مشاهد العنف والرعب بين أيدي الأطفال: المخاطر النفسية والسلوكية لغياب الرقابة الأبوية
مشاهد العنف والرعب بين أيدي الأطفال: المخاطر النفسية والسلوكية لغياب الرقابة الأبوية
مع تسارع التطور التكنولوجي، باتت الأجهزة الذكية في متناول الجميع، ووصل الأطفال من خلالها إلى محتوى واسع ومتنوّع. وفي غياب المتابعة من بعض الأهالي لما يشاهده أبناؤهم، قد يتعرض الأطفال لمشاهد عنف ورعب وغيرها من المناظر الصادمة، ما يجعلهم عرضة لاضطرابات نفسية وسلوكية يصعب تجاهلها.
غياب متابعة الأهالي
يُعزى إهمال العوائل لمراقبة ما يشاهده الأطفال إلى عوامل متعددة، أبرزها انشغالهم بأعمالهم اليومية، وقلة وعيهم بخطورة المحتوى العنيف وتأثيراته السلبية، إضافة إلى اعتقاد البعض أن ما يُعرض على الإنترنت أمر عادي ولا يستدعي القلق. ما يجعل الأطفال عرضة لمحتويات قد لا تناسب أعمارهم.
من الشاشة إلى التقليد
إلا أن مشاهد العنف والرعب تؤدي إلى تأثيرات سلبية واضحة. في هذا السياق، تروي أم أمجد، سيدة مقيمة في مدينة إدلب، لشبكة شام الإخبارية قصة حصلت مع ابنها، الذي شاهد محتوى رعب مع أصدقائه، ما تسبب له بكوابيس وخوف شديد من الظلام، حتى أنه امتنع عن الذهاب إلى الحمام في الليل لفترة طويلة، واستغرقت الأم وقتاً وجهداً لمساعدته على تجاوز هذه الحالة.
ومن جانبها، تسرد ريمة الموسى، نازحة من ريف حماة، حادثة صادمة حصلت داخل منزلها، فتقول إنها كانت تنظّف الأطباق في المطبخ، بينما كانت ابنتها تلعب مع بنات الجيران في غرفة مجاورة. وعند دخولها لتفقدهن، فوجئت بالفتيات يربطن خيطاً حول رقبة طفلة في محاولة لتقليد مشهد رأينه في أحد المسلسلات، فسارعت إلى فك الخيط عن رقبة الطفلة، وتحدثت إليهن عن خطورة ما كن يفعلنه.
تداعيات على الصعيد النفسي والسلوكي
وتؤكد الدراسات النفسية أن مشاهد العنف تترك العديد من التداعيات السلبية على نفسية الأطفال، أبرزها ارتفاع مستويات القلق والتوتر لديهم، وظهور مخاوف جديدة مثل الخوف من الظلام على سبيل المثال. كما قد يعاني الطفل من اضطرابات في النوم، بما في ذلك الكوابيس، إضافة إلى إحساس دائم بعدم الأمان.
وعلى الصعيد السلوكي، تشير الدراسات إلى أن تعرّض الأطفال لهذا النوع من المحتوى يدفع بعضهم إلى تقليد السلوكيات الخطرة أو العنيفة بشكل مباشر، واللجوء إلى العنف كوسيلة للتعبير أو لحل الخلافات، إلى جانب تبنّي أسلوب عدواني تجاه الإخوة أو الأقران.
ضرورة اختيار المحتوى الملائم للأطفال
وبدورها توصي بشرى، معلمة في إحدى المدارس الابتدائية، الأهالي بضرورة مراقبة المحتوى الذي يتابعه أطفالهم، والتأكد من ملاءمته لأعمارهم، إلى جانب توفير بدائل آمنة كالقصص الهادفة، والبرامج العلمية. كما تحثّ الأهالي على تجنّب مشاهدة أفلام الرعب أو العنف أمام الأطفال منعاً لتأثيرها السلبي عليهم.
ختاماً، تُعدّ المشاهد العنيفة تهديداً حقيقياً لنفسية وسلوك الأطفال، ما يجعل من الضروري أن يراقب الأهالي بدقة ما يشاهده أبناؤهم، ويحموهم من أي محتوى قد يزعزع استقرارهم النفسي أو يدفعهم لتقليد سلوكيات خاطئة قد تعرضهم للخطر.