كاريكاتير “الثورة السورية” يثير جدلاً وإشادة بموقف رئيس التحرير: اعتذار وحذف الرسم
أثار كاريكاتير نشرته صحيفة "الثورة السورية" الرسمية، في عددها الصادر اليوم موجة انتقادات واسعة، بعد اعتباره مسيئاً ومشوِّهاً لمطالب الشفافية والدولة المدنية، قبل أن يبادر رئيس التحرير، نور الدين الإسماعيل، إلى الاعتذار العلني وحذف الرسم، في خطوة لاقت إشادة من صحفيين وكتّاب سوريين، بينهم الصحفي الذي أثار القضية نفسه، محمد السلوم.
وقال السلوم في منشور على صفحته في "فيسبوك" إن الكاريكاتير قدّم صورة “تحمل إساءة واضحة”، إذ بدا كأنه يصف المطالبين بالشفافية والدولة المدنية بأنهم “جرذان خرجوا من عباءة وبقايا النظام السابق”.
واعتبر السلوم أن هذا الطرح “يتناقض تماماً مع ما أعلنته الصحيفة عند انطلاقها” بوصفها منبراً لقيم المهنية والموضوعية، وفق ما جاء في تصريحات وزير الإعلام عند إطلاقها قبل أيام، وأضاف منتقداً: “كان يمكن للكاريكاتير أن يتناول موضوعات كالحديث عن الانفصال أو الدولة المستقلة، أما أن تصبح شفافية ودولة مدنية مطالب مزعجة أو فلولية فهذا غير منطقي”.
وشدّد السلوم على أهمية أن تحافظ الصحيفة على هويتها الجديدة، داعياً إياها إلى “سحب الكاريكاتير والاعتذار” كي لا تتحول إلى منبر يكرر ممارسات إعلام السلطة القديمة في “تجريم كل معارضة”.
وبعد ساعات، أصدر رئيس تحرير الصحيفة، نور الدين الإسماعيل، بيان اعتذار في "فيسبوك" قال فيه: “نشرنا اليوم رسماً كاريكاتيرياً لم يكن موفقاً في إيصال الفكرة، وفُهم في غير سياقه. وبصفتي رئيس التحرير أتحمل مسؤولية النشر، وأعتذر للسوريين عن أي خطأ غير مقصود”. وأعلن أيضاً حذف الرسم من منصات الصحيفة.
وردود الفعل على الاعتذار جاءت إيجابية، إذ وصف الروائي والصحافي السوري إبراهيم الجبين خطوة الإسماعيل بأنها “موقف شجاع ومهني يعبّر عن تحرّر حقيقي من عقد الإعلام القديم”، موضحاً أن الرسام كان يقصد فئات محددة من فلول الأسد والقوى المرتبطة بقسد والشيخ الهجري، ولا يستهدف التيار المطالب بالدولة المدنية.
أما الإعلامي سعيد غزول، فأثنى على الاعتذار وعدّه “تأكيداً على أن فلول الأسد، مهما حاولوا التسلل إلى المشهد الجديد، سيبقون بعيدين عن موقع من ضحى وناضل من أجل سوريا حرة”، معتبراً أن الاعتذار يعكس وعياً جديداً في إدارة الصحيفة.
وعقب حذف الرسم، أعاد محمد السلوم نشر الاعتذار معلقاً: “سعيد بهذه الاستجابة وهذه الشجاعة. لم أتواصل مع أحد من الزملاء رغم صداقتي بهم، لأن الموضوع أصبح عاماً، وبالتالي النقد سيكون عاماً. وأقدّر تفهّمهم الكامل لهذا الموقف”. وأضاف أنه يأمل أن تبقى الصحيفة عند هذا المستوى من المسؤولية المهنية.
وتُعد هذه الحادثة من أولى الاختبارات المهنية التي تواجه صحيفة الثورة السورية بعد انطلاقها بصيغتها الجديدة، وقد تحولت سريعاً إلى نقاش وطني حول حدود النقد، ودور الإعلام الجديد في سوريا، والعلاقة بين حرية التعبير والمساءلة المهنية.