
مبادرات طبية وإنسانية تُمهّد الطريق لعودة النازحين إلى مناطقهم بسلام
رغم سقوط نظام بشار الأسد وأجهزته الأمنية في 8 كانون الأول/ديسمبر 2025، لا تزال عودة النازحين السوريين إلى قراهم ومدنهم تصطدم بجملة من التحديات، بعد سنوات من التهجير القسري والدمار الذي خلّفه النظام في مختلف أنحاء البلاد. ومع اقتراب تحقيق حلم العودة، ظهرت عراقيل تستدعي جهودًا كبيرة لتوفير بيئة آمنة ومستقرة للسكان الراغبين في استعادة حياتهم الطبيعية.
عقبات في طريق العودة
من أبرز العقبات التي واجهت العائدين، انتشار الألغام والمخلفات الحربية في العديد من المناطق التي كانت سابقًا تحت سيطرة قوات الأسد، لا سيما تلك التي شهدت معارك أو كانت مواقع عسكرية ومخازن للسلاح. وقد تسببت هذه الألغام في سقوط ضحايا بين المدنيين الذين عادوا فور التحرير.
وتضاف إلى ذلك الصعوبات الاقتصادية التي تعيق عملية النقل والانتقال، إذ يعجز الكثير من النازحين عن تحمّل تكاليف إعادة عائلاتهم وممتلكاتهم إلى مسقط رأسهم. كما تشهد القرى المحررة غيابًا شبه تام للخدمات الأساسية مثل الكهرباء والصرف الصحي، إلى جانب الدمار الكبير الذي طال البنية التحتية من طرق ومدارس ومراكز طبية، ما يجعل من الضروري إعادة الإعمار وتأهيل المرافق العامة.
جهود إنسانية وطبية لدعم الاستقرار
في ظل هذه التحديات، أطلقت جهات محلية ومنظمات إنسانية عدة مبادرات تهدف إلى تسهيل عودة الأهالي إلى مناطقهم. من بين هذه المبادرات، افتتاح مراكز طبية في القرى المحررة لضمان حصول السكان على الرعاية الصحية الضرورية، ومن ذلك مركز "يحش" الصحي في قرية حيش بريف إدلب الجنوبي، والمركز الصحي الجديد في معرة حرمة، بالإضافة إلى مشروع "يدًا بيد للإغاثة والتنمية" لإعادة تأهيل وتجهيز مشفى معرة النعمان المركزي.
كما انطلقت حملات شعبية تطوعية لتخفيف أعباء العودة، إذ ساهمت "قوافل العودة" في نقل العائلات ومساعدتها على الاستقرار في مناطقها الأصلية، مثل القرى الواقعة بريف حماة، حيث عادت عشرات الأسر إلى بيوتها.
وفي مواجهة الخطر المستمر الذي تطرحه الألغام، أعلنت وحدات الهندسة في وزارة الدفاع السورية المؤقتة عن تنفيذ حملات تمشيط واسعة في قرى ريف حماة الشمالي، بهدف تأمين المناطق المحررة وحماية المدنيين والمساعدة في إعادة إحياء الحياة فيها.
القطاع التعليمي يعود تدريجيًا
وانسجامًا مع مساعي إعادة الحياة إلى المناطق المحررة، أولت وزارة التربية والتعليم السورية المؤقتة اهتمامًا خاصًا بالقطاع التعليمي، لضمان استمرارية تعليم الأطفال العائدين وعدم حرمانهم من الدراسة. وأكد يوسف عنان، مدير التخطيط والتعاون الدولي في الوزارة، أن الجهود تتركز على تفعيل مدرسة واحدة على الأقل في كل مركز حضري لاستيعاب التلاميذ العائدين من المخيمات ومناطق النزوح.
وذكر عنان أن الوزارة أعادت تأهيل سبع مدارس في ريف إدلب الجنوبي، وتم تجهيزها بالبنية التحتية اللازمة والأثاث المدرسي، لتستقبل الطلاب في البلدات التي عاد إليها السكان بعد سقوط النظام السابق، خصوصًا في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة مثل جنوبي إدلب وشمال حماة وشرق اللاذقية.