صورة
صورة
● أخبار سورية ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤

تقرير يوثق ارتفاع الهجمات على المدارس بنسبة تفوق 200% شمال غربي سوريا

أصدرت منظمتا "الخوذ البيضاء وحراس الطفولة" تقريراً مشتركاً، حول تصاعد الهجمات المتعمدة على البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والمرافق التعليمية، متحدثة عن زيادة صادمة بنسبة تفوق 200% في الهجمات على المدارس خلال العام الماضي، مما يعرض آلاف الأطفال لخطر مستمر ويحرمهم من بيئة تعليمية آمنة، مؤكدة على ضرورة أن تكون المدارس ملاذات للنمو، لا مناطق للخوف.

وقالت المنظمتان في التقرير، إن استهداف المدارس التعلمية باتت سمة مميزة للأزمة في سوريا، حيث لم تدمر الهجمات البنية التحتية فحسب، بل دمرت أيضا مستقبل سوريا، وخلفت سنوات الحرب آثارا ستمتد لأجيال. 


ولفتت إلى أن نظام التعليم يعاني من ضغوط شديدة، حيث تضررت العديد من المرافق جزئيا أو دمرت بالكامل، مما ترك ندية دائمة على الأطفال. هذه المآلات هي نتيجة مباشرة للهجمات المتعمدة على المرافق التعليمية والأحياء المدنية.

وفقا للنظرة العامة على الاحتياجات الإنسانية لسوريا العام 2024 هناك أكثر من 2.45 مليون طفل خارج المدرسة في جميع أنحاء سوريا. ويتصدر شمال غرب سوريا النسبة الأعلى مع %69% من الأطفال في إدلب خارج المدرسة، و 38 % من الأطفال في حلب، مؤكدة أن هناك الكثير من العوامل المحركة التي قد تساهم في هذه الأرقام المخيفة، أحدها الأضرار التي لحقت بالمرافق التعليمية بسبب الحرب المستمرة والهجمات المتعمدة على البنى التحتية والأحياء المدنية والهجمات على الطلاب والعاملين في مجال التعليم.

وتقدر الأمم المتحدة أن 1,054 مدرسة قد تضررت في شمال غرب سوريا مما جعل مئات المدارس خارج الخدمة. في حين أن هذه الهجمات على المرافق التعليمية قد تفاوتت على مدى السنوات الـ 13 الماضية، فقد كانت هناك زيادة ملحوظة في الهجمات على التعليم خلال العام الماضي - بين سبتمبر/أيلول 2023 وسبتمبر/ أيلول 2024، حيث كان هناك ما مجموعه 43 هجوما على المدارس، مقارنة بـ 8 هجمات فقط في الفترة ذاتها بين عامي 2022 - 2023، و10 هجمات في ذات الفترة بين عامي 2002-2021، بما يمثل زيادة بنسبة تفوق 200 في المئة.

وتقدم هذه الإحاطة التي أعدتها منظمة حراس الطفولة (المعروفة سابقا باسم شبكة حراس) والخوذ البيضاء لمحة عامة عن الهجمات على المدارس في شمال غرب سوريا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

هجمات ممنهجة على المدارس:

تعتبر المدارس أعيانا مدنية ظاهرة وواضحة بموجب القانون الإنساني الدولي، مما يعني أنه يجب عدم استهدافها ما لم تستخدم لأغراض عسكرية. هذه القاعدة هي جزء من القانون العرفي الدولي. ويوفر القانون الإنساني الدولي للمدارس حصانة عامة من الهجمات المباشرة، ويشكل استهدافها دون مبرر انتهاكا لمبدأ التمييز، وبالتالي انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.

منذ عام 2011، دمرت العمليات العسكرية والقصف المنهجي من قبل القوات الروسية وقوات النظام آلاف المدارس. توحي الهجمات المتكررة التي شنها التحالف السوري الروسي على البنية التحتية المدنية في المناطق المأهولة بالسكان، حيث لم يكن هناك هدف عسكري واضح بأن هذه الهجمات غير القانونية كانت متعمدة.

شهدت الهجمات على المدارس في شمال غرب سوريا زيادة ملحوظة خلال الأشهر الـ 12 الماضية، لا سيما بعد التصعيد العسكري في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي تميز بنمط ممنهج لاستهداف الأحياء المدنية، وخلال الأعمال العدائية المتصاعدة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحده تضررت أو دمرت 27 مدرسة في شمال سوريا.

ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية منذ التصعيد في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وثقت منظمة حراس الطفولة ما مجموعه 47 هجوما على 40 مدرسة. وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل طفل ومعلمة وإصابة 9 أطفال ومعلم آخر.

في عام 2024 وحده، توثيق 15 هجمة على 14 مدرسة في شمال غرب سوريا.

وفق التقرير، أدت هذه الهجمات على المدارس إلى تفاقم الأضرار على نظام التعليم المجهد بشدة أصلاً وتلك الموجودة مسبقا والتي لحقت بالمرافق التعليمية في شمال غرب سوريا بسبب سنوات الحرب وكذلك الزلازل الأخيرة في فبراير 2023. والجدير بالذكر أن نمط الهجمات خلال فترة الـ 12 شهرا الماضية، استهدف المدارس والمناطق التي لم تتأثر بالزلازل مثل سرمين وإدلب وأريحا وآفس ومن الملفت أن جميع هذه المناطق كانت هي التي استضافت النازحين والأطفال من المناطق التي تضررت من الزلازل.

وتسلط هذه الهجمات المستمرة الضوء على التجاهل الصارخ للقانون الإنساني الدولي، الذي يزيد من تفاقمه استمرار الإفلات من العقاب المرتبط بهذه الانتهاكات الجسيمة. هناك حاجة ملحة لأن تتخذ الدول إجراءات حاسمة نحو العدالة والمساءلة لحماية أطفال سوريا وتأمين مستقبلهم.

الآثار على الأطفال:

كان للهجمات المستمرة على التعليم في شمال غرب سوريا أثر عميق ومتعدد الأوجه على الأطفال، مما أثر بشدة على سلامتهم وتعليمهم ورفاههم العام.

الأذى الجسدي والنفسي:

تتضمن العواقب المباشرة للهجمات على الأطفال الإصابات الجسدية البالغة والخسائر البشرية. إلى جانب ذلك، فإن التعرض المستمر للعنف يخلق شعورا دائما بالخوف والقلق، حيث أفاد 19% من الأطفال بأنهم لا يشعرون بالأمان في المدرسة بسبب مخاوف من الغارات الجوية أو القصف.

وفقا لتقرير منظمة أنقذوا الأطفال" تؤدي هذا الصدمة المستمرة إلى اضطرابات نفسية طويلة الأمد، بما في ذلك اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والاكتئاب والقلق، مما يؤثر بشكل حاد على صحتهم النفسية واستقرارهم العاطفي. بالإضافة إلى ذلك، فإن فقدان الأصدقاء وأفراد الأسرة والمنازل يزيد من حدة التوتر ويعزز مشاعر العزلة الاجتماعية.

وغالبا ما يكون الضرر النفسي والاجتماعي الذي يلحق بالأطفال غير مرئي أو يتم تجاهله في التقارير الأولية التي تركز عادة على الأضرار الجسدية والمادية ومع ذلك، تظل هذه الأزمة المتعلقة بالصحة النفسية للأطفال ملحة وبحاجة إلى معالجة عاجلة.

تعطيل التعليم:

الهجمات المتكررة على المدارس والمرافق التعليمية تعطل تعليم الأطفال بشدة، مؤكدة أن تدمير المدارس وإلحاق الضرر بها لا يوقفان التعلم فحسب، بل يؤديان أيضا إلى تفاقم الفوارق التعليمية.


ويحرم الأطفال إما بشكل مؤقت أو دائم من الحصول على التعليم، مما يؤدي إلى فجوات كبيرة في تعلمهم وتراجع أكاديمي على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، ومع إغلاق المدارس أوتضررها، يضطر الأطفال في كثير من الأحيان إلى السفر لمسافات طويلة للحصول على التعليم، مما يزيد من خطر تعرضهم للأذى ويساهم في ارتفاع معدلات الأمية.

النزوح والانقطاع عن التعليم:

لا تجبر أزمة النزوح الأطفال على العيش في بيئات غير آمنة فحسب، بل تساهم أيضا في ارتفاع معدلات الانقطاع عن التعليم، إذ غالبا ما تعاني المدارس التي لا تزال تعمل من الاكتظاظ مما يجعلها غير مناسبة للتعلم الفعال.

ويؤكد التقرير أن استخدام المدارس كملاجئ مؤقتة أثناء أزمات النزوح يقلل من توافر المساحات التعليمية. واليوم، يضم شمال غرب سوريا أكبر عدد من النازحين داخليا من قاطني المخيمات، حيث يمثل الأطفال %58% من إجمالي عدد النازحين داخليا. وعلاوة على ذلك، يعيش الأطفال في بيئات بالغة الخطورة ومهددة للحياة، بما في ذلك، على سبيل المثال، تلك الملوثة بالذخائر غير المنفجرة.

علاوة على ذلك، أدى الانقطاع عن الدراسة إلى مشكلات ذات طابع جندري: حيث تواجه الفتيات خطرًا متزايدًا للزواج المبكر، بينما يصبح الفتيان أكثر عرضة للانخراط في عمالة الأطفال وفقًا لتقرير أنقذوا الأطفال ، فَإِن أكثر من ربع الفتيات غير الملتحقات بالمدارس يتم إبقاؤهن في المنازل بسبب مخاوف أمنية أو بسبب بعد المسافات إلى المدارس. مما يزيد أيضا من احتمالية الزواج المبكر حيث تسعى العائلات إلى حمايتهن في الوقت نفسه، يلجأ الفتيان، الذين يواجهون انقطاعات تعليمية مشابهة، إلى سوق العمل لدعم أسرهم، حيث يعمل %35% من الفتيان غير الملتحقين بالمدارس في شمال غرب سوريا للمساهمة في دخل الأسرة.

وتؤدي هذه التحديات إلى تنوين تتربعهم التعليمية واستمرار دوائر عدم المساوات والحرمان، حيث تنتد الفتيات استقلالهن المستقبلي ويفقد الفتيان فرص التعلم الأساسية، مما يعزز التفاوتات الاقتصادية الجندرية ويحد من آفاق كلا المجموعتين.


وأوضى التقرير الدول بالتركيز على التصدي للهجمات على المدارس والحاجة إلى المساءلة في أي قرار ذي صلة بوضع الأطفال في سوريا في جميع المنتديات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان.


وأكدت أنه ينبغي أن تشمل هذه الجهود التأكيد مجددا على أن القانون الإنساني الدولي يحظر الهجمات العشوائية على المدارس والمرافق التعليمية. 2- التذكير بالأثر غير المتناسب للهجمات على المدارس على الأطفال، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الموت والإصابة، وفقدان التعليم، والأذى النفسي، والنزوح، وكذلك الإقرار بأن أي سياسة تركز على الأطفال في سوريا يجب أن تبدأ يوقف الهجمات ضد المدارس والمرافق التعليمية، والدعوة إلى محاسبة الجناة.

ودعا التقرير، المجتمع الدولي بما في ذلك لجنة تقصي الحقائق الدولية بشأن سوريا إلى تفعيل آليات المساءلة، ونسب الجرائم بوضوح إلى مرتكبيها الفعليين، وإعداد تقرير شامل يتم بموجبه الإبلاغ عن الجرائم والانتهاكات ضد الأطفال، بما في ذلك الهجمات على التعليم إلى مجلس الأمن الدولي وغيره من مؤسسات المساءلة الدولية. 


وأكد جمع أدلة وافرة على الانتهاكات على مدى السنوات الـ 13 الماضية، ولكنها تتطلب خطوات واضحة من المجتمع الدولي لمقاضاة الجناة بينما لا يزال الشهود على قيد الحياة وقادرين ومستعدين للإدلاء بشهاداتهم، داعية لجان التحقيق إلى إنشاء هيئات محلية أو دعم اللجان المحلية داخل سوريا لتوثيق الجرائم ضد الأطفال، بما في ذلك الهجمات على المدارس.


ولفتت إلى أن شروط توثيق الانتهاكات في سوريا فريدة من نوعها وتختلف عن جميع النزاعات السابقة في حالة سوريا، تتمركز جميع لجان التحقيق خارج البلاد، وعلى هذا النحو، لا يمكنها الوصول إلى الشهود الذين يمكنهم التحدث بحرية عن تجاربهم. 


ووفق المنظمتان، تتطلب مقابلة الأطفال الشهود مجموعة من المعايير، بما في ذلك وجود شخص مختص يرافق الطفل لتقديم الدعم اللازم له. وبما أن الشهود داخل البلاد، فقد يتعرضون لأعمال انتقامية، خاصة عندما تكون قنوات الاتصال المستخدمة للتحدث إليهم غير آمنة. وهذا يعني أن هؤلاء الشهود يخاطرون بحياتهم في كل مرة يدلون فيها بشهاداتهم والآليات الحالية ليست كافية ولا ملائمة بالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي يتعرض لها الشهود واستمرار الجرائم ضد الأطفال.

ودعت المجتمع الدولي إلى تمديد ولاية لجنة تقصي الحقائق الدولية المعنية بالجمهورية العربية السورية في آذار/مارس 2025 وتوسيع هذه الولاية للتركيز بشكل أكبر على الانتهاكات ضد الأطفال على الهيئة تخصيص جميع الموارد والتخصصات اللازمة لرصد وتوثيق الانتهاكات ضد الأطفال.

وشدد على ضرورة دعم إعلان وطني للمدارس الآمنة في سوريا، يشمل تعريفا أوسع للهجمات على التعليم ويحظى بتأييد مختلف الجهات الفاعلة المحلية وسلطات الأمر الواقع حتى الآن لم توقع سوريا على إعلان المدارس الآمنة المعترف به دوليا، والذي يمثل فرصة لتطوير إعلان خاص بسوريا خلال مرحلة التعافي المبكر. 


وقالت إنه (يمكن أن يتصدى هذا الإعلان لجميع أشكال الهجمات على التعليم، مثل استخدام المدارس من قبل قوات الأمن، والوصول غير المصرح به، وتعطيل التعليم لأسباب لا علاقة لها بالسلامة أو الخطط التعليمية). 


وأشارت إلى أن التوقيع على الإعلان الدولي للمدارس الآمنة، الذي أطلق في عام 2015 من قبل 120 دولة حتى الآن. وهدفه حماية التعليم أثناء النزاع المسلح من خلال تنفيذ تدابير ملموسة لمنع الاستخدام العسكري للمدارس وضمان استمرار التعليم أثناء الأزمات. يمكن أن يكون الإعلان الوطني لسوريا خطوة حاسمة نحو تعزيز حماية التعليم، لا سيما خلال مرحلة التعافي المبكر بينما تواجه البلاد تحديات أمنية واجتماعية كبيرة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ