في ذكرى التحرير: الطيران السوري من رمز الرعب إلى رسالة فرح وحرية
كان يوم الاثنين 8 كانون الأول، يوماً استثنائياً بكل معنى الكلمة. فقد تزامن مع الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد وتحرير سوريا، ما جعل المدن والساحات تعيش أجواء احتفالية واسعة، وامتلأت الشوارع بالأهالي الذين رفعوا أعلام الحرية و استعادوا شعوراً طال انتظاره.
ومن بين المظاهر اللافتة في تلك الاحتفالات، برز تحليق الطيران المروحي فوق سماء مدينة إدلب وساحة الأمويين في دمشق، في مشهد حمل دلالات رمزية واضحة.
فهذا الظهور لم يكن عادياً، فهو جاء مناقضاً بصورة مباشرة للصورة المرعبة التي ارتبطت بالمروحيات طوال سنوات الثورة، عندما استخدمها النظام لقصف القرى والمدن، وترويع المدنيين، وتهجير السكان من منازلهم. يومها كان مجرد سماع صوت الطائرة كافياً لدفع المواطنين نحو الملاجئ، بينما يخيّم الذعر على الكبار والصغار على حد سواء.
وقد خلّف ذلك الاستخدام العنيف للطيران آلاف الضحايا، وعدداً كبيراً من الجرحى، ودماراً واسعاً طال المنازل والبنى التحتية. كما ترك آثاراً نفسية عميقة، خصوصاً لدى الأطفال الذين عانوا من صدمات طويلة المدى، وواجه كثير منهم اضطرابات في النوم وخوفاً دائماً من أي صوت يشبه هدير الطائرات.
اليوم، تبدّل المشهد بالكامل، الأطفال الذين كانوا يختبئون بالأمس، وقفوا إلى جانب أهاليهم يتابعون الطيران دون خوف، يلوّحون له بالورد ويرفعون أعلام الحرية، في مشهد يعكس التحوّل العميق الذي طرأ على رمزية الأجواء السورية بعد التحرير.
فلم يعد الطيران مرتبطاً بالخطر كما كان، بل بات ظهوره في الاحتفالات مؤشراً على استقرار المجال الجوي وعودته إلى دوره الطبيعي. أصبح حضوره جزءاً من مشهد احتفالي منظم، يحمل رسالة طمأنة.
ويعكس وجود الطيران انتقال القوة الجوية من وظيفة هجومية إلى وظيفة تمثيلية واستعراضية تُظهر أن صفحة الاستخدام القمعي للأجواء قد طُويت. وهكذا تحوّلت الطائرات من رمز للرعب إلى إحدى علامات النصر والحرية واستعادة الحياة العامة لمسارها الطبيعي.
في الختام، الطيران السوري الذي كان رمزاً للرعب أصبح اليوم علامةً على الفرح والحرية، يشارك الأهالي احتفالاتهم بالنصر ويؤكد أن السماء لم تعد تهديداً كما كان في الماضي، بل جزءاً من فرحة التحرير والنصر.