
خدمة رقمية في بيئة نقدية.. "شام كاش" تحت مجهر الموظفين
في ظل الجهود الحكومية أطلقت وزارة المالية في الحكومة السورية مبادرة لتحويل رواتب موظفي القطاع العام إلى صيغة إلكترونية عبر تطبيق "شام كاش"، ضمن ما تصفه بخطوة نحو التحول الرقمي وتعزيز الشفافية المالية.
لكن التجربة أثارت تباينًا واسعًا بين من اعتبرها نقلة نوعية، ومن رآها عبئًا إضافيًا ومنذ أيار/مايو 2025، بات محاسبو المؤسسات العامة مطالبين بتحويل الرواتب إلى حسابات مرتبطة بالتطبيق، ليتم سحبها لاحقًا عبر مراكز الحوالات مثل "الهرم" و"الفؤاد"، أو صرفها عبر الدفع الإلكتروني.
ورغم بدء بعض الموظفين استخدام التطبيق منذ نيسان/أبريل الماضي، ما زال كثيرون يفضّلون الطرق التقليدية، إما بسبب مشاكل تقنية أو مخاوف من الأمان الرقمي.
وأفاد "مصطفى الأحمد"، موظف في مديرية التربية، قال في حديث لـ"الجزيرة نت" إنه لا يثق بالتطبيق بعد أن تلقى رسائل تحذيرية عن محاولات اختراق، واصفًا البيئة بأنها "غير جاهزة" لمثل هذا النوع من الخدمات، في ظل اعتماد الأسواق السورية على التعامل النقدي.
وأشار "الأحمد" إلى أن التطبيق توقف عن العمل لثلاثة أيام متتالية، مما حرم عددًا من الموظفين من استلام رواتبهم، مضيفًا أن بعض المستخدمين يودعون مبالغ ضخمة تصل إلى آلاف الدولارات، ما يعزز المخاوف حول أمن هذه الأموال.
في المقابل، يرى آخرون أن "شام كاش" يمثل تقدّمًا في البنية المالية الإلكترونية. "أسامة عثمان"، صاحب شركة تجارية، قال إن التطبيق بات أكثر موثوقية، ويقدم خدمات مجانًا كتحويل الأموال بين المستخدمين وسحبها من الصرافات دون رسوم، متوقعًا أن يصبح الدفع الإلكتروني الوسيلة الأكثر شيوعًا في سوريا خلال أشهر قليلة.
"محمد اليوسف"، من الفريق التقني للتطبيق، أكد أن العمل جارٍ لتحديث نظام الأمان وتحسين الأداء، خصوصًا في المناطق التي تعاني من ضعف الإنترنت، وشملت التحديثات الأخيرة ميزات جديدة مثل حماية بالبصمة، واجهات ليلية ونهارية، ودعم لغات متعددة.
لكن "اليوسف" حذّر من مجموعات احتيالية تنتحل صفة "الدعم الفني" وتستهدف المستخدمين، خصوصًا النساء، للحصول على بياناتهم الشخصية بغرض الابتزاز، مؤكدًا أن فريق الدعم الرسمي لا يطلب معلومات شخصية أبدًا.
ورغم الزخم الرسمي حول "شام كاش"، إلا أن التجربة تعكس واقعًا هشًا في البنية التحتية، ومستوى متواضعًا في الثقة العامة بأنظمة الدفع الإلكتروني، وهو ما يضع التطبيق بين فكّي التطلعات التقنية والتحديات الواقعية.