تقرير بريطاني يحذر من تحول القوة الأمنية السورية إلى أداة للسيطرة السياسية
تقرير بريطاني يحذر من تحول القوة الأمنية السورية إلى أداة للسيطرة السياسية
● أخبار سورية ١٨ أكتوبر ٢٠٢٥

تقرير بريطاني يحذر من تحول القوة الأمنية السورية إلى أداة للسيطرة السياسية

حذّر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) البريطاني في تقريره الصادر في أكتوبر 2025 من أن عملية إعادة هيكلة القطاع الأمني في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد تسير في اتجاه يعيد إنتاج نموذج الدولة الأمنية السابق، في ظل سيطرة عناصر من هيئة تحرير الشام على وزارة الدفاع ومؤسسات الأمن.

وقال التقرير، الذي حمل عنوان «من التفتت إلى الاندماج: آفاق إصلاح القطاع الأمني في سوريا بعد الأسد»، إن قرار الحكومة السورية المؤقتة دمج الفصائل المسلحة المعارضة في قوة عسكرية موحدة يمثل «أحد أهم الخطوات بعد الثورة»، لكنه يفتقر إلى الشفافية والرقابة المدنية، ما يجعله عرضة للتحول إلى أداة للسيطرة السياسية.

دمج الفصائل دون تفكيكها يعيد نموذج السيطرة الأمنية

أشار التقرير إلى أن الحكومة الانتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، الذي أعلن نفسه رئيساً خلال مؤتمر “النصر” في دمشق في يناير الماضي، سارعت إلى حلّ الجيش السابق والمؤسسات الأمنية التابعة للنظام، ودمج الفصائل الثورية المختلفة ضمن هيكلية وزارة الدفاع الجديدة التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام.

وأضاف المعهد أن عملية الدمج «تجري على الورق أكثر مما هي واقعية»، إذ بقيت الهياكل القيادية للفصائل المسلحة على حالها، واستمرت أنماط الولاء والانقسام الميداني، بينما يفتقر جهاز “الأمن العام” التابع لوزارة الداخلية إلى التدريب والانضباط.

ويحذر التقرير من أن «فشل الحكومة في تفكيك المجموعات المسلحة وتحويلها إلى مؤسسات مهنية غير حزبية قد يؤدي إلى تكرار تجربة النظام السابق، حين تحولت القوات المسلحة إلى أداة للولاء السياسي والقمع الداخلي».

حوادث دامية تُعمّق انعدام الثقة بين المكوّنات السورية

توقف التقرير مطولاً عند الأحداث التي شهدتها سوريا في مارس ويوليو 2025، والتي أسفرت عن انتهاكات بحق الأقليات العلوية والدرزية.
وأشار التقرير أنه في الساحل السوري، قتل أكثر من 1,400 مدني علوي خلال عملية أمنية قادتها قوات موالية للحكومة ضد مجموعات من بقايا النظام السابق، بينما شهدت محافظة السويداء في يوليو اشتباكات واسعة بين مقاتلين دروز ومجموعات بدوية مدعومة من الحكومة، خلّفت أكثر من ألف قتيل.

واعتبر التقرير أن هذه الحوادث كشفت «مخاطر الاعتماد على ميليشيات غير مدربة في مجتمع منقسم طائفياً»، وأدت إلى تراجع ثقة الأقليات الدينية بالحكومة الانتقالية، كما أضرّت بصورتها أمام المجتمع الدولي في وقت تسعى فيه دمشق لإعادة الاندماج في النظام العالمي.

إصلاح غائب ورقابة مدنية محدودة

أوضح التقرير أن عملية إصلاح القطاع الأمني (SSR) في سوريا لا تزال «محصورة بيد مجموعة ضيقة من قيادات هيئة تحرير الشام»، مشيراً إلى أن التعيينات في وزارة الدفاع تمت بناءً على الولاء الشخصي، لا على الكفاءة المهنية.

وذكر التقرير أن غياب الرقابة المدنية والبرلمانية على أجهزة الأمن، إلى جانب التسييس المفرط للمؤسسات العسكرية، «يهددان بتحويل الدولة الجديدة إلى نسخة معدّلة من نظام الأسد، وإنْ بواجهة مختلفة».

كما دعا إلى اعتماد برنامج شامل لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR) يهدف إلى إعادة المقاتلين إلى الحياة المدنية، مع إخضاع المنضمين الجدد لتدقيق قانوني يشمل جرائم الحرب والانتهاكات التي ارتكبت خلال الصراع.

توصيات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية

اختتم التقرير بجملة من التوصيات العملية لضمان بناء قطاع أمني سوري مهني ومستقل، أبرزها:
 1. تفكيك الفصائل المسلحة غير الحكومية بدلاً من دمجها المباشر في أجهزة الدولة، تجنباً لإعادة إنتاج الولاءات والانقسامات القديمة.
 2. تطبيق برنامج وطني لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR)، بحيث يعود معظم المقاتلين إلى الحياة المدنية، ولا يُقبل في القوات الجديدة إلا من خضع لتدقيق قانوني دقيق يشمل الانتهاكات السابقة.
 3. إنشاء مؤسسات أمنية مهنية ومحايدة تخضع لإشراف مدني وبرلماني، وتعمل على أسس وطنية لا فصائلية أو دينية.
 4. دمج الإصلاح الأمني بالعدالة الانتقالية، عبر محاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات من مختلف الأطراف، وليس فقط من مسؤولي النظام السابق.
 5. إطلاق عملية سياسية شاملة يشارك فيها ممثلو المجتمع المدني والأقليات لتحديد مستقبل القطاع الأمني وهيكلته.
 6. التحذير من أن الفشل في تنفيذ هذه الخطوات سيعيد البلاد إلى نموذج الدولة الأمنية الطائفية القديمة، أو إلى مشهد شبيه بلبنان بعد الحرب الأهلية، حيث تتعايش الميليشيات مع جيش ضعيف ودولة منقسمة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ