
معاناة أهالي مخيمات إدلب والحاجة الملحّة لإعادة تأهيل القرى المتضررة
يواجه آلاف المدنيين في المخيمات شمالي إدلب واقعاً قاسياً نتيجة شح الدعم أو انعدامه، فيما يترقبون لحظة العودة إلى قراهم ومدنهم التي تضررت منازلها وبنيتها الخدمية بشكل كبير، ورغم مضي سنوات على نزوحهم، ما يزال الأهالي عالقين في خيام أو غرف بدائية مسقوفة بعوازل لا توفر الحماية من حرارة الصيف ولا من برد الشتاء، الأمر الذي فاقم معاناتهم النفسية وعمّق شعورهم بعدم الاستقرار وفقدان الأمان.
وتتفاقم الأوضاع في ظل التراجع الكبير في حجم المساعدات خلال السنوات الأخيرة، حيث تقلّصت حصص السلال الغذائية وخدمات الصرف الصحي وجمع النفايات، إضافة إلى صعوبات في تأمين المياه ومواد التدفئة، ورغم اختلاف مستوى الخدمات بين مخيم وآخر، إلا أن معظمها يبقى بعيداً عن الحد الأدنى المطلوب لتأمين حياة كريمة للنازحين.
مدنيون التقتهم الشبكة الحقوقية أكدوا أنهم عاجزون عن إعادة بناء منازلهم المدمرة كلياً أو جزئياً، إذ استنزفت سنوات النزوح كل مدخراتهم، واضطر كثيرون منهم إلى الاستدانة لتأمين احتياجات أسرهم اليومية. ومع ضعف الموارد المالية وتدهور الأوضاع الاقتصادية، بات إصلاح المنازل وإعادة تأهيلها أمراً يتجاوز قدراتهم تماماً.
ولا يقتصر الوضع على المخيمات، إذ لا تزال العديد من قرى ومدن ريف إدلب تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية، مثل انقطاع الكهرباء، وغياب شبكات المياه ما يضطر السكان إلى شرائها بأسعار مرتفعة، فضلاً عن تردي حالة الطرق المليئة بالحفر والأنقاض، ما يجعل هذه المناطق غير صالحة للعيش دون تدخل عاجل ومشاريع لإعادة التأهيل.
ورغم انطلاق مبادرات أهلية في بعض المناطق، شملت إزالة الأنقاض وإغلاق فتحات الصرف الصحي المكشوفة وترميم المساجد، إلا أن هذه الجهود المتفرقة لا تزال غير كافية أمام حجم الدمار والاحتياجات المتراكمة.
أمام هذا الواقع، يطالب الأهالي والناشطون بإطلاق حملات دعم وتبرع مماثلة لمبادرتي "أبشري حوران" في درعا و"أربعاء حمص"، واللتين حققتا نتائج ملموسة في إعادة تنشيط الحياة في مناطق تضررت بفعل الحرب. ويؤكدون أن مثل هذه المبادرات الشعبية، إذا ما لقيت دعماً حكومياً ومجتمعياً واسعاً، يمكن أن تفتح الباب أمام عودة النازحين إلى قراهم بكرامة وأمان.