خلف الشاشات: العنف الإلكتروني وتأثيره على الأفراد
يعاني الآلاف يومياً من العنف الإلكتروني، شكل من أشكال الأذى الذي يُمارس عبر منصات التواصل والوسائل الرقمية، بهدف إلحاق الضرر النفسي والاجتماعي والمعنوي بالأفراد أو الجماعات، غالباً دون مواجهة مباشرة أو كشف هوية المعتدي.
ومع توسع استخدام الإنترنت والهواتف الذكية، أصبحت هذه الظاهرة تؤثر بشكل مباشر على حياة المستخدمين اليومية، مسببة لهم مشكلات متعددة، كما تفرض تحديات كبيرة على الأسرة والمجتمع على حد سواء.
صور العنف الإلكتروني
تتنوع صور العنف الإلكتروني، بدءاً من التنمّر عبر الإنترنت الذي يظهر في السخرية والإهانة أو التشهير المتكرر عبر الرسائل والتعليقات، مروراً بـ التهديد والابتزاز باستخدام الصور أو المعلومات الشخصية للضغط أو طلب مصالح معينة، وصولاً إلى انتهاك الخصوصية عبر اختراق الحسابات أو نشر معلومات شخصية دون إذن.
كما يشمل هذا العنف خطاب الكراهية الذي يحرض على العنف أو التمييز على أساس الجنس أو الدين أو العرق، إلى جانب الملاحقة الرقمية التي تتم عبر التتبع المستمر وإرسال رسائل مزعجة أو مخيفة.
دوافع الإساءة عبر الإنترنت
تتعدد عوامل وجود العنف الإلكتروني، أبرزها الرغبة في السيطرة أو التفوق على الآخرين عبر الإنترنت، ونقص الوعي الرقمي لدى بعض المستخدمين، وعدم إدراك تأثير أفعالهم أو عواقبها القانونية.
كما يسهم غياب متابعة الأسرة لاستخدام الأطفال والشباب للإنترنت في إتاحة فرص أكبر للتنمر والإساءة، إلى جانب انتشار ثقافة العنف في الحياة الواقعية التي تنعكس على العالم الرقمي. وتشمل العوامل الأخرى الرغبة في تشويه صورة أشخاص معينين أو تحقيق مصالح شخصية، إضافة إلى سهولة الوصول إلى المنصات الرقمية التي تسهّل نشر الرسائل المسيئة.
تداعيات الأذى الإلكتروني
ويؤدي العنف الإلكتروني إلى العديد من الآثار السلبية على الضحايا، أبرزها الشعور المستمر بالقلق والخوف وفقدان الثقة بالنفس. وقد يدفعهم ذلك أحياناً إلى العزلة عن المجتمع، خاصة إذا تم نشر محتوى مسيء عنهم على نطاق واسع. كما يؤثر على قدرتهم على التواصل والتفاعل الاجتماعي، وقد تتعرض سمعتهم أيضاً للتشويه نتيجة نشر أخبار أو معلومات كاذبة، ما يترك آثاراً طويلة المدى على حياتهم الشخصية والمهنية.
في الختام، توجد حلول فعّالة لمواجهة ظاهرة العنف الإلكتروني، تتمثل في تعزيز الوعي الرقمي لدى المستخدمين ومعرفة كيفية التعامل مع المحتوى المسيء، والحظر والإبلاغ الفوري عن المتنمرين أو المحتوى المسيء. كما يشمل الحل متابعة استخدام الأطفال والشباب للإنترنت وتوعيتهم بمخاطر العنف الإلكتروني، وتدريب الطلاب على الأخلاق الرقمية وكيفية الرد بطريقة آمنة على التنمر والمضايقات.
إضافة إلى ذلك، يُعد استخدام أدوات الحماية والمراقبة على الأجهزة والمنصات الرقمية، وسن قوانين صارمة لمعاقبة مرتكبي العنف الإلكتروني وحماية الضحايا، وتوفير دعم قانوني ونفسي لهم، من أهم الإجراءات لضمان استعادة الضحايا لحياتهم الطبيعية والتخفيف من آثار الإساءة الرقمية.