هيمنة هيئة تحرير الشام على العمل المدني يضع إدلب تحت سيف الاستهداف
هيمنة هيئة تحرير الشام على العمل المدني يضع إدلب تحت سيف الاستهداف
● أخبار سورية ٦ أغسطس ٢٠١٧

هيمنة هيئة تحرير الشام على العمل المدني يضع إدلب تحت سيف الاستهداف

شكلت التطورات الأخيرة التي شهدتها المناطق الشمالية المحررة لاسيما إدلب، من اقتتال بين "أحرار وتحرير الشام"، وسيطرة الأخير على مفاصل المناطق المحررة عسكرياً ومدنياً، سابقة خطيرة تدعوا للنظر ملياً فيما ستؤول إليه التطورات، وعواقب هذا الأمر محلياً ودولياً.

 

ولعل توجه تحرير الشام للهيمنة على المؤسسات المدنية في المحرر والأمر ليس بجديد، ولكنه بات اليوم أكبر مع تفردها في السيطرة وإزاحة المنافس مدنياً المتمثل بأحرار الشام كفصيل وسطي مقبول دولياً، جعل القضية أكثر تعقيداً من ذي قبل، لاسيما بعد الدعوة التي وجهتها تحرير الشام لجميع الفصائل العاملة في الشمال السوري، والعلماء والمشايخ والنخب الثورية والكوادر المدنية إلى اجتماع عاجل وفوري للوقوف على تحديات المرحلة والخروج بمشروع يحفظ الثورة لحفظ الثورة حسب بيانها الذي جاء بعنوان "الثورة مستمرة".

 

هذه الخطوة اعتبرت محاولة لتحرير الشام للالتفاف والهيمنة على المؤسسات المدنية جميعاً في المحررة من كل النواحي سواء كانت إنسانية أو صحية أو تعليمية أو غير ذلك من المؤسسات، وبالتالي الدخول في دوامة كبيرة قد تنهي علاقة هذه المؤسسات مع المؤسسات الدولية والتي بدأت الأخيرة بدراسة للوقائع الحالية، والنظر في طبيعة الدعم الذي ستقدمه لهذه المناطق أو قطعه نهائياً.

 

وجاء كلام "مايكل راتني" مبعوث الولايات المتحدة الخاص لسوريا ليؤكد التخوفات التي يتوجس منها الجميع شعبياً ومؤسساتياً بقوله إن "خطة تحرير الشام بالاختباء وراء إدارة مدنية مزعومة هي مجرد أساليب مراوغة مكشوفة وعقيمة هدفها الالتفاف على التصنيف، والأهم من ذلك هي محاولة لخديعة الشعب السوري، معتبراً الإدارة مجرد واجهة زائفة".

 

وأكد راتني في بيانه "أن الولايات المتحدة لن تتعامل مع أي واجهة يتم انشاؤها للتغطية على "جبهة النصرة" أو تكون "جبهة النصرة" مشاركة فيها وسنعتبرها ملحقا لمنظمة إرهابية وامتدادا "لعصابة الجولاني"، مشيراً إلى أنهم يعلمون أن هناك أطراف انضمت لهيئة تحرير الشام لأسباب تكتيكية محددة وليس لتوافق فكري أو إيديولوجي، ناصحاً الجميع بالابتعاد عما أسماه "عصابة الجولاني" قبل فوات الأوان.

 

هذا التلميح الأمريكي والدراية بكل ما تقوم به تحرير الشام من التضييق على المؤسسات المدنية والسعي للهيمنة عليها بطرق عدة، يشكل خطراً كبيراً من إمكانية "تصنيف المجتمع المدني" بعد أن صنفت الساحة كمنطقة تسيطر عليها تحرير الشام، على الرغم من وجود فصائل أخرى ولكن الدول الكبرى تعي أن وجودها شكلياً وأن القوة والكلمة اليوم لتحرير الشام، وبالتالي فإن الساحة مصنفة عسكرياً، وبات الحديث والتلميح اليوم عن التصنيف المدني في حال استمرت تحرير الشام في مسعاها.

 

وتعتبر المؤسسات المدنية سواء كانت إنسانية كمنظمات عمل إنساني وجمعيات خيرية أو صحية أو تعليمية أو تنظيمية، منظمات مستقلة لا تتع لأي جهة عسكرية كانت، تتجنب دائماً الارتباط بأي فصيل، ولطالما صدرت عشرات البيانات التي تؤكد فيها على استقلاليتها وعملها لتقدم الخدمات للمدنيين، تربطها مع المنظمات الدولية الداعمة رسمية كانت أو مستقلة علاقات وعقود ومشاريع تساهم بدرجة كبيرة جداً في تماسك المناطق المحررة وصمودها حتى اليوم في وجه أعنف الحملات والحصار الذي تتعرض له لاسيما محافظة إدلب التي باتت ملجأ لآلاف المهجرين.

 

ولعل اقحام تحرير الشام نفسها في الجانب المدني كونها مصنفة على قوائم الإرهاب، سيدفع الدول الغربية لتعميم التصنيف ليس عسكرياً فقط بل مدنياً أيضاً في حال رضخت المؤسسات المدنية في المحرر و قبلت بالدخول في أي تشكيل أو مؤسسة تابعة لتحرير الشام، وبالتالي توقف الدعم كلياً عن المحرر وإغلاق مكاتب المنظمات الدولية ووقف التعامل مع المنظمات المحلية وتقديم الدعم لها وقد يبرر قصفها لاحقاً واستهدافها ويشرعن أمام كل العالم، وبالتالي إيصال المناطق المحررة لحالة شلل كبيرة من جميع النواحي الطبية والإنسانية والتعلمية والتنظيمية، والدخول في حصار خانق ربما يودي بكارثة إنسانية لاتحمد عقباها.

 

ولعل الحل الوحيد في تجاوز "تصنيف المجتمع المدني" هو الحفاظ على استقلالية المؤسسات المدنية في الشمال المحرر، وتحيدها عن التبعية لأي فصيل او جهة عسكرية، والتفات تحرير الشام للجانب العسكري والتوجه للجبهات وترك الفعاليات المدنية في المحرر تلعب دورها بشكل فاعل ومستقل، بعيداً عن أي تبعية، لاسيما أن تحرير الشام تسعى جاهدة لإبعاد التصنيف عنها وربما تحتاج لسنوات، فوجب عليها عدم إدخال المجتمع المدني في معركتها وترك ما يخفف عن الشعب السوري معاناته بعيداً عن العسكرة.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ