كشفت وكالة "رويترز" أن الحكومة السورية تجري مفاوضات مع عدد من شركات الاتصالات الخليجية، بشأن مشروع استراتيجي لتطوير شبكة الألياف الضوئية في البلاد، وسط مؤشرات على تزايد اهتمام المستثمرين الدوليين بالاقتصاد السوري.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين سوريين رفيعي المستوى، أن المناقشات تشمل كبرى الشركات الإقليمية، من بينها "زين"، و"اتصالات"، و"الاتصالات السعودية"، و"أوريدو"، بهدف تنفيذ مشروع بقيمة تقديرية تصل إلى 300 مليون دولار، يهدف إلى تحديث البنية التحتية للاتصالات في سوريا.
ويأتي هذا التحرك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وهو ما اعتُبر بوابة لعودة الاهتمام الدولي بالفرص الاستثمارية في البلاد. ولم تُعلق الشركات المعنية على استفسارات "رويترز" بشأن الموضوع.
وكانت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات قد أعلنت مؤخراً عن إطلاق مشروع "SilkLink – سيلك لينك"، الذي يهدف إلى إنشاء شبكة ألياف ضوئية متطورة بسعة تصل إلى 100 تيرابت في الثانية، وتغطي مسافة نحو 4500 كيلومتر، تربط بين المدن الرئيسية، وتشتمل على مراكز تحويل رئيسية في تدمر والمنطقة الشرقية والجنوبية، ونقطة إنزال بحرية في طرطوس.
كما يتضمن المشروع إنشاء وصلات إقليمية مع الدول المجاورة، منها العراق ولبنان والأردن وتركيا، إلى جانب مسار بري جديد يربط آسيا بأوروبا، مما يضع سوريا على خارطة الممرات الرقمية الدولية.
ومن المقرر أن يُغلق باب تقديم العروض الفنية للمشروع في العاشر من حزيران الجاري، فيما تستمر الجهود الحكومية لتطوير البنية التحتية الرقمية في بلد يعاني من أحد أسوأ مستويات الاتصال بالإنترنت على مستوى العالم.
أعرب وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، عن تقديره العميق لحكومة السويد على المنحة المقدمة إلى سوريا، والتي تبلغ 80 مليون دولار أميركي، والمخصصة لدعم المشاريع التنموية خلال عامي 2025 و2026.
وجاء ذلك خلال لقاء جمعه في مبنى وزارة المالية مع السفيرة السويدية لدى سوريا ولبنان، جيسيكا سفار دستروم، حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات المالية الثنائية، ودور المنحة في دعم مسارات الإصلاح الاقتصادي والمالي في البلاد.
وأوضح الوزير برنية أن المناقشات تناولت أولويات استخدام المنحة، وفي مقدمتها تقديم المساعدة الفنية وبناء القدرات في مجالي المالية العامة والقطاع المالي الأوسع، مشدداً على أهمية توجيه الجزء الأكبر منها لإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات الحكومية في مختلف المحافظات.
وأكد أن التنسيق جارٍ مع وزيري الصحة والتعليم لوضع خريطة بالمرافق الأشد حاجة للدعم، بما يضمن توجيه المنحة بما يخدم الاستقرار المجتمعي وتحسين الخدمات الأساسية.
وفي ختام اللقاء، تم الاتفاق على استقبال وفد من كبرى الشركات السويدية لزيارة سوريا، بهدف استكشاف فرص الاستثمار وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني والنقل الجوي في سوريا، اليوم، عن بدء تسيير رحلات الخطوط الجوية السورية إلى مدينة إسطنبول التركية، اعتباراً من العاشر من حزيران الجاري، وذلك بعد حصولها على التراخيص الرسمية من السلطات التركية المختصة.
وفي بيان نشرته عبر قناتها على "تلغرام"، أوضحت الهيئة أن الرحلات ستنطلق من مطار دمشق الدولي باتجاه مطار إسطنبول الجديد بشكل يومي، داعية الراغبين بالسفر إلى مراجعة مكاتب "السورية للطيران" المعتمدة للاستعلام والحجز، إذ لم تُفعل بعد خدمة الحجز الإلكتروني، والتي يُنتظر توفرها قريباً.
وكانت "السورية للطيران" قد أعلنت في وقت سابق عن بدء استقبال حجوزات السفر ذهاباً وإياباً بين دمشق وإسطنبول، عبر جميع مكاتبها الرسمية في سوريا وتركيا. وأشارت إلى أن نظام الحجز الإلكتروني سيُطلق خلال الأيام المقبلة، لتسهيل الحجز من أي موقع داخل تركيا.
ويأتي هذا التطور بعد منح المديرية العامة للطيران المدني التركية (SHGM) تصريحاً رسمياً لشركة السورية للطيران، يسمح لها بتسيير رحلات مباشرة بين البلدين، بحسب ما أفاد به موقع "AirportHaber". ومن المتوقع إقامة حفل رسمي في مطار إسطنبول بمناسبة استئناف الرحلات.
وكان قطاع الطيران المدني بين دمشق وأنقرة قد شهد توتراً في الفترة الماضية، عقب توقف شركة "AJet" التابعة للخطوط الجوية التركية عن تسيير رحلاتها إلى دمشق، نتيجة إغلاق الأجواء التركية أمام الطيران السوري ومنع إصدار تصاريح الهبوط.
من جهته، عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن دعمه لاستقرار سوريا وعودة التواصل بين البلدين، مؤكداً أن استقرارها يصب في مصلحة المنطقة بأكملها. كما رحّب بخطوات الدول الأوروبية نحو رفع العقوبات عن سوريا، واعتبر تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن سوريا "نقطة تحول". وكشف أردوغان عن خطط لاستئناف الرحلات المنتظمة لشركة "أناضولو جيت" التركية باتجاه سوريا، بالتوازي مع بدء رحلات السورية للطيران نحو تركيا.
وجّه القاضي والحقوقي السوري المنشق، حسين حمادة، رسالة مفتوحة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، دعا فيها إلى ضرورة الالتزام الصارم بمواد الإعلان الدستوري الصادر في 13 آذار 2025، وإلغاء جميع التعيينات والإجراءات التي تمت بالمخالفة لأحكامه.
وأكد حمادة في رسالته تقديره للجهود التي يبذلها الرئيس الشرع في سبيل تحقيق الاستقرار والازدهار، وثقته برؤية القيادة السورية في بناء دولة القانون والمؤسسات، مشدداً على أهمية احترام القواعد الدستورية والتشريعية، التي تُعد حجر الأساس لأي تحول ديمقراطي حقيقي.
وأشار حمادة إلى أن المادة 51 من الإعلان الدستوري تنص على استمرار العمل بالقوانين النافذة ما لم تُعدَّل أو تُلغَ، مؤكداً أن قانون السلطة القضائية رقم 98 لعام 1961 لا يزال سارياً، ويتضمن شروطاً واضحة لتعيين القضاة وتشكيل مجلس القضاء الأعلى والهيئة العامة لمحكمة النقض.
وانتقد حمادة تعيين شخصيات لا تمتلك المؤهلات القانونية ضمن مجلس القضاء الأعلى وهيئة محكمة النقض، معتبراً أن هذه الخطوات لا تخالف قانون السلطة القضائية فحسب، بل تُعدّ انتهاكاً صريحاً لنصوص الإعلان الدستوري، وتؤدي إلى "انعدام الأثر القانوني" لجميع القرارات الصادرة عنها.
كما حذر من تجاوز القوانين في تعيينات الوظائف العامة ومنح الرتب العسكرية، في مخالفة لقانون العاملين الأساسي رقم 50 لعام 2004 وقانون خدمة العلم، مشيراً إلى أن تشكيل المحاكم من النظام العام، وأن أي إخلال به يُفقد القرارات القضائية مشروعيتها.
وفي ختام رسالته، طالب حمادة الرئيس الشرع بالتدخل العاجل لحماية نصوص الإعلان الدستوري وإلغاء كافة الإجراءات والتعيينات المخالفة له، باعتباره المسؤول الأول عن صون الدستور وضمان عدم العبث بمؤسسات الدولة الناشئة.
أجرى السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب إلى سوريا، توماس باراك، اجتماعًا في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ناقش خلاله تطورات الملف السوري والأوضاع الإقليمية.
وكتب باراك في منشور عبر حسابه على منصة "إكس"، أن اللقاء تركز على رؤية الرئيس ترمب لسوريا "كدولة ينبغي ألا تكون منصة تهديد لجيرانها، بما في ذلك إسرائيل، سواء من قبل دول أو كيانات غير حكومية".
وعقب وصوله إلى إسرائيل، قام باراك بجولة ميدانية في مرتفعات الجولان السوري المحتل، برفقة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، والوزير رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، إلى جانب عدد من قادة الجيش الإسرائيلي. وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن الجولة شملت زيارة نقاط استراتيجية حساسة في المنطقة.
في سياق متصل، أكد السيناتور الأميركي مارلين ستوتزمان، في مقابلة مع الصحيفة ذاتها، أن الرئيس السوري أحمد الشرع أبدى مرونة واستعدادًا للدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن ذلك مرهون بالحفاظ على وحدة سوريا وعدم تقسيمها أو تغيير حدودها الحالية.
وأوضح ستوتزمان، الذي زار إسرائيل مؤخرًا برفقة السيناتور أندرو كلايد، أن الشرع "قال الأمور الصحيحة"، مشددًا في الوقت ذاته على أن "الأفعال اليومية هي التي ستثبت صدق نواياه". وأضاف: "الشعب السوري يريد إعادة بناء حياته، ويجب منحه فرصة لتحقيق ذلك".
وفيما يتعلق بخلفية الرئيس الشرع، قال ستوتزمان إن عليه إثبات أنه لم يعد يمارس سياسات دكتاتورية أو يدعم الإرهاب، مشيرًا إلى أن "الفرصة ممكنة لكن مشروطة بسلوكه المستقبلي".
كما أشار إلى معلومات حول نية الشرع السماح بفتح سفارة إيرانية في دمشق، إلا أن منح التأشيرات للإيرانيين سيكون مقيدًا وفقًا للسياسات الجديدة، في إشارة إلى مساعي سوريا الجديدة لإعادة ضبط علاقاتها الخارجية ضمن ضوابط أمنية وسياسية محسوبة.
وكانت كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن زيارة مفاجئة أجراها المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا إلى منطقة الجولان السوري المحتل، برفقة وزير الأمن الإسرائيلي يوآف كاتس، والوزير رون ديرمر، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وعدد من القادة العسكريين.
وأشارت صحيفة "إسرائيل هيوم" إلى أن المسؤول الأميركي اطلع خلال الجولة على الأوضاع الأمنية في الجولان، وزار مواقع استراتيجية، في إطار تنسيق أمني متزايد بين واشنطن وتل أبيب، وسط تصاعد التوترات الإقليمية وتغيرات في المشهد السوري بعد سقوط نظام الأسد البائد.
وجاءت الزيارة عقب تصعيد إسرائيلي ليلاً إذ شنّت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، بعد منتصف ليل الرابع من حزيران 2025، سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية في ريف محافظة درعا، وطال القصف مناطق عدة، من بينها الفوج 175 قرب مدينة إزرع، ومحيط تل المال شمالي درعا، إضافة إلى ضربات جوية بين سعسع وكناكر، وغارات على تل المحص قرب بلدة نمر ومدينة جاسم شمالي المحافظة.
وكانت أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانًا عبر مكتبها الإعلامي، أكدت فيه أنها لم تتحقق من صحة الأنباء المتداولة عن إطلاق نيران من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل، مشيرة إلى احتمال استغلال بعض الأطراف للموقف بهدف زعزعة الاستقرار في الجنوب.
وأكدت الخارجية أن سوريا لا تشكل تهديدًا لأي دولة في المنطقة، وأن أولويات الدولة السورية في الجنوب تتركز على بسط سيادة القانون وإنهاء انتشار السلاح خارج المؤسسات الرسمية، بما يعزز الأمن والاستقرار.
كما أدانت دمشق بشدة القصف الإسرائيلي الذي طال مناطق مدنية في محافظة درعا، معتبرة أن الهجوم يُعد انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية، ويزيد من منسوب التوتر في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى التهدئة والحلول السياسية.
تشير التطورات الأخيرة إلى مرحلة جديدة من التصعيد المحتمل، خاصة بعد فترة من الهدوء النسبي على الحدود السورية مع الأراضي المحتلة، رغم استمرار الهجمات الجوية الإسرائيلية على مواقع في ريفي اللاذقية وطرطوس.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارة الأميركية للجولان، المتزامنة مع تصعيد ميداني، تحمل رسائل سياسية واضحة، وقد تمهّد لإعادة رسم التوازنات الأمنية على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، أن العمال السوريين لم ينجحوا فحسب في دول العالم، بل أسهموا في بنائها وازدهارها، حتى حين كانوا في ظروف اللجوء القاسية، مشددة على أن سوريا تملك قوة عاملة resilient وقادرة على قيادة مسار التعافي الوطني رغم سنوات الحرب والنزوح.
وخلال جلسة ضمن أعمال الدورة الـ113 لمؤتمر العمل الدولي في جنيف، أوضحت قبوات أن أعظم ثروات سوريا ليست النفط أو الصناعة، بل الشعب السوري ذاته، بكفاءاته وقدرته على الصمود، بمن فيهم ذوو الإعاقة الذين يمكن أن يكونوا فاعلين إذا توفر لهم الدعم المناسب.
وسلّطت الوزيرة الضوء على دور مراكز التنمية الريفية والنساء العاملات فيها، اللواتي استطعن رغم التحديات أن يصنعن فارقاً في إعالة أسرهن ومجتمعاتهن، مشيرة إلى أن الوزارة تعمل على توفير مختلف أنواع الدعم للعاملين في الداخل السوري، من خلال تحديث التشريعات وتوسيع برامج التدريب المهني والعملي، وتمكين العمل المرن، وتعزيز الحماية من عمالة الأطفال.
وأضافت قبوات أن جهود الوزارة تشمل تأسيس مراكز تدريب مهني جديدة تزوّد السوريين بالمهارات اللازمة للمساهمة في إعادة الإعمار، إلى جانب رقمنة الخدمات عبر منصات إلكترونية مثل "سوق العمل" و"تشارك"، داعية القطاع الخاص للمشاركة النشطة في هذه المنظومة لضمان تكامل سوق العمل الوطني.
وأشارت إلى أن الوزارة تُطلق جلسات حوارية في مختلف المناطق السورية تجمع بين العمال وأرباب العمل والمجتمع المدني لصياغة حلول مشتركة تضمن حقوق جميع الأطراف، لافتة إلى إعادة هيكلة مؤسسة التأمينات الاجتماعية لتكون أكثر فعالية، وتفعيل اللجنة الوطنية للسلامة والصحة المهنية، إلى جانب مراجعة آليات التفتيش العمالي لضمان تطبيق الحقوق بشكل عملي وليس فقط نظري.
وختمت قبوات بدعوة المجتمع الدولي وكافة الشركاء للمساهمة في دعم الشعب السوري والمشاركة في مسيرة إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.
يُذكر أن أعمال مؤتمر العمل الدولي بنسخته الـ113 انطلقت في الثاني من حزيران الجاري بمقر الأمم المتحدة في جنيف، بمشاركة أكثر من 5 آلاف مندوب من 193 دولة، لمناقشة أبرز التحديات المتعلقة بسوق العمل والحقوق الاجتماعية على مستوى العالم.
عقد وزير الخارجية والمغتربين السوري، السيد أسعد حسن الشيباني، مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع المفوضة الأوروبية لشؤون الديمقراطية والديموغرافيا، دوبرافكا شويتسا، في العاصمة السورية دمشق، في إطار زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الجمهورية العربية السورية والاتحاد الأوروبي.
وخلال كلمته، شدد الوزير الشيباني على أن “الاتحاد الأوروبي كان من أوائل الجهات التي تواصلت مع سوريا الجديدة بعد تحريرها، ورفع العقوبات المفروضة عليها”، مضيفاً أن “الاتحاد الأوروبي يتابع الوضع السوري عن كثب، ويدعم الحكومة السورية المنتخبة التي تمثل تطلعات الشعب السوري”.
وأكد الشيباني أن سوريا منفتحة على التعاون والحوار مع الدول الأوروبية، لا سيما في الملفات الاقتصادية والتنموية، وقال: “نسعى إلى علاقة إنسانية واقتصادية مع أوروبا لا تقتصر فقط على ملف اللاجئين، بل تشمل دعم جهود إعادة الإعمار وتهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين”.
وأشار إلى أن سوريا “حذّرت منذ بداية التحرير من أن عدم تطبيق اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974 سيؤدي إلى فوضى، ويدعم تمرد جماعات خارجة عن سلطة الدولة”، مؤكداً أن أي اعتداء على الأراضي السورية “مدان تماماً” وأن بلاده “تحمّل المجتمع الدولي مسؤولية وقف تلك الاعتداءات”.
وتابع الوزير: “أي فوضى في سوريا ستنعكس سلباً على المنطقة بأكملها، وسوريا اليوم تشكل عنصراً أساسياً في منظومة الأمن الإقليمي”.
من جانبها، أكدت المفوضة الأوروبية دوبرافكا شويتسا أن زيارتها إلى سوريا تأتي لـ”نقل رسالة واضحة بأن الاتحاد الأوروبي ملتزم بدعم الشعب السوري في هذه المرحلة المفصلية”، مشيرة إلى أن رفع العقوبات الأوروبية مؤخراً “يهدف إلى دعم جهود سوريا في إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي”.
وأضافت شويتسا أن “الاتحاد الأوروبي يدعم العودة الطوعية والآمنة للاجئين، وسنواصل دعمنا الإنساني والطارئ في مختلف القطاعات”.
ولفتت إلى أن هناك خططاً للتعاون التقني بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، تشمل مجالات الرقمنة، والطاقة، والموارد البشرية، والتكنولوجيا، وقالت: “نأمل أن نكون جزءاً من عملية بناء سوريا المزدهرة، وسنعمل على جذب الاستثمارات الأوروبية إلى داخل البلاد”.
واختتم المؤتمر بالإعلان عن تنظيم فعالية أوروبية – سورية تحت عنوان “يوم الحوار الأوروبي – السوري”، ستُعقد في الخريف المقبل كمنصة لتعميق التعاون السياسي والثقافي والاقتصادي بين الجانبين
أعلن وزير الداخلية السيد "أنس خطاب"، عن إجراء إصلاحات جذرية في وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية، تهدف إلى تحويل الجهاز الأمني من مصدر خوف إلى عامل طمأنينة للمواطنين، بعد عقود من الرعب الذي خلفته ممارسات أجهزة الأمن خلال حكم النظام السابق.
وأوضح الوزير خطاب، خلال مقابلة مع قناة الإخبارية السورية، أن الأجهزة الأمنية كانت في عهد حافظ الأسد وابنه بشار تشكّل مصدر قلق وخوف للسوريين داخل البلاد وخارجها، مؤكداً أن هذه الصورة دفعت الوزارة إلى إطلاق خطة شاملة لإعادة الهيكلة وتغيير المفهوم الأمني جذرياً.
وأكد خطاب أن الوزارة استندت إلى تجارب دولية في دمج العمل الأمني بالشرطي، وتوظيف الوسائل التقنية الحديثة، مع إحداث إدارات جديدة وإلغاء بعض الأجهزة التي كانت مرتبطة بالانتهاكات، مشيراً إلى أن الهدف هو محو أسماء مثل "أمن الدولة" و"الأمن السياسي والجوي" من الذاكرة الجمعية للشعب السوري.
وأشار إلى أن الوزارة تسعى لتوحيد القيادة الأمنية في كل محافظة، بما يضمن الفاعلية في مواجهة التحديات المتزايدة، وعلى رأسها خطر الإرهاب، وتحديداً تنظيم داعش، الذي قال إنه تم إحباط عدة عملياته داخل البلاد.
كما تطرّق الوزير إلى خطر المخدرات، موضحاً أن سوريا تحولت في عهد النظام السابق إلى "مصنع ومصدر" لهذه الآفة، وأن الوزارة تمكنت من وقف تصنيعها ومصادرة معامل الإنتاج، وتدخل الآن مرحلة كشف المواد المخبأة داخل البلاد.
وكشف الوزير خطاب عن العثور على ملايين التقارير الأمنية في أرشيف "الأمن السياسي"، كانت قد استُخدمت للإضرار بالمواطنين، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية أصبحت الآن تابعة لوزارة الداخلية وتخضع للرقابة والمحاسبة، كما فُتحت أبوابها لاستقبال الشكاوى.
وأكد الوزير استمرار الجهود لاستقطاب ضباط الشرطة المنشقين، لا سيما العاملين سابقاً في مناطق الشمال، مشيراً إلى أنهم سيشكلون جزءاً من البنية الجديدة للأمن الوطني، ولفت إلى سعي الوزارة لتحويل السجون إلى مراكز تأهيل وإصلاح بدلاً من كونها مراكز للعقاب، بما يساهم في دمج المحكومين في المجتمع من جديد.
كما أعلن عن تنسيق أمني مستمر مع عدد من الدول المتضررة من تجارة المخدرات، على رأسها السعودية والأردن، حيث تم ضبط شحنات ومعدات تهريب خلال الأشهر الماضية.
وفي خطوة تُعدّ من أبرز ملامح التحول الجديد، كشف الوزير عن إزالة أسماء 5 ملايين مواطن من قوائم المطلوبين التي كانت تضم ما يصل إلى 8 ملايين شخص خلال عهد النظام السابق، مشدداً على تقليل تدخل الأمن في حياة المواطنين اليومية، والتوجه نحو أمن خدمي يشعر السوريون أنه "منهم ولهم".
وقّعت وزارة الخارجية والمغتربين السورية مذكرة تفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتعلق بدعم سوريا في مجالي الأمن الغذائي ومكافحة السرطان، وذلك عبر مبادرتي "الذرة من أجل الغذاء" و"أشعة الأمل" اللتين تُشرف عليهما الوكالة، في خطوة جديدة نحو تعزيز التعاون الدولي في المجالات الحيوية.
وجرى التوقيع في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث وقّع المذكرة من الجانب السوري وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد حسن الشيباني، ومن جانب الوكالة المدير العام السيد رافائيل ماريانو جروسي.
وتهدف المذكرة إلى دعم استخدام التقنيات النووية والسلمية في تطوير الزراعة وتعزيز الأمن الغذائي، إلى جانب تحسين سبل التشخيص والعلاج في مجال الأورام ومكافحة مرض السرطان، ضمن إطار مبادرة "أشعة الأمل".
وأكد الوزير الشيباني خلال مراسم التوقيع أهمية هذه الخطوة في دعم القطاعات الصحية والزراعية السورية، مشيراً إلى أن التعاون مع الوكالة يأتي في إطار استراتيجيات الدولة لتعزيز التنمية المستدامة والاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة في خدمة المواطنين.
من جهته، أشاد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتعاون المتنامي مع سوريا، وأكد أن المذكرة تمثل امتداداً لجهود الوكالة في تمكين الدول من الاستفادة من التطبيقات السلمية للطاقة الذرية في مختلف المجالات الحيوية.
أعرب وفد من شركة مشاريع الكويت القابضة، خلال اجتماع رسمي مع حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية، عن شكره وتقديره لجهود المصرف في دعم العمليات داخل بنك سورية والخليج، مؤكداً أن هذا الدعم يشكّل دعامة أساسية في استقرار البنك واستعادة قدرته التشغيلية.
وأكّد الوفد الذي ضم أيضاً ممثلين عن البنك الأردني الكويتي، التزام المجموعة الكامل بالمساهمة في دعم القطاع المالي السوري، والمشاركة الفاعلة في إنعاش الاقتصاد الوطني، ضمن رؤية استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى أن تكون المجموعة شريكاً رئيسياً في مسيرة إعادة الإعمار والتنمية في سورية.
وأعلنت المجموعة أن ملاك بنك سورية والخليج يعملون حالياً على تسريع خطوات تشكيل مجلس إدارة جديد، بما يضمن تعزيز أداء البنك والارتقاء به إلى مستويات تشغيلية متقدمة، تماشياً مع توجيهات مصرف سورية المركزي وتعليماته التنظيمية.
من جانبها، قالت الرئيس التنفيذي للمجموعة، الشيخة دانا ناصر صباح الأحمد الصباح، إن المجموعة تثمّن الدعم البنّاء الذي تقدمه الجهات السورية المعنية، لا سيما مصرف سورية المركزي، مشيرة إلى أن سورية تمتلك جميع المقومات التي تؤهلها للعودة كقوة اقتصادية محورية في المنطقة، بفضل موقعها الجغرافي، وطاقاتها البشرية، وثرواتها الطبيعية.
وختمت بالقول: "نحن متفائلون بمستقبل سورية، وملتزمون بالمساهمة في إعادة إعمارها وازدهارها عبر استثماراتنا في قطاعات حيوية تشمل المصارف، والتطوير العقاري، والخدمات اللوجستية والنفطية، والتعليم، والمواد الغذائية والطبية".
سلط تقرير لموقع "الجزيرة نت" الضور على حياة وسطوة "رامي مخلوف" الشخصية الاقتصادية السورية الأبرز على مدار فترة طويلة من حكم ابن خاله الرئيس المخلوع بشار الأسد، حيث ارتبط اسمه بالنفوذ الاقتصادي الهائل، والسيطرة على قطاعات حيوية، والاتهامات بالفساد خلال حكم عائلة الأسد.
في مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية على الساحل السوري وُلد رامي في 10 يوليو/تموز عام 1969، وهو الابن الأكبر لمحمد مخلوف، شقيق أنيسة مخلوف، زوجة الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، مما يجعل رامي ابن خال بشار الأسد، ولهذا فقد نشأ في عائلة ذات نفوذ اقتصادي وسياسي كبير.
محمد مخلوف والبداية
تعود قصة هذه العائلة إلى عام 1972، حين تولى محمد مخلوف أخو أنيسة إدارة المؤسسة العامة للتبغ، وظل على رأسها حتى إبعاده عنها عام 1985، ثم تولّى فيما بعد إدارة المصرف العقاري، وبحسب بعض التسريبات الصحفية الاستقصائية فإن محمد مخلوف، فور تسلمه منصب إدارة المصرف العقاري السوري، فرض تسعيرة على القروض الممنوحة من المصرف بنسبة فائدة بلغت 15%، واستند إلى هذه التسعيرة في منح قروض ضخمة بمليارات الدولارات، ما أتاح له تحقيق أرباح شخصية مباشرة.
ومن خلال موقعه في المؤسسة العامة للتبغ، ولاحقا في المصرف العقاري، استطاع مخلوف أن يراكم ثروات ضخمة لم تُعرف قيمتها بدقة على مدى سنوات من العمل في هذين القطاعين الحيويين، وبحلول عام 1980، تنبّه مخلوف إلى الأهمية الضخمة لقطاع النفط السوري الوليد آنذاك، وما يدرّه من أموال هائلة، فانتقل إلى الاستثمار فيه، إذ أصبح شريكا في "شركة الفرات للنفط"، وهي شركة مختصة بالتنقيب عن النفط واستثمار الحقول.
وفي العام نفسه، قام محمد مخلوف بتأسيس شركة "ليدز" النفطية، التي اتخذت من العاصمة السورية دمشق مقرا لها، بالشراكة مع قريبه رجل الأعمال نزار أسعد، ولإخفاء صلته المباشرة بالشركة، عمد مخلوف إلى تسجيل حصته باسم غسان مهنا، شقيق زوجته، الذي كان يشغل سابقا منصبا في شركة النفط والغاز السورية، وقد دخلت "ليدز" بعد ذلك إلى سوق الاستثمار في قطاع النفط، مستفيدة من النفوذ الواسع الذي تمتع به مخلوف داخل مؤسسات الدولة الاقتصادية.
ورغم كل ذلك، لم يكن محمد مخلوف وابنه رامي من المتنفذين على القرار الاقتصادي والسياسي الأكبر في البلد في ظل حافظ الأسد، إلى أن سنحت لهما الفرصة مع تفاقم وضع حافظ الصحي عام 1998، وبداية انتقال السلطة إلى ابنه بشار، حيث بدأ نفوذ العائلة، وخاصة رامي مخلوف، بالتوسع بشكل غير مسبوق.
ومع تقلد بشار السلطة عام 2000، أدى ضعف خبرته السياسية والاقتصادية إلى بروز شخصية خاله محمد مخلوف بصفته مستشارا فعليا ومؤثرا خلف الكواليس، وقد استفاد مخلوف من ثقة الأسد الابن وإعجابه بطريقة إدارته ومهاراته الاقتصادية، ليضع خطة إستراتيجية تهدف إلى إحكام السيطرة على مفاصل الاقتصاد السوري، شملت أهم القطاعات الحيوية مثل النفط، والاتصالات، والقطاع المصرفي.
وبحسب بعض التقارير الاقتصادية وقتها، تولى مخلوف الإشراف على قطاع النفط بجميع جوانبه، من التنقيب إلى التصدير والاستيراد، وأسّس في هذا السياق شركات بالشراكة مع كلٍّ من غسان مهنا ونزار أسعد، بينما أوكل لابنه رامي إدارة قطاع الاتصالات، الذي أصبح لاحقا أحد أبرز مصادر النفوذ المالي للعائلة، ولا شك أن كل ذلك كان بالتعاون مع آل الأسد.
فوفقا للمصادر الاقتصادية السابقة ذاتها، فإن عائلة مخلوف والأسد كانتا تسيطران بين عامي 2000-2007 على أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي السوري، الذي قُدّر حينها بنحو 60 مليار دولار، فيما بلغت الثروة الإجمالية للعائلتين أكثر من 10 مليارات دولار، في مؤشر واضح على حجم التمركز المالي الذي حققته هذه الشبكة العائلية خلال السنوات الأولى من حكم بشار الأسد.
كومبو رامي مخلوف وبشار الأسد وأسماء الأسد
عائلة مخلوف والأسد كانتا تسيطران بين عامي 2000-2007 على أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي السوري، الذي قُدّر حينها بنحو 60 مليار دولار. (مواقع التواصل)
إمبراطورية رامي
أما رامي فقد تلقى تعليمه في سوريا، وتدرب على يد والده في العمليات التجارية، وشاركه في أغلبها، حيث بدأ نشاطه في سن مبكرة خلال فترة الحظر التجاري في الثمانينيات، كما استغل هذه الفترة لتهريب المواد الغذائية والكهربائية من لبنان وتركيا، مستفيدا من حصانة عائلته، كما تزوج من ابنة محافظ درعا وليد عثمان، مما عزز شبكة علاقاته الاجتماعية والسياسية.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز"، فقد امتدت مصالح مخلوف الاقتصادية إلى قطاعات إستراتيجية عدة، شملت الاتصالات والنفط والغاز، والإنشاءات، والمصارف، والطيران، وتجارة التجزئة، كما رأى محللون سوريون أن مخلوف مارس هيمنة شبه مطلقة على الاقتصاد السوري، إلى درجة أن أي استثمار محلي أو أجنبي لم يكن ليتم دون موافقته أو مشاركته المباشرة.
وفي عام 2008، قُدِّرت ثروته الشخصية بنحو 6 مليارات دولار أميركي، وكان يمتلك شركة "سيريتل"، إحدى شركتَيْ الهاتف المحمول في البلاد. وامتلك استثمارات واسعة في قطاعات العقارات والمصارف والأسواق الحرة والمناطق التجارية على الحدود اللبنانية، فضلا عن المتاجر الراقية.
كما سعى رامي مخلوف إلى الحصول على الوكالة الحصرية لشركة "مرسيدس" في سوريا، ولتحقيق ذلك مارس ضغوطا تشريعية تمثلت في تمرير قانون يمنع الشركة الألمانية من تصدير قطع الغيار إلى السوق السورية، ما لم تمنحه حق الامتياز الحصري، وقد جاء هذا التحرك رغم محاولات "مرسيدس" الإبقاء على شراكتها الطويلة مع أسرة سنقر، التي كانت الوكيل التقليدي لها في سوريا منذ عقود، وقد تمكّن مخلوف في نهاية المطاف من فرض سيطرته على هذا القطاع عبر استغلال النفوذ السياسي والاقتصادي المتنامي لديه.
إضافة لما سبق، امتلك رامي مخلوف كذلك الحصة الأكبر في "شام القابضة"، التي تُعد من أكبر التكتلات الاستثمارية في قطاع السياحة والعقارات الفاخرة في سوريا، حيث شملت استثماراته مشاريع كبرى في الفنادق والمطاعم الراقية، من خلال شركات تابعة مثل "المدائن"، إلى جانب مساهمته في شركة "خصائص بينا"، التي تنشط في تطوير مشاريع عقارية متعددة، وفي قطاع الطيران فقد فرض حضوره عبر شركة "لؤلؤة الشام"، أول شركة طيران خاصة تحصل على ترخيص للعمل في البلاد.
وقد امتد نشاط مخلوف الاقتصادي إلى القطاع المصرفي، حيث شارك في ملكية عدد من البنوك الخاصة التي أُسست في سوريا في مطلع الألفية، منها البنك الإسلامي الدولي، وبنك بيبلوس، وبنك البركة، وبنك الشام، وبنك الأردن، إلى جانب استثمارات في شركات التأمين والخدمات المالية. أما في مجال الطاقة، فكانت لدى مخلوف مصالح مباشرة من خلال شراكته مع "جلف ساندز بتريليوم" البريطانية العاملة في قطاع النفط والغاز.
كما تنوع نشاطه العقاري من خلال شركات مثل "الفجر"، و"باترا القاعدة"، و"الحدائق"، التي تنفذ مشاريع عمرانية وتجارية واسعة، وفي قطاع الإعلام، امتلك مخلوف صحيفة "الوطن" اليومية، وقناة "الدنيا"، وتلفزيون "نينار"، إضافة إلى استثمارات في مجال الإعلانات عبر شركة "بروميديا"، كما امتلك مدرسة "الشويفات الدولية"، وهي من أبرز المؤسسات التعليمية الخاصة في البلاد.
وفي المجال الصناعي سيطر مخلوف على شركة "إيلتيل ميدل إيست" إلى جانب شركات مثل "تي بي راماك"، كما عُد المستورد الحصري للتبغ في سوريا، سائرا على درب والده من قبل، وقد أشارت تقارير قانونية إلى أنه نقل ملكية أصول كبيرة في جزر فيرجن الأميركية إلى شقيقه إيهاب، بعد رفع دعاوى قضائية ضده بسبب تلك الحيازات الخارجية.
وبحسب بيار صادق في سلسلة مقالات كتبها بعنوان "صعاليك سوريا الجدد" كانت قد صدرت قبل الثورة السورية بسنوات، فإن نشاط رامي مخلوف الخارجي بدأ بعد مقتل الحريري، إذ إنه حوّل أموالا إلى بعض البلدان ليستثمرها.
حرص رامي مخلوف على السير على درب والده محمد مخلوف بالابتعاد شبه الكلي عن الإعلام لإدارة الإمبراطورية الاقتصادية لآل مخلوف والأسد بهدوء، ولهذا السبب اعتبر الكثير من المحللين أن هذه الإمبراطورية الاقتصادية والصناعية والإعلامية الكبيرة كانت تعمل ليل نهار على غسل أموال العديد من الأمور غير المشروعة، وصفقات فساد بالمليارات.
كما حافظَ مخلوف على علاقات وثيقة مع بشرى الأسد، الشقيقة الكبرى للرئيس المخلوع بشار الأسد، لنفوذها الكبير، كما ربطته صلات متينة بزوجها آصف شوكت، أحد أبرز المسؤولين الأمنيين السابقين في البلاد، إضافة إلى ذلك فقد جمعته شراكات اقتصادية متعددة مع ماهر الأسد الشقيق الأصغر لبشار، وإمبراطور الكبتاغون في البلاد، ولكن أفادت تقارير بوقوع توتر بين الرجلين، الأمر الذي يُعتقد أنه دفع مخلوف في عام 2005 إلى تحويل جزء من أنشطته التجارية إلى بعض الدول، وسط تحليلات تُشير إلى أنه كان على وشك أن يُستخدم "كبش فداء" في حملة دعائية ضد الفساد داخل النظام.
وفي فبراير/شباط 2008، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية تقريرا اتهمت فيه رامي مخلوف بالاستفادة من منظومة الفساد في سوريا، وأشارت إلى أن قُربه من النظام السوري منحه قدرة على احتكار سلع مربحة في السوق المحلية، كما اتهمته بتوظيف نفوذه للضغط على القضاء واستخدام أجهزة الاستخبارات لترهيب منافسيه في المجال التجاري، وذكرت الوزارة أن مخلوف استخدم هذه الوسائل للحصول على عقود حصرية مع شركات أجنبية ومنح امتيازات داخلية مربحة.
مخلوف والهاوية
وفي مايو/أيار 2011، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مباشرة على رامي مخلوف بتهمة تمويل النظام السوري وتقديم الدعم اللوجستي له في قمع الاحتجاجات الشعبية خلال الثورة السورية، ورأى الاتحاد الأوروبي أن أدوار مخلوف المالية والاقتصادية ساعدت السلطة في مواصلة العنف ضد المتظاهرين، ما وضعه في صدارة قائمة الشخصيات المستهدفة بالعقوبات الغربية خلال تلك المرحلة.
وقد اعتبر الثوار السوريون رامي مخلوف أحد أبرز رموز الفساد في البلاد، ووُجِّهت له اتهامات مباشرة خلال انتفاضة عام 2011، حيث رُدد اسمه في المظاهرات بوصفه "لصًّا"، ويرى معظم المحللين السياسيين أن ثروته الهائلة جاءت نتيجة علاقاته الوثيقة بالنظام السوري، مستفيدا من الامتيازات التي وفّرتها له صِلاته العائلية.
وقد ارتبط اعتقال المعارض السوري رياض سيف بشكل مباشر بانتقاداته الحادة لرامي مخلوف، وكان سيف، عضو مجلس الشعب السوري سابقا، من الأصوات البارزة التي انتقدت الحكومة خلال فترة ما عُرف بـ"ربيع دمشق" عام 2001، رغم تلقيه عدة تحذيرات من السلطات، حيث أطلق في سبتمبر/أيلول من العام ذاته حملة لمكافحة الفساد، ركّز فيها على الطريقة التي مُنحت بها رخص الهاتف المحمول، بما فيها الترخيص الذي حصلت عليه "سيريتل"، ولكن سرعان ما فقد سيف حصانته البرلمانية واعتُقل، ليقضي خمس سنوات في السجن.
وخلال الثورة السورية عام 2011، وجّه نشطاء المعارضة اتهامات لمخلوف بتمويل مظاهرات مؤيدة للنظام داخل سوريا وخارجها من خلال تقديم الأعلام واللافتات الداعمة، بالإضافة إلى وجبات الطعام ومبالغ مالية للمشاركين، واتُّهم باستخدام أدوات اقتصادية لتصنيع مشهد من الدعم الشعبي للنظام في وجه الاحتجاجات الواسعة، ما أسهم في تأجيج غضب المحتجين ورفع وتيرة الانتقادات ضده.
وفي خطوة غير متوقعة، وفي 16 يونيو/حزيران 2011، أعلن رامي مخلوف قراره بالخروج من عالم الأعمال في سوريا، في خطوة اعتُبرت محاولة لامتصاص غضب الشارع السوري، ولكن رغم هذا الإعلان، استمرت الانتقادات الموجهة له، واعتبره المتظاهرون أحد أبرز أوجه الفساد والاستغلال الاقتصادي المرتبطين بشكل مباشر برئاسة بشار الأسد، وهو ما جعله من أكثر الشخصيات المكروهة في صفوف الحراك الشعبي.
ويبدو أن هذا الحراك وخطورته جعل مخلوف يتجه لتأمين أمواله واستثمارها في الخارج، فقد أوردت منظمة "غلوبال ويتنس" الدولية المعنية بمكافحة الفساد أن أفرادا من عائلة مخلوف يمتلكون عقارات تُقدَّر قيمتها بنحو 40 مليون دولار داخل اثنتين من أبرز ناطحات السحاب في العاصمة الروسية موسكو، وبحسب تقرير المنظمة، فإن هذه الممتلكات، التي جرى الاستحواذ عليها بين عامَيْ 2013-2019، تقع في مواقع إستراتيجية داخل الحي التجاري الراقي، وتحديدا ضمن مُجمّعَيْ "مدينة العواصم" و"برج الاتحاد الفيدرالي".
كما أكدت المنظمة أن عائلة مخلوف كانت تسيطر على ما يقارب 60% من الاقتصاد السوري، وأشارت العديد من الأدلة إلى أن بعض المعاملات المالية ذات الصلة بشراء العقارات في موسكو تمّت بطريقة منظمة تهدف إلى إخفاء العلاقة المباشرة للعائلة بهذه الأصول، من خلال هياكل قروض وشركات وسيطة.
ورأت "غلوبال ويتنس" أن عمليات الشراء تلك تمثل دلالة قوية على ما وصفته بالدور غير المعلن الذي لعبته موسكو في دعم النظام السوري، مشيرة إلى أن مؤسسات مالية روسية وفّرت مظلة دعم مالي لعائلة الأسد خلال سنوات الحرب، وخلصت المنظمة إلى أن موسكو باتت تُمثل ملاذا آمنا لرؤوس الأموال المرتبطة بالنظام السوري، وقد تكون كذلك بوابة لتلك الأموال نحو الاندماج في النظام المالي العالمي.
ولكن في مرحلة لاحقة، اتخذ نظام بشار الأسد مجموعة من الإجراءات العقابية بحق رامي مخلوف، تمثلت في إصدار قرار مؤقت بمنعه من السفر على خلفية مطالب مالية مستحقة للدولة، والحجز على ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة، ومصادرة "جمعية البستان"، التي كانت تُعرف بأنها الغطاء الإنساني لنشاطاته الاقتصادية، وتفكيك المجموعات المسلحة التابعة له، ومنعه من إبرام أي عقود مع الحكومة، وتعيين حارس قضائي على شركة "سيريتل" التي كان يديرها.
ثم بلغت الأزمة ذروتها عام 2020، حين وضع بشار الأسد ابنَ خاله رامي مخلوف تحت الإقامة الجبرية، نتيجة تصاعد الغضب الشعبي من استعراض عائلته مظاهر الثراء الفاحش على وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة، وتزامنا مع ذلك بدأت أسماء الأخرس، زوجة بشار، بالتدخل المباشر في إدارة ملفات المال والنفوذ، في تحوُّل عُدّ من أبرز المؤشرات على إعادة تشكيل خارطة السلطة داخل الدائرة الضيقة للنظام.
وأمام هذه التطورات خرج رامي مخلوف عن صمته في سلسلة من المقاطع المصورة من منزله في يعفور بريف دمشق، موجِّها حديثه إلى بشار الأسد، ومتحدثا عن "ظلم" يتعرض له نتيجة مصادرة أمواله، ومشيرا إلى ما وصفه بمؤامرة داخل الدائرة الضيقة للرئيس تهدف إلى إقصائه عن الساحة الاقتصادية والسياسية.
في تلك المقاطع، قال رامي إن شركة "سيريتل"، التي كانت تدر عليه مليارات الليرات، خضعت لما وصفه بـ"الابتزاز الضريبي"، مشيرا إلى أنه طُلب منه دفع 250 مليون دولار دون مبرر قانوني، كما تحدث عن تدخل الأجهزة الأمنية لمنع موظفيه من دخول مقار الشركة، ولفت إلى أنه حُرم من لقاء بشار الأسد شخصيا، مضيفا أنه يتوسل الوصول إلى بشار دون جدوى!
وقد ظهرت تفسيرات متعددة لهذا الانفجار في العلاقة بين مخلوف والأسد، من بينها تحليلات تربط الأمر برغبة روسية في فرض إصلاحات اقتصادية جوهرية على النظام السوري، بعدما تضرر الاقتصاد بشدة وأثار استياء موسكو، ولكن بصرف النظر عن الدوافع الدقيقة، فإن النتيجة كانت واضحة؛ فقد استُبعد مخلوف من مركز القرار، في وقت تزايد فيه نفوذ أسماء الأسد، التي برزت بوصفها لاعبة محورية في المشهدين الاقتصادي والسياسي.
مخلوف يتبرأ من بشار
وعقب الإعلان عن سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، حاول عدد من أفراد عائلة مخلوف مغادرة البلاد باتجاه الأراضي اللبنانية، لكن تحركاتهم اصطدمت بكمين نصبه مقاتلون من المعارضة المسلحة على الطريق الحدودي، حيث أسفر الهجوم عن مقتل إيهاب مخلوف وإصابة إياد مخلوف، في حين أفادت بعض المصادر أن رامي مخلوف نفسه كان ضمن الموكب المستهدف أثناء محاولة الفرار.
وفي مارس/آذار 2025، اندلعت اشتباكات عنيفة في المناطق الساحلية السورية، بعد تنفيذ مجموعات علوية مسلحة هجمات منسقة على نقاط أمنية ودوريات في مدينتَيْ اللاذقية وطرطوس، وقد أدت المواجهات إلى سقوط القتلى من الطرفين.
وقد حمّل رامي مخلوف عبر منشور نشره على صفحته الرسمية في فيسبوك غياث دلا، أحد المقربين من قائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد، مسؤولية اندلاع تلك الأحداث في الساحل، متهما إياه بأنه السبب المباشر في تفجير الموقف، وقال إن دلا ومَن حوله من بقايا النظام "قبضوا الأموال وجعلوا أهلنا يدفعون الثمن دماء وذلًّا وجوعا".
كما صعّد مخلوف من لهجته تجاه رأس النظام السابق، موجِّها انتقادات لاذعة إلى بشار الأسد نفسه، واصفا إياه بأنه "الرئيس الهارب"، ومتهما إياه بـ"تدمير البلاد وجيشها واقتصادها وتقسيمها وتجويع شعبها"، وأضاف: "فوق كل ذلك هربت بأموال لو وُزِّعت على الشعب لما كان هناك جائع ولا فقير"، محملا إياه مسؤولية دماء القتلى من أبناء الطائفة العلوية.
وفي 27 إبريل/نيسان الماضي 2025، خرج بيان على لسان رامي مخلوف يدّعي أنه جهّز مع سهيل الحسن (المعروف بالنمر) 150 ألف مقاتل أو 15 فرقة عسكرية لحماية العلويين في "إقليم الساحل السوري"، مناشدا روسيا بشمل الإقليم برعايتها، على أن يضع تحت تصرفها جميع الإمكانيات العسكرية والاقتصادية، لكن بعد يوم خرج يتبرأ من هذا البيان، ويصرح بأن صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي مُهكَّرة، وأنه يرفض جملة وتفصيلا ما جاء في البيان؛ لأن ذلك يؤدي إلى زعزعة استقرار البلد، وسقوط مزيد من الضحايا فيه، وأنه منذ اليوم الأول من سقوط الأسد هنَّأ الإدارة الجديدة وأعلن دعمه المطلق لها.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية
أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، اليوم الأربعاء، عن فتح باب التقدّم إلى المنح الدراسية المقدّمة من المملكة العربية السعودية عبر منصة "ادرس في السعودية"، وذلك للعام الدراسي 2025–2026، وتشمل برامج المرحلة الجامعية الأولى، إضافة إلى درجتي الماجستير والدكتوراه.
وذكرت الوزارة في تعميم رسمي أن التقديم على منح المرحلة الجامعية الأولى يستمر حتى 14 حزيران الجاري، في حين يستمر التقديم على منح الماجستير والدكتوراه حتى 30 تشرين الأول 2025.
وبيّنت الوزارة أن المنح المتاحة تتنوع بين منح كاملة وجزئية، كما تتوافر خيارات أخرى للدراسة على النفقة الخاصة (مدفوعة)، وفقاً لشروط وآلية التقديم المعتمدة على المنصة السعودية.
وشددت الوزارة على ضرورة قيام الطلاب بعملية التسجيل إلكترونياً فقط عبر الرابط المرفق في التعميم المنشور على معرفاتها الرسمية، دون قبول أي طلبات ورقية أو خارج المنصة.
يُشار إلى أن منصة "ادرس في السعودية" تُعد بوابة حكومية إلكترونية متخصصة بخدمات التعليم العالي للطلاب الدوليين، وتُقدّم خدماتها بعشر لغات، وتهدف إلى تسهيل إجراءات التقديم والقبول والحصول على التأشيرة التعليمية، بما يعكس التزام المملكة العربية السعودية بدعم التبادل العلمي والثقافي على المستوى الدولي.