز الإداري والقانوني الذي يهدد استقرار آلاف العائلات.
أعلنت الخطوط الجوية القطرية، اليوم الأربعاء، عن استئناف رحلاتها المنتظمة إلى مطار حلب الدولي اعتبارًا من العاشر من آب/أغسطس 2025، لتعود بذلك بعد توقف دام أكثر من 13 عامًا.
ووفقًا للبيان الذي نشرته الشركة على موقعها الرسمي، فإن المرحلة الأولى من التشغيل ستشمل ثلاث رحلات أسبوعية إلى مدينة حلب، أيام الإثنين والأربعاء والأحد، على أن يتم رفع عدد الرحلات إلى أربع أسبوعيًا اعتبارًا من الأول من أيلول/سبتمبر المقبل.
وأوضحت الشركة أن هذا القرار يأتي ضمن خطتها لتوسيع شبكتها الإقليمية وإعادة ربط المدن السورية بشبكة وجهاتها الدولية، مؤكدة التزامها بتعزيز خيارات السفر للمسافرين من وإلى سوريا.
وكانت القطرية قد أطلقت خطها الجوي نحو مدينة حلب لأول مرة في عام 2011، إلا أن الرحلات توقفت في وقت لاحق بسبب الظروف الأمنية والسياسية التي شهدتها البلاد. وفي وقت سابق من عام 2025، استأنفت الخطوط الجوية القطرية رحلاتها إلى دمشق، عبر ثلاث رحلات أسبوعية انطلقت في السابع من كانون الثاني/يناير.
وأكدت القطرية في بيانها أن قرار استئناف الرحلات إلى سوريا جاء تلبية للطلب المتزايد من المسافرين، وبالتنسيق مع الجهات المختصة لضمان توافر أعلى معايير السلامة والأمن والجاهزية التشغيلية.
وستوفر الرحلات من دمشق وحلب للمسافرين إمكانية الوصول إلى مطار حمد الدولي في الدوحة، الذي يُعد من أبرز مراكز العبور الإقليمية. وكانت تصريحات سابقة لمسؤولين في وزارة النقل السورية قد أكدت أن الخطوط القطرية والتركية ستكون من أولى الشركات التي تُعيد تشغيل رحلاتها المنتظمة إلى البلاد.