منظمة أنقذوا الطفولة تحذر: مخلفات الحرب تهدد حياة الأطفال السوريين يومياً
تحدثت منظمة "أنقذوا الطفولة" من خلال تقريرها الأخير، عن مخاطر مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة على الأطفال، مؤكدة أن الأخطار التي تلاحق الأطفال السوريين ما تزال مستمرة رغم توقف الحرب، وشددت من خلال قصة عرضتها على أن العودة إلى المناطق الأصلية لم تعد تعني الأمان.
يوسف وأسامة.. فرحة لم تكتمل
وعرض التقرير نموذجاً صارخاً على ذلك من خلال قصة الشقيقين أسامة (6 سنوات) ويوسف (10 سنوات)، الذين حولت الألغام والذخائر غير المنفجرة يوم عودتهما المنتظر بعد سنوات طويلة إلى مأساة قاسية.
يوضح التقرير أن الشقيقين أسامة ويوسف عادا مع عائلتهما إلى منزلهما القريب من إدلب قبل نحو ستة أشهر، لتباشر الأسرة ترميم منزلها المدمر بسبب القصف. وبسبب غياب المسكن، أقام والدهما خيمةً قرب المكان، لكن أثناء لعبهما خارجها انفجر لغم من مخلفات الحرب، فأصيب الطفلان بجروح بليغة، وخسر كلٌّ منهما ساقه. ولم تتوقف الكارثة عند هذا الحد، إذ فقدت العائلة طفلها الآخر خالد، البالغ من العمر ثمانية أعوام، في الانفجار ذاته.
ثم أجبرت العائلة على الرجوع إلى مخيم نازحين في منطقة جبلية تبعد نحو 60 كيلومتراً شمالاً، حيث أمضت العائلة هناك 6 سنوات من حياتهم.
الألغام تهدد حياة المدنيين بعد العودة
تؤكد المنظمة أن الألغام الأرضية ومخلّفات الذخائر غير المنفجرة ما تزال تشكّل أحد أبرز التحديات التي تواجه المدنيين في سوريا، موضحة أن البلاد شهدت نزوح أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم نحو 25 مليون نسمة، سواء داخل الحدود أو خارجها، خلال سنوات الصراع. كما تشير إلى أن العام الحالي وحده شهد عودة ما يقارب 1.2 مليون لاجئ و1.9 مليون نازح إلى مناطقهم الأصلية.
مئات الضحايا
ويشير تقرير المنظمة إلى أنه رغم انتهاء الحرب في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، فقد لقي 165 طفلاً حتفهم وأصيب 423 آخرون خلال العام الماضي نتيجة انفجار ذخائر غير منفجرة، بحسب بيانات صادرة عن مؤسسة "هالو ترست" هذا الشهر.
وصل إجمالي الإصابات إلى 1592 حالة، منها 585 وفاة، وهو الرقم الأعلى خلال السنوات الخمس الماضية. وبسبب غياب سجل مركزي لتوثيق الإصابات، يُعتقد أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير من المعلن.
صعوبات وتحديات
قال والد الأطفال، غسان (35 عاماً)، الذي يعيل أسرته من خلال جمع وبيع البلاستيك والمعادن، والذي فقد أحد أبنائه في قصف عام 2019 وأصيب بفقدان البصر في إحدى عينيه، إنه لم يعد يرى أي أمل في العودة إلى منزله.
يشير إلى أن العديد من الأهالي شرعوا بالعودة، إلا أن المخاطر ما تزال قائمة، لذا قرر البقاء في المخيم الذي يقيم فيه حالياً. ويضيف أن أسرته تكبدت خسائر كبيرة، وأن زوجته تواجه صعوبات كبيرة للتأقلم مع هذه الظروف.
يتابع أن ابنه أسامة، الذي فقد ساقه نتيجة انفجار اللغم، يحاول أحياناً المشي وينسى أنه بلا ساق، مشيراً إلى أنهم يضطرون للذهاب إلى المستشفى مرة أسبوعياً لتلقي العلاج الطبيعي. ويضيف أن المدرسة في المخيم تمثل لهم الأمل الوحيد، وبدونها تصبح حياتهم كابوساً.
تداعيات انخفاض الدعم
لفتت منظمة "أنقذوا الأطفال" إلى أن انخفاض التمويل الدولي هذا العام أثر على استمرارية عمل المدارس في المخيمات، وبرامج التوعية بمخاطر الألغام، فضلاً عن دعم ضحايا المتفجرات، وتوفير الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي للمتضررين.
ويشير تقرير سابق للمنظمة إلى أن الأطفال يمثلون نحو 43% من إجمالي ضحايا المتفجرات في سوريا. كما أن النداء الإنساني الخاص بجهود إزالة الألغام لعام 2024 لم يحصل إلا على تمويل بنسبة 13% فقط من أصل 51 مليون دولار المطلوبة.
مخلفات الحرب تهدد الأطفال
قالت مديرة المنظمة في سوريا، رشا محرز، إن الأطفال ما زالوا يتعرضون لمخاطر مخلفات الحرب بشكل يومي، رغم توقف العمليات العسكرية وانتهاء الحرب. وأضافت أن الأطفال الذين نجوا من الصراع ما زالوا معرضين لخطر الموت في أي لحظة، ودعت إلى تعزيز برامج إزالة الألغام وزيادة الدعم الدولي لضمان حماية المدنيين.
أهمية الإسراع بإزالة المخلفات وضرورة تعزيز الدعم
ودعت المنظمة الحكومة السورية إلى الإسراع في تحديد المناطق الملوثة بمخلفات الحرب وتنظيفها، مع تزويد الخبراء بالمعدات الضرورية للقيام بهذه العمليات.
وعلى الصعيد العالمي، أكدت المنظمة على أهمية زيادة الدعم لعلاج إصابات البتر لدى الأطفال، وتوفير الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي، إضافة إلى تدريب الطواقم الطبية. وشددت على ضرورة ضمان التعليم الشامل للأطفال المصابين.