طُرحت في اجتماع الرياض .. وزير خارجية مصر يوضح أبرز المخاوف العربية عقب سقوط النظام بسوريا
أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في تصريحات له خلال لقاء مع الإعلامي المصري أحمد موسى في برنامج "على مسؤوليتي" على قناة "صدى البلد"، أن الأوضاع في سوريا تشكل مصدر قلق للعالم العربي، مؤكداً أنه تم التعبير عن هذه الشواغل للإدارة السورية الجديدة خلال مؤتمر الرياض بشأن سوريا.
العملية السياسية الشاملة
أوضح عبد العاطي أنه تم التأكيد على ضرورة "إطلاق عملية سياسية شاملة في سوريا لا تقصي أحدا، وتعكس التعددية والتنوع في المجتمع السوري" ولفت إلى أن تلك العملية يجب أن تشمل جميع الأطراف وتضمن مشاركة المعارضة الوطنية السورية التي لم تحمل السلاح، والتي كان لها دور مهم منذ بداية الأزمة في 2011.
ضرورة محاربة الإرهاب
ولفت الوزير المصري إلى أن أحد أكبر القلق لدى العرب هو "ألا تتحول سوريا إلى مركز أو نقطة لإيواء عناصر إرهابية"، وهو ما تم التأكيد عليه في اجتماع الرياض، وأوضح أن هذا الموضوع كان ضمن المناقشات خلال الاجتماع بحضور ومشاركة الإدارة السورية الجديدة، مع ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة لمكافحة الإرهاب في سوريا.
المصالح الوطنية المصرية
وأكد عبد العاطي أن مصر تتحرك في الملف السوري بناءً على المصالح الوطنية المصرية، وأن أي تقدم على الأرض في سوريا سيترتب عليه اتخاذ القرارات المناسبة، وأشار إلى أن مصر، وهي البلد الذي يستضيف أكثر من مليون ونصف مليون سوري، تعتبر أن ما يحدث في سوريا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لها.
مسؤولية مصر تجاه سوريا
وفي سياق متصل، نوه عبد العاطي إلى أن مصر ترى نفسها في موقع المسؤولية تجاه سوريا، باعتبارها دولة شقيقة، وأكد أن مصر ستظل تقف بجانب سوريا "من منطلق الحرص على سيادتها ومصلحتها، مع احترام أن الطرف السوري له مطلق الحرية في اتخاذ قراراته بشأن النصائح المقدمة له".
تحذيرات من تقسيم سوريا
وحذر وزير الخارجية المصري من مسألة تقسيم سوريا، قائلاً إن ذلك يعد "شديد الخطورة"، مشيرًا إلى أنه لا ينبغي السماح بحدوثه لأن ذلك قد يفتح الباب أمام تقسيم دول عربية أخرى في المستقبل. وأضاف أنه يأمل أن تتجاوز سوريا هذه المرحلة الصعبة وتعود إلى بر الأمان كونها "دولة محورية وأساسية في العالم العربي".
وسبق أن أكد خبراء ومحللون سياسيون، أن مؤتمر الرياض الذي خرج بتوافق عربي ودولي على دعم سوريا والسعي لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، يمثل تحولا في المقاربة العربية والدولية تجاه سوريا، مع تباين بين الدعم العربي غير المشروط والموقف الغربي المشترط تخفيف العقوبات بإصلاحات سياسية.
ولفت البيان الختامي للاجتماع إلى دعم الشعب السوري في هذه المرحلة المهمة من تاريخه، ومساعدته في إعادة بناء سوريا دولة عربية موحدة مستقلة وآمنة لجميع مواطنيها، حيث لا مكان فيها للإرهاب ولا خرق لسيادتها أو اعتداء على وحدة أراضيها من أي جهة كانت، وذلك خلال نقاش ضمن فقرة التحليل السياسي "مسار الأحداث" على قناة "الجزيرة".
الانعقاد السريع وأهمية الدعم العربي
سبق أن أوضح الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، أن أهمية المؤتمر تكمن في ثلاثة عوامل رئيسية: سرعة انعقاده، وحضور وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني، وطبيعة الدعم العربي غير المشروط.
واعتبر أن انعقاد المؤتمر بهذه السرعة وبحضور دول عربية عديدة، خاصة دول الجوار السوري ودول الخليج، إضافة إلى دول أوروبية والولايات المتحدة، يعكس استجابة سريعة للمبادرات التي قدمتها الإدارة السورية الجديدة.
إعادة إدماج سوريا في الحضن العربي
من جهته، اعتبر الدكتور مؤيد غزلان القبلاوي، الكاتب والباحث السياسي، أن الانطباعات الأولية التي ظهرت من وزير الخارجية السوري كانت إيجابية جدا، معتبرا أن المؤتمر يمثل محاولة مهمة من المملكة العربية السعودية ودول الخليج والدول العربية لإعادة إدماج سوريا في حضنها العربي.
رسائل المؤتمر: دعم عربي غير مشروط وتحفظ غربي
أما الباحث السياسي أحمد الهواس، فقد أشار إلى أن هناك رسالتين واضحتين في هذا اللقاء: الأولى عربية على لسان السعودية بتقديم دعم غير محدود وغير مشروط للسوريين، والثانية غربية على لسان وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك التي تتحدث عن رفع تدريجي أو "ذكي" للعقوبات.
دور العقوبات في الوضع الاقتصادي السوري
فيما يتعلق بالعقوبات، أشار مكي إلى الحاجة الملحة لمعالجة الوضع الاقتصادي في سوريا، مشيرا إلى أن الدول العربية يمكنها المساهمة عبر الدعم الاقتصادي المباشر لمواجهة النقص في الاحتياجات الأساسية، وكذلك عبر استخدام النفوذ العربي، خاصة دول الخليج، في التعامل مع الغرب لخلق استثناءات من العقوبات.
العملية السياسية ومطالب أوروبا
وحول موقف الإدارة السورية من الشروط الأوروبية، أكد القبلاوي أنه لا توجد مشكلة في تلبية المطالب المتعلقة بتشكيل حكومة شاملة وتمثيل المرأة، مشيرا إلى الخطوات التي اتخذتها الإدارة في هذا الاتجاه، لكنه حذر من أن العملية السياسية تحتاج وقتًا أطول مما تتطلبه الضرورة الملحة لرفع العقوبات.
غياب القرار 2254: تحول إيجابي
فيما يخص عدم ذكر قرار مجلس الأمن رقم 2254 في البيان الختامي، اعتبر الخبراء أن ذلك يمثل تطورًا إيجابيًا يعكس تفهما للواقع الجديد في سوريا، حيث أشار الهواس إلى أن القرار لم يعد ذا صلة بعد سقوط النظام السابق. ولفت إلى أن المرحلة الحالية تتطلب التركيز على إعادة البناء وتلبية احتياجات الشعب السوري.
دور الأمم المتحدة: الضغط على أوروبا ومساعدة اللاجئين
ووفقًا للقبلاوي، فإن الأمم المتحدة ينتظرها دور مستقبلي يتمثل في ضرورة تركيز المنظمة الدولية على جانبين: الأول يتعلق بالضغط على الدول الأوروبية لرفع العقوبات، والثاني يتصل بمساعدة اللاجئين السوريين وتفعيل عودتهم، خاصة في ظل انخفاض الاستجابة للتبرعات والمساعدات الدولية.
وكانت أكدت رئاسة اجتماعات الرياض بشأن سوريا، على أهمية الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة التاريخية، مع التركيز على دعم عملية الانتقال السياسي في البلاد، وتعزيز سيادتها ووحدتها، في إطار جهود دعم الشعب السوري ومساعدته على إعادة بناء بلاده بعد سنوات من الحرب.
خيارات السوريين واحترام السيادة
شدد البيان الختامي للاجتماع على ضرورة احترام خيارات الشعب السوري وإرادته في تحديد مصيره، كما تم التأكيد على أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، من خلال تجنب أي تدخلات خارجية أو تهديدات لأمنها واستقرارها. وقد تم التطرق إلى أهمية وجود عملية سياسية شاملة تمثل جميع مكونات الشعب السوري، وتحفظ حقوق كافة الأطراف السياسية والاجتماعية.
معالجة التحديات من خلال الحوار
أكد البيان على ضرورة معالجة التحديات والمصادر التي قد تؤدي إلى القلق لدى الأطراف المختلفة عبر الحوار والمشورة، مع التأكيد على ضرورة احترام استقلال سوريا وسيادتها. كما تم التشديد على أن مستقبل سوريا يجب أن يكون من اختصاص السوريين وحدهم.
رفع العقوبات ودعم إعادة الإعمار
وفي تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أشار إلى أن الاجتماع يهدف إلى التنسيق بين الدول لدعم سوريا، بما في ذلك رفع العقوبات المفروضة عليها. ورحب بالقرار الأميركي المتعلق بالإعفاءات من العقوبات، مؤكدًا أن رفع العقوبات سيساهم في توفير الدعم الإنساني والاقتصادي اللازم لإعادة بناء سوريا وتحقيق الاستقرار، مما يوفر بيئة مناسبة لعودة اللاجئين السوريين.
خطوات إيجابية للإدارة السورية الجديدة
أشاد الوزير السعودي بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الإدارة السورية الجديدة، بما في ذلك الحفاظ على مؤسسات الدولة، وبدء عملية سياسية شاملة بمشاركة جميع الأطراف السورية، والتزامها بمكافحة الإرهاب. كما تم التأكيد على أن سوريا يجب أن تبقى دولة آمنة لجميع مواطنيها وألا تكون مصدر تهديد لأي دولة في المنطقة.
إدانة الاحتلال الإسرائيلي
كما جددت المملكة العربية السعودية إدانتها للتوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة، مؤكدة أن هذا التصرف يعد انتهاكًا للقانون الدولي وللاتفاقات الموقعة بين سوريا وإسرائيل. وطالبت بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي السورية المحتلة فورًا.
قلق بشأن توغل إسرائيل
وعبر المجتمعون عن قلقهم العميق بشأن توغل إسرائيل في المنطقة العازلة مع سوريا، وخاصة في جبل الشيخ ومحافظة القنيطرة. وأكدوا أهمية احترام وحدة الأراضي السورية، وطالبوا بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية المحتلة في إطار احترام القانون الدولي.
وكانت نظمت المملكة العربية السعودية، اجتماعاً عربياً ودولياً مخصص لمناقشة الوضع في سوريا، يوم الأحد 12 كانون الثاني، في العاصمة الرياض، بهدف إلى تحقيق الاستقرار في سوريا عقب سقوط النظام السابق، بمشاركة وزراء خارجية تركيا وسوريا والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى العراق ولبنان والأردن ومصر وبريطانيا وألمانيا، كما ستشارك الولايات المتحدة وإيطاليا على مستوى نائب وزير الخارجية، والمبعوث الأممي.