
غروسي: سوريا منفتحة على التعاون النووي وستسمح بتفتيش المواقع المشتبه بها فوراً
أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، أن الحكومة السورية الجديدة أبدت التزاماً واضحاً بالانفتاح والتعاون مع المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن دمشق وافقت على منح مفتشي الوكالة إمكانية الوصول الفوري إلى المواقع النووية السابقة المشتبه بها.
وفي مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" من العاصمة دمشق، عقب لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، أوضح غروسي أن الهدف من عمليات التفتيش هو تسليط الضوء على بعض الأنشطة السابقة التي يُعتقد أنها قد تكون مرتبطة ببرامج نووية عسكرية، معرباً عن أمله في أن تنتهي عملية التقييم خلال بضعة أشهر.
وكشف غروسي أن المفتشين سيزورون موقع دير الزور النووي، بالإضافة إلى ثلاثة مواقع أخرى، لافتاً إلى أن الوكالة لا تملك أدلة على وجود انبعاثات إشعاعية، لكنها قلقة من احتمال وجود يورانيوم مخصب قد يُعاد استخدامه أو تهريبه.
وأشار إلى أن الرئيس الشرع عبّر عن اهتمامه بإدخال الطاقة النووية السلمية إلى سوريا مستقبلاً، مبدياً تعاوناً لافتاً واستعداداً لتوفير التسهيلات اللازمة للوكالة.
وفي سياق آخر، أكد غروسي أن الوكالة مستعدة لتقديم الدعم الفني في مجالات الطب النووي، بما في ذلك نقل معدات وتشغيل أقسام العلاج الإشعاعي وعلاج الأورام، كما كشف أن سوريا قد تتجه إلى دراسة إمكانية إنشاء مفاعلات نووية صغيرة، نظراً لفعاليتها وتكاليفها الأقل مقارنة بالمفاعلات التقليدية.
موقف نظام الأسد من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
شكّل تعامل نظام الأسد، مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حالة من التوتر والجمود استمرت لسنوات، لا سيما بعد حادثة تدمير منشأة دير الزور عام 2007، التي رجّحت تقارير دولية أنها كانت مفاعلاً نووياً غير معلن.
ففي أعقاب الغارة الإسرائيلية على الموقع، سمحت دمشق لمفتشي الوكالة بزيارة واحدة فقط للموقع المدمر، قبل أن ترفض أي زيارات لاحقة، وتمنع دخول فرق التفتيش إلى مواقع أخرى يُشتبه بصلتها بالبرنامج النووي السري. هذا التقييد للمراقبة والتفتيش ترافق مع امتناع السلطات السورية عن تقديم وثائق أو بيانات توضح طبيعة المنشأة المستهدفة.
واتخذ نظام الأسد موقفاً عدائياً تجاه الوكالة، متّهماً إياها بالانحياز السياسي، وبأن تقاريرها استندت إلى معلومات استخباراتية مغرضة قدمتها إسرائيل والولايات المتحدة. وقد قابلت الوكالة هذا الجمود بإصدار تقرير عام 2011، أكدت فيه أن المنشأة التي دمّرتها إسرائيل "كانت على الأرجح مفاعلاً نووياً غير معلن"، ما اعتُبر انتهاكاً لالتزامات سوريا الدولية في إطار اتفاق الضمانات النووية.
وفي ظل هذا التعقيد، ظل الملف النووي السوري مجمّداً داخل أروقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى أن بدأت دمشق في عهد الحكومة الجديدة تُبدي انفتاحاً غير مسبوق تجاه التعاون والشفافية، بما في ذلك السماح بعمليات تفتيش فورية للمواقع المشتبه بها، ما اعتبره مراقبون تحوّلاً جذرياً في سياسة سوريا النووية بعد سقوط النظام السابق.